كلمة الرئيس محمود عباس بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة وفق التقويم الغربي 24 كانون الأول 2023
أبناء شعبنا الفلسطيني، في غزة وفي مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، وفي القدس العاصمة، وفي كل ربوع الأرض،
الأشقاء والأصدقاء شعوب وقادة دول العالم،
?أتوجه إليكم جميعا، ونحن نستقبل عيد الميلاد المجيد، مستذكرين رسالة سيدنا المسيح عليه السلام، رسالة المحبة والتسامح والسلام، التي هي رسالة الأنبياء جميعا عليهم السلام، وأدعو الله أن يجعل عيد الميلاد هذا العام موعدا لوقف الحرب والعدوان على شعبنا في غزة، وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة، ومناسبة خير وازدهار واستقرار لشعبنا والشعوب كافة.
يأتي ميلاد السيد المسيح هذا العام، ومدينة الميلاد، بيت لحم، تعيش حزنا لم تره قبل هذا اليوم، قوى الاحتلال تبطش وتقتل أطفال فلسطين، وتختطف الابتسامة البريئة من وجوه الأحياء منهم، حيث لم يسلم أحد من أبناء شعبنا، النساء، والرجال، وكبار السن من هذا القتل والإرهاب ومحاولات التهجير القسري وتدمير الآلاف البيوت، ما يذكرنا بما حدث في نكبة عام 1948.
ونأمل أن تأتي ذكرى الميلاد، ومعها بداية عام جديد، ومعه يتجدد الأمل وتتجدد الحياة وتنهزم قوى الشر.
وهنا أقول لأبناء شعبنا ولعائلاتنا التي تتخذ من الكنيسة في غزة ملجأ لها، والذين لم يسلموا من همجية العدوان الإسرائيلي، ولجميع أبناء غزة، بأن عذاباتكم، وعذابات شعبنا في الداخل والخارج لن تذهب سدى، وأن شمس الحرية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، آتية لا محالة، بل إنها قاب قوسين أو أدنى. فنهر الدماء والتضحيات الجمة والعذابات والصمود البطولي لشعبنا على أرضه هو الطريق نحو الحرية والكرامة، ولقد طال القصف الوحشي الذي ارتكبه الاحتلال، المستشفى الإنجيلي المعمداني في غزة، والمركز الثقافي الأرثوذوكسي، وقاعة كنيسة الروم الأرثوذوكس، وكنيسة العائلة المقدسة، إلى جانب المساجد، والمدارس، والمستشفيات، الأذى، ولم يفرق بين مسلم ومسيحي، وكذلك طال عدوان الاحتلال الوجود المسيحي، وجميع أبناء شعبنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس والضفة الغربية، ومن هنا أعزي نفسي وعائلات شهدائنا جميعا، ونشد على أيديهم جميعا ونقول لشعبنا، إن فجر الحرية والدولة قادم لا محال.
أما أنتم يا شعوب العالم، فإننا نحييكم ونشكركم، على خروجكم إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم، مطالبين بالحرية لفلسطين، وهذا فخر لنا وهزيمة للطغاة.
نعم معا وسويا سنعيد إضاءة شجرة الميلاد، ونعيد تزيين مدننا وقرانا وقد أزيلت الحواجز وتوقفت الحرب والعدوان وسقط الاحتلال والاستيطان، وجدار الفصل العنصري، وانتصر الحق على الباطل، وأضيئت شمعة الميلاد في مغارة الميلاد، وقد أنشد أطفالنا للحرية وللوطن الفلسطيني الأبي بعاصمته القدس.
سنواصل نضالنا لنيل حقوقنا المشروعة، في العيش على تراب أرض فلسطين، في دولة حرة مستقلة وكاملة السيادة.
وفي الختام، نسأل الله تعالى الرحمة لشهدائنا الأبرار، والصبر لنا ولذويهم، والشفاء للجرحى الأبطال، والحرية لأسرانا البواسل، وأن يحفظ شعبنا العظيم في غزة والضفة والقدس والشتات، وأن ننال الحرية والاستقلال والعيش بكرامة في وطننا العزيز، فلسطين.
"المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 29 تشرين الثاني 2023
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
سعادة السيد دينيس فرانسيس، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،
سعادة السفير تشانغ جون، رئيس مجلس الأمن،
سعادة السيد شيخ نيانج، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
في هذا الوقت العصيب، الذي تمر به القضية الفلسطينية، وفي أحلك الأوقات ظلمة، يشع نور الأمل من المواقف المبدئية للشعوب التي هبت في كل أصقاع الأرض، لتعبر عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني ومع نضاله وحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة، وإدانتها للعدوان والحرب والقتل والدمار والتهجير، ووقوفها الى الجانب الصحيح من التاريخ.
واليوم فإنني اتوجه باسمي وباسم الشعب الفلسطيني بالشكر والامتنان لهذه الشعوب وقادتها الذين رددوا أصوات ومواقف شعوبهم ولأولئك الذين يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، وحق شعبنا غير القابل للتصرف في الحياة، والحرية، وتقرير المصير، والشكر موصول لكل الدول والمنظمات والشعوب التي هبت لتقديم المساعدات الانسانية والاغاثية لشعبنا، ونقول لكم: لن ننسى هذا النخوة، وهذه اللفتات النبيلة، لقد ألهمتنا عزيمتكم الصادقة، وانسانيتكم، ومواقفكم المبدئية الداعمة للحقوق الأساسية والقانون الدولي، والرافضة للاحتلال، والعدوان والأبارتهايد.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
يأتي يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في وقت يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة لتهديد وجودي واستهداف متعمد ومنهجي للمدنيين. فقد ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلية، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، جرائم دولية فظيعة، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وشنت عدوانا همجيا، وحربا قذرة انتقامية، وجرائم إبادة جماعية، تستهدف الأبرياء. فقد راح ضحية هذا العدوان الاسرائيلي حتى الآن من الفلسطينيين أكثر من 60 ألفاً بين قتيل وجريح منهم 70% من الأطفال والنساء والشيوخ، عدا الآلاف من الضحايا تحت الأنقاض، وتم إبادة عائلات بأكملها، وتهجير أكثر من 1.7 مليون فلسطيني في محاولة لتطبيق نكبة جديدة، علاوة على عشرات الآلاف من المساكن والمباني والمرافق ومراكز الإيواء والبنى التحتية التي دمرتها آلة الحرب الاسرائيلية على رؤوس ساكنيها. إن هذه الحرب هي امتداد للعدوان الذي يشنه هذا الاحتلال البغيض على شعبنا لاستدامة استعماره واحتلاله لأرض دولة فلسطين بما فيها القدس، فالسلام والأمن لا يمكن أن يتحققا بتجريد الفلسطينيين من انسانيتهم، او شيطنتهم، ولا بسحق جماجم الرضع، وإراقة دماء الاطفال ولا "بمحو غزة" او "تحويلها الى جهنم" او "تقليص مساحتها"، ولا بقطع المياه والكهرباء والوقود وترك 2.3 مليون فلسطيني للجوع والحرمان محاصرين، دون السماح بإدخال الحد الأدنى من احتياجاتهم الانسانية والاغاثية الطبية والغذائية.
وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس، يتعرض شعبنا لاعتداءات واسعه وخطيرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، بهدف الاستيلاء على الأرض والمقدرات، لذلك فإننا ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية كافة لوقف إجراءات الضم الصامت، والاستيطان، ووقف الممارسات اليومية للتطهير العرقي والتمييز العنصري، في الأرض الفلسطينية المحتلة كافة، ووقف الاعتداءات على المقدسيين من أبناء شعبنا من مسيحيين ومسلمين، والاعتداءات على المقدسات، ومنع الاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك ومحاولات تغيير الواقع الراهن القانوني والتاريخي في المدينة المقدسة، ووقف الاجتياحات للمدن، والاعدام الميداني، والاعتقالات التعسفية، والاعتداء على الأسرى، واحتجاز جثامين الشهداء، وسرقة أموال وموارد الشعب الفلسطيني، ووقف جرائم مليشيات المستوطنين الإرهابيين المدعومة من جيش الاحتلال، وغيرها من الجرائم المنهجية وواسعة النطاق، ووقف تسليح آلاف المستوطنين المستعمرين الارهابيين لمواصلة ارهابهم واعتداءاتهم على أبناء شعبنا في القدس والضفة الغربية.
السيدات والسادة
ان التصعيد الخطير في المنطقة سببه الرئيس غياب الحقوق وتجاهلها، وعليه، على العالم أن لا يقف متفرجا على ما تقوم به اسرائيل من كل انواع القتل والدمار، والاعتقال والتهجير ضد الشعب الفلسطيني، والتعايش مع جرائمها وإفلاتها من العقاب، وعليه البحث عن حل جذري للاحتلال ووجوده على ارض دولة فلسطين. فإنهاء الاحتلال، واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني هو الطريق الوحيد للحفاظ على الاستقرار والامن والسلم الإقليميين، والدوليين.
والمطلوب الآن وبشكل عاجل، الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، ووقف إطلاق النار على شعبنا في قطاع غزة، والعمل العاجل على تأمين دخول المساعدات والمعونات الانسانية، ورفض ومنع التهجير القسري، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني، وتحقيق العدالة من خلال المساءلة والمحاسبة. ورفض تقسيم قطاع غزة او تقليص مساحته، او إعادة جنود الاحتلال للتموضع داخل قطاع غزة.
بالإضافة الى ضرورة اتخاذ خطوات استراتيجية لمعالجة التهديد الاستراتيجي لحل الدولتين، وخطوات عملية لمعالجة جذر المشكلة وسبب غياب الأمن وعدم الاستقرار في الشرق الاوسط من خلال انهاء الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس، استنادا لقرارات الأمم المتحدة، ومرجعيات عملية السلام والقانون الدولي، وإحقاق الحقوق غير القابلة للتصرف وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، والاستقلال الوطني، وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي شردوا منها تنفيذا للقرار 194.
وقد حذّرنا على مدار السنين الـ 75 الماضية من أن تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، ومعاناته والقانون الدولي، وعدم اتخاذ خطوات لمحاسبة إسرائيل، والتعامل معها كدولة مارقة فوق كل الأعراف والقوانين الدولية، وتبرير ما تقوم به من جرائم تحت مسميات مختلفة، قد ساهم في إطالة أمد الاستعمار الاسرائيلي وجرائمه، وسمح لإسرائيل ان تأخذ الإنسانية رهينة لوحشيتها، وهو ما يقوض المنظومة الدولية متعددة الأطراف القائمة على القانون. والبعض قد ذهب إلى حد التواطؤ مع جريمة الإبادة الجماعية، وجرائم الاحتلال وإرهابه ومنحه الحصانة من المساءلة والعقاب، وتفويضا مطلقا بالقتل وشن العدوان على شعبنا، وزوده بالسلاح، وشجعه على عدوانه الأخير في غزة بل وأرسل تعزيزات عسكرية في انخراط مباشر بالأعمال العدائية ضد شعبنا ورفض الدعوة لوقف إطلاق النار في تبرير مباشر للقتل. إن حرب الإبادة التي تقوم بها آلة الحرب الإسرائيلية المحتلة هي ليست دفاعاً عن النفس، وهنا لا بد من التذكير، بأنه لا يحق لمن يرتكب جريمة العدوان، واحتلال ارض الغير، الادعاء بحق الدفاع عن النفس، ولا شيء يمكن ان يبرر قتل المدنيين الأبرياء والاطفال، واستهداف الأعيان المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس وملاجئ الأمم المتحدة ومبانيها، ولا استخدام التجويع كسلاح في الحرب، وقطع المياه والمواد الطبية عن المدنيين الابرياء.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
لقد قادت منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، النضال الوطني الفلسطيني من أجل تجسيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ورفضت المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية، والحلول المجزوءة وحافظت على القرار الوطني المستقل، والسيادة المطلقة للشعب الفلسطيني على أرضه. وأكدت على انه لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة، وان غزة كالقدس والضفة الغربية جزء أساس، ولا يتجزأ من دولة فلسطين. وسنعمل على الحفاظ على حقوق شعبنا، ومواجهة العدوان، والاحتلال ومقاومته بالسبل السياسية والقانونية، والمقاومة الشعبية السلمية، ولن يرضخ شعبنا للاستعمار والابارتهايد، وان شعبا، كشعبنا الصامد، والمدعم والمسلح بتضامن دولي منقطع النظير، لن يقبل بالفصل العنصري والبانتوستونات، والتطهير العرقي والحصار، والكراهية، وإهدار حقوقه، فقد آن الأون لتحقيق رؤية المجتمع الدولي للاستقرار والسلام في المنطقة، والقائمة على انهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية استنادا لقرارات الشرعية الدولية لهذه المنظمة، ومرجعيات وأسس الحل المستندة الى آليات تنفيذ واضحة، وضمن إطار زمني محدد، بما في ذلك ما ورد في قرار مجلس الأمن 2334(2016)، وتحمل الدول والأطراف الثالثة لواجباتها في عدم الاعتراف بالأعمال غير الشرعية، وعدم منحها أي شكل من أشكال الدعم، وضمان احترام القانون الدولي وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل. وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير مصيره، ونيل حريته واستقلاله على أرضه، وإنجاز السلام العادل والشامل في المنطقة. ونحث في هذا الصدد تمكين دولة فلسطين للحصول على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، كخطوة أولى، إلى جانب قيام الدول التي تريد الحفاظ على حل الدولتين الاعتراف بدولة فلسطين الآن، ودعم السلام ورفض العدوان والحرب وإبقاء الأمل.
السيدات والسادة
نحن على قناعة أكثر من أي وقت مَضى، أنه قد آن الأون لعقد مؤتمر دولي للسلام وفرض الإرادة الدولية، ورفض تعنت إسرائيل في رفض هذه الرؤية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الوجود، وفي تقرير المصير، ونحن جاهزون للعمل مع المجتمع الدولي، لتحقيق ذلك فورا، وان العدوان الحالي على شعبنا الفلسطيني يجب ان يتوقف فورا، وان ننخرط في عملية سياسية جادة، تحتكم للشرعية الدولية، وتهدف إلى إنهاء الاحتلال، وتحديد رزمة من الضمانات، لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، لتحقيق سلام عادل وشامل، يؤدي الى نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولة فلسطين، وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها استنادا للقرار 194 وتنفيذ مبادرة السلام العربية.
ان العدوان الإسرائيلي الحالي يضعنا على مفترق طرق، إما أن تنتصر فيها الإرادة الدولية، او إرادة الاحتلال في استدامة استعماره، ورؤيته لشرق أوسط غير مستقر ومشتعل مدعم بسياسات الاستيطان وارهاب المستوطنين، واقتحامات لمدينة القدس، وانتهاك للمقدسات وتحويل الصراع من صراع سياسي الى حرب دينية لن يحمد عقباها.
السيدات والسادة، الاصدقاء الأعزاء
إننا لن ندخر جهداً في حماية أبناء شعبنا والبحث عن السبل كافة لتجنبه وبلات الحرب، والقتل والدمار، وللحفاظ على وحدة شعبنا ووحدة مصيره في أرض وطنه فلسطين ليمارس عليها حقوقه الأساسية وحقه الأسمى في الحياة، واننا نعبر عن التزاماتنا بالقانون الدولي ومؤسساته، ومؤسسات العدالة الدولية، وواجباتها في المحاسبة والملاحقة لجرائم الاحتلال المخالفة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، كأساس لإحلال السلام وإنصاف الضحايا من الشعب الفلسطيني، وواجبات إسرائيل كسلطة قائمة في الاحتلال لتحمل مسؤولياتها عن كل ما دمرته، وجبر الضرر عن جرائمها في غزة، والضفة الغربية بما فيها القدس.
أصحاب المعالي والسعادة، الأصدقاء الأعزاء،
ان فلسطين، كانت ولا زالت، الاختبار الحقيقي لنجاعة وديمومة المنظومة الدولية القائمة على القانون، ولا يمكن لأي قدر من الادعاء الباطل والأصوات التي تساوي بين الضحية والجلاد وبين الاحتلال والمحتل القفز على هذه الحقيقة. وان فشل تعاطي او تجاهل المنظومة التي ولدت القضية الفلسطينية من رحمها هو فشل لهذه المنظومة وديمومتها. فالشعوب والأصوات الحرة والمتضامنة التي هبت بالملايين في عواصم العالم تقف الى جانب الحق الفلسطيني، والصمود الأسطوري لأبناء شعبنا، وتقف احتراما لمبادئ القانون الدولي، وضرورة تطبيقها دون ازدواجية للمعايير، او انتقائية.
إن شعبنا الفلسطيني، ومعه كل المتضامنين في العالم لن يقبلوا بالقهر والظلم، وكما لن يقبلوا بأقل من أن يعيش حراً كريماً في وطن حر كريم؛ ومن حقه أن يدافع عن نفسه وعن وجوده وحقوقه الوطنية، واسمحوا لي أن أقول إن من حقه عليكم أن تساعدوه على تحقيق حريته واستقلاله، وأن يعيش في أمن وسلام، أسوةٍ ببقية شعوب العالم. ولن تثنيه قوة على الأرض من تحقيق هذا الهدف.
