خطابات الرئيس محمود عباس "أبو مازن" 2022

كلمة الرئيس محمود عباس مسجلة بثها تلفزيون فلسطين لمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية الثامنة والخمسين 31 كانون الأول 2022

بسم الله الرحمن الرحيم

"إِنَّا فَتَح?نَا لَكَ فَت?حا مُّبِينا، لِّيَغ?فِرَ لَكَ ?للَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَن?بِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَيُتِمَّ نِع?مَتَهُ عَلَي?كَ وَيَه?دِيَكَ صِرَ?طا مُّس?تَقِيما، وَيَنصُرَكَ ?للَّهُ نَص?رًا عَزِيزًا". صدق الله العظيم

 

أبناءَ وبناتِ شعبِنا الفلسطينيِ البطلِ في فلسطينَ وفي كلِ مكانٍ في العالم،

نُحْيى اليومَ الذكرى الثامنةَ والخمسينَ لانطلاقةِ ثورتِنا الفلسطينيةِ المجيدة، هذه الثورةُ التي كانتْ حركةُ فتحٍ شرارتَها الأولى، وتَوحَّدَتْ فيها الفصائلُ الفلسطينيةُ تحتَ رايةِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينية، الممثلِ الشرعيِ والوحيدِ للشعبِ الفلسطيني، منْ أجلِ تحقيقِ أهدافِ شعبِنا في تقريرِ مصيرِه، وإنهاءِ الاحتلالِ ونيلِ الاستقلالِ والسيادةِ على ترابِنا الوطني.

واليوم، وبعدَ ثمانيةٍ وخمسينَ عاماً منْ تلكَ الانطلاقةِ المباركة، لا زالتْ فلسطينُ كما كانت، صامدةً شامخةً بتاريخِها وحاضرِها، وبشعبِها المرابطِ بأبنائِه كافة، المناضلين، والمُضحين، كلٍ في موقعِه، مُتجذرينَ في أرضِنا الفلسطينية، بجبالِها ووديانِها وزيتونِها ومقدساتِها وإرثِها الحضاريِ الذي تتوارثُهُ الأجيالُ منذُ فجرِ التاريخِ وإلى اليوم، وسنبقى إلى أنْ يأتيَ أمرُ اللهِ ونحنُ كذلك.

اليوم، وكلَ يوم، نستذكرُ شهداءَنا الذينَ ارتَقوا دفاعاً عنْ أرضِنا وشعبِنا وقضيِتنا، طيلةَ مسيرةِ النضالِ التي لا زالتْ ماضية، فتحيةَ إكبارٍ وإجلالٍ لهم، وفي مقدمتِهم، الشهيدُ الرمزُ، القائدُ أبو عمار، ورفاقُه القادةُ الشهداءُ رحِمهمُ الله.

كذلكَ نذكرُ بالشكرِ والتقديرِ مواقفَ الدولِ، والهيئاتِ، والشعوبِ، وحركاتِ التحرر، والمؤسساتِ، التي ناصرتْ ولا زالتْ تناصرُ هذهِ الثورةَ المجيدة، وقضيةَ شعبِنا وحقوقَه، طيلةَ عقودِ نضالِه، المثقلةِ بجرائمِ الاحتلال، والماضيةِ رغمَ ذلكَ بعزيمةِ الصادقينَ نحو هدفِها المقدسِ لتحريرِ الأرضِ والإنسان.

لقد ارتكبَ الاحتلالُ أكثر من 50 مذبحة ضدَ شعبِنا في عام 1948، ودمرَ أكثرَ منْ 500 قريةٍ فلسطينية، ولا يزالُ يتصرفُ كقوةِ احتلالٍ استعماريٍ فاشي، ويمارسُ جرائمَ التطهيرِ العرقيِ والعنصري، وينتهكُ القانونَ الدوليَ والقانونَ الدوليَ الإنساني، بينما يستمرُ المجتمعُ الدوليُ في صمتِه أمامَ هذا السلوكِ الإجرامي، رغمَ صدورِ أكثرَ منْ ألفِ قرارٍ أمميٍ لصالحِ فلسطينَ وحقوقِها المشروعة، ما يشجعُ هذا الاحتلالَ على مواصلةِ جرائمهِ بحقِ شعبِنا وأرضِنا ومقدساتِنا، لأنَّ مَنْ أَمِنَ العقابَ أستمرَ في عدوانهِ، فمتى يمكنُ أنْ يتحركَ العالمُ لحمايةِ قراراتِهِ وتنفيذها؟!

إنَّ وَقْفَ هذا المدِ الاستعماريِ العنصري، إنما يكونُ بتطبيقِ القانونِ الدوليِ وقراراتِ الشرعيةِ الدولية، وضمانِ أنْ يحصلَ الشعبُ الفلسطينيُ على حقوقِه المشروعة، بإنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيليِ لأرضِ دولةِ فلسطينَ بعاصمتِها القدسُ الشرقية، والاعترافِ بدولةِ فلسطينَ على حدودِ العام 1967، والقبولِ بانضمامِ دولةِ فلسطينَ عضواً كاملاً في الأممِ المتحدة، لأنَّ ذلكَ هو الطريقُ الوحيدُ لتحقيقِ السلامِ الشاملِ والعادل، وحمايةِ الأمنِ والاستقرارِ الإقليميِ والعالمي.

أخواتي وإخواني،

إنَّ مخططاتِ الحكومةِ الإسرائيليةِ المتطرفةِ والعنصرية، التي تَسْتعرُ لضمِ وابتلاعِ المزيدِ منْ أرضِنا الفلسطينية، ستفشلُ حتماً بثباتِنا على أرضِنا، وكما أسقطْنا صفقةَ القرن، سوفَ نُسقطُ مؤامراتِ هذا الاحتلالِ الاستعماري، بوحدتِنا، وبتمسكِنا بثوابتِنا الوطنية، وبمقاومتِنا الشعبيةِ السلمية.

وأقولُ ها هنا للمحتلينَ الغزاة: "ألم يتبين لكمْ طيلةَ كلِ هذهِ العقود، أنهُ كلما زادَ طغيانُكم، وكلما أمعنتمْ في قتلِ واضطهادِ واعتقالِ أبناءِ شعبِنا، ومهما مارستمْ منْ تنكيلٍ، ونهبٍ لأرضِنا وثرواتِنا الطبيعية، وقرصنةٍ لمصادرِ أموالِنا وخنقٍ لاقتصادِنا، وهدمٍ لبيوتِنا، واقتلاعٍ لأشجارِنا، واحتجازٍ لجثامينِ شهدائِنا الطاهرة، وحصارٍ لأهلِنا في قطاعِ غزة، ومحاولاتٍ لطمسِ هويةِ عاصمتِنا المقدسةِ "القدس"، واعتداءاتٍ على مقدساتِنا: المسجدِ الأقصى، وكنيسةِ القيامة، والحرمِ الإبراهيمي، وغيرِها، كلما أمعنتمْ في هذا الإرهابِ المنظم، كلما ازدادَ شعبُنا قوةً وعزيمةً وإصراراً في مواجهةِ عدوانِكمْ وإرهابِكم، وفي التمسكِ بأرضِه وحقوقِه الوطنيةِ المشروعة؟.

انتبهوا قبلَ فواتِ الأوان، واعلموا أنَّ عدوانَكمْ لنْ يحققَ لكمْ لا أمناً ولا سلاماً، وأنَّ السلامَ والأمنَ لهُ طريقٌ واحدٌ هو أنْ يحصلَ شعبُنا على حقوقِه، وأنْ يُجسدَ دولتَه الحرةَ المستقلةَ كاملةَ السيادةِ على أرضِه، بعاصمتِها الأبديةِ القدسِ الشرقية.

أيتها الأخوات .. أيها الأخوة

يا أبناءَ شعبِنا في الوطنِ والشتات

بينما نُحيْي ذكرى انطلاقِة ثورتِنا المباركة، يكونُ قدْ مرَّ خمسةٌ وسبعونَ سنةً على النكبة، التي ولأولِ مرةٍ سيجري إحياءُ ذكراها في الأممِ المتحدة، في الخامِس عشرَ منْ آيار 2023، في ردٍ أمميٍ هو الأقوى على الروايةِ الصهيونيةِ الزائفة، فلا حقيقةَ أصدقُ منْ روايةِ شعبِنا الفلسطينيِ الراسخِ في أرضِه المقدسةِ منذُ أكثرَ منْ خمسةِ ألاف عامٍ، وسوفَ نبقى متمسكينَ بحقوقِنا التاريخيةِ والقانونيةِ في أرضِنا ومقدساتِنا وممتلكاتِنا، التي اقتُلعنا منها بفعلِ الطغيانِ والإرهابِ الإسرائيلي، والذي يعملُ فوقَ ذلكَ على محاولةِ تزييفِ الحقائقِ لتسنى لهُ مصادرةُ المستقبلِ بالاتكاءِ على تزييفِ التاريخ.

لكنْ .. هيهاتَ هيهات، كلُ محاولاتِكمْ البائسةِ سوفَ نهزمُها بالحقيقةِ التي ننتمي إليها، فحقُنا في أرضِ فلسطينَ ومقدساتِها ثابت، لا يقبلُ التأويل، وشعبُنا الفلسطينيُ مستمرٌ في صناعةِ الحياةِ والحضارةِ على هذهِ الأرض، فخوراً بتراثِه وحضارتِه وثقافتِه وموروثهِ الإنسانيِ جيلاً بعدَ جيل، إلى يومِنا هذا، إلى الأبد.

أخواتي .. إخواني ..

أيها الفلسطينيونَ المؤمنونَ بحقِكمْ في أرضِكمْ ومقدساتِكم، المرابطونَ في مواجهةِ البغيِ والعدوان..

أَذكرُ بالتحيةِ ها هنا، أبناءكم منْ أبطالِ المقاومةِ الشعبيةِ السلميةِ، الذينَ يدافعونَ عنْ أنفسهِمْ وعائلاتهِمْ وأرضهِمْ وهُويتهِمْ ووطنهِم، أمامَ عدوانِ المحتلِ ومستوطنيهِ القتلةِ الإرهابيين.

وأَذكرُ بالتحيةِ والاعتزازِ أيضاً، أسرانا البواسل، الذينَ يُضحونَ بزهرةِ شبابِهم في معتقلاتِ الاحتلالِ الظالمة، ونجددُ جميعاً العهد أننا لنْ نتخلى عنهم، ولا عنْ جرحانا الأبطال، ولا عن عائلاتِ شهدائِنا الأطهارِ، لهم جميعاً كلُ التحيةِ والإكبارِ والتقدير.

أبناءَ شعبِنا العظيم، سنستمرُ بالعملِ يداً بيدِ لمواجهةِ الاحتلالِ وتطرفهِ وعدوانهِ، كما سنواصلُ في الوقتِ ذاتهِ بناءَ الوطن، وحمايةَ وحدةِ أرضهِ وشعبهِ، وسنعملُ كلَ ما يجبُ منْ أجلِ النهوضِ باقتصادِنا، وتمكينِ كلِ شرائحِ شعبِنا، وبالذاتِ المرأةُ والشباب، على قاعدةِ سيادةِ القانون، والشراكةِ بينَ جميعِ مكوناتِ مجتمعِنا الفلسطيني.

ورغم الحصارِ الماليِ والاعتداءاتِ اليوميةِ، فإنني أُحييّ صمودَكم وصبرَكم وشجاعتَكم في مواجهةِ هذه الاعتداءات.

أخواتي .. إخواني ..

أمامَ كلِ المخاطرِ والتحدياتِ التي تواجهُنا، أدعو الجميعَ لحوارٍ وطنيٍ فلسطينيٍ سياسيٍ شاملٍ في القريبِ العاجل، للعملِ والتصدي معاً، وتَحمُّلِ المسؤوليةِ معا،ً والسيرِ نحوَ تحقيقِ أهدافِنا معاً.

وفي الختام لا ننسى في هذهِ المناسبةِ الوطنيةِ الخالدة، أنْ نتوجَه بالتهنئةِ لجميعِ المحتفلينَ بأعيادِ الميلادِ المجيد، والعامِ الميلاديِ الجديد، في فلسطينَ والعالم، ونقولُ لهمْ كلُ عامٍ وأنتمْ بخير، وعاماً ميلادياً جديداً مِلْؤهُ الخيرُ والاستقرارُ والسلامُ لشعبِنا والشعوبِ كافة.

عاشت القدسُ عاصمةً أبديةً لدولتِنا الفلسطينية

والمجدُ والخلودُ لشهدائِنا الأبرار، والحريةُ لأسرانا الأبطال، والشفاءُ لجرحانا البواسل

عاشَ الوطنُ فلسطين،

وعاشت الثورةُ وذكرى انطلاقتِها الحيةُ الخالدة.

 

 

كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة عيد الميلاد المجيد 24 كانون الأول 2022

غبطة البطريرك بيتسابالا

الأب باتون، حارس الأراضي المقدسة

معالي الأخ توفيق كريشان، النائب الأول لرئيس الوزراء الأردني، ممثل جلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية.

أصحاب المعالي والسعادة، أيها الإخوة والأخوات

 

كل عام وأنتم بخير.. نهنئكم ونهنئ شعبنا بميلاد المسيح عليه السلام، رسول السلام والمحبة الذي ولد في مغارة بيت لحم، في هذا المكان من أرض فلسطين المقدسة. كما ونهنئكم برأس السنة الميلادية الجديدة 2023، وهي مناسبات دينية ووطنية، تُدخل البهجة والتسامح لكل بيت فلسطيني، وهي أيضاً رسالة أمل ومحبة وسلام، لا زال شعبنا الفلسطيني يحافظ على إرثها الحضاري والإنساني العظيم، ويجدد إرسالها في كل عام من فلسطين لملايين المؤمنين حول العالم.

وبهذه المناسبة، نهنئ قداسة البابا فرنسيس، وجميع الطوائف والمؤمنين حول العالم وأبناء شعبنا بالميلاد وفق التقويم الغربي.

نحتفل اليوم، ونحن نواجه المحتلين، بوحدتنا وتمسكنا بثوابتنا الوطنية، وصمودنا على أرضنا. وفي هذا الصدد، فإننا لن نقبل بمواصلة ممارسات الاحتلال باستهداف الوجود المسيحي في فلسطين، الذي هو جزء لا يتجزأ من نسيج شعبنا الذي سنواصل المحافظة عليه.

ونشيد بهذه المناسبة، بمواقف رؤساء الكنائس، ورجال الدين المسلمين، وجماهير شعبنا كافة، في الدفاع عن هوية وطابع مدينة القدس، بمقدساتها المسيحية والإسلامية.

يمضي هذا العام، أيها الإخوة والأخوات، ويرتقي معه إلى العلى القدير ثلة من الشهداء الأطهار:

الأخ القائد المؤسس سليم الزعنون عضو اللجنة المركزية ورئيس المجلس الوطني، وأحد الذين أصدروا قرار الانطلاقة.

الأخ القائد جمال محيسن عضو اللجنة المركزية.

ابنة القدس وفلسطين الشهيدة شيرين أبو عاقلة التي اغتالها جيش الاحتلال الإسرائيلي بلا رقيب ولا حسيب.

الأخت المناضلة فاطمة برناوي أول أسيرة فلسطينية في معتقلات الاحتلال.

