الأسلحة المحرمة دولياً واستخدامها من قِبل إسرائيل

تتعدد الأسلحة المُحرمة دولياً وتختلف مُسمياتها، فهي أسلحة تتطور يوماً تلو الآخر بهدف الفتك، والتدمير، والخراب، وتُمعن إسرائيل باستخدام هذه الأسلحة لتتلاءم وتتسق مع عقيدة جيش الاحتلال الإسرائيلي وهمجيته المُطلقة تجاه الحجر والبشر في فلسطين، ولتتناغم هذه الأسلحة المحظورة والمُحرمة دولياً مع قناعات الجيش الإجرامية وبطشه بكل شيء، وفقاً لحالة ليس لها أية حدود أخلاقية، ولا قانونية، ولا إنسانية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في شتى أماكن تواجده، ولا سيما استخدام هذه الأسلحة في الحروب ضد قطاع غزة.

وفي العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008 تم استخدام قنابل الفوسفور الأبيض ضد الفلسطينيين، ما أدى الى إحداث ويلات حقيقية ترتقي الى جريمة حرب متكاملة الأركان. وقد اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في حينها إسرائيل باستخدام "الأسلحة الفسفورية والتي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة ومن الصعب الابتعاد عنها". وبحسب تحقيقات أجرتها "هيومن رايتس ووتش"، تسببت هجمات الفوسفور الأبيض بإصابة عشرات المدنيين بحروق أو باستنشاق الدخان. وقالت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها، إثر استخدام إسرائيل هذا السلاح، إن "هجمات الفسفور الأبيض ألحقت أضراراً بالمباني المدنية، بما في ذلك مدرسة وسوق ومخزن للمساعدات الإنسانية ومستشفى".

وكذلك كان الحال في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 فقد تم استخدام قنابل الفسفور الأبيض، وأسلحة "الدايم" المحرم دولياً، والقذائف المسمارية. كما وتم في حينها استخدام (متفجرات المعادن الخامدة الكثيفة)، على شكل قنابل تقذفها طائرات بلا طيار، مكونة من الألياف الكربونية، وشظايا صغيرة، أو مسحوقا معدنيا ثقيلا، هو نتاج مزج نسب من (التنغستن) المقوى و(الكوبالت) والنيكل أو الحديد، ما يُحدث دماراً كبيراً، كما واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة عام 2014 "القنابل الاختراقية"، والتي تتسبب، بإحداث تفجيرات كبيرة، وتوقع عددا كبيرا من القتلى المدنيين، وهذا ما كان ماثلاً في جباليا والشجاعية في غزة، وغيرهما. وفي نفس سياق إرهاب جيش الاحتلال الممنهج، تم استخدام القنابل الانشطارية، والقذائف المسمارية في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2021. ولعل ما حدث عندما تم قصف برج الجلاء وتدميره كلياً في غضون لحظات قليلة كان دليل واضح ودامغ على استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً ذات قوة تدميرية مهولة في حربها على غزة عام 2021.

وشهد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2023 موجة غير مسبوقة من الهمجية والفتك الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً بشكل مهول ومختلف عن كل المرات السابقة دون حسيب أو رقيب، هذا ما أدى الى ارتقاء الاف الشهداء، والجرحى، وتسوية المنشآت والبيوت في الأرض بقوة تدميرية هائلة تعتمد في ذخيرتها على استخدام مواد مُحرمة دولياً ومحظورة الاستخدام، فقد قررت الولايات المتحدة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة إعطاء الجيش الإسرائيلي قنابل (جي بي يو) المُحرم استخدامها دولياً وخاصة في الأماكن السكنية، وتخترق قنابل (جي بي يو) التحصينات والملاجئ والانفاق، وهي أقوى قنبلة غير نووية واستخدامها من قبل الاحتلال سيتسبب في إبادة جماعية للشعب الفلسطيني.

