كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 26 تشرين الثاني 2024
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
سعادة السيد فيليمون يانج - رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،
سعادة السفيرة باربرا وودوارد - رئيسة مجلس الأمن،
سعادة السيد شيخ نيانج، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
نحيي اليوم، ذكرى يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وشعبنا الفلسطيني يتعرض لحرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 400 يوم، ذهب ضحيتها أكثر من مئة وخمسين ألف غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تمارس الاستهداف المتعمد والمنهجي للمدنيين، في تكرار لما حدث في نكبة 1948 و مأساة 1967، بهدف تهجير أبناء شعبنا، والاستيلاء على الأرض والمقدرات، الأمر الذي يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لوقف هذه المأساة التي تجري على مرأى ومسمع العالم.
لقد اعتمد المجتمع الدولي هذا اليوم العالمي لمساندة حقوق شعبنا، وفي مقدمتها حقه بتقرير المصير وفي استقلال دولته، الأمر الذي يقتضي اتخاذ خطوات عملية وجذرية لمواجهة المخاطر المحدقة بإمكانية تحقيق السلام العادل والشامل المستند للشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، فالعالم أجمع بات على يقين بأن السبب الرئيس لغياب الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط هو وجود هذا الاحتلال، الذي يجب أن يزول عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وإنجاز الحقوق غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، وحل قضية لاجئي فلسطين حلاً عادلاً ومتفقا عليه وفق القرار 194.
أيها السيدات والسادة،
إن تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على مدار 76 عاماً الماضية، والتعامل مع دولة الاحتلال بأنها دولة فوق القانون الدولي، وتوفير الحماية لها للإفلات من المساءلة والمحاسبة ومن العقاب على جرائمها، بل وتقديم الدعم المالي والعسكري لها، شجعها على تحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي والتمادي في عدوانيتها على كافة المستويات، فباتت تعلن رفضها لوجود وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا" التي أنشئت بقرار أممي واعتبرتها منظمة إرهابية، وباتت ترفض قرارات المحاكم الدولية وآخرها فتوى محكمة العدل الدولية بخصوص وقف العدوان وإنهاء الاحتلال، ومذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، بل وتعلن عن احتجاجها من خلال الاستعداد الرسمي لتنفيذ مخطط الضم والتوسع الاستيطاني العنصري، هذا كله وغيره من السياسات والممارسات الإسرائيلية الأخرى المتمثلة باقتحام المدن في الضفة الغربية وقتل الأبرياء، واعتقالهم وهدم منازلهم ومصادرة أراضيهم والبناء الاستيطاني غير الشرعي، والقيام بالخطوات الأحادية الأخرى الرامية لتكريس الاحتلال وبقائه، سبب ضررا كبيرا للمنظومة الدولية المتعددة الأطراف القائمة على القانون، وعلى مصداقيتها التي اهتزت أمام العجز عن وقف العدوان رغم صور مقتل الأطفال التي يندى لها جبين الإنسانية، وآخرها ما جرى في مجلس الأمن الدولي في استعمال منحاز للفيتو لمنع الوقف الشامل والكلي لإطلاق النار وفي إبقاء العدوان على شعبنا مستمراً، فإلى متى سيبقى العالم صامتاً عاجزاً عن ردع دولة الاحتلال عن جرائمها، ومحاسبتها لإجبارها على الالتزام بالقانون الدولي كباقي دول العالم.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
قبل أيام أحيينا ذكرى اعلان الاستقلال، التي كانت بمثابة الخطوة الأهم على طريق الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي، حيث وافقنا في حينها على القرارات الأممية المتعلقة بحل الدولتين سبيلاً لتحقيق السلام العادل والشامل، وعملت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني ومظلة الكل الفلسطيني، على تجسيد آمال وتطلعات شعبنا بالحرية والاستقلال، مؤكدة أن وجوب زوال الاحتلال عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومقاومته بالسبل السياسية والقانونية والدبلوماسية، وبالمقاومة الشعبية السلمية غير العنيفة وأنه مهما عمل الاحتلال فلن يفلح في كسر صمود شعبنا وتمسكه بأرضه وحقوقه، متسلحاً دوماً بتضامن شعوب العالم التي لن تسمح بتمرير مخططات الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية وطمس حقوق شعبنا المشروعة، وبتنفيذ مخططات الضم والفصل العنصري، والتطهير العرقي وغيرها من السياسات التي تخالف الشرعية الدولية والقانون الدولي، وأهمية اتخاذ خطوات عملية لردع الاحتلال، تتمثل بتعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العامة في الأمم المتحدة، جرّاء رفضها الالتزام بالقانون الدولي، وبتعهداتها الموثقة وإصرارها على استكمال جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وهي خطوة ستعيد الثقة بقدرة النظام الدولي على محاسبة من ينتهك الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي، وإجباره على تنفيذ التزاماته.
لقد أكدنا دوماً، أن الطريق الوحيد لوقف التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة، والحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم الإقليميين والدوليين، هو حل القضية الفلسطينية استناداً لقرارات الشرعية الدولية، والبدء الفوري بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2735، وتأمين وصول الاحتياجات الإنسانية إلى كامل قطاع غزة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية، وإعادة النازحين لبيوتهم، تمهيدًا لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفض المخططات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة بما فيها القدس، أو الانتقاص من مسؤولية دولة فلسطين عنها، ووقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال وجرائم القتل وإرهاب المستوطنين، والاعتداءات على المقدسات، ومحاولات تغيير الواقع الراهن القانوني والتاريخي في المدينة المقدسة، ووقف الاجتياحات للمدن، والإعدام الميداني، والاعتقالات التعسفية، والاعتداء على الأسرى، واحتجاز جثامين الشهداء، وسرقة أموال وموارد الشعب الفلسطيني.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
بالرغم من كل الصعاب التي تواجهنا اليوم، إلا أننا نؤمن أنه مهما كان جبروت الاحتلال وبشاعته، فهو إلى زوال، وأننا سنواصل العمل من أجل الحصول على حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وفي نيل حريته واستقلاله على أرضه وأرض أجداده، وتجسيد دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وكلنا ثقة بأن شعوب العالم ستواصل الوقوف إلى جانب الحق والعدل والحرية لفلسطين وشعبها، وستواصل عملها من أجل وقف العدوان والحرب والقتل والدمار والتهجير، وهنا اسمحوا لي أن أثمن باسمي وباسم الشعب الفلسطيني، جميع شعوب العالم التي وقفت وتقف، لتعلي الصوت في وجه الظلم والعدوان، مطالبة بإنهاء هذا الاحتلال الذي شوه وجه التاريخ بالدم والقتل وحرمان شعب بأكمله من حقوقه وحريته واستقلاله ووقف الإبادة الجماعية عن شعبنا الصامد في قطاع غزة، مؤكدين أن هذه الظروف الخطيرة تتطلب تحويل هذه المواقف الشجاعة إلى أفعال، من خلال مواقف حكوماتها وبرلماناتها في دعم صمود شعبنا على أرضه وتُبقي الأمل لديه بوجود إجماع دولي حازم لتحقيق السلام والاستقرار وفق الشرعية الدولية، وفي مقدمتها مواصلة حشد الدعم الدولي لتجسيد استقلال دولة فلسطين واستكمال اعتراف الدول بها، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهنا لا بد أن نشيد بالجهود العظيمة التي تبذل من خلال التحالف الدولي الذي عقد اجتماعه الأول في المملكة العربية السعودية بمشاركة واسعة من الأشقاء والأصدقاء، لتنفيذ هذا الهدف الذي نسعى إليه جميعاً.
وأخيراً، أود أن أحيي صمود أبناء شعبنا الفلسطيني في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وأحيي بكل فخر واعتزاز شهداءنا وأسرانا وجرحانا البواسل، وأقول لهم جميعاً إن هدفنا واحد في إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال. وأكرر مرةً أخرى بأن الاحتلال إلى زوال وسوف ينتصر الحق الفلسطيني طال الزمن أم قصر.
والسلام عليكم،
كلمة الرئيس محمود عباس عشية الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان الاستقلال 14 تشرين الثاني 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
إن إعلان الاستقلال الذي أصدره المجلس الوطني في العام 1988 لم يكن خطوة رمزية، إنه الهدف المركزي للنضال الوطني الفلسطيني، إنه حق مشروع، وتعبير عن العلاقة التي لا انفصال فيها بين الشعب الفلسطيني وأرض وطنه التاريخي، الوطن الذي بنى عليه حضارته، وبلور هويته وشخصيته الوطنية منذ آلاف السنين، على أرضه المقدسة والمباركة، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
إن الشعب الفلسطيني الباسل والأصيل لا يمكن إلغاء وجوده أو القفز عن حقوقه، وفي مقدمة ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال، نحن الحقيقة الأوضح والأهم، التي فشلت المحاولات كافة على امتداد أكثر من قرن من الصراع على طمسها. لقد مهّد إعلان الاستقلال لمبدأ حل الدولتين، والسلام العادل والشامل المستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
لقد قدم إعلان الاستقلال فرصة تاريخية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، ونحن متمسكون بهذه الفرصة ونصرّ عليها، ومؤكدين أن كافة التجارب قد اثبتت، وبما لا يقبل الشك، أن وجود الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه المشروع في تقرير المصير هما المدخل لتحقيق السلام الدائم والأمن لجميع شعوب ودول المنطقة، وهما السبيل الوحيد لوضع حد للحروب، فالقضية الفلسطينية ستبقى قضية حية، قضية عقل ووجدان الأمتين العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم. ولأنها كذلك، ستبقى ذريعة تستخدم لخلق التوترات في المنطقة والعالم.
إن أي حديث عن حماية حل الدولتين يجب أن يبدأ بوقف العدوان على قطاع غزة فورًا، وكذلك ما تتعرض له الضفة الغربية بما فيها القدس من جرائم قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين والاقتحامات، ووقف المخططات والتصريحات التي تنم عن نوايا توسّعية مبيتّة، ووضع حد نهائي لحرب الإبادة الجماعية البشعة التي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق شعبنا هناك بأوامر مباشرة من الحكومة الإسرائيلية، والعمل على إدخال المساعدات ووقف مخططات التهجير القسري أو إحداث أي تغيير على واقع القطاع القانوني والسيادي والجغرافي.
إننا وفي ذكرى إعلان الاستقلال ندعو المجتمع الدولي إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وأن تواصل الدول اعترافاتها بالدولة الفلسطينية. وبهذه المناسبة، نثمن مواقف الدول التي اعترفت بدولتنا وحقنا بالحرية والاستقلال.
وفي هذه الذكرى، نؤكد أننا لن نحيد ولن نتنازل أو نساوم على حقوقنا وثوابتنا الوطنية، إنها أمانة في أعناقنا، وهي الأهداف التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى البواسل، إن يدنا ستبقى ممدودة للسلام، ولكن ليس بأي ثمن، فالسلام يبدأ مع حقنا بدولة فلسطينية مستقلة وسيدة، وعاصمتها القدس الشرقية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل لجرحانا البواسل، والحرية لأسرانا، والصبر والثبات لشعبنا في أماكن تواجده كافة.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة الذكرى العشرين لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات
10 تشرين الثاني 2024
يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد بإباء وشموخ على أرض الوطن في قطاع غزة وفي الضفة والقدس، وفي الشتات على امتداد العالم.