الشهيد الأسير ناصر أبو حميد، بعد أن قضى أكثر من ثلاثين عاماً في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، وتعرض للقتل البطيء من خلال الإهمال الطبي المتعمد من سلطات الاحتلال.

يمضي هذا العام ويرتقي معه 224 شهيداً، منهم عشرات الأطفال.

يمضي هذا العام ولا يزال يقبع في مقابر الأرقام وفي ثلاجات الاحتلال 374 من شهدائنا الذين تحتجز سلطات الاحتلال جثامينهم، ومنهم الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.

يمضي هذا العام بعد أن جاءت حكومة إسرائيلية شعارها التطرف والتمييز العنصري (الأبرتهايد).

يمضي هذا العام وقد عقدت فيه قمة عربية ناجحة في الجزائر، وكذلك قمة عربية صينية تاريخية وناجحة في الرياض.

يمضي هذا العام ومعه دورة جديدة من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا تزال قراراتها التي تزيد عن الألف بشأن فلسطين تنتظر التنفيذ.

يمضي هذا العام وقد نجحت فيه دولة قطر الشقيقة في تنظيم أفضل مونديال حتى الآن، هذا المونديال الذي كان بحق مونديال فلسطين، التي حضرت بقوة رغم أنها لم تشارك.

يمضي هذا العام، وقد نجحت فيه الرواية الفلسطينية في الحضور بقوة في إظهار الحق الفلسطيني في مختلف الميادين في مواجهة الرواية الصهيونية الزائفة.

تحضر الرواية الفلسطينية بقوة في أمريكا بفضل النجاح اللافت الذي يحققه المجلس الفلسطيني الأمريكي في فرض روايتنا على المشهد الأمريكي، وما تقوم به شرائح عديدة بما فيها الجامعات والكنائس، ومؤيدو الحق الفلسطيني من المحبين للسلام وأصحاب الضمائر الحية.

كما تحضر الرواية الفلسطينية في المشهد الدولي، لتعتمد الأمم المتحدة قراراً بإحياء الذكرى 75 للنكبة في 15/5/2023 في قاعة الجمعية العامة.

يمضي هذا العام ومعه ينشر فيلم الطنطورة، الذي يروي بالوثائق، حقائق عن المذابح التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، وبشهادة مرتكبيها أنفسهم.

يمضي هذا العام وقد زار الرئيس الأمريكي بايدن البلاد، وقدم وعوداً للأسف لم يتحقق منها شيء، في ظل ما نشهده من ازدواجية للمعايير تحرم شعبنا من حقوقه المشروعة ونيل حريته واستقلاله.

لكن أيضا... يمضي هذا العام ونستقبل عاماً جديداً، ونحن أكثر صموداً وأكثر إصراراً على البقاء في أرضنا، والتخلص من الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس، وسوف ننتصر بإذن الله.

وبالرغم من كل ما نتعرض له من ظلم وعدوان، فإن رسالتنا للعالم تبقى رسالة أمل ومحبة وسلام.

مرة أخرى، كل عام وأنتم بخير، مع خالص الأمنيات، أن يعيد الله هذه الأيام على شعبنا ووطننا وقد تحققت أمانينا بالحرية والاستقلال والسلام العادل والشامل.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال القمة العربية الصينية الأولى المنعقدة في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض 9 كانون الأول 2022

يطيب لنا في البداية أن نتقدم بالشكر الجزيل لأخي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، ولأخي ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولحكومة المملكة العربية السعودية على استضافة هذه القمة التاريخية والهامة، والتي تَوَّجَت سنوات من الحوار العربي الصيني في إطار منتدى التعاون وعلى المستويات كافة.

ونحيي جميع قادة ورؤساء الوفود من الدول العربية المشاركين في هذه القمة، ونقدر جهودهم المتواصلة في إنجاح هذه الشراكة الاستراتيجية مع الصين.

كما يسعدني أن أرحب بفخامة الرئيس شي جين بينج، الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، متمنين لفخامته التوفيق والسداد في تحقيق طموحات وتطلعات الشعب الصيني الصديق نحو مزيدٍ من التقدم والتطور والازدهار.

ونؤكد لكم صديقي فخامة الرئيس، أن دولة فلسطين التي تؤمن بعدالة موقفكم، ستواصل وقوفها بثبات إلى جانب الصين لدعم سياستها للصين الواحدة، وفي مواجهة الحملات التي تستهدفها في المحافل الدولية كافة.

وبهذه المناسبة، نعبر لفخامة الرئيس الصيني عن عميق شكرنا لرؤيته ولمواقف الصين الثابتة والداعمة لحقوق شعبنا الفلسطيني، ولكل ما تقدمه من مساعدات وبرامج تعاون تنموية، وهي لفتات مقدرة لن ينساها شعبنا الفلسطيني.

إن هذه القمة الأولى من نوعها، لهي فرصة لمد المزيد من جسور التعاون على أساس التبادل الاقتصادي، والاستثمارات، وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، مع التأكيد على الطرق الأربعة لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، من خلال التمسك بالاستقلالية، والسيادة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للغير، وبناء منظومة أمنية وتعاون مستدام، وتعزيز التبادل الحضاري، وتكريس القيم المشتركة.

ونؤكد في هذا الصدد، على ما أعلنه الرئيس الصيني، بأهمية التعاون في المجالات الثمانية المشتركة، في التنمية، والأمن الغذائي، والصحة، والتنمية الخضراء والابتكارات، وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات، وتأهيل الشباب، والأمن والاستقرار، والمضي قدماً نحو بناء مستقبل وتعاون عربي صيني مشترك.

إن بقاء الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، دون محاسبة، بعد تشريد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه، منذ أكثر من 74 عاماً، وهم الذين يشكلون حالياً أكثر من 6 مليون لاجئ، هو أمر يفرض تساؤلات عدة حول جدية النظام الدولي، الذي يسمح لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة انتهاك القانون الدولي، وإنشاء نظام تمييز عنصري كامل الأركان، ومواصلة الأعمال الأحادية والاستيطان الاستعماري، والقتل، والحصار، والتهجير، وهدم المنازل، وتغيير هوية مدينة القدس، وعدم احترام الوضع التاريخي واستباحة المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وحجز الأموال، في ظل صمت دولي إزاء ازدواجية المعايير وسياسية شريعة الغاب. هذا النظام الدولي الذي لم ينجح في تطبيق أي من قراراته الأممية التي تزيد عن الألف تجاه القضية الفلسطينية.

إننا نفتقد هذه الأيام لوجود شريك في إسرائيل يؤمن بحل الدولتين على أساس الشرعية الدولية، والاتفاقيات الموقعة، ونبذ العنف والإرهاب، وهي المبادئ التي نحن ملتزمون بها ونعمل بموجبها. وإننا ندعو في هذا الإطار، المجتمع الدولي، إلى عدم التعامل مع أية حكومة إسرائيلية لا تعترف بهذه المبادئ والقيم.

وبالرغم من كل ذلك فإننا لن نتخلى عن الالتزام بالقانون الدولي، وإننا نتطلع وفي هذه الظروف الصعبة أن تواصلوا حشد الدعم الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ودعم المساعي الفلسطينية الرامية للحصول على الاعتراف بدولة فلسطين، وعلى العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وتأمين الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ومنها قرار مجلس الأمن 2334 ، وقرارا الجمعية العامة 181 و194 وهما القراران اللذان كانا شرطين لقبول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة ولم تنفذهما.

كما نؤكد على وجوب الاعتذار والتعويض من بريطانيا وأمريكا للشعب الفلسطيني، بسبب وعد بلفور المشؤوم، وصك الانتداب، وكذلك الاعتذار والتعويض من إسرائيل عما ارتكبته إبان النكبة من عشرات المذابح، وتدمير مئات القرى الفلسطينية، وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم.

وفي الختام، أشكركم جميعاً وأحييكم أيها الاخوة القادة على دعمكم، ومواقفكم، تجاه فلسطين، مؤكدين لكم جميعًا، بأننا سنبقى فاعلين في خدمة التعاون العربي الصيني، ومساندة دول وشعوب منطقتنا لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم. ونرفع بهذه المناسبة، تحياتنا لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، متمنين له الصحة والعمر المديد. والسلام عليكم.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماع حول التحرك على المستوى الدولي لمواجهة ممارسات الاحتلال 20 كانون الأول 2022

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" صدق الله العظيم

 

الأخوات والإخوة،

عملية اغتيال ناصر أبو حميد هي جريمة حرب مكتملة الأركان، فهو أسير أصيب بمرض السرطان القاتل، تركته سلطات الاحتلال الإسرائيلي يصارع المرض في زنزانته، ومنعوا والدته أم ناصر المناضلة الصابرة، القابضة على الجمر، وجميع أفراد أسرته من زيارته طوال سنوات مرضه.

قبل 74 عاماً، وضمن عملية التطهير العرقي الإجرامية والعنصرية، التي مارستها العصابات الصهيونية، والقيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، خلال عدوان عام 1948، وما بعدها، ارتكبت هذه العصابات أكثر من 50 مذبحة جماعية بحق أبناء شعبنا، واقتلعت هذه العصابات أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه، ومنهم عائلة الشهيد ناصر من قريته السوافير الشمالية إلى حياة اللجوء والتشرد.

حياة ناصر أبو حميد تلخص واقع الظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الذي طال أمده. استشهد عن عمر يناهز الخمسين عاماً، قضى منها أكثر من 30 عاماً في الأسر، ليصبح الشهيد رقم 233، الذي استشهد في معتقلات الاحتلال منذ العام 1967.

إننا نحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن قتل الشهيد ناصر أبو حميد، هذه الحكومة التي صمت آذانها عن النداءات للإفراج عنه وهو يصارع المرض.

 

الأخوات والإخوة

وفي هذا الصدد، أعلن أمامكم، أننا سنقوم بحملة دولية واسعة من أجل وضع الجميع أمام مسؤولياتهم القانونية والتاريخية من أجل توفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل في الضفة والقدس الشرقية وغزة، فمن غير المقبول أن يواصل العالم الصمت، وإدارة الظهر لجرائم إسرائيل، لقد آن الآوان أن يحظى الشعب الفلسطيني بالعدل والإنصاف والحماية.

واسمحوا لي باسمكم جميعا، أن أتقدم بأحر التعازي لأسرة الشهيد القائد ناصر أبو حميد، ولوالدته أم الأبطال، وإلى جماهير شعبنا بأحر التعازي، وأؤكد هنا بأننا لن نرضخ ولن نستسلم، ولن نتنازل عن ثوابتنا الوطنية، وسنواصل صمودنا، ولن نتخلى عن أسرانا الأبطال وشهدائنا وجرحانا وأبناء شعبنا في الوطن والشتات.

والسلام عليكم

 

 كلمة سيادة الرئيس محمود عباس أمام مهرجان ذكرى استشهاد أبو عمار الثامنة عشر في غزة

رام الله- 10/11/2022

أيتها الأخوات أيها الأخوة

 يا جماهير شعبنا العظيم في قطاع غزة الحصن المنيع لمشروعنا الوطني، مع شعبنا في القدس والضفة الغربية والشتات.

أنتم أيها الصامدون الصابرون في قطاع غزة، كنتم كل الوقت في قلب وعقل أبو عمار، وأنتم اليوم في قلوبنا وعقولنا، فنحن وأنتم نسير على الدرب ذاته الذي رسمه القادة المؤسسون، درب الشهداء الأبرار والأسرى البواسل، نسير على نهج فتح، نهج منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، نهج الوطنية الفلسطينية التي تكرست في وعي هذا الشعب العظيم عبر التضحيات، لنهزم بهذه الوطنية الرواية الصهيونية، التي تحاول إلغاء وجودنا ونفي علاقتنا بأرض وطننا التاريخي فلسطين، لكنهم نسوا أو تناسوا أن شعبنا الفلسطيني العظيم ظل وما زال وسيبقى صامدا على أرضه عصيا على الانكسار والهزيمة.

أحبائي يا أهلنا في قطاع غزة الأبي

عندما أسسنا فتح مع أبو عمار القائد الرمز، وأبو جهاد وأبو إياد وبقية القادة المؤسسين وغيرهم، كان هدفنا إعادة لم شمل الشعب الفلسطيني الذي مزقته النكبة، إعادة توحيد الشعب الفلسطيني وحشده لهدف التحرير والعودة، لذلك لن نقبل ولن تقبل فتح باستمرار الانقسام، ومهما كان الثمن لتحقيق ذلك.

لقد قلت وبأعلى صوت أن لا دولة في الضفة بدون غزة ولا دولة في غزة بدون الضفة والقدس، ولن نقبل بأقل من دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هذه هي الأمانة التي حملنا إياها ياسر عرفات ونحن أوفياء ومتمسكون بتحقيقها.

وكما كان يردد أبو عمار "هم يرونها بعيدة وانا اراها قريبة". بإذن الله ثم بصمود شعبنا.

إن استمرار هذا الانقسام الحرام يعني من بين ما يعني غياب وحدة الجغرافيا لدولتنا الفلسطينية العتيدة...فمن يا ترى هو المستفيد من تمزيق جغرافيا الدولة الفلسطينية؟ ومن تبديد طاقات شعبنا في صراعات لا معنى لها؟

أخواتي أخوتي

نحن ندرك عذاباتكم ونشعر بمعاناتكم في ظل هذا الحصار الجائر، ونحاول بقدر ما نستطيع أن نخفف عنكم، ولكن علينا أن نكون واعين أن هذا العذاب وهذا الألم لن ينتهي إلا بانتهاء الانقسام الذي أعاد قضيتنا خطوات إلى الوراء، ويهدد بإضاعة ما حققه الشعب الفلسطيني من مكتسبات، كان ثمنها تضحيات باهظة من الشهداء والأسرى والجرحى.

يا جماهير شعبنا العظيم

لقد ترك لنا ياسر عرفات تراثاً وطنياً غنياً، علينا جميعا المحافظة عليه وتطويره وتعزيزه، هم أرادوا أن يصفوا الوجود السياسي للشعب الفلسطيني، واعتقدوا أنهم نجحوا في نكبة عام 1948، لكننا في فتح نهضنا ونهض الشعب الفلسطيني معنا رغم مؤامرتهم ومذابحهم، أرادوا طمس هويتنا الوطنية، ونحن أعدنا إحياءها وتصليب عودها.

لقد سلمنا ياسر عرفات الثوابت الوطنية، ونحن متمسكون بها ولن نتنازل عنها وقلنا في وداعه العهد هو العهد والقسم هو القسم.

علينا أن نكون جاهزين للمرحلة القادمة، وأن نفشل مخططات الضم كما أفشلناها من قبل، وكما أفشلنا مؤامرة صفقة العصر، وأن نتصدى بحزم لمحاولات منع قيام الدولة الفلسطينية بغزة والضفة والقدس، هم يدركون أن إرادة الشعب الفلسطيني لا يمكن كسرها، ونقول لهم نحن هنا باقون ولن نرحل.

الأخوات والأخوة

أنتم أعزاء على قلوبنا، سنبقى معاً يداً واحدة حتى ننهي الانقسام ونهزم الاحتلال، فليس لنا إلا هذا الخيار وهذا الدرب وسنمضي عليه حتى القدس ورفع رايات فلسطين على مقدساتها.

