كلمة الرئيس محمود عباس عبر تلفزيون فلسطين لمناسبة الذكرى الـ 57 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة 31 كانون الأول 2021
بسم الله الرحمن الرحيم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". صدق الله العظيم
يا أبناءَ شعبنا العظيمِ في فلسطينَ، وفي كلِ مكان، أحييكمْ حيثُما كنتم، ونحنُ نقفُ اليوم، كما كنا دائماً، شعباً صامداً صابراً ثابتاً ومرابطاً، لا حدودَ لعطائهِ وتضحياتهِ على مدى قرنٍ منَ الزمانِ وإلى يومنِا هذا، مدافعينَ عنْ هُويتنِا وحقِنا في أرضِنا، ومقدساتِنا الإسلاميةِ والمسيحية.
ونحنُ نُحْيي اليومَ الذكرى السابعةَ والخمسينَ لانطلاقةِ الثورةِ الفلسطينيةِ المعاصرة، نستذكرُ القائدَ الشهيدَ الرمزَ أبو عمار، والإخوةَ القادةَ الشهداءَ المؤسسين، وشهداءَنا الأبرارَ كافة، الذين قضَوا دفاعاً عنْ فلسطينَ أرضاً وشعباً وقضيةً وقراراً وطنِياً مستقلاً، سائلينَ اللهَ أنْ يتغمدَهمْ بواسعِ رحمتهِ ويسكنهمْ فسيحَ جناتهِ في عِليين.
كما ونوجهُ لأسرانا البواسلِ تحيةَ إكبارٍ وتقديرٍ لعطائِهمْ وتضحياتِهمْ وصبرهمْ في مواجهةِ الاحتلالِ وسجانيهِ دفاعاً عنْ حريتِهمْ وحريةِ الوطنِ وكرامةِ شعبِنا وحقوقِه، ونُحيّي كذلكَ جرحانا الأبطال، ونقولُ لأبطالنِا الأسرى والجرحى وعائلاتِهم وعائلاتِ الشهداءِ بأننا لنْ نتخلى عنهم، فإنَّ نضالاتِكمْ هي أوسمةٌ رفيعةٌ تشهدُ على تضحياتِكمْ دفاعاً عنْ وطنِكم وشعبِكم، بُوركتمْ جميعاً وبُوركَ شعبُنا نبعُ العطاءِ والفداء.
ونُحييّ ايضاً أبطالَ المقاومةِ الشعبيةِ منْ أبناءِ شعبنِا الذينَ يُواجهونَ عدوانَ المحتلينَ وإرهابَ المستوطنينَ بصدورِهم العاريةِ دفاعاً عنِ الأرضِ والهويةِ والوطن.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
يا أبناءَ شعبِنا الفلسطيني العظيم،
تأتي ذكرى انطلاقةِ ثورتنِا اليومَ في ظروفٍ بالغةِ الدقِة والصعوبةِ جراءَ مواصلةِ الاحتلالِ الإسرائيليِ البغيض، تعميقَ ممارساتِه القمعيةِ والاضطهادِ ضدَ شعبنِا ونهبَ أرضِنا وثرواتِنا الطبيعيةِ وخنقَ اقتصادنِا ومصادرِة أموالِ ضرائبِنا، وتقييدَ حريةِ شعبِنا، وممارسةَ أبشعِ سياساتِ التمييزِ العنصري، والتطهيِر العرقي، والإرهابِ المنظم، وهو ما نرفضُه كما نرفضُ عملياتِ هدم البيوتِ ومصادرةِ الأراضي، وترحيلِ أبناءِ شعبِنا منْ بيوتِهمْ في الشيخِ جراح، وسلوان، واقتلاعِ أشجارِ الزيتونِ وحرقِ الحقولَ، والتنكيلِ بأسرانا في سجونِهم، واحتجازِ جثامينَ شهدائِنا، ومواصلةِ حصارِ شعبِنا في قطاعِ غزَة منذُ سنواتٍ طوال؛ وهي الممارساتُ والجرائمُ التي تقومُ بها سلطاتُ الاحتلالِ منذ تأسيسِها ولا زالتْ حتى اللحظة؛ ولكننا نقولُ لإسرائيلَ وقادتِها ومستوطنيها ومتطرفيها بأننا لنْ نقبلَ ببقاءِ احتلالِكم، ومستوطناتِكمْ على أرضِنا، مهما كانتِ التضحيات، ولقدْ نفد صبرُنا على هذا الواقعِ المرير، الذي يعيشُه شعبُنا منذُ قُرابةِ ثمانيةِ عقود، كما وأننا لنْ نقبلَ بممارساتِكمْ الممنهجةِ لتغييرِ طابعِ وهويةِ مدينةِ القدس، والاعتداءِ على حرمةِ مقدساتِنا فيها ولا سيما في المسجدِ الأقصى، وكنيسةِ القيامة، والحرمِ الإبراهيمي في مدينة الخليل.
وفي نفسِ الوقت، فإننا نمدُّ أيدَينا لصنعِ السلامِ العادلِ والشاملِ وفي إطارِ مؤتمرٍ دوليٍ يُعقدُ وفقاً لقراراتِ الشرعيةِ الدولية، وبرعايةِ الرباعيةِ الدوليةِ بهدفِ إنهاءِ الاحتلالِ لأرضِ دولةِ فلسطينَ بعاصمتِها القدس. ونجددُ التأكيدَ بأننا لنْ نقبلَ ببقاءِ الاحتلالِ للأبد، لذلكَ فقدْ دعَوَنا لعقدِ مجلسٍ مركزيٍ فلسطينيٍ في مطلعِ هذا العامِ لتدارسِ آخرِ التطوراتِ واتخاذِ القراراتِ الحاسمةِ الضروريةِ لمواجهةِ هذهِ الانتهاكاتِ والجرائمِ بحقِ شعبنِا وأرضنا.
هذا وإننا سنواصلُ أيضا جهودَنا وعملَنا لتوحيدِ أرضِنا وشعِبنا، وتشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ جامعةٍ منَ القوى الملتزمِة بالشرعيةِ الوطنية والدولية؛ كما وسنستمرُ في مواصلةِ العملِ بالشراكةِ مع مؤسساتِ المجتمعِ المدني، والقطاعِ الخاص، والمضُي قدماً في بناءِ مؤسساتِنا على أساسِ سيادةِ القانون، والعملِ على النهوضِ بالاقتصادِ الوطنيِ الفلسطيني، وتمكينِ المرأةِ والشباب.
ولا يفوتُنا أنْ نغتنمَ هذهِ المناسبةِ لنشكرَ كلَ منْ وقفَ إلى جانبِ ثورتنِا وشعبِنا وكلَ مَنْ دَعَمَ روايتنَا وحقوقَنا المشروعةَ منْ دولٍ وهيئات، ومؤسسات، وحركاتِ تحرر، وشعوبٍ، وشخصياتٍ عربيةٍ ودوليةٍ على مدى العقودِ الماضية، والتي لا زالت ثابتةً ومتمسكةً بمواقفِها، وعبرَ كلِّ مراحلِ نضالنِا وإلى الآن.
وفي الختام، نُحييّ بإجلالٍ ذكرى شهداءِ ثورتِنا وشعبِنا الأبرار، والتحيةُ لأسرانا البواسلِ الذينَ لنْ نتخلى عنهم، والشفاءُ العاجلُ لجرحانا الأبطال.
عاشتْ فلسطينُ بعاصمتِها القدس،
وعاشتْ ذكرى انطلاقةِ ثورتنِا المجيدة.
كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي 8 كانون الأول 2021
بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة الأخ الرئيس قيس سعيد
أثمن وأقدر واحترم كل كلمة قلتموها في خطابكم هذا، ونحن نحترم ونقدر الشعب التونسي، ونقول كلمة تعودنا عليها دائما، إننا خرجنا من تونس وعدنا إلى فلسطين وكانت تونس هي المحطة الجميلة الرائعة التي عشنا فيها سنوات عظيمة مؤيدين مرحبا بنا ومدعمين من كل فرد تونسي ومن كل حكومة تونسية، شكرا لكم فخامة الرئيس.
يسرني أن أتوجه في ختام اجتماعنا هذا بالتعبير عن بالغ سعادتي بلقائكم، وجزيل الشكر وعميق التقدير لسيادتكم على كرم الضيافة وحرارة الاستقبال في رحاب تونس الخضراء، هذا البلد العزيز الذي تربطنا بقيادته وشعبه علاقات أخوية راسخة نعتز بها كثيرا، فنحن لا ننسى أيامنا في تونس في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، وفي هذا الوطن التونسي المضياف لمسنا وما زلنا، عمق أواصر الأخوة التونسية-الفلسطينية، كما أننا لا يمكن أن ننسى عودتنا من ربوع هذه الديار التونسية الطيبة إلى وطننا لنبني أسس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
لقد كانت الفرصة سانحة اليوم لبحث العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مع أخي سيادة الرئيس قيس سعيد، وأطلعته على آخر المستجدات الفلسطينية، وتبادلنا الرأي في مجمل الموضوعات التي تهم بلدينا وشعبينا الشقيقين، وما يعزز العلاقات الأخوية بينهما في جميع المجالات، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بما يعزز الشراكة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين.
وقد أطلعت سيادة الرئيس على معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيشون في فلسطين تحت نير الاحتلال والقهر والاضطهاد، ومن يعيش منهم في مخيمات اللجوء في فلسطين ودول الجوار والعالم، وأكدت لسيادة الرئيس، أننا لن نقبل ببقاء الاحتلال والابارتهايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع وأهل القدس، ولا على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة.
هل تتصورون يا سيدي أن اسرائيل تحتجز مئات جثامين الشهداء لديها، لا لشيء إلا لعقاب أهالي الشهداء.
من ناحية أخرى، فإننا نمد أيدينا للسلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية، التي وضعوها والتي قرروها، ويهدف -المؤتمر- لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس، وأؤكد بأنه ستكون لنا خيارات وإجراءات في وقت قريب، إذا استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارساتها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا بعاصمتها القدس.
نعم خلال شهر من الآن سنعقد المجلس المركزي لاتخاذ قرارات، ونحن نعني ما نقول، لم تعد لدينا الطاقة للانتظار والتحمل، سنأخذ القرارات التي تفيد شعبنا وفي إطار الشرعية الدولية ولن نخرج عنها.
وفي نفس الوقت، سنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها ملتزمة بالشرعية الدولية، هذا ما نسعى له وهذا ما تحدثنا به مع فخامة الرئيس سعيد، وكذلك مع فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، وقلنا نتمنى أن تقوم كلتا الدولتين بمساع من أجل وحدة الصف الفلسطيني، لأنه آن الأوان أن ينتهي هذا الانقسام البغيض الذي لا يفيد أحدا ويضر بقضيتنا وشعبنا، علينا أن ننهيه بأقصى سرعة ممكنة.
وقد تناولنا أيضا بالبحث، المسائل المصيرية التي تهم أقطار أمتنا العربية المجيدة، وبحثنا الوسائل الكفيلة بإنجاح مؤتمر القمة العربية القادمة التي ستعقد في الجمهورية الجزائرية الشقيقة، وقد أكدنا ضرورة استعادة اللحمة للصف العربي، آن الأوان أيضا أن تنتهي تلك الانقسامات التي لا ضرورة ولا قيمة لها إلا ايقاع الضرر بالأمة وبكل آمالاها وأهدافها، نتمنى أن تكون قمة الجزائر هي المكان الطبيعي لعودة اللُّحمة العربية مرة أخرى.
أخي سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد،
نشكركم على مواقفكم الثابتة والمبدئية المشرفة والداعمة للحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني، ونشكر الدولة التونسية والشعب التونسي الشقيق على دعم دولة فلسطين وشعبها في مراحل نضاله المتعاقبة، وفي الهيئات والمنظمات الدولية كافة، وفي كل ما تقدمونه وما أعلنتموه الآن، وهذا ليس جديدا عليكم، من دعم في مجال الثقافة والتعليم ونعرف أن تونس لا يمكن ان تبخل على الشعب الفلسطيني بشيء.
كما أشكركم سيادة الأخ الرئيس على كرم الضيافة الذي حظينا به من سيادتكم، والذي نعتبره تكريما لأبناء الشعب الفلسطيني كافة، متمنيا لسيادتكم شخصيا موفور الصحة والسعادة، وللجمهورية التونسية وشعبها الشقيق العزيز، دوام الرخاء والتقدم والاستقرار، الذي تقودون البلاد لتثبيت أركانه، وأنتم لها سيدي الرئيس، ونحن على ثقة تامة بأن تونس وشعبها الشقيق الكريم المضياف سينجحان في تخطي الصعاب والتحديات الحالية التي تواجهها بهمة واقتدار إن شاء الله.
ندعو الله لتونس بمزيد من التقدم والازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري 6 كانون الأول 2021
أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون أود بداية أن أعبر عن بالغ سعادتي بلقائكم، والقيام بهذه الزيارة المباركة للجزائر الغالية على قلوبنا، هذا البلد الحبيب، العظيم بثورته وشهدائه، وشعبه وقيادته عبر تاريخه المجيد، الحافل بالتضحيات والفداء والعطاء والشموخ والإباء، والذي قدم نموذجا تحرريا وإنسانيا مشرفا، وظل على الدوام يدافع عن أمته وقضاياه الوطنية العادلة وحقوقها القومية، وفي طليعتها قضية فلسطين، وحقوق شعبنا الوطنية الثابتة في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابه الوطني الفلسطيني.
فالجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، ظلت على الدوام فعلا وقولا مع فلسطين، وشعبنا الفلسطيني يكن لفخامتكم، وللجزائر وشعبها الشقيق وقيادتها وقواها السياسية، أسمى مشاعر المحبة والتقدير والعرفان.
في اجتماعنا اليوم مع أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، تداولنا في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأطلعت فخامته على آخر المستجدات بشأن القضية الفلسطينية، وتبادلنا الرأي في مجمل القضايا التي تهم مصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين، وقضايا أمتنا المصيرية.