وأخيراً أود أن أحيي صمود أبناء شعبنا الفلسطيني في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وأحيي بكل فخر واعتزاز شهداءنا وأسرانا وجرحانا البواسل، وأقول لهم جميعاً إن هدفنا واحد في إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال. وأكرر مرةً أخرى بأن الاحتلال إلى زوال وسوف ينتصر الحق الفلسطيني طال الزمن أم قصر.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة بثها تلفزيون فلسطين في 18 تشرين الثاني 2023
إن ما يتعرض له شعبنا من قتل وتدمير، يفوق طاقة البشر. ماذا تنتظر أميركا أمام ما يجري من إبادة جماعية لأبناء شعبنا في قطاع غزة؟
الا يكفي ما سفك من دماء الأطفال والنساء والشيوخ حتى تصحوا ضمائر العالم؟
اليوم أتوجه للرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يتحمل دون غيره مسؤولية خاصة، لما له من مكانة دولية، وتأثير كبير على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للتدخل الفوري لوقف هذا العدوان.
الرئيس بايدن، أدعوكم بكل صفاتكم الرسمية والانسانية بأن توقفوا هذه الكارثة الإنسانية، بل هذه الإبادة الجماعية بحق أبناء شعبنا الأبرياء، والتي لن يبرئ التاريخ أحداً منها، وتقديم الإغاثة لشعبنا المحاصر في قطاع غزة. لابد من وقف هذه الحرب فوراً. كيف تكون حرب الإبادة هذه دفاعاً عن النفس؟ انها في الحقيقة جرائم حرب تستوجب العقاب.
كما أنني أدعوكم للتدخل العاجل أيضاً لوقف اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين المتواصل ضد أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس والذي ينذر بانفجار وشيك.
إن المجازر الرهيبة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وآخرها اليوم في مدرستي الفاخورة وتل الزعتر، والتي أودت بحياة المئات من المهجرين قسرا من بيوتهم، تدعوني مرة أخرى أن أطالبكم وقادة العالم لتحمل المسؤولية لوقف هذا العدوان وجرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء شعبنا والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 42 ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء، علاوة على التدمير الشامل الذي طال عشرات الآلاف من المساكن والمدارس والمستشفيات وأماكن العبادة والمرافق العامة والبنى التحتية.
إن شعبنا الفلسطيني يستحق أن يعيش على أرض وطنه بحرية وكرامة وسوف يبقى صامداً على أرضه حتى ينال حقوقه المشروعة في الاستقلال والدولة بعاصمتها القدس.
أوقفوا حرب الإبادة ضد شعبنا
كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى الـ35 لإعلان الاستقلال 15 تشرين الثاني 2023
بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" صدق الله العظيم.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم
أيها المرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. أهلنا الصامدين في قطاع غزة البطل.. وفي ضفة الصمود والثبات.. أيها القابضون على جمر الأمل بالعودة من المنافي ومخيمات اللجوء.
أتحدث إليكم اليوم، في ذكرى إعلان الاستقلال، ونحن نواجه معا حرباً عدوانية همجية، وحرب إبادة مفتوحة يتعرض لها أبناء شعبنا في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس، عاصمتنا الأبدية، ومذبحة تنفذها دولة الاحتلال أمام سمع العالم وبصره، من أجل كسر إرادتنا واجتثاث وجودنا الوطني في أرضنا، أرض آبائنا وأجدادنا التي عاش فيها شعبنا لأكثر من ستة آلاف عام.
إن الحرب العدوانية الظالمة التي نتعرض لها، هي حرب على الوجود الفلسطيني، وعلى الهوية الوطنية الفلسطينية؛ هوية الأرض وهوية الإنسان، وهي حلقة من مسلسل العدوان المتواصل على مدى ما يزيد على قرن من الزمان، كما أنها أيضا وصمة عار في جبين من يدعمون هذا العدوان ويوفرون له الغطاء السياسي والعسكري، وسوف تكون أشلاء أطفالنا الذين تمزقهم صواريخ هذا العدوان الإسرائيلي، ودماء نسائنا ورجالنا الذين تغتال آمالهم وحياتهم قذائف جيش العدوان، لعنة على الاحتلال وعلى من يقف خلفه أو يسكت عن جرائم الحرب التي يرتكبها ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.
أبناء شعبنا العظيم.. يا أبناء القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وكل فلسطين، وفي مخيمات اللجوء والشتات،
منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك العدوان المستمر أيضاً في الضفة الغربية بما فيها القدس، وقفنا ومعنا شعبنا كله، ومن خلفنا أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، في مواجهة هذا العدوان الهمجي الذي دفع شعبنا بسببه ثمناً باهظاً من دماء أبنائه ومقدراته، ووضعنا أمامنا جملة من الأولويات الوطنية التي تمثل إطار عملنا في هذه المرحلة الخطيرة التي تعيشها قضيتنا الوطنية.
إن أولوياتنا الأولى الآن، والتي نعمل عليها بكل ما أوتينا من طاقة، هي وقف العدوان الهمجي على شعبنا، وحماية هذا الشعب من المزيد من سفك الدماء، فقطرة دم من طفل فلسطيني، أو من امرأة أو رجل من أبناء شعبنا، أغلى عندنا من الدنيا وما فيها..
نحن نريد الحياة الآمنة الكريمة الحرة لشعبنا في وطنه وفي دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.. هذه إستراتيجيتنا، وهذا هدفنا، وسوف نظل نناضل من أجله حتى يتحقق بإذن الله. ولقد رفضنا بكل قوة، وسنظل نرفض دائما كل مخططات التهجير والترحيل لأبناء شعبنا من وطنهم.
فهذه المخططات الشيطانية لا تخفى علينا، بل لقد أصبحت مكشوفة مفضوحة ينطق بها بعض قيادات الاحتلال بلا خجل، لكننا أفشلناها دائماً، وسنظل نتصدى لها بكل بأس، ففلسطين هي وطننا الوحيد الذي لا نرضى به بديلاً، وإذا كان هناك من يجب أن يرحل عن أرضنا فهو الاحتلال، والاحتلال فقط.
ولقد نجحنا بفضل الله في حشد العالم بأسره معنا في رفض مخططات الاحتلال لتهجير سكان قطاع غزة والضفة بما فيها القدس، وسنظل نعمل بكل طاقتنا من أجل الانتصار في معركة البقاء هذه، رغم كل الصعاب التي تواجهنا، هذا واجب وطني وإنساني وديني، قبل أن يكون خياراً سياسياً.
ومن أجل هذا، فنحن نعمل وسنظل نعمل على تأمين كل مقومات صمود أبناء شعبنا، ولا سيما في قطاع غزة الآن، قطاع غزة الذي كان وسيظل إلى الأبد جزءاً لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين، وهو جزء أصيل من مسؤولياتنا الوطنية التي لا يمكن أن نتخلى عنها، ولذلك فنحن نرفض رفضاً قاطعاً الحديث عن قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية بما فيها القدس، فمستقبل قطاع غزة هو مستقبل الضفة بما فيها القدس، كما أن حاضر قطاع غزة هو ذاته حاضر الضفة، بما فيها القدس، شعب واحد.. قضية واحدة.. معاناة واحدة.. نضال وطني واحد..
وعلم وطني واحد.. ودولة فلسطينية واحدة.. ومستقبل سياسي واحد.. هذا قرارنا وهذا خيارنا.
أبناء شعبنا العظيم،،
إن إعلان الاستقلال الذي نعيش ذكراه اليوم، كان قراراً وطنياً فلسطينياً توجت به منظمة التحرير الفلسطينية عقوداً من النضال الوطني من أجل حماية الوجود الوطني الفلسطيني، وتثبيت الهوية
والشخصية الفلسطينية لشعبنا وقضيتنا.. شعبنا الذي قرر بنضاله وتضحياته أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، وحاملة لوائه الوطني، وحارسة حلم الاستقلال والعودة والدولة، وسوف يظل شعبنا ونحن معه وبه، على هذا الثبات، متسلحاً بالقرار الوطني المستقل، حتى تتحقق كل آمال شعبنا وتطلعاته الوطنية، بتجسيد إعلان الاستقلال واقعاً وطنياً وسياسياً على أرض فلسطين، وسيكون ذلك عاجلاً غير آجل بإذن الله.
لقد قلنا للعالم طويلاً، وسنظل نؤكد ذلك دائما، إن السلام العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق من خلال الاحتلال والعدوان والحلول العسكرية والأمنية، بل من خلال الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفق قرارات الشرعية الدولية، وعودة اللاجئين، ولقد أصبح العالم اليوم أكثر وعياً وأكثر قناعة بذلك، ونحن لن نتوقف عن النضال الوطني حتى نحقق حريتنا واستقلالنا ودولتنا.. والاحتلال حتماً إلى زوال.
وفي هذا السياق، لا يفوتني أن أحيي دول وشعوب أمتنا العربية والإسلامية، ودول وشعوب العالم، الذين وقفوا ويقفون مع شعبنا في نضاله المشروع، ويرفضون استمرار الاحتلال وعدوانه على وطننا وشعبنا.
أيها الفلسطينيون الأبطال..
كلما اشتدت المعاناة، وازدادت حلكة الظلام، اقترب بزوغ الفجر، وفجر فلسطين سيبزغ قريبا بإذن الله، ولن تذهب تضحيات شعبنا هدراً، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.. انتظروا إنّا منتظرون.
المجد لشهدائنا الأبرار،
والحرية لأسرانا الأبطال،
والشفاء العاجل لجرحانا البواسل،
السلام على فلسطين وشعبها وأرضها،
وإلى لقاء في فضاء النصر بإذن الله
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية المنعقدة في الرياض
11 تشرين الثاني 2023
"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" صدق الله العظيم
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء للمملكة العربية السعودية أصحاب الجلالة والفخامة القادة ورؤساء الوفود.
يعتقدون أن قوتهم ستحميهم وترهبنا، وأنا أقول: نحن أصحاب الأرض والقدس والمقدسات، وعلم فلسطين سيبقى عالياً يوحدنا، والاحتلال إلى زوال.
وأنا أخاطبكم اليوم، يتعرض شعبنا الفلسطيني، لأبشع عدوان وحشي، بل لحرب إبادة لا مثيل لها، على يد آلة الحرب الإسرائيلية الجبانة التي انتهكت الحرمات والقانون الدولي الإنساني، وتخطت كل الخطوط الحمراء في قطاع غزة، بقتل وجرح أكثر من 40 ألفاً من المدنيين الفلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، علاوة على تدمير آلاف البيوت على رؤوس ساكنيها.
يجري هذا في الوقت الذي تتعرض فيه الضفة الغربية والقدس، لجرائم القتل والاعتداءات اليومية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاصب والمستوطنين الإرهابيين.
إن قلبي يعتصر ألما وحزنا وغضبا، على مقتل آلاف الأطفال، وإبادة أسر بأكملها، وتدمير المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس في قطاع غزة، وإن عقلي لا يصدق أن هذا يحدث على مسمع ومرأى من العالم، دون وقف فوري لهذه الحرب الوحشية، وتجنيب أبناء شعبنا العزل مزيدا من القتل والدمار. فإلى متى هذه الاستباحة والاضطهاد والقتل وغياب العدالة بحق الشعب الفلسطيني؟ أنا على يقين بأنكم لن تقبلوا، ولن يقبل أحرار العالم بالمعايير المزدوجة، وأن يبقى شعبنا ضحية لحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها اليوم.
إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومن يساندها ويحميها يتحملون المسؤولية كاملة عن قتل وجرح كل طفل، وكل امرأة، وكل فلسطيني في هذه الحرب الظالمة، وسنلاحق المحتلين في المحافل الدولية وسنحاسبهم ونعاقبهم في المحاكم الدولية، وإن ذهبوا لآخر العالم، ونشير في هذا الصدد، إلى أن الولايات المتحدة التي لها التأثير الأكبر على إسرائيل، تتحمل المسؤولية عن غياب الحل السياسي، ونطالبها بوقف العدوان الإسرائيلي، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا ومقدساتنا.
الأخ صاحب السمو الملكي، رئيس القمة، الإخوة القادة، إننا جميعا أمام لحظة تاريخية، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته من أجل إرساء قواعد السلام والأمن والاستقرار للجميع في منطقتنا، وحتى لا تتجدد دوامة العنف مرة تلو الأخرى، فإننا نؤكد ما يلي:
أولاً: نطالب مجلس الأمن، أن يتحمل مسؤولياته لوقف هذا العدوان الغاشم على شعبنا، وعلى الفور، وتأمين إدخال المواد الطبية والغذائية وتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى قطاع غزة، ومنع تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، وهو ما نرفضه قطعيا.
ثانيا: لن نقبل بالحلول العسكرية والأمنية، بعد أن فشلت جميعها، وبعد أن قامت سلطات الاحتلال بتقويض حل الدولتين، واستبدالها بتعميق الاستيطان، وسياسات الضم، والتطهير العرقي والتمييز العنصري في الضفة والقدس، وحصار قطاع غزة، وانتهاك الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية وسنواصل صمودنا في أرضنا ولن نساوم على حقوق شعبنا المشروعة.
ثالثاً: التأكيد على أن قطاع غزة، هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، ويجب أن يكون الحل السياسي شاملا، لكامل أرض دولة فلسطين بما يشمل الضفة والقدس وغزة، ونرفض القرصنة الإسرائيلية على أموالنا التي نرسلها شهريا لقطاع غزة، الذي لم نتخلَ عنه يوما واحدا، وقد بلغ إجمالي الموازنة التي أنفقناها في قطاع غزة منذ أحداث 2007، أكثر من 20 مليار دولار، وهذا واجبنا تجاه أبناء شعبنا لضمان تزويدهم بخدمات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه ورواتب الموظفين والضمان الاجتماعي.
رابعا: نطالب مجلس الأمن بإقرار حصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة، وعقد مؤتمر دولي للسلام وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، واعتماد خطة لتنفيذ حل سياسي مستند للشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي (194)، وذلك بضمانات دولية وجدول زمني للتنفيذ، هو الأمر الذي تعمل عليه دولة فلسطين، وتلتزم به منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
خامساً: ندعو لحشد الدعم الدولي لتمكين مؤسسات دولة فلسطين من مواصلة مهامها لدعم صمود شعبنا على أرضه، وبما يشمل إعادة إعمار قطاع غزة، وتنفيذ قراراتكم بشأن دعم الموازنة الحكومية وتوفير شبكة الأمان المالية التي تم إقرارها في القمم السابقة، خاصة في هذه الظروف الدقيقة، وكذلك توفير الموارد من أجل النهوض بالاقتصاد الفلسطيني ونأمل أن يكون ذلك في أسرع وقت، ونؤكد أننا سنواصل برامج الإصلاح في مؤسساتنا ونحن جاهزون للذهاب لانتخابات عامة تشمل كل الوطن الفلسطيني وبما فيها القدس. وفي الختام، أشكر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وأخي صاحب السمو الملكي ولي العهد، رئيس القمة على استضافة هذه القمة، وأشكر أصحاب الجلالة والفخامة القادة الأشقاء على مواقفهم الأصيلة لدعم شعبنا الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة والمصيرية. ولا يفوتني أن أشكر دول وشعوب العالم التي خرجت لإدانة العدوان وإسناد حقوق شعبنا العادلة والمشروعة. وفي ذكرى رحيل القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات. ولشعبنا أقول هنا باقون هنا صامدون، وعائدون، وهنا منتصرون بإذن الله.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات
10/11/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم
نستذكر اليوم القائد الشهيد الرمز ياسر عرفات" أبو عمار" في ذكرى استشهاده التاسعة عشرة، وشعبنا الفلسطيني يتعرض لعدوان شامل في غزة والقدس والضفة. في هذه الظروف الصعبة والكارثية، لا توجد كلمات لوصف حرب الإبادة الجماعية، والتدمير التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في غزة على أيدي آلة القتل الإسرائيلية، دون اعتبار لقواعد القانون الدولي. كيف يُمكن السكوت على مقتل وجرح أكثر من 40 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، والبنية التحتية والمستشفيات ومراكز الإيواء . من يقبل في هذا العالم، إبادة آلاف الأسر، ومن يقبل بقتل آلاف الأطفال. هذا إجرام ووحشية وهمجية. نجدد المطالبة الفورية بوقف هذه العدوان على الشعب الفلسطيني، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية من مواد طبية وغذائية ومياه وكهرباء ووقود. ونُحذر مجددا من تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني إلى خارج غزة أو الضفة أو القدس، ونرفض ذلك رفضاً قاطعاً، ولن نقبل بتكرار نكبة العام 1948 أو النزوح في العام 1967.