نحيي اليوم الذكرى العشرين لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، الذي حمل راية الكفاح الوطني الفلسطيني على امتداد عقود من اجل الحرية والاستقلال، ولعل الدرس الاهم من مسيرة هذا القائد الاستثنائي، ومسيرة منظمة التحرير الفلسطينية، هو ان الشعب الفلسطيني لا يمكن الغاء وجوده، ولا اذابته، والقضية الفلسطينية لا يمكن تصفيتها، وان لشعبنا وطنا قديما بنى عليه تاريخه وحضارته، هذه الحضارة التي قدمت للإنسانية رسالة المحبة والسلام.
تأتي هذه الذكرى، والشعب الفلسطيني يمر في ظروف قاسية وصعبة. هناك نكبة ثانية في قطاع غزة، فشعبنا يتعرض لحرب إبادة جماعية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، مئات آلاف الشهداء والجرحى، دمار شامل، تشريد وجوع وأمراض وأوبئة، لقد حولت دولة الاحتلال القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة وما يحدث اليوم في شمال قطاع غزة خير دليل على ذلك، ولا يزال سيف التهجير القسري مسلطا على رقاب الغزيين، ونقول هنا بكل وضوح وصرامة ان هذا المخطط لن يمر ولن نسمح له ان يمر بصمود شعبنا وبدعم وتأييد اشقائنا واصدقائنا في العالم. وفي الضفة الغربية والقدس يواجه شعبنا الاعتداءات المتواصلة عليه وعلى ارضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين، الذين يمارسون جرائم التطهير العرقي والتمييز العنصري.
واسمحوا لي بهذه المناسبة، ان أتوجه بشكل خاص الى جماهير شعبنا الصامدين والقابضين على الجمر في القطاع، لأقول لهم إننا لن نتوقف عن بذل كل الجهود من أجل وقف حرب الإبادة المجرمة، وحتى ينسحب اخر جندي احتلالي من قطاع غزة ليعود القطاع إلى مكانه الطبيعي في الدولة الفلسطينية، كما لن يهدأ لنا بال حتى نضمد جراح أهلنا في قطاع غزة، وان نعيد بناءه أفضل مما كان.
يا جماهير شعبنا العظيم
ان القضية الفلسطينية تمر بمرحلة عصيبة مع وجود الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، فليس قطاع غزة وحده يتعرض لحرب إبادة ومخطط ضم وتهجير فالضفة تتعرض للمخطط ذاته، وان حكومة اليمين تعتقد أن الظروف مواتية لتنفيذ اهدافها التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
إننا نقول لهم ولغيرهم إننا أبناء هذه الأرض منذ آلاف السنين، سنبقى هنا ولن نرحل، وهذه وصية ياسر عرفات وكل شهداء شعبنا وفي المقدمة منهم شهداء اللجنة المركزية لحركة فتح ونؤكد لهم جميعا بأننا على العهد باقون وبأن الراية ستبقى مرفوعة.
لقد تمسكنا باستمرار بخيار السلام، تمسكنا به في كل الظروف الصعبة والمعقدة، وحتى عندما تخلى عنه الطرف الآخر، نحن لا ننظر للسلام بأنه مرحلة وتمر، نحن نسعى لإقامة سلام عادل ودائم، ومؤمنين ان هذا السلام، وان الامن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وتحقيق السيادة والاستقلال على ارض الـدولة الفلسطينية فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط عام 1967 وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على اساس المبادرة العربية والقرار 194. وفي هذا الصدد فإننا نؤكد وجود وتعزيز عمل وكالة الأونروا ورفض قرارات سلطات الاحتلال بشأن حظر عملها في فلسطين وهو ما نرفضه وسنواجهه بالتنسيق مع الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين.
أبناء شعبنا البطل
اننا بفضل صمودكم وتصديكم لهذه الجرائم والمخططات التصفوية سائرون نحو الحرية والاستقلال فالاعترافات الدولية بدولة فلسطين تتوالى، وخاصة على الساحة الأوروبية والاحتلال يجر الى المحاكم الدولية ولأول مرة سيحاسب على جرائمه وعدوانه على شعبنا وارضنا ومقدساتنا، واليوم هناك تحالف دولي لأكثر من مئة دولة تم انشاؤه بجهود مشكورة من اللجنة العربية الإسلامية والاتحاد الأوروبي ودول شقيقة وصديقة من اجل تجسيد دولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وهنا لا بد من تثمين مواقف شعوب ودول العالم التي تساندنا وتعمل معنا في المحافل الدولية، كما نؤكد لكم اننا على طريق انجاز وحدتنا الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، صاحبة القرار الوطني المستقل.
في الذكرى العشرين لاستشهاد القائد الرمز أبو عمار، نؤكد لجماهير شعبنا العظيم التمسك بالأهداف والحقوق الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليا، ونعاهدهم أننا سنواصل السير بالعزيمة نفسها على درب الحرية والاستقلال، هذا الدرب الذي ضحى خيرة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني بأرواحهم في سبيله، وضحى الاسرى الابطال بحريتهم وفي زهرة شبابهم، واقول لهم ان شعبكم وقيادتكم لن يهدأ لهم بال حتى تنالوا حريتكم.
ان ارث ياسر عرفات باق فينا ولن نحيد عنه وسنبقى منغرسين في هذه الأرض لأننا أصحابها.
إن حقيقة الشعب الفلسطيني لا يمكن طمسها أو القفز عنها
عاشت فلسطين
عاش الشعب الفلسطيني حرا أبيا
المجد لشهدائنا الأبرار وفي مقدمتهم الشهيد القائد الرمز أبو عمار
والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا الأبطال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الإسلامية المنعقدة في العاصمة السعودية الرياض
11 تشرين الثاني 2024
بسم الله الرحمن الرحيـم
"أُذنَ للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير" صدق الله العظيم
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان،
ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء،
أصحاب الجلالة والفخامة القادة ورؤساء الوفود،
نلتقي اليوم بدعوة مقدّرة من خادم الحرمين الشريفين، وقد مرت أكثر من سنة على حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد شعبنا، واستمرار انتهاك مقدساتنا، وسرقة أموالنا وممتلكاتنا، وخنق اقتصادنا الوطني، ثم العدوان على لبنان الشقيق، وأخيراً قرار الاحتلال الكارثي ضد وكالة الأونروا، كل ذلك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الواجب العربي والاسلامي والإنساني والأخلاقي يفرض علينا أمام كل هذه التحديات، وبعد فشل المجتمع الدولي في وقف العدوان الإسرائيلي، أن نتحلى بأعلى درجات التضامن والتعاون لتحقيق ما يلي:
أولاً: تنفيذ قرار مجلس الأمن 2735، القاضي بوقف العدوان الإسرائيلي، وتأمين وصول الاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة، وانسحاب الاحتلال من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية، وإعادة النازحين لبيوتهم، تمهيدًا لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفض المخططات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة والقدس، أو الانتقاص من مسؤولية دولة فلسطين عنه، ووقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال وجرائم القتل وإرهاب المستوطنين.
ثانيا: مطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، ما لم تلتزم بالقانون الدولي وبتعهداتها الموثقة وتنهي جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.
ثالثاً: دعوة دول العالم لمراجعة علاقاتها مع دولة الاحتلال وعدم تطبيع علاقاتها معها، أمام عدم التزامها بالقانون الدولي، وارتكاب الإبادة الجماعية، واستهداف وكالة الاونروا في فلسطين، كما ندعو لتنفيذ قرار الجمعية العامة الذي يطالب الدول بفرض عقوبات على إسرائيل وتحديد العلاقات معها كما ويطالبها بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان خلال عام واحد، وفقاً لفتوى محكمة العدل الدولية.
رابعاً: الوقوف عند مسؤولياتنا لحماية القدس ودعم صمود أهلها، ومنع المساس بالمسجد الأقصى، والوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
خامساً: دعم التحالف الدولي الذي بدأ أعماله مؤخرًا هنا في الرياض، لتجسيد دولة فلسطين، وحصولها على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وتطبيق مبادرة السلام العربية.
سـادسـاً: مواصلة حشد الدعم الدولي لتمكين دولة فلسطين من القيام بمهامها في تعزيز صمود شعبنا، وحماية وحدته الوطنية، ودعم الحكومة الفلسطينية لتنفيذ برامجها، والضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن أموالنا، وتوفير شبكة الأمان المالية خاصة في هذه الظروف، وحماية وتعزيز عمل وكالة الأونروا وتمكينها من مواصلة مهامها في فلسطين، مؤكدين أننا نعمل على وضع الآليات واللجان والأجهزة اللازمة للحكومة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة تحت ولاية دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي تصدر جميعها بمرسوم رئاسي فلسطيني.
الأخوة قادة الدول العربية والإسلامية
في مثل هذا اليوم قبل عشرين عاماً، استشهد أخي القائد الشهيد ياسر عرفات رحمه الله، ونحن على دربه، ودرب الشهداء والأسرى والجرحى ماضون لتحرير أرضنا وإقامة دولتنا المستقلة وحماية شعبنا، وسوف ننتصر بإذن الله.
أشكر أخي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وأخي صاحب السمو الملكي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان على جهودهما المقدرة لتجسيد دولة فلسطين كأساس لتحقيق الاستقرار والسلام، وعلى استضافة المملكة العربية السعودية لهذه القمة، وأشكر أصحاب الجلالة والفخامة القادة الأشقاء على مواقفهم الأصيلة لدعم شعبنا الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة والمصيرية.
كلمة الرئيس محمود عباس بالمنتدى الحضري العالمي الثاني عشر التابع لبرنامج الأمم المتحدة في العاصمة المصرية القاهرة 4 تشرين الثاني 2024
القادة رؤساء الوفود، الحضور الكريم
تشارك دولة فلسطين هذا العام في المنتدى الحضري العالمي التابع لبرنامج الأمم المتحدة، في ظل الدمار وجرائم الإبادة والتطهير العرقي وجرائم سرقة الأرض والموارد الطبيعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني في كل من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
إن هذا يفرض علينا تحديات كبيرة تعيق جهود التنمية الحضرية المستدامة في أكثر من 60% من أرض الضفة الغربية وكامل مدينة القدس الشرقية، فضلا عن تدمير أكثر من 80% من مساكن قطاع غزة ومرافقها ومستشفياتها ومدارسها، علاوة على استشهاد وجرح أكثر من مئة وخمسين ألف فلسطيني.
إن المجتمع الدولي مطالب بوقف دولة الاحتلال عند حدها، ومحاسبتها، ومعاقبتها على جرائمها، وتصرفاتها كأنها سلطة فوق القانون الدولي، ونجدد هاهنا التأكيد على وجوب محاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي لعدم وفائها بالتزاماتها تجاه قبول عضويتها في الأمم المتحدة في عام 1949، وعدم تنفيذها لقراري الجمعية العامة رقم 181 و194، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها، في حال عدم وفائها بالتزاماتها.
إن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وآخرها قرار الجمعية العامة بشأن فتوى محكمة العدل الدولية بما يؤدي إلى نهاية الاحتلال الإسرائيلي عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة، هو حق أساس لتحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة.
لقد حان الوقت وبعد مرور أكثر من عام على الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، أن يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2735 بشأن وقف إطلاق النار بشكل فوري، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وإغاثة النازحين وإيوائهم تمهيداً لإعادة الإعمار، وتولي دولة فلسطين مهامها كاملة فيها، مجددين التأكيد أيضا على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334.