وقد أكدت لفخامة الرئيس، أننا نمد أيدينا للسلام في إطار مؤتمر دولي ينعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ويهدف لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل ببقاء الاحتلال و الابرتهايد الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا، ولن نقبل بالاعتداءات على هوية وطابع أهل القدس، ولا على المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي وكنيسة القيامة، ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا، ولا بمواصلة حصار قطاع غزة، وهذا العمل كله منذ سنوات إلى يومنا هذا هو قائم وتقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام أعين العالم دون أن يحرك هذا العالم ساكنا.
وستكون لنا خياراتنا وإجراءاتنا في وقت قريب، إذا استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارساتها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا بعاصمتنها القدس، ونحن نعني ما نقول، وسيأتي وقت قريب سيعقد فيه المجلس المركزي وسنتخذ إجراءات حاسمة وتاريخية وقوية ضد إسرائيل وضد ممارساتها التي تقوم بها نحو شعبنا وأهلنا.
ومن ناحية أخرى، سنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها مؤمنة بالشرعية الدولية. هذا ما نطالب به وهذا ما نعمل عليه وهذا ما نتمنى أن نصل إليه.
كما بحثنا سبل تنمية وتعزيز علاقات التعاون والأخوة فيما بين بلدينا وشعبينا، وفي جميع المجالات، وتناولنا كذلك، بل وأكدنا معا على أهمية تنسيق المواقف، في ظل القمة العربية القادمة، التي نتمنى لها النجاح والتوفيق، وأن يلتئم الشمل العربي ليضم الجميع، وهذا ما نأمله أن الجزائر بيت الجميع وبيت الأمة العربية وإن شاء الله سيلتئم شمل هذه الأمة في أرض الجزائر وعلى أرض الجزائر في القمة القادمة، ونحن على ثقة بحسن تنظيمها وإدارتها في ظل القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس تبون، والاحتضان الكريم من القيادة والحكومة والشعب الجزائري الأبي المتمسك بقضايا أمته العربية وفي القلب منها قضية فلسطين.
وبهذه المناسبة، نتقدم بالشكر الجزيل لفخامة الرئيس وللدبلوماسية الجزائرية، على الدور الكبير الذي تقوم به لإسناد القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ومؤخرا في الاتحاد الإفريقي، وأهمية استمرار التنسيق الثنائي بين البلدين.
وفي ختام كلمتي هذه أود أن أعرب عن جزيل شكري، وعظيم امتناني لفخامتكم أخي الرئيس على هذا التكريم الذي حظينا به نيابة عن الشعب الفلسطيني، الذي نعتز به أيما اعتزاز، فهو تكريم وتقدير نبيل من الجزائر الشقيقة، لفلسطين وشعبها وقيادتها، والتي ستظل تحمل لكم ولبلدكم وشعبكم أسمى مشاعر الوفاء والعرفان والمحبة.
أشكركم وأحييكم مجددا من صميم قلبي -أخي الرئيس- على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، التي لطالما عهدناها منكم في الجزائر العزيز، متمنيا لكم شخصيا دوام الصحة والسعادة، وللجزائر وشعبها الشقيق دوام الرخاء والتقدم والازدهار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعاشت الأخوة الجزائرية- الفلسطينية.
كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة في مؤتمر التحرر الذاتي للفلسطينيي انتاج المعرفة المقاومة
بثها تلفزيون فلسطين 29 تشرين الثاني 2021
الأخوات والإخوة،
جامعة القدس المفتوحة، الحملة الاكاديمية الدولية المناهضة للاحتلال والابرتهايد، والقائمون على المؤتمر العلمي المحكم، ابناء وبنات الشعب الفلسطيني في فلسطين وبقاع الارض كافة السلام عليكم..
ينعقد هذا المؤتمر الهام في الذكرى الـ44 لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والذكرى الـ33 لاعلان الاستقلال الذي تم في العام 1988 بالجزائر، وهو ايضا اليوم الذي حصلت فيه دولة فلسطين على شهادة ميلادها في الامم المتحدة عام 2012 كدولة مراقب في الجمعية العامة وكدولة كاملة العضوية في أكثر من 100 منظمة ومعاهدة دولية ومنها اليونسكو والمحكمة الجنائية الدولية والانتربول وغيرها، ان شعاركم في هذا المؤتمر أن لا للاحتلال ولا للابرتهايد يؤكد ما قلناه في كلمتنا أمام الجمعية العامة منذ شهرين إننا لن نقبل ببقاء الاحتلال لارضنا وشعبنا للابد. ولن نقبل بواقع الابرتهايد الذي تطبقه سلطات الاحتلال ولا بقهرها للشعب الفلسطيني وممارساتها العدوانية المتمثلة بالاستيلاء على ارضه ومصادرة موارده الطبيعية وخنق اقتصاده والاعتداء على هوية وطابع القدس ومقدساتها المسيحية والاسلامية وطرد اهلها من احيائهم، كما لن نقبل بهدم منازل ابناء شعبنا الفلسطيني وقتلهم والتنكيل باسراهم واحتجاز جثامين شهدائهم، ولا بالحصار الجائر لقطاع غزة وهي جرائم سنواجهها وسننتصر بصمود شعبنا وبقائه على ارضه.
فشعبنا الفلسطيني يمتلك من الامكانات والمعرفة والعلم والثقافة والحضارة ما مكنه من الانتشار والنجاح في كل بقاع العالم.
وبالرغم من وجودنا تحت الاحتلال الا اننا تمكنا من بناء مؤسسات دولتنا على ترابنا الوطني واقمنا مؤسساتنا التشريعية والقضائية والتنفيذية، كما بنينا المؤسسات التعليمية والصحية والثقافية وغيرها، وذلك بمبادرات حكومية واهلية ودعمنا دور القطاع الخاص في النهوض باقتصادنا الوطني.
ونعمل على تمكين المرأة والشباب وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني والبلديات وكل ذلك في اطار من الشراكة والتكامل على طريق الحرية والاستقلال لشعبنا وارضنا.
من ناحية اخرى فإننا ندعم جميع مبادرات المقاومة الشعبية السلمية في القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية التي تحقق نجاحات متواصلة على طريق التصدي لمشاريع الاستيطان والتهجير، ومن هنا اوجه باسمكم جميعا التحية والتقدير لاهلنا في الشيخ جراح وسلوان وبيتا وكفر قدوم ونعلين وغيرها من القرى والمدن الفلسطينية المحتلة الباسلة التي تصنع التاريخ في مواجهة سياسات الاحتلال العنصرية الفاشية لتشكل نموذجا نعتز به، مؤكدين للعالم اجمع ان هذا الشعب الصابر الصامد يستحق الانعتاق من الاحتلال وان تكون له دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،
نجدد التأكيد على رفضنا المطلق لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وللتمييز العنصري والتطهير العرقي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، كما نؤكد رفضنا لتغيير الوضع التاريخي للمسجد الأقصى، ولمنع المصلين من الوصول الى كنيسة القيامة ولطرد الفلسطينيين من أحياء القدس، ولتصنيف 6 منظمات مدنية فلسطينية بالإرهاب. وفي نفس الوقت، ما زلنا نمد أيدينا لتحقيق السلام العادل والشامل وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وتحت رعاية الرباعية الدولية، مؤكدين أن استمرار دولة الاحتلال بتقويض حل الدولتين وفرض واقع الأبرتهايد سيجعلنا مضطرين للذهاب لخيارات أخرى إذا لم يتراجع الاحتلال عن ممارساته واتخاذ قرارات حاسمة سنبحثها في المجلس المركزي القادم الذي سينعقد في مطلع العام المقبل.
على صعيد الوضع الداخلي، نؤكد أننا ملتزمون بوحدة أرضنا وشعبنا وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تلتزم جميع القوى المشاركة فيها بالشرعية الدولية، والعمل على تكريس أسس الديمقراطية عبر اجراء الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية كافة، بما فيها مدينة القدس. مجددين مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الاحتلال للالتزام بالاتفاقات الموقعة، والسماح بإجراء هذه الانتخابات في القدس الشرقية كما جرت في الانتخابات السابقة. كما نؤكد التزامنا بالشراكة مع جميع شرائح المجتمع الفلسطيني: القطاع الخاص والمجتمع المدني والقوى السياسية وغيرها، من اجل الحفاظ على سيادة القانون ومعايير الشفافية والمحاسبة وحقوق الانسان، وحرية التعبير، وتمكين المرأة والشباب.
الأخوات والإخوة،
المنظمون والقائمون على هذا الحدث المؤتمر العلمي المحكم المعنون "بالتحرر الذاتي للفلسطينيين.. إنتاج المعرفة والمقاومة".. أشكركم على هذه المبادرة الهامة التي تأتي لتدعيم مفاهيم التحرر الذاتي وإنتاج المعرفة لتوجيه بوصلة عمل المقاومة الشعبية، والنهوض بها نحو الطريق الأمثل لتحقيق أهدافها المشروعة.. بارك الله فيكم وأتم أعمال مؤتمركم هذا بالنجاح والتوفيق.
في الختام، لا يسعني إلا أن أبعث بتحية إجلال وإكبار لروح كل شهيد سقط من أجل فلسطين ولكل جريح ولكل أم فلسطينية ثكلى، ولكل رجل وامرأة وطفل حرمه الاحتلال ذويه، ولكل أسير قدم أجمل سنوات حياته فداء للوطن، ولكل المرابطين والصامدين على أرض فلسطين، ومخيمات الشتات، ولكل رموز مقاومتنا الشعبية السلمية كافة، لكم كل الاحترام والتقدير والوفاء.. الله يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطانا نحو استرداد أرضنا ومقدساتنا، وإقامة دولتنا الحرة المستقلة لننعم جميعا بظلها بالأمن والسلام والاستقرار.
والسلام عليكم.
كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى السابعة عشرة لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات
10 تشرين الثاني 2021
بسم الله الرحمن الرحيم "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"، صدق الله العظيم.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم،
سبعةَ عشرَ عاماً مرتْ على استشهادِ القائدِ المؤسسِ الشهيدِ ياسر عرفات، ذلكَ الرجلُ الذي نستلهم منْ ذكراه الصبرَ والعزمَ والتصميمَ على مواصلةِ مسيرةِ نضالنِا الوطني، وثورتِنا الفلسطينيةِ العملاقةِ التي قدمَ خلالهَا الآلافُ منْ أبناءِ شعبِنا أرواحَهمْ وحريتَهمْ فداءً للوطن. إنها ثورةُ الشعبِ الفلسطينيِ ومسيرتُهُ النضاليةُ التي كانتْ وما زالتْ نبراسا لجميعِ أحرارِ العالمِ الذينَ يؤمنونَ بالحريةِ والعدلِ والعيشِ بكرامة في وطنٍ حرٍ وآمنٍ ومستقر.
تأتي هذه الذكرى وقضيتُنا الوطنيةُ العادلةُ تمرُ بمرحلةٍ جِدُّ دقيقةٍ، ربما هي الأصعبُ في تاريخِنا النضالي، فسلطاتُ الاحتلالِ الإسرائيليِ توغلُ في سياستِها الاستعماريةِ والعنصريةِ، وتشن عدوانا ممنهجا لتغيير الوضعِ التاريخي لمدينةِ القدسِ عاصمتِنا الأبدية، وطمسِ هويتِها وطابعِها العربي والإسلامي، وطرد سكانها والاستيلاء على منازلهِم في الشيخ جراح، وسلوان وغيرِها، وكذلك منعِ المصلين والمؤمنين من الوصولِ للأماكنِ المقدسةِ في الأقصى والحرمِ الإبراهيمي وكنيسةِ القيامة.
كما يستمرُ هذا الاحتلالُ الغاشمُ في سياساتِه الاستيطانيةِ لخنقِ ما تبقى منْ فرصٍ لتجسيدِ استقلالِ دولتِنا الفلسطينية، وتكريسِ سياسةِ الفصلِ العنصري، الابرتهايد، فضلا عن الحصارِ الجائرِ على قطاعِ غزة، وإقامةِ صلواتٍ غيرِ مشروعةٍ في المسجدِ الأقصى المبارك، في تحدٍ سافرٍ لقراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ والقانونِ الدولي، التي قبلْنا بها والتزْمنا بتنفيذِها، في إطارِ سعينا لتحقيقِ السلامِ العادلِ والشاملِ وإنهاءِ الاحتلالِ عنْ أرضِ دولةِ فلسطين.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
بعد 73 سنةً منَ النكبةِ و54 سنةً منَ العدوانِ والاحتلالِ عام 1967، وما وصلْنا إليهِ من واقعِ الاحتلالِ والضمِ والعنصريةِ الإسرائيلية، والتقويضِ المتواصلِ لحلِ الدولتين، فقدْ حانَ الوقتُ أنْ يغيرَ المجتمعُ الدوليُ طريقةَ تعاملهِ معَ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيلي، بأنْ ينتقلَ منْ بياناتِ الاستنكارِ والشجبِ للانتهاكاتِ الإسرائيليةِ بحقِ شعبنِا وأرضنِا، إلى خطواتٍ ملموسةٍ كفرضِ آلياتِ الحمايةِ الدولية، وعقدِ مؤتمرٍ دوليٍ لإنهاءِ الاحتلال، واعترافِ الدولِ التي لمْ تعترفْ بدولةِ فلسطين، ومنعِ تمويلِ إسرائيلَ بالسلاحِ الذي يقتلُ الأطفالَ والأبرياءَ وغيرِها منَ الإجراءاتِ العملية.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
لقدْ عبّرنا في خطابِنا الأخيرِ أمام الأمم المتحدةِ عنْ آمالِ وتطلعاتِ شعبنِا بالحريةِ والانعتاقِ منْ هذا الاحتلالِ الاستعماريِ الغاصب، عبرَ وضعِ سقفٍ زمنيٍ لتطبيقِ رؤيةِ حلِ الدولتينِ تحتَ رعايةِ الرباعيةِ الدولية، وصولاً لترسيمِ حدودِ دولةِ فلسطينَ المستقلةِ على حدودِ العامِ 1967 وعاصمتُها القدسُ الشرقية، وقلنا إنه إذا لمْ تستجبْ سلطاتُ الاحتلال، فإن الواقعَ على الأرضِ سيفرضُ نفسهَ في دولةٍ واحدةٍ متساويةِ الحقوقِ للجميع، أو بالعودةِ لقرارِ التقسيمِ لعام 1947 الذي يعطي دولةَ فلسطينَ 44% منَ الأرض، لأنه ليسَ منَ المعقولِ أو المقبولِ أنْ يبقى الاحتلالُ جاثماً على صدورنا إلى الأبد، كما انه ليس من المعقول أن نُبقي على الالتزامِ باتفاقاتٍ لا تلتزم بها إسرائيل.
