زراعة الصبر في فلسطين

 

تنتمي شجرة الصبر أو ما يُعرف ايضا بـِ "التين الشوكي" للعائلة الصبارية، وهي أشجار ذات ساق متحورة تتكون من سلاسل من كفوف سميكة منبسطة مستوية عريضة، بيضاوية الشكل اسفنجية النسيج، قد يزيد طول كل منها عن أربعين سنتيمتراً، مغطاة بأشواك دقيقة بيضاء زغبية شديدة الحدة.

 تتحمل أشجار الصبر العيش في البيئة الصحراوية قليلة المياه لما تملكه من خصائص تجعلها تختزن في نسيجها كميات وفيرة من الماء والسوائل تساعدها على تحمل قسوة الجفاف؛ ومن هذه الخصائص: أنها نبات شوكي تؤدي الأشواك فيها وظيفة الحفاظ على الماء وتنظيم درجة الحرارة بشكل يناسب الشجرة ويختصر التبخر في البيئات الحارة، وأن جذع شجرة الصبار هو ساق متحورة عن كفوف عصارية إسفنجية لتخزين كميات وفيرة من المياه، كما تغلف ألواح الصبر طبقة رقيقة شبه بلاستيكية تكافح فقد المياه أثناء عملية النتح؛ إضافة إلى أن جــذور شجرة الصبر تفترش الطبقة السطحية من الأرض للاستفادة من الرطوبة الجوية.

للصبر أزهار كأسية الشكل جميلة المظهر تتدرج ألوانها من الأصفر إلى الأحمر؛ تشكل مراعي غنية لخلايا النحل تمدها بالرحيق وحبوب اللقاح.

للصبر ثمار ذات لب يختلف لونه باختلاف صنف الشجرة وباختلاف درجة نضجه؛ وهي ثمار عسلية حلوة المذاق لذيذة الطعم رائعة النكهة يقال أنها آمنة لمرضى السكري؛ لغناها بالألياف التي تحد من امتصاص الجسم للكربوهيدرات. ويحتوي لب الثمار على بذور سوداء مفيدة للمعدة والأمعاء؛ إذ تنشط عملية الهضم، وتحتوي على مواد ملينة ومنظفة.

يعد الصبر أحد المحاصيل الاقتصادية للعديد من الأسر الفلسطينية؛ وذلك لكونها لا تخضع لظاهرة المعاومة في الإثمار، ولقلة حاجتها إلى المياه ولقلة حاجتها إلى الحراثة والتسميد والتقليم والعمليات الزراعية؛ إذ تعد زراعة أشجار الصبر إحدى سبل مكافحة التصحر وانجراف التربة.

تمثل زراعة الصبر إرثا توارثه الفلسطينيون عن أجدادهم؛ فقد زرع الفلسطينيون الصبر منذ القدم في حدائق بيوتهم واستخدموه سياجًا يحد الأراضي لحمايتها من الاعتداءات والسرقات؛ لذا نجد أن هذه الشجرة ما زالت حية بين الأنقاض في العديد من المناطق المدمرة التي هجِّرَ منها الفلسطينيون.

يستخدم الفلسطيني أداة خاصة لقطف ثمار الصبر تسمى "القزاعة" أو "السنارة"، وهي عبارة عن أسطوانة مفتوحة من الجانبين تتوسطها عصا لقطف الثمار العالية ولتفادي التعرض لأشواكه الدقيقة.

يقبل الفلاح على قطف الثمار في الصباح الباكر قبل جفاف قطرات الندى؛ لتفادي تطاير أشواكه ودخولها في العيون. ولتنظيف "الأكواز" (ثمار الصبر) من الأشواك تدلك على الأرض بمكنسة أو حزمة من القش.

أنواع الصبر في فلسطين

الصبر البلدي: وهو صنف غزير الأشواك؛ لكن ثماره لذيذة جدًا.

الصبر الخضاري: وهو صنف أشواكه قليلة وطعمه لذيذ.

الصبر الأحمر: وهو صنف أدخل إلى فلسطين حديثًا، يتميز بلون ثمرته الحمراء وبمظهره الجذاب وطعمه اللذيد.