كما واستخدمت إسرائيل في عدوانها على غزة 2023 بكثرة قنابل جدام JDAM خلال الغارات العنيفة التي تشنها على مناطق مختلفة في قطاع غزة، وتسببت هذه الغارات في دمار هائل، وبخاصة في حي الرمال الذي يضم عديداً من المؤسسات ومقرات لشركات مختلفة، بالإضافة إلى المباني السكنية التي جرى تدميرها بالكامل، وقنابل JDAM هي قنابل شديدة الفتم والتدمير، أمريكية الصنع، وهي حزمة توجيه وتحكم تُثبت على القنابل غير الموجهة التي توصف بـ (الغبية)، وتحوّلها إلى أسلحة ذكية متقدمة، ما يجعلها شديدة التقتيل والفتك، وهذا ما يُمعن جيش الاحتلال الإسرائيلي بإحداثه في غزة بكل همجية ممكنة.

ولعل ما حدث في المجزرة الشنيعة التي تمثلت في قصف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة بتاريخ 17/10/2023 كان برهان دامغ على ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، فقد تم قصف المستشفى الأهلي المعمداني بقنبلة "MK-84" بوزن 910 كيلوغرامات من المتفجرات هذه القنبلة المُحرمة دولياً والأمريكية الصنع، والموجودة في مخازن الجيش الإسرائيلي، فهذه المجزرة كانت حقيقة ماثلة لمن يريد أن يرى مدى البطش والاجرام التي يتعامل به جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة عام 2023. كما وأكدت مصادر طبية فلسطينية، إن إسرائيل استهدفت بتاريخ 11/10/2023، منطقة الميناء غربي مدينة غزة بعدد من القنابل الفوسفورية المُحرمة دولياً، ما أسفر عن مئات الإصابات بحالات الاختناق، فقد غطى الفوسفور الأبيض مناطق واسعة غربي غزة وهذا ما يرتقي الى جريمة حرب متكاملة الأركان. ولعل كذلك بيان وزارة الصحة الفلسطينية بغزة بأن لديها مصابون بحروق درجتها 80% يدل على استخدام إسرائيل لأسلحة مُحرمة دولياً شديدة الفتك والدمار. وكشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتاريخ 20/10/2023 عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي قنابل الفوسفور الأبيض في غزة ولبنان، محذرة من عواقب استخدام هذه الذخائر على حياة المدنيين. واعتبرت أن استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض في عملياتها العسكرية في غزة ولبنان يعرّض المدنيين لخطر الإصابة بجروح خطيرة وطويلة الأمد، وخاصة في مكان مثل قطاع غزة، يعتبر إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.

وفي هذا السياق ونظراً للعديد من الدلائل والتحقيقات تبين بالوجه القاطع استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للعديد من الأسلحة المحرمة دولياً وارتكابه من خلالها الفظائع بحق الفلسطينيين، فقد تم استخدام القنابل من عائلة "MK"، وقنبلة "GBU31" والقنبلة "GBU39" الموجهة بواسطة الأقمار الصناعية، وقذائف الهاوتزر عيار 155 مليمتراً، وقذائف الدبابات بأنواع مختلفة وأشهرها قذيفة APAM، التي تحتوي على 3000 شظية قاتلة، وغيرها من الأسلحة المحُرمة دولياً.