هذا هو الوفاء للقائد الرمز أبو عمار ولشهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل كافة، سنواصل المسيرة حتى نحقق هدف الحرية والاستقلال والدولة وعاصمتها القدس، درة تاجنا وروح وطنيتنا.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

  كلمة رئيس دولة فلسطين محمود عباس أمام  القمة العربية الواحدة والثلاثين في الجزائر 2/11/2022

 فخامة الأخ الرئيس عبد المجيد تبون، الإخوة القادة،

السيدات والسادة،

في هذا اليوم المجيد، الفاتح من نوفمبر، ذكرى اندلاع ثورة التحرير الجزائرية، أتوجه بالتحية والتقدير لفخامة الأخ الرئيس عبد المجيد تبون، ومن خلاله للشعب الجزائري الشقيق على استضافة هذه القمة العربية على أرض الجزائر الأبية، أرض المليون ونصف المليون شهيد، لتعزيز التضامن والعمل العربي المشترك في ظل الظروف الخطيرة التي يمر بها العالم، الأمر الذي يظهر أهمية التنسيق والتعاون المشترك وتنقية الأجواء العربية لمواجهة جميع التحديات التي تواجهنا مجتمعين كأمة عربية واحدة موحدة.

إن للجزائر مكانة خاصة في قلوب شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، فعلى أرضها أعلن الشعب الفلسطيني قيام دولته في العام 1988، وفي رحابها عقدنا منذ أسابيع مؤتمراً للم الشمل من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية، سعياً لإعادة توحيد الصف الفلسطيني، مؤكدين تقديرنا وحرصنا على إنجاح هذه الجهود الجزائرية المباركة.

وهنا لابد أن أُشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها الأشقاء في مصر التي ترعى المصالحة، والشكر موصول للدول العربية والصديقة التي تساهم في تهيئة الأجواء لتحقيق المصالحة على قاعدة الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والالتزام كذلك بقرارات الشرعية الدولية.

كما أتوجه بالشكر والعرفان لتونس، على رئاسة القمة السابقة وأوجه، بهذه المناسبة، تحية إكبار وتقدير لأشقائنا قادة الدول العربية وشعوب أمتنا كافة، على مواقفهم الثابتة تجاه شعبنا وقضيته العادلة، وأحيي في هذا الصدد جهود الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية، وجميع العاملين فيها.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لا زال الشعب الفلسطيني، وبعد مرور 74 عاماً على نكبته، يُعاني ويلات التشرد والاحتلال، بالرغم من قبوله بقرارات الشرعية والمرجعيات الدولية، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُصر على تقويض حل الدولتين، وانتهاك القانون الدولي والاتفاقات الموقعة معها، وتتصرف كدولة فوق القانون، مستندةً إلى صمتٍ دوليّ، وغيابٍ للمساءلة والمحاسبة.

إن الشعب الفلسطيني يواجه اليوم ظروفاً في غاية الدقة والصعوبة جراء استمرار سلطات الاحتلال، في فرض سياسة الأمر الواقع عبر الاستيطان وإرهاب المستوطنين، وسرقة الأرض، وتهجير أصحابها، وهدم بيوتهم، وتدمير الحقول وإحراقها، واحتجاز الأموال، وإصدار القوانين العنصرية، والحصار الجائر لقطاع غزة، واقتحامات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وحصارها لنابلس وجنين وأحياء وبلدات القدس، وما يصاحبها من اعدامات ميدانية، واعتقالات، واحتجاز لجثامين الشهداء وهذا ما لا يقوم به أحد إلا إسرائيل في العالم، وانتهاك الوضع التاريخي (الستاتسكو) للمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة واستباحة قدسيتهما، والاستيلاء على جزء من المسجد الإبراهيمي في الخليل، وغيرها من الجرائم التي تتحدى القانون الدولي أمام أعين كل الدول وعلى رأسها الدول العظمى التي تسكت وترعى وتؤيد هذه الانتهاكات.

ونرحب في هذا السياق، بالتقرير الذي صدر مؤخراً عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان والذي يدين هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لا بد أن أقول لكم وبكل صراحة، إن إسرائيل، دولة الاحتلال، التي تقوم بتدمير ممنهج لحل الدولتين، وتتنكر للاتفاقات الموقعة معها، وتستمر في ممارساتها أحادية الجانب، لم تترك لنا خياراً، سوى إعادة النظر في مجمل العلاقة القائمة معها، سنعيد النظر في مجمل العلاقات مع إسرائيل ما دامت لا تحترم شيئاً ولا تأخذ اعتباراً لأي شيء، كذلك تنفيذ قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، التي اتخذت قبل 7 سنوات، والذهاب للمحاكم الدولية، والانضمام لمزيد من المنظمات الدولية حمايةً لحقوق شعبنا.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نتطلع إلى دعمكم من خلال إصدار قرارٍ من القمة بتشكيل لجنة وزارية عربية للتحرك على المستوى الدولي،  لفضح ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشرح روايتنا العربية، لأن روايتنا غائبة في الغرب تماماً حيث تسود الرواية الصهيونية، وتنفيذ مبادرة السلام العربية، ونيل المزيد من اعتراف الدول الأوروبية بدولة فلسطين، والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بعد أن طلبنا هذا قبل 11 عاماً ولم نتمكن من الحصول عليه؛ إننا بدعمكم بجهودكم يمكن أن نحصل على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كذلك العمل على منع نقل سفارات الدول إلى القدس، وعقد مؤتمر دولي للسلام على قاعدة الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، نحن لا نتمتع بأية حماية وإسرائيل تبطش بنا يمينا وشمالاً ولا أحد يردعها أو يقول لها كفى، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2334، الذي صدر برعاية أميركية في عام 2016، وعندما جاء ترمب للحكم ألغاه فوراً، مع أن أميركا هي التي دعمت وأيدت هذا القرار من الألف إلى الياء، وكذلك القراران 181 و194، وكما قلت في خطاب سابق هناك 754 قراراً صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم ينفذ منها قرار واحد، أطالب بتنفيذ القرار 181 الذي قسم فلسطين، والقرار 194 الذي يعطي اللاجئين حق العودة أو التعويض، وأيضاً هذان القراران هما القراران اللذان كانا شرطين لقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، واللذان لم تلتزم بهما، عندما قدم الطلب لتكون إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة، الأمم المتحدة رفضت وقالت يجب أن تقبلوا وتلتزموا بتنفيذ هذين القرارين، موشيه شاريت كتب تعهداً بالالتزام والتنفيذ ومنذ ذلك اليوم لم يحصل شيء والولايات المتحدة تدعم الموقف الإسرائيلي.

كما نتطلع إلى دعمكم لتشكيل لجنة قانونية لمتابعة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني جراء إصدار الحكومة البريطانية وعد بلفور في العام 1917، نحن ظلمنا من قبل بريطانيا وأميركا بإصدار هذا القرار الذي يعطي من لا يملك لمن لا يستحق، وكذلك صك الانتداب، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وتداعيات ذلك على الشعب الفلسطيني، وارتكاب إسرائيل أكثر من 50 مذبحة خلال وبعد نكبة العام 1948، 50 مذبحة ارتكبت في 50 بلدة وقرية ومدينة وكلها مسجلة الآن في سجلات إسرائيل ومعروفة، نريد أن نأخذ حقوقنا ونريد أن تعترف إسرائيل بهذه الجرائم وأن تقر بها وأن تقدم التعويضات كما يحصل في أماكن أخرى في العالم، وما تلا ذلك من تدمير ونهب لأكثر من 500 قرية فلسطينية كلها محيت عن الوجود إن الجرائم لا تسقط بالتقادم، لذلك فإننا نطالب جميع الأطراف التي ارتكبت هذه الجرائم، وساعدت على ارتكابها بالاعتراف بما اقترفته، والاعتذار عنها، وجبر الضرر ودفع التعويضات للشعب الفلسطيني، وللتذكير فإنه يصادف اليوم مرور 105 أعوام على صدور وعد بلفور المشؤوم، ولا زالت تداعياته قائمة إلى يومنا هذا.

الأشقاء الأعزاء،

 إن شعبكم الفلسطيني، وهو يواجه المحتل وسياساته العنصرية بكل صمودٍ وتحدٍ، ينتظر من أشقائه أن يواصلوا وقوفهم معه اليوم من خلال تفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان العربية التي أُقرت سابقاً، خاصة وأن إسرائيل تحتجز الأموال الفلسطينية، هي تجمع لنا الأموال وتحتجزها، مؤكدين على أهمية تنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول توفير الدعم لمدينة القدس وصمود أهلها، بشكل مؤثر وهي تتعرض اليوم لأشرس حملة إسرائيلية لتهويدها، يريديون أن يهودوا القدس والأقصى ويعيدوا بناء الهيكل المزعوم الذي لم يوجد قطعاً في هذه المنطقة، وتغيير معالمها الفلسطينية العربية والإسلامية، مع العلم أن ما أنفقته سلطات الاحتلال والجهات والمنظمات الداعمة لها، قد بلغ عشرات المليارات من الدولارات، خلال السنوات الماضية، من أجل تهويد القدس الأقصى والقيامة سيهودان.

كما أدعو في هذا السياق أيضاً، إلى بذل كل جهد مستطاع وضروري لإنجاح مؤتمر القدس الذي سيعقد مطلع العام القادم في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة.

وأطلب إن أمكن من قمتكم دعوة الأزهر الشريف والفاتيكان والهيئات والمؤسسات والمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، لمواصلة القيام بواجبها حيال القدس ومقدساتها، وتبني خارطة طريقٍ واضحة في كيفية تحقيق ذلك، باعتباره فريضة شرعية وسياسية لابد منها.

وبهذه المناسبة، نتمنى لجمهورية مصر العربية الشقيقة النجاح في تنظيم القمة العالمية للمناخ، وكذلك نتمنى للمملكة العربية السعودية الشقيقة النجاح في مبادرتها للشرق الأوسط الأخضر.

كما ونتمنى لدولة قطر الشقيقة النجاح في تنظيم كأس العالم لكرة القدم، والتي تقام لأول مرة في دولة عربية شقيقة.  

أشكركم فخامة الرئيس على كرم الضيافة، ورئاسة هذه القمة، وأُحييكم أيها الإخوة القادة وشعوبكم على دعمكم، ومواقفكم تجاه فلسطين والقدس وهنا لابد أن نُوجه التحية والتقدير لأبناء شعبنا في كل مكان، وبخاصة لأبناء شعبنا في مخيمات اللجوء، ولشهدائنا ولأسرانا الأبطال وجرحانا البواسل، ونقول لهم: إن النصر لقريب، وستبقى مسؤولية عائلات الشهداء والأسرى والجرحى أمانة في أعناقنا، لن نفرط فيها مهما كان الثمن لأن إسرائيل تريد أن تلغي كل المسؤوليات مسؤولياتنا والمسؤوليات الدولية عن هؤلاء جميعاً، ونحن لن نقبل وستبقى مسؤوليتهم في أعناقنا

 

التحية لقادة وشعوب أمتنا العربية، ونقول: إن القدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وموطن الإسراء والمعراج، وحاضنة القيامة، أمانة في أعناقنا، وهي بحاجة لوقفة حاسمة منا جميعاً لنصرتها السلام عليكم.

 

كلمة الرئيس محمود عباس أمام قمة سيكا في كازاخستان 13 تشرين الأول 2022

يسعدني المشاركة في هذه القمة الهامة في نسختها السادسة، لمؤتمر التفاعل وبناء إجراءات الثقة في آسيا، والذي نجح منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك ومنها الامن والاستقرار والسلام وتوحيد المفاهيم حول العديد من القضايا البينية في اسيا وفي العالم.

نؤكد لكم، وبالرغم من وجودنا تحت الاحتلال، بأننا فاعلون على مستوى المحافل الدولية والأمم المتحدة، ونعي صعوبة الأوضاع حول العالم في ظل التجاذبات الاقليمية والدولية وغيرها من التحديات التي تواجه دولنا والعالم، مثل التهديدات الأمنية بما فيه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين والأمن الغذائي وتوفير الطاقة والتغيير المناخي وغيرها.

إننا في دولة فلسطين نسعى للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود العام 1967، ولازلنا نؤمن بتحقيق ذلك بالطرق السياسية والدبلوماسية واحترام القانون الدولي والاتفاقات الموقعة وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة وعلى رأسها مبادرة السلام العربية، المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 1515، ونحن على ثقة بأن دولكم جميعها، التي نقدر مواقفها، تساند حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

بعد 74 عاماً من التشرد لأبناء شعبنا الفلسطيني بسبب النكبة في العام 1948، وما صاحبها من مجازر وصلت إلى أكثر من خمسين مجزرة ارتكبتها العصابات الصهيونية، وهدم لـ529 قرية فلسطينية وتهجير وطرد لأكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه، وبلغ عدد المهجرين في عام 1948 (950 ألف لاجئ وفق إحصائيات الأمم المتحدة)، وبالرغم من مرور 55 عاما على احتلال باقي الأراضي الفلسطينية منذ العام 1967، وبالرغم من كل هذه المآسي التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني، إلا أننا أبرمنا اتفاقيات مع إسرائيل على أساس رؤية حل الدولتين، إلا أن إسرائيل، خرقت هذه الاتفاقات، وواصلت عملياتها الاستيطانية وأعمال الهدم والقتل في كل الأرض الفلسطينية، وما يجري من استهداف للأسرى في سجون الاحتلال، والاعتداءات والحصار لمدننا ومخيماتنا وقرانا، وبخاصة في شعفاط وجنين ونابلس والقدس.

لن نقبل باستمرار هذا الوضع، ولن نبقى الوحيدين الملتزمين بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وسنراجع مجمل علاقاتنا معها، كما سنطالبها بالاعتذار والتعويض على ما ارتكبنه من مجازر وتدمير بحق الشعب الفلسطيني في عام 1948 وما بعده.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نتطلع وفي هذه الظروف الصعبة أن تواصلوا حشد الدعم الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ودعم المساعي الفلسطينية الرامية للحصول على الاعتراف بدولة فلسطين، العالم كله يقول إن هناك دولتين، دولة إسرائيل موجودة، فأين الدولة الثانية، أميركا ودول أوروبا جميعها تعترف بدولة إسرائيل، ومع الأسف، ترفض الاعتراف بدولة فلسطين.

كذلك نطالب بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فمنذ اكثر من 10 سنوات حصلنا على عضوية مراقب في الأمم المتحدة واثبتنا وجودنا وكفاءتنا وقدرتنا على العمل في المجتمع الدولي ومع ذلك الى الآن نطالب بعضوية كاملة ولم نحصل عليها، ونطالب بعقد مؤتمر دولي للسلام، وتأمين الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني الذي يقتل يوميا وتدمر بيوته يوميا، وتجرف أراضيه يوميا، وتقطع اشجاره يوميا، ومع ذلك لا توجد حماية دولية، نريد أن يحمينا العالم من هذا الاحتلال الغاشم، من إسرائيل، نحن لا نطالب بأكثر من الشرعية الدولية والقانون الدولي، وكما قلت في الأمم المتحدة حصلنا على اكثر من 750 قرارا من الجمعية العامة، و95 قرارا من مجلس الامن، و95 قرارا من مجلس حقوق الانسان، لم ينفذ قرار واحد منها، ومن هذه القرارات ما دعمته أميركا في مجلس الامن وهو القرار 2334 .

