مُعسكر نفتالي

يُعد مُعسكر أو مُعتقل "نفتالي" رمزًا صارخًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. أُنشئ هذا المعسكر شمال قطاع غزة كإجراء طارئ ضمن سلسلة معتقلات ميدانية جديدة، بهدف استيعاب العدد المتزايد من المعتقلين الفلسطينيين. يُعد معسكر "نفتالي" جزءًا من شبكة معسكرات احتجاز تشمل معسكرات أخرى مثل "سديه تيمان" و"عناتوت"، حيث تخضع هذه المواقع لسياسات ممنهجة من الإخفاء القسري والتعذيب، وتشير التقارير الحقوقية إلى أن معسكر "نفتالي" يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة. يُحتجز المعتقلون في ظروف بالغة السوء تتراوح بين التجويع والإهمال الطبي إلى الاعتداءات الجسدية والنفسية، مما يجعله بيئة عقابية قاسية لا تخضع لأي معايير قانونية دولية. عدد المحتجزين غير ثابت ويقدر بين 80 إلى 90 معتقلاً حتى نهاية عام 2024. يشكل هذا المعتقل، مع أمثاله من مراكز الاحتجاز، جزءاً من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى فرض الهيمنة عبر الاعتقالات الجماعية والاعتداء على الحقوق الأساسية، مع تجاهل القوانين الدولية التي تكفل حماية الأسرى والمعتقلين.

ويتعرض الأسرى الفلسطينيين داخل معسكر نفتالي لانتهاكات كبيرة لعل أبرزها الإخفاء القسري إذ تمارس السلطات الإسرائيلية الإخفاء القسري بحق المعتقلين الغزيين، وتمنع ذويهم من التواصل معهم أو معرفة مصيرهم. كما لا تتوفر إحصائيات دقيقة بسبب سياسة التعتيم المفروضة على المعتقلات. ويتزامن ذلك مع سوء ظروف الاحتجاز، إذ يتم احتجاز المعتقلين في "كونتينرات" (حاويات شحن) لا تتوفر فيها التهوية أو الإضاءة المناسبة، وتُستخدم الحاويات نفسها كمواقع للتحقيق والتعذيب​. بالإضافة الى ذلك هنالك تعذيب ممنهج بحق المحتجزين هنالك، إذ يتعرض المعتقلون لتعذيب جسدي ونفسي يشمل الضرب، الحرمان من النوم، واستخدام أساليب تعذيب قاسية. ويتم إجبار المعتقلين على التوقيع على وثائق باللغة العبرية دون معرفة محتواها​. علاوة على ذلك هنالك ووفقاً للعديد من الدلائل اعتداءات جنسية وتجويع بحق المحتجزين، إذ تشير إفادات بعض المعتقلين إلى وقوع اعتداءات جنسية منظمة كجزء من آلية العقاب. بالإضافة الى نقص في الطعام والماء والرعاية الطبية للمعتقلين الجرحى​.

وعلى ضوء ذلك، هنالك العديد من الجهود الحقوقية والدولية تبذل من اجل اغلاق هذا المعتقل سيء السمعة مثل سديه تيمان وغيرها من معتقلات إسرائيلية يتعرض فيها الفلسطينيون للتنكيل والويلات، وفي هذا الصدد دعت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير إلى ضرورة فتح تحقيقات دولية في الانتهاكات التي تحدث في هذا المعسكر، مع تأكيد هيئة شؤون الاسرى بأن روايات وشهادات معتقلي غزة قد شكلت تحولاً بارزاً في مستوى توحش منظومة الاحتلال والتي عكست مستوى غير مسبوق عن جرائم التّعذيب، وعمليات التّنكيل، والتّجويع، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة الممنهجة، والاعتداءات الجنسية، واستخدامهم دروعًا بشرية.

كما دعت المنظمات الدولية بشكل عاجل إلى فتح أبواب معسكر "نفتالي" أمام لجان التفتيش الدولية لرصد الأوضاع داخله والتحقق من ظروف الاحتجاز التي يُزعم أنها تنتهك القوانين الدولية لحقوق الإنسان. ورفض الاحتلال السماح للصليب الأحمر أو أي جهات محايدة بزيارة هذا المعسكر والمعسكرات الأخرى التي أُنشئت حديثًا مما يُفاقم المخاوف بشأن مصير المعتقلين. هذا الحظر على الرقابة الدولية يعكس سياسة متعمدة للتعتيم على انتهاكات حقوق الأسرى، ويزيد من احتمالية استمرار ممارسات التعذيب والإهمال الطبي والتنكيل بهم، هذا ما هو منافي لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.