كما وتستخدم إسرائيل الأسلحة المنتمية الى مجموعة "دايم" التجريبية، والتي تعد الأسلحة المُفضلة بالنسبة للقوات الجوية الأميركية، من أجل استهداف من تعتبرهم "إرهابيين مختبئين بين المدنيين" كما واستخدم هذه المجموعة من الأسلحة المحظورة الجيش الإسرائيلي في لأراضي الفلسطينية المحتلة كمنطقة لتطوير الأسلحة لعقود من الزمن، حيث قام باختبار الكثير من الأسلحة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب والغازات شديدة السمية والمحظورة دولياً. كما وتعتبر أسلحة مجموعة "دايم" سلاحاً فتاكاً بصورة مهولة، فهو سلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي من خلاله يتم بتر الجزء المستهدف من الجسم ولا يتم الشفاء منه ومعالجته على الاطلاق سوى بالبتر، كما ويترك السلاح آثار الحرارة والحروق بالقرب من نقطة البتر. فأسلحة "دايم" تنتج انفجاراً قوياً غير عادي داخل منطقة صغيرة نسبياً، فتنشر شظايا دقيقة شديدة السخونة من مسحوق سبائك التنغستون المعدنية الثقيلة وهي مادة سامة كيميائياً تتسبب في بتر الأطراف وتضر جهاز المناعة، وتتسبب بالإصابة بالسرطان بسرعة مهولة جداً، كما ويتسبب هذا السلاح المُحرم دولياً والمُستخدم من قبل إسرائيل تجاه الفلسطينيين بتسمم الجينات وإحداث طفرات جينية. وهو بمثابة سلاح يعتبر بشكل أساسي جزء لا يتجزأ من مفاهيم الحرب الكيميائية الجينية، فحتى من ينجو من القصف الإسرائيلي، مُرشح بنسبة عالية بالإصابة بالسرطان والتشوّهات الدائمة والمشاكل الجينية. كما وان هذا النوع من الأسلحة لا يقتصر على الخسائر البشرية فقط، بل أنه يطال المحيط البيئي، فحتى التربة هي مُرشحة بصورة كبيرة بأن تفقد خصوبتها لفترة من الزمن بفعل الانفجار والمواد التي يُحدثها هذا النوع من الأسلحة المُحرمة دولياً والتي تُذيب الحجر وكذلك البشرـ وهذا ما ينتهجه جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وهذه هي لغته تجاه الإنسانية بُرمتها.

كما ويستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي قنابل الفوسفور الأبيض المحظورة دولياً تجاه الفلسطينيين، وتكمن خطورة مادة الفوسفور بأنها قاتلة حتى لو كانت نسبة الحروق التي تتسبب بها تطال أقل من 10% من الجسم، فهي تصيب الكبد أو الكليتين أو القلب بأضرار جسيمة، ويشتعل الفوسفور ويحترق لدى اتصاله بالأوكسجين، ويستمر في الاحتراق حتى درجة 816 مئوية، حتى لا يتبقى منه أي شيء أو حتى ينتهي ما حوله من أوكسجين. لذلك، حين يلامس الجلد فهو يؤدي لحروق كثيفة ومستديمة، وأحياناً تصل إلى العظام. ويؤدي انفجار قذائف الفسفور الأبيض جواً إلى نشر 116 شظية مشتعلة مُشبعة بالمادة على مساحة يتراوح قطرها بين 125 و250 متراً، اعتماداً على ارتفاع الانفجار، وبالتالي تعريض المزيد من المدنيين والمنشآت المدنية لأضرار محتملة مقارنة بالانفجار الأرضي الموضعي. كما ويُمكن أن تُفاقم شظايا الفوسفور الأبيض الجروح حتى بعد العلاج، فحتى الحروق الطفيفة نسبياً قد تكون قاتلة.

كما ويستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي "الرصاص والمقذوفات التي تتمدد أو تتسطح في جسم الإنسان" الرصاص المتوسع"، المعروف أيضاً بالعامية بالرصاص "الدمدم"، وهو عبارة عن مقذوفات مصممة للتوسع عند الاصطدام، ويؤدي هذا إلى زيادة قطر الرصاصة، لإنتاج جرح اختراق أكبر، وبالتالي إلحاق المزيد من الضرر، ومع أنه يُحظر استخدامها بشكل عام في الحرب، لا يزال يتم استخدامها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل فصول جرائمه وفتكه بحق الفلسطينيين.