لقد آمنَ الشهيدُ القائدُ ياسر عرفات، وآمنَ شعبُنا بالسلامِ العادلِ والشاملِ الذي يضمنُ قيامَ دولةِ فلسطين، ويحمي حقَ العودةِ المقدسِ لأهلنا في مخيمات الشتات، أولئكَ الذينَ دفعوا ثمناً باهظاً بسببِ الاحتلال، وسنبقى متمسكين بهذا الحق الذي يُمَكِّنُ اللاجئين منَ استرداد أملاكهمْ وتعويضهمْ عنِ الضررِ الذي لحق بهم كل هذه السنوات، وفقاً لقراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ وعلى رأسها القرار 194.
أيتها الأخوات، أيها الاخوة،
الشعبُ الفلسطينيُ شعبٌ عظيم، له مساهماتٌ خلاقةٌ في كل مكانٍ في العالم، وفي فلسطين، وبالرغم منْ وجودِ الاحتلال، تمكنّا منْ بناءِ مؤسساتِنا الوطنيةِ الحكوميةِ والمحليةِ والخاصةِ والمدنيةِ والأمنيةِ والأكاديميةِ وغيرها، وأسسنا دولةً عصرية حقيقية، لا ينقصُها سوى رحيلِ الاحتلال، وسنواصلُ العملَ سويًا وبسواعدِ الجميعِ على جعِلها دولةً تليقُ بشعبِنا منْ خلالِ تطويرِها، وتحديثِ قوانيِنها، وإرساءِ أسسِ سيادةِ القانون، والمساواةِ والعدالةِ واحترامِ حقوقِ الإنسانِ والشفافيةِ والمحاسبة، واستخدامِ الوسائلِ التكنولوجيةِ والرقمية، ومعاييرِ الاستدامةِ في التنميةِ الاقتصاديةِ وتمكينِ المرأةِ والشبابِ والأخذِ بيدِ الفئاتِ التي تحتاجُ للدعمِ الاجتماعيِ من الجميع.
يا أبناء شعبنا العظيم،
في هذِه الذكرى الأليمة، ذكرى رحيلِ الشهيدِ القائِد ياسر عرفات، نُجددُ التمسكَ بوحدةِ شعبِنا، والدعوةِ لتشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنية، تلتزمُ جميعُ القوى المشاركةُ فيها بالشرعيةِ الدوليةِ التي اعترفتْ بها منظمةُ التحريرِ الفلسطينية، الممثلُ الشرعيُ والوحيدُ للشعبِ الفلسطيني، والحفاظِ على القرارِ الوطنيِ المستقل، ونشيد بجهود جالياتنا في الخارج، منْ أجلِ حشد التأييدِ الدوليِ لشعبنِا، والعملِ معَ المنظماتِ الدوليةِ والمحليةِ رفضا للاحتلالِ والعنصريةِ والاضطهادِ ضدَ أبناءِ شعبنا.
وأختمُ بالقولِ لأخي ورفيقي الشهيدِ القائد ياسر عرفات، ولجميعِ رفاقهِ الشهداءِ القادة، وللأسرى والجرحى، إننا سائرون على الدرب الذي قضيتمْ عليهِ مهما كانتِ الصعابُ، وسينتهي الاحتلال، ونحققُ الحريةَ والاستقلالَ في دولتِنا الفلسطينيةِ المستقلة ذاتِ السيادةِ على ترابنِا الوطني، لأنَّ هذا الشعبَ الصابرَ الصامدَ القابضَ على ثوابِته هو الذي سطّرَ قصصَ النجاحِ والكفاح، وصنعَ منَ المستحيلِ حكايةَ الأملَ والحياة، قادرٌ بأمرِ اللهِ على ذلك.
نعاهدكمْ يا أبناءَ شعبِنا بأنْ نبقى على العهد، وفاءً لمشروعِنا الوطني، وثوابتِنا ولجرحانا ولأسرانا الذينَ لنْ نتخلى عنهمْ مهما كانتِ الضغوطات، ونحيي أهَلنا في الوطنِ والشتات كافة، ونحيي صمودَ أهِلنا في القدس وغزة والضفة، مؤكدينَ أنَّ النصرَ قادمٌ لا محالة، وشمس الحريةِ ستسطعُ على أرضِنا الفلسطينيةِ المقدسة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس بثها تلفزيون فلسطين لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل صائب عريقات
10 تشرين الثاني 2021
أخي ورفيقَ دربي، القائدَ والمناضلَ الوطنيَ الكبيرَ الدكتورَ صائب عريقات، في الذكرى السنويةِ الأولى لرحيِلك، أقولُ لكَ ولأبناءِ شعبِنا: رحلتَ عنا قبلَ الأوان، ولكنها إرادةُ الله، إلا أنَّ ذكراكَ باقيةٌ في قلوبِنا وعقولِنا، والأهمُ مِنْ ذلك، فإنْ ذكراكَ موجودةٌ في إرثِكَ الكبيرِ الذي تركتَه في كتبِكَ وكلماتِكَ ومواقفِكَ الوطنيةِ والنضاليةِ الصلبة، وفي صبرِكَ وتَحَمُّلِكَ منْ أجلِ التمسكِ بالثوابتِ الوطنيةِ والتي لمْ تَحِدْ عنها يوماً.
إنَّ رحيلَكَ أيها الأخُ والصديقُ، المناضلُ الوطنيِ، يمثلُ خسارةً كبيرةً لفلسطينَ ولأبناءِ شعبِنا، وإننا لَنشعُر بالحزنِ العميق لفقدانِك، بخاصةٍ في ظلِ هذهِ الظروفِ الصعبةِ التي تواجهُها القضيةُ الفلسطينية.
نفتقدُك ويفتقُدكَ رفاقُكَ وأبناءُ شعِبنا الفلسطينيِ اليوم، فقد كانَ لكَ دورٌ كبيرٌ في رفعِ رايةِ فلسطينَ عالياً في المحافِل العربيةِ والإقليميةِ والدوليةِ كافة، وكانتْ لكَ مساهماتُكَ الأكاديميةُ المقدرة، وكانَ لكَ دورُكَ البارزُ عندما كنتَ عضواً في الوفدِ الفلسطينيِ في مؤتمرِ مدريد للسلامِ في العام 1991، ووزيراً للحكمِ المحلي، وعملِكَ الدؤوبِ رئيساً لدائرةِ المفاوضاتِ التابعةِ لمنظمةِ التحرير، وعضواً في المجلسِ التشريعيِ الفلسطينيِ لدورتينِ متتاليتين، والجميعُ يذكرونَ دورَكَ الهامَ في اللجنةِ المركزيةِ لحركةِ فتح، ورئاسةِ أمانةِ سرِ وعضويةِ اللجنةِ التنفيذيةِ لمنظمةِ التحريرِ الفلسطينية.
في هذه المناسبةِ الأليمةِ أعربُ عنْ أَحَرِّ التعازي والمواساةِ لأسرةِ الفقيدِ الكبيرِ أخي ورفيقِ دربي الدكتور صائب ولآل عريقات وكلِ محبيهِ ولأبناءِ شعبِنا جميعاً.
رَحمِك الله، وجعلَكَ في مقعدِ صدقٍ عنده مع النبيينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحين.
كلمة الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 76 نيويورك 24 أيلول 2021
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد عبد الله شهيد، رئيس الجمعية العامة،
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود،
في هذا العام يَكونُ قد مرَّ على النكبةِ الفلسطينية، 73 عاماً، حيثُ طُردَ أكثرُ من نصفِ الشعبِ الفلسطيني في حينهِ من أرضهِم، وتمَّ الاستيلاءُ على أملاكِهم. وأنا وعائلتي ومثلُنا الكثير، لديْنا صكوكُ ملكيةٍ لهذهِ الأرضِ التي هي أيضاً موثقةٌ في سجلاتِ الأممِ المتحدة. وهذه هي الوثيقة التي لدينا، ولدى الملايين من الفلسطينيين الذين يحملونها إلى الآن، ويحملون مفاتيح بيوتهم حتى الآن. ورُغمَ ذلكَ لم نتمكنْ من استعادتِها، بسببِ القوانينِ الإسرائيليةِ التي تَرفضُ الاعترافَ بقراراتِ الشرعيةِ الدولية، التي تُؤكدُ على حقِ اللاجئِ الفلسطيني في العودةِ إلى وطنِه، واستردادِ أملاكهِ، وجبرِ الضرر، وفقاً للقراراتِ الدوليةِ وبخاصةٍ القرار 194.
وعلى النقيضِ من ذلك، تَقومُ سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي بسنِ القوانينِ وعقدِ المحاكماتِ لطردِ الفلسطينيينَ من حيِ الشيخِ جراح وسلوان في القدس، دونَ وجهِ حق، وهو ما يصفهُ القانونُ الدوليُ بالتطهيرِ العرقي، الأمرُ الذي نرفضُهُ وَيرفضُهُ المجتمعُ الدوليُ باعتبارهِ جريمةً وفقَ القانون الدولي. وفي هذا العام أيضاً يكونُ قدْ مرَّ 54 عاماً على الاحتلالِ العسكري الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينيةِ في الضفةِ الغربية بما فيها القدسُ الشرقيةُ وقطاعِ غزةَ في العام 1967.
ورُغمَ أننا عقْدنا اتفاقَ مبادئَ لصنعِ السلامِ وتبادُلِ الاعترافِ مع إسرائيل في العام 1993، المعروفَ باتفاقِ أوسلو، التزمْنا نحنُ بجميعِ بنودهِ حتى يومِنا هذا، كما وافقْنا على كلِ دعوةٍ جادةٍ أو مبادرةٍ للحلِ السياسي المبني على الشرعيةِ الدولية، بما في ذلكَ مبادرةُ السلامِ العربيةِ للعام 2002، وخارطةُ الطريقِ للعام 2003، إلا أن إسرائيلَ لم تلتزمْ بالاتفاقياتِ الموقعةِ وتهربتْ من الانخراطِ في جميعِ مبادراتِ السلام، وواصلتْ مشروعَها التوسعيَّ الاستعماري، وتدميرَ فُرصِ الحلِ السياسيِ على أساسِ حلِ الدولتين.
ورداً على أولئكَ الذين يَزعمُونَ بأنَّه لا يوجدُ شريكٌ فلسطينيٌ للسلام، وأننا لا نضيعُ فرصةً إلا لكي نضيعَ فرصة، فإنني أتحدى أن يُثبتَ أحدٌ بأننا، ولو مرةً واحدةً، رفضنْا مبادرةً حقيقيةً وجادةً لتحقيقِ السلام، وإنني أقبلُ بشهادةِ العالمِ في ذلك.
أيها السيدات والسادة،
هل تعتقدُ سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي أنَّها تستطيعُ الإفلاتَ من جريمةِ اقتلاعِ أكثرَ من نصفِ الشعب الفلسطيني من أرضهِ وارتكابِ العديدِ من المجازرِ التي ذَبحتْ وقَتلتْ خلالَها الآلافَ من الفلسطينيين في العام 1948، في بلد الشيخ، ودير ياسين، وأبو شوشة، والطنطورة، وعين الزيتون، وقبية وغيرها، والتي تلاها تدميرُ ومسحُ آثار أكثرَ من خمسمائةِ قريةٍ وبلدةٍ وتجمعٍ فلسطيني، وهل تعتَقدُ إسرائيلُ أنها تستطيعُ بكلِ بساطةٍ تجاهلَ الحقوقِ المشروعة، بما فيها السياسيةَ لملايينِ الفلسطينيين في الداخلِ والخارج، أصحابِ هذه الأرضِ وَفي القلبِ منها القدسُ، ومواصلةَ ممارساتِها لسرقةِ أرضهِم وخنقِ اقتصادهِم ومنعهِم حتى من التنفسِ بحرية؟
وهل تعتقدُ إسرائيل، أنها تستطيعُ إلى ما لا نهاية تسويقَ روايةٍ زائفةٍ تتجاهلُ حقَ الشعبِ الفلسطيني التاريخي والحاضرِ في وطنهِ؟ ما تقومُ به سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي من جرائمَ وممارساتٍ عدوانيةٍ ضدَ أبناءِ شعبِنا وأرضِنا ومقدساتِنا، لنْ تُوقفَ نضالَ شعبِنا من أجلِ تَحقيقِ حريتهِ واستقلالهِ على أرضهِ، كما وأنَّ النظامَ الاستعماريَ الذي أنشأتهُ على أرضِنا مآلُهُ إلى زوالٍ طالَ الزمانُ أم قصر. لن نسمحَ لهم بالاستيلاءِ على حياتِنا وقتلِ أحلامِ وآمالِ وطموحاتِ شعبِنا في الحريةِ والاستقلال.
أيها السيدات والسادة، إنَّ ما يُؤسَفُ لَهُ أنْ سياساتِ المجتمعِ الدوليِ وهيئاتِ الأممِ المتحدةِ تجاه حلِ القضيةِ الفلسطينيةِ قد فَشِلتْ جميعُها حتى الآن، لأنَّها لمْ تتمكنْ من محاسبةِ إسرائيل ومساءلتِها وفرضِ عقوباتٍ عليها بسببِ انتهاكاتِها للقانون الدولي، ما جعلَ إسرائيلَ، التي تدعي بأنّها دولةٌ ديمقراطية، تَتَصرفُ كدولةٍ فوقَ القانون.