كما أن ما يحدث في الضفة في مدنها ومخيماتها وقراها والقدس لا يقل فظاعةً عما يحدث في غزة، من قتلٍ واعتداءات على الأرض والبشر والمقدسات، على أيدي قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين، التي تقوم بجرائم التطهير العرقي والتمييز العنصري، وقرصنة أموال الشعب الفلسطيني، تحت ذريعة أنهم لا يريدوننا أن ندفع الرواتب والخدمات لأهلنا في قطاع غزة، وأنا أقول: في هذه الظروف الصعبة سيكون لأهلنا في قطاع غزة الأولوية ولن نتخلى عنهم، فهم منا ونحن منهم.
ونؤكد أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسيٍ شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.
إننا نُحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة على ما يحدث، ونقول إن الحلول العسكرية والأمنية لن تجلب الأمن والسلام لأحد، ولن نقبل بإعادة احتلال قطاع غزة أو اقتطاع أي أجزاء منه، تحت أي مسمى كان.
إن الأمن والسلام في منطقتنا يتحققان بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وندعو لعقد مؤتمر دولي للسلام لتقديم الضمانات الدولية والجدول الزمني المحدد للتنفيذ.
ونجدد التأكيد في هذا الصدد، بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي عنوان الشعب الفلسطيني وصاحبة القرار الوطني المستقل.
إن الشهيد ياسر عرفات، ترك لنا إرثاً وثوابت وطنية لن نحيد عنها أبداً، فالتمسك بالأرض وعدم التفريط بحقوقنا الوطنية، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، وبقرارنا الوطني المستقل هي الأسس التي سنجسد عليها استقلال دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، فالشهيد ياسر عرفات والقادة المؤسسين عملوا على تعزيز الهوية الوطنية ووحدتنا الوطنية على أسس واضحة تدعم صمود شعبنا الفلسطيني على ارضه.
ونهيب بأبناء شعبنا الفلسطيني البطل في كل مكان، أن لا ينجروا إلى محاولات ضرب الصف الوطني وبث الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وندعو في هذه اللحظات الصعبة، ليتحلى الجميع بالمسؤولية، والتمسك بالوحدة الوطنية ورص الصفوف وعدم حرف البوصلة عن هدفها، وهو تحقيق أهداف مشروعنا الوطني في الحرية والاستقلال.
ونتقدم بالشكر الجزيل لشعوب ودول العالم التي خرجت لمساندة حقوق شعبنا الفلسطيني، والتي تعمل في المحافل الدولية من أجل دعم قضيتنا العادلة.
ونقول لشعبنا، إن الاحتلال إلى زوال، وعلينا الصمود والتمسك بأرضنا ومقدساتنا، وهويتنا الوطنية، والتي نفتخر بها، مؤكدين أننا سنحافظ على ثوابتنا الوطنية التي ضحى من أجلها شهداؤنا وجرحانا بدمائهم، وآسرانا البواسل بحريتهم، في سبيل نيل شعبنا حريته واستقلاله في وطنه ووطن أجداده.
الرحمة للشهداء
والشفاء للجرحى
والحرية للأسرى
والسلام عليكم.
كلمة الرئيس محمود عباس لدى استقباله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقر الرئاسة
بمدينة رام الله 24 تشرين الأول 2023
نرحب بكم فخامة الرئيس ماكرون في فلسطين، في هذه الظروف الصعبة التي يتعرض فيها شعبنا الفلسطيني لعدوان تستخدم فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي، دون أي اعتبار للقانون الدولي الإنساني، آلتها العسكرية المدمرة بطريقة وحشية لقتل المدنيين الأبرياء في غزة، والتي ذهب ضحيتها 6000 فلسطيني حتى الآن، منهم 2200 طفل و1600 امرأة، وخلال الـ 24 ساعة الأخيرة، قتلت إسرائيل 800 فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء.
علاوة على ما يتعرض له شعبنا في الضفة والقدس من الاعتداءات والقتل على أيدي المستوطنين الإرهابيين وبدعم من قوات الاحتلال الإسرائيلي. من يقبل في هذا العالم إبادة أسر بأكملها، وقصف المستشفيات وقطع المياه عن شعب بأكمله.
إن ما يجري اليوم من أحداث تتحمل إسرائيل مسؤوليتها، كما تشاركها المسؤولية دول العالم التي شجعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على مواصلة تعميق ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني دون محاسبة أو عقاب، بل أعطتها الغطاء والحماية، دون الاكتراث بالتاريخ الدموي لسلطات الاحتلال وحكوماتها المتعاقبة.
لقد حذرنا مراراً وتكراراً من استمرار السياسات والممارسات التدميرية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي ابتعدت فيها عن السلام واختارت الحلول العسكرية والأمنية، وعملت على تقويض حل الدولتين والاتفاقات الموقعة، واستبدلتها بتعميق الاستيطان، وسياسات الضم، والتطهير العرقي، والتمييز العنصري في القدس والضفة، علاوة على الإمعان في حصار قطاع غزة، وانتهاك الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والإصرار على تغيير هوية وطابع مدينة القدس.
يجري ذلك، في الوقت الذي يواصل الجانب الفلسطيني الذي تمثله دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، الالتزام بالشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة، وسياسات نبذ العنف والمقاومة الشعبية السلمية، وإتباع الطرق السياسية والقانونية لتحقيق أهداف شعبنا الوطنية. وقد أكدنا إدانتنا لقتل المدنيين من الجانبين، ودعونا لإطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين من الجانبين.
في هذه اللحظات التي يتعرض فيها شعبنا لعدوان همجي من آلة الحرب الإسرائيلية، نطالب بالوقف الكامل لإطلاق النار، وفتح ممرات دائمة للإغاثة الإنسانية لإدخال المواد الطبية والأغذية، وتوفير المياه والكهرباء والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساس. ونشدد على رفض تهجير الفلسطينيين من بيوتهم وأرضهم إلى خارج فلسطين سواء من غزة أو الضفة أو القدس.
ونقول إننا لن نقبل بالمزيد من الحلول العسكرية أو الأمنية، التي أوصلتنا لما نحن فيه اليوم، الأمر الذي قد يوصل المنطقة لحرب إقليمية وعالمية.
إننا نطلب من الجميع في هذه اللحظات الدقيقة، ونناشدكم فخامة الرئيس ماكرون، وأطراف مجلس الأمن، أن يتم وقف فوري لهذا العدوان على شعبنا، وتوفير الحماية الدولية العاجلة، وعقد مؤتمر دولي للسلام، والانتقال إلى الحل السياسي بدل الحلول العسكرية والأمنية، وذلك بتنفيذ حل الدولتين وفق الشرعية الدولية، الذي ينهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية. قطاع غزة هو جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، ونرفض أية حلول جزئية أو أمنية لقطاع غزة، ونتمسك بالحل السياسي الشامل. وندعو في هذا الصدد، لتشكيل تحالف دولي من أجل صنع السلام.
ونجدد التأكيد بان شعبنا سيبقى صامداً على أرضه ولن يرحل ونحن على ثقة بأنكم يا فخامة الرئيس ماكرون، ستبذلون جهودكم من أجل وقف هذه الإبادة لشعبنا ووقف هذه الحرب، وإنهاء الاحتلال لأرضنا وشعبنا ومقدساتنا، والاعتراف بدولة فلسطين وتمكين شعبنا من حريته واستقلاله.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام قمة القاهرة 21 تشرين الأول 2023
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية،
القادة ورؤساء الوفود، السيدات والسادة،
ينعقد هذا الاجتماع اليوم في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة، حيث يواجه شعبنا الفلسطيني الأعزل عدوانا غاشما ووحشيا، من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، التي تنتهك المحرمات، والقانون الدولي الإنساني، باستهدافها آلاف المدنيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، والمنشآت دون تمييز، وبخاصة المشافي، والمدارس، ومراكز إيواء المدنيين الناجين من ويلات الحرب، وقصف بيوتهم. إننا نحذر من محاولات تهجير شعبنا في غزة إلى خارجها، كما نحذر من أي عمليات طرد للفلسطينيين من بيوتهم أو تهجيرهم من القدس أو الضفة الغربية، لن نقبل بالتهجير، وسنبقى صامدين على أرضنا مهما كانت التحديات.
لقد طالبنا منذ اليوم الأول بوقف هذا العدوان الهمجي على الفور، وفتح ممرات إنسانية لإدخال المواد الإغاثية والطبية، وتوفير المياه والكهرباء، ولكنَّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح بذلك. من ناحية أخرى، نحذر من مواصلة اعتداءات قوات الاحتلال وارهاب المستوطنين ضد المدنيين العُزل في الضفة الغربية والقدس، واعتداءات مجموعات المتطرفين على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ونجدد التأكيد على رفضنا الكامل لقتل المدنيين من الجانبين، وإطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين كافة، ونؤكد بأننا نلتزم بالشرعية الدولية، والاتفاقيات الموقعة، ونبذ العنف، واتخاذ الطرق السياسية والقانونية لتحقيق أهدافنا الوطنية. هذه هي سياسات دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
هذه هي اللحظة التي يجب على الجميع التحلي فيها بالحكمة والنظرة نحو المستقبل، ونحن نرى أن دوامة العنف تتجدد كل فترة؛ بسبب غياب العدالة، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهنا نؤكد بأنَّ الأمن والسلام يتحققان بتنفيذ حل الدولتين، المستند للشرعية الدولية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194، وذلك بضمانات دولية، وجدول زمني محدد للتنفيذ.
وإنني أدعو لأنّ يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته لحماية الشعب الفلسطيني، وحصول دولة فلسطين على عضويتها الكاملة واعتراف باقي دول العالم بدولة فلسطين، والذهاب إلى مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية لتحقيق هدف السلام المنشود.
أشكر فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية على دعوته واستضافته لهذا المؤتمر، وأشكر جميع الأطراف المشاركة، وكل من يقدم يد العون لشعبنا الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة والمصيرية.
أيها السيدات والسادة.. لن نرحل.. لن نرحل.. لن نرحل، وسنبقى في أرضنا
كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع القيادة العاجل 18 تشرين الأول 2023
بسم الله الرحمن الرحيم
الفاتحة على أرواح شهداء مجزرة مستشفى المعمداني وكل شهداء شعبنا
أبناء وبنات شعبنا القابضين على الجمر،
أهلنا في غزة وفي القدس والضفة وفي كل مكان في العالم،
ما جرى هذه الليلة فاجعة كبيرة وجريمة حرب بشعة، لا يمكن السكوت عنها او ان نجعلها تمر بدون حساب.
الليلة تم قصف مستشفى المعمداني في مدينة غزة، من قبل إسرائيل، حيث ارتقى مئات الشهداء والجرحى المدنيين الذين لجأوا اليه ليحتموا فيه لمكانته الدينية والطبية ولم تكترث حكومة الاحتلال الإسرائيلية بكل ذلك.
انها جريمة لا تغتفر وبذلك تكون حكومة الاحتلال قد تخطت كل الخطوط الحمراء ولن نسمح لها بالإفلات من المحاسبة والعقاب.
منذ اليوم الأول للعدوان عملنا على حقن دماء شعبنا، وأمام هذه الفاجعة التي حدثت الليلة، وحرصاً على أبناء شعبنا، قررت قطع زيارتي والعودة لأرض الوطن لأكون بين أبناء شعبي في هذه المحنة الكبيرة. كما اتفقت مع الاشقاء في الاردن ومصر على الغاء القمة المقررة في عمان اليوم مع الرئيس بايدن.
وأدعو الجميع في هذه اللحظات لرص الصفوف والوحدة وعدم حرف البوصلة وعدم الانجرار للفتن التي لن يستفيد منها الا أعداء الشعب الفلسطيني.
75 عاماً من المعاناة ومن التشرد والاحتلال، والاستيطان والجرائم والانتهاكات المخالفة للقانون الدولي، والعالم في صمت مطبق.
حذرنا المجتمع الدولي من عواقب جرائم الاحتلال الإسرائيلي، واطالب في هذه اللحظات العصيبة بمحاسبة حكومة الاحتلال وتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا. اتخذوا عشرات القرارات للحماية الدولية لشعبنا ولم يطبقوها لأن اميركا لا تريد ان تطبقها.
هذا العدوان على أبناء شعبنا يجب أن يتوقف، وهذه الجرائم يجب أن تتوقف.
لن نسمح بنكبة جديدة في القرن الواحد والعشرين، ولن نقبل بأن يهجر شعبنا مرة اخرى، شعبنا سيبقى صامداً على أرض وطنه ولن نرحل ولن نرحل ولن نرحل مهما بلغت التضحيات.
سنقوم بكل ما يلزم لنوقف حمام الدم في غزة الأبية وفي الضفة الباسلة، ان أي كلام غير وقف هذه الحرب لن نقبل به من أحد إطلاقا، وعلى مجلس الأمن تحمل مسؤولياته وأن يبادر إلى اصدار قرار بإدانة هذه الجريمة ووقف العدوان فوراً.
ندعو جماهير شعبنا البطل الى الوحدة والتلاحم ان اللحظة مصيرية وخطيرة. لا يمكن الا ان تواجه بالوحدة وبالصمود في وجه العدوان الإسرائيلي.
اتوجه بتحية التقدير لجماهير شعبنا في قطاع غزة البطل وفي كل مكان واقول لهم ان المخطط الإسرائيلي بتهجيركم من ارض وطننا لن يمر وسنتصدى له بكل السبل.
ونقدر موقف كل الدول العربية التي رفضت التهجير ولا نسمح به. كل الدول التي تدعو إلى عدم التهجير ولا تسمح به نقدر موقفها.
شعبنا لن يركع ولن يستسلم وسينتصر
سنبقى في حالة اجتماع دائم، اعتبارا من هذه الليلة، لنتخذ القرارات المناسبة من أجل وقف هذه المذابح والمجازر التي ترتكب بحق شعبنا، الاجتماعات ستبقى متواصلىة لاتخاذ أي قرارات ترونها مناسبة، ونطالب العالم الذي وقف دائما موقف الصمت ان يتحرك، آن له أن يتحرك، آن له أن يتكلم، آن له أن يقول كلمة، أما ان يبقى هكذا كأن الشعب الفلسطيني غير موجود، وكأن الدم الفلسطيني لا قيمة له، الكل يسكت والكل يصمت، لن نقبل هذا، لن نقبل من العالم بعد اليوم هذا، ونحن لن نصمت، لكن اهم شيء أن نبقى على أرضنا، لن نرحل من ارضنا، ولن نسمح لاحد أن يرحلنا من ارضنا كما فعلوا بالماضي، الماضي لن يتكرر، والـ48 والـ67 لن تتكرر، هنا باقون.
الرحمة للشهداء الابرار والشفاء للجرحى والحرية للاسرى.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة 21 أيلول 2023
واهمٌ من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة".
مرةً أُخرى، آتيكم حاملًا قضية شعبي المكافح من أجل الحرية والاستقلال، لأذكركم بمأساته التي تسببت بها النكبة منذ خمس وسبعين سنة، والتي لا تزال آثارها تتفاقم بفعل الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، هذا الاحتلال الذي يتحدى قراراتكم التي زادت عن الألف، وينتهك مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، بينما هو يسابق الزمن لتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديموغرافي على الأرض، من أجل إدامة الاحتلال وتكريس الفصل العنصري (الأبرتهايد).
ورغم هذا الواقع الأليم، وبعد مرور ثلاثين عاما على اتفاق أوسلو الذي تحللت منه إسرائيل، لا يزال لدينا أمل في أن تتمكن مُنظمتكم الموقرة من تنفيذ قراراتها التي تقضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وتجسيد استقلال دولة فلسطين كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وبالذات قرار الجمعية العامة رقم 194، وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، التي تؤكد جميعها عدم شرعية الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، وبخاصة القرار 2334، وكذلك مبادرة السلام العربية.
أيتها السيدات والسادة
بينما أقف أمامكم هنا، تواصل حكومة اليمين العنصري الإسرائيلية اعتداءاتها على شعبنا، وتُمعن من خلال جيشها ومستوطنيها الإرهابيين العنصريين في ترهيب وقتل أبناء شعبنا، وتدمير البيوت والممتلكات، وسَرِقة أموالنا ومواردنا، واحتجاز جثامين الشهداء، على مسمع ومرأى العالم، ودون أيّ رادع أو عقاب أو مساءلة، لا بل لقد أصبح قادة هذه الحكومة ووزراؤها يتباهون بسياسة الفصل العنصري (الابرتهايد) التي يمارسونها على شعبنا تحت الاحتلال.
كذلك تقوم حكومة الاحتلال باستباحة مدينة القدس وأهلها، وتعتدي على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية فيها، وتخرق الوضع التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة، وبالذات في المسجد الأقصى المبارك، الذي أقرت الشرعية الدولية أنه حقٌ حصريٌ للمسلمين وحدهم، بما في ذلك مصلى باب الرحمة وحائط البراق، طبقًا لتقرير عصبة الأمم عام 1930.
