الهجمة الإسرائيلية على القدس منذ مؤتمر أنابولس، وحدة دعم المفاوضات لشؤون القدس، 15/3/2009

تعمل السلطات الإسرائيلية على ترسيخ حقائق على الأرض لا يمكن تغييرها في مدينة القدس العربية المحتلة، وعلى فرض ظروف الحياة المتدنية للمقدسيين خصوصاً، وللفلسطينيين عامة.

وتهدف السلطات الإسرائيلية من هذه الإجراءات، حرمان الفلسطينيين من أي استقلال أو سيادة حقيقيين، والعمل على منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، واستباق أي عملية تفاوضية مستقبلية حول مدينة القدس العربية، بعزل المدينة واستيطانها حتى يستحيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وقد أعلنت السلطات الإسرائيلية بصورة واضحة، ومراراً، أن هدف سياستها في القدس العربية المحتلة، هو الحفاظ على الأغلبية الديموغرافية اليهودية في القدس بقطاعيها الشرقي والغربي. وأعلنت عن هذا الهدف للمرة الأولى بصورة رسمية في تقرير للجنة وزارية داخلية لفحص نسبة التنمية في القدس.

 وأوصى التقرير بوجوب الحفاظ على "التوازن الديموغرافي لليهود والعرب كما كان في نهاية العام 1972م، وكانت النسبة في ذلك الوقت هي 26.5%، فلسطينيا و73.5%، إسرائيلياً.

 ويلاحظ أنه بصرف النظر عن قدرة السلطات الإسرائيلية على التشريع وتطبيق السياسات العنصرية، إلا أن النظام الحالي للحفاظ على الأغلبية اليهودية، غير مستقر ولا يمكن الحفاظ عليه.

وبينت الوحدة، أن أرقام نمو السكان في العام 2007م، أشارت إلى أن نسبة نمو السكان الفلسطينيين هي 3.3% في السنة، بينما هي 1.2% في السنة لدى اليهود. ووصل عدد السكان الفلسطينيين في القدس في العام 2007م، إلى 260.000 نسمة أو 34% من مجموع  سكان المدينة.
 ومارست إسرائيل منذ احتلالها القدس، بصورة منتظمة، إجراءات تهدف إلى تقليص عدد السكان الفلسطينيين، ونقلهم إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، وتطبيق سياساتها المستهدفة تشريد السكان الفلسطينيين من القدس، ومن هذه الإجراءات، سياسة هدم المنازل التي وظفتها السلطات الإسرائيلية للحد من النمو السكاني الفلسطيني المتعاظم.

 كذلك استمرت في هدم المنازل الفلسطينية من أجل نزع الملكية من العائلات الفلسطينية وتغيير معالم القدس.
 ومنذ مؤتمر أنابوليس، في 28/ 11/ 2007م، هدمت جرافات الاحتلال نحو 102 منزل للمقدسيين، في منطقة بلدية القدس، وفقا للتعريف الإسرائيلي.

 ووفقا لمصادر إسرائيلية، فقد هدمت ما يسمى ببلدية القدس:

1- 94 منزلاً فلسطينياً في العام 2005م.
2- 83 منزلاً في العام 2006م.
3- 78 منزلاً في العام 2007م.
4- 87 منزلاً في العام 2008م.

وأشارت التقديرات إلى أنه تم تدمير ما مجموعه 3000 منزل، منذ العام 1967م، بما في ذلك العديد من المواقع التاريخية والدينية مثل تدمير حي المغاربة التاريخي في البلدة القديمة في القدس.
كما واصلت السلطات الإسرائيلية سياسة هدم المنازل في القدس، حيث يثبت ذلك مئات أوامر هدم المنازل قيد التنفيذ، بينها 88 منزلاً في حي البساتين في سلوان، و 55 منزلا في رأس خميس قي شعفاط، و32 منزلاً في حية الثوري. بالإضافة لمحاولة الاستيلاء على منازل الفلسطينيين في حي الشيخ، حيث سلمت السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء منزلي عائلتي غاوي وحنون للاستيلاء عليهما من قبل المجموعات الاستيطانية. وقد أدت سياسة هدم المنازل إلى تشريد آلاف الفلسطينيين من منازلهم، وساهمت في تهجيرهم من القدس المحتلة.
 
أسباب الأزمة السكنية في القدس:

إن الأزمة السكنية الخانقة التي يعيشها الإنسان الفلسطيني في أرض آبائه وأجداده في القدس، سببها الرئيسي هو القيود الإسرائيلية على البناء، والمساحة المحدودة التي تسمح سلطات الاحتلال، بالتنمية الفلسطينية. مما ولد ذلك أزمة ونقصا شديدا (مزمنا) في الإسكان على أرض مدينة القدس، ومستوى عالي من الاكتظاظ السكاني. إضافة إلى تدفق الفلسطينيين إلى مدينتهم القدس، من أجل الحفاظ على حقوق إقامتهم، مما جعل الإكتظاظ معضلة رئيسية في كثير من الأحياء الفلسطينية في القدس.

فقد كان معدل الاكتظاظ السكاني للغرفة الواحدة في العام 2007م، ضعفي ما هو عليه لدى المستوطنين، وما زالت المشكلة تتفاقم، ويعيش المستوطنون البالغ عددهم 185.000 مستوطن، في 55.000 وحدة سكنية في القدس المحتلة، بينما يرغم أهل القدس الفلسطينيين البالغ عددهم 260.000 فلسطيني، على العيش في 40.000 وحدة سكنية فقط.

وهذا الاكتظاظ السكاني، يرغم الفلسطينيين في القدس على بناء مساكن لهم، دون تقديم ملف للحصول على ترخيص لما يسمى ببلدية القدس، فقد أشارت التقديرات الفلسطينية، أنه وفي السنوات الأخيرة أصدرت بلدية القدس الإسرائيلية رخص بناء ل 10% من الوحدات السكنية التي تم بنائها من قبل الفلسطينيين في القدس. وبلغ معدل مخالفات البلدية الإسرائيلية للبناء غير المرخص في القدس في السنة الواحدة أكثر من 25.5 مليون شيكل إسرائيلي، أو ما يعادل 6.5 مليون دولار أمريكي.

وفيما يتعلق بالمساحة، تبين أن السكان الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة يمثلون 58% من السكان، ويقطنون 10% من مساحة 72 كيلو متراً مربعاً في منطقة بلدية القدس وفقا للتعريف الإسرائيلي، مقارنة بالمستوطنين الذين يشكلون 42% من المجموع، ومع ذلك يحتلون 35% من نفس المساحة.

وكدليل على أثر هذه السياسات الإسرائيلية، وحسب جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي، كانت أعداد الفلسطينيين الذين غادروا القدس للعيش في مناطق أخرى من الضفة الغربية:
 1740 عام 2002م، و 139 في العام 2003م، و910 في العام 2004م، و920 في العام 2005م، و1150 في العام 2005م.

إن سعي سلطات الاحتلال إلى استباق نتائج المفاوضات، وتوطيد سيطرتها على البلدة القديمة، وعلى معظم أحياء مدينة القدس التي احتلتها عام 1967م، من خلال هدم المنازل، وتطبيق سياساتها الرامية إلى تشريد السكان الفلسطينيين من مدينتهم المقدسة، وتخفيض عدد السكان الفلسطينيين، ونقل سكانها إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، وبالتالي إحباط إمكانية أن تصبح القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، والتي من دونها سيكون حل الدولتين غير قابل للتطبيق.

المصدر:
وحدة دعم المفاوضات لشؤون القدس - دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير 15/3/2009م.