طولكرم

طولكرم

المدينة عبر التاريخ:

لا يوجد تاريخ محدد لبدايات المدينة، إذ أن ما عثر عليه من آثار حتى الآن، يثبت أن المدينة كانت قائمة إبان حكم الرومان لبلاد الشام في القرن الثالث الميلادي، وتشير المصادر التاريخية الإسلامية إلى أن الكنعانيين كانوا يسكنون المدينة قبل ذلك التاريخ. ويستدل على ذلك من كتابات الفراعنة.

أقدم تاريخ لمدينة طولكرم يعود إلى العصر الروماني، وبالتحديد إلى القرن الثالث الميلادي، وقد عرفت آنذاك باسم بيرات سوريقا وتعني "بئر كرم مختار".

وتشير كثير من المصادر التاريخية إلى قدم المدينة، الذي يرجعه بعضها إلى زمن الكنعانيين، ويستدل على ذلك من خلال ما عثر عليه من آثار في القرى المجاورة لها، مثل قرى: جت كرمل، مجدليون، جلجال وغيرها من المدن والقرى التي لا زالت تحتفظ بأسمائها القديمة مع شيء من التحريف.

كانت طولكرم قرية صغيرة مساحةً وسكاناً حتى ثلاثينات هذا القرن، علماً بأن اتخاذها عاصمة لقضاء بني صعب عام 1892 من العثمانيين قد أسهم في رفع شأنها وتطورها.

عاشت مدينة طولكرم تاريخها الإسلامي المبكر بعد عام 636 هـ. وقد تم العثور على شواهد أثرية كثيرة تعود للفترة الأموية في ضاحية ارتاح جنوب المدينة. وقد بقيت طولكرم تعرف باسم (طور كرم)، وفي الفترة المملوكية أقطع _السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (636هـ، 1265م) طولكرم مناصفة بين قائدين من قواده: الأمير بدر الدين بيلبك الخزندار، والأمير بدر الدين بيسري الشمسي الصالحي.

في الفترة العثمانية ظلّت طولكرم تتبع في إدارتها مدينة نابلس حتى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أحدث العثمانيون قضاءً جديدًا في شمال فلسطين عرف باسم قضاء بني صعب، وجعلوا طولكرم عاصمة له. وكانت مقراً للجيش العثماني الثامن خلال الحرب العالمية الأولى، حيث عظم شأن المدينة، واتخذت المدينة كعاصمة للقضاء والقرى المحيطة؛ فكانت المدينة مركزًا للدوائر الحكومية والجيش والشرطة، ولتخليص المعاملات الرسمية، ومركزًا للأمن والقضاء في المنطقة، وسوقاً تجارياً رئيسياً، وفيه محطة قطار تنقل المسافرين لمناطق مختلفة من العالم، وهي سكة حديد الحجاز. ولا زالت المدينة تحتفظ بالكثير من البنايات الأثرية التي تعود لهذه الفترة، ومنها سوق المدينة القديم ـ والمعروف بسوق الذهب ـ الذي يتميز بمبانيه الأثرية العثمانية، وكذلك مبنى السرايا (دار الحكومة)، ومبنى القائم مقام والذي شغل في آخر أيام الدولة العثمانية مقراً للبرق والبريد.

عظم شأن المدينة عندما جعلها العثمانيون عاصمة لقضاء بني صعب، فأخذ ينزح إليها الناس من نابلس والقرى المجاورة، وذلك حسب ما تدعو إليه مصالحهم وأعمالهم.

وعند قيام البريطانيين بهجومهم على الساحل الفلسطيني سقطت طولكرم بأيدي القوات البريطانية في العشرين من أيلول عام 1918م. وازداد عدد سكان المدينة خلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، حيث ارتفع عدد سكانها من (3349) نسمة عام 1922م إلى (5368) نسمة يسكنون 960 بيتا عام 1931، والى (8090) نسمة عام 1945م.

 ويعود السبب التزايد السكاني في المدينة إلى الزيادة الطبيعية للسكان، والى الهجرة إلى المدينة من القرى المجاورة، بسبب توفر فرص العمل والخدمات المختلفة كالماء والتعليم. ومما زاد في أهمية المدينة التجارية؛ إنشاء سوق يوم السبت، حيث يجتمع فيه القرويون لبيع منتجاتهم وشراء حاجياتهم؛ فازداد عدد سكانها وكثرت مخازنها، وارتفعت أجور مساكنها، ما شجع البعض على إقامة الأبنية الجديدة لاستثمارها، وبدأت تدب فيها الحركة العمرانية فبنيت بيوتها من الحجر الأبيض وسقف بعضها بالقرميد، وزودت بالمياه والكهرباء، وشيد فيها العديد من المدارس والمنشآت العامة.

كما ساعد أيضا مرور خط سكة الحديد المتجه إلى الساحل غربا ونحو الداخل وسوريا شرقا على نمو المدينة وتطورها، إلى أن حدثت الحرب على فلسطين عام 1948م، حيث صاحب ذلك هجرة قسرية لآلاف الفلسطينيين من القرى والمدن المجاورة، (خصوصا من ذلك الجزء من قضاء طولكرم الذي اغتصبه الصهاينة ) إلى مدينة طولكرم والاستقرار فيها، وقد أقام قسم منهم في مخيم نور شمس المجاور واستمرت المدينة في النمو السكاني والعمراني إلى أن احتلها الصهاينة عام 1967 م، إذ أدى ذلك إلى (هجرة) ربع سكانها إلى الضفة الشرقية، ومع ذلك استقبلت المدينة مهاجرين من قرى مجاورة لها.

وفي عام 1948م اقتطعت معظم الأراضي السهلية الواقعة للغرب من المدينة من جانب الاحتلال الإسرائيلي الجديد، وقد عاشت المدينة بعد هذا التاريخ فترة من الوصاية العربية الأردنية حتى عام1967م.

وفي عام1967م وقعت حرب السادس من حزيران، حيث خضعت المدينة للاحتلال الإسرائيلي الذي عانت منه مدينة طولكرم مثل باقي مناطق الضفة الغربية سواء بزرع المستوطنات اليهودية، أو بسياسة مصادرة الأراضي على غير وجه شرعي، إضافة إلى غيرها من الإجراءات المجحفة بحق شعبنا الفلسطيني.

وفي عام1995م انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلية، ودخلت المدينة تحت ظل السلطة الوطنية الفلسطينية التي بدأت بسياسة جديدة للنهوض بمرافق المدينة المختلفة، وتأهيل مؤسساتها تدريجياً بمختلف النواحي.

الموقع والتسمية:

تقع مدينة طولكرم في الوسط الغربي من فلسطين الطبيعية، في شمال الضفة الغربية، وهي بذلك تتميز بموقعها على الحد الفاصل بين الطبيعة السهلية الساحلية الخصبة الواقعة غرب المدينة، والأراضي الجبلية التي تمتد للشرق من المدينة، وتبعد "15" كم عن شاطئ البحر المتوسط وعلى ارتفاع يتراوح بين "65-125" متراً من سطح البحر، وعلى خط العرض الجغرافي9-532 شمال خط الاستواء، وخط الطول الجغرافي1- 535 شرقي خط غرينتش، وهي تمثل إحدى مدن المثلث (طولكرم- نابلس – جنين) الذي عُرف بمثلث الرعب؛ لبلاء أهله في الجهاد ضد المستعمرين والأجانب أثناء الثورة الفلسطينية في عام 1936.

تعددت التفسيرات لأصل تسمية طولكرم، وقد تكون كلها صحيحة حسب المراحل التاريخية التي مرت بالمدينة، وهي كالتالي: بيرات سوريقا تعني بئر كرم في عصر الرومان،  وطور- كرم  والطور هو الجبل أو ما كان على حد الشيء، والكرمة هي شجرة العنب وحرف هذا الاسم إلى طولكرم "تل- كرمتة العنب" كما سمّاها الكنعانيون في العصر البرونزي المتقدم والمتوسط، وسميت طور كرم في العصر الأموي، ومعناها جبل العنب  ثم حرّفت إلى طولكرم.

المساحة وعدد السكان:

خسرت المدينة مساحات كبيرة من أراضيها وأراضي القرى التابعة لقضائها. نتيجة لسيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على القسم الغربي من قضاء طولكرم، والذي تضمن (34) قرية وخربة و(16) مضربا لبعض عشائر البدو.

وتعتبر الفترة من 1945 إلى 1967 فترة نمو وتوسع في رقعة المدينة المساحية وحجمها السكاني، بلغت مساحة المدينة في أول مخطط هيكلي لها في العام 1945 (3725 دونمًا)، وبلغت مساحة الأراضي التي تقع ضمن الحدود التنظيمية للمدينة حتى العام 1998، (10255دونمًا)، حيث أضيفت مناطق جديدة الى حدود بلدية طولكرم، وضمن مخطط هيكلي تم إعداده حالياً بمساحة (14.000) دونم.

عدد سكان مدينة طولكرم حسب السنة

السنة

عدد السكان

1904

1984

1922

3349

1931

4827

1945

8090

1961

20688

1966

22000

1967

15177

1981

30000

1997

33921

2007

51300

2017

64532

 

أبرز المواقع السياحية والأثرية:

السرايا العثمانية

أنشئ مبنى السرايا في طولكرم سنة 1893م في نهاية الحكم العثماني لفلسطين، وكان مقراً إداريا لدوائر الحكومة العثمانية بالإضافة إلى مقر بلدية طولكرم بعد أن اعتبرت المدينة مركزا لقضاء صعب سنة 1886 م.

ويعلو مدخل المبنى نقش مكون من عدة أبيات شعرية تؤرخ للمبنى، تبين أنه بني في عهد السلطان عبد الحمبد الثاني، في عهد والي بيروت خالد بابان، ويذكر البيت الثالث من النقش حسين واسم والي قضاء نابلس واسم أول مؤسس للمقامات في طولكرم صالح الركابي، زما زال المبنى يستخدم منذ ذلك العهد.

في الحرب العالمية الأولى استخدم كمقر للجيش العثماني، وفي عهد الأنتداب البريطاني استخدم مكتباً إدارياً ومعتقلاً ومركزاً ثقافياً. في عام 1946 أصبح المبنى ملكاً لبلدية طولكرم عندما اشترته من الحكومة البريطانية بمبلغ 5000 جنيه فلسطيني؛ وبعد النكبة، وخلال الحكم الأردني استخدم المبنى مدرسة للاجئين، بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، استخدم الطابق العلوي من المبنى في البداية مقرًا لأجهزة الأمن، والطابق الأرضي مقراً لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومركزاً لشرطة المدينة، في العام 2009 تم تجديد المبنى وإعادة تهيئته لاستخدام الطابق العلوي كنزل وبيت ضيافة، والطابق الأرضي كسوق، ومركز معلومات سياحية، وقاعة اجتماعات وندوات.

مقام بنات يعقوب

يقع في ضاحية ارتاح مكون من غرفتين واسعتين عليهما قباب، مبني من حجارة منقوشة وفي محيط المقام بقايا رومانية منها أعمدة وصهريج وبئر قديم وبقايا معصرة عنب، وكان قديما يحتفل بموسم النبي يعقوب في هذا المكان حيث يفد الناس من طولكرم والقرى المجاوره لزيارة المقام.

ويوجد في البلدات والقرى التابعة لمدينة طولكرم العديد من المواقع التاريخية والدينية ومن أبرزها:

قلعة البرقاوي (شوفة)

تقع قلعة البرقاوي الأثرية في قرية شوفة على بعد 3كم جنوب شرق مدينة طولكرم، في منطقة مرتفعة وسط القرية؛ وتعد من أبرز القلاع والمعالم الأثرية التي تحمل عراقة وأصالة التاريخ في المنطقة. وتتربع قلعة البرقاوي على بقعة أثرية يعود تاريخها للفترتين الرومانية والبيزنطية؛ ويوجد فيها سراديب وأنفاق متصلة مع بعضها البعض محفورة في باطن الصخر، تمتد لمسافات بعيدة.

وتتألف قلعة البرقاوي من تسوية سفلية شرقًا فيها عدد من الغرف والمشاغل والمخازن والآبار؛ يعلوها طابقان وساحات مع غرف تزيد على 25 غرفة، معظمها من الحجم الكبير. ويضم المبنى أيضًا مرابط خيل داخل واجهات الحجر، وإيوان، وغرفة للعبيد، ومعصرة زيتون، وأدراج حجرية؛ بها طرقات وشبابيك صغيرة. أسقف القلعة تزينها قباب مختلفة الأحجام.

تنسب هذه القلعة لآل البرقاوي الذين اتخذوا من منها مقرًا لحكمهم ومشيختهم في الفترة العثمانية على مر السنين.  ومن الشخصيات التاريخية التي ورد اسمها في الوثائق الخطية وكانت تقيم في قلعة البرقاوي: الشيخ ناصر البرقاوي، والمتوفى سنة 1186هـ وقبره لا يزال بقرب القلعة من الجهة الجنوبية؛ وابن اخيه (الشيخ خليل)، والشيخ عيسى البرقاوي.

قلعة البرقاوي (ذنابة)

تقع قلعة البرقاوي الأثرية على مرتفع وسط قرية ذنابة. كانت القلعة محاطة بسور يحيط بها (18 دونمًا) ولها بوابة ضخمة.  تحتوي على بيوت حجرية كبيرة، بناها الشيخ عيسى البرّقاوي في القرن التاسع عشر، (حسب نقش كان موجودا على القلعة) بدعم من زوج أخته (الظاهر عمر الزيداني).

قلعة البرقاوي (كفر اللبد)​

تقع قلعة البرقاوي الأثرية على مرتفع وسط قرية كفر اللبد شرق مدينة طولكرم، أنشأت في الفترة العثمانية بواسطة الشيخ عيسى البرقاوي، وتبلغ مساحتها نحو 968م2، وتحتوي على ساحة سماوية بمساحة 490م2، تضم هذه القلعة مجموعة من الغرف والملحقات وآبار ماء وسطبلات للخيول.

رممت هذه القلعة بواسطة وزارة السياحة والاثار الفلسطينية وبالتعاون مع مؤسسة رواق، وتم افتتاحها عام 2011، تستخدم حاليا كمكان تراثي يتوافده الناس والسياح من كل مكان.

النفق العثماني (خرق بلعا)

يقع إلى الشرق من بلدة بلعا داخل جبل راشين، بني النفق في الفترة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي حكم ما بين الفترة (1876 – 1909)،  كجزء من سكة الحديد في بداية القرن العشرين.

قصور آل الجيوسي (كور)

تحتوي قرية كور جنوب شرق طولكرم على 11 قصراً تعود للعهد العثماني، شيدها آخر مشايخ آل جيوسي (يوسف الواكد) لأبنائه، وكل قصر يقع بمكان مستقل بمداخلة وأسواره ومضافاته.