أيها السيدات والسادة،
لا زالتْ هُناكَ بعضُ الدولِ التي لَمْ تقمْ بالإقرارِ بحقيقةِ أنَّ إسرائيلَ هيَ سلطةُ احتلالٍ وتمييزٍ عنصري وتطهيرٍ عرقي، وبعضُ هذه الدول تَتَفاخرُ بأنهّا تتشاركُ مع إسرائيل بذاتِ القيم، فَعنْ أيِةِ قيمٍ مشتركةٍ يتَحدثون؟ فَعنْ أيِةِ قيمٍ مشتركةٍ يتَحدثون؟ إنَّ هذا الأمرَ أوصلَ إسرائيلَ إلى حدِ الغرورِ والغطرسة، ورفْضِ جميعِ القراراتِ الأمميةِ وضربِهَا عرض الحائط.
في مقابل ذلك فإنَّ هناكَ من يُطالبُ الشعبَ الفلسطينيَ ومؤسساتِه، التي تُؤمنُ بثقافةِ السلامِ وسيادةِ القانون، أن يُقدمَ التفسيراتِ والشروحاتِ، ويُثبتَ أنَّهُ لا يقومُ بالتحريضِ على الكراهيةِ أو تشجيعِ العنف. وعلى سبيلِ المثال، علينا أنْ نَشرحَ ونُبررَ ما يُكتبُ في مناهجِناَ المدرسية، رُغمَ أنها تشرحُ رِوايتَنا وهويتَنا الوطنية، بينما لا يُطالبُ أحدٌ بالاطلاعِ على المناهجِ والإعلامِ الإسرائيلي، ليرى العالمُ التحريضَ الحقيقيَ الذي تَقومُ بهِ المؤسساتُ المختلفةُ في إسرائيل؟ إننا نرفضُ مثلَ هذهِ المعاييرِ المزدوجة، إننا نرفضُ هذهِ المعاييرِ المزدوجة.
ولماذا علينا أنْ نُوضحَ ونبرِرَ توفيرَ الرعايةِ لعائلاتِ الأسرى والشهداءِ الذين همْ ضَحايا الاحتلالِ وممارساتِهِ القمعية؟ لا يُمكن، أيها السيداتُ والسادة، أنْ نتخلى عن أبناءِ شعبنا، وسنواصلُ العملَ حتى إطلاقِ سراحِ أسرانا جميعاً. وتحية هنا لهبة الأسرى، تحية لهبة الأسرى. فإذا اندحرَ الاحتلال، لن يكونَ هناك قضيةُ أسرى. كما وأنني أتساءل، وأخاطبُ الضمائرَ الحية في هذا العالم، هل هناكَ في هذا الكون من يعاقبُ الجثامِينَ ويمنعُ الأهلَ من دفنِها، إلاّ مَنْ افتقدَ الأخلاقَ والإنسانية؟.
فإلى متى سَيستمرُ هذا الظلمُ التاريخيُ لشعبِنا، وهلْ تَعتقدُ الدولُ التي تدعمُ إسرائيل، بتقديمِ المزيدِ من المالِ والسلاحِ الذي تستخدمُهُ لإطالةِ أمدِ احتِلالِها وقتلِ الفلسطينيين، والسكوتِ على سياساتِها العدوانية، وحصارِ الفلسطينيينَ وخنقِ أنفاسهِم، هل تعتقد أنَّها بذلكَ ستأتي بالأمنِ والسلامِ للشعبِ الإسرائيليِ، وبالاستقرارِ في المنطقة؟ الجوابُ، قطعاً لا، وأقولُها بملءِ الفيه لا.
ماذا تُريدونَ من الشعبِ الفلسطيني؟ لقد التزمْنا بكلِ ما طُلبَ منا وِفقَ قراراتِ الشرعيةِ الدولية، وضغطْنا على شعبِنا وعلى أنفسِنا لتحملِ الألمِ في انتظارِ الأمل، فماذا كانت النتيجة؟ لقد أثبتتْ أحداثُ التاريخِ طوالَ العقودِ الماضيةِ عدمَ صوابيةِ هذه السياساتِ الدوليةِ تجاهَ إسرائيل.
السيدات والسادة،
في إطار تمتينِ جَبهتِنا الداخلية، نُؤكدُ مجدداً أن منظمةَ التحريرَ الفلسطينيةِ هي الممثلُ الشرعيُ والوحيدُ لشعبِنا الفلسطينيَ، وأننا نَحرصُ على وحدةِ شعبِنا وأرضِنا، والذهابِ إلى انتخاباتٍ عامةٍ ورئاسيةٍ ومجلسٍ وطني بمجردِ ضمانِ تنظيمِها في القدسِ حسبَ الاتفاقياتِ الموقعة، ونَدعو المجتَمعَ الدوليَ لمساعدتِنا في الضغطِ على حكومةِ الاحتلالِ لتنظيمِ هذه الانتخاباتِ في القدس، حيثُ لا يُعقلُ أنْ نبقى بدونِ انتخابات. وأقول هنا أننا لم نلغي الانتخابات، إنما أجلناها بسبب عدم إجراء الانتخابات في القدس. إلى حينِ تحقيقِ ذلكَ، فإننا سنواصلُ السعيَ من أجلِ توفيرِ الشروطِ اللازمةِ لتشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ ناجحة، حتى نَتمكنَ من مساعدةِ أبناءِ شعبِنا في كل مكان، وتنفيذِ عمليةِ إعادةِ الإعِمار في قطاعِ غزة، الأمرُ الذي يتطلبُ وقفاً كاملاً وشاملاً للعدوانِ في كلِ مكانِ على أرضِ دولةِ فلسطين.
ويُسعدُنا أنْ نُؤكَّدَ أنَّ الأشهرَ القادمةَ سَتشهدُ تنظيمَ الانتخاباتِ البلديةِ في الأراضيِ الفلسطينية وِفقَ القانون، وستتواصلُ الانتخاباتُ لجميعِ الاتحاداتِ والنقاباتِ والجامعاتِ التي شَرعْنا فعلا فيها منذُ حين.
السيدات والسادة،
على صعيدِ بناءِ مؤسساتِ الدولة، نُؤكدُ أنَّ لدينا دولةً كاملةَ البنيان، مؤسساتُها تعملُ وِفقَ سيادةِ القانونِ والمحاسبةِ والشفافيةِ والديمقراطيةِ والتعدديةِ واحترامِ حقوقِ الإنسان وتمكينِ المرأةِ والشباب، وقد نَجحْنا في الانضمام لأِكثرَ مِنْ 115 منظمةِ ومعاهدةِ دوليةِ بهدفِ الدفاعِ عن حقوقِ شعبِنا، وتعزيزِ القوانينِ والنظمِ الفلسطينية، بما فيها حقوقُ الإنسان. وسنستمر في العمل على الانضمام للمنظمات الدولية، وما تبقى فيها وهي أكثر من 500 من المنظمات المعروفة في الأمم المتحدة.
وقد بَادرْنا للعملِ المشتركِ مع المنظماتِ الحقوقيةِ والأهليةِ الفلسطينية من أجلِ الحفاظِ على هذه الإنجازاتِ الوطنيةِ وترشيدِ وتصويبِ عملِ المؤسساتِ على أساسِ الاحتكامِ للقانون.
لقد أصدرتُ التعليماتِ لاتخاذِ الإجراءاتِ من أجلِ تلافي أيةَّ أخطاء، ومواصلةِ احترامِ سيادةِ القانونِ وحريةِ التعبيرِ وحقوقِ الإنسانِ كنهجٍ نتمسكُ بهِ في بلادِنا.
كما وأجددُ التأكيدَ للمجتمعِ الدوليِ بأننا مُلتزمونَ بالعملِ السياسيِ والحوارِ طريقاً لتحقيقِ السلام، وتكريسِ المقاومةِ الشعبيةِ السلمية، ومكافحةِ الإرهابِ بكلِ أشكالهِ ومصادرهِ في منطقتِنا والعالم. نحن لدينا أكثر من 83 اتفاقية مع دول العالم لمحاربة الإرهاب العالمي.
السيدات والسادة،
أودُ الإشارةَ هنا في سياقٍ مختلف، إلى حوارِنا البناءِ الذي يجري حالياً مع الإدارةِ الأمريكيةِ لاستعادةِ العلاقاتِ الفلسطينيةِ الأمريكية، ووضعِ خطواتٍ تَضمنُ التزامَ سلطةِ الاحتلالِ بالاتفاقياتِ الموقعة. نحنُ من جانبِنا سنسعى لإنجاحِ ذلكَ بهدفِ خلقِ أجواءٍ تَسمحُ بالانتقالِ بأسرعَ وقتٍ ممكنٍ إلى الحلِ السياسيِ الدائمِ الذي يُنهي الاحتلالَ الإسرائيليَ لبلادِنا.
إلاّ أنَّ تَهربَ الحكومةِ الإسرائيليةِ الحاليةِ والسابقة من الحلِ السياسيِ القائمِ على حلِ الدولتينِ وِفقَ الشرعيةِ الدولية، بمواصلةِ الاحتلالِ والسيطرةِ العسكريةِ على الشعبِ الفلسطيني، وطرحِ مشاريعَ اقتصاديةٍ وأمنيةٍ بديلةٍ واهية، هي مخططاتٌ أحاديةُ الجانبِ لَنْ تحققَ الأمنَ والاستقرارَ لأحد، لأنّها تُعيقُ جهودَ السلامِ الحقيقيِ وتطيلُ أمدَ الاحتلالِ، وتكرسُ واقعَ الدولةِ الواحدةِ العنصرية.
أيها السيدات والسادة،
لَقدْ وصلْنا إلى مواجهةٍ معَ الحقيقةِ مع سلطةِ الاحتلال، وَيبدو أننا على مفترقِ طرق، أقولُ إنّهُ قَدْ طفحَ الكيل، فالوضعُ أصبحَ لا يُحتمل، وغيرَ قابلٍ للاستمرار، ولَمْ يَعدْ شعبُنا يحتملُ المزيد.
لقدْ ناضلتُ طوالَ حياتي من أجلِ صنعِ السلام، واتْبعتُ الطرقَ السلميةَ والقانونيةَ والدبلوماسيةَ والعملَ في المحافلِ الدولية. مددْنا أيدينا مراراً للسلامِ، ولا نجدْ شريكاً في إسرائيل يؤمنُ ويقبلُ بحلِ الدولتين.
ولم يَعْد قادةُ إسرائيل اليوم، يَشعرونَ بأيِ حرجٍ وهم يتنكرونَ بكلِ صلفٍ لهذا الحل، الذي أجمعَ ويجمعُ عليهِ المجتمعُ الدولي. ولذلكَ، فإنني أحذرُ من أنَّ تقويضَ حلِ الدولتينِ القائمِ على الشرعيةِ الدولية، سيفتحُ الأبوابَ واسعةً أمامَ بدائلَ أخرى سَيفرضُها علينا جميعاً الواقعُ القائمُ على الأرض، في ظلِ عدمِ إنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيليِ لدولتنا، وفي ظلِ عدمِ حلِ مشكلةِ 7 مليون لاجئٍ فلسطيني، اقتُلعوا من أرضِهم في العامِ 1948، وفي ظلِ السرقةِ المنظمةِ للأرضِ الفلسطينية، وجرائمِ الاحتلال وهدمِ المنازلِ كوسيلةِ قهرٍ وعقابٍ جماعي، وكذلك عملياتِ القتلِ، واعتقالِ الآلافِ، ومنهم النساءُ والمرضى والأطفالُ القصر، ومواصلةِ الحصارِ الجائرِ لقطاعِ غزة، والقيامِ بعملياتِ الضمِ تحت مسمياتٍ مختلفةٍ، منها مشروعُ التسويةِ الذي اخترعوه الآن في مدينة القدس، والذي نرفضه رفضاً قاطعاً، هذا إضافةً لجريمةِ محاولاتِ طردِ السكانِ الفلسطينيين من أرضِهم، في عمليةٍ منظمةٍ للتمييزِ العنصري والتطهيرِ العرقي يقومُ بها الاحتلال، في ظلِ غيابِ رادعٍ دوليٍ لإسرائيل.
إنَّ شعبَنا لَنْ يُسلَّمَ بواقعِ الاحتلالِ وممارساتِه غيرِ الشرعية، وسيواصلُ نضالَهُ للوصولِ إلى حقوقهِ في تقريرِ المصير، والبدائلُ أمامَ شعبِنا مفتوحة، بما فيها خيارُ العودةِ لحلٍ يستندُ إلى قرارِ التقسيمِ رقم 181 للعام 1947، الذي يُعطي دولة فلسطين 44 % من الأرض، وهي ضعفُ مساحةِ الأرضِ القائمةِ على حدودِ العام 1967، ونُذكرُ الجميعَ أنَّ إسرائيلَ كانتْ قد استولت بالقوةِ العسكريةِ على نصفِ الأرضِ المخصصةِ للدولةِ الفلسطينيةِ في العام 1948، وهو حلٌ أيضاً مُتوافِقٌ مع الشرعيةِ الدولية.
وفي حالِ مواصلةِ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيليِ تكريسَ واقعِ الدولةِ العنصريةِ الواحدة، كما يَجري اليوم، فإنَّ شعبَنا الفلسطيني، والعالمَ بأسرِه، لنْ يقبلَ بذلك، وسَتفرِضُ المعطياتُ والتطوراتُ على الأرضِ الحقوقَ السياسيةَ الكاملةَ والمتساويةَ للجميع على أرض فلسطين التاريخية، في دولةٍ واحدة. وفي كلِ الأحوال، على إسرائيل أن تختار. هذه هي الخيارات أمامها، وعليها أن تختار.
السيدات والسادة،
لقدْ ضمِنَ القانونُ الدوليُ احترامَ الحقِ في الحياةِ الحرةِ والكريمة، ودعا الدولَ لاتخاذ الإِجراءاتِ اللازمةِ لحمايةِ وكفالةِ هذا الحق، باعتبارِ أنَّ الحمايةَ تشكلُ عنصراً حاسماً في الحفاظِ على السلامِ والأمنِ والاستقرارِ والتنمية.