كذلك نطالب بتنفيذ القرارين 181 عام 1947، و194 عام 1948، اللذين كانا شرطين لقبول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة، ما يعني أن عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة رفضت في ذلك الوقت، ما لم توافق على هذين الشرطين، فتعهد موشيه شريت وزير الخارجية الإسرائيلي، بالاعتراف والتنفيذ، وهو ما لم يحصل حتى وقتنا هذا، وهنا لا بد أن اشير أيضا إلى أن على بريطانيا واميركا وهما الدولتان اللتان كانتا وراء وعد بلفور، الذي اعطى فلسطين لليهود، أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، الاعتراف بخطئهما وأن تعتذرا عن هذا الخطأ وتقدما التعويضات للشعب الفلسطيني اسوة بغيره من الشعوب، التي تتعرض لمثل هذه الاعتداءات وتطالب بذلك، فلماذا لا نطالب بريطانيا وأميركا بذلك؟.

وفي الختام، أشكركم أخي فخامة الرئيس توكاييف وشعبكم، ورئاسة هذه القمة، وأحييكم أيها الإخوة القادة على دعمكم، ومواقفكم، تجاه فلسطين، مؤكدين لكم جميعًا، بأننا سنبقى فاعلين في خدمة قضايا مؤتمرنا هذا، وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء فيه، ومساندة دول وشعوب منطقتنا لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ومحاربة الإرهاب الدولي، لدينا 84 اتفاقا مع 84 دولة على رأسها الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب الدولي، وسنستمر في هذا.

 

خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 77 في نيويورك

23 أيلول 2022

أتحدث إليكم باسم أكثر من أربعة عشر مليون إنسان فلسطيني، عاش آباؤُهم وأجدادُهم مأساة "النكبة" مُنذ أربعة وسبعين عاماً، ولا زالوا يعيشون آثار هذه "النكبة" التي هي وصمة عار في جبين الإنسانية، وبالذات في جبين أولئك الذين تآمروا وخططوا ونفذوا هذه الجريمة البشعة.

كما وأن أكثر من خمسة ملايين فلسطيني لا زالوا يقبعون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي مُنذ أربعة وخمسين عاماً.

وأقول لكم اليوم، باسم الفلسطينيين الذين أفتخر بأنني واحد منهم، إن ثقتنا بتحقيق سلام   قائم على العدل والقانون الدولي آخذة  بالتراجع ، بسبب السياسات الاحتلالية الإسرائيلية،  فهل تُريدون أن يقتل ما تبقى من الأمل في نفوسنا؟.

لقد بات واضحاً، أيها السيدات والسادة، أن إسرائيل التي تتنكر لقرارات الشرعية الدولية، قررت ألاّ تكون شَريكاً لنا في عملية السلام، فهي التي دمرت اتفاقات أوسلو التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية، وهي التي سَعت وتَسعى بسياستها الراهنة وعن سَبقِ إصرار وتصميم إلى تدمير حل الدولتين، وهو ما يُثبت بالدليل القاطع أنها لا تؤمن بالسلام، بل بسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة والعدوان، وبالتالي لم يعد هناك شريك إسرائيلي يمكن الحديث معه. وهي بذلك تنهي العلاقة التعاقدية معنا، وتجعل العلاقة بين دولة فلسطين وإسرائيل، علاقة بين دولة احتلال وشعب محتل، وليس غير ذلك، وسوف لن نتعامل مع إسرائيل إلا على هذا الأساس، ونطالب المجتمع الدولي التعامل معها أيضاً على هذا الأساس أيضاً.

إنها تقوم بحملة مسعورة لمصادرة أراضينا وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية ونهب مواردنا، وكأّن هذِه الأرض فارغة وليس لها أصحاب، تماماً كما فعلت عام 1948. كما تقوم بإطلاق يد الجيش والمستوطنين الإرهابيين الذين يقتلون أبناء شعبنا الفلسطيني في وضح النهار، ويسرقون أراضيهم ومياههم ويحرقون ويهدمون بيوتهم، ويجبرونهم على دفع ثمن الهدم، أو يجبرونهم على هدمها بأيديهم ويقتلعون أشجارهم، كل ذلك بحماية رسمية. 

 وفوقَ ذلك سمحت الحكومة الإسرائيلية بتشكيل مُنظمات إرهابية عنصرية يهودية تمارس الإرهاب ضد أبناء شعبنا، ووفرت لها الحماية وهي تعتدي على الفلسطينيين وتُنادي بطردهم من ديارهم، ويَأتي على رأس هذه المنظمات الإرهابية شبيبة التلال، ومجموعات تدفيع الثمن، ولاهافا، وجماعة أُمناء الهيكل، ويقود مثل هذه المنظمات الإرهابية أعضاء من الكنيست الإسرائيلي، وفي هذا السياق فإننا نُطالب المجتمع الدولي وضع هذه المنظمات الإرهابية على قوائم الإرهاب العالمي.

إن إسرائيل لم تُبقِ لنا شيئاً من الأرض لنقيم دولتنا المستقلة في ظل هجمتها الاستيطانية المسعورة، فأين سيعيش شعبنا بحرية وكرامة؟ أين سيُقيم دولته المُستقلة ليعيش بسلام مع جيرانه؟ حيث أصبح المستوطنون يشكلون حوالي 751 ألفا،ً ما يشكل 25% من مجمل السكان في الضفة الغربية والقدس.   وتقتل إسرائيل أبناء شعبنا بدون حساب، كما فعلت مع الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي قتلت برصاص قناص إسرائيلي، وهي تحمل الجنسية الأمريكية، والتي نطالب بتحقيق العدالة لها، ومع ذلك (أجزم أن أمريكا لن تُحاكِم قتلتها من الجيش الإسرائيلي)، كما تعتدي إسرائيل على الأماكن الدينية المُقدسة، المسيحية والإسلامية، خاصةً في القدس، عاصمتنا الأبدية ودُرة التاج.  وهنا نود التأكيد على تمسكنا بالوصاية الهاشمية على هذه المقدسات

وتقوم إسرائيل بفرض مناهج تعليمية مزورة في مدارسنا في القدس المحتلة، خارقةً بذلك القانون الدولي، وتعطل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في فلسطين، بمنعها المواطنين الفلسطينيين المقدسيين من المشاركة فيها، كما جرت في ثلاثة انتخابات سابقة (1996، 2005، 2006)، وتُسنُّ القوانين العُنصرية التي تُكرِّسُ نظام تمييز عنصري (ابرتهايد) ضِدَّ أبناء شعبنا على مَرأى من المُجتمع الدولي، وتَفلِتُ من المُساءلة والعقاب، فلماذا لا تعاقب إسرائيل على خرقها القانون الدولي؟ ومن الذي يحميها من هذا العقاب؟ ولماذا هذه المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟

إسرائيل لم تتورع عن الانتهاك المتكرر لأرضنا وقيامها مؤخراَ بإغلاق مقرات ست منظمات حقوقية فلسطينية تعمل في الأرض الفلسطينية، طِبقاً للقانون الفلسطيني والدولي، بعد أن كانت قد اتهمتها في الماضي بأنها منظمات إرهابية، في حين رفض العالم بأسرِه هذه التُهمة وأدانها، بعد أن تأكد من بطلانها. 

أيها السيدات والسادة

إسرائيل ومنذ نشأتِها، ارتكبت جرائم وحشية بحق أبناء شعبنا، عندما دمرت 529 قرية فلسطينية، وطردت سُكانها منها خلال وبعد حرب 1948، وهجّرت 950 ألف إنسان (وهو أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في حينه) من بيوتهم، وذلك حسب سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وارتكبت أكثر من خمسين مذبحة منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، والجميع يذكر مجزرة الأطفال في الحرب على غزة العام الماضي والتي أودت بحياة 67 طفلاً. 

وإنني أضع بين أيديكم قوائم بهذه القرى المدمرة والمذابح، وأطالب إسرائيل من على منبرِكُم هذا الاعتراف بمسؤوليتها عن تدمير هذه القرى وارتكاب المذابح وتهجير المواطنين الفلسطينيين والاعتذار للشعب الفلسطيني، وتحمل المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية والمادية، وسوف نطالب المحكمة الجنائية الدولية بالشروع في التحقيق في هذه الجرائم فوراً.

هل يُريد الشعب الإسرائيلي أن يكون ويبقى مُستعمراً لشعب آخر إلى الأبد؟ ما هي القيم الأخلاقية والإنسانية التي تُبرر السكوت على هذا الظُلم والأذى الذي تُوقِعُهُ حكومتهم بالشعب الفلسطيني؟

السيدات والسادة،

إننا لا نقبل أن نبقى الطرف الوحيد الذي يلتزم باتفاقات وقعناها مع إسرائيل عام 1993، اتفاقات لم تعد قائمة على أرض الواقع، بسبب خرق إسرائيل المستمر لها.  ورغم مطالبتنا لها بإنهاء احتلالها ووقف إجراءاتها وسياساتها العدوانية، وكذلك وقف كل الأعمال أحادية الجانب التي وردت نصاً في اتفاق أوسلو، وذكرها لي الرئيس بايدن شخصياً، إلا أنها أمعنت في تكريس هذا الاحتلال وهذه الإجراءات والسياسات، فلم تترك لنا خياراً آخر سوى أن نعيد النظر في العلاقة القائمة معها برمتها.

 وبذلك فقد أصبح من حقنا، بل لزاماً علينا، أن نبحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا، وتحقيق السلام القائم على العدل، بما في ذلك تنفيذ القرارات التي اتخذتها هيئاتنا القيادية الفلسطينية، وعلى رأسها المجلس المركزي الفلسطيني.

إننا نُقدم على اتخاذ هذه القرارات من أجل الحفاظ على وجودنا الوطني على أرضنا، ومن أجل الحفاظ على حقوقنا التاريخية في وطننا، تحت مِظلّة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، والتي ينضوي تحت رايتها أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان في العالم، في الوطن وفي مخيمات اللجوء وفي الشتات.

الحضور الكريم، لقد أصدرت الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة، مئات القرارات الخاصة بفلسطين ولم ينفذ قرار واحد منها، (754 قراراً من الجمعية العامة، 97 قراراً من مجلس الأمن، 96 قراراً من مجلس حقوق الإنسان).

ولذلك أتقدم اليوم إلى هذه المنظمة الأممية، عنوان الشرعية الدولية في هذا العالم، بطلب رسمي لتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 181 الذي شكل أساساً لحل الدولتين في العام 1947، وكذلك القرار رقم 194 المنادي بحق العودة. وربما أكون بحاجة إلى أن أُذكركم بأن التزام إسرائيل بتنفيذ هذين القرارين كان شرطاً لقبول عضويتها في منظمتكم الدولية الموقرة. ونطالبكم في حال رفض إسرائيل الانصياع وعدم تنفيذ هذين القرارين بإنزال العقوبات عليها وتعليق عضويتها في المنظمة الدولية. (وقد سلمنا الأمين العام للأمم المتحدة طلبنا بهذا الشأن).

كما سوف تشرع دولة فلسطين في إجراءات الانضمام إلى منظمات دولية أخرى، وعلى رأسها منظمة الملكية الفكرية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الطيران المدني الدولي.

لقد اعتمد مجلس الأمن، قرارات واضحة يحقق تنفيذها السلام العادل والشامل، وآخرها القرار 2334. إن دور مجلس الأمن لا يقتصر على تبني القرارات فحسب، ولكن يتوجب عليه اتخاذ الخطوات العملية لتنفيذها، وليس مقبولاً أن تسري قرارات مجلس الأمن على دول دون غيرها (ازدواجية المعايير)، وإذا تخلف مجلس الأمن عن القيام بمهامه، فهناك دور واضح للجمعية العامة للأمم المتحدة التي سنلجأ إليها.

فإذا استمرت محاولات عرقلة مساعينا لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه ودولته، وتبني خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، يصبح لزاماً علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرةً أخرى، لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية وخطوات سياسية، للوصول إلى تلك الغاية. وعند ذلك فإننا نأمل، بل كلنا ثقة، بأن تتحمل الجمعية العامة مسؤولياتها على أكمل وجه.

أيتها السيدات والسادة،

كُلّي ثقة بأنكم سوف تتفهمون لماذا نُقدم على هذه الخطوات الآن، فنحن لم نترك خلال كل السنوات الماضية باباً إلاّ وطرقناه من أجل إقناع إسرائيل بالعودة للجلوس إلى طاولة المفاوضات على أساس قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة، ولكنها رفضت وترفض ذلك.

السيدات والسادة، مع التقدير لما قام به المجتمع الدولي، أو حاول أن يقوم به من دعم وإسناد سياسي ومادي لشعبنا وقضيته العادلة، فإنه وللأسف الشديد عجز عن إنهاء الاحتلال وردع العدوان الإسرائيلي البشع والمتواصل على شعبنا، وتوفير الحماية الدولية له، وإيصاله إلى حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، أُسوةً ببقية شعوب العالم، بحيث أصبحت دولة الاحتلال تتصرف كدولة فوق القانون.

وإن ما يُثير الدهشة أن دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية تدعي أنها الحامية للقانون الدولي ولحقوق الإنسان، تُقدم الدعم اللامحدود لإسرائيل، وتحميها من المساءلة والمحاسبة، وتُساعدها على المُضيِّ قُدماً في سياساتها العدوانية، وفي ازدرائها للمجتمع الدولي بأسره، وما كان بمقدور إسرائيل أن تفعل ذلك دون غطاء أو دعم من هذه الدول.

إن بعض هذه الدول كانت شريكة في الأساس في إصدار القرارات التي تسببت في نكبة الشعب الفلسطيني، وعد بلفور المشؤوم، وصك الانتداب، وواصلت الإجحاف بحقوق الشعب الفلسطيني عندما رفضت إلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها ووقف عدوانها، واحترام قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ولذلك فإنها تتحمل المسؤولية مع إسرائيل عن محنة الشعب الفلسطيني. وبناءً عليه، فإننا نُطالب كلاً من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل، بالاعتراف بمسؤوليتها عن هذا الجرم الكبير الذي أُرتُكِبَ بحق شعبنا والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات للشعب الفلسطيني التي يُقرها القانون الدولي.

ومما يحزننا أيها السيدات والسادة أن الولايات المتحدة الأمريكية وعدداً من الدول الأوروبية التي تُنادي بالتمسك بحل الدولتين، وتعترف بدولة إسرائيل، لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، وتهدد باستخدام الفيتو أمام سعينا المشروع لنيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية.  فلسطين الدولة المراقب فيها مُنذ عشر سنوات، أثبتت جدارتها بالعضوية الكاملة، بعدما عملت بكل جدية ومسؤولية مع بقية دول العالم في اللجان والهيئات المُتخصصة، وترأست بنجاح وكفاءة عالية مجموعة الـ 77+ الصين.

