إرهاب المستوطنين

إن نظرة متفحصة في واقع الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة تظهر أهم سماته القائمة على أساس إرهاب المواطنين الفلسطينيين وقض مضاجعهم وتنغيص عيشهم وتعكير صفو أمنهم لإجبارهم على الهجرة من أرض أجدادهم. وقد حظي إرهاب المستوطنين برعاية ومساندة كافة الحكومات الإسرائيلية والكنيست والقضاء والشرطة والحاخامات، حتى غدا إرهاب المستوطنين منظماً بشكل ملحوظ يمارس بحماية جنود الاحتلال وتقف خلفه مجموعة من التنظيمات الاستيطانية الإرهابية التي تمده ببيئة حاضنة ليتغلغل في أحشاء الجسم الفلسطيني، لتصبح هذه التنظيمات أحد مركبات إرهاب دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين أرضًا وشعبًا ومقدسات، ويظهر ذلك جليًا من خلال اتساع دائرة المنظمات المتطرفة من حيث العدد والنفوذ وسلسلة الجرائم المتصاعدة.

أبرز المنظمات الاستيطانية الإرهابية: تتعدد المنظمات الاستيطانية الإرهابية التي تتخذ من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة نقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية؛ ومن أبرز هذه المنظمات: فتيان التلال "شباب التلال": وهي مجموعة استيطانية إسرائيلية يعيش معظم منتسبيها في بؤر استيطانية في الضفة الغربية المحتلة ويسكنون عزبًا ومبانٍ منفردة ضمن مناطق مفتوحة. ومعظمهم من الشبّان الذين يحملون أفكارًا توراتية متطرفة تجاه أبناء الشعب الفلسطيني؛ وهم يؤمنون بما يسمونه "أرض إسرائيل الكبرى"، ويرفضون إخلاء أي مستوطنة، وينفذون هجمات ضد الفلسطينيين؛ ومنهم انطلقت نواة جماعة "تدفيع الثمن" الاستيطانية.

تعد جماعة "تدفيع الثمن" أو "جباية الثمن" إحدى أبرز المنظمات الاستيطانية الإرهابية، وهي جماعة سرّية شبابية يمينية متطرفة، ظهرت في يوليو 2008 على يد غرشون ميسيكا (رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات شمال الضفة الغربية)، تضم مجموعات من المستوطنين اليهود "المتشددين" غالبيتهم من صغار السن من تلامذة الحاخامين يتسحاق غينزبورغ، ودافيد دودكيفيتش، ويتسحاق شابيرا، الذين يقفون على رأس المدرسة الدينية "يشيفات" في مستعمرة "يتسهار"، والتي تعتبر

إحدى أبرز معاقل المتطرفين اليهود. يعتنق ناشطو تنظيم "جباية الثمن" وأنصاره فكرًا عنصريًّا قائمًا على الكراهية الشّديدة للفلسطينيّين، ويدعو إلى قتلهم أو طردهم من المناطق الفلسطينية المحتلّة من ناحية، وإلى تعزيز الاستيطان في الضفّة المحتلّة، والإسراع في تهويدها وضمّها إلى إسرائيل من ناحيةٍ أخرى؛ فينفذون اعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم؛ ويتعمدون ترك توقيعات وشعارات عنصرية في الأماكن التي تتبنى فيها عملياتها. وتحظى هذه المجموعات بدعم واسع من المستوطنين اليهود، بالإضافة إلى تأييد كبير من بعض الأحزاب الإسرائيلية والحاخامات. وهناك تنظيم تمرد: هو تنظيم يهودي إرهابي انبثق من حركة "شبيبة التلال" اليمينية المتطرفة الإرهابية بنسخة أكثر تنظيمًا وتشددًا. يضم شبانًا صغارًا أعمارهم من 16 إلى 25 عامًا، يتم اختيارهم بعناية فائقة. يعمل تنظيم تمرد في الضفة الغربية، يتجمع أفراده في البؤر الاستيطانية، ويعقدون اجتماعاتهم بسرية تامة. يتزعم هذا التنظيم مئير إتينغر، وهو حفيد الحاخام المتطرف مئير كهانا.

