تأسست فرقة صمود للدبكة والتراث الشعبي الفلسطيني في عام 1988 في بلدة بير زيت. تبلورت فكرة تأسيس الفرقة بمبادرة شبابية بحته اخذت على عاتقها حمل رسالة استنطاق البعد الفني للتراث الشعبي الفلسطيني والمحافظة عليه. التراث الذي تتشكل في طياته تفاصيل الهوية الفلسطينية التي سعى الاحتلال ولا يزال يسعى جاهدا لطمسها ليؤكد خرافته القائلة بان فلسطين الجغرافيا هي ارض بلا شعب.
ان مبادرة التأسيس كانت واحدة من افرازات الانتفاضة الاولى في عام 1987، والتي استطاعت بجهود عناصرها المركبة والمتراكمة ان تتحول الى محرك رئيسي لها في منطقة رام الله تحديدا وفي فلسطين عامة. وعلى أية حال فإن إحياء التراث والرقص الشعبي في المجتمع الفلسطيني في ظل الاحتلال يعتبر تحدي كبير وخطير قدمته الفرقة احسن تقديم، وقد قامت قوات الاحتلال بمنع السفر واعتقال أعضاء الفرقة، وكذلك بسن قوانين تعيق أعمال هذه الفرقة، وعلى الرغم من هذه المحاولات فإن الفرقة نجحت في تقديم أعمال رائدة مما جعلها تنال إعجاب وتقدير الفلسطينيين والعرب والعالم عند مشاهدة عروضها وسماع اغانيها.
شاركت الفرقة في العديد من المهرجانات التراثية المحلية ومثلت فلسطين في العديد من المهرجانات الدولية خير تمثيل، حيث كان محتوى عروضها ولوحاتها التراثية يحاكي باخلاص ودقة الحالة السياسية والاجتماعية والفكرية السائدة في تلك المرحلة.
استوحت الفرقة محتوى هذا المشروع من الحالة السياسية التي كانت سائدة في السنوات الاولى من الانتفاضة، حيث كان الصمود في وجه العدوان الاسرائيلي هو عنوان الفترة. تشابكت الايدي وصدحت الحناجر وتوحدت الجهود لحمل رسالة الصمود والتصدي ولاقى هذا المحتوى اعجاب ومؤازرة الشارع الفلسطيني.
كانت فرحة الشارع الفلسطيني في هذا العام كبيرة بعودة الالاف الفلسطينيين المهجرين الى ارض الوطن، وشكلت دافع ومحرك الى انتاج مشروع يحاكي هذه الحالة فكان مشروع جسر العودة هو التعبير الارقى لها.
ان مبدأ المحافطة على تراثنا الوطني الفلسطيني من الضياع والسرقة ظل الهاجس الاول عند كتابة واخراج اية لوحات ونصوص فلكورية، فقد قامت الفرقة بجمع المادة الفولكلورية المقدمة في هذا العرض من عدة قرى فلسطينية وقدمت العديد من الأغاني والرقصات التراثية الفلسطينية، وحاز هذا العرض على اعجاب الجماهير.
معيقات المسيرة:
لقد كان الدافع الرئيسي لإنشاء فرقة صمود للدبكة والتراث الشعبي الفلسطيني هو الدرجة العالية من الوعي بأهمية تراثنا وفنونه الشعبية والذي يعتبر الدعامة الرئيسية في المحافظة على الهوية الفلسطينية، ولكن وبالرغم من عدم ابتعادها عن الأصالة إلا إنها وللاسف لم يكتب لها البقاء لأنها لم تبن على أسس مؤسساتية سليمة ولذا غابت هذه الفرقة عن الساحة في عام 1996 بعد أن وصلت الى قمة الأداء الفني.
برغم كل المعيقات والتحديات التي واجهت الفرقة وكانت سببا في انقطاع ادائها لفترة ليست ببسيطة الا ان انتماء عناصرها لتاريخها وارثها الفني والذي يشكل العنصر الاستراتيجي الاهم لعملية اعادة التخطيط لا زال حاضرا وبقوة، فمجرد ان وجهت الفرقة الدعوة لهم بالحضور لبحث سبل اعادة احياء الفرقة لم يتخلف احداً ايمانا منهم بضرورة حمل رسالتهم على اكتافهم من جديد.
اجتمعوا ووجدوا ان تحديات المرحلة الحالية تحتم عليهم تبنى منحى جديد في حمل الرسالة، وان انتمائهم وولائهم لتاريخ الفرقة الزاخر يجب ان يوظف بالشكل الصحيح من اجل ضمان الاستمرارية لتحقيق الحلم الذي طالما انتظروا تحقيقه. وقرروا ان الفكر المؤسساتي يجب ان يكون فلسفة الفرقة في المرحلة المقبلة. وان عملية التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة هي السبيل الامثل لقيادة مسيرتها الجديدة وتوجيهها الى الطريق الصحيح الواضح من اجل تجنب المخاطر المتعددة والمتواجدة أصلا بشكل كبير في البيئة الفلسطينية،