نتيجة لما تتعرض له المباني القديمة من إهمال وهدم، ونتيجة سياسة الاحتلال في تزوير حقائقها وأشكالها؛ ظهرت عدة مؤسسات تحاول توثيق بياناتها وترميمها وإعادة إحيائها، وتطويرها والحفاظ عليها؛ لما لها من أهمية تاريخية وتراثية، وجمالية؛ بهدف لفت الانتباه إلى أهميتها التاريخية والجمالية؛ فهي الشاهد الباقي على الحق الفلسطيني، وعلى ما أحاط بشعب فلسطين من ظروف ونكبات وأهوال؛ وما مر به من فترات الازدهار وتعاقب الأقوام من فاتحة أو غازية؛ في أبجدية بدأها كنعان الذي كان أول من عمر هذه الأرض وبنى بيوته فيها، وحصنها بالقلاع والحصون، ومرورًا بعصور الغزاة الطامعين؛ وعصور الأبطال الفاتحين، وانتهاء بما نعيشه اليوم. فتصميم البيوت يعد دليلاً على النظام الاجتماعي، والاقتصادي، وأساليب العيش، وقد يستشف منه العديد من المعطيات لترتسم الصورة الحقيقية عن الفترات السابقة بكل أبعادها، لتشكل رسالة خالدة للأجيال القادمة.
فهذه المباني تثبت أصل الشعب الفلسطيني وأحقيته في أرضه، فإن لكل مكان أثري قديم في فلسطين حكايات قد تكون مؤسفة أو مشرفة؛ حكايات محزنة، وقد تدعو إلى الفخر.
وهناك العديد من عمليات الترميم التي أثارت العامل الجمالي والتاريخي للمكان، ومنها مشروع الترميم في البلدة القديمة في القدس، الذي قامت به "مؤسسة التعاون"، والذي شارك فيه أصحاب الممتلكات والمقيمين والمجتمع ككل.
وشمل المشروع ترميم أهم المعالم التاريخية والمعمارية في القدس، وهي التي كانت في حال سيئة نتيجة الإهمال وضعف البنية التحتية والتلوث والأضرار الناجمة عن الطبيعة والإنسان.
وركزت المؤسسة جهودها على المباني الواقعة في محيط الحرم الشريف، ومناطق مجاورة مثل: عقبة آل الخالدية، وباب حطة، التي تم وصفها على أنها مناطق مهددة، وأكثر احتياجا من غيرها للترميم.
فاستهدف الترميم المنازل السكنية والمعالم التاريخية، ابتداء من البنية التحتية حتى الزخارف المعمارية، وإعادة تأهيل كافة الخدمات الخاصة بها، ومنها "دار الأيتام الإسلامية" وهي من أهم المباني القديمة التي تم ترميمها، وقد استغرق الترميم أربع سنوات، وصرف عليه ما يقارب 3.5 مليون دولار، بالإضافة إلى أن المؤسسة عملت على توظيف المباني المهجورة منها مثل: تحويلها إلى مكاتب ومطاعم، ومراكز دراسات وغيرها.
كما حظيت عدة مواقع أخرى بعمليات الترميم، ومنها قصور عبد الهادي في قرية عرابة في جنين، والتي تعود إلى العهد الإقطاعي، حيث كان عبد الهادي قد بنى العديد من القصور الجميلة، والتي تعود إلى طراز البناء العثماني، وكانت هذه القصور قد عانت من الإهمال والتلف، وعملت "وكالة التنمية الأمريكية" على إعادة ترميمها، فأحالتها إلى تحفة أثرية تسر الناظرين.
أما مؤسسة "“رواق”" فقد عملت على تشجيع أهالي قرية الظاهرية على إعادة ترميم مبانيها القديمة؛ ما دفع بالأهالي إلى العودة للسكن فيها من جديد بهدف الحفاظ عليها وإعادة إحيائها.
كما أقامت مؤسسة “رواق” أيضا مشروعاً لإعادة إحياء البلدة القديمة في بيرزيت، عن طريق ترميم وإعادة استعمال المباني التاريخية بمشاركة سكان البلدة القديمة أنفسهم، إضافة إلى تحسين الساحات، والأماكن العامة والبنية التحتية، وتحسين مستوى الخدمات العامة والسياحية، علاوة على تشجيع الأنشطة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية بالإضافة إلى تحسين النسيج المعماري التقليدي للمنطقة التاريخية.
ولا يمكن أن ننسى الحديث عن دير القرنطل وهو دير منحوت بالصخر يقع في مدينة أريحا، ويتمتع بأهمية دينية وتاريخية وجمالية، ويؤدي إليه ممر شديد الانحدار. ويبلغ ارتفاع جبل القرنطل 350 مترًا فوق مستوى سطح البحر، وتم استخدام تلفريك ضمن مشروع "مجمع السلطان السياحي"، كي يسهل على الناس الوصول إليه.
كما عملت بلدية نابلس على ترميم خان الوكالة بمساعدة من مجموعة من اللجان الفنية التي تتكون من مهندسين، ومختصين ولجنة قيادية تضم بلدية نابلس والاتحاد الأوروبي والممول اليونسكو، وهي عبارة عن "لجنة الإسناد الفني" بالإضافة، إلى جامعة النجاح. وكان هذا المبنى قد بني على النمط العثماني، وهو يحتوي على مبان تعود للعصر المملوكي، وبعض الآثار التي تعود إلى العهد الروماني.
ويهدف المشروع إلى ترميم الموقع من جديد، وإعادة استخدامه كمبنى تجاري ومدارس للتدريب الميداني.
ويقوم مركز حفظ التراث في بيت لحم على اختيار المناطق الأثرية والتاريخية القديمة التي تحتاج الى ترميم وتعمل على توثيق وتصنيف موارد التراث الثقافي، وإعداد برامج لإعادة الصيانة، وتقديم برامج تدريبية في مجال الحفاظ على التراث وتدريب خاص للحرفين الذين يعملون في الميدان ومن هذه المواقع الأثرية المهمة التي خضعت للترميم مشروع ديوان ال عودة في قرية المعصرة غرب مدينة بيت لحم بدعم من الوكالة السويدية الدولية (سيدا).
بالإضافة إلى مشروع تأهيل البلدة القديمة بيت فجار بدعم من "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي".
كما تعمل لجنة إعمار الخليل على ترميم البلدة القديمة، والحفاظ عليها وتوجيه الضوء إليها كمركز اقتصادي وسياحي واجتماعي مهم، عن طريق ترميم الجدران والمحلات التجارية، وتوثيق التراث والمباني الأثرية فيها، وتوعية السكان بأهمية الحفاظ عليها.
كما وقعت بلدية رام الله اتفاقية مع “رواق”؛ تهدف إلى ترميم وتأهيل البلدة القديمة في رام الله، والتي تعتبر تاريخا يواكب الأجيال وموروثا حضاريا يدل على أصالة المدينة، فتعمل على تأهيل البنية التحتية للبلدة القديمة، بهدف تزويد سكانها بجميع الخدمات الضرورية ضمن مقاييس تضمن نمط حياة مريح وسهل، بالإضافة إلى جلب انتباه المؤسسات الأهلية لفتح مكاتب لها في البلدة القديمة.
وهناك العديد من المناطق التي حصلت على ترميم واهتمام مثل: قرية بروقين غرب مدينة سلفيت، وقرية ياصيد التي تحتوي على 139 مبنى قديمًا، وغيرها؛ الأمر الذي ساعد على إثارة الجمال المعماري والتاريخي القديم، ولفت الانتباه إلى أهميته من جديد.