وهناك أيضا جمعية إلعاد الاستيطانية: التي أسسها المستوطن "دافيد باري" في أيلول من العام 1986. وكلمة "إلعاد" العبرية هي اختصار لجملة "إيل عير دافيد"، وتعني بالعربية "نحو مدينة داود". وهي ذراع ضخم وفعّال للسياسات الإسرائيلية الاستيطانية والتهويدية في القدس.

ولجمعية "إلعاد" ميزانيات ضخمة؛ إذ توصف بأنها إحدى أغنى الجمعيات غير الحكومية الإسرائيلية. وتعمل على الاستيلاء على العقارات الفلسطينية في القدس وإسكان المستوطنين بها، كما تجتهد للسيطرة على المواقع التاريخية الأثرية، وخلق رواية صهيونية حولها.

وتعدُّ جمعية إلعاد إحدى الحركات التي تعمل على تهويد مدينة القدس سعيًا إلى إقامة الهيكل الثالث؛ وميدان نشاطها المركزي في حي وادي حلوة (أحد أحياء بلدة سلوان، ويبعد عن سور البلدة القديمة وسور المسجد الأقصى جنوبًا ما يقارب 30 مترًا)؛ فتُسيطر هذه الجمعية على العقارات الفلسطينية في قلب حي وادي حلوة وتحوّلها إلى بؤر استيطانية.

أنظر المنظمات والحركات والجماعات المتطرفة في إسرائيل

أبرز اعتداءات المستوطنين الإرهابية

تنوعت وتعددت اعتداءات المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم فشملت عمليات القتل ومصادرة الأراضي والسيطرة عليها بالقوة، وتقطيع الأشجار وحرقها، وإعطاب إطارات السيارات، والاعتداء على منازل المواطنين ودور العبادة ومؤسسات التعليم، وتخريب المنشآت والمعدات، وخطّ شعارات تحريضية عنصرية معادية للفلسطينين ومن وأبرز هذه الاعتداءات:

- بتاريخ 15/5/2024 شن قطعان المستوطنين، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، هجوماً كبيراً على قرية جيت شرق قلقيلية؛ ما أدى إلى استشهاد الشاب رشيد محمود عبد القادر سدة (23 عامًا)، كما وأصيب آخرون، أحدهم بجروح حرجة؛ حيث هاجم المستوطنون المنطقة الغربية من القرية، وأضرموا النار في 4 منازل و6 مركبات. وقد أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص وقنابل الصوت والغاز السام صوب المواطنين، وأغلقوا مداخل القرية، ومنعوا طواقم الدفاع المدني من الوصول لإخماد النيران المستعرة في المنازل والمركبات التي أحرقها المستوطنون.

-بتاريخ 15/4/2024  استشهد كل من عبد الرحمن ماهر بني فضل (30 عاما) ومحمد إبراهيم بني جامع (21 عاما)، بعد إصابتهما برصاص عصابات المستوطنين خلال عدوانهم على خربة الطويل شرق بلدة عقربا، جنوب نابلس.

-بتاريخ  13/4/2024 استشهاد الطفل عمر أحمد عبد الغني حامد (17 عاما)  من بلدة بيتين بالقرب من رام الله برصاص المستعمرين وذلك أثناء هجوم وا اعتداءات  المستعمرين على البلدة

-بتاريخ  12/4/2024 استشهد المواطن جهاد عفيف أبو عليا برصاص المستعمرين داخل منزله، وأصيب 25 آخرون بالرصاص الحي، في هجوم واسع للمستعمرين المسلحين والمحميين بقوات الاحتلال الإسرائيلي على بلدة المغير شمال شرق رام الله. وإحراق 16 منزلا و15 حظيرة أغنام و35 مركبة والاستيلاء على 100 رأس غنم.

بتاريخ 21/6/2023 هاجم قرابة 400 مستوطن بلدة ترمسعيا (شمال شرقي رام الله)؛ ما أدى إلى استشهاد المواطن عمر هشام جبارة " أبو القطين" (27 عاماً)، وإصابة ما يزيد عن 12 مواطناً؛ كما أحرق المستوطنون أكثر من 30 منزلًا و60 مركبة وعشرات الدونمات والمحاصيل الزراعية بالزجاجات الحارقة؛ كما منعوا مركبات الإسعاف من الوصول للبلدة لإسعاف المصابين. وجرت هذه الأعمال الإجرامية بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي وفر الغطاء الكامل للمستوطنين ليقوموا بأعمالهم الإرهابية في بلدة ترمسعيا واستباحتها.