ومن هنا، أدعو السيدَ أنطونيو غوتيريش، الأمينَ العام للأممِ المتحدةِ، للعملِ بقراراتِ الأممِ المتحدةِ الخاصةِ بالحمايةِ، وآخرُها القرارُ الصادرُ عن الجمعيةِ العامةِ، في جلستِها الاستثنائيةِ الطارئةِ، في يونيو 2018، تحتَ صيغةِ "متحدونَ من أجلِ السلم"، لوضعِ ما يلزُم لتشكيلِ
آليةٍ دوليةٍ للحماية، كما وردَ في تقريرِه الصادرِ في أغسطس 2018 لتفعيلِ هذه الآليةِ على حدودِ الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلةِ في العام 1967، بما فيها القدسُ، لتوفيرِ الحمايةِ الدولية.
وبالتوازي مع تأمينِ آليةِ الحمايةِ الدولية، ووِفقَ ما جاءَ في نفسِ القرارِ أعلاه، أطالبُ الأمينَ العامَ بالدعوةِ لمؤتمرٍ دوليٍ للسلام، وِفقَ المرجعياتِ الدوليةِ المعتمدة، وقراراتِ الأممِ المتحدة، ومبادرةِ السلامِ العربيةِ وتحت رعايةِ الرباعيةِ الدولية، فقط وليس غيرها.
السيدات والسادة،
وحتى لا تبقىَ مبادرتُنا هذهِ دونَ سقفٍ زمني، نَقولُ إنَّ أمامَ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيليِ عامٌ واحدٌ لتنسحبَ من الأراضيِ الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ العام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية، ونحنُ على استعدادٍ للعملِ خلالَ هذا العامِ على ترسيمِ الحدودِ وإنهاءِ جميعِ قضايا الوضعِ النهائيِ تحتَ رعايةِ اللجنةِ الرباعيةِ الدولية، وفقَ قراراتِ الشرعية الدولية. وفي حالِ عدمِ تحقيق ذلِك، فلماذا يبقى الاعترافُ بإسرائيل قائماً على أساسِ حدودِ العامِ 1967؟ لماذا يبقى هذا الاعتراف؟
من ناحيةٍ أخرى، سنتوجهُ إلى محكمةِ العدلِ الدولية، باعتبارِها الهيئةَ الأعلى في القضاءِ الدولي، لاتخاذِ قرارٍ حول شرعيةِ وجودِ الاحتلالِ على أرضِ دولةِ فلسطين، والمسؤولياتِ المترتبةِ على الأممِ المتحدةِ ودولِ العالمِ إزاءَ ذلك. وسوفَ يتَوجبُ على الجميعِ التقيدُ بنتائجَ ما سيصدرُ عنِ المحكمةِ بهذا الصدد، فالاستعمارُ والأبارتهايد محظورانِ في القانونِ الدولي، وهما جرائمُ يجبُ مواجهتُها، ومنظومةٌ يجبُ تفكيكُها.
إنّ قبولَ المجتمعِ الدولي ومُساعدتَهُ لتطبيقِ هذهِ المبادرةِ المستندةِ للشرعيةِ الدولية، قدْ يُنقذُ المنطقةَ مِنَ الذهابِ إلى المصيرِ المجهول. لدينا جميعاً فُرصةٌ للعيشِ في أمنٍ وسلام، في حسنِ جوار، كلٌ في دولتِهِ، وإنّ التأخيرَ في تطبيق هذهِ الخطواتِ سَيُبقي المنطقةَ في حالةٍ من التوترِ وعدم الاِستقرارِ الذي لا تُحمدُ عُقباه. هَلْ يَحلمُ حكامُ إسرائيل ببقاءِ الاحتلالِ إلى الأبد؟ هل يريدون هذا الاحتلال للأبد؟
السيدات والسادة،
لماذا يجَبُ أن يستمرَ الفلسطينيُ بالعيشِ، إمّا تحتَ الاحتلالِ الإسرائيليِ العنصري، أو كلاجئٍ في دولِ الجوار؟ أليس هناك خيارات أخرى، كالحرية مثلا؟ إن الفلسطينيُ في كلِ مكانٍ إنسانٌ مبدعٌ وخلاق، ويتمتعُ بالنشاطِ والحيوية، والعالمُ كُلهُ يَشهدُ بذلك، ويستحقُ أنْ يعيشَ حراً في وطنه.
ومن هذا المنبر، أدعو أبناءَ وبنات شعبِنا الفلسطيني في كلِ مكانٍ في هذا العالمِ لمواصلةِ عملِهم الشعبيِ السلميِ الرائعِ والدؤوبِ الذي أظهرَ الصورةَ الحقيقيةَ للشعبِ الفلسطينيِ المناضلِ لنيلِ حريتهِ واستقلالهِ بمقاومةِ الاحتلالِ والتمييزِ العنصري.
التحيةُ لكلِ أبناءِ شعبِنا في كلِ مكانٍ، ولكلِ الشعوبِ والدولِ التي تضامنتْ مع شعبِنا في هبةِ القدس، وهبةِ الأسرى، وضدَ الاعتداءاتِ الوحشيةِ التي أودتْ بحياةِ المئاتِ ودمرتْ وشردتْ الآلافِ من أبناءِ شعبنا في الضفةِ والقدسِ وقطاع غزةَ.
كما وأُحيي كلَ من شاركَ في التظاهراتِ التي خَرجتْ في الولاياتِ المتحدة وأوروبا وفيِ كلِ مكانٍ في العالم، مطالبةً بإنهاءِ الاحتلالِ والأبارتهايد والتطهيرِ العرقي، وداعيةً للعدالةِ والحريةِ وتقريرِ المصيرِ لشعبنا، وهي بدايةُ صحوةٍ نحوَ التعرفِ على الروايةِ الفلسطينيةِ الحقيقيةِ التي أدعو الجميعَ لمواصلةِ شرحِها والدفاعِ عنها، وعن حقِ الفلسطينيِ في الحياةِ والمساواةِ والدولة.
إنّ انتقادَ الممارساتِ العدوانيةِ للاحتلالِ الإسرائيليِ والمستوطنين، والروايةِ الصهيونيةِ بشكل عام، لا يُعتبرُ بأي حال من الأحوال عملاً تحريضياً أو معادياً للسامية، إنما هو واجبٌ على كلِ حرٍ في هذا العالم.
وفي هذهِ الأثناء، أتوجهُ إلى المجتمعِ الدوليِ بالشكرِ والتقديرِ على الدعمِ السياسيِ والماديِ لشعبِنا لبناءِ مؤسساتهِ واقتصادهِ الوطني، ولكنَّ الوقتَ قد حانْ لاتخاذِ خطواتٍ تبعثُ الأملَ، وتُنهي الاحتلالَ الإسرائيليَ لأرضِنا وشعبِنا، وترسي أسسَ العدالةِ والسلامِ في منطقتِنا، وهنا أتساءلُ، ما الذي يمنعُ الدولَ التي تعترفُ بإسرائيلَ أنْ تعترفَ بدولةِ فلسطين، ما دامتْ تعترفُ بحلِ الدولتين؟
وأقولُ لقادةِ إسرائيل، لا تقهروا الشعبَ الفلسطينيَ وتضعوهُ في الزاويةِ وتحرموهُ من كرامتهِ وحقهِ في أرضهِ ودولتهِ، لأنكمْ بذلكَ ستدمرونَ كلَ شيء، ولصبرِنا وصبرِ شعبِنا حدود.
وأجددُ التأكيدَ هنا بأنَّ الشعبَ الفلسطينيَ سيدافعُ عنْ وجودهِ وهويتهِ، لنْ يَركع، ولنْ يَستسلم، ولنْ يَرحل، وسيبقى على أرضهِ يدافعُ عنها، ويدافعُ عن مصيرِه، وسيواصلُ مسيرَته العظيمةَ حتى إنهاءِ الاحتلال عن أرضِ دولةِ فلسطينِ وعاصمتُها القدسُ الشرقية.
ونجددُ القول: هذهِ أرضُنا، وهذهِ قدسُنا، وهذه هويتُنا الفلسطينية، سندافعُ عنها إلى أنْ يرحلَ المحتلُ عنها، لأنَّ المستقبلَ لنا، والأمنَ والسلامَ لنْ يكُونَ لكُمْ وحَدّكُم. حلو عنا.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس المسجلة في افتتاح المؤتمر العلمي المحكم الأول الرواية "الصهيونية ما بين النقض والتفكيك" 29 حزيران 2021
الأخواتُ والإخوة، الباحثونَ والمشاركون،،،
يَنعقدُ مؤتمرُكُم هذا، في الوقت الذي يَشهدُ الرأيُ العامُ الدوليُ تحولاً تدريجياً للإقرارِ بالروايةِ الفلسطينية، وبخاصةٍ في الولاياتِ المتحدةِ وأوروبا، وهي الدولُ التي أنشأتْ وساهمتْ ومولتْ دولةِ إسرائيل، بل ودافعتْ عن وجودِها وتفوقِها بشكلٍ دائمٍ ولا زالت تتهمُ كلَ من ينتقدُ إسرائيلَ بمعاداةِ السامية، ومن أجلِ ذلكَ قامتْ هذه الدولُ بسنِ القوانينِ لضمانِ ذلك.
أما اليومَ فتشهدُ غالبيةُ المدنِ الأمريكيةِ والأوروبيةِ نشاطاً جماهيرياً واسعاً، بمشاركةِ جالياتِنا الفلسطينيةِ المدعومةِ من المنظماتِ الشعبيةِ المناهضةِ للاحتلالِ والعنصريةِ والتطهيرِ العرقي في تلك البلاد، وبالذات بعد هبّةِ القدسِ وفعالياتِ المقاومةِ الشعبيةِ السلميةِ التي يواصلُها شعبُنا لحمايةِ المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحية، وبخاصةٍ المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.
وكذلكَ عندَ التصدي لمحاولاتِ تهجيرِ أهلِنا من مدينةِ القدسِ وطردِهم من أحيائِها وبخاصةٍ الشيخ جراح وسلوان وغيرها، من خلالِ الاعتداءاتِ الإجراميةِ للمستوطنينَ الذين يُنادون بقتلِ العرب، وبحمايةِ قواتِ الاحتلالِ الإسرائيلي، وما جاءَ بعدَها من اعتداءاتٍ وحشيةٍ على قطاعِ غزة، وسقوطِ المئاتِ من الشهداءِ غالبيتُهم من الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ العزل، وتدميرِ آلافِ المنازلِ وتشريدِ ساكنيها إلى المجهول.
لقد أصبحتْ هناكَ قناعاتٌ وتحولاتٌ في الرأيِ العامِ الشعبيِ العالميِ وعلى صعيدِ البرلماناتِ نحوَ إعادةِ الاعتبارِ للروايةِ الفلسطينية، وهذا الأمرُ يَحتاجُ إلى مواصلةِ العملِ والحشدِ للوصول لصناعِ القرارِ في جميعِ هذه العواصمِ للتأكيدِ على أصالة شعبِنا الفلسطيني وحقهِ في أرضهِ وأرضِ أجدادهِ وتحقيقِ الاستقلالِ في دولتِه ذاتِ السيادةِ بعاصمتِها القدس.
إنني أُحيي الجهودَ المبذولةَ لعقدِ هذا المؤتمِر الذي يُفندُ وينقضُ الروايةَ الصهيونيةَ التي تزيفُ الحقيقةَ والتاريخ، والتي تؤكدُ جميعُ الوثائقِ والأبحاثِ أنها صناعةٌ استعمارية.
لقد خَطَّطوا ونَفذّوا وموَّلوا لزرعِ إسرائيلَ كجسمٍ غريبٍ في هذهِ المنطقةِ لتفتيتِها وإبقائِها ضعيفة، وقامتْ قوى الاستعمارِ في القرنينِ التاسعِ عشر والعشرين، بتنظيمِ هجرةِ اليهودِ إلى فلسطينَ بعدَ إصدارِ وعدِ بلفور، الذي صاغته كل من أمريكا وبريطانيا، وفرضته في صكِ الانتدابِ البريطاني وميثاق عصبة الأمم، وصولاً لإصدارِهم قرارِ التقسيمِ رقم 181 عام 1947، واعترافِهم بدولةِ إسرائيل، ومواصلةِ العملِ على حمايتِها، الأمرُ الذي تسببَ بتهجير أكثرَ من نصفِ أصحابِ الأرضِ الأصليينَ منَ الفلَسطينيين، والذينَ أصبحوا أكثر من 6.5 مليون لاجئ.
وعلى الرُغمِ من قبولنِا بتسويةٍ تاريخيةٍ مؤلمةٍ بالاعترافِ بدولةِ إسرائيل على حدودِ العام 1967، وفقَ قراراتِ الأممِ المتحدة 242، 338، وتوقيعِ اتفاقِ أوسلو في العامِ 1993، فقدْ نقضتْ إسرائيلُ هذهِ الاتفاقيات، واستمرتْ في عملياتِ سرقةِ الأراضي وإنشاءِ المستوطناتِ وخلقِ نظامِ فصلٍ عنصريٍ وتطهيرٍ عرقيٍ بالقوةِ العسكرية.
الأخوات والإخوة،،،
لقد أثبتتْ الأحداثُ وهبّةُ القدسِ الأخيرةُ أنَّ الشعبَ الفلسطينيَ في جميعِ أماكنِ تواجدهِ هو شعبٌ أصيلٌ يعتزُ بانتمائهِ وهويتهِ الفلسطينية.
وكما يعلمُ الجميعُ فإننا أفشلْنا ما يُعرفُ بصفقةِ القرن، وظهرَ جلياً للجميعِ أنّ ما يُسمى باتفاقياتِ أبراهام التطبيعيةِ هي وهمٌ لَنْ يُكتبَ له النجاح، وأن السلامَ والأمنَ لن يتحققَا إلا بنهايةِ الاحتلالِ ونيلِ الشعبِ الفلسطيني حقوقه بالحريةِ والاستقلالِ والدولةِ بعاصِمتها القدس.
الأخواتُ والإخوة،،،
لقد بدأَ العالمُ يرى إسرائيلَ على حقيقتِها، دولةَ احتلالٍ وفصلٍ عنصري، وأنا على ثقةٍ أنّ مساهمةَ الباحثينَ والمشاركينَ في هذا المؤتمرِ سيكونُ لها أثرٌ هامٌ لتوضيحِ وشرحِ حقيقةِ الأساطير والرواياتِ الكاذبةِ لهذا المشروعِ الصهيوني، الذي صنعتْهُ دولُ الغربِ لأهدافٍ استعماريةٍ بحته.