إن إرساء قواعد الأمن والسلام سيفتح المجال واسعاً أمام تنفيذ برامج التنمية الحضرية المستدامة في فلسطين، بما يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة، وبما يحقق الصمود والاستدامة، وخلق فرص العمل في إطار اقتصاد أخضر، وتحول رقمي يواكب معايير التنمية، الأمر الذي يتطلب بناء الشراكات الوطنية والدولية من أجل النهوض بالاقتصاد وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.
نتقدم بالشكر الجزيل لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدعوته واستضافته الكريمة، ونجدد الإشادة بالإنجازات الكبيرة التي قامت بها مصر الشقيقة في مجال التنمية الحضرية والعمرانية المستدامة، والشكر موصول للأمم المتحدة وجميع المنظمين لهذا المنتدى الهام الذي نتمنى له النجاح والتوفيق.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام قمة بريكس المنعقدة في مدينة قازان الروسية 24 تشرين الأول 2024
أود بداية أن أتقدم إلى فخامتكم وإلى قادة دول المجموعة، بالشكر الجزيل على دعوتكم الكريمة لنا إلى المشاركة في أعمال هذه المجموعة الهامة، التي تنعقد لتعزيز العلاقات بين دول البريكس والجنوب العالمي، الأمر الذي سيتيح الفرصة لتوسيع وتعزيز الحوار والشراكة في مجالات التنمية والابتكارات والطاقة والثقافة والأمن والسلم الدوليين، وإعطاء دفعة بنّاءة لحل قضايا الساعة الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وذلك من أجل بناء عالم أفضل.
وفي هذا المقام، نتقدم إلى الدول التي انضمت حديثاً إلى مجموعة البريكس وهي مصر، وأثيوبيا، ودولة الإمارات، وإيران، بالتهنئة على هذا الانضمام الذي يُشكِّل مؤشراً قوياً على الدور المتنامي للمجموعة، وأهميتها الكبيرة على الصعيد الدولي، آملين قبول طلب انضمام دولة فلسطين أيضا إلى المجموعة في القريب العاجل.
إن التطور الكبير الذي تشهده مجموعة البريكس، والرغبة المتزايدة لعدد أكبر من الدول في الانضمام إليها، يُظهر الحاجة الملحة إلى نظام عالمي أكثر توازناً وعدلاً، خاصة في ظل عدم نجاح مؤسسات النظام الدولي الحالي في إيجاد حلول فاعلة للأزمات المتزايدة، والقضايا المزمنة التي يعانيها العالم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لقد مر عام كامل على أكبر كارثة يمر بها الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، وهي الحرب الإسرائيلية التي تُرتكب فيها جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي في قطاع غزة، توطئة لإفراغه من سكانه، وخاصة الآن في شمال قطاع غزة حيث تلجأ قوات الاحتلال إلى تجويع السكان هناك. وكذلك اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والضرب بعرض الحائط القانون الدولي، وتعريض المنطقة للانفجار وتوسيع دائرة الصراع.
لقد قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاق المقر الرئيس لوكالة الأونروا في القدس الشرقية وتعطيل عملها في العناية باللاجئين الفلسطينيين في أرض دولة فلسطين المحتلة، ما يستوجب من المجتمع الدولي الرفض والإدانة وإجبار الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن هذا القرار.
ولهذا فقد أصبح هناك حاجة ملحة وعاجلة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار الفوري، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتولي دولة فلسطين مهامها الكاملة لإعادة النازحين إلى مناطقهم، وإعادة الإعمار.
القادة ورؤساء الوفود،
إن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني هو الاختبار الأهم في هذه المرحلة التاريخية، بعد مضي 76 عاماً من النكبة والتشرد والمعاناة للشعب الفلسطيني بأكمله، ولقد حان الوقت لوقف الظلم وإنهاء ممارسات الاستقواء بالقوة العسكرية، وإطالة أمد الاحتلال، لذلك فإننا ندعو دول العالم إلى تطبيق قرار الجمعية العامة بشأن فتوى محكمة العدل الدولية، وإلزام سلطات الاحتلال إنهاء وجودها غير القانوني على أرض دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية خلال عام واحد، كما نصت عليه توصيتها، وإعمال العقوبات عليها في حال عدم التزامها، والعمل مع الأمم المتحدة والأطراف المعنية على عقد مؤتمر دولي للسلام. وإننا نعوِّل كثيراً في هذا السياق على دول مجموعة البريكس التي أصبحت تشكِّل ثقلاً مؤثراً ومُقرراً في إرساء قواعد السلم والأمن الدوليين.
القادة ورؤساء الوفود،
إن دولة فلسطين تعتبر المبادئ التي تقوم عليها مجموعة البريكس جزءاً أصيلاً من سياستها التي تؤمن بالعدالة والاحترام المتبادل والرخاء المشترك، والتي تمثل تطلعات شعبنا، ونتقدم بالشكر إلى قادة مجموعة البريكس على مواقفهم الشجاعة تجاه دعم القضية الفلسطينية، ونيل شعبنا حريته واستقلاله.
ونجدد في هذا الصدد، رغبة دولة فلسطين في الانضمام إلى مجموعة البريكس، وتعزيز الشراكة والحوار والانخراط في الفعاليات مع أعضائها، مؤكدين استعدادنا الكامل للالتزام بمقاصد هذه المجموعة وممارساتها وأنشطتها، من أجل تحقيق أهدافها، وتحقيق شراكة إستراتيجية لبناء مستقبل أفضل للبشرية.
كلمة الرئيس محمود عباس في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي في العاصمة القطرية الدوحة
3 تشرين الأول 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله
القادة ورؤساء الوفود.. السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني أن أشاركَكُمْ أعمال هذه القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي، مقدماً الشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني على دعوته الكريمة واستضافة قطر لهذه القمة، والشكر موصول للقادة ورؤساء الوفود المشاركين، متمنيًا لأعمال هذه القمة النجاح والتوفيق.
إن انعقاد هذه القمة الآسيوية تحت عنوان: "الدبلوماسية الرياضية" يشكل فرصة لتعزيز الحوار بلغة لا تقل تأثيرا عن الدبلوماسية الرسمية، كونها دبلوماسية تلغي الحواجز، وتوفر الفضاءات لعلاقات إنسانية تعتمد على المنافسة الشريفة، في إطار قوانين حاكمة، بغض النظر عن الهوية أو الدين أو العرق أو اللغة.
لقد أحسنت دولة قطر إذ قررت أن تعطي هذا الاهتمام الذي تستحقه الدبلوماسية الرياضية، بعد أن قدمت نموذجا مشرفا لدولنا العربية والآسيوية باستضافتها لمونديال قطر 2022، وبطولة كأس أمم آسيا 2023 التي برهنت من خلالها أن بإمكان الرياضة توحيد الشعوب وتقريب الثقافات المختلفة.
السيد الرئيس القادة ورؤساء الوفود
تنعقد هذه القمة بينما تواجه منطقتنا مخاطر كبيرة بسبب إصرار دولة الاحتلال الإسرائيلي على نهج العدوان والعنف، حيث يتعرض شعبنا الفلسطيني، بمن فيه أبناؤه الرياضيون، وكذلكَ الشعب اللبناني الشقيق لحرب إبادة إسرائيلية وحشية، راح ضحيتها آلاف الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن، كما دمر العدوان الإسرائيلي المتواصل أكثر من 90% من البنية التحتية في قطاع غزة، بما فيها المنشآت والمرافق الرياضية.
السيد الرئيس القادة ورؤساء الوفود
إن دولة فلسطين تسعى إلى الخلاص من الاحتلال والاستيطان ووقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، وصولا إلى إنهاء الاحتلال بالكامل من أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.
ورغم كل الصعوبات التي يخلقها الاحتلال يواصل الرياضيون الفلسطينيون، كباقي أبناء شعبهم، بمثابرة وثبات تحقيق إنجازات تبعث على الفخر، وتُجسد دولة فلسطين الدبلوماسية الرياضية، من خلال مشاركاتها في جميع المحافل الرياضية الدولية، حيث يحمل رياضيونا قضية شعبهم الصامد المصر على الحياة.
مشددين على منع اتخاذ الرياضة وسيلة لتبييض صفحة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، من خلال عدم السماح لفرق استيطانية استعمارية بالمشاركة في البطولات الدولية.
السيد الرئيس القادة ورؤساء الوفود،
إن السلام والتسامح لا يمكن أن يتعايشا مع الاحتلال، وحرب الإبادة، والتمييز العنصري، والتطهير العرقي، والقهر والظلم، ومنع الشعب الفلسطيني من تحقيق تطلعاته إلى الحرية والاستقلال، والعدوان على الشعب اللبناني الشقيق، ولا بد للمجتمع الدولي من التدخل الفوري لوقف العدوان الهمجي على فلسطين ولبنان.
ختاما، نتمنى لهذه المبادرة المهمة، كل النجاح في النهوض بالقيم العالمية، واعتماد الدبلوماسية الرياضية، وغيرها من المبادرات القادرة على تجسيد وحدة آسيا وقوتها، وحوارها مع الآخر لتحقيق رؤى وأهداف منظمتنا وشعوبنا ومستقبل أجيالنا القادمة.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس أمام الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في بيويورك 26 أيلول 2024
لن نرحل، لن نرحل، لن نرحل
فلسطين وطننا،
وهي أرض آبائنا وأجدادنا، وستبقى لنا،
وإن كان لأحد أن يرحل فهم الغاصبون المحتلون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آتي إليكم اليوم وشعبي يتعرض منذ سنة تقريبا ولا يزال، لجريمة من أبشع جرائم العصر، جريمة حربٍ شاملة وإبادة جماعية تشنها إسرائيل، دولة الاحتلال، جريمة ذهب ضحيتها حتى الآن أكثر من 40 ألف شهيد، ولا يزال الآلاف تحت الأنقاض، كما جُرِحَ أكثر من 100 ألف آخرين، وأُبيدت مئات الأُسر الفلسطينية بأكملها وشطبت من السجل المدني، كما فَقَد الآلاف أرواحهم بسبب انتشار الأمراض والأوبئة ونقص الدواء والماء، فضلاً عن أكثر من مليوني فلسطيني نزحوا من بيوتهم لمرات عديدة بحثاً عن الأمان من عمليات القتل الممنهج التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومع استمرار الحرب العدوانية، لا يزال يُقتل كل يوم العشرات، ويُجرح أضعافهم من أبناء شعبنا المكلوم في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية والقدس.
ولستُ هنا بصدد الرد على أكاذيب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي في شهر يوليو الماضي، حين زعم أن جيشهُ لا يقتل المدنيين الأبرياء في غزة. فبالله عليكم من هو إذاً الذي قَتَل أكثر من 15 ألف طفل ومثلهم من النساء والشيوخ من أبناء شعبنا ولا زال يقتل؟ أجيبوني!
أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن. أوقفوا قتل الأطفال والنساء. أوقفوا حرب الإبادة. أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل. لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا في غزة، وكذلك في الضفة الغربية التي تتعرض لعدوان إسرائيلي يومي متواصل، وحملة استيطان شرسة وهمجية، وإرهاب من عصابات المستوطنين ترعاه وتدعمه الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال، الذي يهدم مئات المنازل في أرض دولة فلسطين، إضافة إلى ما تتعرض له القدس عاصمتنا الأبدية، من حملات التهويد والعدوان على المدينة ومقدساتها ومعالمها لتغيير الوضع التاريخي والقانوني فيها.