-بتاريخ 26/2/2023 هاجم المستوطنون ليلاً بلدتي حوارة وزعترة جنوب مدينة نابلس؛ ما أدى إلى استشهاد المواطن سامح حمدالله أقطش (37 عاماً)، وإصابة 350 مواطناً في بلدة حوارة، كما أحرق المستوطنون أكثر من 30 منزلًا ومحال تجارية، و100 مركبة؛ وتم محاصرة بلدة حوارة والبلدات المجاورة ومنع مواطنيها من التنقل والتواصل، وإغلاق الحواجز العسكرية، ونصب حواجز ترابية. وجرت هذه الأعمال الإرهابية بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، وتأييد وزراء في الحكومة الإسرائيلية مثل: بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية)؛ إذ قال في ذلك اليوم: "أعتقد أنه يجب محو قرية حوارة"، وأضاف وأضاف لاحقًا": أعتقد أن هذا ما يجب على دولة إسرائيل أن تفعله"، وقال عضو الكنيست تسفي فوغيل من حزب الوزير إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي الإسرائيلي) لإذاعة الجيش الإسرائيلي "حوارة مغلقة ومحروقة، وهذا ما أريد أن أراه".

-بتاريخ 11/2/2023 استشهد الشاب مثقال سليمان ريان (27 عام)، بعد استهدافه برصاصه مباشرة أطلقها مستوطن حاقد خلال هجوم نفذته عصابات المستوطنين بحماية قوات جيش الاحتلال شمال شرق بلدة قراوه بني حسان غرب سلفيت.

دهس الشقيقين محمد ومهند مطير من مخيم قلنديا بتاريخ 17 كانون الأول 2022 بالقرب من حاجز زعترة جنوب نابلس بشكل متعمد من قبل أحد المستوطنين ولاذ بالفرار، وذلك أثناء قيامهما بتغيير أحد إطارات مركبتهما على جانب الطريق.

- بتاريخ 21/6/2022 استشهد الشاب علي حسن حرب (27 عاما)، متأثراً بإصابته بطعنة مباشرة في القلب بسكين مستوطن، في قرية اسكاكا شرق سلفيت، وذلك خلال تصديه وعدد من الأهالي لمستوطنين نصبوا خيمة في أرض تقع غرب القرية تسمى "الحرايق" بهدف الاستيلاء عليها، نُقل إلى مستشفى الشهيد ياسر عرفات في سلفيت حيث أعلن عن استشهاده متأثرا بإصابته. 

- دهس المواطنة غدير أنيس مسالمة ( 63 عاما) من بلدة سنجل/ رام الله من قبل أحد المستوطنين وبشكل متعمد ولاذ بالفرار ، وذلك  أثناء  تواجدها على المدخل الرئيس للبلدة بتاريخ 24/12/2021.

- قتل المستوطنون المواطنة عائشة الرابي من بلدة بديا، غربي مدينة سلفيت، في 13 تشرين الأول 2018؛ وذلك باستهداف المركبة التي كانت تستقلها برفقة زوجها بالحجارة بالقرب من حاجز زعترة؛ الأمر الذي أدى إلى استشهادها وإصابة زوجها بجروح.

أحرق المستوطنون عائلة دوابشة وهم أحياء باستهداف منزلهم في قرية دوما بمحافظة نابلس بالقنابل الحارقة فجراً في 31 تموز 2015؛ ما أدى إلى استشهاد الرضيع علي دوابشة (18 شهرًا) ووالده سعد دوابشة (32 عامًا) ووالدته ريهام دوابشة (27 عامًا) حرقًا وهم أحياء؛ فيما أصيب شقيقه الطفل أحمد دوابشة بجروح وحروق بالغة (الناجي الوحيد من بين أفراد العائلة).

أحرق المستوطنون الطفل المقدسي محمد أبو خضير (16 عامًا) من حي شعفاط بالقدس حياً في 2 تموز 2014 بعد خطفه والتفنن في تعذيبه.

مجزرة الحرم الإبراهيمي إذ قتل المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين 33 فلسطينياً وأصيب 150 آخرين بجروح حين كانوا يؤدون صلاة الفجر يوم 15 رمضان الموافق 25 شباط 1994، إذ فتح النار عليهم وهم سجود، بعد اقتحامه الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.

