الحاخامات في إسرائيل هم مفسرو الشريعة اليهودية ومعلموها؛ وقد لعبوا دورًا بارزًا في تأسيس الفرق الدينية، والمدارس الأهلية، والأحزاب السياسية، وإصدار الفتاوى؛ ما أكسبهم حضورًا وقدرة فائقة في التأثير على الرأي العام الإسرائيلي وصانعي القرار داخل المؤسسة الرسمية، رغم مظاهر العلمانية والنمط الغربي السائد في إسرائيل. ويستمد الحاخامات قوتهم من نصوص تشريعية توراتية رفعت مكانتهم، وأحاطتهم بالقداسة والعصمة، مما جعل لهم مكانة خاصة ومرموقة داخل المجتمع الإسرائيلي.
وينتشر الحاخامات في إسرائيل بكل مكان، ولا يقتصر وجودهم بمكان محدد، فهم موجودين في المدن والمؤسسات الرسمية والشعبية المختلفة؛ ويتركز وجودهم في دار الحاخامية الكبرى، ووزارة الشؤون الدينية، والأحزاب الدينية، والكيبوتس الديني؛ فلكل مدينة ومستوطنة حاخامها الخاص، ولكل حزب وطائفة دار حاخامية مصغرة؛ وهناك حاخام للمؤسسة العسكرية. وتبقى دار الحاخامية الكبرى هي الأبرز وتتكون من الحاخامين الأكبرين: الأول يمثل اليهود الغربيين (الأشكيناز)؛ والثاني يمثل اليهود الشرقيين (السفارديم)؛ مع وجود عشرة أعضاء مقسمين بالتساوي بينهما، ينتخبون كل خمس سنوات؛ بالإضافة إلى حاخامات ثلاث مدن رئيسية؛ والحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي.
أعضاء دار الحاخامية الكبرى
الحاخامان الأكبران |
||||
الحاخام الأكبر "الأشكناز" ورئيس المحكمة الحاخامية الكبرى |
الحاخام الأكبر "السفارديم" ورئيس مجلس الحاخامات الرئيسي |
|||
الحاخام ديفيد لاو |
الحاخام إسحق يوسف |
|||
حاخامات المدن |
||||
الحاخام شولو عمار |
الحاخام إسرائيل مئير لاو |
الحاخام يهودا درعي |
||
الحاخام الأكبر للجيش |
||||
العميد الركن الحاخام إيال كريم |
||||
حاخامات الأشكناز |
حاخامات السفارديم |
|||
الحاخام يعقوب شابيرا |
الحاخام شمعون التوف |
ودار الحاخامية هي المؤسسة والجسم الموكل اليه بتصريف أمور الأحوال الشخصية لليهود، وهي تتمتع بصلاحيات واسعة في الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق والإرث والطعام والختان والدفن وإقامة شعائر السبت، وتدريب القضاة في المحاكم الدينية، وتفسير القوانين اليهودية وتطبيقها وفق مقتضيات الظروف العصرية، وكان أول رئيس للحاخامية الحاخام الصهيوني إسحق كوك.
وترفض الحاخامية الخضوع للسلطات القضائية في إسرائيل كالمحكمة العليا، وتُسيطر على دار الحاخامية العناصر الأرثوذكسية التي قَبلت التعاون مع المؤسسة الصهيونية، أما اليهود المحافظون والإصلاحيون فهم غير مُمثَّلين فيها، والأصوليون الرافضون للدولة لا يخضعون ولا يعترفون بدار الحاخامية الرسمية.
ولا يتسم الحاخامات داخل إسرائيل بالتجانس الفكري، كما أنهم مختلفون في المرجعيات الدينية بشكل غير بسيط؛ ما يؤدي إلى اختلاف واضح بينهم في التوجهات الدينية. والمسافات بين الحاخامات واسعة، وتصل أحياناً إلى تبادل التهم بالفسق والجنون، والسرقة، والحماقة، وغيرها.
ولا شك بأن للحاخامات في إسرائيل تأثير قوي في عالم السياسة والمال والاجتماع، وحتى داخل الجيش؛ فالحاخامات في إسرائيل يمكنهم الـتأثير في الانتخابات البرلمانية بشكل كبير، وتشكيل الائتلاف الحكومي وتوجهات الأحزاب السياسية، من خلال سيطرتهم على العديد من الأحزاب مثل: شاس، ويهودوت هتوراة، والبيت اليهودي، عوتسما يهوديت والصهيونية الدينية وغيرها؛ وبإمكانهم من خلال هذه الأحزاب التأثير في القوانين داخل الكنيست من خلال طرحها أو التصويت عليها وفق ما يرغب الحاخامات، حسب سلسلة الفتاوى التي يصدرونها بهذا الخصوص؛ ويتبين ذلك عندما وأوعز الحاخام أهارون يهودا شطايمان للأحزاب الحريدية بعدم الانضمام لحكومة نتنياهو في أعقاب انسحاب حزبي "يوجد مستقبل" و"الحركة" منها؛ ما جعل حل البرلمان والتوجه لانتخابات جديدة، الحل الوحيد للأزمة التي عصفت بحكومة بنيامين نتنياهو، نهاية عام 2014.