وبهذه المناسبةِ، أُؤكدُ لكمْ بأنّنا نفتخرُ بشعبِنا الفلسطينيِ الصامدِ على أرضهِ وفي مخيمات اللجوء، وبكلِ شعبنا الفلسطينيِ وجالياتِنا في الشتاتِ الذين يقومونَ بعملٍ تاريخيٍ وكبيرٍ لتأكيد الحقائق وكشف الأكاذيب ولدعمِ شعبهمِ وحقهمِ في دولتِهم المستقلِة بعاصمتِها القدس.
تحية تقديرٍ واعتزاز للشعوبِ والمنظماتِ والبرلماناتِ والدولِ التي تقف إلى جانبِنا لتثبيتِ حقنا، تحية لأهلنا المرابطين في القدس، تحية لأهلنا الصامدين في مخيماتِ اللجوءِ في الوطنِ والشتات، تحية إكبارٍ لشهدائِنا ولأسرانا وجرحانا البواسل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس المسجلة أمام الجلسة الطارئة للبرلمان العربي 19 أيار 2021
السيدات والسادة أعضاء البرلمان العربي
أُحييكمْ وأُحيي منْ خلالِكمْ جماهيرَ أُمتنا العربية، وأُقدّرُ الجهودَ المباركةَ التي يقومُ بها البرلمانُ العربيُ لدعمِ نضالِ شعبِنا الفلسطينيِ في المحافلِ العربيةِ والإقليميةِ والدوليةِ ومؤسساتِها البرلمانيةِ بشكلٍ خاص، ومتابعةِ تطوراتِ القضيةِ الفلسطينيةِ أولاً بأولَ منْ خلالِ وضعِ بندِ (القضية الفلسطينية) كبندٍ دائمٍ في اجتماعاتِ البرلمانِ العربي.
هذه الجلسةُ الطارئةُ التي تعقدونها حولَ الجرائمِ والانتهاكاتِ المُستمرةِ لدولةِ الاحتلالِ الإسرائيليِ في القدسِ المحتلةِ بما فيها المسجدُ الأقصى المبارك وكنيسةُ القيامة وحيُ الشيخِ جراح وغيره، وإرهاب قطعانِ المستوطنينَ وجرائم العدوانِ الإسرائيليِ في قطاعِ غزةَ والضفةِ الغربية، هي تعبيرٌ واضحٌ عنِ اهتمامكم، وعنْ دورِكم المتميزِ في الساحةِ العربية.
تَحِلُّ هذهِ الأيام الذكرى الثالثةُ والسبعون لنكبةِ فلسطين، وتشريد مئاتِ آلافِ الفلسطينيينَ منْ بيوتِهمْ وقُراهمْ ومُدنِهمْ عام 1948، والذينَ أصبحَ عددُهم اليومَ يزيدُ عن ثلاثةَ عشرَ مليوناً، أكثرُ منْ نصفِهمْ لاجئونَ ونازحونَ، سواءً في داخلِ فلسطينَ أو في الشتات.
تأتي هذه الذكرى الحزينةُ مترافقةً معَ عدوانٍ إسرائيليٍ وحشيٍّ على الشعبِ الفلسطينيِ في القدسِ والضفةِ الغربيةِ وقطاعِ غزة، ومعَ توسعٍ استيطانيٍ مسعور، وممارساتٍ إرهابيةٍ للمستوطنينَ ومصادرةٍ همجيةٍ للأراضي منْ أصحابِها الفلسطينيين، فضلاً عنْ هدمِ بيوتِهمْ ومنازلِهمْ ومزارعِهم، وأعمالِ القتلِ والاعتقالِ التي يعتبرُها القانونُ الدوليُ جرائمَ حربٍ وتمييزاً عنصرياً وإبادةً جماعيةً وتطهيراً عرقياً للشعبِ الفلسطيني.
هذهِ الأعمالُ العدوانيةُ البشعةُ تركَّزتْ في القدسِ بشكلٍ خاصٍ خلالَ السنواتِ الأخيرة، وبخاصةٍ بعدَ طرحِ ما يسمى بصفقةِ القرنِ منْ قِبلِ الإدارةِ الأمريكيةِ السابقة، التي قررتْ نقلَ السفارةِ الأمريكيةِ منْ تل أبيب إلى القدس، واعتبارَها العاصمةَ الموحدةَ لإسرائيل، وهو ما رفضناه ولا زلنا نرفضُه جُملةً وتفصيلاً، ويرفضُه معَنا المجتمعُ الدولي، فضلاً عنِ الدولِ العربيةِ والإسلامية.
أيها الأخوة والأخوات:
إنَّ القدسَ هي جوهرُ الهُويةِ الوطنيةِ الفلسطينية، فضلاً عنْ كونِها جزءاً منْ هُويتِنا الدينيةِ والتاريخية، وهُويةِ الأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ كلِها، وبدونِها لنْ يكونَ هناكَ سلامٌ ولا أمنٌ ولا استقرارٌ ولا اتفاق، لا نقولُ هذا بينَنا وبينَ أنفسِنا فقط، بل قُلناه ونقولُه لكلِ العالم، حتى يعرفَ الجميعُ ثوابتَنا التي لا يمكنُ أنْ نحيدَ عنها أو نتهاونَ في حقِها.
وها هي القدسُ تُثبتُ مرةً أخرى أنها هي الأساسُ الذي يجتمعُ عليهِ الشعبُ الفلسطيني، وتلتفُ حولَه جماهيُر أمتِنا العربيةِ والإسلامية، هي دُرةُ التاجِ التي لا قيمةَ لشيءٍ بدونِها، وهي عاصمةُ دولةِ فلسطينَ الأبديةُ التي لا يمكنُ أنْ نرضى عنها بديلاً، وهي مِفتاحُ السلامِ والأمنِ والاستقرارِ في منطقتِنا وفي العالم.
السيدات والسادة
لقدْ قلنا مراراً وتكراراً إننا نُريد السلام؛ السلامَ العادلَ والشاملَ وفقَ قراراتِ الشرعيةِ الدولية، وعلى أساسِ مبادرةِ السلامِ العربيةِ التي أقرتْها القممُ العربيةُ المتعاقبةُ منذُ قمةِ بيروت عام 2002، هذه المبادرةُ التي تحاولُ دولةُ الاحتلالِ التنكرَ لها، وتجاوزَ مضمونِها الذي نتمسكُ بهِ نصاً وروحاً، والذي يقومُ على تطبيقِ المبادرةِ منَ الألفِ إلى الياء، وليس العكس، أي الانسحابُ الإسرائيليُ الكاملُ منْ جميعِ الأراضي الفلسطينيةِ والعربيةِ التي احتُلتْ عام 1967 أولاً، ثم البحثُ في أيةِ قضايا تخصُ العلاقةَ معَ إسرائيلَ بعدَ ذلك، وليسَ العكس.
السيدات والسادة:
إنَّ ما تقومُ بهِ دولةُ الاحتلالِ الآن في قطاعِ غزةَ منْ اعتداءاتٍ وحشيةٍ على المدنيين، وقصفٍ متعمدٍ للبيوتِ والمنشآت، وتدميرِها على رؤوسِ سكانها، وتدميرٍ للبنيةِ التحتية، وقتلٍ للأطفالِ والشيوخِ والنساء، هو إرهابُ دولةٍ منظمٌ تمارسُهُ دولةُ الاحتلالِ الإسرائيلي، وجرائمُ حربٍ يُعاقبُ عليها القانونُ الدولي، ولنْ نتهاونَ في مُلاحقةِ مرتكبي هذهِ الجرائمِ أمامَ المحاكمِ الدولية.
إنَّ عَملَنا مُنصبٌ اليومَ على وقفِ العدوانِ الإسرائيليِ على شعبِنا في القدسِ والضفةِ الغربيةِ وقطاعِ غزة، ومنْ ثَمَّ الدخولُ في عمليةٍ سياسيةٍ جدية، وبمرجعيةٍ دوليةٍ واضحة، تُفضي إلى إنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيليِ لأرضِ دولةِ فلسطين بما فيها القدسُ الشرقيةُ عاصمتُنا المقدسة، وحلٍ عادلٍ وشاملٍ ومتفقٍ عليه لقضيةِ اللاجئينَ وفقَ القرار 194، منْ أجلِ تحقيقِ سلامٍ عادلٍ وشاملٍ في المنطقة، وقدْ أَبلغْنا الإدارةَ الأمريكيةَ الجديدةَ استعدادَنا الكاملِ للعملِ معَها في إطارِ اللجنةِ الرباعيةِ الدوليةِ وفقاً لذلك، فنحنُ طُلابُ سلامٍ لا طلابَ حرب، لكننا في الوقتِ نفسِه لا يمكنُ أنْ نفرطَ بأيٍ منْ حقوقِ شعبِنا وأمتِنا، وبالذاتِ في مدينةِ القدس.
ولعلكْم تعلمونَ أيها السيداتُ والسادةُ أننا سبَقَ أنْ أَجَّلْنا إجراءَ الانتخاباتِ التي كانتْ مقررةً بتاريخ 22/5/2021 بسببِ القدس، حيثُ قلنا منذُ البدايةِ إنه لا انتخاباتٍ بدونِ القدسِ مهما كانَ الثمن، لأنَّ القدسَ أهمُ منْ كلِ شيء، ولأنَّ إجراءَ الانتخاباتِ بدونِها لا يعني سوى التسليمِ بصفقةِ القرن، وبأنَّ القدسَ عاصمةٌ موحدةٌ لإسرائيل، كما يزعمون، فهل فينا منْ يمكنُ أنْ يقبلَ بذلك؟ لا والله لنْ يكون!
لكنني أُعلن أمامكمْ ما قلتُه سابقاً، أنَّ جهودَنا منْ أجلِ إجراءِ الانتخاباتِ العامةِ سوفَ تستمر، وسوفَ نُجريها بإذنِ اللهِ فورَ إزالةِ الأسبابِ التي أدتْ إلى تأجيلِها، أي عندما نتأكدُ أننا سَنُجريها في كلِ أرضِ دولةِ فلسطينَ وفي المقدمةِ منها بالطبعِ مدينةُ القدس.
كما أؤكدُ أمامكمُ استعدَادَنا لتشكيلِ حكومةِ وفاقٍ وطنيٍ تلتزمُ بالشرعيةِ الدوليةِ وتكونُ مقبولةً دولياً.
تحيةً لأسرانا البواسل، تحيةً لأبناءِ شعبِنا الصامدينَ المرابطينَ في بيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدس، وتحيةً لأبناءِ أمتِنا العربيةِ والإسلامية، ولكلِ أحرارِ وشرفاءِ العالمِ الذينَ يقفونَ معَنا في نضالِنا المشروعِ منْ أجلِ حريتِنا واستقلالِنا.
تحيةً للشهداءِ الذين سَقطوا دفاعاً عنْ أهدافِ شعبِنا الفلسطينيِ وأمتِنا العربية.
كلمة الرئيس محمود عباس لأبناء شعبنا في القدس وفي كل مكان حول اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال في القدس 7 أيار 2021
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
صدق الله العظيم
يا أبناء شعبنا العظيم في القدس وفي كل مكان، أحي وقفتهم الشجاعة في الدفاع عن القدس، عاصمتنا الأبدية بكافة أحيائها، ودفاعهم عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وعن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والشيخ جراح بشكل خاص.
أؤكد لكم أيها الأخوة الأعزاء أن بطش وإرهاب المستوطنين لن يزيدنا إلا إصراراً على التمسك بحقوقنا المشروعة في إنهاء الإحتلال ونيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة بعاصمتها الأبدية قدس الاقداس.
وفي هذا السياق فأننا نحمل حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عما يجري في المدينة المقدسة من تطورات خطيرة واعتداءات آثمة وما يترتب على ذلك من تداعيات.
كما أنني أطالب المجتمع الدولي في ظل هذه التطورات الخطيرة بتحمل مسؤولياته الكاملة لوقف العدوان على أهلنا وشعبنا ومقدساتنا، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يدافع عن حقوقه المشروعة ووجوده في أرض وطنه.
وقد وجهت الآن سفيرنا في الأمم المتحدة لطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي لتنفيذ قراراته المتعلقة بالقدس وأراضي دولة فلسطين المحتلة.
وختاما أتوجه بالتحية والتقدير والدعم لصمود أبناء شعبنا في القدس وفي كل مكان، الرحمة لشهدائنا والحرية لاسرانا البواسل.
عاشت القدس
عاشت فلسطين
وعاش شعبنا الفلسطيني البطل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع القيادة في مقر الرئاسة بمدينة رام الله 29/4/2021
في البداية كل عام وأنتم بخير مسلمين ومسيحيين بمناسبة الأيام المباركة التي نمر بها هذه الأيام.
أيتها الأخوات أيها الأخوة
نلتقي اليوم من أجل أن نتدارس ونناقش أمرا في منتهى الأهمية وهو الانتخابات التشريعية التي قررنا ونظمنا مراسيم بشأنها لتكون في الثاني والعشرين من شهر أيار/مايو المقبل.
في البداية أريد أن أشيد بموقف شعبنا العظيم في القدس وبالشعوب العربية التي وقفت إلى جانبنا في أحداث القدس التي بدأت قبل أسابيع قليلة، هذه الأحداث التي شهدها العالم كله، والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن في القدس شعب عظيم قادر أن يقول للاحتلال ولغيره لا.
وكانت هجمة عنيفة من المستوطنين ومن الحكومة الإسرائيلية نفسها، الحكومة التي دعمت هؤلاء ووقفت إلى جانبهم وأيدتهم وحثتهم ونصرتهم على أن يطبقوا شعارهم الذي قالوا فيه "الموت للعرب".