أنظر شهداء مجزرة الحرم الإبراهيمي، 1994م

مجزرة جامعة الخليل إذ اقتحم المستوطنون حرم الجامعة وقتلوا ثلاثة من طلبتها وأصابوا 33 آخرين بجروح يوم 26 تموز1983، حيث أطلقوا النار وقذفوا القنابل اليدوية بشكل عشوائي في جميع الاتجاهات، بما في ذلك داخل قاعات الدراسة.

حاول المستوطنون اغتيال رؤساء البلديات في الضفة الغربية المحتلة، ممن كانوا محسوبين على منظمة التحرير الفلسطينية وهم: بسام الشكعة (رئيس بلدية نابلس) الذي فقد ساقيه، وكريم خلف (رئيس بلدية رام الله) الذي فقد إحدى ساقيه، وإبراهيم الطويل (رئيس بلدية البيرة) في الثاني من حزيران 1980، عندما حاول أعضاء التنظيم الإرهابي اغتيالهم بتفجير سياراتهم بزراعة عبوات ناسفة داخلها.

عنف المستوطنين يشهد ارتفاعًا مطّردًا: تشهد عمليات إرهاب المستوطنين تصاعدًا ملحوظًا، وهذا ما تؤكده تقارير محلية ودولية؛ فحسب تقرير "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة "أوتشا": عنف المستوطنين يشهد ارتفاعًا مطّردًا؛ ففي العام 2021 بلغ عدد الحوادث المتصلة بالمستوطنين في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) والتي أدت إلى وقوع أضرار بالممتلكات نحو 312 حادثة؛ في حين بلغ عدد  الحوادث التي أدت إلى وقوع إصابات نحو 115 حادثة؛ وفي العام 2020 بلغ عدد الحوادث المتصلة بالمستوطنين في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) والتي أدت إلى وقوع أضرار بالممتلكات نحو 274 حادثة؛ في حين بلغ عدد الحوادث التي أدت إلى وقوع إصابات نحو 84 حادثة؛ وفي العام 2019 بلغ عدد الحوادث المتصلة بالمستوطنين في الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) والتي أدت الى وقوع أضرار بالممتلكات نحو 259 حادثة؛ كما بلغ عدد  الحوادث التي أدت إلى وقوع إصابات نحو 76 حادثة.

-وحملت الفترة الممتدة ما بعد تاريخ 7/10/2023 حالة متسارعة وكبيرة من عنف المستوطنين وإرهابهم اللامتناهي تجاه الحجر والبشر في الضفة الغربية، حيث يقوم المستوطنين بالانتشار بشكل مكثف ومتكرر على الطرقات والشوارع والاعتداء على المركبات الفلسطينية والتنكيل بالفلسطينيين وهم مدججين بالسلاح والعتاد، بالإضافة الى استباحة التجمعات السكانية الفلسطينية والاعتداءات المتكررة عليها وبصورة شديدة الدموية والعنف، وبشكل شديد الهمجية والإرهاب. كما وتم بشكل رسمي شرعنة تسليح المستوطنين، وتم توزيع السلاح عليهم والعتاد بأمر من وزير الامن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير. فعلى سبيل المثال لا الحصر بتاريخ 11/10/2023 قام قطعان المستوطنين المدججين بالسلاح بمهاجمة بلدة قصرة جنوب نابلس، وقد تصدى الناس بصدورهم العارية لهذه الهجمات؛ ما أدى الى ارتقاء 6 شهداء وعشرات الجرحى والمصابين والترويع بالسكان الآمنين وقض مضاجعهم. ووفقاً للبيانات الواردة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) فأنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ولغاية 7/3/2024 قد سُجل 623 هجمة شنّها المستوطنون الإسرائيليون على الفلسطينيين وأسفرت عن سقوط ضحايا (55 حادثًا) أو إلحاق أضرار بالممتلكات (497 حادثًا) أو سقوط ضحايا وإلحاق أضرار بالممتلكات معًا (71 حادثًا).

 

ولعل السبب في تصاعد هذه الاعتداءات يعود إلى:

دعم الحكومات: دعمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منظمات ومجموعات الإرهاب في المستوطنات؛ وذلك بتوفير التمويل عبر صرف الموازنات والامتيازات التي تصب في جيب هذه المنظمات؛ وكذلك توفر الحكومة والتدريب للمستوطنين في معسكرات جيشها، وتوفر لهم العتاد، وتتولى حمايتهم أثناء ممارسة اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين بواسطة قواتها الأمنية التي تنكل أو تعتقل كل فلسطيني يحاول مقاومة اعتداء المستوطنون عليه أو على ممتلكاته" أي حماية الجاني ومعاقبة المجني عليه.