وقد كشفت دراسة أعدها قسم العلوم الاجتماعية في جامعة "بار آيلان" الإسرائيلية، المعروفة بتوجهاتها الدينية، حول مدى انصياع المجندين المتدينين لأوامر الحاخامات، عن أن أكثر من 90% ممن يصفون أنفسهم بأنهم متدينون، يرون أنه لو تعارضت الخطوات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية مع رأي الحاخامات، فإن الأولى هو تطبيق رأي الحاخامات، وأكد أكثر من 95% من الجنود المتدينين أنه لا يمكنهم الانصياع لأوامر عسكرية تصدر لهم، دون أن تكون متسقة مع الفتاوي الدينية التي يصدرها الحاخامات والسلطات الدينية.
وبشكل عام يتخذ معظم قطاع الحاخامات في إسرائيل مواقف متصلبة تجاه الفلسطينيين، تصل حد التنافس فيما بينهم بإصدار فتاوى متطرفة وعنصرية، ومن هذه الفتاوى:
- صرح الحاخام (مئير مازوز)، أحد الحاخامات السفارديم (الشرقيين) البارزين في اوساط الحريديم (اليهود المتشددين)، عام 2023 خلال درسه الأسبوعي إن باروخ غولدشتاين الذي قتل عشرات من المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي في الخليل بأنه "منع خطرا كبيراً" وهو بطل وليس إرهابي.
- قرر الحاخام (زلمان ملميد) أن مصير (باراك) إلى جهنم، إذا انسحب من القدس أو الضفة الغربية، وأيد ذلك الحاخام (أبراهام شابيرا)؛ حيث أهدر دم كل سياسي إسرائيلي يدعو أو يعمل أو يؤيد الانسحاب من القدس وغزة وغيرهما؛ ولعن الحاخام (مردخاي إلياهو) من يفرط "بأرض إسرائيل"، واتهم (باراك) بخيانة الدين اليهودي؛ واعتبر أن من يقول بأن أجزاءً من أرض (إسرائيل) تعود للعرب يكفر بالله!
- أفتى الحاخام (دوف ليئور) حاخام "مستوطنة كريات" أربع المقامة على أراضي الخليل ومرجعية حزب "البيت اليهودي" بـ (أن من يتفاوض مع الوحوش (يقصد العرب)، خائن ونذل وجبان؛ وأنه يجب شن حرب مقدسة على دعاة الانسحاب من أرض إسرائيل) وأفتى كذلك "بـوجوب "تدمير غزة عن بكرة أبيها لتحقيق سلام إسرائيل". وأفتى أيضًا أن غولدشتاين مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي "أقدس من قُتل من اليهود في العهد الحديث".
- في عام 2000 أفتى عوفاديا يوسف (الحاخام الأكبر والأب الروحي لحزب "شاس")، دون أن يعترض عليه أحدٌ، أو يتهمه آخر بأنه عنصريٌ أو متطرف: أن العرب والفلسطينيين شرٌ مطلق، وأنهم يضرون ولا ينفعون؛ بل هم كالأفاعي السامة، يقتلون ويغدرون، ويؤذون ولا ينفعون، وأنه ينبغي على اليهود وضع الفلسطينيين في زجاجةٍ مغلقة، ليمنعوا شرهم، ويصدوا خطرهم، ثم ليموتوا خنقاً فيها. ووصف العرب الفلسطينيين بالصراصير التي يجب إبادتها؛ وأضاف في عام 2009 بأنهم "حمقى وأغبياء".
- أفتى حاخام يدعى "نيسيم مئوفيل" بضرورة اقتلاع أشجار الفلسطينيين، وتسميم الآبار التي يشربون منها؛ وأكمل الحاخام "شلومو ريتسكين" الفتوى السابقة بالدعوة إلى سرقة محاصيل الزيتون الفلسطينية.
- أفتى الحاخام إسحاق شابيرا (مدير إحدى المدارس الدينية اليهودية في الضفة الغربية) بقتل غير اليهود، رجالاً أو نساءً أو أطفالاً.
- أفتى الحاخام مردخاي إلياهو (زعيم التيار الديني الصهيوني)، وهو أهم مرجعيات الإفتاء في إسرائيل على الإطلاق- فتوى لا تُبيح فقط المس بالرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين؛ بل تدعو أيضًا إلى قتل "بهائمهم"؛ كما تنص الفتوى على وجوب قتل حتى الأطفال الرضع.
- الحاخام أبراهام شابيرا قال: "لا يوجد شيء اسمه المسجد الأقصى. إنّ هذه كذبة افتراها علينا العرب، وصدّقوا أنفسهم؛ وللأسف إنّ بعضاً منّا قد آمن لهم".
