تتوالى جرائم الإبادة فصولاً دموية، حتى تشمل كافة قطاعات الحياة في غزة دون استثناء، فهنالك كارثة وجريمة إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ليُحدث بذلك كارثة إنسانية، وصحية، وتعليمية، وغذائية، ومعيشية. ومن دون رادع يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة بصورة مهولة وسريعة الدمار وشديدة الفتك، متضمناً أبشع الجرائم والانتهاكات بكافة الأسلحة جواً وبراً وبحراً، وقد كان قطاع التعليم أحد القطاعات الرئيسة المستهدفة، إذ لم يتوجه قرابة ستمئة ألف طالب/ة إلى مدارسهم منذ بدء العدوان.
وفي هذا الإطار؛ اعتبرت وزارة التربية والتعليم في بيان لها أن استهداف قطاع التعليم شمل فئات عدة، بدءاً بالطلبة المندرجين في إطار الأطفال ضمن التعريفات المعتمدة في المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، مشيرةً إلى أن أكثر من 2000 طالب/ة استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، والاف الجرحى، وعلى مدار الساعة ترتفع حصيلة الشهداء الأطفال في غزة وتتصاعد الأرقام بصورة مهولة.
وأشارت الوزارة إلى أنه وفقاً للتحديثات في الساعات الأخيرة تجاوز عدد من ارتقى من المعلمين والكوادر التعليمية 100 شهيد/ة، علاوة على تدمير البنية التحتية في مدارس ومقرات تعليمية؛ حيث بلغ عدد المدارس التي تأثرت وتعرضت للضرر حتى الآن قرابة 240 مدرسة، في حين ان حوالي 60 مدرسة تدمرت وخرجت عن الخدمة بشكل كلي إثر تعرضها للقصف.
وما هو جدير بالذكر بان المدارس في قطاع غزة تحولت جراء العدوان الى مراكز إيواء للنازحين الفارين من القصف الإسرائيلي شديد الفتك والتدمير، ومع ذلك لم يراعي جيش الاحتلال الإسرائيلي حرمة المدارس ولم يشفع للأطفال النازحين بداخلها طفولتهم كي تحميهم من القصف، وبصورة شديدة الترويع ومنعدمة كلياً من أية معاني إنسانية قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف العديد من المدارس فوق رؤوس النازحين والعائلات والأطفال العزل ما أدى الى ارتقاء المئات من الشهداء والجرحى، فقد تم قصف مدرسة أسامة بن زيد بمنطقة الصفطاوي شمال قطاع غزة وارتكاب مجزرة حقيقية بحق النازحين هناك، كما وقُصفت مدرسة تابعة للأونروا في مخيم المغازي للاجئين بالمنطقة الوسطى بغزة، وتم قصف منطقة قرب مدرسة أحمد عبد العزيز التي تأوي نازحين في منطقة الحاووز بمخيم خان يونس جنوب القطاع، ما أوقع شهداء وجرحى، كما وتم قصف مدرسة الفاخورة في مخيم جباليا للاجئين التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) التي تعرضت للقصف وإحداث مجزرة حقيقية بحق النازحين القطانين بالمدرسة، علماً بأن مدرسة الفاخورة هي من أكبر مراكز الإيواء للنازحين في قطاع غزة. وغيرها العديد من المدارس التي تعرضت للقصف والضرر جراء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي هذا السياق تدرك وزارة التربية والتعليم أن الأمر تجاوز ما ترصده الصور والمشاهد رغم فظاعة ما توثقه، ومن هنا تحذر الوزارة من الآثار والتداعيات الكامنة وراء هذه الانتهاكات التي تستهدف الطلبة والمدارس التي تحول عدد منها إلى مراكز إيواء للنازحين المدنيين، مطالبة المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية والمدافعة عن الطفولة والتعليم لتحمل مسؤولياتها إزاء الوضع الراهن، والعمل على وضع حد لهذه الانتهاكات التي تشكل خرقاً واضحاً لمنظومة القيم والأعراف والقوانين الدولية وفي مقدمتها الحق في التعليم، مع تأكيدها على ضمان الحق في الحياة الذي يسمو على التعليم في ظل الظروف التي يشهدها قطاع غزة.