كما تمعن دولة الاحتلال في حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى وحوله، ما يهدد بانهياره، أو أجزاء منه، بما سيؤدي إلى انفجار لا تُحمد عقباه، ولقد حذرنا مرارا وتكرارا من تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني، سوف تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عنه، وهنا أُطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والمسجد الإبراهيمي في الخليل.
وأتساءل هنا: لماذا السكوت على كل ما تقوم به إسرائيل، دولة الاحتلال، من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي؟ ولماذا لا تَخضع للمساءلة والمحاسبة الجادة، ولا تفرض عليها العقوبات لتجاهلها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية، كما يجري مع دول أخرى؟ ولماذا تمارس المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ ولماذا القبول بأن تكون إسرائيل دولة فوق القانون؟ أما آن الوقت للإجابة عن هذه التساؤلات؟
نحن من جانبنا سنقوم برفع شكاوى للجهات الدولية ذات العلاقة على إسرائيل بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، والجرائم التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحقنا، وعلى كل من بريطانيا وأميركا لدورهما في وعد بلفور المشؤوم، وعلى كل من كان له دور في نكبة ومأساة شعبنا، مطالبين بالاعتراف والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات وفق القانون الدولي.
السيدات والسادة
أمام الاستعصاء الذي تواجهه عملية السلام بسبب السياسات الإسرائيلية، لم يَبقَ أمامنا سوى الطلب إليكم عقد مُؤتمرٍ دوليٍ للسلام، تُشارك فيه جميع الدول المعنية بتحقيق السلام في الشرق الأوسط بشكل عام، ولذلك فإنني أطلب من مُنظمتكم المُوقرة، ومن الأمين العام، السيد انطونيو غوتيرش، وضع الترتيبات والدعوة إلى انعقاد هذا المؤتمر، الذي قد يكون الفُرصةَ الأخيرةَ لإبقاء حل الدولتين مُمكنا، ولمنع تدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة، ما يهدد أمن واستقرار منطقتنا والعالم أجمع.
كما أنني أُطالب منظمتكم والأمين العام، بتنفيذ قرارات توفير الحماية للشعب الفلسطيني من العدوان المتواصل لجيش الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين الإرهابيين، ودعم توجهنا للمحاكم والجهات الدولية ذات الاختصاص، لأن الوضع القائم لم يعد مُحتملا.
وأمام كل ما تقوم به إسرائيل، أيها السيدات والسادة، من تدمير مُمنهج لحل الدولتين، فقد بات ضروريًا، ومن أجل حماية هذا الحل، أن أدعو الدول الأعضاء في منظمتكم الموقرة؛ كل دولة بصفتها الوطنية، إلى اتخاذ خطوات عملية مستندة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وللقانون الدولي، كما أدعو الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى إعلان هذا الاعتراف، وكذلك أن تحظى دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
أنا لا أستطيع أن أفهم ولا أن أتقبل أن تُحجِم بعض الدول، بما فيها أميركا ودول أوروبية، عن الاعتراف بدولة فلسطين، التي قبلتها الأمم المتحدة عضوا مراقبا فيها، هذه الدول التي تؤكد كل يوم تأييدها لحل الدولتين، لكنها تعترف بدولة منهما فقط وهي إسرائيل، لماذا؟ وما هو الخطر الذي يُشكله حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟.
إن إسرائيل التي تحظى بهذا الاعتراف الأُممي، لم تلتزم بشروط انضمامها إلى الأمم المتحدة، والمتمثلة بتنفيذ القرارين (181 و194)، وعليه، فإننا نُطالب مُنظمتكم الموقرة باتخاذ إجراءات رادعة بحق إسرائيل، إلى أن تفي بالتزاماتها التي قُدمت في إعلان مكتوب من قبل وزير خارجيتها في حينه، موشي شاريت.
إن طلبنا هذا إنما هو من أجل السلام والعدل، واحترامًا للقانون الدولي وللشرعية الدولية، ولمنظمتكم الموقرة.
السيدات والسادة
يدافع شعبنا عن وطنه وعن حقوقه المشروعة، من خلال المقاومة الشعبية السلمية كخيار إستراتيجي للدفاع عن النفس، ولتحرير الأرض من احتلال استيطاني لا يؤمن بالسلام، ولا يقيم وزنًا لمبادئ الحق والعدالة والقيم الإنسانية. وسوف نواصل مقاومتنا هذه لهذا الاحتلال الغاشم حتى يندحر عن أرضنا.
السيدات والسادة
نحن نُدير شؤوننا في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد جراء القيود التي تفرضها علينا دولة الاحتلال، والتي تمنعنا من الوصول إلى مواردنا الطبيعية، وتحتجز أموالنا دون وجه حق، وتواصل حصارها على أهلنا في قطاع غزة، بما يترتب على ذلك من زيادة معاناة شعبنا.
وكذلك، فإن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة، ومن خلال سيطرتها على جميع نقاط العبور والخطوط الفاصلة بين الضفة الغربية المحتلة ومحيطها، عن الانتشار المتعمد للسلاح والمخدرات وأعمال القتل الإجرامية التي تجري في المدن العربية داخل إسرائيل، والتي يمتد جزء منها إلى مناطقنا، وهو ما بات يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن المجتمعي للفلسطينيين في كل مكان من أرضنا.
واسمحوا لي أن أقول لكم: إنه طالما بقينا نرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض، فإننا سنبقى بحاجة إلى المساعدات المالية من المجتمع الدولي، وكذلك توفير الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، شاكرين للمجتمع الدولي ما قدمه لنا من دعم لبناء دولتنا واقتصادنا، ونتطلع إلى مواصلة هذا الدعم حتى يرحل الاحتلال ونتمكن من الاعتماد على أنفسنا.
السيدات والسادة
تنخرط مؤسسات دولتنا في عملية إصلاح وتطوير شاملة، وتتعاون في هذا السياق مع مؤسسات دولية ومع شركاء لنا في الإقليم والعالم.
لقد قمنا مؤخرًا بإجراء الانتخابات المحلية، وانتخابات المؤسسات والاتحادات والنقابات وغيرها، وهناك لجنة مختصة لتطوير قطاع العدالة في فلسطين، كما يقوم المجتمع المدني بدوره في إضفاء الحيوية على نظامنا السياسي، ولم يبق أمامنا سوى إجراء الانتخابات العامة الديمقراطية، كما جرت في أعوام 1996، 2005، 2006، ولكن الحكومة الإسرائيلية تُعرقل ذلك، من خلال قرارها منع إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، رغم التدخل المقدر من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لتمكين أهلنا الفلسطينيين في القدس من التصويت والترشح في هذه الانتخابات، ونحن نجدد اليوم رفضنا لأي موقف يحملنا مسؤولية عدم إجراء هذه الانتخابات، التي هي ضرورة فلسطينية نريدها اليوم قبل الغد.
وأمام هذا الموقف المتعنّت للحكومة الإسرائيلية، سنواصل التوجه للجهات الدولية ذات العلاقة لرفع قضايا على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على السماح لنا بإجراء هذه الانتخابات التي طال انتظارها.
السيدات والسادة
لقد شاركت في شهر مايو (أيار) الماضي في إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية وفق ما أقرته منظمتكم الموقرة، بعد أن جرى تجاهل هذه الذكرى الأليمة من قبل إسرائيل، الجهة المسؤولة الأولى عن هذه النكبة، التي أدعوكم اليوم إلى تجريم إنكارها، واعتماد الخامس عشر من أيار من كل عام، يوما عالميا لإحياء ذكراها، وذكرى مئات آلاف الفلسطينيين الذين قُتلوا في مذابح ارتكبتها العصابات الصهيونية، ومن هُدمت قُراهم أو شردوا من بيوتهم، والذين بلغ عددهم 950 ألفًا، شكلوا أكثر من نصف السكان الفلسطينيين في حينه، وهذا أقل ما يمكن أن تفعله الأمم المتحدة، إكراما لهؤلاء الضحايا، واستنكارا لهذه المأساة الإنسانية.
أيها السيدات والسادة
نواصل منذ عدة سنوات عرض روايتنا الفلسطينية، وقصة شعبنا التي جرى تشويهها عن عمد، بفعل آلة الدعاية الصهيونية والإسرائيلية، وإنه من دواعي ارتياحنا أن شعوب العالم والعديد من دوله بدأت تقتنع بروايتنا وتتعاطف معها، بعد أن جرى تضليلها على مدى عقود، ونحن نشكر جميع من أسهم في تعميم هذه الرواية ودعمها وتعاطف معها، كما نشكر أصحاب الضمائر الحية في كل مكان في هذا العالم الذين ينتصرون اليوم للحق الفلسطيني ويدعمون نضال شعبنا من أجل نيل الحرية وتحقيق الاستقلال.
السيدات والسادة
رسالتي اليوم للإسرائيليين هي أن هذا الاحتلال البغيض الذي يمارسونه ضدنا لن يدوم مهما كانت الأطماع والأوهام، لأن الشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه التي سكنها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، وقد أكد على ذلك قرار منظمة اليونيسكو الأخير حول مدينة أريحا، ولا يمكن لهذا الشعب أن يرحل عن أرضه، وإن كان لأحد أن يرحل عنها فهم المحتلون والمغتصبون.
ورسالتي إلى المجتمع الدولي هي أن يتحمل مسؤولياته بكل شجاعة، وأن ينفذ قراراته المتعلقة بإحقاق الحق الفلسطيني.
وأخيرا، أتوجه لأبناء شعبنا جميعا في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي كل مكان من هذا العالم الواسع، بأسمى آيات التقدير والعرفان، على صمودهم وإصرارهم على التمسك بالحقوق، وأتوجه بتحية إجلال وإكبار لشهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، وجرحانا الأبطال، وأقول للجميع ما ضاع حق وراءه مطالب، وإن النصر حليفنا، وسوف نحتفل باستقلال دولتنا في القدس عاصمتنا الأبدية، ودرة التاج وزهرة المدائن.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام مجموعة الـ 77والصين في العاصمة الكوبية هافانا 15 أيلول 2023
فخامة الرئيس ميغيل دياز كانيل،
رئيس جمهورية كوبا، ورئيس مجموعة 77+ الصين
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
بداية أود أن أعبّر عن تعازينا الحارة لكل من أشقائنا في المملكة المغربية ودولة ليبيا، بما ألم بهم من مأساة أودت بحياة الآلاف من الضحايا.
السيدات والسادة،
أتقدم لفخامتكم بالشكر الجزيل على دعوتنا للمشاركة في أعمال هذه القمة لمجموعة 77+ الصين حول التحديات التنموية الحالية التي تواجهها المجموعة، ودور العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وهي مسألة إستراتيجية هامة لدول هذه المجموعة وشعوبها، وخاصة أنها ستعزز مخزون المعرفة والإمكانات في مجال التطور العلمي والتقني، مؤكدين الحاجة الماسة إلى مزيد من التنسيق والتكامل، وذلك لتجاوز التحديات، والتقدم إلى الأمام لتحقيق تطلعات شعوبنا نحو المستقبل الزاهر.
إننا نجتمع في فترة يشوبها انعدام اليقين، تلقت فيها التنمية المستدامة في البلدان النامية ضربة خطيرة. وعلى الرغم من أن الكثير قد تحقق منذ اعتماد خطة عام 2030، لا يزال هناك الكثير مما يتعين علينا القيام به. فمن الوباء العالمي إلى التدابير القسرية الانفرادية، كما يتجلى ذلك بشكل صارخ في الحصار المفروض على كوبا، التي نعبر عن تضامننا الكامل معها، إضافة إلى مسألة اتساع فجوة عدم المساواة إلى تغير المناخ، أصبح حجم تحديات اليوم محسوسا على نطاق واسع في جميع أنحاء دول الجنوب، في اتجاه مثير للقلق، ما أدى إلى وضع البلدان النامية بشكل فوري على الخطوط الأمامية.
السيد الرئيس،
تتمحور الأجندة العالمية لمستقبلنا المشترك حول مبادئ العدالة والإنصاف، وعدم ترك أحد خلف الركب، بما في ذلك أولئك الذين سُلبوا حقهم في تقرير المصير والحرية، ولا سيما الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، ويواجه بسبب ذلك تحديات متزايدة تتعلق بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة من حيث الوتيرة والنطاق.
ولذلك فإن الوضع التنموي في فلسطين يختلف عنه في دول العالم الأخرى، فهو يخضع لنظام الفصل العنصري المؤسسي في إسرائيل، والاحتلال غير القانوني، والمشروع الاستعماري الذي يُنكر حقنا في التنمية، إذ تتبنى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، سياسات ممنهجة تهدف إلى تقويض تنمية شعب بأكمله.
لقد واجهنا مؤخرًا، مع بقية الدول، العواقب الوخيمة للأزمة الاقتصادية العالمية، والتضخم وارتفاع أسعار السلع الأساس، بما في ذلك المنتجات الغذائية والنفطية.
ومن المعروف للجميع أن السياسات غير القانونية المتمثلة في استعمار أرضنا، ونهب ثرواتنا، ومواردنا الطبيعية، والعقاب الجماعي، والتدهور البيئي، والقيود على الحركة التي تفرضها سلطة الاحتلال، قد أدت إلى تدمير اقتصادنا.
وبالتالي لا يمكن لاقتصادنا أن يكون مستدامًا أو قابلاً للحياة في ظل استمرار الاحتلال، فعندما يكون أكثر من 60% من الأرض الفلسطينية، خارج نطاق التنمية الفلسطينية، وعندما تستمر المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وجدار الفصل العنصري والطرق المخصصة للمستوطنين فقط، في التوسع في ظل تصاعد عنف جيش الاحتلال وإرهاب المستوطنين الإرهابيين، فكيف يمكن أن يكون ازدهار أو تنمية مستدامة؟
في عام 2011، أقر المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وآخرون، باستعداد فلسطين المؤسسي للاستقلال.
ولقد مر 12 عامًا منذ ذلك الحين، واجهنا خلالها أزمة اقتصادية خطيرة، وذلك بسبب التعنت الإسرائيلي على المسار السياسي والممارسات غير الشرعية على الأرض، وتطرح هذه الأزمة سؤالاً أخلاقيًا وسياسيًا مهمًا على المجتمع الدولي، الذي استثمر سياسيًا واقتصاديًا في حل الدولتين، ألم يحن الوقت لإنهاء هذا الظلم التاريخي المركّب الذي طال الشعب الفلسطيني؟
السيد الرئيس،
إن الشعب الفلسطيني، بدعم من مجموعة الـ77 والصين، التي كان لنا شرف رئاستها في عام 2019، لعازم على التغلب على الظلم التاريخي الذي خنق تنميته وأعاق تطلعاته طوال قرن من الزمن، وبينما نحن نتحدث الآن، فإن سياسات إسرائيل وممارساتها تسعى إلى ترسيخ احتلالها الاستعماري الاستيطاني وفرض واقع الفصل العنصري، الأمر الذي لا يجوز السكوت عنه.
هذا الوضع الراهن يجب أن ينتهي، وعلينا أن نتحرك الآن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية منذ عام 1967، وحل جميع قضايا الوضع الدائم بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين. كما يجب إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وفي مواجهة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب الفلسطيني، فإننا على ثقة بأن مجموعتنا ستواصل دعمها لنا، وسوف تستمر في الدفاع عن مُثُل مجموعة الـ77 والصين ومبادئها.
وفي الوقت نفسه، فإننا نؤكد لشركائنا في مجموعة الـ77 والصين أن الشعب الفلسطيني سوف يثابر ويواصل نضاله المشروع لتحقيق حقوقه، وهو مؤمن بحتمية الحرية والازدهار بسبب تضحياته والتزامه بالسلام، فضلاً عن الدعم الثابت والمبدئي من الأصدقاء أمثالكم.
نُجدد شكرنا الجزيل للرئيس كانيل وللشعب الكوبي الصديق على دعمهما لحقوق شعبنا في المحافل الدولية كافة، والشكر موصول لكم جميعًا أيها الإخوة والأخوات قادة الدول ورؤساء الوفود، وتمنياتنا لهذا المؤتمر بالنجاح، متطلعين إلى أن نتمكن من عقده في دولة فلسطين، تعبيرًا عن دعمكم المعنوي والأخلاقي لحقوقنا وتطلعاتنا. والسلام عليكم.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية
في مدينة العلمين الجديدة بجمهورية مصر العربية 30 تموز 2023
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا
صدق الله العظيم
الإخوة والأخوات الأعزاء
أبدأ حديثي إليكم بأن أتوجه بجزيل الشكر وعظيم التقدير إلى أخي سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى جمهورية مصر العربية على كريم استضافتهم، وما قدموه من تسهيلات لانعقاد هذا الاجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، والشكر موصول لمصر الشقيقة على رعايتها المتواصلة لجهود المصالحة الفلسطينية، وحرصها الصادق على إنجاح هذه المصالحة من أجل حماية وحدتنا الوطنية ومصالح شعبنا ووطننا الغالي فلسطين، التي يجب أن تظل واحدة موحدة بشعبها وأرضها وقيادتها.
كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى جميع الأشقاء والأصدقاء الذين بذلوا وما زالوا يبذلون كل جهد مستطاع من أجل رأب الصدع الفلسطيني، ونخص بالذكر الأشقاء في كل من الجزائر وقطر وتركيا والأردن، والأصدقاء في روسيا الاتحادية والصين، كما لا ننسى جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية، التي رعت واحتضنت اتفاق مكة المكرمة عام 2007.
أيها الإخوة والأخوات
منذ أكثر من قرن من الزمن، ومنذ أن تآمر الاستعمار الغربي، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على إصدار وعد بلفور المشؤوم عام 1917، الذي أعطى به من لا يملك وعداً لمن لا يستحق، وشعبنا المرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يناضل ويجاهد ضد الاستعمار والاحتلال، ويقدم آلافاً من الشهداء والجرحى والأسرى على طريق الحرية والكرامة والاستقلال.
ولا يزال هذا الشعب العظيم يواصل كفاحه المشروع بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ممثله الشرعي والوحيد، التي نجحت بعزيمة شعبها، وتضحيات شهدائها، وحكمة سياساتها، في انتزاع اعتراف العالم أجمع بها، وبحق شعبنا في الحرية والاستقلال والدولة، وفي حجز مكان لائق لفلسطين في إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي، حيث تعترف اليوم بدولة فلسطين أكثر من 140 دولة حول العالم، كما نجحنا تحت راية هذه المنظمة في عام 2012، في رفع مكانة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى دولة مراقب، ورفعنا علمنا شامخاً في الأمم المتحدة، إلى جانب أعلام دول العالم كافة.
ولقد أتاح لنا هذا الإنجاز السياسي والقانوني الدولي، الانضمام كعضو كامل العضوية إلى أكثر من 130 معاهدة ومنظمة دولية من أصل 522، مثل منظمة اليونسكو، والمحكمة الجنائية الدولية، والإنتربول الدولي وغيرها، كما أتاح لدولة فلسطين أن تترأس أكبر مجموعة دولية بعد الأمم المتحدة، وهي مجموعة 77+ الصين، وغير ذلك مما ليس خافياً عليكم، ولا على أبناء شعبنا الذي يستحق ذلك.
وفي زيارتنا الأخيرة إلى الصين (زيارة دولة تاريخية)، تم رفع مستوى العلاقة مع الصين إلى شراكة إستراتيجية، ما يعزز مستوى التعاون بين البلدين على الصعد كافة، كما أصبحنا أعضاءً في اتفاقية الحزام والطريق، وحصلنا على موافقة الصين لنكون شركاء حوار في منظمة شانغهاي للتعاون، كما شاركنا في مؤتمر لمنظمة البريكس على مستوى الأحزاب بدعوة من جنوب إفريقيا، وذلك على طريق الانضمام إلى العضوية المراقبة في هذه المنظمة الدولية الكبرى.
وسوف نستمر في النضال من أجل نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، واعتراف الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية.
إن اعتراف الشرعية الدولية بنا، والاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية التي أصبحت جزءاً من المنظومة الدولية رغم أنها ما زالت تحت الاحتلال، هو إنجاز إستراتيجي تحقق بنضال طويل ومرير، وقد دفعنا ثمناً باهظاً من أجل نيل هذا الاعتراف.
كما أن قبولنا بالشرعية الدولية ضَمِنَ لنا مكاناً مرموقاً ومعترفاً به على خارطة العالم السياسية والقانونية والدبلوماسية، وذلك منذ أن تم الاعتراف بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد لشعبنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أن يتم في العام 2012 الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب في الجمعية العامة، وبذلك أصبحنا أكثر قدرة على الحفاظ على حقوقنا الفلسطينية المشروعة، وعلى مواصلة نضالنا لإنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولتنا الفلسطينية.
إن غايتنا من هذا النضال الطويل أيها الإخوة والأخوات هي إنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، وتحقيق عودة اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وسوف نواصل تحركنا السياسي والدبلوماسي والقانوني ضد هؤلاء المحتلين في المحافل الدولية كافة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وسنواصل العمل مع أشقائنا وأصدقائنا في العالم لمحاصرة دولة الاحتلال، وفرض العقوبات عليها، ووقف عضويتها في الأمم المتحدة، حيث إنها حصلت على عضويتها هذه على أساس التزامها بتطبيق القرارين 181 و194، بموجب رسالة موقعة من وزير خارجيتها موشيه شاريت، إلا أنها إلى يومنا هذا لم تنفذ التزاماتها، وعليه، سنعمل في الفترة القادمة مع أطراف المجتمع الدولي على تجميد أو إلغاء عضويتها في الأمم المتحدة.
وفي إطار هذا النضال السياسي والقانوني، سوف نواصل العمل مع المؤسسات والمنظمات والمحاكم الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال بما ارتكبته من جرائم خلال فترة احتلالها، كما سنقدم قضايا ضد كل من أمريكا وبريطانيا لمسؤوليتهما في وعد بلفور، وتنفيذ ذلك من خلال الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي كان بمثابة احتلال للشعب الفلسطيني.
كما سنواصل الجهد من أجل تأمين الحماية الدولية لشعبنا، وحماية أهلنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية في القدس.
أيها الإخوة والأخوات
إن من أهم أسلحتنا اليوم هو نشر روايتنا الفلسطينية التي تؤكد وجود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه التاريخي، ووجوده المتواصل على هذه الأرض منذ آلاف السنين، وقد أصبحت هذه الرواية الفلسطينية الأصيلة تلقى قبولاً وتعاطفاً في مختلف أنحاء العالم.
إن نجاحنا في فرض روايتنا الوطنية على الوعي الإنساني، هو في حد ذاته دحض للمزاعم والروايات الصهيونية والإسرائيلية المزيفة التي سعت وتسعى إلى تشويه صورة شعبنا ونضاله المشروع من أجل استرداد حقوقه الوطنية.
إن حقنا في مواجهة باطلهم سوف ينتصر طال الزمان أم قصر (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) صدق الله العظيم.
ولقد شاركنا في هذا السياق، في 15 أيار الماضي، في إحياء الذكرى الـ75 للنكبة في نيويورك، بناءً على قرار أممي، ولأول مرة في تاريخ قضيتنا الوطنية، ونسعى الآن إلى استصدار قرار أممي للاعتراف بهذه النكبة وتجريم إنكارها، وإحياء ذكراها في كل عام، وهذا القرار أقرته جامعة الدول العربية، ونعمل على تحويله إلى قرار دولي.
كما نركز بشكل خاص على إحداث التحولات لدى الرأي العام في الدول الاستعمارية التي رعت وترعى إسرائيل إلى يومنا هذا، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية (ولدينا في هذا السياق نموذج جنوب إفريقيا)، وسنواصل العمل على الساحة الأوروبية، وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
أيها الإخوة والأخوات، نحن نواجه اليوم أشرس حملة عدوانية من دولة الاحتلال، حيث الاستيطان المسعور، وانفلات عقال المستوطنين الإرهابيين، بالإضافة إلى جرائم القتل ونهب موارد شعبنا، والتنكر لأي مسار سياسي ينهي الاحتلال، هذا فضلاً عن الهجمة الاحتلالية المسعورة على القدس ومقدساتها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.
وقد تعرض مخيم جنين قبل أسابيع قليلة، لعدوان إسرائيلي آثم، وهو ليس العدوان الأول على شعبنا، ولن يكون الأخير، لأن الاحتلال يهدف إلى كسر إرادتنا ومنع تحقيق الدولة: (نتنياهو تحدث بشكل واضح عن هدف إجهاض واجتثاث حلم الدولة الفلسطينية)، رغم أن الدولة الفلسطينية قائمة بالفعل، ومعترف بها، ولكنها تحت الاحتلال.
إن العدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل يفرض علينا أن نرتقي جميعاً إلى مستوى المسؤولية الوطنية الحقّة، وأن نعمل على ترتيب بيتنا الوطني، حتى نتمكن من مواجهة هذا الاحتلال الذي يستهدف وجودنا وحقوقنا ومقدساتنا.
ولأجل هذا، وجهت الدعوة إليكم من أجل هذا اللقاء، لكي نتدارس سبل إنجاز وحدتنا الوطنية، وتعزيز صمود شعبنا، وصد العدوان المتواصل علينا وحماية وطننا وشعبنا ومقدساتنا.
أيها الإخوة والأخوات
لقد قدمنا آلاف الشهداء والأسرى والجرحى على طريق الحرية والاستقلال، وإن المسؤولية الوطنية، فضلاً عن تضحيات هؤلاء الأبطال، تفرض علينا أن نقول الحق ولو كان مراً، وأن نتصارح مهما كانت صراحتنا مؤلمة، ولذلك أقول لكم بكل صراحة ومسؤولية: إن الانقلاب الذي وقع عام 2007، وما جره علينا وعلى قضيتنا
وشعبنا من انقسام بغيض، لهو نكبة جديدة أصابت شعبنا وقضيتنا، والواجب هو إنهاؤه فوراً وبلا أي تردد أو تأخير.
إن وحدتنا، وعملنا الجماعي المشترك، ولكي يحقق الأهداف والغايات النبيلة المرجوة منه لشعبنا وقضيتنا، يجب أن يقوم على مبادئ وأسس واضحة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة وترتيب البيت الداخلي، وهذه المبادئ والأسس هي:
إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب الالتزام بها وببرنامجها السياسي وبجميع التزاماتها الدولية.
وكما قلت لكم سابقاً، فالعالم بأسره يعترف بـمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهي البيت الجامع للفلسطينيين جميعاً، بل وأكثر من ذلك، فهي الكيان الوطني والسياسي للشعب الفلسطيني، وأم الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس، وحامية القرار الوطني المستقل والهوية الوطنية الفلسطينية، ولا يجوز لأي فلسطيني أن يتحفظ على هذه المنظمة وبرنامجها الوطني والسياسي، بل إنه من الواجب الإجماع على حمايتها، لأنها تعتبر من أهم مكتسبات شعبنا، كما أن العالم يعترف بالدولة الفلسطينية باعتبار أنه تم الإعلان عن قيامها بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية.
وجوب الالتزام بالشرعية الدولية، وقد تحدثت إليكم آنفاً عن أهمية ذلك لقضيتنا وحقوقنا.
المقاومة الشعبية السلمية، وهنا أقول أيها الإخوة والأخوات، إننا قد مارسنا أشكال النضال المختلفة في مراحل مختلفة في مسيرتنا الوطنية، ونحن نرى اليوم أن المقاومة الشعبية السلمية، وفي هذه المرحلة، هي الأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية، وإن اختيارنا لهذا الأسلوب من الكفاح الوطني ليس اختياراً عشوائياً، بل هو خيار مدرك ومدروس ويستند إلى معطيات وتجارب تاريخية.
وأمام الاحتلال، واستمرار إرهاب المستوطنين، يتوجب علينا أن نتفق على هذه المقاومة للتصدي لعدوان المحتلين، كما يتوجب على المجتمع الدولي توفير الحماية الدولية لشعبنا في مواجهة من يعتدون عليه.
وجوب إنهاء الانقسام، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، في إطار دولة واحدة، ونظام واحد، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، وحكومة واحدة، ومصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية تفرض ذلك وتوجبه.
وقبل الختام، أود أن أقول كلمة بخصوص الانتخابات.
الانتخابات هي وسيلتنا الوحيدة لتداول المسؤولية، والمشاركة الوطنية، وأُعلن هنا لكم وللعالم أجمع، أننا نريد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني اليوم قبل غد، شريطة أن يتمكن أهلنا في القدس الشرقية المحتلة من المشاركة في هذه الانتخابات انتخاباً وترشحاً دون أية معوقات أو عراقيل، كما حصل في الأعوام 1996، و2005، و2006.
إن من يعطل إجراء هذه الانتخابات هو دولة الاحتلال، لذلك نعود لمطالبة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بإلزام إسرائيل لكي نجري انتخاباتنا الديمقراطية في القدس، عاصمة دولتنا الأبدية، درة التاج وزهرة المدائن.
وفي الختام، إن القدس تنادينا لكي نهب جميعاً لمواجهة التحديات التي تعترض شعبنا، فهذه مسؤوليتنا التاريخية الآن في حماية حقوقنا ومقدساتنا وثوابتنا الوطنية، التي لم ولن نتخلى عن ذرة واحدة منها.
إن إرادة شعبنا البطل لن تنكسر، وسوف ننتصر لا محالة وندحر الاحتلال، ونجسد استقلال دولتنا مهما كانت الصعاب، فكل احتلال آيل إلى زوال، وهذا سيكون مصير الاحتلال الإسرائيلي البغيض لوطننا.
التحية لأبناء شعبنا في فلسطين وفي كل أماكن تواجده في مخيمات اللجوء والشتات.
المجد والخلود لشهدائنا الأبطال، والحرية لأسرانا البواسل، والشفاء العاجل لجرحانا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع القيادة الطارئ في مقر الرئاسة بمدينة رام الله
3 تموز 2023
بسم الله الرحمن الرحيم:
"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير" صدق الله العظيم
تحية إكبار واعتزاز لأبناء وبنات شعبنا الفلسطيني العظيم الذين يواجهون ببطولاتهم العدوان اليومي لجيش الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب قطعان المستوطنين ويدافعون عن أنفسهم وبيوتهم وممتلكاتهم بصمود وثبات يدعو للفخر.
تحية للشهداء الذين يرتقون للعلياء والذين يكتبون بدمائهم الزكية شهادة الحق الفلسطيني الذي لن يستطيع الاحتلال طمسه رغم كل الإرهاب والعدوان.
تحية للجرحى الأبطال والأسرى البواسل والمرابطين القابضين على جمر الصمود والثبات في وجه هذا الاحتلال الهمجي العدواني، وأمام هذا العدوان الهمجي وبالذات ما يجري في مخيم جنين البطل ومدينة جنين الباسلة، فإننا نجدد مطالبتنا للمجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية الدولية العاجلة لشعبنا وفرض العقوبات على كيان الاحتلال، وإدانة هذا العدوان الإرهابي.
وأمام هذه التحديات والمخاطر التي نتعرض لها، فقد دعوت اليوم القيادة الفلسطينية للاجتماع، كما أدعو الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية كافة لاجتماع طارئ لمواجهة هذه المخاطر.
وقد وجهت الحكومة وأجهزتها أن توفر كل ما يلزم من أجل تعزيز صمود أهلنا في جنين وبقية أرض دولة فلسطين، وفي هذه اللحظات الصعبة أدعو أبناء شعبنا للصمود والثبات، وأدعو الجميع لوحدة الصف والدفاع عن الأرض والمقدسات وحقوق شعبنا المشروعة بالحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس. وأن الاحتلال إلى زوال.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الـ32 المنعقدة في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية 19 أيار 2023
أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله
الإخوة القادة، أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،
الحضور الكريم،
أتوجه بالتحية والتقدير، لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، ولكم أخي صاحب السمو الملكي، ولي العهد، على استضافة هذه القمة العربية، التي نثق بأنها ستنجح في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية التي تواجه أمتنا، وتحويلها لفرص تعزّز الأمن والاستقرار والسلام في منطقتنا، وتحقق طموحات وآمال شعوب أمتنا العربية. وفي هذه المناسبة، فإننا نشيد بما حققته المملكة من إنجازات تحت قيادتكم على جميع المستويات، على طريق الرفعة والنماء والازدهار.
كما أتوجه بالشكر والعرفان لأخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية، على رئاسته الناجحة للقمة السابقة، وأوجه بهذه المناسبة، تحية إكبار وتقدير لأشقائنا قادة الدول العربية وشعوبها على مواقفهم الثابتة تجاه شعبنا وقضيتنا العادلة. كما نرحب بسيادة الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية أخا عزيزا بين أهله وإخوانه.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
في قرار أممي تاريخي غير مسبوق، أحيت الأمم المتحدة في مقرها في نيويورك منذ أيام، الذكرى الـ 75 للنكبة، نكبة الشعب الفلسطيني، التي لا زالت تتوالى أحداثها وآثارها المأساوية منذ العام 1948 حتى يومنا هذا، والتي ارتكبت العصابات الصهيونية وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلالها أكثر من 51 مجزرة موثقة، ودمرت أكثر من 530 قرية فلسطينية.
علاوة على القيام بأكبر عملية نهب منظم للممتلكات والموارد والأرض الفلسطينية بعد طرد تسعمائة وخمسين ألف فلسطيني من ديارهم، شكّلوا بحسب سجلات الأمم المتحدة أكثر من نصف الشعب الفلسطيني آنذاك، كما أنه وبسبب هذه النكبة، لا زال شعبنا يعاني من التشرد والمعاناة، حيث يعيش أكثر من ستة ملايين فلسطيني حياة اللجوء في المخيمات والشتات، بينما يواجه أبناء شعبنا داخل الوطن حربًا إسرائيلية مسعورة ومستمرة تستهدف وجودنا وأرضنا ومقدساتنا.