فهبت القدس في البداية، ثم تبعتها كل الأقطار وكل المناطق الفلسطينية وعبر الخط الأخضر والمخيمات ومعها الشعوب العربية لتقول، "لا، القدس لنا.. القدس لنا وليست لأحد غيرنا"، وكانت نتيجة هذه الهبة العظيمة، أن اخوتنا استطاعوا أن يزيلوا الحواجز التي نصبت لهم في كل مكان في القدس، لتمنعهم من الحركة ولتمنعهم من العمل في القدس، فما كان منهم إلا ان هبوا بالسواعد العارية، أي بالمقاومة الشعبية السلمية، هذه المقاومة التي ما فتئنا نكرر بأنها الطريق الوحيد لمقارعة هذا العدوان على شعبنا.
هبوا وأزالوا الحواجز بقوة سواعدهم العارية، ولن ننسى أن هذه الحواجز أزيلت في معركة البوابات قبل عدة سنوات.
والآن منذ أكثر من أسبوعين كانت نفس الهجمة ونفس العزيمة لأهل القدس أولا ثم لنا جميعا، لنقول لا لكل المخططات التي وُضعت من أجل استهداف القدس، ولا لكل من يقول إن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل. لا، القدس الشرقية عاصمة أبدية لدولة فلسطين، وبناء عليه قام هؤلاء الاخوة وانتصروا ونجحوا.
إن القدس بقيت شامخة واقفة، رغم كل الخطط ورغم خطة ترمب التي رفضناها، والتي ارتدت عليه.
بدأنا منذ 2007 العمل على استعادة الوحدة الوطنية، وعلى العمل من أجل وحدة الشعب في الضفة وغزة والقدس، وبذلنا جهوداَ كبيرة وعقدت اتفاقات واجتماعات ونداءات لكن مع الأسف الشديد لم نوفق إلى أن نصل إلى ما يصبوا إليه شعبنا.
وكان لا بد أن نبدأ بخطوة ما، فقلنا لا بد أن نذهب إلى الانتخابات، وعقدنا في مقر الرئاسة اجتماعاً للأمناء العامين، واتفقنا على إجراء الانتخابات وانطلقنا من أجل أن نحقق هذا الهدف، وبدأت اللقاءات في اسطنبول أولاً ثم برعاية الأشقاء في مصر وكانت هناك جولات وجولات من أجل تحقيق هذا الهدف بكل الوسائل الممكنة.
أول ما أعلنا عن ذلك في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2019، حين أعلنا رغبتنا وبصراحة في عقد انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، فقالت أوروبا نحن معكم ومستعدون أن ندعمكم وأن نفعل ما تريدون من أجل تحقيق هذا الهدف وشكرناهم على هذا الموقف.
وقال الأوروبيون في حينه إن علينا أن نصدر مراسيم الانتخابات، وهذا كان كافياً لبدء الجهود الأوروبية، لأن إسرائيل التقطت ما قاله ترمب وتمسكت به واعتبرت ما صدر عنه بإعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل نهاية المطاف، وأنها حصلت على ما تريد وأن القدس الموحدة أصبحت عاصمة أبدية لإسرائيل.
وأكد الاتحاد الأوروبي في حينه أنه يدعم الموقف الفلسطيني وسيقول لإسرائيل أن تتراجع عن موقفها هذا.
ومضت الأيام ونحن ننتظر جوابا من أوروبا، ثم وسعنا الاتصالات وقلنا للأمريكيين أين أنتم؟. قلنا لهم نريد موقفكم ولم نسمع منهم موقفاً، فقال الأوروبيون نحن سنأتيكم بالموقف، وأرسلنا بعد ذلك رسائل مكتوبة لهم عن العهود التي أطلقها الأوروبيون مجرد أن تصدر المراسيم فنحن جاهزون لنفحص معكم لدى إسرائيل وانتظرنا ولم يأت جواب.
ثم أرسلنا وزير الخارجية إلى أوروبا ليقول لهم نحن ننتظر، واقتربت المواعيد وأصبح الوقت ضيقاً جداً وليس أمامنا شيء، ولا زالت إسرائيل مصممة على أن لا تسمح بإجراء الانتخابات في القدس، ونحن من جهتنا حاولنا مراراً بإقامة تجمعات لممثلي ومرشحي الكتل الانتخابية، فتم الاعتداء عليهم ومنعهم ولم يسمحوا لأحد بأن يمارس أي نشاط.
وقال رئيس الاتحاد الأوروبي أنا محبط لأنني اتصلت بإسرائيل عدة مرات ولم يأتوا بجواب، وتعهد بأن يستمر في المساعي معنا، ولكن إلى متى؟ لم يبق وقت حتى ننتظر.
وذهب مندوبو الاتحاد الأوروبي لمقابلة الإسرائيليين، فقالوا لهم نحن موافقون على إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، قلنا هل يعني هذا أنهم سيسمحون لنا بإجرائها في القدس؟ قالوا لا، وتعهدوا ببذل المزيد من الجهود دون تحديد سقف زمني.
إذا ماذا نفعل؟ فقال الأوروبيون لا فائدة الإسرائيليون لن يسمحوا بالانتخابات في القدس.
كلنا نعرف أن لجنة الانتخابات المركزية بذلت جهوداً خارقة في تسجيل الناخبين، حيث لم يحصل في التاريخ الفلسطيني أن أكثر من 90% من الشعب سجل للانتخابات، وهذا يعكس حماسة شديدة واهتماما للانتخابات من قبل الشعب، كما أن وجود 36 قائمة لخوض انتخابات المجلس التشريعي يعني أن هناك حماسة شديدة من الشعب لإجراء الانتخابات، لكن أين القدس؟
المؤشرات التي جاءتنا من الإسرائيليين كانت على النحو التالي:
قبل فترة حصلت مع الإسرائيليين مشكلة المقاصة التي رفضنا استلامها إلا حين إعلامنا التزامهم بالاتفاقيات، وبعد جهدٍ وانتظار أرسلوا لنا رسالة قالوا إنهم ملتزمون بالاتفاقيات، وانتظرنا حتى نرى ما معنى كلمة "ملتزمون" فلم يجيبوا. ومنذ أكثر من 3 أشهر ونحن ننتظر جواباً على هذا.
أنتم التزمتم بالاتفاقيات المكتوبة والتي تشمل موضوع الانتخابات في القدس، وانتم تعلمون أننا لن نذهب إلى الانتخابات بدون القدس، والتجربة كانت واضحة في 2006 عندما قلنا إننا لن نذهب إلى الانتخابات إلا بالقدس فجاءت الولايات المتحدة وقالت نعم في القدس، وبالتالي وافقت إسرائيل وذهبنا إلى الانتخابات.
نريد الانتخابات في القدس، والشعب كله مشتبك معهم ولكن مع الأسف لم يأتوا بجواب.
اليوم، وصلت رسالة من إسرائيل ومن الولايات المتحدة الأميركية.
أننا لا نستطيع أن نعطيكم جوابا على القدس بسبب أنه ليس لدينا حكومة لتقرر ذلك ونحن مشغولون بالانتخابات. ونأمل أن تقتنعوا بذلك".
هذا العذر ليس مقنعاً.
نحن نعلم أنه يصدر يومياً قرارات حكومية بإقامة آلاف الوحدات الاستيطانية، فأي حكومة قررت؟ ومن أين أتت؟ ومن أصدر قرار أن الشرطة تقف إلى جانب المستوطنين في القدس لتعتدي على أهلها؟ هذا يتطلب قرارات حكومية فأين هذه الحكومة؟ ومن أين أتت؟
فيما يخص الانتخابات الفلسطينية لا توجد حكومة إسرائيلية لتقرر وفيما يخص المشاريع الاستيطانية والانتهاكات توجد حكومة؟
طبعاً كان جوابنا أن هذه الذريعة لن تنطلي ولن تمر علينا.
قبل أيام، أبلغنا الإسرائيليون بأنهم لن يسمحوا بإجراء الانتخابات في القدس، واليوم ردوا بأنه لا توجد حكومة لتتخذ قراراً في هذا الشأن، وفي المحصلة لن نسمح لكم بإجراء الانتخابات في القدس.
الانتخابات السابقة في 1996 و2006 كانت لها ظروفها، واليوم الظروف أسوأ ومختلفة جداً لأنها تتعلق بأساس القضية وليست مشكلة فنية، هي قضية سياسية من الطراز الأول، اليوم يقولون إن القدس ليست للفلسطينيين.
لذلك دعونا إلى هذا الاجتماع القيادي الهام لكي نتداول في الأمر ونتخذ القرار المناسب، لكي نحافظ على حقنا الكامل في القدس الشرقية عاصمة أبدية لدولتنا، وعلى حقنا في إجراء الانتخابات التشريعية في القدس ترشحاً وانتخاباً ودعاية انتخابية.
نريد أن تجرى الانتخابات في القدس حالها حال رام الله، بما يشمل الدعاية الانتخابية ووصول المرشحين وحرية عمل لجنة الانتخابات المركزية.
حين اقترحنا أن نرسل رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر إلى القدس قال الإسرائيليون أرسلوا معه محامٍ لكي يدافع عنه عند اعتقاله.
أريد أن أعبر عن اعتزازي بالروح الوطنية والديمقراطية التي تحلى بها الفلسطينيون جميعاً في إقبالهم على هذه الانتخابات التشريعية سواء في التسجيل الذي لم يسبق له مثيل، أو في القوائم العديدة التي تدل على الرغبة والوعي في حق كل فلسطيني في الترشح والاقتراع.
بالأمس استقبلت ممثل الاتحاد الأوروبي وعند سؤاله عن إجراء الانتخابات في القدس؟ قال لا، ولكن سنستمر في المحاولة.
إخواننا الأعزاء
لو أعلنت إسرائيل بعد أسبوع عن موافقتها على إجراء الانتخابات في القدس سنجريها بعد أسبوع، نحن لا نختلق الأعذار، والدليل في 2006 سمحوا فقط بإجراء الانتخابات قبل أيام معدودات من موعد الاقتراع، وقمنا بأجرائها، نحن نحترم كلمتنا، وإذا سمحوا بإجراء الانتخابات في القدس لن نتردد شريطة أن تكفل تلك الموافقة حرية شاملة للمرشحين والقوائم الانتخابية.
نحن آمنا بالديمقراطية وملتزمون بها استكمالاً للمشروع الوطني، والانتخابات بالنسبة لنا ليست إجراء ولا تكتيكاً وإنما هي تثبيت للديمقراطية وتثبيت حقنا في فلسطين.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة إطلاق فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية 10 نيسان 2021
أحييكم جميعا باسم فلسطينَ المُرابطةِ الصامِدة، أرضِ السّلامِ والمحبّةِ، الضارِبةِ جُذورُها في عُمقِ التاريخِ والذاكرة، والنابضةِ دوما في قلوبِ المُسلمينَ والمسيحيينَ.
بدايةً يطيبُ لي أنْ أتوجهَ بجزيلِ الشُكرِ والعِرفان لأصحابِ الجلالةِ والفخامةِ والسّموِ والدّولةِ والمعالي في العالم العربيِّ على مواقِفِهم النّبيلةِ والثابتةِ تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِ وقضيّتِهِ العادِلةِ.
وأنتهزُ هذه المناسبةَ مُهنّئاً العالمين العربي والإسلامي بِحلولِ شهرِ رمضانَ الكريمِ، الذي يترافقُ مع الأعيادِ المسيحيةِ المجيدةِ في الأراضي المُقدسة، أعادها اللهُ علينا جميعاً وقدْ تحققتْ أمانينا بالحريةِ والخلاص.
كما أتوجّهُ بالتّقديرِ والشّكرِ الجزيلِ لمعالي الأخِ الدّكتورِ أحمد أبو الغيط الأمينِ العامِ لجامعةِ الدولِ العربية، ومعالي الدكتور محمد ولد اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، مُثمّناً عالياً جهودَهما وعملَهُما المشرّف لاعتمادِ العامِ الحالي 2021 عامَ إطلاقِ فعالياتِ بيت لحم عاصمةِ الثقافةِ العربيةِ 2020، بعدَ أنْ تأجّلَ لعامٍ كاملٍ بسببِ انتشارِ الوباءِ الذي نَدعو الله العليّ القدير أنْ يتخلّصَ العالم منه ومن آثارهِ في القريبِ المنظور.
الأخوات والإخوة،
نَحتفِلُ هذا اليومَ بإطلاقِ فعالياتِ بيت لحم عاصمةِ الثقافةِ العربية، مدينةِ المحبّةِ والسلامِ والإخاء، وهو ما يُذكّرنُا برسالةِ ميلادِ ومسيرةِ سيدنا المسيحِ عليهِ السلامُ في مدينتي القدسِ وبيتِ لحم، التي هي مصدرُ إلهامٍ ثقافيٍ وروحي، وإشعاعٍ حضاريٍ بمبادئِ كرامةِ الإنسانِ والعدالةِ والتسامح.
وعلى الرغمِ منَ المعاناةِ والظلمِ والقمعِ جراءَ الاحتلالِ العسكريِ الإسرائيليِ المريرِ لأرضِنا ومقدساتِنا المسيحيةِ والإسلامية، إلا أننا عقدْنا العزمَ على الاحتفالِ ببيتِ لحم، برسالةٍ منَ الفرحِ والسلام ِإلى بقيةِ العالم.
وسنواصلُ الكفاحَ منْ أجلِ تحقيقِ العدالةِ والكرامةِ والحريةِ وتجسيدِ الدولةِ المستقلةِ لشعبِنا الصامد، ليعيش في سلامٍ على أرضِه وأرضِ أجدادِه.
الأخوات والإخوة،
إنَّ اختيارَ بيت لحم لتكونَ عاصمةً للثقافةِ العربيةِ يأتي للتأكيدِ على أصالةِ الهُويةِ الثقافيةِ الفلسطينية، وهي رسالةُ فلسطينَ إلى عمقِها العربيِّ في ظلِ كلِ التحدياتِ التي تعصف بالمنطقةِ العربية.
