كلمة الرئيس محمود عباس في رسالته إلى العالم لمناسبة أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية 23 كانون الأول 2019
نحتفل هذه الأيام بحلول أعياد الميلاد المجيدة، على الرغم من التحديات التي نواجهها، ويسعدني أن أرى أبناء شعبنا من المسيحيين والمسلمين يحتفلون في مراكز المدن الفلسطينية بإضاءة أشجار الميلاد، وأن أرى أطفالنا الأحباء، وهم ينشدون أغاني الميلاد إيذانا ببدء احتفالات هذه الأعياد المجيدة.
إن هذه الاحتفالات تذكرنا برسالة ميلاد ومسيرة سيدنا المسيح عليه السلام في مدينتي القدس وبيت لحم، التي هي مصدر إلهام ثقافي وروحي، وإشعاع حضاري بمبادئ كرامة الإنسان والعدالة والتسامح.
لقد اختار وزراء الثقافة العرب مدينة بيت لحم لتكون عاصمة الثقافة العربية للعام 2020، في الوقت الذي كانت الأعمال تجري منذ خمس سنوات لإعادة تأهيل وترميم كنيسة المهد، لأول مرة منذ 600 عام؛ حيث تم استعادة الفسيفساء والأعمدة القديمة للكنيسة إلى مجدها الأصلي، إضافة إلى أعمال الترميم الشاملة.
أنتهز هذه المناسبة لأعرب عن تقديري لكنائس الأرض المقدسة التي منحتني مسؤولية الإشراف على إعادة تأهيل وترميم كنيسة المهد، والتي أنجزناها بكل فخر واعتزاز.
وفي هذه الأيام المباركة، أستذكر زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى بيت لحم والقدس، وصلاته من أجل السلام وإزالة الجدران.
كما يسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل باسم الشعب الفلسطيني واسمي شخصيًا لقداسة البابا فرنسيس على تقديمه "ذخيرة مذود" السيد المسيح لوضعها بشكل دائم في كنيسة المهد في بيت لحم.
وعلى الرغم من المعاناة والظلم والقمع جراء الاحتلال العسكري الإسرائيلي المرير لأرضنا ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، إلا أننا عقدنا العزم على الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة، ورأس السنة الجديدة، برسالة من الفرح والسلام إلى بقية العالم؛ وسنواصل الكفاح السلمي من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية وإقامة الدولة لشعبنا الصامد، ليعيش في سلام على أرضه وأرض أجداده.
ويسعدني أن أشارك، مثل كل عام، الاحتفال بقداس منتصف الليل مع أبناء شعبنا في كنيسة المهد، وملايين المؤمنين حول العالم، وأملنا أن يكون عام 2020 هو عام إنهاء الاحتلال، وتحقيق استقلال دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها مدينة القدس الشرقية، لنعيش جنباً إلى جنب مع جميع جيراننا بأمن وسلام.
بهذه المناسبة، أود أن أشيد بالعمل الذي قامت به "اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس" لتوطيد وتعزيز الوجود المسيحي في دولة فلسطين، رغم كل التحديات.
كلمة الرئيس محمود عباس تعليقًا على إعلان مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية بانتهاء مرحلة الدراسة الأولية في الحالة في فلسطين، وتأكيدها أن كافة الشروط القانونية لفتح التحقيق قد تحققت، خلال المجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته السابعة "دورة الخيار الشعبي الديمقراطي والمقاومة الشعبية للتصدي للمخططات الصهيوأميركية"، 20 كانون الأول 2019
تعلمون أننا في العام 2011 قررنا أن نذهب للحصول على عضوية الأمم المتحدة، وذهبنا إلى مجلس الأمن، وكانت هناك معارضات شديدة جدًا لنا بأنه لا يجوز لنا الانضمام وأن نكون أعضاء في الأمم المتحدة؛ ودخلنا في حرب شعواء مع أميركا بالذات، التي مارست علينا ضغوطًا هائلة من أجل ألا نذهب؛ لكننا قررنا وصممنا أن نخطو هذه الخطوة إلى النهاية، وذهبنا إلى مجلس الأمن وألقينا كلمة، وطالبنا أن نكون أعضاء كاملي العضوية في الأمم المتحدة؛ إلا أننا فشلنا بسبب الفيتو الأميركي، واعتبروا أن هذا الأمر قد انتهى ولن نعاود الكرة مرة أخرى للحصول سواء على عضوية كاملة أو مراقب؛ لكننا بعد أن فشلنا في الحصول على "عضو كامل" ذهبنا لنحصل على "عضو مراقب"؛ فاسْتُهزِئ بنا من قبل البعض، وقالوا: ما قيمة هذه العضوية، ولماذا نذهب ولا حاجة لنا أن نذهب، ويكفي ما نحن عليه اليوم، ذهبنا للجمعية العامة، وحصلنا على عضو مراقب في الأمم المتحدة بتصويت 138 عضوًا معترفين بفلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة. هذه العضوية تتيح لنا أن نحصل على عضوية 520 منظمة دولية، وهذا هو ما كان يخيف الولايات المتحدة؛ لأنها لا تريدنا أن نحصل على عضوية هذه المنظمات؛ وقررت أميركا أنه إذا ذهبنا إلى عضوية أية منظمة من هذه المنظمات وحصلنا عليها، فإنها ستخرج منها. وتذكرون أننا عندما ذهبنا إلى اليونسكو، وقدمنا طلب للانضمام هددونا وقالوا: لا تذهب. فقلنا: لماذا لا نذهب؟ فقالوا: الأفضل لكم أن تستمروا في المساعي للحصول على "عضو دائم" في الأمم المتحدة. فقلنا لهم: ما دمنا لم نحصل فنحن سنذهب إلى العضو المراقب. فقالوا لنا: إذا أصبحتم عضوًا في هذه المنظمة، فإننا مضطرون أن نغادرها؛ وفعلا غادروا اليونسكو؛ ثم مضينا في طريقنا للانضمام إلى عضوية عدد آخر من المنظمات؛ الآن عندنا أكثر من 100 عضوية في منظمات دولية من أصل 520 منظمة. المهم ذهبنا لعضوية المحكمة الجنائية الدولية. وبصراحة، كانت ضربة عنيفة؛ لأنه معروف إذا ذهبنا إلى هذه المنظمة فإن أي فلسطيني يتضرر من الإسرائيليين يستطيع أن يذهب لهذه المحكمة، وبالفعل ذهبنا في 2015 وحققنا مرادنا بالحصول على هذه العضوية. ومنذ ذلك التاريخ، ونحن نسعى من أجل البدء بالتحقيق، وقدمنا وثائق وقدمنا ادعاءات، وقلت أكثر من مرة: كل إنسان فلسطيني يستطيع أن يرفع قضية.
اليوم صدر القرار، بعد أربع سنوات من العمل والمتابعة الحثيثة وتقديم كل ما يلزم حول جرائم الاحتلال المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمحكمة كانت تتابع الحيثيات والقوانين والقضايا وتدرسها.
هذا اليوم هو يوم عظيم؛ لأننا حققنا فيه ما نريد؛ أي أننا اعتبارا من اليوم ستبدأ ماكينة المحكمة الجنائية الدولية بتقبل القضايا التي سبق أن قدمناها.
أنا اهنئكم بهذا القرار.. هذا يوم تاريخي؛ والآن أصبح بإمكان أي فلسطيني أصيب جراء الاحتلال أن يرفع قضية.
كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح 17 كانون الأول 2019
هناك مجموعة من القضايا نريد أن نتناولها؛ وأهم هذه القضايا الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أخذنا قرارًا بعقدها في أقرب فرصة ممكنة، والتي بدأنا المساعي والإجراءات بشأن الوصول إليها من خلال لجنة الانتخابات التي بدأت مساعيها مع الفصائل من أجل تحقيق هذا الهدف.
الانتخابات الرئاسية والتشريعية نقصد تمامًا أنها يجب أن تجري في كل من القدس وغزة والضفة الغربية. قام الأخ حنا ناصر بالاتصال بالقوى جميعًا، وأبلغنا أن كل القوى، بما فيها "حركة حماس" قد وافقت على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية؛ وبقي أن نصل إلى موافقة الحكومة الإسرائيلية لعقد الانتخابات في القدس، كما جرى في عام 1996، وفي عام 2005 و2006، وأرسلنا رسالة رسمية للحكومة الإسرائيلية؛ وأبلغنا جميع الأصدقاء، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي بأن يتكلموا مع إسرائيل من أجل هذا الموضوع، وإلى الآن لم يأت جواب من الحكومة الإسرائيلية. نحن يهمنا جدًا أن نجري الانتخابات؛ لأننا نريد أن نستكمل مؤسساتنا التشريعية بكل ما أوتينا من قوة، ولكن في نفس الوقت يجب أن تجري في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ونحن بانتظار هذه الموافقة؛ وسنعمل جهدنا لنصل إلى هذه النتيجة، ويجب أن نستعد لهذه الانتخابات، استعدادنا لأي أمر هام من الأمو التي تواجه حركتنا.
القضية الثانية هي قضية الانتخابات الإسرائيلية وهي أيضًا أمر مهم؛ فهي تأثر علينا، ونأمل أن تأتي بوجوه تؤمن بالسلام وتقبل السلام معنا، وأن نسير بعملية سلام إلى النهاية.
هناك قضايا أخرى، وهي العلاقة مع أمريكا.. هي قضية مهمة جدًا. وكما تعلمون، نحن موقفنا من صفقة العصر ما زال كما هو.. نحن نرفض صفقة العصر سواء ما طرح منها أو لم يطرح إلى الآن؛ نحن نعرف أن الذي لم يطرح قد يكون أسوأ مما طرح؛ ولكن مع ذلك نقول: إن موقفنا من "صفقة العصر" ثابت لا محالة، وبالتالي تتبعه المواقف الأخرى الخاصة التي جرىت في وارسو والبحرين وغيرها.
هناك قضية جديدة، وهي قضية المستشفى التي قررت أميركا أن تبنيه في غزة. طبعا هذه المستشفى (كما قالوا) سيتبعه المطار والميناء. علما أنه كان لدينا مطار وميناء؛ ولكن دمرتها إسرائيل. الآن عندما يبحثون عن المستشفى والميناء والمطار، فإنهم يستكملون صفقة العصر من أجل فصل غزة عن الضفة الغربية، وإقامة كيان لا ندري ما هو.. ولكن يريدون إقامة كيان في غزة؛ ومن هنا هذه الأمور التي يعملون على تحقيقها وهي: المستشفى، والمطار، والميناء، وغيرها تصب في هذه الخانة.
هناك قضايا أخرى تتعلق بأميركا (قضايا إيجابية) يجب علينا أن نذكرها، من أبرزها يوم أمس: صدر مشروع قرار في الكونغرس كان من المتوقع أن يصيبنا بكثير من الأذى، لكنه لم يصبنا، وهذا قرار جيد وجهد مشكور للذين بذلوا جهدا في سبيل ذلك. وهذه قضية مهمة جدا يجب أن نتابعها بقوة؛ لأنها من أبرز الطرق التي ستؤدي إلى تغيير الموقف الأميركي نحو القضية الفلسطينية؛ وهنا نذكر قرار الكونغرس الأميركي الذي أعلن سياسة ضد حكومة ترمب وبومبيو فيما يتعلق بالاستيطان وحل الدولتين وتطلعات الشعب الفلسطيني، وكان هناك 226 نائبًا، بمن فيهم خمسة (وهذا مهم) من الحزب الجمهوري؛ وهذا يعني أن هناك اختراقا في الحزب الجمهوري لصالحنا في الوقت الذي كان مقفلاً بوجهنا، وهذا القرار الذي اتخذ نعتبره جيداً؛ ولكن يجب أن يبنى عليه.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال افتتاح أول مؤتمر دولي تنظمه هيئة مكافحة الفساد
9 كانون الأول 2019
نرحب بكم ونحييكم ونتمنى لمؤتمركم النجاح وتحقيق الأهداف النبيلة التي جئتم من أجلها هنا، في مجال النزاهة والحوكمة.
وقبل أن نتحدث عن النزاهة والحوكمة، أريد أن أقول لكم: كل عام وأنتم بخير؛ حيث إننا مقبلون في هذا الشهر على عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، والسابع من الشهر المقبل، والسابع عشر من المقبل؛ ونتمنى لأشقائنا وأحبائنا (الطوائف المسيحية) على أرضهم الكريمة هنا في فلسطين، وفي كل مكان في العالم أن يعيده الله عليهم وعلينا جميعًا باليمن والبركة والنجاح إن شاء الله، وأن نكون حققنا النصر وانتهينا من الاحتلال، وليس على الله ببعيد.
الإخوة أعضاء الوفود هنا من المغرب والأردن ومصر والكويت، وبولندا وصربيا وبولونيا، وتونس، وكل العالم العربي والأشقاء والأصدقاء في العالم، شكرًا. ونقول لكم: نتمنى لكم التوفيق في هذا المؤتمر، ونتمنى أن تستخلصوا العبر والنتائج الهامة، ونتمنى على أيديكم أن نخلص من الفساد؛ لأن الفساد آفة من الآفات التي تصيب شعوب الأرض كلها؛ ولا ننكر أننا جزء من هذه الشعوب؛ ولذلك شكلنا "مؤسسة مكافحة الفساد" برئاسة رفيق النتشة قبل 10 سنوات من أجل أن نحارب الفساد، وقلت له في حينه إنه: لا يوجد أحد مسؤول عنك، لا يوجد لك مرجعية إلا ضميرك والقانون؛ نريد أن نستأصل شأفة الفساد من هذا البلد. وهي قضية طويلة ونحن نعرف أنها طويلة وصعبة وشاقة محاربة الفساد، نراه منتشرا في أماكن كثيرة لا أريد أن أعممها.
نحن قررنا فعلًا أن نحارب الفساد. وقلت لهم: يكفي أن تأتيك رسالة من أي إنسان.. من أي شخص.. من أي جهة، لتقول لك: هناك قضية فساد في المكان الفلاني وعليك أن تتابعها من الألف إلى الياء؛ ولا تأخذك في الله لومة لائم؛ إنما إذا جاءك شخص برسالة كيدية (وكثير أولئك الكيديون، هؤلاء يحاكمون) فبدل أن تحاكم الشخص المدعى عليه تحاكم الشخص الذي جاء بدعوة كيدية شريطة أن تتأكد أنها تهمة كيدية.
إذن الأرض مفتوحة والطريق مفتوحة؛ وعلينا أن نسير إلى النهاية في هذا الموضوع؛ الفساد مكروه في كل مكان في الدنيا؛ ولكن المهم كيف نحاربه إذا توفرت الرغبة والإرادة. وقد ورد في القرآن الكريم عشرات المرات عن الفساد ومحاربته، وكذلك في الشريعة المسيحية، واليهودية؛ لأنه لا يمكن أن تكون هناك شريعة سماوية لا تحارب الفساد.
حتى في الديانات السماوية جميعها الفساد محارب، ويجب أن نحاربه إلى النهاية. ومن هنا كان مؤتمركم هذا هنا، وأرجو أن نستفيد من تجاربكم، وأن نستخلص العبر مما نحصل عليه من نتائج، وأن نسير بها إلى النهاية دون أي تحفظ.
هذا الموضوع بالنسبة لنا هام جدًا وخطير جدًا وقدري جدًا؛ حيث نرى المواد المخدرة وغيرها، وكذلك المواد الفاسدة دائما وأبدًا ترتع في أرضنا من عندهم؛ لأنهم يريدون محاربة وجودنا.. يحاربون حسنا الإنسان.. يريدون أن يحاربوا مستقبلنا؛ لا يريدون لنا النهوض؛ مع ذلك لا أريد أن أضع اللوم على الاحتلال. أيضًا عندنا هذا الفساد، ويجب علينا أن نستمر في محاربته للنهاية مهما كان الذي يقف خلفه. إذا نجحنا في هذا أعتقد أننا سنكون في طريقنا إلى بناء دولة فلسطينية مستقلة معافاة نزيهة تؤمن بالقانون والنظام وتسير إلى الأمام، وتستفيد من شبابها ونسائها، من كل مكوناتها. ومن هنا يجب علينا -ونحن نسعى في هذا- أن نهتم بالتعليم؛ التعليم أمر أساسي وضروري عندنا؛ كيف نخرج جيلا متعلما معافى، وأن يكون ذي صحة عظيمة؛ لذلك نشجع الرياضة، ونشجع أيضًا وزارة الصحة التي يجب عليها أن تبذل كل جهد ممكن لمعالجة كل فلسطيني على أرض فلسطين، لا نريد أن نخرج؛ عندنا أطباء، وعندنا مستشفيات وإمكانيات؛ ما الذي ينقصنا؟ لا ينقصنا شيء إطلاقًا، يجب أن يكون لدينا في هذه المستشفيات لمعالجة كل إنسان وكل مرض.
وبالتالي، نحن نريد أن نقفل هذا. وعندنا القدرة على أن نقفل هذا في الصحة والتعليم؛ التعليم شيء أساسي، والرياضة. وهنا أنا أحيي أخونا جبريل الرجوب على ما فعله في ميدان الرياضة؛ لأن الرياضة صحة.. صحة للجميع وللشباب؛ كلاهما متلازمان (التعليم والرياضة، والصحة)؛ حتى تخرج جيلًا من الشباب والشابات ليبني دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية؛ وبدون القدس الشرقية لا يوجد عاصمة ولا دولة.
نتكلم عن محاربة الفساد؛ عن التعليم، عن الصحة، عن الاقتصاد.. نريد أن نكون شعبًا مُصدرًا. ما الذي ينقصنا! لماذا نستورد! لماذا لا نزرع! نعرف أنهم يضعون العقبات في طريقنا، ويسيطرون على جزء كبير من أرضنا؛ لكن مع ذلك يجب أن نزرع كل سنتميتر من أرضنا. زراعة، صناعة، تعليم، تربية؛ المستقبل قادم إن شاء الله، ويجب علينا أن نسير في هذا الطريق.