إن هذا القرار الأممي التاريخي الهام يشكّل دحضًا للرواية الصهيونية الإسرائيلية التي تنكرت للنكبة، ولفقت الروايات المزيفة حول علاقة الشعب الفلسطيني بأرض وطنه والجرائم التي ارتكبت بحقه.
وبالرغم من قبول قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بعملية سلام كان يفترض أن تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، بعاصمتها القدس الشرقية على الأرض المحتلة منذ عام 1967، فإن إسرائيل تتنكر اليوم للاتفاقات الموقّعة والقرارات الأممية (التي وصلت إلى ألف قرار)، وتتمسك بمشروع صهيوني استعماري بديل يقوم على استمرار الاحتلال والتطهير العرقي والفصل العنصري (الأبارتهايد).
وفي الوقت الذي ما زال الجانب الفلسطيني يلتزم بالشرعية الدولية ومرجعيات ومبادئ عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ الاتفاقيات الموقّعة، وبناء مؤسسات دولة فلسطين كاملة الأركان، والتي أصبحت جزءًا فاعلاً ومؤثرًا في النظام الدولي، فإن حكومات إسرائيل المتعاقبة، وآخرها هذه الحكومة اليمينية التي تعتبر الأكثر تطرفًا قولاً وفعلاً، تتحدى الشرعية الدولية، من خلال إجراءاتها أحادية الجانب، وسياساتها الاستيطانية ومشاريع الضم العنصرية، وقوانينها الفاشية، وأعمال القتل والاقتحامات وهدم المنازل والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وانتهاك الوضع القانوني التاريخي فيها، والعمل على تغيير هوية وطابع مدينة القدس المحتلة.
هذا الوضع القائم والخطير، يضعنا أمام مسؤوليات عديدة واستحقاقات واجبة، أهمها تسريع الخطى لتغيير هذا الوضع وقبل فوات الأوان، لأن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام دون نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.
إننا نؤكد رفضنا لاستمرار استباحة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ومقدساتنا، ونطالب المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق شعبنا وانتهاكاتها للقانون الدولي، وتوفير الحماية الدولية له. ونحن من جانبنا سنواصل مسيرتنا النضالية لمواجهة القهر والعدوان الإسرائيلي، كما سنواصل جهودنا الدبلوماسية والقانونية في المحافل والمحاكم الدولية كافة لاستعادة حقوق شعبنا، وفي المقدمة منها المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إضافة إلى استمرار السعي لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وهنا نأمل منكم جميعًا، الوقوف إلى جانبنا لدعم تنفيذ قرار الجمعية العامة الأخير، وتقديم المرافعة المكتوبة من قبل دولكم أمام محكمة العدل الدولية، على أمل أن تصدر هذه المحكمة رأيها الاستشاري، وفتواها، حول قانونية، وشكل، وأهلية النظام الذي أقامته إسرائيل، دولة الاحتلال والأبارتهايد، على أرض فلسطين.
وفي هذا الصدد، نؤكد استعدادنا للعمل مع هذه القمة العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، من أجل إنجاح الجهود العربية والإقليمية والدولية، في إطار من الشراكة والتعاون، وإيجاد حلول لأزمات المنطقة، وصولاً لتحقيق الأمن والسلام والازدهار لشعوبنا.
ونحن على ثقة بأن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ستكون في صُلب اهتماماتكم، من أجل إيجاد حل عادل وشامل ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتحرير الأسرى، مؤكدين أن مثل هذا الحل يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي نتمسك بها كسبيل أكيد لتحقيق السلام في المنطقة.
وفي الختام، نتقدم بالشكر والتقدير لأشقائنا قادة وشعوب أمتنا العربية، على مواقفهم السياسية الثابتة لدعم الشعب الفلسطيني وعلى الصُعد كافة، وكلنا ثقة باستمرار تقديم هذا الدعم السياسي والمادي، لتعزيز صمود وبقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، ومواصلة بناء مؤسسات دولته المستقلة.
وأخيرًا وليس آخرًا، نقول لشعبنا الفلسطيني البطل، إننا نفتخر بكم، بكل واحدة وواحد منكم، في الوطن وفي الشتات، ونعتز بمسيرة نضالنا الوطني، وسوف نواصل العمل من أجل وحدة شعبنا وأرضنا وتحقيق المصالحة الوطنية على أساس الالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية.
كما سنواصل الصمود في وطننا التاريخي؛ أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا، محافظين على هويتنا الوطنية، ومقدساتنا، والاحتلال إلى زوال طال الزمان أم قصر.
تحيةً لأهلنا الصامدين في مخيمات اللجوء، والمرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، وتحيةً وإجلالاً لشهدائنا البواسل وأسرانا وجرحانا الأبطال. والسلام عليكم.
خطاب السيد الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة بذكرى النكبة
نيويورك 15-5-2023
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في البداية، أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على قراركم التاريخي غير المسبوق بإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية، التي اقترفتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وتصادف هذا اليوم، الخامس عشر من شهر أيار عام 2023، بعد أن جرى تجاهلها طيلة السنوات الماضية.
إن هذا القرار يُمثل إقرارا من منظمتكم الموقرة بالظلم والإجحاف التاريخي المستمر الذي وقع على الشعب الفلسطيني في العام 1948 وقبله ولا يزال، كما يشكل أول دحض من قبلكم للرواية الصهيونية الإسرائيلية التي تنكر هذه النكبة. وكلي ثقة وأمل بأن هذه المنظمة الأممية لن تدخر جهداً من أجل رد الاعتبار للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة وإزالة آثار هذه النكبة، أولاً باعتمادها حدثاً سنوياً يؤسس له ضمن قرار أممي، واعتبار الخامس عشر من أيار من كل عام يوماً عالمياً لإحياء ذكرى مأساة الشعب الفلسطيني، التي هي مأساة للبشرية جمعاء، وثانياً عبر العمل على إنجاز الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير المصير واستقلال دولته، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها، حتى لا تصبح هذه المأساة وصمة عارٍ على جبين الإنسانية.
وفي هذا اليوم الذي أقف فيه أمامكم، يحيي شعبنا الفلسطيني في أماكن تواجده المختلفة في فلسطين والشتات، وكذلك أصدقاء شعبنا وأحرار العالم في العديد من العواصم والمدن، هذه الذكرى المأساوية التي لا تزال تلقي بظلالها الحالكة علينا. ورغم ذلك فإن الرواية الفلسطينية، المتعلقة بالنكبة والقضية الفلسطينية عموماً، بدأت تشق طريقها إلى وعي الشعوب والدول التي أخذت تكتشف زيف الرواية الإسرائيلية، وذلك بجهود أبناء شعبنا، وبدعم ومساعدة الخيّرين في هذا العالم.
كما أود أن أبلغكم بأن نُصُباً تذكارياً وطنياً يخلد ذكرى النكبة، ويعبر عنها، يجري بناؤه في فلسطين ليصبح شاهداً على هذه المأساة الإنسانية، جنباً إلى جنب مع مؤسسة للذاكرة الوطنية الفلسطينية، وقد أصدرنا قانوناً فلسطينياً لإحياء ذكرى النكبة كل عام.
إن النكبة، أيتها السيدات والسادة، لم تبدأ في العام 1948، كما أنها لم تنته بعد هذا العام، فإسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، لا تزال تواصل احتلالها وعدوانها على الشعب الفلسطيني، ولا تزال تتنكر لهذه النكبة، وترفض قرارات الشرعية الدولية القاضية بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها بالقوة والترهيب، ولا تزال تحتل أرض دولة فلسطين التي أقرتها جمعيتكم الموقرة وقبلتها عضواً مراقباً فيها، ولا تزال تصادر أراضي فلسطينية وتبني المستعمرات اليهودية عليها، فضلاً عن فرض نظام فصل عنصري "أبرتهايد" على الفلسطينيين، سواء داخل إسرائيل، أو في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.
لقد اتخذت هذه المنظمة الدولية عبر السنين مئات القرارات التي تُقِر بحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في وطنه، (ألف قرار تقريباً)، ومنها القرار 181 للعام 1947، الذي يقضي بقيام دولة عربية للشعب الفلسطيني على مساحة 44% من أرض فلسطين التاريخية إلى جانب دولة إسرائيل، وكذلك القرار 194 الذي يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقد كان إلزام إسرائيل بتنفيذ هذين القرارين شرطاً لقبول عضويتها في الأمم المتحدة، ولكن وللأسف الشديد فإن دولاً بعينها في هذه المنظمة عطّلت عن قصد تنفيذ قراراتكم، في ممارسة تجحف بالعدالة والأخلاق والقيم الإنسانية، وتزيد في معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته.
ولذلك فإننا نطالبكم اليوم رسمياً، ووفقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بإلزام إسرائيل باحترام قراراتكم هذه، أو تعليق عضويتها في الأمم المتحدة، لا سيما وأنها لم تفِ بالتزامات قبول عضويتها في منظمتكم الموقرة. (رسالة وزير خارجية إسرائيل موشيه شاريت للجمعية العامة بتاريخ 29 نوفمبر 1948 التي تعهد فيها باحترام القرارين 181 و194 وتنفيذهما) وللآن لم يتم ذلك.
إن دولاً كبرى تعرفونها تماماً تقف اليوم مكتوفة الأيدي إزاء العدوان المتواصل على شعبنا، وترفض مساءلة إسرائيل على عدوانها واحتلالها للأرض الفلسطينية وبناء المستعمرات عليها، وتدمير حل الدولتين، وخرق الوضع التاريخي القانوني في الحرم القدسي الشريف. لقد قبلت هذه الدول بأن تبقى دولة الاحتلال دولة فوق القانون، وأن توفر لها الحماية من أية مساءلة أو عقاب، فإلى متى يمكن أن يستمر هذا الحال؟ ومن الذي يعطل تنفيذ قرارات منظمتكم الموقرة؟ ولماذا هذه الازدواجية في المعايير؟
أيها السيدات والسادة،
إن بريطانيا والولايات المتحدة على وجه التحديد تتحملان مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة عن نكبة الشعب الفلسطيني، فهما اللتان شاركتا في جعل شعبنا ضحية عندما قررتا إقامة وزرع كيان آخر في وطننا التاريخي، وذلك لأهداف استعمارية خاصة بهما، وما كان لإسرائيل أن تمعن في عدوانها لولا الدعم الذي تتلقاه من هذه الدول، فالذي أصدر وعد بلفور هي الحكومة البريطانية، وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقبلت هذه الدول بدون أي تمحيص الزعم القائل بأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب.
لقد وصف وعد بلفور المشؤوم أغلبية السكان أي العرب الفلسطينيين (بالسكان غير اليهود)، دون أن يذكرهم بالاسم، ووعد بإعطائهم حقوقاً دينية ومدنية فقط، رغم أنهم كانوا يشكلون 96% من مجموع عدد السكان في فلسطين.
وأنا أتساءل: أين المنطق والعدالة في هذا الوعد؟ وما هو الأساس القانوني الذي يستند إليه؟ وما هو حكم القانون الدولي في هذا الأمر؟ إنه في الحقيقة وعد من لا يملك لمن لا يستحق.
إن الدول الاستعمارية التي تتحمل مسؤولية تاريخية عن النكبة يجب أن تتحمل مسؤولية تاريخية بالمقابل في إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته.
السيدات والسادة،
إن أولى المزاعم الصهيونية الملفقة، والأكثر شيوعاً، هي أن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب ويتوجب إعطاؤها لشعب بلا أرض.
والحقيقة أن وطننا التاريخي فلسطين لم يكن يوماً أرضاً بلا شعب، حتى يعطى ظلماً وعدواناً لمن زعموا أنهم شعب بلا أرض، فلقد عشنا نحن فيها آلاف السنين، منذ أن عمرها أجدادنا العرب الكنعانيون قبل أكثر من خمسة آلاف عام، وبنينا فيها حضارة إنسانية، ولم ينقطع وجودنا الجماعي الخلاق فيها يوماً منذ أن عمَرناها. كيف تكون فلسطين أرضاً بلا شعب وهي التي كانت من أكثر مناطق الهلال الخصيب والمشرق العربي تحضراً، تزخر بالحياة والتطور والثقافة والعمران، (لقد كان في مدينة يافا وحدها، على سبيل المثال، عشرات المكتبات ودور النشر والصحف ودور السينما).
وقد زعموا أيضاً أن الفلسطينيين تركوا بلادهم عام 1948 طواعيةً. وحقيقة الأمر هي أن الفلسطينيين هبوا للدفاع عن وطنهم التاريخي، وعن وجودهم على أرضهم، بالرغم من قلة الإمكانات المتوفرة لهم، ولكن الدول الاستعمارية، وبريطانيا تحديداً، وفرت للصهاينة كل وسائل القوة لكي ينفذوا مشروعهم الاستعماري بقوة السلاح، بينما عاقبت كل فلسطيني حمل السلاح، دفاعاً عن نفسه وأرضه وحقوقه.
وكانت النتيجة أن قامت دولة إسرائيل، لترتكب أكثر من خمسين مذبحة، ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولتدمر أكثر من خمسمائة وثلاثين قرية فلسطينية، وتشرد 957 ألف لاجئ، وهو ما يشكل أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في حينه.
وتواصل إسرائيل ترديد هذه المزاعم الملفقة، رغم ما نُشر من شواهد ووثائق سرية صهيونية تُقِر وتعترف بأن الفلسطينيين صمدوا وقاتلوا وقاوموا التهجير القسري، وآخر هذه الشواهد، فيلم الطنطورة، الفيلم الوثائقي الإسرائيلي الذي أنتجه وأخرجه الإسرائيليون أنفسهم، ويعترف فيه الجنود الإسرائيليون الذين قتلوا بدم بارد أكثر من مئتي فلسطيني بجريمتهم المشهودة.
إسرائيل أيتها السيدات والسادة، وفوق كل ما ارتكبته وترتكبه من جرائم بحق شعبنا منذ النكبة وحتى اليوم، فإنها تنتهك أيضاً حرمة المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في فلسطين، كما أنها تمنع الفلسطينيين من حقهم في حرية العبادة في المسجد الأقصى / الحرم القدسي الشريف، الذي هو حق حصري للمسلمين وحدهم.
ولم تسلم المقابر الإسلامية والمسيحية من اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه الإرهابيين، فضلاً عما تقوم به سلطات الاحتلال من حفريات غير قانونية تحت المسجد الأقصى.
ولا بد من الإشارة هنا إلى التقرير الصادر عن مجلس عصبة الأمم عام 1930، حول حقوق الملكية في حائط البراق، الذي هو جزء من المسجد الأقصى المبارك، حيث أكد هذا التقرير، وبإقرار جميع الشهود، بمن فيهم رجال دين يهود، أن ملكية حائط البراق والحرم القدسي الشريف تعود حصراً للوقف الإسلامي وحده.
أيتها السيدات والسادة،
تردد إسرائيل مزاعم زائفة أخرى لتغطي على عدوانها وجرائمها، فهي التي تدعي بأن حروبها ضد الفلسطينيين والعرب كانت حروباً دفاعية.
كيف يكون ارتكاب المذابح وتدمير القرى وتشريد نصف سكان فلسطين في العام 1948 حرباً دفاعية، وكيف تكون حرب إسرائيل عام 1956 واحتلال سيناء وقطاع غزة حرباً دفاعية.
وكيف تكون حرب 1967 حرباً دفاعية، وهي التي كشفت الوثائق السرية الإسرائيلية بأنه كان مخططاً لها منذ زمن بعيد، وذلك باعتراف جنرالات الجيش الإسرائيلي؟ وهل الحروب الدفاعية تعني الاحتفاظ بالأراضي التي يجري احتلالها وضمها للدولة الغازية، (كما هو الحال بالنسبة للقدس والجولان السوري)، في خرق صارخ لقرارات الشرعية الدولية، كقرار مجلس الأمن 242، 338 وغيرهما من القرارات التي لا تجيز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، وصولا الى القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن في 23 ديسمبر2016، والذي نص على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية ووقف الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية؟ وهل الحرب الدفاعية تعني إنشاء مستعمرات على أرض الشعب المحتل ونقل المستعمرين إليها والذين أصبح عددهم اليوم في الأرض الفلسطينية التي احتلت عام1967 أكثر من 750 ألف مستعمر؟
وهل الحروب العدوانية المتكررة، التي تشنها إسرائيل على أهلنا في جنين ونابلس وغزة وغيرها من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وآخرها الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة وقتل الأبرياء من أطفال ونساء، حروب دفاعية ؟.
إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وفرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، هو السبب الحقيقي لاستمرار دوامة العنف، وإذا ما ذهب الاحتلال إلى غير رجعة فلن يكون هناك أي مبرر للعنف والحروب.