لقد خرج علينا مؤخرا وزير إسرائيلي إرهابي متطرف يدعو لبناء كنيس في المسجد الأقصى. يجب إدانة ووقف هذا الوزير الأهوج وأمثاله الذين يريدون إشعال حرب دينية تحرق الأخضر واليابس. المسجد الأقصى وما حوله، أيها السيدات والسادة، مُلك حصري للمسلمين، وهذا ما أقرته عصبة الأمم في عام 1930، ولن نقبل بغير ذلك مهما كانت الظروف.
السيدات والسادة،
لقد حذرنا مراراً وتكراراً أمام جمعيتكم الموقرة، بأن الأوضاع في أرض دولة فلسطين المحتلة تُنذر بالانفجار، ولقد حدث هذا الانفجار يوم 7 من أكتوبر من العام الماضي وما تلاه.
ومنذ اليوم الأول، وقَفتُ وأكدتُ على ضرورة الوقف الفوري للحرب، كما أكدتُ رفضنا لاستهداف المدنيين أياًّ كانوا، وطالبت بإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من الجانبين، والجلوس فوراً إلى طاولة المفاوضات لتنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وبدلاً من أن تُصغي الحكومة الإسرائيلية لصوت العقل، استغلت ما حدث لشن حرب إبادةٍ جماعية شاملة على قطاع غزة، وارتكبت ولا تزال ترتكب جرائم حرب باعتراف المجتمع الدولي. وها هي إسرائيل اليوم تشن عدواناً آخر على الشعب اللبناني الشقيق، وإننا ندين هذا العدوان ونطالب بإيقافه على الفور.
لقد أعادت إسرائيل احتلال قطاع غزة بأكمله، ودمرته بشكل شبه كامل، حتى يصبح مكاناً غير صالح للحياة، بعد أن جرى تدمير معظم المساكن والمباني والمرافق الصحية والتعليمية، والمنشآت الاقتصادية والطرق والكنائس والمساجد ومحطات المياه والكهرباء ومعالجة المياه العادمة وغيرها. وإذا ظنّت إسرائيل أنها ستنجو من المساءلة والعقاب على هذه الجرائم، فهي واهمة. على المجتمع الدولي أن يشرع فوراً في فرض العقوبات عليها. إن المذابح والجرائم والإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق شعبنا منذ قيامها وحتى يومنا هذا لن تمر بدون حساب، ولن تسقط بالتقادم، فما ضاع حق وراءه مطالب.
ورغم مطالبتنا الملحة والمتكررة، لم ينجح العالم في إجبار إسرائيل، الدولة المارقة، على وقف حرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد السكان المدنيين الأبرياء، ويؤسفنا أن الإدارة الأمريكية عطّلت ثلاث مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زودتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجع إسرائيل على مواصلة عدوانها.
هذه هي الولايات المتحدة نفسها التي كانت العضو الوحيد في مجلس الأمن الدولي الذي صوت ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. أنا لا أفهم كيف تصر الولايات المتحدة على الوقوف ضد شعبنا، وتصر على حرمانه من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال.
أيتها السيدات والسادة،
إن إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية، وإسرائيل التي يقول مندوبها في هذه المنظمة الدولية إنه يجب إزالة مبنى الأمم المتحدة هذا، الذي نحن فيه الآن، من فوق الأرض لا تستحق أن تكون عضواً في منظمتكم، وهي في الأساس، ومنذ البداية، لم تفِ بشروط نيل هذه العضوية. فقد كان عليها أن تُنفِّذ قراري الجمعية العامة رقم 181 و194 كشرط لقبول عضويتها وتعهدت بذلك كتابياً ولم تفعل. ولذلك فإنني أُطالب جمعيتكم الموقرة بتجميد عضوية إسرائيل في الجمعية العامة إلى حين تنفيذ التزاماتها وشروط قبول العضوية فيها، وتنفيذ جميع قرارات الأمم المتحدة وهيئاتها، وسوف نتقدم بطلب إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن.
أغتنم الفرصة اليوم لأشيد بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة، التي صوتت بأغلبية أكثر من الثلثين لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به دولة فلسطين، مدعومةً بعددٍ كبير من الدول الصديقة والشقيقة، لاعتماد الرأي الاستشاري التاريخي الذي صدر في 19/7/2024 عن محكمة العدل الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي لدولة فلسطين خلال اثني عشر شهراً، بما في ذلك الوقف الفوري للضم وللأنشطة الاستيطانية، وتفكيك المستوطنات القائمة، وإخراج المستوطنين من الأراضي الفلسطينية، وإعادة الأراضي والموارد المصادرة منذ العام 1967، وجبر الضرر وتعويض الفلسطينيين عما لحق بهم جراء السياسات غير القانونية وممارسات الاحتلال، وغيرها من المسائل العديدة التي جاءت في فتوى المحكمة، وإلزام إسرائيل بالتـنـفـيـذ.
إننا نعول كثيراً على قراركم هذا، الذي يجسد الإرادة الدولية ومبادئ القانون الدولي وعلى الآليات التي اعتمدت في هذا الشأن لضمان التنفيذ.
السيدات والسادة،
إنني أشعر اليوم بالامتنان أيضاً، وأنا أرى هذا التحول الكبير في مواقف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهي تؤيد الحق الفلسطيني في الحصول على الدولة المستقلة والاعتراف بها، ومنحها العضوية الكاملة في هذه المنظمة الأممية أسوة ببقية شعوب العالم التواقة للحرية والمحبة للسلام. إنني وباسم الشعب الفلسطيني أشكركم على هذه المواقف الداعمة للحق والعدل لتحقيق السلام في منطقتنا، وأدعوكم إلى تنفيذ أحكام القانون الدولي كل بحسب مسؤولياته وسيادته.
كما أشعر بالامتنان والتقدير أيضاً للاحتجاجات المعارضة لحرب الإبادة على غزة، والمناصرة للحق الفلسطيني، التي جرت وتجري في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وللمتضامنين الشرفاء الذين يأتون إلى فلسطين مخاطرين بحياتهم، وأترحم في هذا السياق على المناضلة الشهيدة المواطنة التركية الأمريكية، عائشة نور، التي قتلها جيش الاحتلال بدمٍ بارد.
وأقول لهؤلاء، إن الشعب الفلسطيني لن ينسى لكم مواقفكم المُشرِّفة، وسوف نذكركم بكل فخر واعتزاز يوم يزول الاحتلال ويحظى شعبنا بالحرية والاستقلال.
السيدات والسادة،
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن اليوم التالي لنهاية الحرب في قطاع غزة. إنني أغتنم الفرصة اليوم، لأقدم لكم رؤيتنا لما هو مطلوب عمله على الفور ولليوم التالي للحرب:
أولاً: الوقف الشامل والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والاعتداءات العسكرية وهجمات المستوطنين الإرهابيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ثانياً: إدخال المساعدات الإغاثية بصورة عاجلة ومنتظمة وبكميات كافية وبدون شروط، وإيصالها لمناطق قطاع غزة كافة.
ثالثاً: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفض إنشاء مناطق عازلة أو اقتطاع أي جزء من أراضيه، ووقف إجراءات التهجير القسري داخل قطاع غزة أو خارجه، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وتوفير المأوى لهم.
رابعاً: حماية الأونروا والمنظمات الإنسانية، من التعسف الإسرائيلي وتوفير الدعم السياسي والمادي لها كي تتمكن من أداء دورها وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم.
خامساً: توفير الحماية الدولية للفلسطينيين على أرض دولتهم المحتلة.
سادساً: تولي دولة فلسطين مسؤولياتها في القطاع لتمارس ولايتها الكاملة عليه، بما في ذلك المعابر الحدودية، وعلى رأسها معبر رفح الدولي بين مصر وفلسطين، كجزء من خطة شاملة.
سابعاً: وفي إطار عملية الإصلاح الوطني الشامل نقوم بإعادة بناء البنية التحتية ومؤسسات الدولة التي دمرتها إسرائيل، وإنعاش الاقتصاد، والتنمية المستدامة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية ذلك.
ثامناً: بسط سلطة دولة فلسطين والحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، على جميع الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، تمهيداً لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية فيها، وتشكيل حكومة فلسطينية، وفقاً لنتائج هذه الانتخابات.
تاسعاً: الاستمرار في حشد أكبر دعم دولي من أجل حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بأسرع وقت ممكن.
عاشراً: التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة المتعلق بالفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، بما يؤدي لإنهاء الاحتلال خلال اثني عشر شهراً، حسبما ورد في الفتوى.
أحد عشر: عقد مؤتمر دولي للسلام تحت إشراف الأمم المتحدة خلال عام لتنفيذ حل الدولتين، وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين الفلسطينيين، على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
اثنا عشر: اعتماد قوات حفظ سلام دولية بقرارٍ من مجلس الأمن بين دولة فلسطين وإسرائيل، لضمان أمن الدولتين.
هذه هي عناصر رؤيتنا لليوم واليوم التالي للحرب في أرض دولة فلسطين بشكل عام. وإنني أناشدكم لتبنّي هذه الخطة وتوفير جميع الإمكانيات الضرورية لإنجاحها.
السيدات والسادة،
لقد أعلنت قبل عدة أسابيع عن أنني قررت التوجه على رأس القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة، لنكون مع أبناء شعبنا الذين أنهكتهم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية. إنني أناشدكم بدعم قرارنا هذا باستصدار قرار أممي من الأمم المتحدة بهذا الشأن والضغط على حكومة الاحتلال حتى لا تعرقل مسعانا، وإنني أرحب بكل من يرغب منكم في الانضمام إلينا في الذهاب إلى غزة الصامدة الصابرة ليكون شاهداً على الجريمة التي ارتُكبت بحقها، وليساهم في تحقيق السلام والاستقرار.
تحية إجلالٍ وإكبار لشعبنا البطل الذي يُقدّم كل غالٍ ونفيس من أجل فلسطين، في غزة التضحية، والضفة الصامدة، والقدس درة التاج وعاصمة الدولة، وشعبنا في مخيمات اللجوء والشتات، وإلى أسرانا البواسل في السجون الإسرائيلية، الذين يتعرضون اليوم لانتهاكٍ صارخٍ لكرامتهم الإنسانية.
فلسطين سوف تتحرر، وشعبنا سيواصل حياته في أرض آبائه وأجداده كما فعل لأكثر من ستة آلاف سنة، وسيواصل كفاحه المشروع من أجل الاستقلال، والاحتلال حتماً إلى زوال.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز عقب لقائهما في العاصمة مدريد 19 أيلول 2024
جئنا إليكم من فلسطين، لنقدم لكم باسم الشعب الفلسطيني شكرنا العميق، على قرار إسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، وهو دليل على التزامكم بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وعدالة قضيته، بعد الظلم والقهر الذي تعرض له طوال 76 عاماً من التشرد والمعاناة.
كما نثمن جهودكم في الاتحاد الأوروبي وفي المحافل الدولية ودوركم في دعم تنفيذ حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، مطالبين المجتمع الدولي بدوله ومنظماته كافة، بتنفيذ ما جاء في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وفق قرار الجمعية العامة الداعي لإنهاء وجود الاحتلال والاستيطان ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، ومثمنين عالياً بيان مدريد الذي صدر بعد اجتماع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية معكم، ومقدرين تصويت إسبانيا الإيجابي لصالح قرار اعتماد الرأي الاستشاري، يوم أمس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولا يمكننا أن ننسى دور إسبانيا في استضافة مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، وفي هذا الصدد، طالبنا ولا زلنا نطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام، كما أكد على ذلك الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وسنكون سعداء في حال عقده في مدريد.