فما الذي يمنع هؤلاء من الاعتراف بدولة فلسطين وقبول عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة؟  وعليه فإننا نجدد طلبنا لنيل هذه العضوية الآن، ولماذا تمارس المعايير المزدوجة بحقنا؟

من جانب آخر أطالب الأمين العام للأمم المتحدة بالعمل الحثيث على وضع خطة دولية لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين، من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. (القرار1515)

السيدات والسادة

بالأمس استمعت إلى ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، وغيرهما من قادة العالم حول الموقف المؤيد لحل الدولتين، وهذا أمر إيجابي، إن الاختبار الحقيقي لجدية ومصداقية هذا الموقف، هو جلوس الحكومة الإسرائيلية إلى طاولة المفاوضات فوراً، لتنفيذ حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية، ووقف كل الإجراءات أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين.

دولة فلسطين تواقة للسلام، فدعونا نصنع هذا السلام لنعيش في أمن واستقرار وازدهار، من أجل أجيالنا وجميع شعوب المنطقة.

وفي نهاية خطابي، أُريد أن أقول لأبناء شعبنا وللعالم أجمع، إنني فخور بأنني أمضيت عُقوداً عدة من عمري وأنا أُناضل مع إخوةٍ لي من قادة الشعب الفلسطيني، من قضى منهم ومن ينتظر، من أجل الحفاظ على حقوق شعبنا البطل والشجاع، الذي ضرب أروع نماذج البطولة والفداء.  ورغم كل المؤامرات والضغوطات التي مورست علينا وتمارس على شعبنا، فقد حافظنا على قرارنا الوطني المستقل وتمسكنا بثوابتنا الوطنية، ونجدد رفضنا تلقي أية تعليمات أو أوامر من أي جهة كانت.

كل الإكبار لشهداء الشعب الفلسطيني الأبرار الذين أناروا طريق الحرية والاستقلال بدمائهم الزكية. وسوف يبقى هؤلاء رموزاً تذكرها الأجيال الفلسطينية بالعرفان والإجلال جيلاً بعد جيل، وستبقى مسؤوليتهم أمانة في أعناقنا. 

أما أسرانا البواسل، ضمير شعبنا الحي، الذين يضحون بحريتهم من أجل حرية شعبهم، فهؤلاء تعجز الكلمات عن وصفهم، هم شهداء أحياء، هم أبطال وقادة راسخون، وستظل حريتهم أمانة في أعناقنا، ولن نتركهم حتى ينالوا حريتهم. ولن نترك أبناءهم وبناتهم وأسرهم وأهليهم، ونقول لهم ولأسرانا الأطفال وللأسير البطل ناصر أبو حميد ورفاقه إن الفجر آتٍ، وقد آن للقيد أن ينكسر. فتحيةً مني ومن شعبنا بأسره لشهدائنا وأسرانا الأبطال جميعاً. وتحية مني من على هذا المنبر لوالدة ناصر، أم الأسرى والشهداء، ومن المؤسف أن سلطة الاحتلال لم تسمح لها برؤية ابنها الأسير البطل لدقيقة واحدة وهو يصارع الموت بسبب الإهمال الطبي.

وختاماً أقول لكم، أيتها السيدات والسادة، وأنتم الذين تمثلون المجتمع الدولي والشرعية الدولية، إن الاحتلال سوف ينتهي حتماً، الآن أو بعد حين، فتعالوا الآن وأنتم الذين تتحملون مسؤولية تنفيذ قراراتكم لتحقيق ذلك من خلال السلام العادل والشامل، بدلاً من أن يتحقق بمزيد من الضحايا والدماء.

ألا هـل بلـغت؟

اللهم فاشهد. 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال المؤتمر الصحفي مع الرئيس أردوغان

 في العاصمة التركية أنقرة 23 آب 2022

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الأخ الرئيس رجب طيب أردوغان،

يسعدني أن ألتقي بكم مجددا أخي فخامة الرئيس هنا في أنقرة، لبحث سبل تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين بلدينا وشعبينا، واطلاعكم على آخر المستجدات على صعيد القضية الفلسطينية، ونحن حينما نلتقي بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، صاحب الخبرة والحكمة، يكون اللقاء فرصة أيضا للتشاور وتبادل الرأي بشكل أخوي، حول مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية والدور الهام الذي تقوم به تركيا في مجال الأمن الغذائي العالمي، وجهود تحقيق الاستقرار في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم.

إننا نسعى في كل لقاء مع فخامة الرئيس لنقل العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين، لآفاق جديدة من التعاون والتبادل في مختلف المجالات، وأود في هذا الإطار أن أتقدم لأخي فخامة الرئيس اردوغان بالتعبير عن بالغ التقدير لمواقفه الثابتة إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، فضلا عن الحرص على الوحدة الوطنية الفلسطينية، والشكر موصول للجمهورية التركية ومؤسساتها على ما تقدمه من دعم في جميع المجالات، والوقوف مع دولة فلسطين في المحافل الدولية كافة.

لقد أطلعت فخامة الرئيس أردوغان على الأوضاع الصعبة في فلسطين، وأكدت أننا لن نقبل باستمرار الممارسات العدوانية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، ولا بد من وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة والتوقف عن الاستيطان الإسرائيلي، وعنف مستوطنيه وجرائم القتل وهدم المنازل والمدارس والمنشآت في أرضنا الفلسطينية المحتلة، وإطلاق سراح الأسرى والإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة، ووقف الاعتداءات على أهلنا في مدينة القدس الشرقية ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، وكذلك الاعتداء على المناهج المدرسية ومحاولات تهويدها.

 إن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اقتحامات للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بشكل يومي، وما جرى منذ أيام بإغلاق مؤسسات مدنية حقوقية فلسطينية، يشعل الأوضاع ولا يمكن السكوت عن هذه الممارسات الإجرامية التي يجب أن تتوقف جميعها قبل فوات الأوان.

ونجدد التأكيد بهذه المناسبة، على أن تحقيق الأمن والسلام يبدأ بالتوقف الكامل عن تقويض حل الدولتين من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتوجه نحو الأفق السياسي، لأن تقويض حل الدولتين المستند لحدود العام 1967 من جانب إسرائيل، وتحويله إلى واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد، لن يخدم الأمن والاستقرار في منطقتنا، بل سيؤدي إلى قطع العلاقات وانهيار الاتفاقيات القائمة.

 لذلك فإننا وقبل انهيار الأوضاع بيننا وبين الإسرائيليين، نتوجه إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كافة من أجل الإسراع لحماية حل الدولتين، تمهيدا للذهاب إلى أفق سياسي، ينهي الاحتلال لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، ويقدم حلا عادلا لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يتطلب وقفة حاسمة من الجميع. مؤكدين أننا بالرغم من كل ذلك، نتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، ونرفض العنف والإرهاب في منطقتنا والعالم.

لقد أطلعت فخامة الرئيس أردوغان أيضاً، على أنه وفي إطار مسعانا لحماية حل الدولتين، فإننا نطالب الدول التي تؤمن به أن تعترف بدولة فلسطين، كما أننا نسعى أيضا للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ولهذا فإننا نجري مشاورات واسعة في هذا الإطار، ونسعى لدعم جميع أعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة ويمكن في هذا الصدد عقد مؤتمر دولي بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة من أجل حماية حل الدولتين.

أشكركم فخامة الرئيس على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وأجدد التعبير عن تثميننا العالي لمواقفكم الأخوية النبيلة، متمنيا لكم دوام الصحة والسعادة والتوفيق، ولتركيا الشقيقة وشعبها العزيز المزيد من الرخاء والتقدم.

وعاشت الأخوة التركية– الفلسطينية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 كلمة الرئيس محمود عباس خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار الألماني أولاف شولتس في العاصمة الألمانية برلين 16 آب 2022

سيادة المستشار أولاف شولتس،

يُسعدني اليوم أن ألتقي بكم في برلين، لبحث سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا وشعبينا، وأشيد في هذا الصدد بمواقف ألمانيا الداعمة لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، وفق حل الدولتين المستند لقرارات الشرعية الدولية، كما وأقدر مواصلة دعم ألمانيا للشعب الفلسطيني لبناء قدراته، وبناء مؤسساته الوطنية، ودعم الأونروا، مؤكداً على أهمية استمرار عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين الجانبين.

ونجدد الشكر بهذه المناسبة للشعب الألماني الصديق ولحكومته، ولجميع قواه السياسية والفاعلة على مواصلة تمسكها بمبادئ الحرية، والعدالة، والديمقراطية، وهو ما نعتبره هدفاً مشتركاً لشعبينا وبلدينا، وصولاً إلى عالم تحكمه القيم والقواعد الدولية ووحدة المعايير.

وفي إطار حديثي مع سيادة المستشار، تطرقت إلى وجود جالية فلسطينية حية وفاعلة، تواصل انخراطها في المجتمع الألماني وتعمل على تعزيز جسور الصداقة والتعاون بين شعبينا في جميع المجالات، وأكدنا للمستشار أهمية هذا التفاعل الإيجابي.

سيادة المستشار، إننا نؤكد على الدور المحوري الذي تقوم به ألمانيا في منطقتنا والعالم، وكذلك في إطار الاتحاد الأوروبي واجتماعات صيغة ميونخ التي تضم ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن، لدفع جهود السلام في منطقتنا للأمام، ونحن من جانبنا على استعداد للعمل معكم، ومع جميع الشركاء ذوي العلاقة من أجل تحقيق هذا الهدف.

لقد أطلعت سيادة المستشار على مسعانا لحماية حل الدولتين من الانهيار، تمهيدا للذهاب إلى أفق سياسي، ينهي الاحتلال لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يتطلب وقف الأعمال الأحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة والتوقف عن الاستيطان الإسرائيلي وعنف مستوطنيه وجرائم القتل وهدم المنازل والمنشآت في أرضنا الفلسطينية المحتلة، ووقف الاعتداءات على أهلنا في مدينة القدس الشرقية ومقدساتنا المسيحية والإسلامية. وبالرغم من ذلك، نتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية، ونرفض العنف والإرهاب في أي مكان بالعالم.

إن تقويض حل الدولتين المستند لحدود العام 1967 من جانب إسرائيل، وتحويله إلى واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد، لن يخدم الأمن والاستقرار في منطقتنا، ولن يبقي أمام الشعب الفلسطيني سوى البحث عن حقوقه في دولة واحدة بحقوق متساوية للجميع. فهل هذا ما تريده إسرائيل؟ وهل هذا يريده المجتمع الدولي؟

لذلك، فإنني أحذر من ضياع فرصة تحقيق حل الدولتين، وأدعو إلى حمايته، ويمكن لدول الاتحاد الأوروبي أن تساهم في ذلك إذا قامت دولها التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تقوم بذلك.

 وهنا نتساءل، لماذا لا تقوم دول الاتحاد الأوروبي التي استثمرت الكثير في إنشاء مؤسسات دولة فلسطين، بهذه الخطوة؟ ولماذا لا يعتمد مجلس الأمن العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة التي أثبتت منذ الاعتراف بها عضواً مراقباً في العام 2012، أنها دولة مسؤولة.

إن كل ما يطمح إليه شعبنا الفلسطيني هو الحرية والاستقلال في دولة ذات سيادة، ديمقراطية يتمتع فيها كل مواطنيها بالعدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكون دولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، عنصراً فاعلاً ومسؤولاً في إرساء قواعد القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان في المنطقة وفي العالم، وهذا هو جوهر وأصل هدف ووجود هذه الدولة.

وفي إطار تمتين مسيرتنا الديمقراطية، نجدد التأكيد على التزامنا بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في فلسطين، ونناشد الحكومة الألمانية، والاتحاد الأوروبي، وقوى المجتمع الدولي كافة، لتمكين دولة فلسطين من تنظيم هذه الانتخابات في القدس الشرقية المحتلة، بالتزامن مع عقدها في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة، كما عقدناها من قبل وفق الاتفاقيات في 1996، 2005، 2006، وذلك لإتاحة الفرصة لشابات وشباب فلسطين الذين نعتز ونفتخر بهم، للمشاركة في بناء مستقبل وطنهم.

 وأتساءل هنا، لماذا تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنعنا من تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في القدس الشرقية المحتلة؟

وبهذه المناسبة، نُجدد الشكر للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على الدور الهام والمتواصل لخلق الاستقرار والأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني إلى حين خلاصه من الاحتلال، مؤكدين على أهمية استمرار هذا الدعم السياسي والاقتصادي المقدم من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، مشيدين بالموقف الألماني المميز بهذا الخصوص.

وفي الختام، نُجدد لكم سيادة المستشار، بالغ تقديرنا وشكرنا لألمانيا على كل ما تقدمه من أجل الشعب الفلسطيني وقضية السلام في الشرق الأوسط، معربين عن شكرنا لهذا اللقاء البناء، متمنين لكم يا سيادة المستشار الصحة والعمر المديد ولبلدكم ولشعبكم الصديق دوام التقدم والازدهار.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في العاصمة الفرنسية باريس 20 تموز 2022

فخامة الرئيس إمانويل ماكرون،

يُسعدني اليوم أن ألتقي بكم مجددا في باريس، وهي فرصة لبحث سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا وشعبينا، وأشيد بهذه المناسبة، بمواقف فرنسا الداعمة لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، وفق حل الدولتين المستند لقرارات الشرعية الدولية، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله كما أقدر دعم فرنسا في مجالات بناء مؤسساتنا ودعم اقتصادنا الوطني.

إننا نعول على دوركم يا فخامة الرئيس، في إطلاق المبادرات والتحركات الضرورية لدفع جهود السلام في منطقتنا للأمام، بالتعاون مع الجهات الأوروبية والعربية المعنية، ونحن من جانبنا على استعداد للعمل معكم من أجل تحقيق السلام على أساس الشرعية الدولية، وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا على حدود 1967، وبما فيها القدس الشرقية عاصمة دولتنا الفلسطينية.

 

سأطلع اليوم فخامة الرئيس على آخر المستجدات بعد زيارة الرئيس بايدن إلى منطقتنا، وبعد قدوم حكومة جديدة في إسرائيل، وهنا نؤكد ضرورة التوقف عن الأعمال الأحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، وعلى رأسها الاستيطان غير القانوني، والتوجه نحو تطبيق الاتفاقيات الموقعة تمهيداً للانتقال للأفق السياسي الذي يستند إلى حل الدولتين على حدود 1967 ووفق قرارات الشرعية الدولية، لتعيش جميع دول المنطقة بأمن وسلام وحسن جوار، خاصة أن هناك أكثر من 700 قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، و87 قرارا في مجلس الأمن، إضافة إلى عدد مماثل في مجلس حقوق الإنسان، لم يتم تنفيذ حتى ولو قرار واحد منها، بما فيهم قرارات خاصة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض.

 

كما نُؤكد هنا، بأننا لا نقبل بممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تعمل على تغيير طابع وهوية مدينة القدس، والتضييق على أهلها، وبخاصة عمليات طرد الفلسطينيين منها وهدم منازلهم، والاعتداء على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية ومصادرة عقارات الكنائس والمواطنين، علاوة على النشاطات الاستيطانية وعنف المستوطنين والاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وأعمال القتل اليومي في كل مكان، كما حدث في جريمة اغتيال الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، وندعو بهذه المناسبة لمحاسبة القتلة وعدم افلاتهم من العقاب.