- افتى حاخام المدرسة الدينية فى مستوطنة "يتسهار" (يتسحاق جينزبورج) في عام 2014 قائلًا: "كل فلسطيني، صغير أو كبير، يشكل خطرًا على مستقبل إسرائيل؛ وينبغي قتلهم جميعًا بلا رحمة؛ ولا يجوز التفريق بين الرجال والنساء والأطفال؛ فكلهم عدو فعلي أو محتمل". وأضاف: "كل عربي حي هو خطر على وجود إسرائيل"، علما بأن وزارة التعليم الإسرائيلية منحت جائزة "التوراة والحكمة" للحاخام جينزبورج في آب 2019.
- أفتى الحاخام "شموئيل الياهو" الذي يعمل حاخامًا لمدينة صفد في آب 2017، في برنامجه الأسبوعي الذي يذاع على إذاعة "أمواج إسرائيل"، وهي إذاعة تابعة لليمين المتطرف، ومعروفة ببرامجها التحريضية ضد الفلسطينيين، وتبث من استوديوهاتها في مستوطنة "جفعات زئيف" في القدس المحتلة- بتحريم جلوس اليهود مع العرب على نفس الطاولة، وتناول اليهود الطعام والشراب مع العرب، داعيا إلى الابتعاد عنهم وعدم التعامل معهم أو تشغيلهم، وأفاد الحاخام شموئيل الياهو بأن الفلسطينيين وحوش وقتلهم والانتقام منهم فريضة دينية.
- افتى الحاخام أليعزر كشتئيل (رئيس أكاديمية بني ديفيد في إيلي) في عام 2019 لطلابه: "السادة هم اليهود والعبيد هم العرب؛ والأفضل بالنسبة لهم أن يكونوا عبيدًا لليهود؛ هناك شعوب في محيطنا لديها خلل وراثي؛ فالعربي يُحب أن يكون تحت الاحتلال؛ فهم لا يستطيعون إدارة الدول، وغير قادرين على فعل أي شيء؛ نحن نؤمن بنظرية التفوق العرقي".
- أفتى الحاخام شاؤول جولشميت الحاخام الأكبر لمدينة " كفار سابا " في 24 نيسان 2005 بعدم جواز أن يتبرع اليهودي بدمه لغير اليهودي. ورداً على استفسار أحد الأطباء اليهود المتدينين قال جولشميت أنه لا يتوجب بحال من الأحوال الموافقة على حصول الفلسطينيين الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية على الدم من اليهود على اعتبار أنه " لا يجوز المساواة بين الدم اليهودي وغير اليهودي بحال من الأحوال ".
أفتى حاخام صفد شموئيل إلياهو وهو عضو دار الحاخامية الكبرى ونجل الحاخام مردخاي إلياهو الذي شغل منصب كبير الحاخامات الشرقيين من عام 1983 إلى 1993، حسب صحيفة إسرائيل هيوم في 29 حزيران 2021 "لا تشتروا الفواكه والخضروات من العرب خلال مناسبة، شميتا، اشتروا هذه الخضروات والفواكه فقط مما يبيعه، ويستورده اليهود فقط" وشميتا، هي احتفالية تأتي كل سبع سنوات، وفي السنة السابعة، يحرُم فيها على اليهود زراعة أرضهم، لإراحتها سنة كاملة، وبالتالي يستهلكون ما يُنتج في مزارع غير اليهود فقط" وقَّع على هذه الفتوى الدينية، كلٌ من: الحاخام، حايم دروكمان، دوف ليئور، مردخاي شتنبرغ، وديفيد هاكوهين.
- أفتى الحاخام يهودا كرويزر مفتي جماعات الهيكل المزعوم، بوجوب تدنيس اليهود للمسجد الأقصى في يوم الخميس 29 تموز 2020 (يوم عرفة)، الذي يتزامن مع ما يسمى "خراب الهيكل"، حتى لو اضطروا للتخلي عن "فريضة" صيام ذلك اليوم.
حرض رئيس المعهد الديني التوراتي "ييشيفاة شيرات موشيه" في يافا، الحاخام إلياهو مالي بتاريخ 8/3/2024 طلابه الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، على ارتكاب مجازر ضد سكان غزة، معتبر أنه بموجب الشريعة اليهودية يجب قتل جميع سكان غزة، وعندما سُئل عن المسنين والأطفال، أجاب أن "الأمر نفسه" ينطبق عليهم". حيث شرعن الحاخام الياهو الإبادة الجماعية التي أرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة قائلاً: "القانون الأساسي في حرب دينية، وفي هذه الحالة في غزة، هو أنه ’لا تُبقوا أحدا مِنها حيًّا’. ومخربو اليوم هم الأطفال في العملية العسكرية السابقة الذين أبقيتهم على قيد الحياة. والنساء هن عملياً اللواتي ينتجن المخربين، لذا يجب قتل جميع سكان غزة".