نجدد التأكيد بأننا عازمون على استلام دولة فلسطين لولايتها في قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقد أعلنا من أجل ذلك، إننا سنتوجه إلى قطاع غزة مع القيادة الفلسطينية والأمين العام للأمم المتحدة ومن يرغب من ممثلي الدول والمنظمات الدولية، وستبقى أولويتنا وقف العدوان على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة وإعادة الإعمار والذهاب لعملية سياسية تنهي الاحتلال وتحقق الأمن والاستقرار والسلام للجميع في المنطقة.
كما نجدد الشكر لإسبانيا على انضمامها للشكوى المرفوعة من جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، في قضية الإبادة الجماعية بحق شعبنا في قطاع غزة، وهو ما يعكس التزام إسبانيا كدولة وشعب وحكومة بمبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية.
وفي هذا الإطار، نستذكر بكل اعتزاز زيارتكم الأخيرة لفلسطين وما قدمته إسبانيا من مساعدات إنسانية، وحرصكم على الوصول إلى معبر رفح للتعبير عن تضامنكم مع شعبنا المنكوب والجوانب الإنسانية التي تمثلها قضية شعبنا العادلة.
ونقدر عالياً بهذه المناسبة مواقف جميع الدول الصديقة التي اعترفت بدولة فلسطين، ونناشد الدول التي لم تعترف بها بعد أن تفعل ذلك، وسنواصل سعينا للعمل من أجل الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ونعول على دعمكم في هذا الصدد.
نجدد شكرنا لكم صديقي بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، ولحكومتكم وللشعب الإسباني الصديق.
كلمة الرئيس محمود عباس باجتماع الجمعية العامة للبرلمان التركي 15 آب 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" صدق الله العظيم
فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركية
سعادة الأخ نعمان كورتولموش، رئيس مجلس الأمة التركية
الأخوات والإخوة أعضاء البرلمان التركي المحترمين،
الشعب التركي الشقيق،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جئتكم من فلسطين المباركة، أرض الرباط، من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. جئتكم أحمل إليكم آلام وآمال شعبنا الفلسطيني الذي يعيش الألم الكبير والنكبة المتواصلة منذ عام 1948، ويواجه جرائم الاحتلال وغياب العدالة الدولية، متمسكاً بأرضه ووطنه ومقدساته وحقوقه الوطنية الثابتة، ومؤمناً في الوقت ذاته بأن الله العلي القدير سوف يكلل نضالنا الوطني بالنصر والحرية، وسوف يدفع عن شعبنا هذه الغمة التي طال أمدها.
واسمحوا لي أن أبدأ حديثي إليكم بالترحم على أرواح عشرات الآلاف من الشهداء الذين ارتقوا إلى بارئهم بسبب العدوان الإسرائيلي، وحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها على شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس، والتي كان آخرها الجريمة بحق الشهيد القائد إسماعيل هنية، وأدعوكم إلى قراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين الأبرار.
أُحييكم جميعاً، وأنتم تجتمعون موحدين تحت قبة هذا البرلمان، نصرةً لشعبنا ودفاعاً عن قضيته العادلة، التي أثق بأنها تمثل جُلَ اهتماماتكم ونقاشاتكم في هذا المجلس، لتضميد جراح شعبنا، الذي يتعرض لظلم تاريخي، وتُرتكب بحقه مجازر وجرائم حرب، وإبادة جماعية أدانتها المحاكم والمحافل الدولية كافة.
فكيف بالله، يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتاً، عن المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال في مراكز الإيواء، والتي كان منها مجزرة مدرسة التابعين التي راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد؟.
إننا نقدر عالياً دور تركيا الرائد بقيادة، الرئيس أردوغان، لمواقفه الشجاعة والمبدئية دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال، كما نقدر مواقف جميع الأحزاب التركية، ومؤسسات المجتمع المدني، الرافضة والمنددة بالجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. والشكر الجزيل للشعب التركي الشقيق على مشاعره الصادقة ومواقفه النبيلة نصرةً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وشعبنا الفلسطيني لا يمكن أن ينسى شهداء الشعب التركي من أجل فلسطين والقدس الشريف
ونحيي بشكل خاص قرار تركيا، بالانضمام إلى الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، لدى محكمة العدل الدولية، وكذلك قرارها بوقف التجارة مع إسرائيل، دعما للشعب الفلسطيني، بسبب تفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة وجرائمها في فلسطين.
إننا نعوّل كثيراً على مناصرة أشقائنا في تركيا التي جعلت قضية القدس وفلسطين قضيتها المركزية، وهذه هي شيم وأخلاق الشعب التركي الشقيق وسياسته.
السيد الرئيس.. الأخوات والإخوة
إن هدف إسرائيل الحقيقي من حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية والقدس هو اجتثاث الوجود الفلسطيني من أرض وطننا، والتهجير القسري للفلسطينيين من فلسطين من جديد، فهم يريدون أن يكرروا مأساة التهجير كما حصل في عامي 1948، و1967، وهو ما لن يكون أبدًا مهما فعلوا ومهما حاولوا، فشعبنا متمسك بأرضه ووطنه ومقدساته، ولن يتركها للمحتلين الغاصبين مهما بلغت التضحيات.
فمنذ السابع من أكتوبر وحتى الآن هناك أكثر من 40 ألف شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ، وأكثر من 80 ألف جريح، ومع ذلك نحن صامدون وباقون في أرضنا.
ونشيد في هذا المقام بمواقف كل من مصر والأردن الرافضة لمخططات التهجير الإسرائيلية، والمتوافقة تمامًا مع مواقفنا والداعمة لها في كل المحافل. ونشيد بالإجماع الدولي المعارض لهذه المخططات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي.
لقد قلناها في الماضي ونقولها اليوم وغداً: إن غزة جزء أصيل من الدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة، وإنه لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة، وشعبنا لن ينكسر ولن يستسلم، وسنعيد بناء غزة، ونضمد جراح شعبنا بسواعد أبنائه ومساندة أمتينا العربية والإسلامية وأحرار العالم، في ظل دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مهما طال الزمن، ومهما عظمت التضحيات.
أما القتلة ومجرمو الحرب، فلن يفلتوا أبداً من العقاب على ما اقترفوه وما زالوا، من جرائم لن تسقط بالتقادم، وسنواصل نضالنا وكفاحنا لتحقيق العدالة في فلسطين، وسنواصل العمل الدؤوب مع المؤسسات الدولية ذات العلاقة وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان وغيرها، التي أعلنت نتنياهو وأحد وزرائه مطلوبين للسجن، فضلاً عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، فدولة فلسطين حقيقة ثابتة على أرضنا وفي المجتمع الدولي.
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة
إن شعبنا بصموده الأسطوري ومقاومته الباسلة المستمرة لأكثر من مئة عام وحتى الآن، لا يدافع عن أرض وطنه فلسطين، ولا عن هويته وحقوقه الوطنية والسياسية والدينية والتاريخية فحسب، بل إنه يقف أيضاً في الخندق الأمامي دفاعاً عن أمتينا العربية والإسلامية في وجه هذا المشروع الاستعماري التوسعي، وفي وجه أطماع الحركة الصهيونية التي تريد الهيمنة على منطقتنا والإقليم.
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة
نعلم جيداً مكانة القدس في قلوبكم، فالقدس دائما ومنذ التاريخ في قلوب أبناء الشعب التركي الشقيق كما هي في قلوبنا، وقلوب مئات الملايين من أبناء أمتنا، فالمسجد الأقصى في القدس هو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، هذا شيء ثابت، فالمسجد الأقصى مبني قبل مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، وهو مسرى الرسول الحبيب، والقدس هي درة التاج، وهي مهد السيد المسيح عليه السلام ورفعته، وهي بالنسبة إليكم وإلينا خط أحمر، وليس فينا وليس بيننا وليس منا، من يفرط في ذرة من تراب فلسطين ولا في حجر من حجارة القدس، التي هي أمانة الدين وأمانة التاريخ.
قبل أكثر من 1400 عام، قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك، قيل أين هم يا رسول الله؟ قال في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس".
ونقول لرسولنا الحبيب صلى الله عليـه وسلم، أمانتك التي تركتها بين أيدينا هي أمانة شعبنا التي لن نفرط فيها أبدا، والقدس التي صليت فيها إماماً بالأنبياء ستظل في العيون والقلوب، مهما كانت التضحيات، وإن جميع المؤامرات الرامية إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات، والتي كان آخرها قبل يومين اقتحام وزراء في حكومة الاحتلال للمسجد الأقصى، فالمسجد مسجدنا، والكنيسة كنيستنا، لن تفلح أبداً.
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة
يتحدثون هذه الأيام عن سيناريوهات يجري إعدادها هنا وهناك لما يسمى باليوم التالي للعدوان، ونحن نقولها بكل وضوح وليسمعها القاصي والداني، إن قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هي وحدة جغرافية واحدة تشكل الدولة الفلسطينية المستقلة، حسب الشرعية الدولية، التي تحكمها حكومة شرعية واحدة، ودون تحقيق ذلك وتجسيد هذه الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، فلن تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار والهدوء والتنمية والسلام، وستبقى تدور في هذه الدوامة من العنف والعنف المضاد.. الطريق إلى السلام والأمن يبدأ من فلسطين وينتهي إلى فلسطين.
وفي سياق مواجهتنا لهذا العدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل على شعبنا، فإننا نحيّي مواقف الشعوب والحركات في كل قارات العالم، التي انتفضت في وجه الظلم والطغيان، وصرخت بصوت عالٍ تدين قوات الاحتلال والدمار الإسرائيلية، لارتكابها جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والتمييز العنصري، في أرضنا الفلسطينية المحتلة.
ونوه إلى أن اليهود في أميركا وبنسبة لا تقل عن 40% يعتبرون إسرائيل دولة مجرمة.
نعم فالإنسانية كلها تنتفض في وجه العنصرية والتطرف والظلم والعدوان، ولا يمكن للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية أن تبقى صامتة أمام التعذيب والتجويع وامتهان الكرامة التي تتعرض لها أسيراتنا وأسرانا البواسل في سجون الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، التي يقبع فيها أكثر من 10 آلاف أسير وأسيرة بلا ذنب، وندعو الجميع إلى أن يتحركوا معنا لوقف هذه الانتهاكات البشعة بحقهم، بل وإطلاق سراحهم جميعاً.
السيد الرئيس، أصحاب السعادة، الأخوات والإخوة،
سنبقى نعمل مخلصين من أجل وحدتنا الوطنية التي نراها أقصر طريق لتحقيق الانتصار على هذا العدو الذي يتربص بنا ويستهدفنا جميعاً، فوحدتنا تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي صمام أماننا وجسر خلاصنا وطريقنا نحو الحرية والاستقلال، وشكراً لكل الأشقاء والأصدقاء، الذين بذلوا ويبذلون الجهود معنا لتحقيق هذه الغاية النبيلة.