وتُذكّر الوزارة بأنه بالتزامن مع العدوان التي يشنه جيش الاحتلال على قطاع غزة تتصاعد الاعتداءات على الطلبة والمعلمين والمدارس في الضفة الغربية من جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، حيث ارتقى 13 طالباً من 7 تشرين الأول 2023، والرقم غير ثابت وقابل للزيادة، علاوة على اعتداءات مباشرة في مدارس عدة من بينها رأس التين وواد السيق، وبدو الكعابنة وبرقة وغيرها، مشيرة إلى أن مئات المعلمين لا يتمكنون منذ السابع من شهر تشرين الأول 2023 الوصول إلى مدارسهم بفعل الحواجز التي تقطّع أوصال المدن والمحافظات.
وفيما يخص حال التعليم العالي جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، أفادت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في بيان لها أن أعداد الشهداء من أسرة قطاع التعليم العالي في شطري الوطن بلغ (439) شهيداً منذ 7/10/2023 وحتى بدايات شهر تشرين الثاني؛ منهم (427) طالباً و(12) عاملاً، وأن 85% منهم في قطاع غزة، لافتةً إلى أنه ومن المُرجَّح أن يكون العدد الفعلي أكبر نتيجة استمرار ارتكاب الاحتلال للمجازر والاعتداءات على مدار الساعة، ووجود أعدادٍ كبيرةٍ من الشهداء تحت الأنقاض في قطاع غزة. وأشارت الوزارة إلى أن 11 من مباني التعليم العالي تضررت بشكل كامل أو جزئي، منها تسعة مباني في قطاع غزة، واثنين في الضفة الغربية.
وفي السياق ذاته لفتت "التعليم العالي" إلى أن العملية التعليمية تعطلت برمتها في (19) مؤسسة تعليم عالٍ في قطاع غزة، مما أدى إلى حرمان أكثر من (88,000) طالب/ة من تلقي تعليمهم منذ بدء العدوان على القطاع، إضافةً لتعطل التعليم الوجاهي في كافة مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية والبالغ عددها (34) مؤسسة، والتي تضم أكثر من (138,800) طالب/ة، وذلك نتيجة صعوبة وخطورة تنقل الطلبة والعاملين بسبب حواجز الاحتلال واعتداءاته المستمرة.
وأوضحت الوزارة إلى أن هناك المئات من المعتقلين في الضفة الغربية وآلاف الجرحى في قطاع غزة من أسرة التعليم العالي، والذين يتعذر رصد أعدادهم حتى الآن بسبب الظروف الميدانية، مشيرةً إلى أن المعلومات والأرقام الواردة في هذا البيان هي في تغيّر وارتفاع مستمر بسبب تواصل العدوان على قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية والقدس.
كما وأدانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية؛ والذي يتسبب بارتقاء المئات من الشهداء، بمن فيهم طلبة وعاملون في مؤسسات التعليم العالي، مؤكدةً أن ما يقوم به الاحتلال هو انتهاك صارخ لكافة المواثيق والقوانين والأعراف الدولية التي تجرِّم الاعتداء على حُرمة المؤسسات التعليمية والطلبة والعاملين فيها.
وأكدت الوزارة أن عدوان الاحتلال المستمر على شعبنا في كافة المحافظات، وخصوصاً ما يجري في المحافظات الجنوبية؛ قد طال العشرات من الطلبة والعاملين في مؤسسات التعليم العالي بالقتل والجرح والاعتقال. وفي السياق ذاته، استنكرت "التعليم العالي" الاستهداف المباشر بالقصف لمباني ومرافق جامعتي الإسلامية والأزهر في قطاع غزة؛ ما تسبب بأضرارٍ جسيمةٍ في البُنية التحتية للجامعتين.
ودعت الوزارة كافة المؤسسات والمنظمات والهيئات الإنسانية والحقوقية الدولية لتحمل مسؤولياتها، والتدخل الفوري والعاجل، والعمل الجاد لحماية طلبة المؤسسات التعليمية والعاملين فيها من هذه الاعتداءات المتواصلة، وذلك حرصاً على حق الطلبة الفلسطينيين بالتعليم في ظل بيئة آمنة، والتدخل للحد من سياسات الاحتلال العنصرية، والوقوف أمام اعتداءاته التعسفية والخطيرة والمتواصلة بحق مؤسسات التعليم العالي والشعب الفلسطيني عموماً.