وبهذه المناسبة نُجدد الشكر للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على الدور الهام والمتواصل لخلق الاستقرار والأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني إلى حين خلاصه من الاحتلال، مؤكدين على أهمية استمرار هذا الدعم السياسي والاقتصادي المقدم من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، مشيدين بالدور الفرنسي المميز في هذا الإطار، آملين وبعد 74 عاما من النكبة والتشرد والاحتلال، أن تقوم الدول الاوروبية التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تقوم بذلك، إيمانا منها بالحفاظ على حل الدولتين قبل فوات الأوان وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

 

فخامة الرئيس، من جانبنا، نؤكد لكم أننا مستمرون في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وفق سيادة القانون ونحرص على تطبيق معايير الشفافية والمحاسبة، والشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وتمكين المرأة والشباب. ولكي نتمكن من تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نحتاج تدخلكم والمجتمع الدولي حتى نتمكن من تنظيمها في القدس وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة، كما جرى في الانتخابات السابقة.

وفي الختام، نُجدد لكم فخامة الرئيس بالغ تقديرنا والشكر لفرنسا على كل ما تقدمه من أجل الشعب الفلسطيني وقضية السلام في الشرق الأوسط، معربين عن شكرنا لهذه الدعوة الكريمة، متمنين لكم يا فخامة الرئيس الصحة والعمر المديد ولبلدكم وشعبكم الصديق دوام التقدم والازدهار.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الروماني كلاوس يوهانس في العاصمة الرومانية بوخارست 19 تموز 2022

فخامة الرئيس كلاوس يوهانس،

يُسعدني اليوم أن ألتقي بكم في رومانيا، هذا البلد الصديق لشعبنا، والغني بشعبه وحضارته وثقافته، وأشيد بهذه المناسبة بعلاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا وشعبينا، وأنا على ثقة بأن هذه الزيارة لبلادكم وما سيتم تفعيله وتوقيعه من اتفاقيات، وتفعيلٍ لعمل اللجنة المشتركة، سيكون له الأثر الكبير في تعزيز هذه العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

وأود أن أتقدم لكم بالشكر على ثبات موقفكم، يا فخامة الرئيس، لدعم قضية السلام في الشرق الأوسط، وحق الشعب الفلسطيني في حريته واستقلاله، كما وأشكر رومانيا على دعمها السياسي والاقتصادي لإسناد مؤسساتنا الوطنية، وهو الأمر الذي يجعل رومانيا التي لها مكانه مرموقة في الاتحاد الأوروبي أن تكون قادرة على لعب دور سياسي لأحياء عملية السلام التي لا غنى عنها لاستتباب الأمن والسلام في الشرق الأوسط.

لقد أطلعت فخامة الرئيس على آخر المستجدات بعد زيارة الرئيس بايدن إلى منطقتنا، وبعد قدوم حكومة جديدة في إسرائيل، وهنا نؤكد على ضرورة التوقف عن الأعمال أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، والتوجه نحو تطبيق الاتفاقيات الموقعة تمهيداً للانتقال للأفق السياسي الذي يستند إلى حل الدولتين على أساس حدود 1967، ووفق قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش جميع دول المنطقة بأمن وسلام وحسن جوار.

كما ونُؤكد هنا، بأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار لذلك فإننا سنواصل إجراء الاتصالات من أجل حشد الدعم الدولي لخلق مبادرات لمنع تدهور الأوضاع قبل فوات الأوان، لأن انهيار حل الدولتين المستند للشرعية الدولية سيضعنا أمام خيارات صعبة ومعقدة.

وبالرغم من كل ذلك، فإننا على استعداد للانخراط في أي جهود سلام أو مبادرات مبنية على أساس الشرعية الدولية، وبما يؤدي إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار للجميع في المنطقة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية.

 

وفي الختام، نُجدد لكم فخامة الرئيس بالغ تقديرنا والشكر لرومانيا على كل ما تقدمه من أجل الشعب الفلسطيني وقضية السلام في الشرق الأوسط، معربين عن شكرنا لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ومتمنين لكم يا فخامة الرئيس الصحة والعمر المديد ولبلدكم وشعبكم الصديق دوام التقدم والازدهار.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم 15 تموز 2022

فخامة الرئيس بايدن

نرحب بكم ضيفا عزيزا على فلسطين في مدينة بيت لحم، مهد سيدنا المسيح، في زيارتكم الرسمية، التي تعبر عن اهتمامكم بتحقيق السلام في أرض السلام، وخلال لقائنا اليوم، كانت الفرصة سانحة لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين، ومراجعة ما يمكن للولايات المتحدة أن تسهم به من أجل تهيئة الأجواء لخلق أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في منطقتنا.

 وقد أكدنا لفخامة الرئيس بايدن، على أهمية إعادة تثبيت الأسس التي قامت عليها عملية السلام المستندة لقرارات الشرعية الدولية وعلى أساس حل الدولتين على حدود العام 1967.

فخامة الرئيس،

بعد 74 عاما من النكبة والتشرد والاحتلال، أما آن لهذا الاحتلال أن ينتهي، وأن ينال شعبنا الصامد حريته واستقلاله، وأن تتحقق آمال شبابنا وشاباتنا الذين نعتز ونثق بهم وبإبداعاتهم، في غد واعد بلا احتلال. وفي هذا المقام نقول، إن مفتاح السلام والأمن في منطقتنا يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين، وبتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وفق قرارات الشرعية الدولية، وإنهاء جميع قضايا الوضع الدائم، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن السبيل إلى ذلك يبدأ بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967.

فخامة الرئيس،

لقد احترمنا قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة، والتزمنا بنبذ العنف ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم.

إننا نتطلع لخطوات من جانب الإدارة الأميركية لتعزيز العلاقات الثنائية، من خلال إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية ورفع منظمة التحرير الفلسطينية عن قائمة الإرهاب نحن لسنا إرهابيين، وإعادة فتح مكتبها في واشنطن، ونحن من جانبنا على استعداد للعمل في إطار الشراكة والتعاون من أجل إزالة أي عقبات لتحقيق ذلك.

فخامة الرئيس،

إننا نتطلع أيضاً لجهود إدارتكم في طي صفحة الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وإنهاء أعمال التمييز العنصري (الأبارتهايد)، ضد أبناء شعبنا، ووقف الأعمال أحادية الجانب التي تقوض حل الدولتين، وإننا نتطلع لهذه الجهود لوقف الاستيطان وعنف المستوطنين، واحترام الوضع التاريخي في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، في ظل الوصاية الهاشمية، ووقف طرد الفلسطينيين وهدم المنازل واقتحامات المدن والقرى والمخيمات والتوقف عن القتل والاعتقالات اليومية، ومحاسبة قتلة الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة يجب محاسبة هؤلاء الذين قتلوها، لأن استمرار ذلك سيؤدي إلى التصعيد من ناحية، وفقدان الأمل في غدٍ أفضل من ناحية أخرى.

فخامة الرئيس،

إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة طبيعية في الشرق الأوسط، فلا يمكنها أن تستمر بالتصرف كدولة فوق القانون الدولي، وهذا يستدعي أن تنهي إسرائيل احتلالها لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، عندها فقط سيتم قبول إسرائيل لتعيش في سلام وأمن وحسن جوار مع دول وشعوب المنطقة. استنادا الى المبادرة العربية للسلام.

إن فرصة حل الدولتين على حدود 1967 قد تكون متاحة اليوم ولا ندري ماذا سيحدث في المستقبل، وقد لا تبقى لوقت طويل، لذلك فإنني أنتهز الفرصة بمناسبة زيارة الرئيس بايدن للمنطقة، لأقول إنني أمد يدي لقادة إسرائيل لصنع سلام الشجعان، لمستقبل أفضل للأجيال القادمة ولجميع شعوب المنطقة.

فخامة الرئيس،

نجدد الترحيب بكم، وثقتنا بكم وإدارتكم كبيرة، ونؤكد لكم استعدادنا للعمل معكم يدا بيد من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل القائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة بيننا وبين اسرائيل هناك اتفاقات يجب ان نحترمها جميعا، وبما يضمن الأمن والسلام والاستقرار والازدهار الدائم لجميع دول المنطقة.

السلام يبدأ من فلسطين والقدس، من هنا يبدأ السلام

نمد أيدينا للسلام والعمل معكم

يا فخامة الرئيس لتحقيقه. والسلام عليكم.

 

كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء27 حزيران 2022

بسم الله الرحمن الرحيم

لفت نظري بالأمس لقاؤكم في مسافر يطا، وهو لقاء عظيم جدًا ومهم جدا، وتكرر أكثر من مرة في أماكن أخرى في الوطن. وهذه اللقاءات وهذه الاجتماعات مهمة جدًا لتشد من أزر الناس وتساعدهم وتعطيهم معنويات عالية؛ لأننا في حرب شرسة؛ وبالتالي يحتاج الشعب إلى كل القوى وكل القيادات ليشعر أنها تقف معهم وإلى جابنهم، وهذا يسمى المقاومة الشعبية السلمية، ودائما أتحدث عنها، وأطالب كل القيادات أن تنزل إلى الشارع. ولكم أن تتصوروا أهمية هذا الموضوع وخطورته على الاستعمار الإسرائيلي، وهو من أهم الأسلحة التي يمكن أن يستعملها الشعب المقهور. صحيح أننا نتكبد خسائر كثيرة ونتكبد ضربات قوية؛ ولكن مع ذلك هو أفضل أنواع السلاح الذي يجب أن نستمر فيه ونداوم عليه.

وألاحظ أن نوعية المقامة الشعبية تطورت بشكل مذهل، بمعنى أن كل مواطن فلسطيني مهما كان جنسه أو عمره، الكل يخرج في هذه المظاهرات، ورأيت "بيتا" وعددًا كبيرًا من المدن والقرى الفلسطينية كيف تواجه بصدور عارية هذا العدوان الغاشم على الشعب؛ لكن أتصور أن النتائج ستكون إيجابية، وعلينا أن نصبر.

إذا استطعنا أن نقوم بالعمل وحدنا ونحن قادرون فسننجح؛ لكن إذا اعتمدنا على غيرنا فلن ننجح أبدًا؛ لذلك أقول: أنا مع المقاومة الشعبية بكل قوة. وهذه الجولات التي يقوم بها مجلس الوزراء بين الفينة والأخرى أرجو أن تكثفوها، وأرجو أيضًا كما سمعت أمس إعطاء الإخوة الدعم والمساعدة بمقدار ما نستطيع، رغم الحصار والضيق المالي؛ لكن وفر القرش الأسود لهؤلاء الناس لأنهم أحق الناس بالمساعدة، وكلما شعروا أننا نساعدهم ومعهم ونؤيدهم، تصوروا كم ترتفع معنوياتهم؛ لذلك ما قمتم به أمس مهم جدًا.

الموضوع الثاني، الأموال الأوروبية، طبعًا كما قاتلتم بهذا الموضوع قتالًا شرسًا لمدة سنوات طويلة حول الشروط التي لا بد لنا أن نلبيها من أجل أن تدفع أوروبا الأموال وهذه الشروط ما ورد في الكتب المدرسية وغيرها؛ لكنكم صمدتم ورفضتم، قمتم بالعمل لأنه لو قبلتم شروطهم ستكون النكبة حرام. المهم ألا نتراجع.

نحن أقوياء بقضيتنا وبربنا. الله مع المظلوم؛ لذلك نحن لا نخاف. واليوم وغدا وأمس ومنذ سنين ونحن نتعرض لضغوط لا حدود لها؛ ومع ذلك نصبر ونتحمل. وهذا نموذج من تحملنا للضغوط العالمية؛ لأن الضغط الأوروبي ليس فقط من أوروبا بل من أميركا. ومن جملة ما نركز اهتماماتنا على الساحة الأميركية، خاصة بعد هبة الشيخ جراح إلى يومنا هذا، هنالك تطورات مذهلة في أميركا؛ وحبذا لو تشاهدون التلفزيون الفلسطيني كل يوم خميس الساعة 10 مساءً، في ملف خاص حيث يقابل بعض الشخصيات الأميركية الذين لم تسمعوا عنهم أنظروا كيف يتحدثون الآن، هذه الساحة الأميركة مهمة جدا لأنه فعلها قبلنا فيتنام وجنوب افريقيا، عملوا هذا الشيء ونجحوا، ونحن نتعلم منهم.

المهم ما جرى بالنسبة للأموال الأوروبية، وبعدها جاء البنك الدولي ودفع أيضًا بعض المبالغ. اصبر لكن لا تصبر عنادًا، وعندما يطالبونا في مطالب نعطيهم جوابًا؛ حتى لا يكون رفضنا عنادًا لمجرد أنني أريد أن أعاند، بل أنا صاحب حق وسأدافع عنه.

موضوع العلاقة الآن مع أميركا، وقرارت المجلس المركزي. فيما مضى حصل أكثر من مرة أن نأخذ موقفًا، عندما قرر نتنياهو أن يضع كاميرات وبوابات على مداخل الأقصى أوقفنا التنسيق الأمني.

وثاني مرة بسبب المقاصة، رفضنا استلامها لأنهم لم يعترفوا بالشرعية الدولية ولا بالاتفاقات المعقودة بيننا وبينهم.

لدينا تجارب سابقة أن إسرائيل لا تطبق الشرعية الدولية ولا الاتفاقيات المعقودة بيننا. طبعا قدم ترمب، آخر جلسة معه قلت له: الدولتين. قال: أنا مع الدولتين. قلت له: حدود الـ67. قال: مع حدود 67. قلت له: الأمن. أنا مع الأمن. قلت له: أقبل أميركا كأمن، ولا أقبل إسرائيل. هذا الكلام كان آخر لقاء في نيويورك، وبعد أسبوع أطلق "صفقة القرن" (القدس موحدة)، وقررنا مقاطعة أميركا. الكل جن كيف نجرؤ على مقاطعة أميركا. لا علاقة إطلاقا مع ترمب، ولن نقبل منه أي شيء، لا اتصال ولا غيره لمدة 3 سنوات. وذهبت إلى اجتماع الأمم المتحدة، ورفضت أي لقاء مع الأميركان إطلاقًا. واستمرينا هكذا حتى سقط ترمب. ثم وصل بايدن واتصل بي، وقال لي: نحن شركاء وأنا أعترف بـ"الدولتين"، ونحن لسنا مثل من سبقنا؛ ونحن ضد ترحيل الشيخ جراح، ونحن ضد الاستيطان، وضد الأعمال أحادية الطرف -هذه الكلمة وردت في أوسلوا واتفقنا عليها في أوسلو، وتعني لا أحد منا يعمل شيئًا أحاديًا؛ هم لا يقومون بالاستيطان وغيره، ونحن لا نذهب إلى المحكمة الدولية والجنائية- قال: أنا مع هذا.

وبعدها زارني بلنكين، وقال: نحن مع عودة القنصلية الأميركية إلى القدس الشرقية. قلنا له: هذا شيء مهم. وطالت الأيام. وبالأخير قالوا: نريد أن نسأل إسرائيل. قال لهم حسين الشيخ: ما دخل إسرائيل بالقنصلية، هذه القنصلية مفتوحة منذ عام 1844، ما دخل إسرائيل فيها! قالوا: بسبب الأمور اللوجستية.