وما دمت أتحدث عن الشكر، فشكراً لتركيا التي قدمت المساعدات الإغاثية والإنسانية لأهلنا في قطاع غزة، واستقبلت في مستشفياتها المرضى والجرحى، وصدحت شوارعها بالتظاهرات المتضامنة، وخاض أشقاؤنا الأتراك في كل المجالات، السياسية والدبلوماسية والبرلمانية والقانونية والإعلامية، المعارك معنا دفاعاً عن الحق الفلسطيني، وتعزيزاً لصدق الرواية الفلسطينية، وتبديداً لروايات الكذب والتضليل والتحريف التي تقوم بها إسرائيل وبالذات ما قام به نتنياهو بالكونغرس، الذي فتح باب كذب ليس له أول، ولا آخر.
شكراً لكل الدول الشقيقة والصديقة التي أبت إلا أن تنبض ضمائرها الحية، نصرة الحق الفلسطيني ودعما، لأبناء شعبنا في وقت المحن.
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة
إن الأكاذيب التي تروجها الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يصدقها عاقل، فالهجوم على المنظمات الأممية والمحاكم الدولية والمتظاهرين المتضامنين مع الحق الفلسطيني، والتنصل من مسؤولية قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، وتجويع أهلنا في قطاع غزة، هي مجرد أكاذيب تدحضها الحقائق على الأرض وتقارير منظمات الأمم المتحدة وقرار محكمة العدل الدولية التي طالبت إسرائيل بالوقف الفوري للعدوان الذي راح ضحيته أكثر من 150 ألفاً من الشهداء والجرحى والمفقودين، معظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن تدمير أكثر من ثلثي قطاع غزة، بما فيها المساجد، والكنائس، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات، والشوارع، وتشريد كامل لشعبنا هناك، بالإضافة إلى آلاف الشهداء والجرحى في الضفة الغربية، والقدس.
ومع ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية قد استخدمت الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن ضد مطالبة العالم بوقف العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، في موقف يفتقر إلى أبسط القواعد الإنسانية والأخلاقية.
يحاول الاحتلال أن يكرس فصل قطاع غزة عن مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وعن الضفة الغربية والقدس، ونقولها بكل تصميم، إن دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها الأبدية، القدس الشريف، وإن شعبنا الفلسطيني بجميع مكوناته وأحزابه وفصائله، لم ولن يقبل بوجود الاحتلال الإسرائيلي في شبر واحد من قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس.
وأولويتنا اليوم هي وقف العدوان الإسرائيلي والانسحاب الكامل والفوريّ منه، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير القسري، وعودة النازحين إلى بيوتهم ووقف الاستيطان وجرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والقدس، لأنه لا شيء عندنا أغلى من دماء شعبنا ومصالحه في وطنه التاريخي، لذلك أطالب مجلس الأمن بتنفيذ قراراته بضرورة وقف إطلاق النار، وسحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
ونؤكد في هذا المقام، أن الأساليب الأمنية والعسكرية لن تجدي نفعا، بل الحلول السياسية القائمة على العدل والقانون الدولي والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هي الكفيلة بتحقيق السلام والاستقرار والأمن للجميع، كما أن محاولات إسرائيل اللعب على وتر الحلول الجزئية في قطاع غزة لن تفلح أبدًا.. غزة كلها لنا كما الضفة الغربية والقدس، ولن نقبل بحلول تفصل أي شبر من وطننا عن الآخر تحت أي ظرف من الظروف.
لذلك أعلن أمامكم ولأنه لم يعد لدينا حلول، فقد قررت التوجه مع جميع أعضاء القيادة إلى قطاع غزة، وسأعمل بكل طاقتي لنكون مع أبناء شعبنا، فحياتنا ليست أغلى من حياة أي طفل فلسطيني، فنحن نطبق أحكام الشريعة الإسلامية، فإما النصر أو الشهادة.
وأدعو قادة دول العالم والأمين العام للأمم المتحدة لمشاركتنا في هذا القرار، وتأمين وصولنا إلى قطاع غزة، وستكون وجهتي بعدها إلى القدس الشريف، عاصمة دولتنا الفلسطينية.
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة،
نعمل ليل نهار لحشد الدعم الدولي للحصول على مزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، والتي وصلت إلى 149 دولة، وكان آخرها في الأشهر الماضية، إذ اعترفت مؤخراً خمس دول في الكاريبي، وخمس دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، ونسعى وبشكل متواصل إلى المزيد من هذه الاعترافات، وكذلك الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن.
ونذكر بأننا قد حصلنا على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة المراقب في عام 2012 من خلال قرار الجمعية العامة 67/19، رغم أن الولايات المتحدة الأميركية قد استخدمت مع الأسف كل نفوذها لكي تحول دون نجاحنا، ولكنها فشلت والحمد لله، وهو ما أتاح لنا الفرصة للانضمام إلى أكثر من مئة وعشرين معاهدة ومنظمة دولية، منها المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية التي نحاكم بها دولة الاحتلال اليوم على جرائمها بحق شعبنا.
ونذكر أيضاً بأن نضالنا السياسي والقانوني والدبلوماسي إلى جانب المقاومة الشعبية السلمية، سيتواصل، ولن نستكين إلى أن ينتهي هذا الاحتلال عن أرضنا وشعبنا ومقدساتنا.
السيد الرئيس، أصحاب السعادة، الأخوات والإخوة،
عملنا على مدى عامين في التحضير للذهاب إلى محكمة العدل الدولية، من خلال حشد الدعم الدولي في الأمم المتحدة وعواصم العالم، وحصلنا على قرار الجمعية العامة رقم(A/77/400) بتاريخ 30 ديسمبر 2022 الذي وجه الأسئلة إلى المحكمة حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة واستيطانها وضمها وتغييرها لطابع وهوية مدينة القدس وممارساتها في التمييز العنصري وغيرها من الممارسات والاعتداءات والجرائم.
وفي خطوة تاريخية، أصدرت محكمة العدل الدولية في 19/7/2024 رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، الذي اعتبره غير شرعي، وطالب بإنهائه بشكل كامل، وتعويض الفلسطينيين عن نهب أرضهم ومصادرهم الطبيعية، وتفكيك المستوطنات وإجلاء المستوطنين وهدم الجدار.
كما أقرت قيام الاحتلال الإسرائيلي بممارسة التمييز العنصري بحق الفلسطينيين، وبوجوب قيام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بعدم الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية كوجود قانوني وتجنب دعم استمراره، وأن على الأمم المتحدة أن تنظر في أنماط وآليات الإجراءات الضرورية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولتنا في أسرع وقت ممكن.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا بعد هذا القرار؟ وكيف يمكن خلق تغيير حقيقي على الأرض؟ علينا مواصلة العمل في الأطر المتعددة، وكذلك على المستوى الثنائي مع الدول لتحقيق ذلك من أجل السلام والأمن والاستقرار، فالعالم بدأ يفهم ما معنى العدالة والحق والظلم، وبدأت دول أوروبية تعترف بدولة فلسطين، وسنواصل في هذا الطريق حتى نجبر أميركا أن تعترف بنا أيضا.
السيد الرئيس، أصحاب السعادة، الأخوات والإخوة،
إننا نناشد المجتمع الدولي بمنظماته وهيئاته ودوله مجتمعين وفرادى، اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق انتهاك دولة الاحتلال الإسرائيلي الفاضح، للقانون الدولي، وتنفيذ ما أقرته محكمة العدل الدولية. ونأمل من تركيا مساعدة دولة فلسطين في هذه المساعي.
وأخيراً أقول: باسم شعبنا الفلسطيني الصامد، الصابر، المكافح، إننا متمسكون بهويتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة وأرضنا ومقدساتنا، وسنحقق الاستقلال والحرية، طال الزمان أم قصر، والاحتلال إلى زوال، وفلسطين حرة وباقية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والشفاء للجرحى والحرية لأسرانا البواسل، ومعاً نحو الحرية والدولة والقدس.
عاشت الأخوة الفلسطينية – التركية،
شكراً لتركيا وشعبها الشقيق، وشكراً لفخامة الرئيس أردوغان على دعمه الدائم والقوي للشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة الذي تستضيفه المملكة الأردنية الهاشمية 11 حزيران 2024
أتوجه بداية بالشكر إلى صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعالي الأمين العام أنطونيو غوتيرش، على الدعوة إلى هذا المؤتمر الهام لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب الفلسطيني المنكوب والمدمر على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشمة في قطاع غزة والضفة الغربية.
كما أشكر جميع القادة وممثلي الوفود والدول والمنظمات المشاركة على تلبيتها نداء الاستغاثة هذا، لتقديم ما يمكن من مساعدات إغاثية، علها تبلسم جراح شعبنا المعذب وآلامه، في مخيمات النزوح، وتمده بوسائل الإيواء والمياه والكهرباء والخدمات الطبية تمهيداً لعودته إلى مناطقه التي أُجبر على النزوح منها، وعودة بناته وأبنائه إلى المدارس والجامعات بعد تأهيلها.
نعم أيها الأشقاء والأصدقاء، ألم يحن الوقت بعد، لوقف ما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة منذ ثمانية أشهر من جرائم الإبادة الجماعية والتجويع والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية، هذا علاوة على ما يعانيه شعبنا في الضفة الغربية والقدس من جرائم قوات الاحتلال ومستوطنيه الإرهابيين، وسرقة أرضه وموارده ومقدراته والاعتداء على حريته وكرامته ومقدساته؟
على مدى يومي 26_27 من الشهر الماضي في بروكسل، قامت الحكومة الفلسطينية بعرض برامجها للإغاثة وإعادة الخدمات الأساس، وللإصلاح المؤسسي والاستقرار المالي والاقتصادي، وأعلنت جاهزيتها لاستلام مهامها في قطاع غزة كما هو في الضفة الغربية بما في ذلك معابر قطاع غزة كافة، واستعدادها المتواصل للتنسيق مع الدول والمنظمات الدولية ذات العلاقة. وندعو في هذا الصدد، الأشقاء والأصدقاء المشاركين في هذا الاجتماع إلى دعم برامج المساعدات الإنسانية المقدمة لهذا المؤتمر.
تبقى مسؤولية مجلس الأمن وأطراف المجتمع الدولي كافة كبيرة في الضغط على إسرائيل، من أجل فتح جميع المعابر البرية لقطاع غزة، وتسليمها إلى الحكومة الجديدة، لإدخال جميع المواد الإغاثية والطبية، ومستلزمات وتجهيزات الإيواء والخدمات الأساس، وفوق كل ذلك وقبله، لا بد من مواصلة بذل الجهود لوقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، لفتح المجال لقيام دولة فلسطين واستلامها مهامها كاملة، وكذلك الافراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى اسرائيل.
ونؤكد مجدداً أن الحل السياسي المبني على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، يتطلب حصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، واعتراف مزيد من دول العالم بها، مع الشكر الجزيل لمن قام بذلك، تمهيداً لتنفيذ حل الدولتين، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط عام 1967، وحل قضية اللاجئين وفق القرار الأممي 194، بما يحقق الأمن والسلام في منطقتنا والعالم.
نجدد الشكر للقادة ورؤساء الوفود، ونشكر جلالة الملك عبد الله الثاني، وحكومته وشعب الأردن الشقيق على استضافة هذا المؤتمر، والشكر موصول لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومة وشعب مصر الشقيق على ما تقدمه.
