مُعسكر أو مُعتقل "عناتوت"

يعد مُعسكر أو مُعتقل "عناتوت" رمزًا صارخًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. حيث يُستخدم كموقع احتجاز للفلسطينيين وشهد هذا المعسكر انتقادات حقوقية دولية واسعة بسبب الانتهاكات المرتبطة بالاعتقال التعسفي، وسوء المعاملة، والظروف اللاإنسانية التي يعيشها المعتقلون داخله. يقع معسكر عناتوت على أراضٍ الضفة الغربية، بالقرب من مستوطنة عناتوت الإسرائيلية المحاذية لبلدة عناتا وعلى مسافة قصيرة من مدينة القدس. الموقع يتميز بقربه من تجمعات سكانية فلسطينية، مما يجعل الوصول إليه جزءًا من استراتيجيات السيطرة على المناطق المحيطة.

تأسس المعسكر كجزء من منظومة عسكرية إسرائيلية تهدف إلى تحقيق سيطرة أمنية وعسكرية في الضفة الغربية. في البداية، استُخدم كموقع عسكري ثم جرى تحويله تدريجيًا إلى مركز اعتقال مع ازدياد عمليات اعتقال الفلسطينيين، خاصة خلال الانتفاضة الأولى، إذ كان عناتوت موقع يتم فيه اعتقال الفلسطينيين والتنكيل بهم إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 إلى أن تم اغلاقه مع نهاية الانتفاضة عام 1993. ثم عاد هذا المعتقل الى الواجهة في سمعته السيئة وتطور دوره لاحقًا ليصبح مركزًا أساسيًا لاحتجاز الفلسطينيين من قطاع غزة بعد حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة في أعقاب السابع من أكتوبر عام 2023.

وعلى وجه العموم، تم استخدام معسكر "عناتوت" كإجراء طارئ ضمن سلسلة معتقلات ميدانية جديدة، بهدف استيعاب العدد المتزايد من المعتقلين الفلسطينيين. يُعد معسكر "عناتوت" جزءًا من شبكة معسكرات احتجاز تشمل معسكرات أخرى مثل "سديه تيمان" و"نفتالي"، حيث تخضع هذه المواقع لسياسات ممنهجة من الإخفاء القسري والتعذيب، وتشير التقارير الحقوقية إلى أن معسكر "عناتوت" يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة. يُحتجز المعتقلون في ظروف بالغة السوء تتراوح بين التجويع والإهمال الطبي إلى الاعتداءات الجسدية والنفسية، مما يجعله بيئة عقابية قاسية لا تخضع لأي معايير قانونية دولية. يشكل هذا المعتقل، مع أمثاله من مراكز الاحتجاز، جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى فرض الهيمنة عبر الاعتقالات الجماعية والاعتداء على الحقوق الأساسية، مع تجاهل القوانين الدولية التي تكفل حماية الأسرى والمعتقلين.

ويتعرض الأسرى الفلسطينيين داخل معسكر عناتوت لانتهاكات كبيرة لعل أبرزها الإخفاء القسري إذ تمارس السلطات الإسرائيلية الإخفاء القسري بحق المعتقلين الغزيين، وتمنع ذويهم من التواصل معهم أو معرفة مصيرهم. كما لا تتوفر إحصائيات دقيقة بسبب سياسة التعتيم المفروضة على المعتقلات. ويتزامن ذلك مع سوء ظروف الاحتجاز، بالإضافة الى اتباع استراتيجيات تعذيب ممنهج بحق المحتجزين هنالك، إذ يتعرض المعتقلون لتعذيب جسدي ونفسي يشمل الضرب، الحرمان من النوم، واستخدام أساليب تعذيب قاسية. ويتم إجبار المعتقلين على التوقيع على وثائق باللغة العبرية دون معرفة محتواها​. علاوة على ذلك هنالك ووفقاً للعديد من الدلائل اعتداءات جنسية وتجويع بحق المحتجزين، إذ تشير إفادات بعض المعتقلين إلى وقوع اعتداءات جنسية منظمة كجزء من آلية العقاب. بالإضافة الى نقص في الطعام والماء والرعاية الطبية للمعتقلين الجرحى​.

وعلى ضوء ذلك، هنالك العديد من الجهود الحقوقية والدولية تبذل من اجل اغلاق معتقل عناتوت سيء السمعة مثل سديه تيمان ونفتالي وغيرها من معتقلات إسرائيلية يتعرض فيها الفلسطينيون للتنكيل والويلات، وبناءً على ذلك دعتا منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى إغلاق المعسكرات والتحقيق في الانتهاكات المرتكبة داخلها. وفي سياق متصل دعت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير إلى ضرورة فتح تحقيقات دولية في الانتهاكات التي تحدث في هذا المعسكر، مع تأكيد هيئة شؤون الاسرى بأن روايات وشهادات معتقلي غزة قد شكلت تحولاً بارزاً في مستوى توحش منظومة الاحتلال والتي عكست مستوى غير مسبوق عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، والتّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات اللامتناهية.