وتواصل المزاعم الصهيونية والإسرائيلية ادعاءاتها الزائفة بالقول إن إسرائيل جعلت الصحراء تزهر. إن فلسطين، لم تكن صحراء حتى يأتي الصهاينة ويجعلوها تزهر.
فلسطين أيها الأصدقاء بلد متوسطي ومليئة بالسهول الخصبة، وكان بها أنهار وبحيرات، وكانت تصدر منتوجاتها الزراعية إلى العديد من دول العالم قبل أن تقوم دولة إسرائيل.
أما الكذبة الأكبر فهي ادعاء إسرائيل، ومن يدعمها من الدول الاستعمارية، بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
الدولة الديمقراطية الوحيدة هذه هي التي ارتكبت نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، وتحتل الشعب الفلسطيني منذ العام 1967، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتل شعبا آخر، فكيف يستوي الاحتلال مع الديمقراطية؟
الدولة الديمقراطية الوحيدة هذه هي التي جرى تصنيفها من قبل منظمات دولية حقوقية، مثل منظمة بيتسيلم الإسرائيلية، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، بأنها دولة فصل وتمييز عنصري (أبرتهايد)، وتنظر محكمة العدل الدولية اليوم في ماهية احتلالها للأرض الفلسطينية، وهي التي تقوم بالتمييز العنصري بين مواطنيها، وتصدر القوانين التي تعتبر اليهود فيها أصحاب حق حصري في تقرير المصير. وهناك الكثير الذي يدحض هذه الكذبة الكبرى
رواية زائفة أخرى تروجها إسرائيل ويتلقفها مناصروها، دون تمحيص أو تدقيق، هي الزعم بأن الفلسطينيين لا يضيعون فرصة لكي يضيعوا فرصة أخرى، وأنه لا يوجد هناك شريك فلسطيني للسلام.
ما معنى إذن أن يقبل الشعب الفلسطيني بدولة فلسطينية على 22% فقط من أرض وطنه التاريخي، ويعترف بإسرائيل ويستعد للعيش إلى جانبها بأمن وسلام وحسن جوار؟ وماذا يعني أن يقبل الشعب الفلسطيني بقرارات الشرعية الدولية كلها، ويبدي استعداده لحل الصراع مع إسرائيل عبر المفاوضات السلمية على أساسها؟ وماذا يعني أن يقبل الفلسطينيون بمبادرة السلام العربية التي أصبحت جزءاً من القرار الأممي 1515 والتي تنادي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 مقابل السلام؟ وأخيراً من الذي تنكر وتراجع عن تفاهمات العقبة وشرم الشيخ في الأسابيع الأخيرة، قبل حتى أن يجف الحبر الذي كتبت به، والتي جرت بحضور الولايات المتحدة ومصر والأردن، لوقف الإجراءات الأحادية، وتحقيق الهدوء، والالتزام بالاتفاقات الموقعة، للانطلاق نحو الأفق السياسي. فمن هو إذن الذي يضيع الفرص؟ وأين هو شريك السلام الإسرائيلي؟
وفي سياق الحديث عن الروايات الإسرائيلية، تقول إسرائيل إنها تحتفل هذه الأيام بالذكرى الخامسة والسبعين لاستقلالها. فقط أريد أن أسأل عمن استقلت إسرائيل؟، ومن الذي كان يحتلها؟
وهنا أريد التأكيد بأن أهم شرط لتحقيق السلام والأمن في منطقتنا يكمن في الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واستقلال دولته الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، بالقدس الشرقية عاصمة لها، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ولا يمكن أن يتحقق السلام والأمن بغير ذلك.
نحن أيها السيدات والسادة، لسنا ضد اليهود، ولسنا ضد الديانة اليهودية، ولكننا ضد من يحتل أرضنا، وينتهك حقوقنا، ويعتدي على مقدساتنا.
أيتها السيدات والسادة،
تجري اليوم في إسرائيل أحداث، وترتفع أصوات خطيرة متطرفة، تنكر وجود الشعب الفلسطيني، وتنادي بارتكاب نكبة أخرى بحق الفلسطينيين، تحت سمع وبصر الحكومة الإسرائيلية، دون أن تستنكر ذلك أو تحرك ساكنا، وهناك من ينادي صراحة بقتل الفلسطينيين، وطردهم من ديارهم، وهدم بيوتهم وترحيلهم منها، وهو للأسف ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية نفسها، التي يقودها نتنياهو، سموتريتش وبن غفير وغيرهم من غلاة التطرف والاستيطان. إن ما جرى في قرية حوارة من قتل وحرق للبيوت والممتلكات من قبل عصابات المستوطنين الإرهابيين، بحماية الجيش الإسرائيلي، جيش دولة الاحتلال، يثير الرعب ويعيد إلى الأذهان صورة حية لما جرى في النكبة عام 1948. إن ذلك أمر في غاية الخطورة لا يمكن ولا يجوز السكوت عليه، كما ويتوجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويردع العدوان، ويوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق فإننا نحيي كل المواقف التي صدرت عن العديد من الدول وشرفاء وأحرار العالم والقوى المحبة للسلام التي أدانت الجريمة الإسرائيلية في حوارة، ونحيي بشكل خاص الإسرائيليين أصحاب الضمائر الحية الذين توجهوا إلى القرية، وتظاهروا متضامنين مع أهلها، ومحتجين على ما جرى فيها من قتل وحرق ودمار، وتعرضوا جراء ذلك للقمع والاعتداء من قبل المستوطنين المتطرفين وقوات الجيش الإسرائيلي.
لا يجوز أن يقبل أو يسكت المجتمع الدولي على افتراءات ومزاعم إسرائيل الكاذبة، ولا يجوز أن تفلت إسرائيل من المساءلة والعقاب، ولا يجوز أن تبقى إسرائيل دولة فوق القانون في هذا المجتمع الدولي والنظام العالمي، ولا بد لهذه المنظمة الدولية الموقرة التي تعمل على تحقيق السلم والأمن الدوليين أن تحافظ على مصداقيتها، ولذلك فإن أول خطوة يتوجب على الحكومة الإسرائيلية القيام بها هي أن تُقر هي وشركاؤها بالمسؤولية عن هذه النكبة التي لا تزال تتنكر لها، وبالمسؤولية عن المذابح والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وتشريده، والاعتذار وطلب الصفح وجبر الضرر، وتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وما لم تقم إسرائيل ومن ساندها، وكذلك المجتمع الدولي بأسره بذلك، فإن جذور الصراع ستظل قائمة، وسنبقى نطالب بحقنا أمامكم وفي كل مكان، بما في ذلك المحاكم الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية.
أيتها السيدات والسادة،
إن الحقيقة الساطعة والوحيدة التي نتعامل معها وندعو العالم أجمع أن يتعامل معها، وهي التي تمثل جذر رواية الشعب الفلسطيني، هي أننا أصحاب حق، كنا هنا منذ فجر التاريخ وسنبقى هنا حتى نهاية الدنيا.
من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش حراً كريماً في وطن حر كريم، ومن حقه أن يدافع عن نفسه وعن وجوده وحقوقه الوطنية، واسمحوا لي أن أقول إن من حقه عليكم أن تساعدوه على تحقيق حريته واستقلاله وعضويته الكاملة في الأمم المتحدة، وتنفيذ قراراتكم ذات العلاقة، وأن يعيش في أمن وسلام، أسوة ببقية شعوب العالم، ومن حقه عليكم تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية له.
الحضور الكريم،
يقف شعبنا اليوم موحداً لإحياء ذكرى النكبة، وأود أن أطمئن الجميع بأننا سوف نحافظ على وحدتنا الوطنية بكل السبل ومهما كانت التحديات، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والالتزام بالشرعية الدولية.
وأخيراً أود أن أُحيي صمود أبناء شعبنا الفلسطيني في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي المقدمة منها القدس درة التاج وزهرة المدائن على ثباتهم في أرض وطنهم، وأُحيي بكل فخر واعتزاز شهداءنا وأسرانا وجرحانا البواسل، وأقول لهم جميعاً إن ذكرى النكبة ستظل حاضرة في وعينا ونبراساً وحافزاً لشعبنا حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال، وأُكرر مرةً أخرى بأن الاحتلال إلى زوال، وسوف ينتصر الحق الفلسطيني في النهاية طال الوقت أم قصُر، ليسود السلام في منطقتنا والعالم.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة الثامن من آذار يوم المرأة العالمي بتاريخ 7 آذار 2023
تحل اليوم مناسبة عزيزة على قلوبنا، وهي اليوم العالمي للمرأة الذي أقرته الأمم المتحدة ليكون يوماً يحتفل به العالم أجمع تكريماً للإنجازات العظيمة التي حققتها المرأة في جميع المجالات، وتأكيدا على حقها في المساواة لتكون هي الشريك الأساس في صنع غد أفضل للبشرية جمعاء.
أيتها الأخوات، يقدر شعبنا حق التقدير الدور الكبير والمحوري الذي لعبته وما زالت المرأة الفلسطينية أم الشهداء والأسرى التي لها خصوصية في الإنجاز والنضال والتغيير نحو الأفضل، تقوم بدور ريادي قل نظيره أمام التحديات التي واجهتها وتواجهها، جنباً إلى جنب مع شريكها الرجل، فالمرأة الفلسطينية ظلت وستبقى حارسة نارنا الدائمة أماً تربي الأجيال، وأختاً، وشريكة، ومناضلة تدافع عن هوية شعبنا، ووجوده وحقوقه الوطنية الثابتة على مدى العقود الطوال من النضال والثورات، وهي صاحبة الصورة التي تتماهى مع الأرض الفلسطينية، ورمزها الأسمى والأبهى والأجمل، وحاملة روايتنا الفلسطينية التي ستفشل كل محاولات شطبها وتزوير التاريخ، كما أفشلت إلى جانب الرجل جميع المحاولات لتصفية قضيتنا الوطنية.
وفي هذا الإطار، اتخذت دولة فلسطين عددا من الخطوات الرائدة لتعزيز مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، بما في ذلك اعتماد تمثيلها بنسبة 30% على الأقل في كل مؤسسات المنظمة والدولة وهيئات الحكم المحلي. وسنواصل العمل على تعزيز حقها في المشاركة والمساواة عملا بوثيقة إعلان الاستقلال وقانوننا الأساسي والتزاماتنا الدولية.
إن المرأة الفلسطينية التي بقيت دوماً شامخة تعطي هي الأسيرة والشهيدة والجريحة والمناضلة، والأم والأخت والابنة والمربية لتقدم نموذجاً للنجاح في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية والدبلوماسية والنقابية والإعلامية وغيرها من النماذج المضيئة، في فلسطين، لتفتخر بتحديها وصلابتها وإيمانها بقضيتنا وحبها للوطن، أمام آلة التعسف الاستعماري، التي تُرتكب بحق أبناء شعبنا، من جرائم باعتقالهم، وإصابتهم، وقتلهم واحتجاز جثامينهم، وهدم بيوتهم، وإرهاب المستوطنين المحمية بقوات الاحتلال؛ لتزداد المرأة الفلسطينية العظيمة تحدياً وصلابةً وإيماناً ونضالاً وتفوقاً علمياً وعملياً.
إن هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا لهي فرصة ثمينة لنجدد التأكيد على التزامنا وحرصنا على أن تنال المرأة الفلسطينية كامل حقوقها في جميع المجالات، وتمكينها من أخذ فرصتها بشكل كامل ومتساو، وتعزيز مشاركتها في المناحي كافة، بما فيها التعليم والصحة والقانون والاقتصاد والسياسة والمشاركة في صنع القرار، وتعزيز دورها القيادي في السلك القضائي والدبلوماسي والأكاديمي وفي الأجهزة الأمنية وكل أجهزة الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
كذلك، نشدد على أهمية دعوة الجميع -كل في مجاله- بالعمل على تعزيز دور المرأة ومشاركتها بما يعكس دورها الريادي والنضالي الذي اضطلعت به منذ القدم، لتكون دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية مثالا يحتذى به في تمكين المرأة.
وفي الختام نقول دمتن ودام الوطن والشعب بخير وسلام وازدهار، لتكونن النصف الأجمل الذي نفتخر بأن نكون إلى جانبه في صنع أسس دولتنا الفلسطينية الفتية التي سترى نور استقلالها وحريتها، بنضالكن وتفانيكن وصبركن.
لأبناء وطننا جميعاً، نساءً ورجالاً، كل المحبة والتقدير والعرفان، وسوياً نحو حريتنا واستقلالنا وبناء غدنا الأفضل.
كلمة الرئيس محمود عباس لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا المنعقد في الدوحة
6 آذار 2023
السيدات والسادة،
يسعدني أن أتقدم، لأخي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، بالتهنئة على توليه رئاسة هذا المؤتمر الهام المعني بأقل البلدان نموا، معبرين عن خالص شكرنا لما تقدمه دولة قطر من دعم سياسي واقتصادي للشعب الفلسطيني، ومتمنين للمؤتمر أن يحقق أهدافه، والشكر موصول للأمم المتحدة على متابعتها لتحقيق التنمية المستدامة في البلدان النامية.
السيدات والسادة، الحضور الكرام، هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات فورية وطويلة الأمد لتمكين البلدان الأقل نموا من التعافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إننا نرى في تبني برنامج عمل الدوحة، خلال الجزء الأول من مؤتمرنا هذا في مارس الماضي، خطوة في الاتجاه الصحيح للتغلب على هذه التحديات، وفرصة جديدة لبدء مسار التعافي، وتعزيز الشراكة الدولية.
إن تحقيق أهداف هذه الخطة الطموحة يتطلب منا جميعا التمسك بمبدأ جسر الفجوات بين الدول وتحقيق عدالة أكبر وتمكين الشعوب الأقل نموا، من خلال مبدأ المسؤولية المشتركة وتقديم الدعم الدولي الجدي لضمان تخطي واقعها الصعب والانطلاق لمرحلة جديدة.
السيدات والسادة، الحضور الكرام،
إن شعبنا الفلسطيني يعيش ويلات النكبة وكارثة اللجوء، منذ 75 عاما، ويواجه جرائم الاحتلال التي تحولت منذ العام 1967، إلى استعمار مستمر ينتهك قرارات الشرعية الدولية، ويوغل في ممارسات التطهير العرقي والعنصرية، ويمعن في تغيير هوية وطابع مدينة القدس الشرقية المحتلة، ويستبيح المسجد الأقصى، ويعتدي على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية، ويقتلع الفلسطينيين من أرضهم ويهدم بيوتهم، ويواصل الاستيطان وينهب الموارد ويحتجز الأموال الفلسطينية، ويقتل الفلسطينيين في نابلس وجنين وأريحا والقدس والخليل وغيرها من المدن والقرى والمخيمات.
وفوق ذلك كله تقوم عصابات المستوطنين الإرهابية، بجرائم حرق للفلسطينيين الآمنين وممتلكاتهم، كما حدث مؤخرا بحرق عشرات المنازل والمحلات التجارية ومئات المركبات في بلدة حوارة، ودعوة وزراء في حكومة الاحتلال بالتحريض على القتل والتدمير وبمسح هذه البلدة عن الوجود. إننا ندعو المجتمع الدولي، لوقف هذا الإرهاب الإسرائيلي بحق شعبنا ومعاقبته، والعمل من أجل إنهاء هذا الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية. وبالرغم من كل ذلك سيبقى شعبنا صامدا، يواصل دفاعه عن أرضه ومقدساته.
وستواصل دولة فلسطين مواجهة المحتلين وانتهاكاتهم للقانون الدولي، والاتفاقات الموقعة، وممارساتهم أحادية الجانب، والذهاب للمحافل والمحاكم الدولية، كما سنواصل القيام بمسؤولياتنا الدولية، كما جرى عندما ترأست دولة فلسطين مجموعة 77 والصين في العام 2019، إضافة إلى مواصلة جهودنا في محاربة التطرف والإرهاب الدولي.
وإننا نتطلع لمواصلة دعمكم لمسعانا للدفاع عن حق شعبنا المشروع في تقرير مصيره، وحقه في الحرية والاستقلال، كما سنواصل التزامنا بتنفيذ خطة التنمية المستدامة وأهدافها، والوضع الخاص للبلدان الأقل نموا، وقد نجحنا في إطلاق وثيقة مهمة للغاية بعنوان "أطلس التنمية المستدامة 2020"، بهدف توثيق جهود التنمية.
وفي الختام، نؤكد أن السلام هو شراكة فيما بيننا جميعا ويحتاج إلى جهد العالم بأسره، كما تجلى ذلك في التضامن العالمي مع تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمر، ونعبر عن تعازينا ووقوفنا مع البلدين الشقيقين، وكلنا أمل بالعمل معكم لتعزيز احترام سيادة القانون والمساءلة لمنع الانتهاكات والنزاعات، ولبناء السلام وإدامته وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للجميع، وبالتالي، جعل العالم مكانا أفضل وأعدل للبشرية جمعاء، متمنين، مرة أخرى لهذا المؤتمر التوفيق والنجاح في تحقيق أهدافه كافة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس امام مؤتمر القدس صمود وتنمية بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة
12 شباط 2023
بسم الله الرحمن الرحـيم: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" صدق الله العظيم.
