الفن المعماري في فلسطين وطرق المحافظة عليه

إن الفن المعماري الفلسطيني يعبر عن الهوية الفلسطينية ويعبر عن تاريخ حضاري مثبت على أرض الواقع.  وتزخر كافة المدن والبلدات والقرى الفلسطينية بكم هائل من المواقع الأثرية، والتاريخية، التي ينبغي توفير ميزانية كافية لإعادة ترميمها وحمايتها؛  لتظل قوية جميلة تعبر عن إرادة المجتمع بتمسكه بتاريخه، ولتظل شاهدةً على هوية هذا الوطن.

وتتميز فلسطين بوجود معالم تراثية ذات أهمية دينية وسياسية؛ فأرض القدس تضم المسجد الأقصى الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وكنيسة القيامة، ذات الأهمية العظيمة عند المسيحيين؛ وأرض بيت لحم تضم كنيسة المهد التي أقيمت على مكان ولادة السيد المسيح عليه السلام؛ ما أعطى فلسطين أهمية دينية وسياسية، وقفت سدًا منيعًا حال دون  نجاح محاولات إسرائيل طمس وتحريف هذه المعالم التراثية، لتبقى شامخة تحكي تاريخ فلسطين الحقيقي.

ومن المهم التطرق إلى الفن المعماري الفلسطيني ولفت الانتباه إليه، فلقد كان للفن المعماري الفلسطيني عبر العصور الوسطى تأثير كبير على أوروبا، فقد عمل الأوروبيون على جمع كل ما يستطيعون جمعه من مخطوطات عربية للاستفادة منها، وقد أتاحت الحروب الصليبية على بلاد الشام وفلسطين فرصة انتقال الحضارة العربية الإسلامية إلى غرب أوروبا بطرق مختلفة؛ فنقل الأوروبيون إلى بلادهم أساسيات الفن المعماري وأبنية التراث، والتحف، وغيرها.

بنى أهل فلسطين القلاع والحصون نتيجة الحروب والغزوات والصراعات المدمرة التي عاشتها المنطقة خلال القرون السابقة؛ كما بنوا والمساجد والكنائس والمقابر ودور العبادة، والأسواق التجارية. ومن هذه المعالم ما تلف أو دمر؛ ومنها ما هو باق حتى الآن.

وتميزت هذه المباني بالجمال الداخلي والخارجي؛ فمسجد قبة الصخرة المشرفة مثلاً، يظهر وكأنه جوهرة بديعة؛ إذ يتميز بقبته الذهبية وهندسة بنائه وجمال نقوشه؛ ما يعكس المهارة التي تميز بها الفنان المعماري الإسلامي؛ فقد تفنن في وضع الزخارف الفنية على جدرانه الخارجية والداخلية، وأظهر حذاقة منقطعة النظير في استخدام الألوان، واختيار الزجاج المشع في النوافذ لترسل أضواء هادئة تنفذ إلى القلب وتوحي بالخشوع.

وقد بقيت المباني الأثرية في فلسطين شديدة الجمال رغم ما تتعرض له من اعتداءات سلطات الاحتلال ومستوطنيه، ورغم إهمال الأهالي؛ ونظرًا لكثرة المباني التاريخية وجمالها وعظم أهميتها؛ وجب اتّباع عدة أمور للحفاظ عليها، والإسراع بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإهمال والاعتداء وعوامل الطبيعة والمناخ، ومن ذلك:

1. إعادة تأهيل المنشآت التراثية وتطويرها بجلب الطواقم المؤهلة، لتنفيذ أعمال الصيانة والترميم بصورة دورية.

2. إقامة ورش عمل للتنبيه إلى أهمية التراث، وضرورة حمايته وأهمية تطويره، والاستفادة من التراث المعماري اقتصاديًا.

3. التركيز على أهمية التأهيل الهندسي للأبنية التالفة.

4. توثيق التراث وحفظه بطريق ملائمة.

5. إنشاء إدارة ذات كفاءة تتمتع بخبرة علمية وتاريخية عالية؛ لتوفير بيانات كاملة عن كل منشآت التراث ونشرها، لتوعية الجماهير والسياح القادمين إلى الأماكن التراثية من كافة أرجاء العالم؛ حيث يوجد في فلسطين حوالي 2571 موقعًا إسلاميًا بما فيها أوقافها ومقدساتها.