كما ويستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأسلحة الحرارية والقذائف المسمارية ضد الفلسطينيين، وهي أسلحة فتاكة شديدة الدمار ومُحرمة دولياً بصورة لا لُبس فيها على الاطلاق، والقذيفة المسمارية هي سلاح مضاد للأفراد يتم إطلاقه عادة من دبابة، وتنفجر القذيفة في الهواء وتطلق آلاف السهام المعدنية، التي يبلغ طولها 37.5 ملم، وتنتشر في الهواء وتتفرق على شكل قوس مخروطي الشكل طوله 300 متراً وعرضه حوالي 90 متراً. أما الغاية من استخدامها، فهي التأكد من إصابة أكبر قدر من الأشخاص عبر تناثر المسامير التي تحدث جروحاً عميقة. كما وثمة سلاح آخر يجب الإشارة إليه أيضاً وهو سلاح القنابل الفراغية، أو ما يعرف بالأسلحة الحرارية، وتسبب الأسلحة الحرارية الضرر عن طريق تعظيم موجة الصدمة والضغط الزائد المرتبط بالانفجار، ويتضمن الضغط الزائد موجات من الطاقة الناتجة عن انفجار، ينتج عنه إصابات وأضرار جسيمة، وعادةً ما يتم تعبئة هذه الأسلحة بالوقود الصلب المتطاير أو مواد شديدة الاشتعال، وبمجرد بلوغ الأسلحة الهدف، يؤدي الانفجار الأولي أو "الشحنة المتناثرة" إلى نشر سحابة من الوقود عبر الهدف، بينما يؤدي الاحتراق الثانوي إلى انفجار سحابة الوقود والأوكسجين الجوي، والنتيجة هي كرة نارية ضخمة تنتج موجة انفجارية قوية جداً، وهذا ما يؤدي إلى انهيار المباني بصورة مهولة، وتمزق الأعضاء، ويلغي العديد من أشكال الغطاء بما في ذلك المنشآت الموجودة تحت الأرض. وبفعل هذه الأسلحة تسبّبت إسرائيل في حرب العام 2014 على قطاع غزة بهدم نحو 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وحوّلت 160 ألف وحدة غير صالحة للسكن، وفق إحصائيات أعدتها الأونروا بالتعاون مع برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي (UNDP).

وتُشير الدراسات بأن الأشخاص الذين من الممكن أن ينجو من هذه النوع من السلاح، من المرجّح أن يعانوا من العديد من الإصابات الداخلية غير المرئية، بما في ذلك انفجار طبلة الأذن وسحق أعضاء الأذن الداخلية والارتجاجات الشديدة، وتمزّق الرئتين والأعضاء الداخلية، وربما العمى، وهذا ما يُمعن فيه وبشكلٍ شديد الهمجية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول بكل الطرق البطش بكل ما هو فلسطيني وسحقه بصورة منافية كلياً لأية مضامين إنسانية وآدمية.

وما هو جدير بالذكر بأن إسرائيل تستخدم الصواريخ قنابل "جدام" الخارقة للحصون والانفاق ضد قطاع غزة، علماً بأن قطاع غزة هو أعلى نسبة كثافة سكانية في العالم؛ أي ان هذه الصواريخ والقذائف والقنابل لا يتم توجيه هدفها ضد أهداف عسكرية معينة، بل تسقط فوق رؤوس المدنيين الآمنين، بسبب الكثافة السكانية، وتعتبر قنابل "جدام" الذكية أميركية الصنع، وهي من قنابل عالية التدمير، ويتم توجيه هذه القنابل بالقمر الصناعي ويمكنها خرق التحصينات، بحمولة 286 كيلوغرامًا من المتفجرات، وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن نماذج GBU-28 وGBU-57  من قنابل "جدام"، تكون قد وجهت إلى أهداف محددة في غزة، هذه الأهداف كانت ضد المدنيين العُزل الذين لا مكان آمن لهم في ظل الكثافة السكانية المهولة في غزة. كما استعملت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قنابل  “Bunker Busters”أو "خارقة الأقبية"، وهي قنابل غير موجهة بوزن 900 كيلوغرام، وقد تحمل هذه الصواريخ 250 كيلوغرامًا من المتفجرات، وتكتسب سرعة كبيرة لدى إسقاطها، تٌمكنها من اختراق أمتار من الخرسانة المسلحة، وهذا ما يُفسر حجم الدمار الكبير للمنشآت والبيوت والأبراج وسقوطها وتسويتها بالأرض بصورة شديدة الفتك والترويع.