في الوقت الحالي اتجه العديد من المزارعين في فلسطين إلى فرع الزراعة المنتظمة لأشجار الصبر أملًا في استثمار هذه الشجرة عبر استغلال خصائصها الفريدة التي لا تتوفر لغيرها من الأشجار، وبسبب الاهتداء إلى إمكانية دخولها في العديد من الصناعات الدوائية والصبغات الغذائية وصناعات ومستحضرات التجميل النسائية. 

المساحات المزروعة باشجار الصبر في فلسطين

حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني " " التعداد الزراعي 2021 - النتائج النهائية - فلسطين - نسخة محدثة" بلغ عدد أشجار الصبر المزروعة في فلسطين 12165 شجرة منها 9426 شجرة في محافظات الضفة الغربية و2739 شجرة في محافظات قطاع غزة. وبلغت المساحة المزروعة بأشجار الصبر في فلسطين 328.28 دونمًا، منها 285.64 مزروعة في محافظات الضفة الغربية، و42.64 دونم مزروعة في محافظات قطاع غزة. وتقدمت محافظة جنين باقي المحافظات الفلسطينية في زراعة أشجار الصبر من حيث العدد (2670 شجرة) ومحافظة الخليل من حيث المساحة (77.23 دونمًا).

 

عدد أشجار الصبر والمساحة المزروعة في فلسطين حسب المحافظة كما هو في 1/10/2021

المحافظة

عدد اشجار الصبر

المساحة بالدونم

جنين

2670

63.62

طوباس والأغوار الشمالية

506

12.47

طولكرم

385

11.51

نابلس

2041

62.69

قلقيلية

118

4.90

سلفيت

88

3.46

رام الله والبيرة

227

9.90

أريحا والأغوار

9

0.02

القدس

72

3.40

بيت لحم

735

36.44

الخليل

2575

77.23

شمال غزة

1413

17.03

غزة

56

1.34

دير البلح

327

7.18

خانيونس

882

15.21

رفح

61

1.88

 

كميات إنتاج ثمار الصبر في فلسطين

حسب إحصائيات وزارة الزراعة الفلسطينية فإن المحصول السنوي من الصبر في محافظات الضفة الغربية يبلغ نحو 800 طن، تستخدم كلها في السوق المحلي ولا يتم تصديرها؛ انخفضت بنسبة 70% في العام 2023 بسبب إصابتها بما تسمى الحشرة القرمزية.

 

الآفات والأخطار التي تعرضت لها أشجار الصبر في فلسطين

الخنازير البرية: منذ نحو عشر سنوات استخدم الاحتلال الخنازير البرية في حربه ضد الفلسطينيين؛ إذ أطلق العديد من القطعان في الريف الفلسطيني للنيل من الصمود الفلسطيني بالقضاء على مصادر رزقه وإشاعة مشاعر الخطر بين أبنائه؛ فانتشر هذا الحيوان المعروف بسرعة تكاثره وبقدرته على تدمير المزارع والأشجار. وقد نكبت أشجار الصبر كغيرها من الأشجار بهذا الحيوان الذي يهاجمها ليلًا، فيأكل ثمارها ويكسر سوقها وألواحها، فتغدو عبارة عن بقايا أشجار لا فائدة منها.

الحشرة القرمزية: في الفترة الأخيرة غزت حشرة غريبة مدمرة لم تعهدها فلسطين من قبل أشجار الصبر، وتسمى الحشرة القرمزية، أو "المن القطني"، أو "حشرة البق الدقيقي"، فأبادت العديد من الأشجار التي تعد أحد المكونات الحية في النظام البيئي الفلسطيني فهددت النظام البيئي، وأنهت عصورًا من مصادر الرزق للعديد من الأسر الفلسطينية.

هذه الحشرة تقتات على كل المجموع الخضري لشجرة الصبر؛ إذ تلتصق عليه وتمتص سوائله؛ ما يؤدي إلى جفافه تدريجيًا إلى أن يهلك ويموت، الأمر الذي يهدد هذه الشجرة بالانقراض إذا بقي الحال على ما هو عليه.   

ويقول خبراء زراعيون أن طريقة الوقاية من هذا المرض هي في تنظيف الأرض تحت الأشجار وتقليم الأشجار بشكل جائر، والتخلص من الأجزاء المقطوعة وحرقها في أماكن بعيدة.