أود في بداية حديثي إليكم، أن أعبر باسم دولة فلسطين وعاصمتها المقدسة وشعبها المرابط، عن بالغ التقدير لأخي صاحب الفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، لمشاركته الهامة في هذا المؤتمر، وهي فرصة لتقديم الشكر لفخامته وحكومته والشعب المصري الشقيق على دعم مصر المتواصل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في جميع مراحل نضاله، ورعايتها للمصالحة الوطنية، ودعمها لإعادة إعمار قطاع غزة، كما أعبر عن بالغ الشكر لأخي جلالة الملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية على مواقفه ودعمه وحكومته والشعب الأردني الشقيق للشعب الفلسطيني دفاعا ونصرة لقضيته العادلة ودولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، والشكر موصول على الجهود المبذولة في إطار الوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
كما نتوجه لأصحاب الدولة والمعالي رؤساء الوفود ولجميع المشاركين ممثلي المنظمات والمؤسسات والصناديق والشخصيات لحضراتكم جميعًا، على استجابتكم وحضوركم معنا اليوم في هذا المؤتمر الهام الذي ينعقد تحت سقف جامعتنا العربية، تنفيذا لقرار القمة العربية الحادية والثلاثين في الجزائر مطلع شهر نوفمبر من العام الماضي، واستجابة لنداء القدس والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، ومولد ورفعة المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، في هذا الوقت الذي نواجه فيه أبشع أشكال الاضطهاد والعدوان، وبالذات في مدينة القدس المحتلة، عاصمة فلسطين الأبدية.
وكلنا ثقة أيها الإخوة والأخوات، أن مؤتمرًا يخصص قضية القدس، سوف يكون بمستوى هذه القضية الكبيرة التي يتناولها، وعلى قدر التحديات الجسام التي تواجهها عاصمتنا الفلسطينية المقدسة، بفعل الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لها ولأرض دولة فلسطين منذ خمس وخمسين سنة، وبفعل المخططات والإجراءات التي ينفذها هذا الاحتلال، والتي تستهدف تاريخ المدينة ومقدساتها وأهلها وهويتها الحضارية الفلسطينية العربية والإسلامية المسيحية.
أيها الإخوة والأخوات
إن المعركة المحتدمة في القدس وعليها، وفي كل أرض فلسطين وعليها، لم تبدأ فقط يوم احتلال مدينتنا المقدسة عام 1967، ولكنها بدأت قبل ذلك بعقود عدة، وحتى قبل وعد بلفور الذي تآمرت على إصداره الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وأميركا، بهدف التخلص من اليهود في أوروبا من جهة، وإقامة ما سمي بالوطن القومي لهم في فلسطين من جهة أخرى، ليكون مخفرا أماميا لتأمين مصالح هذه الدول الاستعمارية.
ولقد رفض شعبنا المرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وعد بلفور الاستعماري العدواني الظالم، وقاوم بكل الوسائل الاعتداءات على أرضنا ومقدساتنا، كما تصدى لموجات الهجرة اليهودية التي راحت دول الغرب تدفعها نحو فلسطين، حيث بدأت الثورات والمقاومة الفلسطينية منذ الأيام الأولى ضد تنفيذ الوعد المشؤوم، فكانت انتفاضة إبريل 1920 وثورة البراق في أغسطس 1929 وثورة عام 1936 والإضراب الكبير الذي استمر ستة أشهر وكلها كانت ضد الاستعمار البريطاني والهجرة اليهودية، وضد الاعتداءات الصهيونية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وبالذات حائط البراق.
أيها الإخوة والأخوات
نغتنم فرصة انعقاد مؤتمر القدس اليوم، لتقدم رواية حقيقية موثقة حول المسجد الأقصى المبارك، بما فيه حائط البراق، وهي رواية تدحض الرواية المزورة التي يستند إليها الاحتلال، فنحن أصحاب الحق في فلسطين وفي القدس وفي المسجد الأقصى المبارك، ونحن أيضا أصحاب الحق الديني والتاريخي والقانوني الحصري في حائط البراق، الذي هو كما أسلفنا جزء من المسجد الأقصى، ووقف إسلامي صحيح، وحقنا هذا قد قرره القرآن العظيم الذي أعطى المكان اسمه وهويته، "سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله"، وهو حق أقرته لنا أيضًا الشرعية الدولية ممثلة بعصبة الأمم عام 1930، في أعقاب ثورة البراق التي تحدثنا عنها آنفًا، بل واعترف به حتى كبار رجال الدين اليهود آنذاك، الذين شهدوا بملكية المسلمين الحصرية للحرم القدسي الشريف، بما في ذلك حائط البراق.
ذلك أنه بسبب تلك الثورة؛ ثورة البراق، أرسل مجلس عصبة الأمم، لجنة خاصة مكونة من ثلاث دول أوروبية غربية هي السويد وسويسرا وهولندا، للبحث في خلفيات وأسباب اندلاع الثورة، ولتحديد الحقوق في حائط البراق. فعقدت هذه اللجنة 23 اجتماعا استمعت خلالها إلى شهادات العشرات من المسلمين واليهود والشخصيات الدولية؛ 52 شاهدا أدلوا بشهاداتهم أمام اللجنة؛ 21 من اليهود، وثلاثون من المسلمين، وشاهد واحد من سلطة الانتداب البريطاني، كما اطلعت على عشرات الوثائق المقدمة من الطرفين، قبل أن تصدر تقريرها في شهر ديسمبر 1930.
وقد خلصت اللجنة في تقريرها إلى أن السبب المباشر في اندلاع ثورة البراق كان الاستفزازات اليهودية عند حائط البراق وادعاء ملكيته، وإلى أن الحائط الغربي كله، الذي يمثل حائط البراق جزءا منه تعود ملكيته للمسلمين وحدهم، وأن للمسلمين وحدهم أيضا الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف الإسلامي؛ وهذا ما ورد نصا في تقرير اللجنة.
كذلك قررت اللجنة أنه للمسلمين أيضا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط، لكونه موقوفا حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير.
وقد ذكرت اللجنة في تقريرها أن الجانب اليهودي لم يدّع في أي مرحلة من مراحل التحقيق الذي قامت به، أن له أي حق ملكية، لا في حائط البراق، ولا في حي المغاربة المجاور له، ولا يطالب بأي حق ملكية كهذا.
ونظرا للأهمية الفائقة لقرار عصبة الأمم هذا، فإننا نضعه أمامكم كوثيقة تاريخية وقانونية.
وكما رفض شعبنا وعد بلفور ونتائجه، فقد رفضنا أيضا كل محاولات تصفية قضيتنا أو اختزالها أو تزييف وطمس حقائقها؛ رفضنا صفقة القرن، ورفضنا -ولا نزال نرفض- نقل السفارة الأميركية أو أي سفارة أخرى إلى القدس، كما رفضنا في شهر يوليو 2017 محاولات إسرائيل لوضع بوابات إلكترونية تتحكم في الدخول والخروج إلى المسجد الأقصى، وضرب أهلنا في القدس أروع أمثلة البطولة والوحدة، بمسلميهم ومسيحييهم، في التصدي لهذه المؤامرة وإفشالها، وما زلنا وسنظل متمسكين بثوابتنا الوطنية، مدافعين عن حقوقنا، مهما كانت الظروف، وسوف نتصدى اليوم، وكل يوم، وبكل ما نملك من إرادة وقوة لمخططات الحكومة الإسرائيلية الأكثر عنصرية وتطرفا، التي تستهدف المسجد الأقصى ومقدساتنا كافة؛ ولا يمكن أن ننسى، في هذا السياق، جريمة إحراق المسجد الأقصى عام 1969، ولا مذبحة المسجد الإبراهيمي بالخليل عام 1994، فضلا عن الاعتداء على المساجد والكنائس والمقابر الإسلامية والمسيحية، ما يفرض علينا جميعا واجبات دينية وسياسية وإنسانية لحمايتها وصون هويتها ووجودها.
أيها الإخوة والأخوات
لقد تعرضنا في الماضي، وما زلنا نتعرض لأكبر عملية تزوير لتاريخنا. لقد قالوا حين بدأت مؤامراتهم لاحتلال فلسطين، إنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، فهل كانت فلسطين عبر التاريخ أرضًا بلا شعب كما يزعمون حتى يأتي هؤلاء لكي يحتلوها؟؟
حقيقة الأمر هي أنهم أرادوها أن تصبح أرضًا بلا شعب عبر تهجير شعبها من خلال الجرائم والمذابح التي ارتكبوها بحق هذا الشعب، بعد أن كانت المدن الفلسطينية زاخرة بالحياة مزدهرة بشعبها الذي عمرها وعاش فيها آلاف السنين.
ولأن الحقيقة لا بد أن تظهر مهما طال ليل الكذب والتزوير، فقد قام مخرج إسرائيلي اعتمادا على مؤرخ إسرائيلي أيضا، بإنتاج فيلم وثائقي يسجل شهادات حية عن واحدة من هذه المذابح التي ارتكبتها إسرائيل عام 1948، وهي مذبحة قرية الطنطورة الفلسطينية جنوب مدينة حيفا، التي أعدمت فيها قوات الاحتلال ما يقارب مائتي إنسان فلسطيني من الرجال والنساء والأطفال، وقامت بتهجير باقي مواطني القرية قبل تدميرها. وهذا الفيلم أمامكم أيضاً
واللافت أن هذا الفيلم يوثق أيضا شهادات عدد من الجنود الإسرائيليين الذي شاركوا في ارتكاب هذه المذبحة، التي هي مثال على إحدى وخمسين مذبحة أخرى ارتكبتها إسرائيل، إلى جانب هدم وتدمير أكثر من خمسمائة قرية فلسطينية عن بكرة أبيها.
أيها الإخوة والأخوات
كما قلت لكم في بداية الحديث عن القدس، كلي ثقة وأمل بأن نكون في أعمالنا أيضًا بمستوى هذه القضية الكبيرة، وأن نبذل كل جهودنا من أجل حمايتها بكل الأدوات السياسية والاقتصادية والقانونية.
نعم، القدس بحاجة اليوم إلى أمتيها العربية والإسلامية، بحاجة إلى من يشد إليها الرحال لكي يشارك أهلها رباطهم المقدس، ولو أيامًا أو حتى ساعات، كما أنها بحاجة إلى من يرسل إليها زيتا يسرج في قناديلها، ويعزز صمود المرابطين فيها وفي أكنافها المباركة، هذا ما أوصى به نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو واجب ديني وضرورة إنسانية ووطنية لا بد من أدائها.
أيها الإخوة والأخوات
وأمام التعنت الإسرائيلي، وممارساته التي تخطت كل الخطوط الحمراء، سوف نتوجه في الأيام القليلة القادمة إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي لنطالب باستصدار قرار يؤكد على حماية حل الدولتين من خلال منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ووقف الأعمال الأحادية، وعلى رأسها الاستيطان الذي يعتبر كله باطلا وغير قانوني، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام.
وفي هذا السياق، فإن دولة فلسطين تحتفظ بحقها، بل ستواصل الذهاب إلى المحاكم والمنظمات الدولية حماية لحقوق شعبنا المشروعة.
أيها الإخوة والأخوات
لقد أقرت القمة العربية الأخيرة في الجزائر دعوة الدول الأعضاء لفرض ضريبة القدس بقيمة أصغر وحدة نقدية فيها، على فواتير الاتصالات التي يستخدمها المواطنون، ولقد بدأنا نحن في دولة فلسطين بأنفسنا في ذلك، وننتظر من أشقائنا، عربا ومسلمين، أن ينفذوا هذه الدعوة، كما ننتظر من المؤسسات والصناديق العربية أن تؤدي واجب الدفاع عن القدس وحماية هويتها التاريخية والدينية، من خلال دعم المشاريع التنموية في فلسطين، وفي مدينة القدس بخاصة؛ هذه المشاريع التي تضمنتها القرارات الصادرة عن الجهات المختصة في الجامعة العربية، في القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والإسكان والسياحة والثقافة والشباب والمرأة.
ونشيد في هذا السياق، بالمبادرة التي أطلقتها مؤسسة قدسنا برعاية الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن آل ثاني، وصندوق وقفية القدس وصندوق تمكين القدس، التي حشدت تمويلا بقيمة 70 مليون دولار أميركي، وتنوي رفعها إلى 200 مليون دولار خلال السنوات الخمس القادمة، لتمويل مشروعات وقفية في القدس وفلسطين.
وندعو في هذا الصدد، الجميع للمساهمة في تعزيز هذه المبادرة الهامة وأمثالها، دعما لصمود أهلنا في القدس وفلسطين.
وختامًا، أقول لكم القدس في العيون وسوف تبقى في العيون..
وهي درة التاج وزهرة المدائن.. والعمل من أجلها والدفاع عن مقدساتها شرف ورفعة، فتحية لأهلها المرابطين فيها، المدافعين عن هويتها في وجه عدوان المحتلين الغاصبين.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة عيد الميلاد المجيد وفق التقويم الشرقي 6 كانون الثاني 2023
غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث،
صاحبة السمو الملكي الأميرة مريم غازي، ممثل جلالة الملك،
الوكيل البطريركي للروم الأرثوذكوس،
القنصل العام لليونان، وأصحاب المعالي والسعادة،
يسعدني أن أهنئكم اليوم، وأبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والخارج، وجميع المحتفلين في العالم بميلاد السيد المسيح عليه السلام، وفق التقويم الشرقي، ونشارككم هذه المناسبة الدينية الطيبة، متمنين للجميع عيداً مجيداً، في مطلع هذا العام، الذي نأمل أن يعم فيه السلام والأمن والرخاء على شعبنا وشعوب العالم أجمع.
وفي هذا المقام، نؤكد بأننا سنواصل الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية والدينية، وحماية إرثنا ومقدساتنا ووجودنا الإسلامي والمسيحي على أرض فلسطين المقدسة، كجزء أصيل من وجودنا التاريخي ونسيجنا الوطني في مدننا وقرانا ومخيماتنا.
إن شعبنا الفلسطيني سيواصل ثباته على أرضه وارض أجداده، وحماية تراثه الحضاري، ومقدساته المسيحية والإسلامية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة وكنيسة المهد والحرم الإبراهيمي بالخليل.
كيف لا ونحن أصحاب العهدة العمرية التي ستبقى خالدةً إلى الأبد، قابضين على الجمر، مدافعين عن ثقافتنا التي تحثنا على التسامح والوسطية والإخاء بين أبناء الشعب الواحد، والحفاظ على هوية وطابع مدينة القدس، ودعم صمود أهلها ومقدساتها.
الأخوات والإخوة،
نؤكد أننا سنواجه وبكل حزم الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية الجديدة والمجموعات الاستيطانية المتطرفة، سواء على صعيد استباحة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسحية، أو على صعيد سن القوانين العنصرية، وبرامج هذه الحكومة المنافية للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة.
نقوم حاليا وبالتنسيق مع أخي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، الذي نتمنى له وللأردن الشقيق دوام التقدم والازدهار وكذلك مع المجموعات الشقيقة والصديقة بالتحرك على صعيد المحافل الدولية والإقليمية وعلى رأسها مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، والاتحاد الافريقي، والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات التي تستهدف الوضع التاريخي والقانوني في القدس ومقدساتها.
وفي هذا السياق، نشيد بمواقف الدول والمنظمات الدولية والبرلمانات والمؤسسات الكنسية والأزهر الشريف التي أدانت جميعها هذه الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة، والتي نأمل أن تتحول من أقوال إلى أفعال.
ونؤكد في هذا الصدد إدانتنا ورفضنا الكامل للاعتداءات المتكررة على ممتلكات الكنائس في القدس وفي سائر الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك جبل الزيتون وباب الخليل وسلوان ومار إلياس والعبث في مقبرة الكنيسة الأسقفية الإنجيلية في القدس.
وسنبقى ملتزمين بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاستيطانية التي تهدف إلى تقويض الوجود الفلسطيني الإسلامي والمسيحي على حدٍ سواء، كما وسنواصل الحفاظ على تراثنا الديني الفلسطيني المتنوع الذي نفتخر به، وندعو الجميع للحفاظ عليه، على طريق الحرية والاستقلال لشعبنا ودولتنا بعاصمتها القدس الشرقية.
وبهذه المناسبة ومن مدينة بيت لحم، من فلسطين، نقول عيد ميلاد مجيد، ونحيي جميع المحتفلين بعيد الميلاد وفق التقويم الشرقي في فلسطين والعالم أجمع، ونتمنى للجميع الخير والمحبة والأمل والسلام.. كلُ عامٍ وأنتم بخير.