وبقيت الأمور معقدة، وقررنا أخذ الإجراءات اللازمة، والتي اتخذها المجلس المركزي. وتكثفت الاتصالات علينا وزارتنا باربارا ليف، وزارت إسرائيل عدة مرات، وقالت لي: نحن نتمنى عليك تأجيل القرارات 24 ساعة. ثم قالت: أجلها كم يوم حتى زيارة بايدن. قلت لها: اتخذنا القرارات -وفي الحقيقة جهات عدة طلبت منا التريث قليلًا، وبالآخر قررت عقد اجتماع للجنة المركزية والتنفيذية وهم يقررون- وقلت لهم: بصراحة هذا ما عندي تريدون قرارات جزئية على إسرائيل، موافق، كلية على إسرائيل موافق، تريدون قرارات جزئية على أميركا موافق، كلية على أميركا أيضًا موافق؛ وسأوافق عليها الآن. قالوا لي: أجّلها حتى زيارة بايدن. وبناء على ذلك أجّلناها حتى زيارة بايدن.

لكن أيا كان يجب أن نستعد. أريد منكم عقد ورشة عمل لتعرفوا القرارات التي ستؤخذ من أجل أن تواجه هذه القرارت لأنها ستنعكس علينا (علينا يعني على الشعب). وعلى مجلس الوزراء أن يعرف ماذا سيواجه.

هذه أهم القرارات السياسية التي اعتقد أنكم تريدون سماعها.

 

لدي ثلاثة مواضيع لمجلس الوزراء:

أول قضية: أريد أن أرى تصنيعًا في فلسطين. لا أريد رؤية مدن صناعية فارغة؛ الصناعة هي الأساس الذي يمكن أن نقف على أقدامنًا. عيب أن تبقى المدن الصناعية فارغة. يجب أن يكون لدينا مصانع؛ لأنها توفر فرص عمل وتدر أموالًا. صندوق الاستثمار الآن لديه عدة مشاريع: مشروع إسمنت سينتهي هذا العام، ومشروع أعلاف، ومشروع أوكسجين، ومشروع المرايا الشمسية الخاصة بالكهرباء النظيفة. أنا شخصيًا أتابع كل هذه المشاريع كافة؛ وجميعها ستكون جاهزة قريبًا. علينا التفكير كلنا بعمل مصانع وتشغيل الناس وتوفير سيولة نقدية. أرجو الاهتمام بهذا. بالمناسبة يوجد دول تعطينا مجانًا. مثلا: العام الماضي أحضرت المطبعة الوطنية من الهند ثمنها حوالي 4 ونصف مليون دولار.

دائما كنت أطلب من طلاب المدارس والشرطة ورجال الأمن أن يقوموا بتشجير الجبال، ماذا تحتاج هذه العملية، شتل وتزرعه الناس. هذه المشاريع الزراعية مهمة ونحتاجها كالمشاريع الصناعية.

تحدثت مع رئيس الوزراء بخصوص استيراد السيارات. البلد أصبحت مليئة بالسيارات. لا يصح أن تتحول البلد إلى موقف سيارات، يجب حل هذا الموضوع.

شكرًا لكم

 

كلمة الرئيس محمود عباس ألقاها عبر الهاتف أمام مؤتمر وثائق الملكيات والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك 8 حزيران 2022

"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ".

صدق الله العظيم.

 

تحية للقدس وأهل القدس، تحية للأقصى المبارك والمرابطين فيه، تحية للقيامة وأهلها الصامدين فيها، تحية خاصة لكم أيها الاخوة المشاركون في هذا المؤتمر، مؤتمر الوثائق والملكيات والوضع التاريخي للمسجد الأقصى المبارك، الذي يأتي في سياق دفاعنا عن روايتنا الدينية والتاريخية في مواجهة رواية الاحتلال الباطلة والمزعومة، التي ليس لها أي رصيد لا في التاريخ ولا في الواقع ولا في القانون الدولي.

 

إن كل الشواهد والوثائق التاريخية تؤكد هوية القدس والمسجد الأقصى وجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية بعاصمتنا المقدسة، ونحن لدينا الوثيقة الإلهية الراسخة في صدر سورة الاسراء في القرآن الكريم التي تؤكد هوية القدس ومسجدها الأقصى. "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ". صدق الله العظيم.

إن مؤتمركم الذي تعقدونه اليوم يكتسب أهمية كبيرة من موضوعه ومخرجاته ترسيخا للحق الفلسطيني الوطني والديني والقانوني والتاريخي، مع تأكيدنا على أن صراعنا مع الاحتلال هو صراع سياسي في أساسه وليس صراعا مع ديانة بعينها.

اليوم نحن نقف في ارضنا ومقدساتنا، ندافع  عن حقنا الثابت مع احترامنا والتزامنا بالوضع التاريخي "الاستاتسكو" في المسجد الأقصى المبارك والقدس بكل مقدساتها، ولن نسمح ولن نقبل بتغيير هذا الوضع القانوني والتاريخي مهما كانت الظروف.

أيها الاخوة والاخوات، لقد استمعت الآن الى كلمة صاحب السمو الأمير الحسن، وكم كنا نتمنى ان يكون معنا بشخصه في هذا المؤتمر، فنحن والاشقاء في المملكة الأردنية الهاشمية في خندق واحد دفاعا عن القدس، مؤكدين اعتزازنا بالوصاية الهاشمية التي ثبتناها بالاتفاق التاريخي، الذي وقّعناه مع اخي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني عام 2015.

أخيرا أقول، القدس وفلسطين ليستا للبيع، وقد اسقطنا كل المشاريع المشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية وبالذات صفقة القرن، ولن ننسى دم الشهيدة شيرين أبو عاقلة وغيرها من الشهداء الأبرار، وسنظل على مواقفنا ونضالنا ومقاومتنا الشعبية حتى تقوم دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.

 

 

كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى 74 للنكبة 14 أيار 2022

 

قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن الصمود على الارض والتمسك بها والبقاء عليها، مهما بلغت الصعاب والتعقيدات وجرائم الاحتلال الوحشية، هو الرد الامثل على النكبة، وعلى عقلية التطهير العرقي والاستيطان والتهويد.

وأكد سيادته، مساء اليوم السبت، في الذكرى الـ74 للنكبة، أن الحقيقة الأهم والاكثر سطوعا على امتداد الصراع، هي أن الشعب الفلسطيني العظيم لا يمكن هزيمته أو كسر اراداته، لأنه ببساطة صاحب حق وصاحب قضية عادلة لا يمكن طمسها بروايات زائفة.

ودعا الرئيس، قادة إسرائيل الى أن يخرجوا من دائرة نفي الآخر العمياء، التي ثبت عقمها وفشلها، ودائرة التنكر للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، المعترف بها في القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة، مشيرا إلى أن سياسية الهروب الى الامام التي تمارسها الحكومات الإسرائيلية برفضها الحقيقة الفلسطينية لن تجلب لاحد الامن والاستقرار.

وأكد سيادته أن الشعب الفلسطيني، الذي رفض وعد بلفور قبل أكثر من مائة عام، لأنه يلغي وجوده كشعب ويلغي حقوقه السياسية في وطنه التاريخي، وقاوم هذا الوعد بشتى السبل، لن يقبل التنازل عن أي حق من حقوقه، خاصة حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمته القدس الشرقية، مع تأكيد حق العودة وايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 ومبادرة السلام العربية.

واشاد سيادته، بوعي الشعب الفلسطيني العميق، الذي تجلى بأروع صوره وموقفه الموحد من جريمة اغتيال الصحفية شيرين ابو عاقلة، التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مثمنا صمود شعبنا في كل امكان تواجده، خاصة في القدس، العاصمة الابدية، دفاعا عن المقدسات، وعن المسجد الاقصى المبارك وعن كنيسة القيامة.

وأكد الرئيس أن جماهير شعبنا في القدس تدافع عن الرواية الفلسطينية كلها بصمودها وثباتها، وقال: "إنهم اهل الرباط، هم في الخندق الاول والاهم في المواجهة مع الاحتلال البغيض، ودفاعا عن مقدسات الامة".

وأشاد سيادته بصمود شعبنا في كافة مواقع المواجهة للمقاومة الشعبية، مؤكدا ان الوحدة الوطنية هي الرد الاقوى على النكبة والاحتلال وعلى الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني بسبب سياسة ازدواجية المعايير.

ودعا الرئيس، المجتمع الدولي الى التخلي عن صمته وعن سياسة الكيل بمكيالين، التي كانت سببا في امعان إسرائيل في ارتكاب جرائمها والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وسببا في ضربها بعرض الحائط كل جهود السلام.

ووجه سيادته، في الذكرى الـ74 للنكبة، تحية اجلال واكبار الى شهداء الشعب الفلسطيني، ومن بينهم الشهيد القائد ياسر عرفات، والذين كرسوا بتضحياتهم وجود شعبهم وقضيتهم الوطنية، على خارطة الشرق الاوسط وخارطة العالم السياسية.

 كما توجه الرئيس بتحية تقدير واعتزاز لأسرانا البواسل الصامدين في معتقلات الاحتلال، مؤكدا ان الشعب الفلسطيني وقيادته لن يهدأ لهم بال، حتى ينعم جميع الاسرى بالحرية، مشددا على تمسكه والتزامه بحقوق اسر الشهداء والأسرى.

 

 كلمة الرئيس محمود عباس خلال مراسم تشييع الشهيدة الصحفية شرين أبو عاقلة 12 أيار 2022

 

نودع اليوم شيرين أبو عاقلة شهيدة فلسطين.. شهيدة القدس.. شهيدة الحقيقة والكلمة الحرة، ورمز المرأة الفلسطينية والإعلامية المناضلة شيرين بطلة ضحت بحياتها دفاعًا عن قضيتها وشعبها، كانت صوتًا صادقًا ووطنيًا، نقلت معاناة أمهات الشهداء والأسرى ومعاناة القدس والمخيمات والاعتصامات واقتحامات المدن والقرى.

جريمة قتل شيرين ليست الجريمة الأولى؛ حيث سقط العشرات من شهداء الكلمة من الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين، نحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية قتلها بشكل كامل، ولن تستطيع بجريمتها هذه أن تغيب الحقيقة، ولا يجب أن تمر هذه الجريمة دون عقاب، ونشير إلى أننا رفضنا ونرفض التحقيق المشترك مع السلطات الإسرائيلية؛ لأنها هي التي ارتكتب الجريمة، ولأننا لا نثق بهم؛ وسنذهب فورًا إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين.

واليوم أيضًا ترتكب إسرائيل الجرائم في مسافر يطا وغيرها من الجرائم؛ وهذا سيضع قرارات المجلس المركزي موضع التنفيذ.

نعزي أنفسنا، ونعزي أهلها وزملاءها وزميلاتها الصحفيين والصحفيات، ونعزي قناة الجزيرة، ونثمن الدور الكبير للإعلام الفلسطيني والدولي وكل من أدان هذه الجريمة النكراء.

قررنا أن نمنح الشهيدة وسام نجمة القدس.

 

كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة اليوم العالمي للمرأة 7 آذار 2022

بنات وأبناء شعبنا الفلسطيني البطل في كل مكان

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد،

يسعدنا اليوم أن نتقدم بالتحية والتقدير للمرأة الفلسطينية العظيمة ولجميع نساء الأرض بحلول اليوم العالمي للمرأة، الذي أقرّته الأمم المتحدة، للدلالة على احترام ومكانة المرأة، وتقديرا لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية.

أخواتي وبناتي، يا من حققتن أعظم الإنجازات في جميع المجالات، وبرهنتن على جدارتكن في أحلك الظروف والمراحل التي مر ويمر بها الوطن، جنبا إلى جنب مع الرجل، نفتخر بوقوفكن يدا بيد وكتفا بكتف في أداء دوركن النضالي البطولي.

إليك أيتها الأم، والأخت، والابنة، والزوجة، والصديقة، والأسيرة، والجريحة، والشهيدة، وربة الأسرة، والعاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية والتعليمية وغيرها، تحيةً وسلاماً وامتناناً، ومن قال إنكِ نصف المجتمع، لم ينصفك، فبدونك لا يكون المجتمع مجتمعاً صالحاً وسوياً.

إننا نؤكد التزامنا بمنح المرأة كامل حقوقها في جميع المجالات، وبما يمكنها من الحصول على الفرص، ومن تحقيق ذاتها، وتعزيز مشاركتها في المناحي كافة، بما فيها التعليم والصحة والقانون والاقتصاد والسياسة وأيضاً المشاركة بصنع القرار، ونواصل تحقيق ذلك من خلال مضاعفة نسبة مشاركة المرأة في المجلس المركزي الفلسطيني، حيث وصلت نسبة مشاركتها في الجلسة الأخيرة إلى 25% وهذا للمرة الأولى، وفي السلك القضائي والدبلوماسي والأكاديمي وفي الأجهزة الأمنية وكل أجهزة الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

وفي هذه المناسبة فإنني أدعو الجميع -كل في مجاله- لمزيد من العمل لتمكين المرأة وتعزيز دورها ومشاركتها في المجالات كافة.

في فلسطين، وطننا الحبيب، تسمو المرأة الفلسطينية، وترتقي، بصمودها، ونضالها، وصبرها، فلا توجد أسرة أو امرأة فلسطينية، إلا وانتصرت بتحديها وصلابتها وإيمانها بقضيتنا وحبها للوطن، أمام آلة التعسف الاستعماري، التي ترتكب بحق أبناء شعبنا جرائم باعتقالهم، وجرحهم، وقتلهم واحتجاز جثامينهم، وهدم بيوتهم، واعتداء مستوطنيه وأجهزته الإجرامية؛ وهذه المرأة الفلسطينية العظيمة تزداد تحدياً وصلابةً وإيماناً ونضالاً وتفوقاً علمياً وعملياً.

إلى كل أبناء وبنات شعبنا الصامد والمرابط، لكم منا كل المحبة والاعتزاز والعرفان، ومعكم يدا بيد، سننال الحرية والاستقلال على تراب أرضنا الطاهر، وسننعم جميعا به وطناً حراً كريماً عزيزاً، بمدنه وقراه ومخيماته ومقدساته، وبزهرة المدائن قدسنا الحبيبة، عاصمة دولتنا الفلسطينية، وما ذلك على الله بعزيز.

 

دمتم ودام الوطن والشعب بخير وسلام وازدهار

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة الرئيس محمود عباس أمام الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني  6 شباط 2022

أيتها الأخوات، أيها الإخوة - الضيوف الكرام

لقد انقضى ما يزيد عن ثلاث وسبعين سنة منذ النكبة الفلسطينية، وما يزيد عن أربع وخمسين سنة على احتلال إسرائيل لأرض دولة فلسطين، وثلاثون عاماً على توقيع اتفاق أوسلو، ولا زال الاحتلال جاثماً على صدورنا، دون محاسبة أو عقاب.

لقد مر شعبنا الفلسطيني بمآس ومجازر وتشريد بسبب ما قامت به عصابات الغزو الصهيوني، بعد أن قامت بجريمة اقتلاع أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه وارتكاب العديد من المجازرِ التي ذبحت وقَتلت خلالَها الآلاف من الفلسطينيين في العام 1948، ونذكر منها مجازر بلد الشيخ، ودير ياسين، وأبو شوشة، والطنطورة، وعين الزيتون، وقبية وقلقيلية وكفر قاسم وخان يونس وغيرها، والتي تلاها تدمير ومسح آثار أكثر من خمسمائة قريةٍ وبلدةٍ وتجمعٍ فلسطيني، وواصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب العديد من هذه الجرائم في حروبها واعتداءاتها على الضفة وغزة والقدس وحتى يومنا هذا.

وقد صدر مؤخراً مقال للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه عن مذبحة الطنطورة في 1948، مؤكداً بالوثائق مسؤولية القوات الإسرائيلية عن هذه الجريمة النكراء، داعياً لإنهاء الاستعمار وتطبيق حق العودة. إن ملف المجازر بمجمله لن يغلق طالما لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها السياسية والقانونية والمادية، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وبدلاً من أن تلتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالاتفاقيات الموقعة معها، وتحويلها إلى اتفاقات سلام دائمة، تقوم على الاعتراف بحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والدولة، وفق قرارات الشرعية الدولية، وبدلاً من أن تنهي الدولة القائمة بالاحتلال احتلالها لأرضنا وشعبنا، نجدها تزيد من سطوتها الاستعمارية على أرضنا، من خلال هجمتها المسعورة المتمثلة بالاستيلاء على الأرض، وتوسيع نشاطاتها الاستيطانية، فضلاً عن الاعتداءات الإرهابية لمستوطنيها، التي تجري بحمايته.

كما تجاهر حكومة الاحتلال صراحة بتنصلها من حل الدولتين والعمل الممنهج لتقويضه، والتمادي في انتهاك الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى، وجميع مقدساتنا الإسلامية والمسيحية الأخرى، والإمعان في تغيير هوية القدس وطابعها، وهدم منازل أهلها وطردهم من أحيائها، والتنكيل بأسرانا في سجونها، واحتجاز جثامين شهدائنا، وتدمير اقتصادنا الوطني، وتصنيف مرفوض لمنظمات مدنية فلسطينية بالإرهاب، ومواصلة الحصار الجائر لقطاع غزة، والعديد العديد من الجرائم العنصرية اليومية التي لا يتسع المجال لذكرها سعياً منها لتكريس نظامها للتمييز العنصري والاضطهاد، وسياسة التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، والذي أجمعت عليه أهم ثلاث منظمات حقوق إنسان في العالم اليوم، هيومان رايتس ووتش، وأمنستي أنترناشيونال، وبيت سيلم واعتبرت إسرائيل دولة فصل عنصري (أبرتهايد).

ومع ذلك فإننا نجري اتصالات مع وزراء ومسؤولين إسرائيليين (غانتس – لابيد وغيرهم) كانت لحل قضايا تخدم مصالح شعبنا، وتطبيق جزء من التزامات إسرائيل في الاتفاقيات الموقعة، ولم ولن تكون بديلاً عن مطالبنا بالحل السياسي وفق الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال.

ومنذ قدوم الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض، طوينا صفحة وقف العلاقات مع إدارة الرئيس السابق ترامب بسبب ما اتخذته من قرارات تنتهك القانون الدولي وبخاصة صفقة القرن التي رفضناها لأسباب عدة، وعلى رأسها اعتراف تلك الإدارة بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وبدأنا صفحة جديدة مع إدارة الرئيس بايدن، الذي سمعنا منها وعوداً ومواقف إيجابية تجاه قضيتنا، تأملنا منها خيراً، تمثلت في إعلان تمسك الإدارة بحل الدولتين، والتأكيد على أننا شركاء، ورفض التوسع الاستيطاني، ورفض أية إجراءات أحادية الجانب، واحترام الوضع التاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف، ورفض طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح وسلوان بالقدس من منازلهم، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، إلا أنه رغم انقضاء عام على عمل إدارة الرئيس بايدن، وانخراطنا الإيجابي لتعزيز العلاقة الثنائية معها، فلا زلنا نأمل في إحراز تقدم لوضع هذه المواقف موضع التنفيذ قبل فوات الأوان.

أما المجتمع الدولي، والأمم المتحدة على وجه التحديد، ورغم تقديرنا العالي للقرارات العديدة التي أصدرتها لإنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلال الدولة، ورغم المواقف السياسية والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها دول العالم المختلفة، فإنها، وبسبب تصرف إسرائيل وكأنها دولة فوق القانون الدولي، تقف اليوم عاجزةً عن تنفيذ هذه القرارات الأممية، أو حتى وقف السياسات الاحتلالية والاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل، والتي من شأنها تقويض حل الدولتين، وقتل ما تبقى من الأمل لصنع السلام، وأصبح المجتمع الدولي بدوله كافة غير قادر على توفير الحماية الدولية لشعبنا.

الأمر الذي يجعلنا نتساءل، ما فائدة القرارات الدولية التي لا يتمكن المجتمع الدولي من تطبيقها، أمام الغطرسة الإسرائيلية؟ إننا لا زلنا نأمل بأن يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته في تنفيذ قراراته المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

أمام كل ذلك، وقياماً بواجبنا في حماية مصالح شعبنا، فإنه يتحتم علينا القيام بما يلي:

1- إعادة النظر في الوضع القائم بأسره، وترتيب أوضاعنا الداخلية، والنظر في خياراتنا كلها، وفي علاقاتنا مع دولة الاحتلال، بما يمكننا من الصمود على أرضنا، والحفاظ على حقوق شعبنا في أرض وطنه، وأكرر هنا بأننا سننظر في خياراتنا كلها، خاصة بعد أن تجاوبنا إلى أقصى مدى، مع الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأوفينا بكل التزاماتنا، بحيث لا يستطيع أحد أن يلقي علينا بأية مسؤولية في عرقلة عملية السلام. ما هي الأخطاء التي ارتكبناها؟ وما هي الاتفاقيات التي نقضناها؟ وهل يمكن استمرار الالتزام بالاتفاقيات من جانب واحد، بالطبع لا، لأننا حافظنا على كل ما وقعنا عليه من اتفاقيات والتزمنا بالشرعية الدولية كاملة.

2- إن التحديات الوجودية التي تواجهنا اليوم تقتضي منا مواصلة الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، والعمل على تطوير مؤسساتها، والحفاظ على القرار الوطني المستقل، والتمسك بثوابتنا الوطنية المعتمدة في المجلس الوطني بالجزائر عام 1988. وكما يعلم الجميع فإن اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بيننا وبين إسرائيل، هو اتفاق انتقالي، ليس به أية تنازلات عن ثوابتنا الوطنية، بل على العكس، فقد أعاد منظمة التحرير الفلسطينية للوطن، التي قامت بدورها في تأسيس مؤسسات سلطتنا ودولتنا على أرض وطننا فلسطين.

3- إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة للدفاع عن أرضنا ووجودنا وهويتنا وقدسنا ومقدساتنا، والبحث عن وسائل تنهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، والعمل على تكثيف المقاومة الشعبية السلمية التي أصبحت خيارنا الأساس، وتوسيع نطاقها لمواجهة اعتداءات المستوطنين الإرهابية، والوقوف بقوة في وجه مخططات الاحتلال الرامية إلى الاستيلاء على أرض وطننا. ونشيد في هذا الصدد بهبة الشيخ جراح، والأقصى وهبة الأسرى وصمود أهلنا في القدس وبطولات المقاومة الشعبية السلمية لأهلنا في القرى والمدن والمخيمات في كل مكان على أرض فلسطين دفاعاً عن هويتنا ووجودنا.

 

4- ولا بد من مواصلة دعم صمود أهلنا في الشتات والمخيمات، لذلك فإننا نعمل على حشد الموارد لاستمرار عمل وكالة الاونروا لتمكينها من القيام بواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة، ومن جانبنا، أود أن أشيد ببرنامج دعم التعليم الجامعي لأبناء شعبنا في لبنان الذي استطاع أن يوفر الدعم اللازم لتعليم 6700 طالب وطالبة تم تخرجهم من الجامعات، علاوة على 1800 آخرين لا زالوا يدرسون على مقاعد الدراسة في الجامعات. وأذكر هنا بالمساهمات التي تم إنجازها لرفع كفاءة الخدمات الصحية ومستشفيات وعيادات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان وسوريا، وكذلك الحال في أرض الوطن.

5- وبالإضافة لما سيتخذه مجلسنا المركزي هذا، من قرارات لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجهنا، بما فيها القرارات التي اتخذها المجلس عام 2018 ولم يكتب لها التطبيق، علينا مواصلة الحفاظ على منجزاتنا الوطنية، ومواصلة بناء مؤسسات دولتنا، والحفاظ علي حداثتها وديمقراطيتها والالتزام بسيادة القانون، والاستمرار في المراجعات والإصلاحات الضرورية، بحيث تكون حكومتنا قادرة على مواجهة التحديات، وتلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع الفلسطيني، وتطبيق معايير الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد وحرية التعبير وفق القانون، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومواصلة النهوض بالاقتصاد الوطني، ودعم الإبداع وتمكين المرأة والشباب. ولا بد من تعزيز القضاء ليؤدي دوره بشكل أفضل مما هو عليه الآن.

وفي هذا الصدد، نود التأكيد على أننا نولي عملية الإصلاح الشاملة اهتماماً بالغاً ونأخذها على محمل الجد، لذلك فقد شكلنا لهذا الغرض لجنة وطنية، ونحن على استعداد لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنجاح عملية الإصلاح التي يستحقها أبناء شعبنا الصامد، مؤكدين على أن الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها هي شأن فلسطيني داخلي، لا يحق لأحد أن يتدخل فيه.

6- بالرغم مما نتعرض له من صعوبات، سنواصل العمل مع المجتمع الدولي، ومد أيدينا للسلام العادل والشامل، والعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير آلية حماية دولية لشعبنا وأرضنا، تحت رعاية الرباعية الدولية، ووفق قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المعتمدة، والمبادرة العربية للسلام، كما وسنواصل العمل لتحقيق المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين وتعزيز وجودها في النظام الدولي، مؤكدين على موقفنا الرافض للعنف والإرهاب أياً كان مصدره.

 

وقد أوضحنا في كلمتنا أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي، أنه أمام تقويض حل الدولتين الذي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فهناك مقترحات يمكن العمل عليها، وهي الدولة الواحدة بحقوق متساوية للجميع، وهناك أيضاً قرار التقسيم للعام 1947 الذي يعطي الدولة الفلسطينية 44% من أرض فلسطين التاريخية. إننا نسعى ليعيش شعبنا على أرضه وفي دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن أن نقبل ببقاء الاحتلال على أرضنا للأبد.

7- إن مواجهة هذه التحديات تتطلب أيضاً إنهاءً فورياً للانقسام الداخلي في إطار الالتزام بالشرعية الدولية، وإنني أدعو جميع الفلسطينيين لوضع مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبار مهما كان، فالقدس وفلسطين فوق الجميع.

ولا يعقل استمرار الحوارات الفلسطينية بين الفصائل حول المصالحة، طوال هذه السنوات، دون إقرار الجميع بالشرعية الدولية والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني.

8- وكما يعلم الجميع، فقد دعونا لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس وطني، ولكننا أجلناها لحين تمكننا من عقدها في مدينة القدس، وشرعنا على الفور في تنظيم الانتخابات البلدية التي أنجزنا مرحلتها الأولى، وجاري العمل على إنجاز المرحلة الثانية في موعدها المقرر في الشهر القادم.

9- هناك إجماع عربي على مركزية القضية الفلسطينية من خلال قرارات القمم العربية والدعم العربي لقرارات فلسطين لدى المحافل الدولية كافة.

إن الغالبية العظمى من الدول العربية تؤمن بالمبدأ الذي رفعناه منذ البدايات بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ولذلك فإن علاقاتنا العربية لا تشوبها شائبة، ولا نلتفت إلى أية حالة شاذة، ونعمل على علاجها بروح الحرص على وضع الأمور في نصابها الصحيح حرصاً على العلاقات الأخوية التي يجب أن تسود دائماً بين الجميع.

10- نستذكر في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها قضيتنا، وعد بلفور الذي أصدرته حكومة بريطانيا بدعم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1917، وعملتا على إدراجه في وثائق عصبة الأمم، وصك الانتداب البريطاني على فلسطين، لتحكما بذلك تنفيذ هذه الجريمة التي تسببت بحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه السياسية وحقه في تقرير المصير، وتشريد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني الذي لازال يعاني المآسي والنكبة في أماكن لجوئه كافة.

 

هذه فرصة لجميع دول العالم لتقوم بتحمل مسؤولياتها برفع الظلم الناجم عن وعد بلفور وبخاصة تلك الدول التي تسببت في مأساة الشعب الفلسطيني، كما قالت الكاتبة الفرنسية "فيفيان فورستييه": نحن الأوربيين الذين صنعنا مأساة الشعب الفلسطيني.

11- الربيع العربي-الربيع الامريكي-الشرق الاوسط الجديد والفوضى الخلاقة: اعترافات رئيس المخابرات الأسبق وهيلاري كلنتون: - أخطأنا في محاولات الانقلاب في العديد من الدول العربية.

- صرفنا مليارات الدولارات، وكانت النتيجة ظهور داعش.

- دمرنا الجيش العراقي، وحاولنا تقسيم مصر وغيرها.

- حكومة أوباما دربت الحقوقيين والخونة لتدمير حكوماتهم.

- الشعب المصري سطر بطولة في 30/6/2011 وأنقذ مصر بقيادة الرئيس السيسي.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

شعبنا والعالم كله ينظر إلى جلسة هذا المجلس، ليرى ما هي القرارات والمواقف السياسية والأمنية والاقتصادية التي سيتخذها مجلسكم، ومدى الجدية في تطبيقها.

يجب أن نركز اهتمامنا على هذه القضايا دون غيرها، لأنها هي وحدها الأساس في همومنا الحالية والمستقبلية.

لم يعد ممكناً السكوت على الوضع القائم، وأصبح لزاماً علينا اتخاذ قرارات مصيرية كي نحافظ على وجودنا على أرض وطننا، من أجل القدس، درة التاج، ومن أجل فلسطين حرة أبية، تقف شامخة الرأس بين دول العالم، تفخر بشعبها الأبي الذي شكل ويشكل نموذجاً للشعوب المناضلة التواقة للحرية والعيش بسلام.

وفي الختام أود أن أنتهز هذه الفرصة لأوجه التحية لكل أبناء شعبنا في كل مكان، ولكل الشعوب والدول التي تضامنت مع شعبنا في هبة القدس، وهبة الأسرى، وضد الاعتداءات الوحشية التي أودت بحياة المئات ودمرت وشردت الآلاف من أبناء شعبنا، في الضفة والقدس وقطاع غزة. والتحية كل التحية لشهدائنا وأسرانا وجرحانا وعائلاتهم.

كما وأجدد التحية لكل من يعمل من أجل شرح روايتنا الفلسطينية وإظهار معاناة شعبنا حول العالم وبشكل خاص في الولايات المتحدة وأوروبا، مطالبين بإنهاء الاحتلال والأبارتهايد والتطهير العرقي، وداعين لتحقيق العدالة والحرية وتقرير المصير لشعبنا، وهي بداية صحوة نحو نيل الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والاستقلال، وحقه في الحياة والمساواة والدولة.