كما واستخدمت إسرائيل في حربها وعدوانها على غزة عام 2023 وتحديداً عندما قصفت المتواجدين في ساحة مستشفى الشفاء، صواريخ "هيلفاير" عالية الدقة الموجهة بالليزر والمزودة بالسكاكين والشفرات والتي تؤدي لتمزيق الهدف، وتعتبر نسخة صاروخ هيلفاير (AGM-114) هي الأحدث والاكثر تطوراً، حيث يضرب الهدف بشكل مركز دون انفجار؛ مما يتيح تقليص دائرة الاستهداف بشكل كبير، لكنه يفتك بالهدف بشكل كبير الفعالية، واستخدمت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" الصاروخ على حد سواء، في عمليات خاصة والصاروخ الذي يصنع تحت اسم "R9X"، مزود برأس غير متفجر، يتجاوز وزنه 45 كيلوغراماًي ويتطلب استخدامه معلومات استخباراتية عالية الدقة، كما أنه موجه بالليزر، ويحتوي الصاروخ على ستة سكاكين تخرق هيكلها قبل ثوانٍ من لحظة الاستهداف كي تقتل كل من يوجد على مقربة مباشرة من الهدف، وبإمكان الصاروخ -وفق تقارير عسكرية باختراق أكثر من 100 رطل من المعدن، علماً بأن هذا الصاروخ تم ضربه بكل همجية وحقد تجاه المدنيين النازحين المتواجدين في باحة مستشفى الشفاء في غزة ما أدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى بصورة شديدة الفتك والتدمير والبطش والترويع.

كما واستخدمت إسرائيل في عدوانها على غزة عام 2023، القنابل الفراغية، أو المتفجرات الهوائية التي تعمل بالوقود، وهي عبارة عن ذخيرة ذات مرحلتين، توزع شحنة المرحلة الأولى الهباء الجوي المكون من مادة دقيقة للغاية، من وقود قائم على الكربون إلى جزيئات معدنية صغيرة بعدها تشعل الشحنة الثانية تلك السحابة مكونة كرة نارية، وموجة صدمة ضخمة، وفراغ حيث تمتص كل الأكسجين المحيط بها، ويمكن أن تستمر موجة الانفجار لفترة أطول بكثير من المتفجرات التقليدية وتكون قادرة على تبخير الأجسام البشرية. وتستخدم هذه الأسلحة لأغراض متنوعة وتأتي بأحجام مختلفة ولعل الهدف من استخدامها بشكل رئيسي هو تدمير التحصينات والمواقع الدفاعية والكهوف ومجمعات الأنفاق تحت الأرض وتدميرها.

كما ويستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة قنابل "هالبر" الأمريكية المخصصة لاختراق الحصون والأنفاق في قصف غزة، وتعمل هذه القنابل بنظام "GPS" بهدف تدمير البنية التحتية للقطاع، وخلال الحرب تم استخدام العديد منها وضد اهداف مدنية.

