المقدمة
تشهد الساحة الإعلامية الفلسطينية تزايدًا خطيرًا في الجرائم والانتهاكات ضد الصحفيين، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عبر الملاحقات والمضايقات المستمرة للصحفيين والإعلاميين الرقميين. وأظهرت بيانات رصد لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين ارتفاع حجم هذه الانتهاكات بشكل متدرج خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، مع تصاعد ملحوظ خلال عام 2025 حتى بداية اكتوبر، حيث تم توثيق 252 شهيدًا من بينهم 34 زميلة صحفية ارتقوا بنيران جيش الاحتلال في عدوانه على أهلنا في قطاع غزة.
حصيلة الجرائم
2023: استشهد 102 صحفيًا وصحفية وعاملين في القطاع الإعلامي ونشطاء على مواقع التواصل، إضافة إلى عشرات الإصابات والاعتقالات وتدمير المؤسسات الإعلامية، مع استهداف مباشر للصحفيين الميدانيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
2024: استشهد 91 صحفيًا مع استمرار الجرائم بوتيرة مرتفعة، شملت الاعتقالات الميدانية والمضايقات الإلكترونية وتدمير المعدات الإعلامية، مع ارتفاع عدد الإصابات الجسدية أثناء التغطية.
2025 حتى أكتوبر: استشهد 59 صحفيًا، وسجلت بيانات اللجنة زيادة ملحوظة في الاستهداف المباشر للحياة والممتلكات الصحفية، مع ارتفاع عدد الصحفيات المستشهدات ووقوع اعتداءات جسدية مباشرة أثناء التغطية.
أنماط الجرائم والانتهاكات
القتل والاستشهاد المباشر
ارتقى 252 صحفيًا خلال تغطيتهم الأحداث، في محاولة لتقييد وخنق الحقيقة وحرية الإعلام، وتميز العام الحالي 2025 بارتكاب مجازر جماعية بحق الصحفيين، راح ضحيتها 6 و5 صحفيين في نفس الواقعة.
الاعتقالات والمضايقات
استمرت حملات اعتقال الصحفيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع فرض قيود على التنقل أثناء العمل.
المجموع العام للصحفيين المعتقلين (أكتوبر 2023 – أكتوبر 2025): 153 صحفيًا وهي كالتالي:
2023: 48 صحفيا
2024: 69 صحفيا
2025: 36 صحفيا
الإصابات بالرصاص وشظايا الصواريخ
أصيب الصحفيون برصاص وشظايا صواريخ، مخلفة إعاقات وأضرار جسيمة وصلت حد بتر أطراف البعض، وهي كالتالي:
2023: 63 حالة
2024: 86 حالة
2025: 54 حالة
تدمير المكاتب والمؤسسات الصحفية
أكثر من 150 مكتبًا ومؤسسة إعلامية تم تدميرها منذ بداية العدوان، بما في ذلك مكاتب تم استصلاحها في عمارة الغفري بمدينة غزة.
2023: 90 مؤسسة إعلامية ومكتبا.
2024: 30 مؤسسة إعلامية ومكتبا.
2025: 20 مؤسسة إعلامية ومكتبا.
استهداف عائلات الصحفيين
لم تتوانَ قوات الاحتلال عن استهداف الصحفيين في منازلهم، ما أسفر عن استشهاد أطفال وأمهات وآباء وأزواج وأخوة وأخوات وهي على الشكل التالي:
عام 2023: نحو 250 شهيدا من أقارب الصحفيين.
عام 2024: نحو 164 شهيدا من أقارب الصحفيين.
عام 2025: نحو 61 شهيدا من أقارب الصحفيين.
كما تم تدمير نحو 140 منزلًا للصحفيين.
الترهيب بالرصاص تجاه الطواقم الصحفية
ارتفعت حالات تفريق وإبعاد الصحفيين بإطلاق الرصاص، وهي خلال الأعوام الثلاث على الشكل التالي:
2023: 16 واقعة
2024: 148 واقعة
2025: 91 واقعة
إرهاب المستوطنين
شهدت السنوات الثلاث تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين الجسدية واللفظية والتهديد بالسلاح، وهي على الشكل التالي:
2023: 27 اعتداء
2024: 36 اعتداء
2025: 28 اعتداء
الاستهداف بقنابل الغاز السام وقنابل الصوت
استخدمت قوات الاحتلال هذه القنابل لإلحاق ضرر أكبر بالصحفيين، حيث تم نقل العشرات منهم إلى المستشفيات، وهي خلال السنوات الثلاث على الشكل التالي:
2023: 90 إصابة
2024: 85 إصابة
2025: 72 إصابة
التهديدات الإلكترونية
تعرض الصحفيون النشطون على الإنترنت للتهديد والترهيب المباشر، مع تورط شركات المنصات العالمية مثل (فيسبوك، واتساب، إنستغرام، يوتيوب، إكس، وتيك توك) بالتعاون مع حكومة الاحتلال في حجب المحتوى الفلسطيني، بما شمل حسابات الصحفيين و الوكالات والقنوات الإخبارية.