من هنا، من قلبِ الأمةِ العربية، نُطلقُ رسالةَ فلسطينَ عبرَ ثقافتِنا الفلسطينية والعربية، رسالةَ الإخاءِ والمحبةِ والمثابرةِ والصّمودِ في مواجهةِ الاحتلالِ الإسرائيليِ وسياساتِه الراميةِ إلى عزلِ فلسطينَ عنْ عمقِها العربيِّ والدّولي، ورغمَ كلِ التحديات، سنحتفلُ بثقافتِنا وهويتِنا العربيةِ في بلادِنا، أرضِ الآباءِ والأجدادِ حتى يرفرفَ علمُ فلسطينَ على ربوعِها عاليا.
إنَّ جوهرَ النّجاحِ في هذهِ التظاهرةِ الثقافيةِ يرتكزُ إلى الإرادةِ الفلسطينيةِ بكلِّ ما تحملُه منْ معانٍ خاصّة، وبكلِّ ما تتضمّنُه منْ مفرداتٍ إبداعيةٍ وفكرية، تُسهمُ إسهاماً فاعلاً في الثقافةِ العربيةِ والإنسانية، وتُحقّقُ الفرَح المُنتظرَ في عيونِ أطفالِنا وأجيالِنا القادمة.
"باقون هُنا.. صامدونَ هنا" في القُدس وبيت لحم وكلّ فلسطين، إلى أنْ ينتهيَ الاحتِلال، وتتحققَ الحريةُ والأملُ والسلامُ وتبزغُ شمسُ الدّولةِ الفلسطينيّةِ المستقلّةِ بعاصمتِها الأبديِة القدس الشرقية.
كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة اليوم العالمي للمياه 22 آذار 2021
إنّ التهديد الوجودي الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا من خلال سيطرته على أرضنا ومواردنا، وأهمها المياه، يبقى أكبر تحد أمام التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني، وإنّ السيطرة على الموارد المائية والحفاظ عليها وتنميتها، من أهم رموز السيادة والدولة، وهي إحدى ملفات الحل النهائي التي لا تنازل عنها، وحلها يتم وفق القانون الدولي.
لقد أوعزنا للحكومة بإيلاء هذا القطاع الحيوي أولوية قصوى، وبالفعل وبفضل جهود سلطة المياه في التخطيط والتنفيذ والتنسيق مع مختلف الأطراف على مدى سنوات، نحن نقف اليوم أمام انجازات نوعية تم تحقيقها في ظل ظروف أقل ما يقال عنها إنها استثنائية حتى بلغ عدد مشاريع المياه والصرف الصحي التي تم العمل عليها خلال العامين 2019-2020 (93) مشروعاً في جميع محافظات الوطن، والتي لم يتوقف العمل فيها حتى خلال ظروف الجائحة، وبتكلفة جاوزت (672) مليون دولار، والأهم هو انعكاساتها في تحسين الظروف المعيشية لأبناء شعبنا ودعم صمودهم على أرضهم.
لقد كان قطاع غزة في العام 2020 يُشكل هاجساً لنا وللعالم أجمع، جراء الكارثة البيئية التي كانت تحدق به نهاية العام، وتهدد استمرار الحياة لأكثر من مليوني مواطن نتيجة تدهور الخزان الجوفي المصدر المائي الوحيد هناك، ولكنه وعلى الرغم من ظروف الجائحة أصبح عاماً فارقاً في استمرار العمل في تنفيذ خطة سلطة المياه الهادفة لتجاوز الكارثة، وهو ما تم على أرض الواقع بحمد الله بشكل مؤقت إلى حين إنهاء تنفيذ برنامج محطة التحلية المركزية، والذي يُمثل الحل الجذري لاستدامة تزويد خدمات المياه لأبناء شعبنا في غزة، ومن هنا فإنني أوجه بضرورة الإسراع في تنفيذ هذا المشروع الهام.
وفي المحافظات الشمالية ومع تواصل الانتهاكات والتنصّلات الإسرائيلية وسيطرة الاحتلال على أكثر من 85% من مصادرنا الجوفية، وحرمان المواطن الفلسطيني من الحصول حتى على الحد الأدنى المنصوص عليه دولياً لنصيب الفرد من المياه، فُرض على سلطة المياه بذل جهود مضاعفة لسد الاحتياجات المتزايدة للحياة والتنمية، والتي استطاعت على مدى سنوات أن تحقق انجازات نوعية في استغلال الموارد المائية المتاحة، وايصال الخدمة للتجمعات غير المخدومة، وتطوير الخدمات المقدمة للمواطن، وايجاد مصادر بديلة بإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة الاستخدام للمياه المعالجة في الزراعة، والبدء بالدراسات اللازمة للحصاد المائي وبناء السدود. وهنا أؤكد أننا سنواصل العمل لمواجهة الكارثة التي تهدد أبناء شعبنا في الضفة نتيجة استمرار الأطماع الاستيطانية التوسعية غير الشرعية، ومخططات الضم وخصوصاً في الأغوار، والتي جميعها تستهدف أرضنا ومقدراتنا.
وفي هذا الإطار فإنه لا يسعني إلا أن أُعرب عن بالغ تقديري لدعم الدول الصديقة والمانحة، وأحثهم على مواصلة هذا الدعم، والمساهمة في تسريع تنفيذ تعهداتهم لإنجاز المحطة المركزية نظراً لدورها في إنهاء الأزمة المائية في قطاع غزة. كما وأثمن لسلطة المياه الجهود الكبيرة التي بذلتها لتجاوز هذه الكارثة، ومساعيهم الجادة لسنوات في تجاوز العقبات الصعبة على الصعد كافة، مع تقديري لجميع هذه الإنجازات التي تصب في إرساء أحد أهم أُسس بناء دولتنا الفلسطينية.
ونؤكد لشعبنا أنّنا ماضون في تنفيذ خططنا، وسنواصل دعم المزيد من المشروعات نحو التنمية المستدامة في المجال المائي لدعم الزراعة والاقتصاد، وسنعمل بكل طاقتنا وعزيمتنا من أجل أن ينعم أبناء شعبنا بالأمن والاستقرار والتنمية، ونحن على ثقة بأنّ المجتمع الدولي سيواصل دعمنا لبناء نظامنا المائي المستقل، والحصول على حقوقنا المائية وحقوقنا التاريخية كافة، وفقاً لقرارات وقوانين الشرعية الدولية، والتي لا تنازل عنها".
كلمة الرئيس محمود عباس في بداية جلسة المجلس الثوري لحركة فتح 26 كانون الثاني 2021
نخصص اليوم هذا اللقاء السريع للمجلس الثوري من أجل حدث هام بعد أن انتظرناه طويلًا طويلًا، وهو إجراء الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية ثم المجلس الوطني. استغرق هذا وقتًا طويلاً ولقاءات أطول ونقاشات معمقة لساعات وأيام طوال؛ ولكن والحمد لله، توافقت كل الاطراف الفلسطينية، كل الفصائل والشخصيات الفلسطينية، من أجل الوصول إلى هذه النتيجة التي نأمل ان تكلل بالنجاح.
بعد أقل من أسبوع سيكون هناك حوار معمق مع الفصائل حول الانتخابات. ونحن حريصون كل الحرص على أن الكل الوطني يشارك في هذه الانتخابات، ويصل إلى النتيجة التي يريد؛ بمعنى أن ينجح؛ ولذلك ستكون قلوبنا مفتوحة وعقولنا أيضًا مفتوحة للحوار مع أشقائنا وإخواننا، هذا الحوار الذي سيعقد، حسب الاتفاق، في القاهرة".
ونحن نذكركم بأن القاهرة هي التي تولت مسؤولية المصالحة منذ عام 2007؛ ولذلك أجمع الجميع على أن تكون القاهرة هي المكان الذي سيجتمع فيه الجميع. ولا ننسى دور غيرها من الدول مثل: الأردن، وقطر وسوريا، وتركيا، وحتى روسيا؛ لأن هذه الدول كلها شاركت ودعمت موضوع الانتخابات.
وقبل قليل كنت استمع للقاء في مجلس الأمن، تقريبًا كل من استمعت اليه كان يشيد بقراركم لعقد الانتخابات. هذه الانتخابات مهمة لتثبيت الشخصية الوطنية، لتثبيت الحقوق الوطنية، لتثبيت الوحدة الوطنية؛ ولذلك نحن سنذهب إلى القاهرة وقلوبنا مفتوحة لكل الاقتراحات، على أن نكون جميعًا في صف واحد بالشكل الذي يتوافق عليه الجميع؛ لأننا نريد فعلًا أن يكون الجميع في الداخل، وليس في الخارج، وما يتم التوافق عليه سنلتزم به؛ ولكن هناك أسس لهذه اللقاءات، وهي مخرجات اجتماع الأمناء العامين ومخرجات اتفاق إسطنبول؛ بمعنى اتفقنا على الأسس التي نجتمع عليها، التي نلتقي عليها بشكلها العام، ليس بالتفصيل. هناك أربعة أسس، على ما اعتقد، وهذه معروفة لدى الجميع، والكل التزم بها؛ ولذلك نحن سنتحاور ونضع أمامنا هذه الأسس ونستمع لكل اقتراح من أجل أن ندخل وحدة وطنية. لا مانع من أجل أن ندخل الانتخابات قائمة وطنية، لا مانع. لكن ما يتفق عليه الإخوة جميعهم نحن ملتزمون به.
نحن مصممون على أن ننزل الانتخابات؛ إذا كان معنا الجميع فأهلًا وسهلًا؛ اذا كان معنا البعض فأهلا وسهلًا؛ ولكن نحن حريصون كل الحرص على أن يكون الكل في الساحة، والانتخابات ستجري في غزة وفي القدس الشرقية وفي الضفة الغربية.
نتمنى النجاح لوفدنا الذي سيذهب قريبًا؛ ونحن من جهتنا نبدأ الاستعداد لهذه الانتخابات. لا يجوز في دولة متحضرة، في دولة متقدمة (ونعتبر أنفسنا دولة متقدمة) أن نبقى بدون انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني كل هذا الوقت"؛ ولكن مع ذلك حتى لا نجلد أنفسنا، لقد بذلنا كل جهد ممكن منذ البداية إلى يومنا هذا ولم نحقق ما نريد؛ إنما الآن بفضل جهودكم، بفضل عملكم الدؤوب مع الفصائل كافة أمكن أن نصل إلى هذه النتيجة، التي نتمنى النجاح في شهر 5 لبداية هذه الانتخابات، ثم ننتقل مباشرةً للانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني. وشكرًا
كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى الـ 56 لانطلاقة الثورة الفلسطينية 1 كانون الثاني 2021
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الجديد.
في الذكرى الـ 56 لانطلاقةِ الثورةِ الفلسطينية، التي تصادفُ اليوم، كنتُ أودُ أنْ أكونَ بينكمْ لأحياء هذهِ الذكرى المجيدةِ التي غيرتِ المسارَ التاريخيَ المظلمَ لنكبةِ عامِ 1948، إلى مسارٍ حَمَلَ الأملَ بقدرةِ شعبِنا الفلسطينيِ على تحقيقِ أهدافهِ بالحريةِ والاستقلالِ الوطنيِ والكرامة بحولِ اللهِ وقدرتهِ.
في هذه الذكرى نحتفلُ معاً بالانطلاقةِ الجديدةِ لقناةِ عودة وإذاعةِ موطني، وإنْ منعتْنا كورونا منَ اللقاءِ المباشر، ولكني أعدُكمْ بأنْ ألتقيَ بكمْ في وقتٍ قريبٍ لأهنئكمْ بهذا الإنجاز، وأنتمْ تُعبّرونَ عنِ الروحِ الوطنيةِ لشعبِنا الفلسطيني، وعنْ إصرارهِ على الصمودِ على أرضِ وطنهِ، والتمسكِ بها مهما بلغَ الظلمُ والعدوان.
أشعرُ بسعادةٍ خاصةٍ لِما لانطلاقةِ قناة عودة وإذاعةِ موطني الجديدةِ منْ رمزية، فهي دليلٌ على أنَّ الجيلَ الجديدَ يحملُ بأمانةٍ ووفاءٍ شعلةَ الثورة، وشعلةَ الحرية.
أنا متأكدٌ أنكمْ على قدرٍ عالٍ منَ المسؤوليةِ الوطنية، وأنكمْ تمتلكونَ الخبرةَ والتجربةَ ومحصنونَ بالوطنيةِ الفلسطينية، لذلكَ ليسَ لديَ أدنى شكٍ بأنكم، وأنتمْ تقومونَ بهذهِ المهمةِ، ستُعطونَ الجُهدَ الكافي لقضيتِنا، وعلى وجهِ الخصوصِ لذكرى شهدائِنا الأبرارِ وأسرانا الأبطالِ ولأسُرِهمْ الصابرةِ الصامدة، وكذلكَ سيكونُ لقضيةِ اللاجئينَ الفلسطينيينَ الأولويةُ التي تستحق.
إنني على يقينٍ بأنكمْ تُدركونَ أنَّ مُهمَّتكَمْ هي صياغةُ الوعيِ وصناعةُ الأمل، والتأكيدُ على أنَّ الشعبَ الفلسطينيَ لنْ تنكسرَ إرادتُه وإصرارهُ على حقهِ بالعودةِ وتقريرِ المصيرِ والاستقلالِ الوطني، وأنْ تكونَ لهُ دولةٌ مستقلةٌ وعاصمتُها القدسُ الشرقيةُ تعيشُ بأمنٍ وسلامٍ مع جيرانِها.
وفي الختام، أودُ منْ خلالِ شاشةِ قناةِ عودة وأثيرِ إذاعةِ موطني، أنْ أتوجهَ لكلِ أبناءِ شعبِنا الفلسطينيِ في الوطنِ وفي مخيماتِ اللجوءِ وفي كلِ بقاعِ الأرض، بتحيةِ احترامٍ وتقدير، وأقولُ لكمْ بأنَّ ساعةَ الحريةِ آتيةٌ لا محالة. وأتمنى أنْ يأتيَ العامُ المقبلُ وقدْ تخلصْنَا منَ الاحتلال، ومنْ جائحةِ الكورونا، ومنَ الانقسام، وأنْ نعيشَ أحراراً في وطنِنا ودولتِنا الفلسطينيةِ المستقلةِ وعاصمتُها الأبديةُ القدسُ الشريف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته