اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب

في السابع والعشرين من آب/أغسطس من كل عام، يتجدد المشهد الوطني الفلسطيني في كل مدن ومحافظات الوطن، حيث تنظم جماهير الشعب الفلسطيني اعتصامات وفعاليات جماهيرية كبرى أمام مقار اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في إطار إحياء "اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب"، الذي أقرّه مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 3 آب/أغسطس 2008، ليصبح مناسبة سنوية لتجديد العهد مع الشهداء وحمل رسالتهم، والتأكيد على حق ذويهم في استرداد جثامينهم ومواراتهم الثرى.

وتتولى الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء قيادة هذه الفعاليات التي تحظى بمشاركة واسعة من ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم في "مقابر الأرقام" أو ثلاجات الاحتلال، إلى جانب عائلات المفقودين الذين ما يزال مصير أبنائهم مجهولاً. كما تنخرط في هذه الفعاليات مختلف القوى والفصائل الوطنية والإسلامية، والمؤسسات الرسمية، والجمعيات الحقوقية والإنسانية، والمنظمات الدولية، إلى جانب شخصيات وطنية واعتبارية، في مشهد يعكس وحدة الشعب الفلسطيني وإصراره على تحويل هذه القضية إلى ملف وطني جامع، لا يقبل المساومة أو التناسي.

ويكتسب هذا اليوم بعداً قانونياً وإنسانياً عميقاً، إذ يسلط الضوء على واحدة من أبشع الممارسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثلة في احتجاز جثامين الشهداء والمفقودين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. فالاحتلال يواصل احتجاز مئات الجثامين في مقابر الأرقام أو الثلاجات، في محاولة لمعاقبة عائلات الشهداء وحرمانهم من حقهم الطبيعي والشرعي والإنساني في وداع أبنائهم ودفنهم وفقاً للتقاليد الدينية والاجتماعية.

إن هذه الممارسات تشكّل خرقاً فاضحاً لأحكام معاهدة لاهاي لعام 1907 التي تناولت قوانين وأعراف الحرب، كما أنها تنتهك اتفاقية جنيف الأولى (المادتين 15 و17) التي تلزم الدولة المحتلة بجمع جثامين ضحايا النزاعات المسلحة وتسهيل دفنهم بشكل كريم يحفظ كرامتهم الإنسانية وفق معتقداتهم الدينية. وبذلك، فإن استمرار إسرائيل في هذه السياسة يُعد جريمة حرب موصوفة وجزءاً من منظومة العقوبات الجماعية التي تفرضها على الشعب الفلسطيني.

فإن استرداد جثامين الشهداء ليس مجرد مطلب إنساني، بل هو معركة أخلاقية وقانونية ووطنية، تتجسد فيها قيم الوفاء للشهداء، وتختبر مصداقية المنظومة الدولية في إنفاذ القانون الدولي والمواثيق الإنسانية. ويؤكد الفلسطينيون في هذا اليوم أن نضالهم من أجل الحرية والاستقلال يظل متكاملاً، لا ينتهي برحيل الشهداء، بل يستمر حتى إحقاق كل حق وإنهاء الاحتلال.