كما نجدد الشكر للقادة ورؤساء الوفود على مشاركتهم ومساعداتهم القيمة ومواقفهم، ولكم جلالة الملك وفخامة الرئيس والأمين العام للأمم المتحدة جزيل الشكر على الدعوة إلى هذا المؤتمر الهام.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الـ 33 في العاصمة البحرينية المنامة 16 أيار 2024
صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو القادة ورؤساء الوفود،
أكثر من سبعة أشهر، وجرائم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية تحصد أرواح عشرات آلاف الأطفال والنساء والرجال من أبناء شعبنا في قطاع غزة.
أكثر من مئة وعشرين ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، سقطوا شهداء وجرحى، وأكثر من سبعين بالمائة من المساكن والمنشآت في قطاع غزة دمرت، كل ذلك بغطاء ودعم أمريكي يتحدى الشرعية الدولية، وينتهك الأعراف والأخلاق، حيث استخدمت أمريكا الفيتو أربع مرات خلال هذه الفترة، ثلاث منها لمنع وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومرة لمنع حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
أما في الضفة الغربية والقدس، فقد واصلت دولة الاحتلال اعتداءاتها على شعبنا وأرضه ومقدساته الدينية، من خلال جيشها ومستوطنيها الإرهابيين، فإلى متى سيستمر كل هذا الإرهاب الإسرائيلي؟ ومتى تنتهي هذه المأساة، ويتحرر شعبنا ودولتنا من الاحتلال؟!
في خضم كل هذا، نحن لا نزال نؤدي واجبنا تجاه قضيتنا ودولتنا وشعبنا، وقد شكلنا قبل أسابيع حكومة جديدة من الكفاءات، للقيام بمهامها، خدمة لأبناء شعبنا، ولتنفيذ برامج الإغاثة والإصلاح والتطوير المؤسسي، وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي والأمني، وإعادة الإعمار.
ورغم أن هذه الحكومة قد استُقبلت بترحاب من العالم، إلا أنه لم يقدم لها أي دعم مالي كما كان متوقعا، كما لا تزال إسرائيل تحتجز أموالنا، ما يجعلنا في وضع حرج للغاية.
لقد أصبح الوقت ملحا لتفعيل شبكة الأمان العربية، لتعزيز صمود شعبنا، ولتمكين الحكومة من القيام بواجباتها، كما لا بد من مطالبة الولايات المتحدة، الراعي الأساس لإسرائيل، بالضغط على دولة الاحتلال للإفراج عن أموالنا المحجوزة، وأن تتوقف هي نفسها عن استعمال الفيتو ضد شعبنا، وأن تلتزم بالقانون الدولي، وتتوقف عن سياسة ازدواجية المعايير.
صاحب الجلالة...
الأخوات والإخوة....
قبل السابع من أكتوبر الماضي، كانت حكومة الاحتلال تعمل على تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، حتى تمنع قيام دولة فلسطينية، وحتى تضعف السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية. ولقد جاء موقف حماس الرافض لإنهاء الانقسام والعودة إلى مظلة الشرعية الفلسطينية، ليصب في خدمة هذا المخطط الإسرائيلي.
كما أن العملية العسكرية التي نفذتها حماس بقرار منفرد في ذلك اليوم، وفرت لإسرائيل المزيد من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة، وتُمعن فيه قتلا وتدميرا وتهجيرا.
نحن لم تخفَ علينا نتائج ذلك ومآلاته، ولذلك أعلنا موقفا واضحا وصريحا فقلنا:
1- نحن ضد استهداف المدنيين، كل المدنيين، بشكل مطلق.
2- أولويتنا الأولى هي الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، لأن كل يوم يمر في حوارات عقيمة يعني خسارة مئة شهيد يوميا، وأكثر منهم جرحى في قطاعنا العزيز.
3- لا بد من زيادة وصول المساعدات الإنسانية لأهلنا في القطاع.
4- منع تهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة خارج بلادهم.
5- البدء فورا بتنفيذ حل الدولتين المستند للشرعية الدولية، وذلك بحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، والاعتراف بها من الدول التي لم تعترف بها حتى الآن، والذهاب لمفاوضات تنهي الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط عام 1967.
جلالة الملك..
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
رغم الانحياز الأمريكي لصالح الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن مواقف الشعوب، بما فيها الشعب الأمريكي، والكثير من الدول، أصبحت أكثر التزاما بالعدالة والقانون الدولي، وأكثر رفضا وإدانة للاحتلال والعدوان الإسرائيلي على شعبنا.
نحن نشيد بما يشهده العالم وبخاصة الجامعات في أمريكا وأوروبا، من احتجاجات رافضة للعدوان وللاحتلال الإسرائيلي، ومناصرة لحقوق شعبنا، في صحوة تُسجل للشعوب المحبة للسلام حول العالم.
كما نشيد بالدول التي اعترفت مؤخرا بدولة فلسطين من دول حوض الكاريبي، ونقدر عاليا الدول التي صوتت لصالح رفع مكانة فلسطين في الجمعية العامة إلى دولة كاملة العضوية.
جلالة الملك، الإخوة القادة،
أمام الرفض الإسرائيلي للسلام ومبادرة السلام العربية، واستمرار العدوان على شعبنا في قطاع غزة، وممارسات حكومة الاحتلال الهادفة لتدمير مؤسسات دولة فلسطين، باقتطاع وحجز أموالنا وتكثيف الاستيطان، واعتداءات قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين على أهلنا في الضفة والقدس ومقدساتنا فيها، فقد قررنا استكمال تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ونطلب من الأشقاء والأصدقاء مراجعة علاقاتهم معها، وربط استمرارها بوقف حربها المفتوحة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، والعودة لمسار السلام والشرعية الدولية.
في الختام، أتقدم لأخي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالشكر على استضافة هذه القمة، كما أشكر المملكة العربية السعودية على حسن قيادتها للدورة السابقة للقمة، وأشكر القادة الأشقاء على دعمهم المستمر لقضيتنا الوطنية، وأتقدم من خلالكم بالتحية لشعوب العالم الحُر التي وقفت إلى جانب شعبنا وقضيته العادلة.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام الاجتماع الخاص لمنتدى الاقتصاد العالمي في العاصمة السعودية الرياض 28 نيسان 2024
السيدات والسادة
عندما نتحدث عن غزة وما يجري في غزة، لا بد لنا أن نعود 75 سنة الى الوراء، إلى الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، هذا الاحتلال الذي لا زال على الأرض الفلسطينية الى يومنا هذا، دون أي تحرك أو أي تغيير، وبالتالي منذ ذلك التاريخ الى الان، والشعب الفلسطيني يعاني من هذا الاحتلال البغيض، والعالم يتفرج.
اذا اردنا ان نتحدث عن غزة، وبالذات عن السابع من أكتوبر، وهي مرحلة مفصلية حصل فيها اعتداء على مدنيين، قلنا منذ البداية نرفضه رفضا قاطعا، ومنذ أن وقع هذا الحدث، أكدنا أننا كسلطة فلسطينية ومنظمة تحرير نرفض رفضا قاطعا الاعتداء على المدنيين أيا كانت توجهاتهم وايا كانت انتماءاتهم، وفي نفس الوقت قلنا لا بد من وقف العدوان فورا، لأنه مؤذ جدا ونعرف نتيجته والى اين سيصل.
طالبنا أولا بوقف العدوان، وثانيا بامداد السكان بالمواد الإنسانية التي يحتاجون اليها في كل قطاع غزة، والنقطة الثالثة أننا لن نقبل بأي حال من الأحوال تهجير الفلسطينيين سواء من غزة او من الضفة خارج اطار وطنهم، ويجب ان يبقوا في وطنهم، وألا تتكرر مأساتا 1948 و1967، وقلنا لا بد في النهاية من حل سياسي يجمع قطاع غزة والضفة والغربية والقدس في دولة فلسطينية مستقلة من خلال مؤتمر دولي، هذا ما طالبنا به منذ السابع من أكتوبر وحتى يومنا هذا.
منذ السابع من أكتوبر، مضى اكثر من مئتي يوم، استغلت إسرائيل فيها هذه الفرصة وذهبت لتعتدي على اهل غزة بحجة انها تريد ان تنتقم من حماس ولكنها في الواقع تنتقم من الشعب الفلسطيني وتقتل المدنيين، وهذا ما حصل الى الآن وبالأرقام.
لقد قامت إسرائيل بقتل 34 الفا خلال 200 يوم من اهل غزة ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ الكبار، وجرحت 75 الفا، بمعنى أنه اصبح الآن عدد الضحايا في الحرب منذ أكتوبر إلى الآن 110 آلاف شخص ما بين قتيل وجريح، إضافة الى ذلك، فإنها دمرت 75% من قطاع غزة من مبان ومؤسسات وطرق ومساجد وغير ذلك.
قطاع غزة اصبح شبه مدمر، اذا قلت 75% فأنا أعني ذلك، حيث قال بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، قبل يومين فقط، إن ما جرى في غزة لم يجر في الحرب العالمية الثانية في ألمانيا، وقال هذا اشخاص آخرون غيره، واعترفوا أن ما يجري في غزة وفي الضفة الغربية تجاوز ما جرى في الحرب العالمية الثانية في ألمانيا وغيرها في أوروبا في ذلك الوقت.
اذن الوضع في غزة مؤسف للغاية، طلبنا من البداية بوقف العدوان وأن يمد الاهل بالمواد الإنسانية، وحذرنا من تهجير 2.2 مليون فلسطيني خارج فلسطين، ما يعني حصول نكبة جديدة على الشعب الفلسطيني.
وهنا أقول لكم ما يجري في غزة، وما سيجري خلال الأيام القادمة، اذا ما قامت إسرائيل باجتياح مدينة رفح التي يجتمع فيها معظم اهل قطاع غزة، ستحصل أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني وسيشردون خارج القطاع، نأمل أن تتوقف إسرائيل عن هذا العمل وعن هذا الهجوم.
نناشد الولايات المتحدة الأميركية بالطلب من إسرائيل أن تتوقف عن عملية رفح لان أميركا هي الدولة الوحيدة القادرة على ان تمنعها من ارتكاب هذه الجريمة.
نطالب العالم بأنه ما دام اعترف بفلسطين عام 2011 كدولة مراقب في الأمم المتحدة، بأن يعترف بها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، كما اناشد الدول وبالذات الأوروبية أن تعترف بدولة فلسطين اسوة باعترافها بدولة إسرائيل. الدولتان نشأتا بقرار واحد هو القرار 181 عام 1947، وقد اعترف العالم بإسرائيل ولم يعترف بالدولة الفلسطينية، المطلوب الآن أن يقوم بذلك.
نقول لإسرائيل الحق بالحصول على الأمن، ونحن كفلسطينيين حقنا الحصول على حق تقرير المصير، على دولة مستقلة اسوة بباقي شعوب العالم.
هذه هي باختصار قضية الوضع في قطاع غزة، ينطبق عليه بشكل او بآخر ما يجري في الضفة الغربية، واخشى ما اخشاه أن تتجه إسرائيل بعد ان تنتهي من غزة الى الضفة الغربية لترحيل أهلها نحو الأردن. أقول إن مصر والأردن رفضتا رفضا قاطعا ترحيل الفلسطينيين من بلادهم إليهما، لكن إسرائيل تحتاج الى من يقول لها، الى من يأمرها، الى من يتحدث معها بقوة، بأن هذا العمل غير جائز، والجهة الوحيدة القادرة في العالم والتي نحملها المسؤولية هي الولايات المتحدة الأميركية.