ومما لا شك فيه بأن هذه الأسلحة هي محظورة ومُحرمة دولياً، وهذا وفقاً للاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تُعنى بهذا الشأن، فجاءت نصوص القانون الدولي الإنساني، منذ البداية، لتضع حداً للمعاناة التي تسببها النزاعات المسلحة ولهذه الغاية، يحدد القانون الدولي الإنساني كلاً من سلوك المقاتلين وقواعد اختيار وسائل الحرب وأساليبها بما فيها الأسلحة. وتُعتبر الأسلحة المستخدمة من قبل إسرائيل في حروبها ضد الفلسطينيين محظورة وفقا للبروتوكول الثالث في معاهدات جنيف، ولاتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1992، وللاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل لعام 1997، وهي خرق صارخ لاتفاقية "حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر" الموقعة في جنيف عام 1980، وهذا ما جعل السلطة الوطنية الفلسطينية أن تبدأ بخطوات قانونية واضحة لمحاسبة إسرائيل على جرائمها وخرقها للقانون، والتوجه الى المحكمة الجنائية الدولية "لاهاي" لمقاضاة قادة جيش الاحتلال على جرائمهم المُرتكبة بحق الفلسطينيين والتي ترقى لجرائم حرب حقيقية في قطاع غزة، فاستخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دولياً جعل من مرض السرطان السبب الثاني للوفاة في قطاع غزة بعد أمراض القلب (باستثناء القتل المباشر)،  فيما توقع الأطباء حينها تضاعف الأعداد في خلال السنوات المقبلة بسبب مادة اليورانيوم الموجودة في الأسلحة التي يتم استخدامها من قبل الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين الآمنين في غزة.

ويُشير تقرير منظمة العفو الدولية الصادر بتاريخ 20/10/2023 بأنه "أدى الحصار الإسرائيلي غير القانوني إلى تحويل غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم ـ ويتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن للحؤول دون تحويل غزة إلى مقبرة جماعية هائلة. إننا نطالب القوات الإسرائيلية بالوقف الفوري للهجمات غير القانونية في غزة، وضمان توخي جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر على المدنيين والأعيان المدنية. ويجب على حلفاء إسرائيل أن يفرضوا على الفور حظرًا شاملًا على الأسلحة نظرًا لارتكاب انتهاكات جسيمة بموجب القانون الدولي".

ويؤكد المرصد الأوروبي لحقوق الإنسان: "أن طائرات الاحتلال أسقطت في الأسبوع الأول من العدوان على قطاع غزة عام 2023، ما يفوق ربع قنبلة نووية". وهذا ما يناقض المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة القاضية بحظر "جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص" المحميين الموجودين تحت "سلطة الاحتلال". والمادة 35 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي نصت على أن "حق أطراف أي نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقاً مفتوحاً"، بل له ضوابط وقيود.

وفي نفس السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط بتاريخ 24/10/2023 عن قلقه العميق جراء "الانتهاك الواضح للقانون الإنساني الدولي الذي نشهده في غزة". وشدد على أنه "لا شيء يبرر القتل الجماعي الذي تشهده غزة. وأنه لا يمكننا أن نغفل عن الأساس الواقعي للسلام والاستقرار وهو الحل القائم على وجود دولتين".

وفي المحصلة يستمر جنود الاحتلال الإرهابيون باستخدام المزيد من الأسلحة المحرمة دولياً تجاه الفلسطينيين، دون أدنى التفات انساني أو قانوني، وفي بيئة منافية كلياً لكل مضامين القانون الدولي، فيتم استخدام شتى الأسلحة في غزة وإحداث المجازر والمآسي، وكذلك الحال في الضفة الغربية، عندما يتم توجيه قذائف "انيرجا" ضد المواطنين وضربهم بها، في جنين ونابلس، وغيرها، فجيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بارتكاب جرائم حرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويحاول قتل كل ما يُمكن قتله؛ فإنه جنون فائض القوة الغاشمة؛ الذي يتغذى من عقيدة القتل، والحرق، والمحو؛ التي تصوغ فكر وسلوك الجناة؛ الذين لا مهنة لهم؛ سوى الترويع، وسفك الدماء، والإمعان في ممارسة الإعدامات المتنقلة؛ التي تتغذى من عقيدة؛ تعتنق ارتكاب المزيد من جرائم القتل والإبادة.