أشكال أخرى من الجرائم: تشمل: الاعتداء بالضرب، اقتحام المنازل، مصادرة المعدات، منع السفر، الاستدعاءات والتحقيق، حذف المواد المصورة، التهديد والتحريض. تصل الأشكال إلى نحو 25 نوعًا من الجرائم.
نزوح الصحفيين عن منازلهم
من أخطر الانتهاكات وأكثرها قسوة معنويا وماديا هي الاضطرار للنزوح عن المنزل حيث اضطر المئات من الصحفيين لمغادرة منازلهم خوفا من خطر الموت الذي لاحق بعضهم وقتلهم في منازل مستأجرة او منازل اقرباء وفي مراكز اللجوء والإيواء بالمدارس وحتى في الخيام بمحيط المستشفيات والتي استشهد فيها نحو 50 صحفيا.
الفئات الأكثر تضررًا
الصحفيون الميدانيون: الأكثر تعرضًا للإصابات المباشرة أثناء العدوان.
الصحفيات النسويات: تعرضن للاستهداف بالقتل المباشر، خصوصًا في غزة وبالملاحقة والاعتقال في الضفة الغربية.
الصحفيون الأجانب والمتعاونون: واجهوا قيودًا واعتداءات في مناطق الاحتلال والمناطق الفلسطينية ومنعوا من التغطية.
مؤشرات وتحليل
1. تصاعد الجرائم ضد الإعلاميين: اتجاه واضح نحو استهداف حياة الصحفيين مباشرة، بدلًا من المضايقات والاعتقالات فقط.
2. التركيز على قطاع غزة: البؤرة الرئيسة لأشد الجرائم، مع استخدام القوة المميتة ضد الصحفيين والمصورين.
3. استهداف الإعلام النسوي: رغبة في كبح صوت النساء وتأثيره على المجتمع المحلي والدولي.
4. الاستهداف الممنهج للصحفيين الميدانيين: محاولة لمنع التغطية المستقلة ونقل الأخبار من مناطق الابادة الجماعية.
توصيات عاجلة وفورية
1. توفير حماية ميدانية للصحفيين:
- توفير سترات واقية للرصاص وخوذ لجميع الصحفيين العاملين في مناطق النزاع.
- تجهيز سيارات إسعاف ميدانية ومراكز طوارئ في مناطق الخطر لتقديم الإسعافات العاجلة.
2. تعزيز خطط الطوارئ للعائلات: إنشاء شبكات أمان للعائلات ومناطق آمنة في حال الهجمات المباشرة على منازل الصحفيين.
3. توثيق الانتهاكات بشكل مستمر: تكثيف عمليات التوثيق الفوري للقتل والاعتداءات والاعتقالات والتدمير، مع استخدام الفيديو والصور والمستندات القانونية لتقديمها للجهات الحقوقية الدولية.
توصيات قصيرة المدى
1. تعزيز الأمن الرقمي للصحفيين:
- استخدام أنظمة تشفير للاتصالات والبيانات.
- التدريب على حماية الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي من الاختراق أو الحجب.
2. توفير دعم نفسي للصحفيين: دعم نفسي واحترافي للصحفيين الذين تعرضوا لصدمات مباشرة أو شاهدوا استهداف زملائهم وعائلاتهم
3. إطلاق حملات توعية محلية ودولية:
- نشر بيانات دقيقة حول الانتهاكات ضد الصحفيين الفلسطينيين لزيادة الضغط الدولي على الاحتلال.
- التعاون مع مؤسسات حقوق الإنسان والصحفيين الدوليين لتسليط الضوء على الانتهاكات.
توصيات متوسطة المدى
1. تعزيز التغطية القانونية والدولية:
- تقديم شكاوى لدى المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، محكمة الجنايات الدولية، والاتحاد الدولي للصحفيين.
- متابعة محاسبة المسؤولين عن الاعتداءات ضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين النزاع المسلح.
2. تقوية الإعلام الفلسطيني المستقل: دعم المؤسسات الإعلامية الصغيرة والمتوسطة ماليًا وفنيًا للحفاظ على استمرار التغطية رغم الهجمات، وإنشاء مخازن احتياطية للمعدات الإعلامية وحفظ النسخ من المواد الصحفية في مواقع آمنة.
3. تطوير برامج تدريبية للصحفيين الميدانيين:
- تدريبهم على السلامة في مناطق النزاع، إدارة المخاطر، وحماية النفس أثناء تغطية الأحداث.
- تدريب على التعامل مع الاعتقالات المحتملة وحماية المعدات والمواد الصحفية.
الخلاصة
الوضع الحالي يشير الى استهداف ممنهج للصحفيين والمراسلين الميدانيين والأسر الإعلامية من قبل الاحتلال، مع تصعيد خطير في 2025. ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية المتعلقة بحرية الصحافة وحماية الصحفيين في مناطق النزاع.
تطبيق هذه التوصيات سيساعد على تقليل الخسائر البشرية والمادية، وتحسين حماية الصحفيين، مع تعزيز الضغط الدولي لوقف الجرائم والانتهاكات.
المصدر: نقابة الصحفيين الفلسطينيين - اكتوبر 2025.