دعم الكنيست: العديد من أعضاء الكنيست يقدمون الدعم والإسناد لمنظمات الإرهاب الاستيطانية، ويشاركون مع المستوطنين في الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم؛ بل إن بعضهم شارك في تأسيس هذه المنظمات أو انتمى إليها أو شجعها؛ هذا بالإضافة إلى تشريع قوانين عنصرية تشكل شبكة أمان وغطاء وحماية لإرهاب المستوطنين، وتضع العراقيل القانونية والإجرائية التي تحول دون معالجة إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين.

ومن الشواهد على ذلك أن أسقطت الكنيست مشروع "قانون ضريبة الأملاك" والتعويضات (تعويض للمتضررين من الأعمال العنصرية العدوانية)، بعد أن ردّت في القراءة التمهيدية مشروع قانون يعدُّ جريمة "تدفيع الثمن" عملاً إرهابياً. وهو مشروع كان قد بادر إليه النائب عيساوي فريج (ميرتس) مع مجموعة من أعضاء الكنيست. وقد صوت إلى جانب الاقتراح 36 عضو كنيست وعارضه 46 عضواً.

دعم الحاخامات: تتلقى العديد من منظمات الإرهاب الاستيطانية الدعم والإسناد من العديد من الحاخامات من خلال المشاركة في تأسيس هذه المنظمات أو التحريض على الفلسطينين عبر مدارسهم الدينية أو إصدار الفتاوى التي تستند إليها هذه منظمات لإباحة إرهابها ضد المواطن الفلسطيني.

 أنظر الحاخامات في إسرائيل

الدعم القضائي: في القليل من الأحيان تجري محاكمات صورية لمجرمي المستوطنين لإيهام العالم بعدالة دولة الاحتلال؛ مع أن هذا لا يحصل إلا نادرًا؛ وإن أدين مستوطن بارتكاب جريمة تصدر بحقة عقوبة لا تتناسب مع حجم الجريمة؛ ومن الشواهد على الجور القضائي بحق الفلسطينيين الأحكام التي صدرت على قتلة عائشة الرابي ومحمد أبو خضير وعائلة دوابشة المثيرة للسخرية. بل غالبًا ما تصدر الأحكام ببراءة المجرم رغم وضوح جريمته بزعم أنه مختل عقليًا؛ فيفلت من العقاب. وهذا شجع المستوطنين على ارتكاب المزيد من جرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم.

نشرت منظمة "ييش دين" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان في 7 شباط 2022 ورقة معطيات تحت عنوان "تطبيق القانون على مواطنين إسرائيليّين في الضفّة الغربيّة (عُنف المستوطنين)" تتطرّق ورقة المعطيات إلى التحقيقات الشُّرطيّة التي فُتحت في أعقاب جرائم ومخالفات ارتكبها إسرائيليّون ضدّ فلسطينيّين بين 2005 وحزيران/ يونيو 2021، وجاء فيها أنه في إطار الرصد الذي تجريه ييش دين، فُحص حتى الآن 1,395 ملفّ تحقيق فُتحتْ منذ عام 2005 في لواء “شاي” التابع للشّرطة الإسرائيليّة وانتهت معالجتها، وذلك في أعقاب شكاوى قدّمها متضرّرون فلسطينيّون. وقد أُغلق 1,279 ملفًا مع انتهاء التحقيق فيها من دون تقديم لائحة اتّهام (92% من الملفات)، فيما لم تُقدّم لوائح اتّهام إلّا في 116 ملفًا (8% من الملفات)، الملفات التي فُتحت بخصوص الجرائم الأيديولوجيّة المرتكَبة ضدّ فلسطينيّين في الضفة الغربيّة منذ عام 2005، والتي أفضت في نهاية الأمر إلى إدانة المتمهين، بلغت 3% فقط.

وأمام هذه الجرائم لا بد من إنفاذ اتفاقيات جنيف على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتقديم المستوطنين ومن يقف خلفهم  للمحكمة الجنائية الدولية، لإنهاء زمن الافلات من العقاب.