عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على مجمع الشفاء الطبي، تشرين الثاني 2023

منذ السابع من تشرين الأول 2023 وجيش الاحتلال الإسرائيلي وقيادته السياسية والأمنية وهي تطلق التهديدات بأخلاء العديد من المستشفيات في قطاع غزة، وتعمل على قصفها ومحاصرتها، ومن ضمنها مجمع الشفاء الطبي، ضاربة بعرض الحائط بالقوانين الدولية والمبادئ الإنسانية، وسط صمت تام من المجتمع الدولي الذي يشاهد سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء في قطاع غزة ودخل مستشفياتها دون أن يحرك ساكنا.

فجر يوم 15 من تشرين الثاني 2023 اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة بعد محاصرته لمدة ستة أيام، تعرض خلالها لعمليات إطلاق النيران والقذائف نحو مبانيه وأرجائه، وقطع الكهرباء والوقود والطعام، الأمر الذي عرض حياة من بداخله من طواقم طبية ونازحين ومرضى وجرحى وأطفال خدج في الحاضنات للخطر، في الوقت ذاته المرضى والجرحى لا يستطيعون الوصول إلى مجمع الشفاء الطبي، العديد منهم فقدوا حياتهم إما وهم ينزفون أو بسبب عدم تلقيهم أدويتهم وعلاجاتهم اللازمة، الطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء الطبي لا يستطيعون التنقل بين أقسام ومباني المجمع، ،فيما فسد مخزون الدم الموجود داخل الأقسام بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ولم تعد الطواقم الطبية قادرة على إعطاء وحدات الدم للمرضى والجرحى الذين ينزفون، لا يوجد مياة ولا طعام ولا مستلزمات طبية، ثم جاء اقتحام المجمع بالمجنزرات الإسرائيلية وسط اطلاق نار كثيف الأمر الذي أصاب كل من بداخله من طواقم طبية ومرضى وجرحى والنازحين اليه من المواطنين بحالة من الهلع الشديد، ليجري جيش الاحتلال تحقيقا ميدانيا معهم واعتقال عدد منهم واقتياده لجهات مجهولة، كل ذلك يعد انتهاكاً صارخا للقانون الدولي الإنساني لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي (1954) ويعد جريمة حرب مكتملة الأركان.

أن أستمرار جيش الاحتلال في محاصرة واقتحام مجمع الشفاء الطبي وغيره من المستشفيات في قطاع غزة، يؤدي إلى حرمان المواطن الفلسطيني من أبسط حقوقه الآدمية المتعلقة بحقه في العلاج وتلقي الخدمة الطبية، وينسجم مع خطاب الإبادة الجماعية واللاإنسانية الواضح الصادر عن كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين، فضلاً عن بعض المجموعات المهنية والشخصيات العامة، الذين يدعون إلى "التدمير الكامل" و"محو" غزة، وضرورة "الإجهاز عليهم جميعاً".

أن أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها تمثل إبادة جماعية باتت تتكشف يوماً بعد يوم، وهي التي تعرفها اتفاقية الإبادة الجماعية بأنها أفعال مرتكبة "مع نية التدمير، كليًا أو جزئيًا، جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

أدى القصف والحصار المفروض على غزة حتى 15 تشرين الثاني 2023 إلى مقتل أكثر من 11,000 شخص وإصابة أكثر من 30000 وتشريد 1.6 مليون شخص منذ 7 تشرين الأول 2023، بينما لا يزال الآلاف تحت الأنقاض. ومن بين القتلى حوالي 41 في المائة أطفال و25 في المائة نساء. وفي المتوسط، يُقتل طفل واحد ويصاب طفلان بجروح كل 10 دقائق خلال الحرب، مما يحول غزة إلى "مقبرة للأطفال"، وفقاً للأمين العام للأمم المتحدة.

مجمع الشفاء الطبي هو مجمع حكومي تابع لوزارة الصحة الفلسطينية، يعد أكبر المؤسسات الطبية في فلسطين، بني عام 1946  في عهد الانتداب البريطاني في مدينة غزة، يضم المجمع ثلاثة مستشفيات متخصصة، وهي: مستشفى الجراحة، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى النساء والتوليد، مع قسم حضانة للأطفال الخدج، إضافة إلى قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط، ويحتوي على 500-700 سرير.

يعمل فيه حوالي 1500 موظف، منهم أكثر من 500 طبيب، و760 ممرضا، و32 صيدلانيا، و200 موظف إداري.