كلمة الرئيس محمود عباس في اجتماع الحكومة 19 الجديدة وعقب أداء اليمين الدستورية 31 آذار2024
أبناء شعبنا العظيم في الوطن والشتات،
رئيس وأعضاء الحكومة،
انطلاقا من التزامنا بالمصالح العليا لشعبنا الفلسطيني، والحفاظ على مكتسباته وحماية إنجازاته وتطويرها والارتقاء بها، وتحقيق أهدافه الوطنية كما أقرتها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، ووثيقة إعلان الاستقلال، وقرارات المجالس الوطنية، ومواد القانون الأساسي، بما يكفل ممارسة كامل الصلاحيات التي تُمكِّن الحكومة من أداء المهام المطلوبة منها، فإننا نجدد التأكيد على كل البنود التي جاءت في كتاب تكليف هذه الحكومة الـ 19، وهي التي تم تشكيلها كحكومة تكنوقراط، من الكفاءات الوطنية مهمتها تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.
في هذا الإطار أود أن أوضح ما يلي:
- لدى الحكومة كامل الصلاحيات للقيام بمهامها وفق القانون، وذلك في إطار من الحوكمة والشفافية والمساءلة، وضمان كرامة وصمود المواطنين، من خلال رفع أداء الخدمات المقدمة في جميع القطاعات، الأمر الذي يتطلب تمكينها لآداء مهامها من خلال الإفراج عن جميع الأموال المحجوزة، ورفع الخناق عن الاقتصاد الفلسطيني من قوات الاحتلال، وتقديم التمويل العربي والدولي لموازنتها وبرامجها الإغاثية والإصلاح، وإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد.
- وعلى رأس هذه المهام: الإصلاحات الواسعة، وتوحيد المؤسسات بين محافظات الوطن، وتعظيم جهود الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة، ومساعدة النازحين العائدين لمناطقهم وتوفير وسائل الإيواء، وإنشاء البنية التحتية، والخدمات الأساسية، وإعادة العملية التعليمية والخدمات الصحية، والمياه والكهرباء وغيرها، وصولا لإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد في كامل أنحاء الوطن.
- كما نؤكد على أهمية دعم قطاع العدالة وتعزيز السلطة القضائية واستقلالها، والنهوض بعملية بناء جميع مؤسسات الدولة، وتمكين الشباب والمرأة، واحترام الحريات، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، والمجتمع المدني، وجميع أبناء شعبنا بجميع شرائحه وفئاته دون تمييز، وفي مخيمات الشتات، وجالياتنا بالخارج.
- هذا إضافة إلى النهوض بالاقتصاد الوطني والاستثمارات وتعزيز أواصر العلاقات الدولية والاقتصادية مع دول العالم، ومواصلة الدفاع عن القدس وأهلها ودعم صمودهم والدفاع عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية.
- ومن مهام هذه الحكومة أيضا، التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في جميع محافظات الوطن وعلى رأسها القدس الشرقية.
الأخوات والأخوة،
ونحن نؤكد على مهام واختصاصات الحكومة الواسعة، والصلاحيات الكاملة التي تتولاها وفق القانون، فإننا نشير إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، تبقى هي الجهة المسؤولة عن الشؤون السياسية والمفاوضات والمصالحة الفلسطينية، وفي هذا الشأن، فإننا نعمل مع الأطراف العربية والدولية، وفي المحافل الدولية، وعلى مدار الساعة، من أجل وقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة ومنع التهجير، ووقف جميع الممارسات والاعتداءات الإجرامية من قوات الاحتلال، والمستوطنين الإرهابين في الضفة بما فيها القدس.
ويبقى هدفنا السياسي الذي نسعى له ونعمل على تحقيقه، هو نيل الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتلال، ونعمل مع الأطراف العربية والدولية المعنية من أجل حصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة في الأـمم المتحدة، بقرار من مجلس الأمن، وتحقيق المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين.
وكما سنواصل العمل على توحيد أرضنا وشعبنا وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية التي نأمل أن تحدث بأسرع وقت ممكن، وعلى أساس البرامج السياسية، والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وجميع النقاط ذات العلاقة، وذلك من أجل مواجهة التحديات القادمة، وخدمة أبناء شعبنا، وتحقيق الاستقلال والسيادة على أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط العام 1967.
وفقكم الله لخدمة أبناء وبنات شعبكم الفلسطيني، ورفع مكانة مؤسساته الوطنية على طريق الحرية والاستقلال والسيادة.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء لجرحانا البواسل، والحرية لأسرانا الأبطال.
كلمة الرئيس محمود عباس كلمة لمناسبة يوم المياه العالمي 22 آذار 2024
في اليوم الذي يرفع به العالم شعار المياه من أجل السلام، أطفال غزة يموتون عطشا.
يأتي يوم المياه العالمي هذا العام في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وبشكل لم يشهده العالم من قبل، لأبشع جرائم الاحتلال اللا إنسانية، والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء بين شهداء وجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وحول غالبية شعبنا في غزة إلى نازحين في خيام، بعد أن دمرت آلة الحرب الاسرائيلية بشكل كامل الأحياء والمباني والمساكن وحتى مراكز الإيواء والمستشفيات فهناك أكثر من 1.3 مليون نازح في رفح اليوم مهددون، ولا يعرفون إلى أين النزوح التالي، هذا أن بقوا أحياءا غدا ، وهم يعيشون في ظروف إنسانية أصعب من أن توصف. ولم تكتف حكومة الاحتلال بذلك بل قررت وصرحت جهارا منذ اليوم الأول لهذا العدوان الوحشي بوقف جميع الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه، ومنع المساعدات الإنسانية عن أهالي غزة وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم الحر الذي ينادي بحقوق الإنسان والشرعية الدولية. إن العدوان الإسرائيلي وما خلفه من تدمير متعمد القطاع المياه والصرف الصحي، حرم قطاع غزة من أهم مقومات الحياه وفاقم الأزمة المائية حيث لا تتجاوز حصة الفرد في اليوم 3 لتر (علما أن الحد الأدنى الموصى به حسب منظمة الصحة العالمية هو 120 لتر / فرد اليوم و15 لتر في اليوم للبقاء على الحياة)، وذلك بعد أن باتت كميات المياه المتوفرة لا تتجاوز 10-20% مما كانت عليه قبل العدوان نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق المائية، وذلك حسب كميات الوقود المتوفرة. مما جعل المواطنين يصطفون لساعات طويلة للحصول على القليل من المياه، تحت وطأة القصف الإسرائيلي الذي يستهدفهم بلا رحمة، والاحتلال بذلك يتعمد التعطيش، ونشر الأمراض والأوبئة، وخصوصا مع تعطل أنظمة الصرف الصحي وفيضان المياه العادمة. وهو يعي تماما ومنذ اليوم الأول للعدوان ان قطع هذه الخدمات سيكون أداة لكسر صمود أبناء شعبنا وتنفيذ مخططاته في جعل غزة غير قابلة للحياة بهدف افراغها من أهلها.
ومنذ أحداث غزة يتزايد يوميا التصعيد الاسرائيلي والذي طال جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث تزايدت اعداد الشهداء والجرحى والأسرى بشكل غير مسبوق، وتزايد تطاول المستعمرين الإرهابيين، وفي كل اقتحام وكعقاب جماعي يتعمد الاحتلال استهداف البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وتخريب ما نقوم باصلاحه، بهدف تدمير مقومات الحياة الأساسية.
وأصبح استمرار هذا العدوان والحصار الغاشم يفاقم وبشكل خطير من الوضع الإنساني في قطاع غزة والضفة الغربية، على نحو مروع، وبما يمكن وصفه فعليا بحرب إبادة وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني. وان قضية المياه مع الاحتلال تمتد لعقود طويلة، فهو ما زال ينهب مواردنا المائية ويعيق جهود تطوير قطاع المياه والصرف الصحي لتحقيق هدفه الاستراتيجي في السيطرة على المياه لضمان استدامة دولتهم، على حساب حقوقنا المائية التاريخية ولتنفيذ مخططاته الاستيطانية غير الشرعية، وإلحاق أضرار جسيمة بالإقتصاد الفلسطيني وخصوصا قطاع الزراعة، إدراكا منه أن المياه قضية أساس الضمان الحياة والتنمية للفلسطينيين واحدى أسس تحقيق الأمن القومي الفلسطيني والسيادة على الأرض، وهو ما جعل الملف المائي واحد من أعقد ملفات الحل النهائي الذي تسعى اسرائيل إلى التحكم به لتقويض حق الفلسطينين في تقرير المصير والعمل على تهجيرهم من أرضهم. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم بهذه المناسبة، كيف للعالم أن يرفع شعار المياه من أجل السلام، وأطفال غزة يشربون مياه البحر والمياه الملوثة ويموتون عطشا، ولم تحرك ساكنا في ضمير من صاغوا مبادئ حقوق الانسان واتفاقيات حماية المدنيين خلال الحروب كيف يمكن أن تنادي الأمم المتحدة بتحويل المياه لأداة للسلام والاحتلال الاسرائيلي يمعن في استخدام المياه كاله للقتل والتعطيش والإبادة دون أدنى اكتراث إلى جميع تحذيرات ومناشدات منظماتها أو أدنى احترام لقوانين وقرارت الشرعية الدولية. كيف يمكن للأمم المتحدة أن تدعو إلى تحويل المياه أداة للسلام، في حين أن مجلس الأمن فشل في وقف الحرب وبعض الدول سخرت امكانياتها لجعل دولة الاحتلال فوق القانون، وتوظيف كل قواها لاسكات نداءات أصحاب الضمائر الحية من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان والصحفيين، وتزييف الحقائق وتجميل صورة الاحتلال.
وإدراكا للوضع الإنساني الخطير في غزة، كنت على اطلاع دائم على جميع الأعمال والتدخلات العاجلة والمتواصلة التي تقوم بها طواقم سلطة المياه في غزة، والتي أسهمت في توفير كميات من المياه لأبناء شعبنا في القطاع، رغم التحديات الكبيرة والمخاطر الناجمة عن القصف المتواصل والتضييق على الأرض. علما أننا بذلنا جهود مضنية خلال السنوات الماضية لإنقاذ الوضع المائي في غزة وباستثمارات ضخمة فاقت المليار دولار، الا أن هذا العدوان قد نسف هذه الجهود، وأصبحنا اليوم مجبرين على العمل بشكل إغاثي لتوفير الحد الأدنى من المياه للبقاء على الحياة.
وأمام حجم المأساة الإنسانية الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا في غزة، نكرر مطالبنا بأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوقف هذا العدوان الغاشم على شعبنا، وبشكل فوري، وتأمين إدخال المواد الطبية والغذائية والاحتياجات اللازمة لتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى قطاع غزة، ومنع تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني، وتحقيق العدالة من خلال المساءلة والمحاسبة. ورفض تقسيم قطاع غزة او تقليص مساحته، أو إعادة تموضع جيش الاحتلال داخل قطاع غزة.
وأخيرا واستنادا لشعار هذا العام وحتى نجعل من المياه رمزاً للسلام، فعلى المجتمع الدولي الحر والعادل أن يقف مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه العادلة وأن يجبر الاحتلال على وقف جرائمه بحق أهلنا في غزة والضفة، و ان يعمل على إيجاد حل جذري لإنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها الحقوق المائية، لنتمكن من إعادة بناء غزة وإرساء قواعد دولتنا لمستقبل أجيالنا، مستقبلاً يعيش فيه أطفال فلسطين حياة طبيعية بسلام كباقي أطفال العالم.