سياسيًا، أهم المواضيع التي نواجهها هذه الأيام هي الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أعلنا في الأمم المتحدة أننا ذاهبون إليها. وبدأنا فعلًا مساعينا مع التنظيمات الفلسطينية، وبدأت لجنة الانتخابات، برئاسة حنا ناصر، عملها مع التنظيمات؛ وأمس أبلغنا أن التنظيمات جميعها موافقة على الانتخابات، وهذه خطوة جيدة، وبقي خطوة واحدة صغيرة، لكنها كبيرة (قضية القدس)؛ في عام 1996 و2006 أجرينا الانتخابات لأهل القدس في القدس؛ ولن نقبل أن ينتخب أهل القدس في غير القدس. وهذه هي المعضلة التي تواجهنا، وهذا هو الموضوع الذي تحدثنا فيه مع جميع دول العالم دون استثناء، وبالذات الدولة الأوروبية التي أوجه لها الشكر على موافقها ودورها وعلى رأيها في الدولتين، وعلى موقفها من صفقة العصر، وعلى قرار المحكمة الأوروبية الذي صدر مؤخرًا حول صادرات المستوطنات؛ هذه مواقف من أوروبا يجب علينا أن نقدم الشكر لها ونقول لهم: مزيدا مزيدا من الخطوات.
وقلتم: إن المستوطانت غير شرعية، وأن صفقة العصر غير شرعية وهذا شيء مهم. وكان المفروض أن تفرض علينا صفقة العصر وأن نقبلها، وأن نبيع القدس وأن نبيع القضية.
صفقة العصر رفضتها أوروبا، وهذا شيء مهم، وقالت: نعم إنها مع حل الدولتين. ونقول لهم: أكملوا معروفكم وجميلكم؛ أنتم تعترفون بدولتين: واحدة إسرائيل، والثانية هي جانب إسرائيل. ولو عدتم للخارطة لوجدتمونا، فنحن نطالب أوروبا بأن تعترف برؤية الدولتين.
بالنسبة للانتخابات، نحن ننتظر الآن أن نستمر في جهودنا ونطلب من أوروبا وغيرها أن تبذل مساعيها مع إسرائيل لتقبل إجراء الانتخابات كما كانت عام 1996 و2005 و2006.
إذن، إذا تم هذا نذهب لانتخابات تشريعية وفورًا رئاسية، لنستكمل شرعيتنا ومؤسساتنا، ثم بعدها مجلس وطني وغيره، يأتي فيما بعد، لكن الآن نركز على هذه النقطة.
طبعا نحن أصحاب حق، ويقولون لي: على ماذا تستند؟ على الله عز وجل أولا؛ ومن ثم هناك عدالة.. وهناك أناس كثيرون يؤمنون بالعدالة ويدعموننا ويقفون إلى جانبنا؛ لا نحن دولة عظمى ولا عندنا أموالا؛ ولكن عندنا الحق هذا، والشرعية ساعدتنا على أن نقف على أقدامنا.
أنا لا أريد أن أواجه أميركا؛ لكنني واجهتها عام 2012 عندما ذهبت إلى الأمم المتحدة لأحصل على عضو وحصلت؛ بعد ذلك أخذنا قرارًا تجديد تفويض "الأونروا" التي أنشئت عام 1949 بقرار يقول: إن مهتمها تنتهي بانتهاء قضية اللاجئين؛ كما أخذنا العضوية في الانتربول.
وقبل سنة "مجموعة 77+الصين"، أخذنا رئاستها، وأصبحنا أصحاب صلاحيات كاملة فيها، وباسم رؤساء هذه المجموعة، وأبرزنا دورنا ولعبنا دورًا مهمًا، وعملنا في معظم دول العالم بالمساعدات، نحن نقدم مساعدات، نحن نعمل خيرا ونلعب دورا خيرا؛ فنحن جزء من هذه البشرية، وبالتالي نحن نقوم بدورنا.
بالنسبة للولايات المتحدة، نحن رفضنا من البداية "صفقة العصر"؛ هذه القدس.. من يبيعها؟ من يجرؤ على الحديث على أن القدس ليست لنا؟ هذه القدس عاصمة الأديان لنا، وتاريخيًا لنا، وأبديًا لنا؛ ولا أحد يستطيع أن يأخذها منا. رفضنا صفقة العصر وما وراءها، تحملنا قطع الأموال والمعونات والضغوطات. تصوروا يعملون مستشفى في غزة باسم مساعدات لأهل غزة؛ ويمنعون المساعدات عن مستشفيات القدس! لكي يفصلوا غزة عن الضفة، ولكي يكملوا مشروع صفقة القرن حتى النهاية ويقولون: لقضايا إنسانية! لا ليس من أجل ذلك. قالوا: إن هذا ليس من الحكومة الأميركية، وهو من منظمات أهلية، نحن ضد المستشفى. قلنا: هؤلاء أليسوا أميركان، إذا نحن ضد المستشفى. فجاؤوا وقالوا لنا: إياكم أن تحرضوا علينا وإلا سنفعل ونفعل. فقلنا: لن نسكت وسنعمل ضده 24 ساعة، ونرفع صوتنا، ولن يمر.
وبالنسبة للإسرائيليين، نحن قلناها، ونقول: إذا قررت إسرائيل أن تضم الأغوار والبحر الميت، فأنا أقول وأتحمل المسؤولية لوحدي، يجب أن نلغي كل الاتفاقيات بيننا وبينهم.
كلمة الرئيس محمود عباس في يوم التضامن مع شعبنا الموجهة للأمين العام للامم المتحدة، ورؤساء الجمعية العامة ومجلس الأمن 29 تشرين الثاني 2019
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
معالي السيد تيجاني محمد باندي، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،
سعادة السيدة كارين بيرس، رئيس مجلس الأمن،
سعادة السيد شيخ نيانج، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
لقد مر الشعب الفلسطيني، خلال ما يزيد عن سبعين عاماً، بالعديد من الكوارث والنكبات؛ فقد ضحى، وعانى، وتشرد، وصبر، وناضل، واستشهد، واعتقل دفاعاً عن تاريخه، ووطنه ومقدساته؛ ولكن ذلك لم يثن شعبنا عن النضال، ولا عن مواصلة مسيرته، إيماناً بثوابته وأهدافه الوطنية كما نصت عليها قرارات الشرعية الدولية.
لقد قبلنا بالشرعية الدولية، وبالقانون الدولي حكماً لحل قضيتنا، وقبلنا بالمفاوضات والحوار والعمل السياسي والمقاومة الشعبية السلمية طريقاً للتوصل إلى حل قضايا الوضع النهائي كافة، وصولاً لمعاهدة سلام تقود للاستقلال وتنهي الاحتلال والصراع.
إلا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ظلت تراوغ منذ اتفاق أوسلو وحتى تاريخه، ولم تكتف بذلك؛ فقد أعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية عن رفضه لحل الدولتين، وواصل عمليات الضم والاستيطان في أرضنا المحتلة من أجل تقويضه؛ كما وأمعنت هذه الحكومة في تغيير هوية وطابع مدينة القدس الشرقية، عاصمة دولتنا، وأصدرت القوانين العنصرية، وعزلت بحصارها قطاع غزة عن باقي أرض الوطن وعن العالم، وقامت بخنق اقتصادنا والقرصنة على أموالنا ونهب مواردنا، وخرقت جميع الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية المعقودة معها.
أصحاب المعالي والسعادة، والأصدقاء الأعزاء،
مرة أخرى تقوم الإدارة الأميركية بخرق القانون الدولي، وتثبت أنها غير مؤهلة لتكون وسيطاً نزيهاً؛ فقبل أسبوعين أعلنت الإدارة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، لا تخالف القانون الدولي، الأمر الذي رفضناه ورفضه المجتمع الدولي بأسره؛ فهو إعلان باطل، وغير شرعي، ويتعارض كلياً مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وبما فيها قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2334. إن مثل هذه التصريحات والقرارات الأمريكية غير الشرعية، تشجع الحكومة الإسرائيلية لمواصلة احتلالها، وزيادة نشاطاتها الاستيطانية، وارتكاب مزيد من الجرائم وفق نظام روما الاساسي وقرارات الشرعية الدولية.
وبهذه المناسبة، فإننا نشكر جميع الدول والمنظمات الدولية التي دانت أو رفضت هذا الإعلان والاستيطان بأكمله، الذي يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، ونبذ العالم هذا الإعلان كما رفض من قبله الهجوم الأمريكي على الإجماع الدولي ومرجعيات عملية السلام، واعترض على السياسة الأمريكية تجاه القدس وتصدى للهجوم على الأونروا ودعم الوكالة مالياً وسياسياً، وعمل على تجديد ولايتها في رسالة واضحة لا لبس فيها مفادها أن الحرية والكرامة حق للشعب الفلسطيني والسلام العادل والشامل استحقاق لكافة شعوب المنطقة.
أصحاب المعالي والسعادة، والأصدقاء الأعزاء،
إن القانون الدولي هو حجر الأساس للمنظومة الدولية، ولا يحتمل الازدواجية والتحريف، وإن التعامل مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون يشجعها على الاستمرار في التصرف كدولة خارجة عن القانون، فلقد آن الأوان أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوضع حد لهذا العدوان الإسرائيلي على أرضنا ووجودنا ومستقبلنا. لقد آن الأوان لاتخاذ تدابير عملية تحمي الشعب الفلسطيني وتمكنه من ممارسة حقه في تقرير مصيره ونيل حريته واستقلاله على أرضه المحتلة منذ العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. آن الأوان لتقوم دول العالم التي تؤمن بحل الدولتين وتعترف بدولة إسرائيل أن تقوم أيضا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.
ألم يحن الوقت لإنهاء أطول احتلال عسكري في عصرنا الحاضر، أليس من حق الشعب الفلسطيني، كغيره من الشعوب، أن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة، وأن تنتهي معاناة أبنائه وبناته من اللاجئين الذين طردوا من ديارهم في العام 1948؟
أصحاب المعالي والسعادة، الأصدقاء الأعزاء،
نود أن نعرب عن جزيل شكرنا لمواقف الدول التي أكدت على التزامها بالقانون الدولي والشرعية الدولية وندعو المجتمع الدولي بأسره، انسجاماً مع مسؤولياته القانونية، بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الذي تخلقه سياسات وإجراءات إسرائيل في دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعدم تقديم الدعم والمساعدة التي من شأنها الحفاظ على هذا الوضع وتكريسه، وإلى التمييز بين إقليم السلطة القائمة بالاحتلال والأرض المحتلة والى ضمان المساءلة.
وهنا أجدد التذكير بأننا لا زلنا نمد أيدينا إلى السلام العادل المبني على قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على حدود 1967؛ فنحن لم نرفض الذهاب إلى المفاوضات يوماً، وقدمنا مبادرتنا للسلام في فبراير 2018 أمام مجلس الأمن، والتي طالبنا فيها بعقد مؤتمر دولي، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم، وتوفير الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، لتحقيق سلام عادل وشامل وفقاً لمرجعيات الشرعية الدولية.
على الرغم من عقود من خيبة الأمل، فإننا لا نزال مقتنعين بالمنظومة الدولية التي تحترم القانون الدولي وتضمن نفاذه. وستواصل دولة فلسطين الانخراط في جميع الجهود الرامية لتعزيز سيادة القانون الدولي، بما في ذلك تعزيز مؤسساتنا، ونشر ثقافة السلام، وتمكين شعبنا وبخاصة المرأة والشباب.
ومن ناحية أخرى، فإننا سنواصل بذل الجهود لتوحيد أرضنا وشعبنا ومن خلال الانتخابات التي دعونا لها ونعمل على تنظيمها خلال الأشهر القليلة القادمة، وصولاً لأن يكون هناك سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد.
أصحاب المعالي والسعادة، الأصدقاء الأعزاء،
إن الشعب الفلسطيني لن يختفي، كما أنه لن يقبل بالقهر والظلم، وسيواصل شعبنا كفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستعماري لأرضنا وشعبنا و حرماننا من حقوقنا غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقنا في تقرير المصير. إننا لن نتخلى عن ثقافة السلام والتسامح الراسخة فينا، وسنستمر في العمل على محاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم.
في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، نتقدم بالشكر والتقدير لكل الدول والحكومات والمنظمات والشعوب التي عبرت عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وأيدت نضاله الشرعي وشدت على عزيمته وصموده في أحلك الأوقات وهو يواجه أعتى التحديات.
وشكرا.
كلمة الرئيس محمود عباس في الذكرى 15 لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات 11 تشرين الثاني 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
رحم الله ذلك الرجل الذي حمل الأمانة وصانها وسار بها مناضلاً حتى الرمق الأخير وهو يحميها برموش عينيه.. يحميها بكل ما لديه من قوة، وسلَّمنا هذه الأمانة؛ فهل نحن قادرون على الاستمرار بها؟ هذا السؤال لنا جميعًا.
رحم الله الرجل الذي أطلق الرصاصة الأولى في سماء فلسطين، فأصبحت بعد ذلك ثورة ينظر إليها العالم جميعًا أنها حركة تحرير وطن، وأنها حركة تستحق كل الاحترام، وأنها واصلة بإذن الله إلى أهدافها.. إلى مراميها، واصلة إلى تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
رحم الله ذلك الرجل الذي حمى القرار الوطني الفلسطيني المستقل. وقد لا يستطيع البعض أن يفهم ما معنى هذا هذا القرار الذي كان نهباً للجميع وكان يدعيه الجميع وكان يريده الجميع؛ ولكن ياسر عرفات أخذ هذا القرار بيده ليكون هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
رحم الله ذلك الرجل الذي تمسك بالثوابت وأعلن هذه الثوابت. ويذكر بعضكم أن هذه الثوابت أقرت في عام 1988، ولا زالت هذه الثوابت ثوابت لا يستطيع أحد أن يتخلى عنها، ولا يستطيع أحد أن يتنازل عنها، ولا يستطيع احد أن يتجاهلها؛ فهي منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ثوابت الشعب الفلسطيني التي ستبقى ثوابتَ إلى أن يتم التحرير، تحرير فلسطين بإذن الله.. تحرير الدولة الفلسطينية.
ذلك الرجل رحمه الله، ورحم زملاءه، ورحم أقرانه، الذين بدأوا معه وانتهوا؛ ولكن نضالهم لم ينتهِ.. توفوا إلى رحمة الله، وبقيت ذكراهم عطرة في قلوب الجميع. هؤلاء الشهداء.. هؤلاء القادة، من أبو جهاد إلى أبو السعيد إلى أبو إياد إلى كل الشهداء الأبطال الذين مضوا في سبيل الله.. هؤلاء الشهداء الذين ضحوا في سبيل الله وفي سبيل القضية الفلسطينية.. هؤلاء الشهداء وأقرانهم من كوادر هذا الشعب.. من كوادر هذه الأمة بالآلاف مضوا لهدف واحد فقط، وهو تحرير فلسطين، ولا زلنا نسير على عهدهم ونحن ماضون على عهدهم.
حاول البعض أن يسرقوا منا الحلم.. حاول البعض أن يحرفوا هذا الهدف.. حاول البعض أن يقولوا ما لا نقول.. حاول البعض أن يقدموا لنا صفعة العصر، فصفعناهم في وجوههم؛ لأننا لا نقبل، بأي حال من الأحوال، أن نتنازل عن قضيتنا.. أن نتنازل عن مصيرنا.. أن نتنازل عن حلم شعبنا.. هذا الحلم سيبقى حلماً إلى أن يتحقق على أيديكم بإذن الله، وفي القريب العاجل .
وجاءت إسرائيل لتقول: إن الشهداء مجرمون، وإنهم إرهابيون، وإنهم قتلة! خسئت إسرائيل، ولن نقبل ابداً أن نتنازل عن شهدائنا؛ فهم اقدس ما لدينا؛ شهداؤنا، أسرانا، جرحانا؛ هؤلاء أقدس ما لدينا؛ لن نقبل التنازل عن أموالنا كاملة؛ هذه أموال من حق شهدائنا، وسنستمر في موقفنا هذا إلى أن يتنازلوا هم، وإلا فنحن ماضون في طريقنا.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة، هذه هي مسيرتنا، ونحن اليوم نعاني ما نعاني: نعاني الضيق، ونعاني الحصار، ونعاني كل أصناف الضرب والهيمنة؛ ولكن فشلوا في أن يفرضوا علينا شيئاً؛ نحن هنا قائمون.. نحن هنا باقون، ولن نخرج من هذا البلد.. لن نخرج من بلدنا.. نحن اليوم ستة ملايين ونصف في أرض فلسطين التاريخية؛ سنبقى هاهنا.. سنحمي أرضنا.. سنحمي وطننا.. سنحمي أملنا وهدفنا.
نحن أيها الإخوة لن نتراجع عن الحق؛ القضية ليست قضية عناد أو رفض لمجرد الرفض؛ وإنما نرفض ما لا ينسجم مع حقوقنا.. نرفض ما لا يقبله شعبنا.. نرفض كل هذا ونحن سائرون إلى الأمام.
وهذه الأيام قررنا ان نذهب إلى الانتخابات التشريعية ومن ثم الانتخابات الرئاسية، وهذه الانتخابات يجب أن تعقد في غزة وفي القدس؛ وبدون ذلك لا يوجد انتخابات في غزة وفي القدس؛ ونحن ننتظر، ونحن نأمل أن يأتي الجميع بجواب واحد موحد: أن يكونوا على قدر المسؤولية.. أن يقولوا نعم للانتخابات لأنها تحمي شريعتنا.. تحمي وجودنا.. تحمي قضيتنا؛ وبالتالي من هو حريص على القضية والوجود فليسر في هذه الانتخابات؛ ونحن تحت كل الظروف سائرون بها إن شاء الله لنحققها، ثم بعد ذلك لنحقق أملنا وحلمنا وهو الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير والعودة -إن شاء الله- إلى أرض الوطن.
والسلام عليكم.
كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع القيادة الفلسطينية 6 تشرين الأول 2019
إخواننا الأعزاء
اجتمعت قبل أيام اللجنتان: المركزية لحركة فتح، والتنفيذية لمنظمة التحرير؛ لمناقشة المستجدات التي وقعت على الساحة الفلسطينية، وتم الحديث عن هذه المستجدات وتم الاتفاق على كثير من القضايا؛ والآن نؤكد أننا سنبحث هذه المواضيع مرة أخرى في هذا الاجتماع القيادي؛ ليطلع الجميع على ما تم الحديث عنه أو ما تم الاتفاق عليه.
نحن بداية تحدثنا عن دعوة للانتخابات؛ وقررت اللجنتان المركزية والتنفيذية أن هذا الموضوع يجب أن نسير به للنهاية، واتفقنا على تشكيل لجنتين: واحدة من التنفيذية، وأخرى من المركزية، تجتمعان لتتابعا هذا الموضوع مع الجهات المعنية، سواء مع لجنة الانتخابات والجهات الأخرى مثل حماس، وكذلك مع الجهات الأخرى، ومع الجهات الإسرائيلية؛ لأننا نعرف أن هناك بعض المواقف الاعتراضية الإسرائيلية حول الانتخابات. ونحن مصرون أن تجري الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، هذا الموضوع الأول الذي سنناقشه بعد قليل.
والموضوع الثاني أننا ناقشنا البيان الذي أصدره نتنياهو قبل الانتخابات، وتحدث عن ضم الأغوار والبحر الميت وغيرها من المناطق الفلسطينية؛ وقلنا: إن موقفنا من هذه، سواء كان نتنياهو هو رئيس للوزراء أو غيره، سيغير كل شيء وسنعتبر أن كل اتفاق بيننا وبين إسرائيل لاغٍ.. كل الاتفاقات، وبالتالي نحن ننتظر وسنرى ما سيأتي به المستقبل.
هناك قضية أخرى وهي أننا طرحنا منذ فترة طويلة على الإسرائيليين لجانًا فنية من أجل أن تبحث القضايا المالية المعلقة، وخاصة القضايا المالية المعلقة بيننا وبينهم، سواء ""اتفاق باريس" أو غيره من الاتفاقيات التي في نتيجتها أموال؛ ومؤخرا وافقت الحكومة الإسرائيلية أن تكون هناك لجنة فنية أو لجنة من الفنيين لمناقشة هذا الأمر؛ بحيث يبحث كل أمر مالي بيننا وبينهم من البداية وليس من الآن، وإنما بإثر رجعي، وكذلك هناك موافقة مبدئية على العودة لاتفاق باريس ومناقشة هذا الاتفاق. وقالوا: إذا وافقت حكومة فرنسا، ونحن نعرف أن حكومة فرنسا ليس لديها ما يمنع. واليوم بدأت اللجان الفنية تبحث هذه القضايا المالية جميعها، وبناء على هذا الاتفاق نحن أخذنا منهم مبلغًا من المال المجمد عندهم، والذي يقدر بأكثر من مليارين ونصف، أخذنا مليار ونصف كدفعة أولى على هذه الأموال، ولكن يجب أن نعرف أن موقفنا من موضوع الشهداء والأسرى ثابت ولن يتغير، ولن نتراجع عنه. وإذا استمرت السياسة الإسرائيلية نحن لن نقبل بأي حال من الأحوال أن يكون بيننا وبينهم أية علاقة مالية في هذا الموضوع.
وأنا هنا أريد أن أشير إلى نقطتين فقط: النقطة الأولى هي تقديم الشكر لإخواننا الموظفين جميعًا الذين تحملونا هذه الفترة الطويلة (سبعة أشهر)، وعانوا الكثير.. الموظفين أقصد كل من يقبض من الدولة وكل من عانى، وإن شاء الله معاناتهم تبدأ تخف إن شاء الله في هذه الأيام، ونشكرهم على تحملهم وعلى موقفهم الثابت والهادئ؛ لم أسمع شكوى واحدة من أي جهة خصم عليها الراتب أو أخذ من الراتب مبلغًا، أو لم يستلم كل الراتب، الحقيقة لأن هذا سبب الخصم أو سبب نزول الرواتب هو سبب وطني يتعلق بالشهداء والأسرى والجرحى، وبناء عليه المواطنون جميعًا التزموا الهدوء والصمت والقبول بالأمر بالواقع فهذا يستحق التقدير والاحترام. أخيرا نوجه التحية للاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي الذي أخذ موقفنا مؤخرًا حول الأونروا؛ كنا نتوقع أو كنا نخشى أن تتغلب القوى الرافضة لدفع الأونروا؛ ولكن أثبت الشعب الأوروبي وأثبت مندوبو الاتحاد الأوروبي أصالتهم، ورفضوا أي تخفيض لأموال الأونروا وتابعوا دعمهم، شكرًا لكم جميعًا.
اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية 3 تشرين الأول 2019
عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اجتماعًا لها، اليوم الخميس، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، برئاسة الرئيس محمود عباس.
وأطلع سيادته أعضاء اللجنة التنفيذية على نتائج مشاركته في اجتماعات الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة واللقاءات الهامة التي أجراها مع عدد كبير من قادة ومسؤولي دول العالم، التي أطلعهم خلالها على تطورات القضية الفلسطينية في ضوء العقبات التي تحول دون تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي أكدت جميعها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وفق مبدأ "حل الدولتين" و"مبادرة السلام العربية" و"القرار 194"، وحل قضية اللاجئين وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي؛ إضافة إلى إطلاعهم على استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بانتهاج سياسة القهر والاستيطان والاعتقالات وهدم البيوت والاجتياحات، إلى جانب استمرار اعتداءات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل، ومواصلة اقتحاماتهم الاستفزازية لساحات المسجد الأقصى المبارك.
وعبرت اللجنة التنفيذية عن ارتياحها الشديد ووقوفها خلف السيد الرئيس في جهوده المتواصلة التي قام ويقوم بها على الصعيدين الإقليمي والدولي لإنهاء معاناة شعبنا وتجسيد آماله وتطلعاته بالحرية والاستقلال، مجددة التأكيد على تمسكها بالمبادئ كافة، والمبادرات التي أعلنها سيادته في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة دعوته لعقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لإحلال السلام العادل والدائم بمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتوسيع المشاركة العربية والدولية فيها وفق قرارات الشرعية الدولية.
وناقشت اللجنة التنفيذية ما أعلنه السيد الرئيس في كلمته أمام الأمم المتحدة عن إجراء الانتخابات؛ إذ قررت اللجنة التنفيذية تشكيل لجنة من بين أعضائها لمتابعة تنفيذ عملية الانتخابات مع القوى والفعاليات والفصائل والمؤسسات المعنية كافة، وفي مقدمتها "لجنة الانتخابات المركزية"، والتي سبق وأن كلفها الرئيس ببدء التحضيرات لإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية كافة، بما فيها مدينة القدس الشرقية، وفق القوانين المعمول بها.
واستعرضت اللجنة التنفيذية الاتصالات التي قامت بها القيادة الفلسطينية لحل ما قامت به حكومة الاحتلال الإسرائيلي من استيلاء وحجز للأموال الفلسطينية، وأكد الرئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية التمسك بالموقف المبدئي الرافض لخصم أي قرش من أموال عائلات الشهداء والجرحى والأسرى، باعتبارها قضية وطنية تعبر عن تمسكنا بمبادئنا وأهدافنا وثوابتنا الوطنية التي لا يمكن المساس بها، رغم كل المعاناة التي نواجهها بسبب حجز أموالنا.
وحيت اللجنة التنفيذية أبناء شعبنا وموظفينا على صمودهم وصبرهم وتمسكهم بثوابتهم الوطنية الراسخة.
وعبرت التنفيذية عن تقديرها الكبير لمواقف البرلمان الأوروبي، خاصة موقفه الأخير الذي اتخذه من خلال تصويت لجنة الموازنة فيه على استمرار تقديم الدعم المالي للأونروا، معتبرة هذا القرار بمثابة تأكيد من المجتمع الدولي على دعم قرارات الشرعية الدولية والالتزام بها.
كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح" 1 تشرين الأول 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
سنبحث في هذه الجلسة مواضيع عدة، أولها النشاطات التي جرت في الأمم المتحدة، وبالذات والحديث عن الانتخابات والاستعداد لهذه الانتخابات والإجراءات التي يجب أن نتخذها من أجل تحقيق هذا الهدف. طبعًا يضاف إلى ذلك مواضيع داخلية عدة تتعلق بنشاطاتنا هنا، سواء فيما يتعلق بعمل الأقاليم والانتخابات التي جرت فيها، وما يتعلق بالأمن الذي تقوم به الأجهزة الأمنية بهذه الايام، وغيرها؛ إضافة إلى ذلك موضوع المشاكل القائمة بيننا وبين الإسرائيليين بما يتعلق بالأموال وغيرها، ومواضيع أخرى.
وبهذه المناسبة فإننا نرحب ترحيبًا حارًا بالمنتخب السعودي الوطني الأول الذي سيصل إلى بلادنا ولأول مرة ليلعب على أرض القدس- إن شاء الله- في التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة لكأس آسيا وكأس العالم.
هذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها المنتخب الوطني السعودي.
نوجه الشكر والتقدير إلى المملكة العربية السعودية والملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على هذه اللفتة الكريمة؛ إضافة إلى ما تقدمه المملكة من دعم في المجالات كافة الاقتصادية والمالية والإنسانية والاجتماعية، وغيرها؛ هذه كلها محسوبة للمملكة.
ومن هنا، من أرض الرباط نتوجه بالتحية لهم على هذه المكرمة وسيكون المنتخب السعودي ضيفًا عزيزًا في أرض الرباط، أرض فلسطين إن شاء الله.
كلمة الرئيس محمود عباس في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك
26 أيلول 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
أربعة أجيال من أبناء شعبنا تنتظر الأمل؛ حذارِ أن تتركوها بلا هذا الأمل.. آمل أن لا تتركوها بلا هذا الأمل.
معالي السيد تيجاني محمد باندي، رئيس الجمعية العامة
معالي السيد أنطونيو غوتيرس، الأمين العام للأمم المتحدة
السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أسبوع من الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، خرج علينا رئيس وزراء إسرائيل (نتانياهو) ليعلن بغطرسةٍ أنه في حال فوزه في الانتخابات سوف يقوم بضم غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات الاستعمارية للسيادة الإسرائيلية، رغم أنها أراضٍ فلسطينية محتلة.
نحن نرفض هذا الإعلان رفضاً قاطعاً. وإن ردنا على ذلك هو أنه في حال أقدمت أية حكومة إسرائيلية على ذلك، فإن جميع الاتفاقات الموقعة مع حكومة الاحتلال وما ترتب عليها من التزامات ستكون منتهية؛ وذلك انسجاماً مع قرارات سابقة كنا قد اتخذناها؛ وسيكون من حقنا الدفاع عن حقوقنا بالوسائل المتاحة، مهما كانت النتائج؛ ولكننا سنبقى ملتزمين فقط بالشرعية الدولية ومحاربة الإرهاب؛ وستبقى أيدينا ممدودة من أجل تحقيق السلام بالمفاوضات؛ ولكن كل ما عدا ذلك سينتهي وسيلغى إذا قررت إسرائيل، أو إذا قررت أي حكومة إسرائيلية (نتنياهو أو غيره) أن يقوم بما أعلنه قبل أيام.
وبهذه المناسبة فإنني أشكر جميع القادة والدول والمنظمات الدولية التي دانت أو رفضت هذا الإعلان والاستيطان بأكمله، الذي يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، هؤلاء جميعاً نشكرهم، الذين أكدوا على أن القضية الفلسطينية تبقى القضية المركزية الأولى للعالم أجمع، رغم المحاولات اليائسة لحرف الانتباه عنها.
وهنا أسألكم أيها السيدات والسادة، ماذا كنتم ستفعلون إذا أتاكم من يأخذ منكم أرض بلادكم، ويقضي على وجودكم فيها؟ ما هو رد فعلكم؟
لقد آن الأوان لأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوضع حد لهذا العدوان وهذه العنجهية الإسرائيلية. آن الأوان لتنفيذ قرار واحد مما اتخذتموه من أجلنا، قرار واحد وإلا لا فائدة من كل هذه القرارات.
لقد كنت أتمنى أن آتي إليكم هذا العام، لكي نعلن سوياً انتهاء الاحتلال الإسرائيلي لبلادي فلسطين، لكنني مع الأسف أقف أمامكم اليوم حاملاً ذات الهموم والأوجاع التي يكابدها شعبي، الذي لا يزال رغم كل ما يتعرض له من الظلم والقهر والاحتلال، يتمسك بالأمل أن ينال حريته واستقلاله أسوةً بجميع شعوب العالم.
وأسألكم مرة أخرى، ألم يحن الوقت لخلاص الشعب الفلسطيني، وانعتاقه من هذا الظلم والقهر والاحتلال؟ ألم يأتي الوقت؟ أرجو أن تسألوا أنفسكم.
أيها السيدات والسادة
لقد منحت جمعيتكم الموقرة دولة فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، ونحن نقدر لكم هذا الموقف القانوني والأخلاقي، ونشكر لكم موقفكم من مطالبنا العادلة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتجسيد استقلالها التام والكامل على حدود الرابع من حزيران عام 1967، مع الحل العادل والشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين الذين طالت معاناتهم. نشكركم على مواقفكم، نتمنى أن تطبق هذه المواقف، أن لا تبقى حبراً على ورق. أن تجد طريقها للتطبيق.
كما نتوجه بالتحية والتقدير لجميع الدول والشعوب التي تستمر في تقديم الدعم والمساندة لشعبنا ودولتنا سياسياً واقتصادياً، من أجل إنهاء الاحتلال، وبناء مؤسساتنا الوطنية، إضافة إلى الاستمرار في دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إلى أن يتم حل قضيتهم وفق القانون الدولي، حلاً عادلاً وشاملاً. أسست الأونروا في عام 1949 لتساعد الفلسطينيين لتحل مشكلتهم، ومع ذلك-مع الأسف-هناك من يحاول أو حاول أو قطع كل المساعدات عنهم، مع أن مهمتهم لا زالت قائمة ولم تنتهي.
إننا نفتخر بأن دولة فلسطين، وبرغم كل عقبات وسياسات الاحتلال الإسرائيلي ومن يقف خلفه، قد أصبحت عضواً كامل العضوية في أكثر من 110 منظمة ومعاهدة دولية، كما حصلت على اعتراف 140 دولة حول العالم، وترأست هذا العام مجموعة الـ 77 + الصين، وتواصل تحمل مسؤولياتها بكل جدارة على المستويين الإقليمي والدولي كعضو مثابر وبناء في الأسرة الدولية، وتستحق أن تكون عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة ومؤسساتها كافة.
أعتقد أنها بعد كل هذا تستحق، ولا أدري أن أعطى سبباً واحداً أننا لا نستحق هذا.
السيدات والسادة
لقد قبلنا بالشرعية الدولية، وبالقانون الدولي حكماً لحل قضيتنا، وسعينا ولا زلنا من أجل السلام العادل والشامل، لكن القانون الدولي الذي قبلناه وتمسكنا به، والسلام الذي نسعى إليه، أصبحا في خطر شديد بسبب السياسات والإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في أرضنا المحتلة، وبسبب تنكرها للاتفاقات الموقعة معها منذ اتفاق أوسلو عام 1993 وإلى الآن.
إن مسؤولية حماية السلام والقانون الدولي تقع على عاتقكم. إسرائيل لم تحترم أي اتفاقية، نتمنى منكم أن تدفعوها لاحترام الشرعية الدولية.
أيها السيدات والسادة
في القدس حرب عنصرية مسعورة تشنها دولة الاحتلال ضد كل ما هو فلسطيني، من مصادرة وهدم البيوت إلى الاعتداء على رجال الدين، إلى طرد المواطنين من منازلهم، إلى محاولات المس بالمسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، إلى إصدار القوانين العنصرية،-قانون القومية الذي انتهى بعهد جنوب إفريقيا السابقة، منذ ذلك الوقت انتهى الآبرتهايد وانتهى التمييز العنصري، الآن هناك قانون في إسرائيل اسمه قانون القومية، يفرق بين الناس على حسب دينهم وجنسهم والعالم يبقى ساكتاً- ومنع المواطنين من الوصول إلى أماكن العبادة. إنني أحذر من هذه السياسات والممارسات الطائشة وما يمكن أن يترتب عليها من تداعيات خطيرة لا تحمد عقباها. نتائجها هي حرب دينية، ستكون هناك حرب دينية، هذا الأمر الذي نريد أن نتفاده، إسرائيل تمارس كل شيء من أجل الوصول إلى الحرب الدينية.
السيدات والسادة
تقوم إسرائيل منذ عدة أشهر باقتطاعات تعسفية من أموالنا، ومصادرة جزء منها، الأمر الذي زاد من معاناة شعبنا، حيث لم يعد بمقدورنا أن نفي بالتزاماتنا المالية تجاه مواطنينا، وفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا، في ظل قلة الموارد وإحجام بعض الجهات والدول عن الوفاء بالتزاماتها لنا.
إن الشعب الفلسطيني لن يرضخ للاحتلال مهما كانت الظروف ومهما زادت المعاناة، وسوف يواصل صموده على أرضه، وسوف نقاوم الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، وعلى رأسها المقاومة الشعبية السلمية، فهذا حقنا المشروع، وهذا واجبنا الوطني والأخلاقي، وليعلم الجميع أن الاحتلال لا يمكن أن يأتي بالسلام أو يحقق الأمن والاستقرار لأحد. لا تظن إسرائيل أنها بالاحتلال تأتي بالسلام لها. لا يمكن أن يحصل هذا.
أيها السيدات والسادة
إن ما يدعو إلى الأسف ويثير الدهشة والاستغراب، أن الولايات المتحدة الأمريكية التي هي عضو دائم في مجلس الأمن، وبدل أن تصون السلام والأمن الدوليين، وتحترم قرارات الأمم المتحدة، تساند العدوان الإسرائيلي علينا، وتتنكر لمسؤولياتها الدولية والقانونية والسياسية والأخلاقية، بل لقد أقدمت على إجراءات غير قانونية غاية في العدوانية، عندما قررت الإعتراف بالقدس عاصمة ً لدولة إسرائيل، ونقلت سفارتها إليها، في استفزاز صارخ لمشاعر مئات ملايين المسلمين والمسيحيين، الذين تمثل القدس جزءاً من عقيدتهم الدينية. ستبقى القدس رغم كل هذه الإجراءات عاصمة أبدية لفلسطين شاء من شاء وأبى من أبى.
ولم تتوقف الإدارة الأمريكية عند هذا الحد، بل أقدمت أيضاً على إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن دون أي سبب، وادعى مسؤولون فيها وبالذات سفيرها في تل أبيب أن المستوطنات الإسرائيلية في أرضنا المحتلة شرعية،-هكذا قرر أن تكون هذه الأرض ليست محتلة وإنما هي أرض لإسرائيل، تستطيع أن تبني عليها ما تشاء، هكذا أراد وهكذا قرر السفير الأميركي في تل أبيب وعلينا أن ننصاع، لا. إن كلام الولايات المتحدة وسفرائها ليس قدراً علينا إطلاقاً-بالإضافة إلى قيامها بقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في عمل غير أخلاقي وغير إنساني، ثم تأتي لتتحدث عما يسمى بصفقة القرن، وتلوح بحلول اقتصادية وهمية وواهية، بعدما نسفت بسياساتها وإجراءاتها كل فرص تحقيق السلام. أنا أتحدى أمريكا أن يكون لديها شيء اسمه صفقة القرن في جيبها غير الذي أعلنته، وما أعلنته كله مرفوض مرفوض مرفوض.
لقد شجعت هذه السياسة الأمريكية حكومة الاحتلال الإسرائيلي على التنكر لجميع الاتفاقات الموقعة بيننا وبينها، والتراجع عن جميع الالتزامات تجاه السلام، ما أفقد عملية السلام كل مصداقية، ودفع قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني إلى فقدان الأمل في السلام المنشود، وجعل حل الدولتين في مهب الريح، وجعل أصواتاً عدة تتساءل: إذا كان حل الدولتين لم يعد ممكناً، هل يمكن حل الدولة الواحدة التي يعيش فيها الجميع على قدم المساواة؟ بدأ الناس يتساءلون ويسألون ويرون بأم أعينهم أن إسرائيل تأكل الأرض وتنهي حل الدولتين. فسألوا: هل حل الدولة الواحدة ممكن؟ أن شخصياً أقول: نعم أنا مع حل الدولتين فقط ويجب أن يتم هذا الحل. هذه هي الشرعية الدولية، هذه هي القرارات الدولية، هذا آخر قرار وافقت عليه أمريكا في مجلس الأمن رقم 2334. أنا أريد أن يطبق هذا القرار ولا شيء غيره ولا أريد دولة واحدة أو نصف دولة أو أبارتهايد أو غيره. وكل هذه المشاريع لن نقبل بها. نريد حل الدولتين على أساس الشرعية الدولية.
نحن من جانبنا لم نضيع فرصة لإنجاح أية مفاوضات، نحن في كل مناسبة أيدينا ممدودة دائماً للمفاوضات ولكن أتحدى مرة واحدة السيد نتنياهو أن يكون قد قبل بمفاوضات معنا، سرية علنية ثنائية غير ثنائية، اتحدى مرة واحدة أن يكون قبل، تلقينا دعوات أنا وهو من أكثر من دولة لكي نلتقي على أرض هذه الدولة من أجل بدء مفاوضات وهو يرفض وآخر هذه الدعوات كانت من روسيا، 3 مرات دعتنا روسيا وهو يرفض. عندما يقولون نحن لا نريد سلام، لا نريد مفاوضات، أنا أقول: يدنا ممدودة دائماً للسلام لأننا مقتنعون أن السلام لن يأتي إلا من خلال المفاوضات والمفاوضات فقط.
ومع كل ذلك، فإنني أيها السيدات والسادة أجدد الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام يستند إلى المبادرة التي سبق أن طرحتها في مجلس الأمن الدولي في فبراير 2018، بحيث تشارك في هذا المؤتمر الأطراف العربية والدولية المعنية كافة-الرباعية الدولية وبعض دول أوروبا ودول عربية يمكن أن تشارك جميعها في هذا المؤتمر من أجل إيجاد حل-، بما فيها الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، والرباعية الدولية، لكي يقر خطة تستند إلى الإجماع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتتضمن أطراً زمنية محددة لإنهاء الاحتلال واستقلال الدولة وإنهاء الصراع. هذا ما نطالب به وبصراحة نرفض رفضاً قاطعاً أية مفاوضات ترعاها دولة واحدة. معروفة من هي هذه الدولة. سواء كانت أمريكا أو غيرها. نحن نرفض رفضاً قاطعاً. الأمم المتحدة هي التي ترعى أما دولة، أمريكا أو غيرها، نعتبرها منحازة. نقبل بالرباعية الدولية وأي دول إضافية معها، أما دولة لحالها، أمريكا أو غيرها، يعني لو جاءت أي دولة وقالت: أنا أريد أن أحل المشكلة وحدي، لن نقبل وبالذات لن نقبل وساطة أمريكا لوحدها.
أيها السيدات والسادة
لقد آمنا منذ البداية بالديمقراطية أساساً لبناء دولتنا ومجتمعنا، وثبتنا ذلك في دستورنا، ومارسناه على أرض الواقع، فأجرينا انتخابات في عام 1996، وفي عام 2005، وعام 2006، لكن توقفت بعد ذلك بسبب انقلاب حماس عام 2007. منذ عام 2007 إلى الآن ونحن ندعو لمصالحة وندعو لانتخابات. على كل حال، عند عودتي إلى أرض الوطن سوف أدعو إلى انتخابات عامة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وسنحمّل من يعترض على الانتخابات، المسؤولية أمام الله والمجتمع الدولي والتاريخ.
السيدات والسادة،
نحن موقفنا ثابت من محاربة الإرهاب، نحن نقول بكل مناسبة، مستعدون أن نتخلى عن كل شيء، لكن لا يمكن أن نتخلى عن محاربة الإرهاب. نحن عقدنا 83 بروتكول مع 83 دولة بما فيها الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب الدولي، وبهذه المناسبة وبمناسبة الاعتداء الغاشم على مدينة الظهران ومنشآت البترول في السعودية فإننا ندين هذا الهجوم ونقف إلى جانب السعودية ونؤيدها في موقفها.
وختاماً، أتوجه بالتحية والافتخار لأبناء شعبنا الفلسطيني في فلسطين، وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي أرجاء العالم كافة، وأقول لهم إننا على يقين بأن هذا الاحتلال، شأنه في ذلك شأن الاحتلالات السابقة، زائل لا محالة،-هناك بلاد كثيرة تعرضت لاحتلالات بما فيها أمريكا، احتلت من عدد من الدول وذهب الاحتلال، دول أوروبا، حروب كثيرة، أفريقيا، أمريكا اللاتينية، ونحن نقول الاحتلال الذي عندنا زائل وسيزول إن شاء الله كما زالت كل الاحتلالات السابقة، وسنستمر بالمطالبة بحقوقنا وما ضاع حق وراءه مطالب.
تحية لشهدائنا الأبرار، وأسرانا وعائلاتهم الصامدة الصابرة ونقول لهم، لعائلات الشهداء: سنحمي حقوقهم مهما كلفنا ذلك من ثمن، لن أخضع لما طلبته إسرائيل، لن أخضع، لو بقي عندي قرش واحد سأدفعه لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى ولن أمنع هذا عنهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة الرئيس محمود عباس بالنيابة عن مجموعة الـ 77 والصين في قمة التنمية المستدامة في نيويورك
24 أيلول 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
يسعدني أن أدلي بهذا الكلمة نيابةً عن مجموعة الــ77 والصين.
إن قمتنا اليوم وإعلاننا المشترك، الذي نعيد فيه التأكيد على مبادئ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ونضع من خلاله إجراءات ملموسة لمواصلة تنفيذها، يدلان على أن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لا تزال هدفنا المشترك الذي نصبو جميعا لتحقيقه في غضون العقد القادم، وتبقى أيضًا خط دفاعنا الأول لمواجهة التحديات التي تهدد وجود البشرية؛ الأمر الذي يتطلب منا جميعاً تنفيذ هذه الخطة بشكلٍ متكامل ونزيه.
فرغم الجهود المميزة التي بذلها الجميع، ورغم التقدم الذي أحرزناه في العديد من المجالات، إلا أننا ما زلنا نسير ببطءٍ نحو تحقيق بعض الأهداف الرئيسة التي لا غنى عنها لبناء مستقبلٍ أفضل لجميع البلدان والشعوب، بما في ذلك القضاء على الفقر في جميع صوره وأبعاده، وهو المقصد الأساس لخطة التنمية المستدامة 2030.
وإننا، ومع التأكيد على مبدأ المسؤوليات المشتركة والمتباينة في آنٍ واحد واختلاف القدرات ذات الصلة، لن ندّخر وسعاً في تنفيذ خطة 2030.
ويمكننا قياس مدى الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال الوسائل التي نضعها لبلوغها؛ وبالتالي، فإن الوفاء بهذه الالتزامات يتطلب منا تعزيز سبل التنفيذ، وبخاصةٍ بالنسبة للبلدان النامية، بما في ذلك عبر مجالات العمل السبعة لخطة عمل أديس أبابا.
نحتاج أيضا إلى أن نبقى صادقين في تعهدنا بأن لا يخلف الركب أحدًا وراءه؛ بل الوصول أولاً لهؤلاء المتروكين في نهاية الركب، وضمان بلوغ الأهداف والغايات لجميع الأمم والشعوب ولجميع فئات المجتمع، بما في ذلك الفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفًا.
وإننا نشدد أيضًا على أن مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة هي المصدر الذي نستلهم منه التزامنا التام بالتعددية، وبالبحث عن نظامٍ اقتصادي دولي أكثر عدلاً وإنصافاً، ويوفر فرصاً لرفع مستوى معيشة شعوبنا.
ونؤكد من جديد ضرورة دعم حق تقرير المصير بالنسبة للشعوب الرازحة تحت نير الاستعمار والاحتلال الأجنبي، واحترام السلامة الإقليمية للدول واستقلالها السياسي، وفقًا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
كما نعيد التأكيد على رفضنا القاطع لفرض التدابير الاقتصادية الأحادية بوصفها وسيلةً للتعسف الاقتصادي ضد البلدان النامية، وندعو المجتمع الدولي إلى اعتماد تدابير عاجلة وفعّالة لضمان إزالتها على الفور.
وأخيرًا، يتطلب منا كوكب الأرض، الموطن الذي تتشارك فيه البشرية مع الطبيعة، أن نعالج بشكلٍ عاجل الآثار المترتبة على تغير المناخ.. هذه الآثار التي تثقل كاهل جميع البلدان النامية على وجه الخصوص، ولا سيما تلك الأشد فقراً والأكثر ضعفاً. فعلينا اتخاذ إجراءاتٍ طموحة انسجاماً مع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس.
دعونا لا نحرم أجيالنا المقبلة من موطنهم الذي سيسمح لهم بمواصلة تاريخهم البشري لقرونٍ زمنية قادمة.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
لنضبط ساعاتنا كي لا يدركنا الوقت، فلدينا بالكاد عقد من الزمن نحقق فيه رؤيتنا المنصوص عليها في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ونعلم جميعًا أن الوجود البشري ومصير كوكبنا، ومصير الحياة عليه، يعتمد على قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا.
شكراً جزيلًا
كلمة الرئيس محمود عباس خلال مشاركته في مراسم تشييع الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي 27 تموز 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)
صدق الله العظيم
فخامة الرئيس،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جئنا اليوم من فلسطين لتقديم واجب العزاء احترامًا وتقديرًا للزعيم والمناضل والأخ والصديق الراحل فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي فقدته الأمَّتان العربية والإسلامية، وفقدته فلسطين وتونس والإنسانية جمعاء؛ فهو الذي حمى تونس وحافظ على استقرارها وديمقراطيتها في أصعب الظروف، وهو كذلك خليفة الزعيم الكبير العظيم الحبيب بورقيبة، رائد الواقعية السياسية في تاريخنا المعاصر وصاحب الفضل باستضافة تونس للفلسطينيين على أرضها.
وننتهز الفرصة لنحيي الشعب التونسي بقواه وأطيافه كافة. وإننا على ثقة بأن هذا الشعب الشقيق سوف يحافظ على الإرث الوطني الكبير الذي أرساه الزعيمان: الحبيب بورقيبة، والباجي قايد السبسي؛ فتونس لها في قلوبنا منزلة خاصة؛ ولا ننسى أننا بدأنا منها رحلة العودة إلى فلسطين.
وفي هذه اللحظة الحزينة، نتقدم بخالص العزاء للشعب التونسي الشقيق ولأسرة الفقيد الكبير وللأمتين العربية والإسلامية، بوفاة الصديق الحميم العظيم الرئيس السبسي، رحم الله الفقيد العزيز وتغمده بواسع مغفرته وأدخله فسيح جناته، فإلى جنة الخلد يا أبا حافظ.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
والسلام عليكم ورحمة الله
كلمة الرئيس محمود عباس عقب اجتماع القيادة الفلسطينية 25 تموز 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ"
صدق الله العظيم
شعبنا الفلسطيني العظيم في الوطن والشتات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في ضوء ما أقدمت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي من تدمير للعشرات من بيوت أهلنا في القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية؛ وتشريد مئات المواطنين الآمنين من صور باهر وغيرها، الذين أصبحوا بلا مأوى؛ في خرق إسرائيلي واضح للقانون الدولي -كعادتها- وخرق للشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة بيننا وبينها؛ الأمر الذي لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره تطهيراً عرقياً، وجريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها-مع أن مسألة التطهير العرقي انتهت من كل العالم بعد جنوب إفريقيا إلا أنها بقيت للآن في إسرائيل برعاية أميركية-.
ووفاءً لشهدائنا وجرحانا وأسرانا وعذابات شعبنا الذي يعيش تحت أطول احتلال في تاريخنا المعاصر، في أرض دولة فلسطين المحتلة وباسم اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان وحقهم في العودة إلى ديارهم، نقولها بوضوح: إننا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة، وتحديدًا في القدس وغيرها؛ الأرض الفلسطينية كلها مقدسة، وبقية المدن والقرى لا تقل تقديساً عن القدس، "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله"، فكل فلسطين أرض مباركة.
نقولها بوضوح: اننا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة، وتحديدا في القدس؛ وإن كل ما تقوم به دولة الاحتلال فيها من إجراءات، غير شرعي، وباطل، باطل، باطل.
إن الإدارة الأميركية، ومن خلال سياساتها المنحازة لإسرائيل ومحاولاتها تغيير المرجعيات الدولية بتمرير صفقة القرن، توفر الغطاء للانتهاكات الإسرائيلية ضد شعبنا؛ الأمر الذي رفضناه، وسوف نستمر في رفضه، التزاما منّا بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومصلحة شعبنا وحقوقه، وسوف يفشّل شعبنا الفلسطيني بصموده ومقاومته الشعبية السلمية المخططات الإسرائيلية والأميركية على حد سواء.
ومهما طال الزمن أو قصر، فسوف يندحر هذا الاحتلال البغيض عن أرضنا وسوف تستقل دولتنا العتيدة بإذن الله؛ فلا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا وكل العالم دون أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة.
وفي هذا السياق، فإننا نعيد التأكيد مرة أخرى بأننا لم نفوض أحدا بالحديث باسم دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني)، الشرعي والوحيد؛ ليس لنّا شريك. الأمة العربية إخوتنا وأصحاب مصلحة في القضية الفلسطينية؛ لكننا نحن أصحاب القرار الأول.
إن سلطة الاحتلال الإسرائيلي قررت التنكر لجميع ما ترتب عليها من التزامات وفقًا للاتفاقات الموقعة معها؛ حيث تواصل قتل المواطنين الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم؛ إضافة إلى إغلاق الطرق بمئات الحواجز وبناء الجدران التي تقطّع أوصال الأرض الفلسطينية، وفرض سياسة الفصل العنصري "الأبرتهايد" التي نبذها العالم أجمع؛ هذا "الأبرتهايد" الذي انتهى منذ ثلاثين عاماً من كل العالم؛ لا زال هنا مرعيًا من قبل أميركا. وأخيرا ممارسة القرصنة للأموال الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، تواصل قطعان المستوطنين، مدعومة بدولة الاحتلال، الاعتداءات على أرواح وممتلكات أبناء شعبنا في مدنهم وقراهم، وعلى مقدساتنا المسيحية والإسلامية، وبالذات المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه. وشعبنا يجب أن لا يسكت عنه، وشعبنا يجب أن يمنعه بكل الوسائل المشروعة، يجب أن يقف في وجه كل من يريد أن يعتدي علينا، كفى كفى كفى.
إن أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام؛ لأننا نؤمن بالسلام الشامل والعادل والدائم؛ ولكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أننا نقبل باستمرار الوضع القائم، أو الاستسلام للسياسات والإجراءات الاحتلالية.
وأجدد التأكيد أننا لن نستسلم، ولن نتعايش مع الاحتلال، ولن نتساوق مع "صفقة القرن" أو صفعة القرن أو صفقة العار (كلها مسميات لاسم واحد)؛ ففلسطين والقدس ليست للبيع والمقايضة، وليست صفقة عقارات في شركة عقارات.
وفي الوقت الذي نشكر فيه كل من يقف إلى جانبنا من دول وشعوب العالم من أجل نيل حقوقنا، فإننا نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في ردع العدوان الإسرائيلي على شعبنا وإنهاء احتلاله لدولتنا؛ وذلك بتنفيذ ما اتخذه من قرارات بهذا الشأن.
بالأمس كان هناك اجتماع بمجلس الأمن: 14 دولة تكلمت بلغة؛ وأميركا تكلمت بلغة وحدها؛ ويخرج غرينبلات ليقول: الفلسطينيون معزولون. أنا أريد أن أعرف من هو المعزول. هل نحن أم هم؟ هل هم أمام 14 دولة أم نحن ومعنا 14 دولة. ونحن معنا 135 دولة (مجموعة ال77 والصين) نترأسها، و140 دولة تعترف بنّا. من هو الذي في عزلة؟ هل نحن أم أميركا؟ ومع ذلك نقول لدول العالم: نريد عملًا، نشكركم على موقفكم من رؤية الدولتين والاحتلال وحدود 1967؛ لكن نريد خطوات عملية ولو مرة واحدة لتنفيذ القرارات الأممية سواءً في مجلس الأمن. يوجد 86 قرارًا، اختاروا أي قرار ونفذوه؛ أو قرارات الجمعية العامة 700 قرار أي قرار خذوه ونفذوه؛ لكن للأسف، لم ينفذ أي قرار، وفي الوقت ذاته نتحدث عن الشرعية الدولية والعدالة الدولية أعتقد أن هذا أمر لا يمكن قبوله في القرن الـ21.
ونقول لاخواننا في غزة: آن الأوان لتطبيق اتفاق 2017 أنتم من بادر للبدء بالحوار، ومصر مشكورة رعت هذا الحوار؛ والعرب كلهم موافقون على هذا الاتفاق (2017)؛ نتفق؛ ثم نطبقه. عندما نقول نريد أن نواجه إسرائيل بقوانا جميعها. أنتم أين؟ ومع من؟ أنا أفهم المنظمات المنخرطة في منظمة التحرير؛ لكن أنتم أين؟ لا نريد أن نعود إلى مأساة اجتماع موسكو، عندما رفضتم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتساوقتم مع إسرائيل وأميركا؛ لأن العالم كله يتحدث عن دولتين، والعالم كله موافق على القرار 2334؛ والعالم كله موافق على قرارات الجمعية العامة بدولة فلسطين منذ أن حصلنا على "عضو مراقب"؛ وأنتم تقولون: لا لمنظمة التحرير. مع من تقفون؟ لا زالت يدي ممدودة للمصالحة؛ وأريد المصالحة؛ ولي مصلحة بأن تكون هناك مصالحة؛ أمّا أن نبقى هكذا ونتكلم عن أشياء جانبية، عن أشياء فرعية، عن أشياء هامشية، أعتقد آن الأوان لأن نكون أكثر جدية.
وعلى ضوء ما جرى في اجتماع القيادة اليوم من مداولات، وأمام إصرار سلطة الاحتلال على التنكر لجميع الاتفاقات الموقعة، وما يترتب عليها من التزامات- نعلن عن قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي؛ والبدء بوضع آليات، ابتداء من يوم غد، بتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملًا بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
صدق الله العظيم
كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير 17 تموز 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
سيكون على جدول أعمالنا عدد كبير من القضايا الهامة التي مرت بنا خلال الفترة الماضية، والتي حاولنا أن نعالجها بكل ما نستطيع من إمكانات؛ ونحن مستمرون في علاجها؛ ومن هذه القضايا كما نعلم: صفقة العصر، وورشة المنامة، وما جرى ويجري في لبنان، والانتخابات الإسرائيلية -طبعا الانتخابات الإسرائيلية نحن لا نتدخل فيها إطلاقا، وإنما على الأقل نطل عليها باعتبارها تجري عند جيراننا- ونتكلم عن المصالحة، وما جرى في القدس؛ ثم الأموال الفلسطينية لدى إسرائيل، ثم الزيارات -هناك الزيارات الهامة التي قام بها رئيس الوزراء إلى كل من الأردن والعراق- ثم الوضع القائم الآن في لبنان بعد الظروف التي مررنا بها، وهي ظروف ممتازة خلال الفترة الماضية، كقضية صابر مراد وغيرها؛ لكن حصلت بعض الأمور التي تستدعي السؤال وتستدعي الحوار المستعجل بيننا وبين الإخوة اللبنانيين؛ ولذلك اليوم بعد الاجتماع مباشرة سيغادرنا الأخ عزام الأحمد إلى هناك لمتابعة هذه القضايا، والعمل على حلها؛ ونحن نريد أن نحل مشاكلنا مع الإخوان اللبنانيين ومع غيرهم بطرق الحوار والمفاوضات؛ ولا نريد أي تصعيد؛ ونرفض كل تصعيد يأتي من أي جهة كانت مع اللبنانيين؛ لأن المهم هو حل المشاكل، وليس تعقيدها بيننا وبينهم.
كلمة الرئيس محمود عباس أثناء لقائه الصحافة الأجنبية في مقر الرئاسة بمدينة رام الله
24 حزيران 2019
في البداية سأتحدث عن موضوع ربما سمعتم به أو لم تسمعوا؛ ولكن بالنسبة لنا في منتهى الأهمية، وهو الحدث الذي حصل قبل أسبوعين في طرابلس شمال لبنان؛ حدث قد يعتبره البعض أمنيًا ولكنه بالنسبة لنا حدث سياسي بامتياز، وهو على النحو التالي: شاب فلسطيني من مواليد طرابلس، فلسطيني لا يحمل إلا جنسية فلسطينية، كان راكبا بسيارته وشاهد شخصًا يركب دراجة نارية، يطلق النار على الناس، ويحمل على وسطه حزامًا ناسفًا؛ فهجم عليه ومنعه من استكمال إطلاق النار أو تفجير نفسه؛ لكن ذلك الشخص قبل أن يصدمه الفلسطيني أطلق 11 رصاصة عليه؛ فأصابه بثلاث رصاصات، إحداها خطيرة جدًا برأسه؛ والشاب الذي كان يحمل حزامًا لبناني من طرابلس؛ إذن المفارقة هنا أن فلسطيني من طرابلس يمنع لبناني من طرابلس أن يقتل لبنانيين، ونجح نجاحًا كبيرًا، ومنعه من تفجير نفسه ومنع وقوع كارثة كانت ستحصد عددًا كبيرًا من الأرواح اللبنانية.
النقطة الثانية هي صفقة العصر، قبل أن تعلن صفقة العصر، أو قبل أن يبدأ الرئيس ترمب بتوضيح موقفه من نقاط كثيرة تتعلق بصفقة العصر، أنا التقيت به 4 مرات، والوفد الذي يعمل معي التقى معهم 34 مرة (مع الوفد الذي يرافق ترمب)، وكل هذه اللقاءات كانت من أجل الحديث عن الحل السياسي لقضية الشرق الأوسط.
وفي اللقاء الأخير الذي تم بيني وبين الرئيس ترمب في صيف 2017 في نيويورك، تحدثنا بصراحة عن رؤية الدولتين، وعن تطبيق القرارات الأممية، وعن أراضي الـ67، وكان موقف الرئيس ترمب كما يلي: نحن أنا حل سياسي، أنا مع رؤية الدولتين، ولا أقبل دولة واحدة لأنها ستكون (ابرتايد) ونحن مع حدود 67 مع تبادلية، مع أن تتولى الولايات المتحدة الأمن، أي أننا تحدثنا بكل شيء سياسي، وكنا متفقين تمامًا على هذه الرؤية؛ واستغربت جدًا، وشعرت أننا في اللقاء القادم قد نجد حلًا سريعًا لقضية الشرق الأوسط، القضية الفلسطينية، وهذا الكلام كان في سبتمبر 2017، وبعد أسبوعين من ذلك فاجأنا الرئيس ترمب أنه أولًا أبلغ مكتبنا التمثيلي في واشنطن أن مدته قد انتهت وعليه أن يغادر! وثم أعلن أن سفارته ستنقل من تل أبيب إلى القدس، وأن القدس هي عاصمة لإسرائيل! ثم بدأت إجراءات أخرى حول موضوع الأونروا والاستيطان، إلى أن وصل بسفيره في إسرائيل فريدمان ليقول: إنه لا توجد هناك أرض محتلة؛ أي أن إسرائيل من حقها أن تبني مستوطناتها في الأراضي الفلسطينية. وهنا فهمنا أن الرئيس ترمب ابتعد كثيرًا ولم يعد هناك حل سياسي. ومع ذلك استمر يتكلم عن صفقة القرن، وأنا أستغرب حتى الآن ما هي الصفقة التي بقيت عنده بعد أن تحدث عن كل هذه القضايا (القدس، والأراضي، واللاجئين، والحدود والمستوطنات) وهي كلها مواضيع موجودة في المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين باتفاق أوسلو! طبعًا في هذه الحالة نحن رفضنا رفضًا قاطعًا كل ما قاله الرئيس ترمب؛ بل أكثر من ذلك عندما قاموا بهذه الإجراءات أوقفنا الاتصالات مع الإدارة الأميركية، وقالوا: لماذا؟ قلنا: لأنكم قمتم بكل هذه الأفعال؛ وبالتالي أقفلتم الباب على الحل السياسي. ماذا تريدون قولوا لنا. قلنا لهم: أن تتراجعوا عن هذا الكلام، وأن تقولوا: إن القدس الشرقية أرض محتلة، وحل الدولتين، وعندها نعود للحديث معكم.
وبالمناسبة، عندما ذكرت للرئيس ترمب في لقائنا الأخير حل الدولتين، قال لي بالحرف الواحد: أنا الآن سأعلن عن حل الدولتين، فرد عليه أحد أعضاء وفده، وقال له: ليس وقته الآن سيادة الرئيس؛ فتوقف. أقول لكم: إنه كان مستعدًا لكل هذا؛ لكن مع الأسف الشديد، غير كلامه وموقفه، وبدأ يسير فيما يسمى "صفقة قرن".
ويقولون لنا: هناك صفقة القرن. ونقول لهم: انتهت صفقة القرن بالذي أعلنتموه، ولم يبق شيء نتحدث عنه؛ إذا كانت "القدس" و"الأراضي" و"اللاجئين" انتهت! بالإضافة لكل هذا كل المعونات التي كانت تقدمها لنا الإدارة الأميركية عن طريق الـundp، أو مباشرة إلى السلطة (وهي بحدود الـ800 مليون دولار) كلها أوقفتها الإدارة الأميركية، أقول هذا في الوقت الذي يتحدثون فيه الآن في المنامة عن مساعدة السلطة الفلسطينية، هنا يقطعون كل شيء وهنا يقولون: تعالوا سنعطيكم قليلًا من النقود.
بالنسبة لصفقة القرن هذا ما جرى بالضبط بيننا وبين الأميركان، ونقول لهم: نحن مستعدون للحديث معكم إذا تراجعتم عن هذا الكلام؛ إذا قلتم برؤية الدولتين وقبلتم بالشرعية الدولية؛ لأنه بصراحة، عندما يتخذون مثل هذه الإجراءات يضربون بعرض الحائط كل الشرعيات الدولية، بما فيها قرارات مجلس الأمن التي كانت توافق عليها أميركا وآخرها القرار2334 الذي أخذناه وترمب في البيت الأبيض، أنا أريد هذا القرار، ومع ذلك أنكر كل هذه القرارات، وأصبحت لا قيمة لها!
إذا لا يوجد شرعية دولية إلى من نحتكم؟ وإذا لا يوجد محاكم دولية إلى من نحتكم؟، وإذا لا يوجد أمم متحدة إلى من نحتكم؟ إذا كانت أميركا هي الحكم، نحن نرفض هذا الحكم ولا نقبل التعامل معه.
كما قلت لكم: لن نتعامل مع الإدارة الأميركية على هذا الأمر ما لم تتراجع عن القرارات التي اتخذتها، ومن ثم تطبيق الشرعية الدولية، أنا أريد تطبيق الشرعية الدولية، أنا جزء من الشرعية الدولية، لا أريد أكثر، أنا لست خارجا عن الشرعية الدولية، نحن الآن أعضاء مراقبين في الأمم المتحدة؛ وبالتالي نحن نهتم جدا بأن الشرعية الدولية يجب أن تطبق، ويجب أن يكون لها الأولوية في التعامل الدولي، وإلا فهناك فوضى من الذي يحكم من؟ إذا كانت أميركا لا تريد الشرعية الدولية فماذا نفعل نحن كدول وشعوب صغيرة، وماذا تفعل بقية دول العالم؟
النقطة الثانية: الآن هناك قضية المنامة، مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، قالوا نريد أن نقدم قضايا اقتصادية لكم، نحن بحاجة لاقتصاد، وبحاجة إلى مال، وفعلًا بحاجة لمساعدات، ولكن قبل كل شيء هناك حل سياسي؛ عندما يكون هناك حل سياسي وعندما تطبق رؤية الدولتين، وعندما نرى دولة فلسطين على حدود 67 حسب ما هو وارد بقرارات الشرعية الدولية، عند ذلك نقول: أيها العالم تعال لمساعدتنا نحن مستعدون للمساعدة؛ أما أن تحول أميركا القضية كلها من سياسية إلى اقتصادية فنحن لن نقبل هذا؛ ولذلك قلنا: لن نحضر المنامة بكل وضوح وصراحة؛ ولا نشجع أحدًا أن يذهب لحضور المنامة، ونحن متأكدون أن ورشة المنامة لن يكتب لها النجاح.
العلاقة مع إسرائيل، نحن بيننا وبين إسرائيل اتفاق أوسلو، والاتفاقات الملحقة بأوسلو والتي تصل إلى اتفاق باريس، وأقول لكم بصراحة منذ أكثر من 15 عامًا إسرائيل أيضا نقضت كل هذه الاتفاقات وهي مكتوبة كلها بيننا وبينهم ووقعناها في حديقة البيت الأبيض برعاية الرئيس كلينتون، ثم بعد ذلك في باريس برعاية الحكومة الفرنسية، كل هذه الاتفاقيات ألغيت، ولم تبق إسرائيل أيا منها ونحن صابرون؛ ولكن في الفترة الأخيرة، قررت إسرائيل أن تخصم أموالنا، طبعا هي تجمع لنا الأموال من الموانئ والبضائع التي تصل البلاد، باعتبار أنه لا تواجد لنا على الحدود؛ وتقدم لنا كل شهر هذه الأموال بعد أن تخصم أجرتها 3%، دون حساب؛ ويرفضون التعامل معنا لكي لا نسألهم عن كيفية الخصم..الخ؛ إلى أن جاء وقت وقرر الكنيست الإسرائيلي أن يخصم أموال الشهداء والأسرى والجرحى من أموال المقاصة، نحن رفضنا هذا، فقالوا هذه الأموال ناقصة أموال الشهداء فرفضناها، وقلنا: لن نقبل بها. وأعيدت لهم. ومنذ 4 أشهر ونحن ننتظر لكي نجد حلا بيننا وبينهم. إنما أن نقبل أن نستلم الأموال منقوصة فهذا لا يمكن أن نقبل به إطلاقًا. بعض الدول حاولت أن تقول لنا: خذوا الأموال وتفاوضوا. قلنا: لا، إما أن نأخذها كلها أو لا، نحن مستعدون للحوار مع الإسرائيليين لماذا تخصمون هذه الأموال؟ بالنسبة لي كيف أقبل قرارًا يمس حقوقي ويمس الشهداء، وهم أقدس ما لدينا، والجرحى وهم أقدس ما لدينا، والأسرى وهم أقدس ما لدينا! فلا يمكن أن أحرمهم من الرواتب من أجل أن إسرائيل تريد أن تسميهم إرهابيين، فهذا كلام لا يقبل به أحد ولا نقبله إطلاقًا.
ذهبنا لمجلس الأمن وقدمنا مشروعًا، وقلنا فيه: نريد مؤتمرًا دوليًا كما عقد في أنابوليس من أجل حل القضية على أساس الشرعية الدولية؛ ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن ونحن ننتظر، ولا أحد يسمع, وبالذات أميركا؛ لأنه أميركا إذا وافقت بطبيعة الحال ممكن أن يعقد مؤتمر دولي. نحن لا نستطيع أن نتعامل مع العالم خارج إطار الشرعية الدولية. فإذا لم أتمسك بالشرعية بماذا أتمسك؟ بفرض الأمر الواقع؟ لم يعد يجدي إطلاقًا، بالقوة؟ لم تعد تجدي إطلاقًا؛ وهم يجربون الآن التهديد بالقوة بينهم وبين إيران وهذا ليس شأننا؛ لكن أقول: حل القضايا بالطرق السلمية والشرعية وطرق الاتفاقات أفضل بكثير من التهديد بالصواريخ وغيرها ووضع العالم على شفير حرب كبيرة.
هنا نقطة أخرى وهي المصالحة بيننا وبين حماس، منذ عام 2007 ونحن نتفاوض مع حماس من أجل المصالحة، وأخيرًا اتفقنا مع المصريين على اتفاق اسمه "اتفاق 2017" الذي يقضي بالحل، بحيث أنه الحكومة الحالية هي التي تتولى المسؤولية كاملة في غزة كما هي مسؤولة عنها في الضفة الغربية، وبعد ذلك نجري الانتخابات ثم حكومة وحدة وطنية ونوحد البلد مع بعضها البعض، هذا ما عرضه المصريون علينا؛ ووافقت عليه حماس، ونحن وافقنا عليه؛ وإلى الآن -مع الأسف- لم يطبق، ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق.
يخرج كوشنير أو جرينبلات ويقول: إن السلطة الفلسطينية فاسدة. يستطيع قول ما يريد. أنا اتحدى أي إنسان يقول لي فلان في السلطة الفلسطينية فاسد ولم نذهب به إلى القضاء. نحن منذ 10 سنوات أسسنا مؤسسة مكافحة الفساد وهي مؤسسة مستقلة، ولها حرية كاملة لتناقش وتفاوض وتحقق مع من يأتيها تقرير عنه وتذهب به إلى القضاء. إذا جاء أي شخص من أي بلد وقال لي: فلان، أو أنت أيها الرئيس فاسد في كذا وكذا، أنا أضع نفسي تحت تصرف هيئة مكافحة الفساد؛ لأنه من 10 سنوات ونحن نتابع كل فاسد، ولكن مع الأسف كثير منهم محمي بالدول؛ لأنه عنما يهرب إلى دولة فلا تسلمه، ونحن نحاكمه؛ لكنه يحتمي بدولة ما؛ إنما لا نترك أحدًا قيل عنه فاسد أو يتهم أنه فاسد ويثبت ذلك ولا نعاقبه. هذه هي سياستنا منذ 10 سنوات وإلى الآن، وهذا ما نقوم به، بحيث ننشئ دولة فلسطينية عصرية تلتزم بالقانون والنظام الدولي والأخلاق وبحقوق الإنسان. تحدث أخطاء، نعم؛ ومستعدون فورا لتصحيح الخطأ؛ لأننا لا نقبل أن يتم أي تصرف عندنا ضد حقوق الإنسان.
خلاصة القول: الأموال مهمة والاقتصاد مهم؛ لكن الحل السياسي أهم؛ عندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين وقتها نقول: مرحبًا بكل من يريد أن يساعدنا، سواء من المنامة أو من غير المنامة؛ إنما الآن، نحن ضد ما يجري في المنامة وضد صفقة العصر، وسنبقى في أرضنا صامدين ونحارب الإرهاب أينما كان.
كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح 22 حزيران 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية، نقف لنقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء.
هناك قضايا كثيرة مهمة في هذه الأيام لا بد أن نتناولها في هذا الاجتماع المهم، خاصة فيما يتعلق بصفقة العصر التي قلنا موقفنا منها. وإننا ما زلنا على موقفنا بأنها لا يمكن أن تمر لأنها تنهي القضية الفلسطينية.
النقطة الثانية بالنسبة لورشة المنامة، أيضًا قلنا: إننا لن نحضر هذه الورشة، والسبب أن بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز أن يتم، قبل أن يكون هناك بحث للوضع السياسي، وما دام لا يوجد وضع سياسي فمعنى ذلك أننا لا نتعامل مع أي وضع اقتصادي.
بالنسبة أيضًا لأموالنا المحتجزة في إسرائيل، قلنا: إننا لن نستلم هذه الأموال منقوصة؛ بمعنى أن إسرائيل عليها أن تدفع الأموال كاملة، وإذا في أي نقاش مستعدون للنقاش فيما بعد؛ إنما أن تخصم بعض الأموال بحجة أننا ندفع للشهداء أو الأسرى أو الجرحى فهذا أمر لا نقبل به؛ ونحن مستعدون للحوار معهم إذا شاؤوا؛ ليس حول موضع الخصم فحسب؛ وإنما كل المواضيع العالقة بيننا وبينهم،ـ وهي المواضيع الاقتصادية والمائية.
هناك قضايا أخرى في هذا الظرف لا بد أن نناقشها بعمق، وأن نتخذ القرارات المناسبة لها.
كلمة الرئيس محمود عباس التي وزعت في مؤتمر القمة الإسلامية في دورتها الـ14 المنعقدة في مكة المكرمة 1 حزيران 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
خادم الحرمين الشريفين الأخ الملك سلمان بن عبد العزيز
فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة
معالي الأخ أمين عام منظمة التعاون الإسلامي
أصحاب المعالي والسعادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان أن أتقدم إليكم يا أخي خادم الحرمين الشريفين بالشكر والتقدير على استضافتكم لهذه القمة الإسلامية في رحاب مكة المكرمة، ولدينا الثقة الكاملة بأنها ستحقق نجاحًا كبيرًا كما هو عهدنا بالمملكة العربية السعودية ملكًا وحكومة وشعبًا في الدفاع عن قضايا أمتنا الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؛ ونقول بصوت مرتفع: إن أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها، بل وجميع الدول العربية، جزء لا يتجزأ من أمننا واستقرارنا.
كما نتوجه بالتحية والامتنان لأخي فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان على رئاسته السابقة للقمة الإسلامية، وعلى مواقفه المشرفة والنبيلة في الدفاع عن قضية شعبنا الفلسطيني.
الأخ رئيس القمة، الإخوة القادة،
بهذا العام يكون قد مر واحد وسبعون عامًا على نكبة شعبنا وتشرده؛ واثنان وخمسون عامًا على احتلال إسرائيل للقدس وباقي أراضي الضفة وغزة؛ و25 عامًا على عقد اتفاقيات سلام معها، واعترافنا بالشرعية الدولية، ولازال شعبنا يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل ودون توقف حملاته للاستيلاء على أرضنا والتنكيل بشعبنا، كما كثف من حملاته الشرسة على مدينة القدس بهدف طمس هويتها وتاريخها، والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبخاصة المسجد الأقصى الذي يتعرض هذه الأيام للاقتحامات والحفريات بهدف استكمال مخططاته للتقسيم المكاني والزمان، وهو الأمر الذي لا نقبل به، وسيواجه شعبنا استنادًا لحقه المشروع، دفاعًا عن الأرض والمقدسات.
وإن من يشجع دولة الاحتلال الإسرائيلي على التصرف كدولة فوق القانون الدولي هي الإدارة الأميركية التي دمرت أسس ومرجعيات عملية السلام، واتخذت إجراءات خارجة عن الشرعية الدولية والتي رفضناها، كما رفضها المجتمع الدولي بأكمله.
وفي هذا الصدد، فإننا نثمن التنسيق الدائم والجهود المخلصة في الدفاع عن المقدسات في مدينة القدس لأخي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية عليها؛ كما ونقدم الشكر للمواقف المشرفة لأخي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس؛ والشكر موصول منا لقادة أمتنا الإسلامية على مواقفهم ودعمهم السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية كافة دفاعًا عن القدس والقضية الفلسطينية.
الأخ رئيس القمة، الإخوة القادة،
لقد قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا باقتطاع غير شرعي لجزء كبير من أموالنا التي تجبيها والمعروفة بـ"أموال المقاصة"، بذريعة أننا ندفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى، الذين لا يمكن أن نتخلى عنهم، حتى وإن كان ذلك آخر ما نملك؛ الأمر الذي أدخلنا في أزمة مالية خانقة تعيق عمل مؤسساتنا الوطنية.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة والحصار الظالم الممارس على شعبنا، ندعوكم، أيها الإخوة القادة، للعمل على تفعيل قرارات القمم السابقة الخاصة بتوفير شبكة أمان مالية لتمكين شعبنا من الصمود والثبات، مقدرين عاليًا الدول التي أوفت بالتزاماتها، داعين الدول الشقيقة الأخرى أن تحذو حذوها.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
إننا لم ندخر جهدًا إلا وبذلناه في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية، وتعاطينا بإيجابية ولا زلنا مع كل الجهود التي بذلت بهذا الخصوص، ولا سيما جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة، بقيادة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال تطبيق اتفاق أكتوبر 2017 والذهاب للانتخابات.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
نؤكد مجددًا بأننا لن نقبل ببيع القدس، ولا التخلي عن ثوابتنا الوطنية وحقوق شعبنا، وسيبقى شعبنا صامدًا على أرضه، ولن يركع إلا لله وحده، وسيواصل نضاله المشروع إلى أن يحقق أهدافه الوطنية.
إننا مقبلون على مرحلة غاية في الصعوبة؛ الأمر الذي قد يفتح الباب واسعًا أمام خيارات لا تحمد عقباها، وبما في ذلك اتخاذ قرارات مصيرية؛ وكلنا ثقة أنكم -ستكونون كما كنتم دائما- معنا في نضالنا، سدًا منيعًا وسندًا في وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
وبالرغم من كل ذلك، فلا زلنا مؤمنين بالسلام ونسعى لتحقيقه وفق قرارات الشرعية الدولية، ومرجعيات عملية السلام، وبخاصة مبادرة السلام العربية للعام 2002.
أشكركم أخي خادم الحرمين الشريفين، وشعبكم على كرم الضيافة، وأحييكم جميعا أيها الإخوة القادة على دعمكم، ومواقفكم، وشعوبكم، تجاه فلسطين والقدس، مؤكدين لكم جميعا بأننا سنبقى وشعبنا صامدون في وطننا، نواصل ثباتنا بكل قوة وإصرار لإكمال المسيرة التي بدأناها، للدفاع عن شعبنا ومقدساتنا وخاصة القدس الشريف عاصمة دولتنا المستقلة الأبدية.
بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيها الذين آمنو اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
والسلام عليكم ورحمة الله.
كلمة الرئيس محمود عباس في القمة العربية الطارئة المنعقدة في مكة المكرمة 31 أيار 2019
خادم الحرمين الشريفين الأخ الملك سلمان بن عبد العزيز،
فخامة الرئيس الباجي القائد السبسي رئيس القمة العربية،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،
تؤكد دولة فلسطين إدانتها الشديدة للاعتداءات التي تعرضت لها المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية والاعتداءات التي تعرضت لها السفن قبالة ساحل الإمارات العربية المتحدة، موقفنا ثابت مع جميع الأشقاء العرب؛ فأمننا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي؛ ولا نقبل التهديد لأية دولة عربية من أية جهة كانت.
نثمن عاليًا قرارات القمة العربية في تونس في شهر آذار 2019 وقرارات القمة العربية في الظهران في نيسان 2018 (قمة القدس)، والتي أكدت رفضها لجميع قرارات الإدارة الأميركية المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والأمن والاستيطان، وثباتها على مبادرة السلام العربية دون تغيير، وصولًا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 بعاصمتها القدس الشرقية؛ وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وعلى رأسها قضية اللاجئين، استنادا للقرار الدولي 194 ومبادرة السلام العربية كما اعتمدت، والإفراج عن الاسرى كافة.
وفي هذا المجال، أود أن أعيد التأكيد على رفضنا المطلق للمحاولات الأميركية الهادفة لإسقاط القانون الدولي والشرعية الدولية (ما يسمى صفقة القرن)، بما في ذلك مبدأ الدولتين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين واستبدال مبدأ "الأرض مقابل السلام" بـ"الازدهار مقابل السلام".
سبق أن طلبنا وقررت القمم العربية السابقة شبكة أمان مالية لمساعدتنا في مواجهة الحصار الأميركي والإسرائيلي المفروض علينا؛ ونشكر من لبى هذا الطلب ونأمل من الآخرين الاستجابة.
إن دولة فلسطين التي أعلنت رفضها المطلق لاستبدال مبدأ "الأرض مقابل السلام" بـ"الازدهار مقابل السلام" تؤكد بأننا لن نشارك في ورشة العمل التي دعت لها الإدارة الأميركية في المنامة.
صاحب الجلالة، إننا نأمل أن يتضمن البيان الختامي للقمة الفقرة التالية:
بشأن القضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى، تؤكد القمة العربية الطارئة على تمسكها بقرارات القمة العربية التي عقدت في الظهران "قمة القدس" في نيسان 2018 وقرارات القمة العربية في تونس في آذار 2019. وأخيرا، فإننا نتقدم يا صاحب الجلالة بالشكر والامتنان لجلالتكم على الكلمة الطيبة الرائعة التي تقدمتم بها هذه الليلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة
21 نيسان 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس
معالي الأمين العام
أصحاب المعالي رؤساء الوفود
السادة والسيدات أعضاء الوفود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية لا بد أن أشكركم جزيل الشكر على تلبيتكم الدعوة لحضور هذه الدورة الاستثنائية، بناء على طلبنا، من أجل أن نضعكم بصورة ما يجري في الساحة الفلسطينية، ونستمع في النتيجة إلى آرائكم ومواقفكم؛ لأن القضية الفلسطينية ليست قضية الشعب الفلسطيني فحسب؛ وإنما هي قضية الأمة العربية والإسلامية؛ وبالتالي في هذه الظروف الصعبة والعصيبة والمستحيلة من واجبنا أن نجلس إليكم وأن نستمع إليكم، وأن نرى ما هي الآراء التي يمكن أن تزودونا بها؛ والموقف الذي يمكن أن نسمعه منكم، حتى نتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، خصوصا وأننا مقبلون على دعوة برلماننا وهو المجلس المركزي الفلسطيني في منتصف الشهر القادم ليتخذ القرارات المناسبة؛ ولذلك وقبل أن يعقد هذا المجلس قررنا أن نأتي إليكم إخوتنا الأعزاء لنستمع إليكم ونضع آراءكم ومواقفكم أمام هذا المجلس، عندما يتخذ موقفًا حاسمًا نهائيًا بالنسبة لما نواجهه ونعانيه في هذه الأيام من الجهات المختلفة.
بداية أيضًا؛ أريد أن أشكركم على المواقف التي سمعناها في قمة الظهران وفي قمة تونس، من دعم للقضية الفلسطينية وإجماع عربي على دعم القضية الفلسطينية، وهذا شيء نعتز به، وهذا ليس غريبًا عليكم؛ وليس غريبًا أن نستمع لمثل هذه المواقف؛ لأن قضية فلسطين هي قضيتكم أولًا وأخيرًا.
الأخوة الأعزاء، لدينا ثلاثة مواضيع لا بد أن نطرحها أمامكم، وهذه المواضيع تتعلق بمواقف جهات ثلاث: الموضوع الأول هو العلاقة مع إسرائيل، والثاني العلاقة مع أميركا، والموضوع الثالث وهو موضوع داخلي وهام جدا وهو العلاقة مع "حماس". إلى أين وصلت هذه الأمور، وما هو موقفنا الذي لا بد أن نتخذه خاصة أن الأمور وصلت هذه الأيام إلى مستوى لا يمكن أبدا السكوت عليه.
بالنسبة لإسرائيل، نحن عقدنا معها اتفاق أوسلو في العام 1993، وهذا الاتفاق استبشرنا به خيرًا بأنه سيكون بداية للسلام بيننا وبين إسرائيل، وعقد في ذلك الوقت مع السيد إسحاق رابين، وكان هناك كما تعلمون مدة 5 سنوات قيل إنها ستكون من أجل المفاوضات للحل النهائي؛ ولكن مع الأسف الشديد قتل أو اغتيل رابين، واغتيل معه هذا القرار وهذا الموقف؛ ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا لم نسمع شيئًا لا عن المرحلة الانتقالية، ولا عن المرحلة النهائية.
وجاء السيد نتنياهو الذي لا يؤمن بالسلام. ونحن لا نتجنى عليه؛ وإنما نعرفه تمامًا من خلال مواقفه وتصريحاته وتلميحاته إلى أنه لا يؤمن بالسلام بيننا وبينهم؛ ولذلك كان دائمًا يقول: لا يوجد شريك فلسطيني؛ مع أننا نمد أيدينا له من أجل سلام حقيقي واقعي فعلي مبني على الشرعية الدولية، لا أكثر ولا أقل.
منذ عام 1993 إلى يومنا هذا لم نمر بأي مرحلة يمكن أن نشعر أن هناك أملًا بها إلا مرحلة أيهود أولمرت، الذي تفاوضنا معه فعلًا، وناقشنا معه؛ ولكننا لم نصل إلى نتيجة، والسبب أنه وأثناء المفاوضات جئنا لنلتقي به فوجدناه قد أخذ إلى السجن، ولم ينته الحوار بيننا وبينه. هناك من يدعي أو يقول أن هناك عروضًا قدمت لنا من قبل السيد أولمرت، والحقيقة الأكيدة التي صرح بها أولمرت نفسه فيما بعد، أنه كانت هناك تفاهمات بيننا وبينه، وهذه التفاهمات لم تكتمل ولم تنته ولم تعالج كل المشاكل وكل القضايا، وتوقفت عندما توقف هو عن كونه رئيسًا لوزراء إسرائيل.
بعد ذلك إسرائيل نقضت اتفاق أسلو ورفضته جميعه، ونقضت كل الاتفاقيات التي جاءت بعده، خاصة "اتفاق باريس الاقتصادي" الذي عقد فيما بعد بينا وبينهم.
باختصار شديد، أستطيع أن أقول لكم: إن إسرائيل قد نقضت جميع الاتفاقات التي بيننا وبينها، ولم يعد يجمعنا شيء. والسؤال: إلى متى سنبقى ننتظر أو نتحمل أن لا تحترم إسرائيل أي اتفاق، بما في ذلك اتفاق أوسلو (وهو الأساس إلى اتفاق باريس، وإلى الاتفاق الأمني، وإلى اتفاقات كثيرة) ونحن نلتزم بهذه الاتفاقات جميعها؛ بمعنى كل الاتفاقات إلى الآن نحن نلتزم بها، وإسرائيل لا تلتزم بها؛ وآخر ذلك المقاصة المالية التي بيننا وبينهم بناء على اتفاق باريس. وهي تنص على أن إسرائيل تجمع أموال الضرائب والجمارك باعتبار أن لها سلطة على الحدود؛ وهي المسؤولة على الحدود، تجمع هذه الأموال وتقدمها لنا بعد أن تأخذ أجرتها 3% من الأموال التي تجمعها.
مؤخرا، قبل سنتين تقريبا، احتجت إسرائيل على صرف مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء، وقالت: إنهم (ارهابيون)، ويجب ألا تدفعوا لهم؛ لكن نحن ندفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى منذ عام 1965؛ لأنهم قضوا أو سجنوا أو جرحوا بناء على مصلحة وطنية ومن أجل مصلحة وطنية، وليس لأسباب شخصية؛ ومن واجبنا أن نرعى أسرهم وعائلاتهم حتى لا يضيعوا؛ فصممنا منذ ذلك الوقت أن ندفع الأموال لهذه العائلات؛ إلا أن إسرائيل رفضت من جديد؛ فاقترحنا أن نجلس معهم بوجود الجانب الأميركي لبحث هذا الموضوع، رغم أن الأميركان كانوا إلى جانب إسرائيل، رفضوا الجلوس لبحث الموضوع. وفوجئنا أن إسرائيل خصمت الشهر قبل الماضي (شباط المنصرم) 182 مليون شيقل؛ أي حوالي 60 مليون دولار؛ إضافة إلى ما خصمته من أموال الشهداء وعائلاتهم والأسرى؛ وهناك قضايا أخرى تتعلق بالماء والكهرباء والتي نلزم أنفسنا بها من أجل قطاع غزة؛ وأيضا هناك بعض التكاليف التي تقدم لنا؛ وكل ذلك دون الرجوع لنا. وعندما سألنا: لماذا تخصم هذه الأموال؟ قالوا: ليس لكم علاقة؛ نحن نخصم، وانتم عليكم أن تستمعوا.
الشهر الماضي خصموا 192 مليون شيقل دون علمنا، واحتجزوا أموالنا لديهم، وطلبوا منا أن نذهب لتسلم بقية الأموال؛ لكننا رفضنا ذلك، واكدنا أننا لن نتسلمها ناقصة قرشًا واحدًا؛ ووصلت الأزمة إلى ذروتها بيننا وبين الإسرائيليين؛ وكان هذا أحد أهم الأسباب التي تجعلنا نقف هذه الوقفة. ونطلب منكم أن تقفوا معنا لنستمع إليكم وتستمعوا إلينا ونعرف ما هو القرار وما هو الموقف الذي يجب أن نتخذه، خاصة أن الضفة الغربية امتلأت بالاستيطان، وهناك تصريحات كثيرة من الإسرائيليين أنهم سيضمون المناطق الاستيطانية، بل سيضمون الضفة الغربية بكاملها لدولة إسرائيل.
نحن نعيش الآن بطريقة "الأبرتهايد" أو الفصل العنصري؛ لأن هناك قانونًا مختلفًا يطبق علينا؛ ولكن بعد الضم سيصبح فعليًا نظام الفصل العنصري مطبق علينا؛ ولكن الذي نريد أن نعرفه هو أنهم لن ينسحبوا من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة بعد الموقف الأميركي الذي قال: إن القدس هي عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، هذه المواقف الإسرائيلية كلها تجعلنا نقف وقفة لنقول ماذا سنفعل وماذا سنقول لشعبنا؛ هل نقبل هذا الوضع أو نرفضه؛ وكيف نرفضه، وكيف نقبله- لا سمح الله- لأننا لن نقبل هذا الوضع كما رسمته إسرائيل بعد هذه المدة. إذا هذا هو الموقف الإسرائيلي منذ 1993 إلى يومنا هذا، لم نرهم يطبقوا بندًا واحدًا من بنود الاتفاقيات التي بيننا وبينهم؛ كما إن إسرائيل لم تطبق قرارًا دوليا واحدًا منذ العام 1947 إلى يومنا هذا.
هناك 722 قرارًا من الجمعية العامة، و86 قرارًا من مجلس الأمن، وعددًا كبيرًا من القرارات في جنيف وفي حقوق الإنسان لم يطبق قرارًا واحدًا إطلاقا؛ والسبب أن إسرائيل ترفض؛ ولكن السبب الأهم أنها مدعومة كل الدعم من قبل الولايات المتحدة الأميركية؛ يعني أميركا تقف وراء إسرائيل في عدم تطبيق القرارات والبلطجة على الشرعية الدولية، وأن لا تحترم أي شرعية دولية؛ وبالتالي كيف سنصل إلى حل؟ هل نصل إلى حل عبر الوساطة الأميركية غير النزيهة، أو أن نصل إلى حل عبر رؤية السيد نتنياهو الذي يقول: إنه لا حل إطلاقا مع الفلسطينيين، لأنه حسب زعمه لا يوجد شريك فلسطيني. أم ماذا نفعل؟ جئنا إليكم لنسمع منكم أيضًا ماذا نفعل في هذا الموقف؟
القضية الثانية: هي قضية العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية. في أيام السيد أوباما كنا نسمع من وزير خارجيته (جون كيري) أن هناك مشروعًا سيقدمونه لنا؛ فسألنا أين هو المشروع. قال: المشروع لدينا. وبقي 8 سنوات يتحدث عن مشروع. لم أر شيئًا ولا اعرف عن المشروع عنه شيئًا، وانتهى عهد أوباما ولم نسمع شيئًا عن المشروع.
جاء عهد السيد ترمب، والتقينا معه أول مرة واستبشرنا خيرًا، والتقيت معه مرة أخرى في الرياض، واستبشرت منه خيرًا؛ والتقيت به مرة ثالثة في بيت لحم واستقبلته استقبالًا رسميًا، يليق برئيس دولة عظمى، وتكلمنا كلامًا جميلًا، واستبشرنا خيرًا؛ والتقيت به المرة الرابعة وجلسنا نصف ساعة. وبصراحة شعرت أننا ممكن أن نحل القضية الفلسطينية بعد نصف ساعة أخرى. لماذا! لأنني سألته: سيادة الرئيس أنت تؤمن بدولة أو دولتين؟ قال أنا أومن بالدولتين، والآن مستعد أن أعلن دولتين. فقال له أحد مساعديه: سيادة الرئيس "انتظر قليلا". قال: ننتظر. سألته مرة ثانيه: دولتين على أساس حدود 1967؟ فأجاب على أساس حدود عام 1967 أعلن الآن. لكن مرة أخرى نصحه مستشاره أن ينتظر قليلًا. طبعًا كل الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 والقدس وغزة هي الأراضي المحتلة، والأمن. قال ترمب: الآن نحن مستعدون. وسأل أحد مساعديه: كم جندي لدينا؟ قال له: هناك 6 آلاف. قال: الآن مستعدون لإرسالهم. فوجدت أن الحل أصبح كاملًا بيننا ولم يبق شيء. وهذه كانت الجلسة الرابعة بيننا وبين الرئيس ترمب.
بعد أسبوعين أعلن الرئيس ترمب نقل سفارته إلى القدس، واعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل، ووقف المساعدات عن الأونروا، وأنه لا يوجد لاجئون سوى قليل -الفين أو عشرة أو عشرين ألف- ثم أوقف كل المساعدات التي تقدم لنا من الإدارات السابقة، بما في ذلك "الأونروا" وهي حوالي 844 مليون دولار، الأمن لإسرائيل، والاستيطان شرعي! لماذا يفعل هذا؟ ما هو الكلام الذي قاله قبل أسبوعين؟ وقال الآن كلامًا تمامًا متغير.
نحن كان رد فعلنا الأولي أن أوقفنا الاتصال مع الإدارة الأميركية. لا نريد الحديث معهم؛ ولكن هناك اتصالات أخرى استمرت ومستمرة إلى الآن، وهي التعاون الدولي بيننا وبينهم.
تعلمون أيها الإخوة أنه بيننا وبين 83 دولة عربية وأجنبية برتوكولات تتعلق بالتعاون الأمني لمحاربة الإرهاب، ونحن مع محاربة الإرهاب بكل أشكاله وألوانه ومصادره، وبكل ينابيعه أينما كان؛ ولذلك نتعاون مع أميركا، والتعاون معها قائم إلى الآن. كان بيننا وبين الرئيس أوباما اتفاق رسمي ومكتوب أن هناك منظمات دولية أتيح لنا أن ننتسب إليها بمناسبة قبولنا عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة، وهي 520 منظمة؛ وبدأنا ننتمي إلى هذه المنظمات. والرئيس أوباما قال لي: انتظر قليلًا؛ يوجد 22 منظمة أتمنى عليك أن لا تنضموا إليها. فقلت له: ما المقابل؟ قال: ماذا تريد؟ قلت: سفارتنا أو مكتبنا في واشنطن يبقى، والمساعدات تبقى، ودولتين على حدود 67، والاستيطان غير شرعي، والقدس الشرقية أرض محتلة. قال: نعم. طلبت منه أن يكتب ما قاله كتابة؛ فكتب ذلك. وبناء عليه التزمنا أن لا نذهب إلى هذه المنظمات. وعندما جاء ترمب ألغى كل شيء؛ لذلك نحن نعتبر أنفسنا في حِل من هذا الاتفاق الذي كتبوه ونقضوه.
الآن السؤال: صفقة العصر ما هي؟ بعد أن ضموا القدس واعترفوا بها عاصمة لدولة إسرائيل ونقلوا سفارتهم لها والحقوا القنصلية الموجودة في القدس منذ القرن التاسع عشر بالسفارة، والاستيطان شرعي؛ وأكثر من ذلك أن الأراضي المحتلة عام 1967 ليست محتلة، وهي أراضٍ لا يوجد لها صفة؛ والضفة الغربية ليست أراضي محتلة؛ يعني إسرائيل تستطيع أن تعمل بها أي شيء؛ يعني أن تضم ما تشاء! وهذا كلام أميركا وكلام سفير أميركا في القدس ديفيد فريدمان.
نحن كعرب من واجبنا أن ندافع عن ضم الجولان؛ لأننا لا نقبل بأي حال بذلك، كما لا نقبل ضم القدس؛ ولا نقبل ضم المزارع اللبنانية المحتلة. وحتى الآن، كلها أراض عربية، وندافع عنها بنفس المستوى التي ندافع بها عن أرضنا. ونقول: الجولان والمزارع اللبنانية هي أراض محتلة وعلى إسرائيل أن تنسحب منها وبسرعة. وهذا كله حدث دون أن تأتي صفقة العصر. أتساءل: ماذا بقي حتى يقدموه لنا حتى ننتظره: أخذوا القدس والأراضي المحتلة، وألغوا اللاجئين، وشرعنوا المستوطنات، والأراضي لم تعد محتلة، ماذا بقي! ماذا يريدون أكثر من ذلك! وأنا أقول أنه لا يوجد شيء يقدمونه؛ وإذا أرادوا أن يقدموا شيئًا، فسيكون أسوأ مما قدموه أو سيقدمونه؛ وبالتالي لا بد أن نتخذ القرار المناسب؛ لأنه لم يعد من الممكن أن نسمع وأن نرى القدس المقدسة ضُمت لإسرائيل وننتظر، ماذا ننتظر بعد هذه الجريمة! ما الذي يمكن أن ننتظره! لا اعتقد أن ذلك ممكن؛ وبناء عليه جئنا إليكم .
الموضوع الثالث: هو موضوع "حماس"؛ "حماس" أيها الإخوة؛ في عام 2006 دخلت انتخابات تشريعية ونجحت بها. ولأننا نؤمن بالديمقراطية وبالنزاهة والشفافية؛ قلنا لهم: أيها الإخوة شكّلوا حكومتكم فشكلوها؛ ولكن بقي النزاع والمشاكل في غزة، فَدُعينا إلى المملكة العربية السعودية من المرحوم الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسألنا على ماذا تختلفون؟ قلنا: لا نختلف على شيء. وقال: خلينا نشكل حكومة وحدة وطنية، فشكلنا حكومة وحدة وطنية، وأقسمنا على استار الكعبة أن نحترمها (الحكومة)؛ وبعد ذلك بثلاثة أشهر أو أقل، انقلبوا على حكومتهم، ونفذوا الانقلاب المشهور؛ وجئنا إليكم ،إلى الجامعة العربية هنا، وسألناكم ماذا نفعل؟ لا نريد أن نحل المشكلة بأية طريقة أخرى غير الحوار؛ فقلتم: حسنًا. فقلنا: من يكلف بهذا الأمر؟ فأجبتم: مصر. قلنا: على بركة الله. وقادت مصر مفاوضات ومشاورات، وتدخلت دول عربية أخرى، وعملت أيضا اتفاقيات، وعملنا اتفاق 2011 و2012 و2014، ولم يحصل شيء. وأخيرًا في 2017 في أكتوبر، قال لنا إخوتنا المصريون: تعالوا، "حماس" تريد مصالحة. استجبنا وتوجهنا إلى القاهرة لعقد المصالحة على أساس حكومة واحدة، وانتخابات وحكومة وحدة وطنية؛ يعني سلاح واحد، وقانون واحد، وسلطة واحدة. قالوا: موافقين. بدأنا العمل، وذهب رئيس الوزراء إلى غزة. ثم حصلت عملية ضد رئيس الوزراء ومدير المخابرات، انفجار؛ كانوا يريدون قتلهم؛ واتهموا مدير المخابرات بتدبير الانفجار. هذا كلام غير معقول ولا يصدق؛ فكيف سيدبر مدير المخابرات انفجارًا يودي بحياته من أجل أن يثبت أن الاتفاق غير صحيح! وبعد ذلك توقفنا، ثم عدنا مرة أخرى. ولا زلنا مصممين على المصالحة، علمًا بأن إسرائيل كشفت عن وجهها، وقالت: نحن نساعد كل عنصر يعمل من أجل أن لا تكون هناك مصالحة؛ وأن لا تعود غزة إلى عباس. هذا قالته إسرائيل؛ ونتنياهو قاله شخصيًا.
ومع ذلك أيها الإخوة الأعزاء، يقال أننا نحاصر "حماس"! نحن حتى الآن وفي كل شهر ندفع من الأموال التي تصلنا من مساعدات عربية وغيرها، رغم أن أميركا أوقفت المساعدات وأصبح الوضع صعبًا. ومع ذلك ندفع 100 مليون دولار شهريًا لحساب غزة؛ أهل غزة أهلنا، ومن واجبنا أن نقدم ما نستطيع، والذي نستطيعه هو دفع نصف ما يأتينا من أموال إلى غزة، والنصف الثاني نصرفه على الضفة الغربية؛ ولا زلنا للآن نقوم بذلك. ومع هذا ترفض "حماس" المصالحة، وتبحث عن تهدئة هنا وتهدئة هناك؛ من أجل أن تتهرب من قضية المصالحة ومن قضية عودة الوطن موحدًا؛ لأنها الطريقة الوحيدة التي نواجه بها نتنياهو.
في الماضي كان نتنياهو يقول: إذا تكلمتم مع "حماس" سنغضب عليكم لأنكم تتكلمون مع ارهابيين. والآن هو من يحضر الأموال بنفسه ويعطيها لهم! وإذا قلنا له: فلنتكلم بالسياسة. قال: مع من اتكلم سياسة؛ فانتم منقسمون! إذا تكلمنا مع "حماس" يقول لا تتكلموا معهم. وإذا طلبنا السلام يقول: مع من نتكلم، فأنتم منقسمون!
هذا هو الوضع الموجود في الضفة الغربية وفي غزة. هذا الموجود عندنا؛ إذن قلنا: لا بد من وقفة؛ لكن هذه الوقفة لن نقفها قبل أن نتحدث معكم وإليكم ونستمع منكم.
نتمنى عليكم أمرين اثنين: الأول- أن تدعمونا سياسيًا، فإذا كنا مخطئين قولوا لنا؛ وإذا كنا على صواب فقط اقبلوا ما نقبل به وارفضوا ما نرفضه. لا نريد أكثر ولا أقل. والنقطة الثانية- منذ عدة أعوام ونحن نتوقع الوصول إلى هذا اليوم. وقلنا: كيف يمكن أن نتدبر أمرنا إذا عملنا كذا وكذا؟ فلا بد من تأمين شبكة أمان. طلبنا منكم إخوتنا تأمين شبكة الأمان، فوافقتم. وفي القمة الأخيرة (قمة تونس) قلنا: نريد شبكة أمان. فقلتم: نعم. الآن نحن سنأخذ هذه القرارات؛ ونحتاج إضافة إلى موقفكم السياسي شبكة الأمان، فهل أنتم فاعلون؟ كلنا آذان صاغية سنستمع إليكم وإلى موقفكم بكل الاحترام والتقدير، وسأقدم كل ما أسمعه إلى البرلمان الفلسطيني أو المجلس المركزي الفلسطيني، لأقول له هذه أراء إخوتكم في الدول العربية، وهذه مواقفكم، فانظروا ماذا تريدون.
أيها السيدات والسادة أصحاب المعالي، شكرًا لكم جزيلًا على حسن استماعكم؛ ونحن سنكون كلنا آذان صاغية لنستمع لنصائحكم. وشكرًا لكم.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماعه مع الحكومة الثامنة عشرة عقب أدائها اليمين القانونية 13 نيسان 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نمر في ظروف صعبة وعسيرة، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية، وأنا متأكد أنكم على قدر المسؤولية، بحيث تتحملونها في هذا الظرف الصعب.
في البداية، لا بد أن أهنأكم على هذه المهمة الصعبة، وأقول أهنأكم وفي نفس الوقت أرثي لحالكم؛ لأن هذه مهمة صعبة وكل إنسان لا بد أن يبذل كل جهد ممكن حتى يثبت مقدرته، وحتى يثبت أنه بإمكانه أن يخدم هذا الوطن، لكن إن شاء الله- كما قلت- انتم ستفعلون هذا وأكثر.
إخواننا الأعزاء،
نحن أمامنا مهمات كثيرة وعسيرة وصعبة، أولها قبل أن اتحدث عن الوحدة الوطنية، أتحدث عن صفقة العصر التي قدمت لنا والتي لا نعتقد انه بقي شيء منها لم يعلن، وإذا كان هناك ما لم يعلن فهو أسوأ مما أعلن؛ وبالتالي من البداية نحن أخذنا الإشارة بأن مثل هذه الخطة لا يمكن أن نقبلها؛ يكفي أنها استثنت القدس من فلسطين؛ لا نريد الباقي. ماذا يريد أن يتحدث الرئيس ترامب! حول أي حل، او اية قضية؟! لا اعتقد انه مفيد أن نتحاور معه أو نناقشه بعد أن قال "سأنقل سفارتي إلى القدس، وإن القدس هي عاصمة لدولة إسرائيل". إذن نحن بالنسبة لصفقة العصر هذا هو موقفنا، وهذا ما قلناه لهم؛ وهذا ما اكدناه عليهم وعلى الجميع. وأعتقد أن اشقاءنا العرب كلهم يقفون معنا لأنهم بالبداية كانوا يسألون ويتساءلون عندما شرحت لهم كل التفاصيل. قالوا: نحن نرفض صفقة العصر، ونحن -وهذا مهم جدا- مع الموقف الفلسطيني؛ ما يرفضه الفلسطينيون نرفضه؛ وما يقبله الفلسطينيون نقبله. إذن هذه النقطة واضحة ومحددة ولا حاجة للنقاش فيها، سيحصل في الأيام القليلة القادمة تطورات أخرى أكثر؛ لكن نحن سنواجهها إن شاء الله، وسنتعاون مع بعضنا البعض في طريقة مواجهتها؛ لأن الأمور ستكون صعبة.
الشيء الآخر نحن مصرون على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بين غزة والضفة؛ وكما تعلمون منذ عام 2007 إلى يومنا هذا ونحن نحاول، ونبذل كل جهد مع كثير من أشقائنا العرب للوصول إلى مصالحة، للوصول إلى حل لهذه القضية، وعلمًا لا توجد قضية لنختلف عليها. كل ما في الأمر أنهم هم استولوا على قطاع غزة وتحكموا به. والآن نحن نقول: نحن وإياكم شركاء في غزة وفي الضفة الغربية وفي القدس؛ تعالوا إلى كلمة سواء. كان هذا آخر ما قلناه لهم في عام 2017 وما اتفقنا عليه معهم في 2017.
عندما جاء المصريون بفكرة أو بأفكار للمصالحة نحن قبلناها وهم قبلوها، وبدأنا نتشاور؛ ولكن- مع الأسف- كانت النتيجة أنهم هم الذين خرقوا هذا الاتفاق. ومع ذلك نحن نقول للجميع: مصممون على أن نذهب للمصالحة؛ لأنه لا يمكن أن تكون هناك دولة بغزة، أو دولة بدون غزة. هذا شعار رفعناه؛ فأرجو أن نتمسك به؛ لا دولة بغزة، ولا دولة بدون غزة. إذن من واجبنا أن نسعى دائما إلى الوحدة الوطنية، مهما كلفنا ذلك من ثمن. وبالمصادفة أنه خلال يومين هناك وفد من عندنا ذاهب إلى القاهرة لمتابعة هذه القضايا؛ وإن شاء الله يعني يمكن أن يحصل شيء، لعل وعسى.
القضية الثانية التي أريد أن اتحدث عنها هي قضية الأسرى: إسرائيل طبعًا، كما تعلمون، أوقفت الأموال، ما يسمى أموال المقاصة التي تجمعها لنا، وتأخذ أجرتها عليها؛ تجمعها، وتأخذ أجرتها عليها 3% ؛ وتخصم كما تريد. ولا نعرف كيف خصمت؛ وهل هي صحيح أو غير صحيح ثمن مياه، أجرة مجاري، أي شيء تخصم، وتقول: هذا ما تبقى لكم.
مؤخراً قبل شهرين تقريبًا، بدأت تخصم ما دفعناه للشهداء والأسرى والجرحى. طبعًا هذا الكلام خط أحمر، وعند ذلك قلنا لهم: لن نستلم، باقي المقاصة أبقوها عندكم، ولن نستلمها إلا إذا اتفقنا نحن وإياكم على كل قرش تخصمونه من أموالنا؛ بدون هذا لا نقبل سواء أموال الشهداء أو غير أموال الشهداء؛ فوعدونا أنهم بعد الانتخابات الإسرائيلية ممكن أن نتكلم. نحن ننتظر، لا مانع لدينا. انتهت الانتخابات الاسرائيلية ونحن مستعدون للحديث. الآن مضى شهران على خصم هذه الأموال، ورفضنا أن نأخذ ما تبقى منها؛ لذلك نحن في ضيق مالي؛ ولذلك طلبنا من أشقائنا العرب بالذات أن يوفروا لنا ما كنا نتوقعه من زمن ما يسمى بـ"شبكة الأمان"، وقلنا لهم: نرجو أن توفروا لنا شبكة أمان التي وعدتم توفيرها لنا. قلنا هذا في قمة تونس؛ والآن سنقولها أيضًا في الأسبوع القادم مع وزراء خارجية الدول العربية. مع ذلك نحن صرفنا أولا أموال مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى كاملة؛ ثم منا على أنفسنا وعلى أخواننا وقلنا 50% هذه المرة، و50% المرة الماضية من الرواتب سنصرفها. وان شاء الله إذا لم نتمكن أيضًا الشهر القادم نصرف 50% أو أقل أو أكثر قليلًا؛ ولكن هذا هو ما عندنا إلى أن تنتهي هذه الأزمة الخطيرة بيننا وبينهم؛ لأنه بصراحة إذا أخذنا هذه الأموال، وهذا قرار فردي إسرائيل عملته من دون ما تشاورنا بدون ما تسألنا، قال أخذنا قرار الخصم في الكنيست، تخصم مين! وأين ستذهب بهذه الفلوس التي خصمتها!، لخزينتها!
الآن الأمور تحت البحث بيننا وبينهم، ابتداء من هذه الأيام. قالوا عندما تنتهي الانتخابات نبدأ نقول لكم شيء؛ انما نحن- وهذا قلته في القمة العربية-: مالم تلتزم اسرائيل وأمريكا بالإلتزامات التي بيننا وبينهم وبالشرعية الدولية أيضًا نحن لن نلتزم. هذا الكلام سيظهر في الأيام القليلة القادمة؛ مالم تلتزم إسرائيل وأمريكا بالشرعية الدولية أو الاتفاقات التي بيننا وبينهم فنحن لن نلتزم.
نقطة أخرى بحيي أهل القدس جميعًا على نضالهم للدفاع عن مقدساتنا المسيحية والإسلامية؛ وهذا شيء مشرف، ووقفوا موقفًا مشرفًا، ووقف معهم كل اشقائنا في الداخل، وفي الخارج أيضًا معهم، خاصة نذكر أيام البوابات، ثم بوابة باب الرحمة وكانت مواقف مشرفة. سنستمر في هذا، وسنستمر في الدفاع عن مقدساتنا نحن والأردن الشقيق؛ باعتبار أن الاردن الشقيق هو الوصي. وهذا نحن متفقون عليه لا جدال ولا نقاش (يعني في ناس كتير بِقولوا مين إلي وصى الأردن)؟ سواء نحن اتفقنا أو لم نتفق، هي قضية قديمة لكن نحن متفقون تماماً نحن والأردن على أن الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية للأردن إلى أن يتم التحرير أين الخطأ في هذا؟ هذا متفقون عليه؛ فنحن نتعاون مع الأردن فيما يتعلق بالدفاع عن المقدسات, وهناك الأوقاف الأردنية ايضًا موجوده لهذا الغرض تساعدنا في هذا العمل؛ لكن يجب أن لا نتوانى لحظة واحدة عن الدفاع عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية. هذا آخر ما عندنا. بصراحة فلسطين بدون القدس ما بدنا اياها. القدس الشرقية التي احتلت عام 67 والأرض التي احتلت عام 67 هي أرضنا وهي ملكنا وهي مقدساتنا، ولا أحد يستطيع أن يتكلم شيء.
"كما تعلمون، أننا بنينا مؤسسات في البلد، مؤسسات شبه كاملة في كل شيء؛ يعني موجودة؛ يعني لو قيل: لنفترض انه بكره نأخذ الاستقلال؛ إحنا ماشيين دولة محترمة في إلها كل شيء، وكل مقومات الدولة، وهذا كله من الحكومات السابقة التي قامت قبلكم. الآن انتم تعززون ما بني قبلكم؛ وتكملون ما لا لم يكتمل، او ما لم يكتمل من هذه المؤسسات؛ حتى يكون كل شيء عندنا جاهزًا لإقامة الدولة. وانتم تعرفون انه إحنا مش بس هنا لنبني دولة؛ نحن رؤساء 77+ الصين. وهلأ بتقولوا: 77+ الصين يعني 134+ الصين. يمكن يصيروا أكثر. ما بعرفش؛ بس المهم نحن هكذا؛ ونحن "دولة مراقب" في الأمم المتحدة، هذا النمط من العمل نحن نريد أن نبنيه ونعززه في كل المجالات. وهذا واجب الحكومة".
شيء آخر: القطاع الخاص مهم جدًا القطاع الخاص أن يعمل القطاع الخاص في أرضنا، وأن نأتي بالقطاع الخاص من الخارج ليستثمر عندنا؛ ولذلك يجب على الحكومة أن تقدم لهم كل التسهيلات اللازمة؛ ما نعقد الأمور في وجههم. تعالوا واستثمروا. استثمر ايها القطاع الخاص، وساعدنا وابنِ بلدك، وابنِ بلدنا، واربح مش غلط؛ ولذلك نحن علينا أن نعمل له كل التسهيلات اللازمة. مهم جدًا هذه الفئة من الناس؛ نريد أن نتجه نحو القطاع الخاص؛ لا نريد كل شيء يتحمله القطاع العام؛ لكن لا بد أن يكون هناك نوع من التفاهم والتعاون؛ وبنفس الوقت، يجب أن تكون هناك تسهيلات كاملة للقطاع الخاص؛ من أجل أن يتشجع، ومن أجل أن يأتي إلينا؛ يخدم ويربح، مثله مثل غيره.
الشباب والمرأة، الشباب يعني المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات؛ والمرأة، حيث ما وجدت، تأخذ حقها؛ المرأة عندنا في كل المجالات ناجحة، وفي كل المجالات قوية؛ ولذلك لا بد أن ندعمها ونساعدها ونطور وجودها. والمرأة ليست أقل من الرجل إطلاقًا، وأنا رأيي المنحاز: أن المرأة أشطر من الرجل، إن لم تكن تزيد عنه؛ لا ينقص المرأة أن تكون وزيرة، وتكون رئيسة، وتكون في أي مكان في هذا البلد؛ لأنه فعلاً المرأة لا تقل أبدًا عن الرجل، إن لم تكن تزيد عنه.
الشيء الآخر هو ضمان حريات الناس، يجب أن نحمي حريات الناس، الحريات العامة، كما يقول المثل: "تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين"، نحن نريد الحريات المضمونة للجميع.
نحن سياستنا في بلدنا أن لا نقبل الاحتلال، وأن نحارب الاحتلال بكل الأساليب المتاحة الشرعية؛ يعني في الأمم المتحدة، في المؤسسات الدولية، في المقاومة الشعبية السلمية؛ نحن سنحارب الاحتلال بهذه الوسائل وبالقانون. هذا ما عندنا وهذا ما يمكن أن نفعله بالنسبة لمقاومة الاحتلال، الذي لم نرضَ به، ولن نرضى به إطلاقًا أن يبقى جاثمًا على صدورنا؛ وهذا يعني أنه نحن كل نتائج الاحتلال -يعني الاستيطان- غير مقبول غير شرعي من بدايته لنهايته. ومن يقول: البعض من هنا وهناك يقولون: إن الاستيطان أمر واقع، أو إنه أصبح يقال: إن الأرض الفلسطينية غير محتلة. اذن شو ما كان يعني لإسرائيل، هذا ما قاله الأمريكان الذين يقررون ما يريدون، ويتكلموا ما يريدون ويبحثوا ما يريدون. نحن لا نقبل كلامهم؛ وكلامهم مش قرآن، ولن يفرض علينا؛ قلنا: لا؛ وسنقول: لا. ونحن غير عبثيين ولا دوغما. نحن عند حقنا سنصمد ونصبر ونقاوم بكل الأساليب المشروعة للمقاومة. إذن ما يقولونه: إن الاستيطان أمر واقع. شو أمر واقع! أنت معتدي وقعدت بأرضي وبنيت بأرضي؛ لا، ليس أمر واقع؛ حدود 67 كما هي، وأنا منيح من الله مني إني قبلت، ووقت اللزوم برفض؛ والي يصير يصير؛ ولكن نحن لأنه نؤمن بالقانون الدولي؛ قلنا حدود 67.
في المجلس الوطني الفلسطيني عام 88- أنصحكم جميعًا أن تقرؤوا قراراته- هذا المجلس الذي أعلن الدولة الفلسطينية في المنفى، وأعلن قرارات لأول مرة تعلن، وهي: الالتزام بالشرعية الدولية وغيرها. نحن لن نتنازل عن كلمة واحدة فيما ورد في قرارات المجالس الوطنية منذ 88 إلى يومنا هذا؛ هذه القرارات بالنسبة لنا قرارات مقدسة؛ هي التي أعلنا فيها المجلس الوطني في 88 في الجزائر؛ أعلنا فيه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة في إطلاق فعاليات "القدس عاصمة الثقافة الإسلامية" 12 نيسان2019
بسم الله الرحمن الرحيم
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
صدق الله العظيم
أيها الإخوة والأخوات..
لعل هذه الآيات الكريمة من القرآن العظيم تشرح فيما تشرح، واقع الشعب الفلسطيني، الذي تكالبت عليه قوى الشر، فأخرجته من وطنه، وجعلت من غالبيته الساحقة لاجئين داخل هذا الوطن وخارجه، وعدت على مقدساته وحقوقه؛ لكنه بقدر الله وقدرته، أفشل مؤامرة المحو والتذويب التي توهم أصحابها أن بإمكانهم أن يجعلوا من فلسطين أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض.
ها هو الشعب الفلسطيني ينهض من بين ركام النكبات والمؤامرات، لكي يستعيد وجوده وهويته وحقوقه، ولكي يؤكد للعالمين أنه ما ضاع حقٌ وراءه مطالب... ها هو شعب فلسطين، ومن ورائه ملايين العرب والمسلمين وأحرار الكون، يقف كالطود الأشم في وجه صفقة العار التي تريد أن تنتزع القدس من قلوبنا وعقولنا وواقعنا، وما وجودكم اليوم هاهنا في أرض بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إلا دليلاً دامغاً على أن هوية هذه الأرض سوف تحافظ على بهائها وسموها وجذورها الضاربة في عمق أعماق التاريخ الإنساني، وأن المؤامرة والمتآمرين إلى زوال.
إنكم اليوم، أيها الإخوة والأخوات، وأنتم تطلقون فعاليات "القدس عاصمة الثقافة الإسلامية" لتؤكدون أن القدس لن تكون وحدها، وأن الشعب الفلسطيني المرابط لن يبقى وحده في مواجهة الاستعمار والاحتلال، وأن ليل القدس لن يطول، ولا يجوز أن يطول؛ بل لا يجوز أن يبقى، وأن الواجب الخالد بأن تبقى قناديل القدس مسرجة بأهلها ومن وراءهم من أبناء أمتنا العظيمة، سوف يظل في صدارة وعينا وسلوكنا اليومي، حتى تتحرر القدس عاصمتنا الأبدية، وعاصمة الثقافة الإسلامية الدائمة.
إن رسالتنا التي نوجهها إلى كل أبناء الأمة اليوم، ومن أجل أن تظل قناديلنا في القدس متقدة بنور الخير والحق والسلام، هي أن القدس بأهلها وأحبابها من العرب والمسلمين والمسيحيين، فلا عذر لمن يستطيع أن يشد الرحال إليها ألا يفعل؛ فهي أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وهي مسرى نبينا الأمين محمد صلى الله عليه وسلـم، ومهد السيد المسيح عليه السلام، وهي بوابة الأرض نحو السماء...
أيها الأحبة والأشقاء والأصدقاء في مشارق الأرض ومغاربها، شدوا الرحال إلى القدس، واشتروا ساعة رباط فيها وفي أكنافها؛ فذلك خيرٌ من الدنيا وما فيها، كما أخبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلـم.
شكرًا لكم أيها الأعزاء .. شكراً لكل من ساهم من أشقائنا في أن تكون القدس عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية، شكراً لمنظمة التعاون الإسلامي بكل أعضائها وأمانتها العامة.. والأقصى من هنا على مرمى حجر، والنصر كذلك، بل هو أقرب بحول الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية العادية بدورتها الـ30 في العاصمة التونسية 31 آذار 2019
أصحاب المعالي، والسعادة،
السيدات والسادة،
بداية، يطيب لي أن اتوجه بالتحية والتقدير لفخامة الأخ الرئيس الباجي قائد السبسي، ومن خلاله للشعب التونسي الشقيق على استضافة هذه القمة على أرض تونس التي نكن لها نحن أبناء الشعب الفلسطيني كل المحبة والتقدير والعرفان، كيف لا، وهي التي فتحت أبوابها لنا، واحتضنت الثورة الفلسطينية وقيادتها في أصعب الظروف، إلى أن انتقلنا منها مباشرة إلى فلسطين.
كما اتوجه بالشكر والعرفان لحضرة أخي الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، على رئاسة واستضافة القمة السابقة في الظهران، والتي أسماها "قمة القدس"؛ تأكيدا على مواقف المملكة العربية السعودية الثابتة والداعمة لحقوق شعبنا وقضيتنا العادلة، وصولًا إلى نيل شعبنا حريته واستقلاله.
ونتوجه بتحية إكبار وتقدير لقادة الدول العربية ولشعوب أمتنا كافة، على مواقفهم الداعمة لحقوق شعبنا، وتصديهم لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية؛ ونتطلع إليكم لرص الصفوف، وتوحيد المواقف لنصرة فلسطين، قضية العرب الأولى. كما نحيي جهود الأخ الأمين العام وطواقم جامعة الدول العربية على جهودهم للتحضير لهذه القمة.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
آتيكم اليوم مجددًا، وقد أحيا شعبنا بالأمس ذكرى يوم الأرض، لأطلعكم على ما آلت إليه الأوضاع الخطيرة في مدينة القدس الشريف؛ حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ممارساتها القمعية وإجراءاتها التعسفية من أجل طمس هوية المدينة المقدسة وتغيير معالمها الروحية والتاريخية؛ وانتهاك حرمة مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، والتضييق على أهلها، وزائريها والقادمين للعبادة فيها؛ ففي كل يوم يتعرض المسجد الأقصى للاقتحامات، التي كان آخرها الاعتداءات على باب الرحمة، ومواصلة عمليات حفر الأنفاق من قبل الحكومة الإسرائيلية؛ بهدف استكمال ما يطلقون عليه "التقسيم المكاني والزماني" في الحرم القدسي الشريف؛ هذا علاوة على الاعتداءات على كنيسة القيامة ورهبانها.
وفي هذا الإطار، فإننا نجري اتصالات حثيثة ومتواصلة، وعلى الصعد كافة، وبالتنسيق المشترك مع جلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وشريكنا في الدفاع عن القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين؛ وهنا نشيد بدور الأوقاف الإسلامية الأردنية باعتبارها مسؤولة حصريًا على إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك؛ ونحن نعمل معا وسويا لوقف هذه الهجمة الشرسة من قبل جماعات التطرف المحمية من الحكومة الإسرائيلية، والعودة لاحترام الوضع التاريخي القائم قبل 1967 التي تعمل دولة الاحتلال لتغييره لصالح مشروعها الاستعماري.
وفي هذه الظروف الصعبة نود أن نرسل تحية إكبار إلى أهلنا في القدس، ونقول لهم من هنا: إن أمتكم وقادتها يحيون صمودكم، ولن يتركوكم وحدكم؛ فقد وقفتم مسلمين ومسيحيين، معا في وجه المحتلين والمستوطنين كعادتكم؛ فكل التحية لكم على ثباتكم وشجاعتكم؛ مقدرين عاليا الاتصالات والجهود المبذولة مؤخرا من جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، ووكالة بيت مال القدس الشريف.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
إن ما تشهده فلسطين من ممارسات قمعية، ونشاطات استيطانية، وخنق للاقتصاد الفلسطيني، ومواصلة إسرائيل لسياستها العنصرية، والتصرف كدولة فوق القانون- ما كان له أن يكون لولا دعم الإدارة الأميركية للاحتلال الإسرائيلي؛ هي السبب الأول والأخير؛ وهي التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلت سفارتها وضمت القنصلية الأميركية في القدس لها، وأزاحت ملف الاستيطان واللاجئين والأونروا من على الطاولة، وأغلقت ممثلية منظمة التحرير في واشنطن، وأنهت "مبدأ الدولتين"، كما اسقطت في تقرير رسمي مؤخرا صفة "الاحتلال" عن الأراضي الفلسطينية؛ أي أن إسرائيل لا تحتل أرض فلسطين، وأن حرب 1967 لم تحصل إطلاقًا؛ وأعلنت بشكل غير شرعي، ودون وجه حق، عن اعترافها بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، وسيادتها عليها؛ وهو ما نرفضه ويرفضه العالم أجمع. والآتي من أميركا أخطر وأعظم؛ حيث ستقول لإسرائيل: أن تضم جزءًا من الأراضي الفلسطينية؛ وتعطي ما تبقى منها حكما ذاتيًا وأعطي قطاع غزة دولة شكلية لتلعب بها "حماس".
إن ما قامت به الإدارة الأميركية الحالية بقراراتها هذه يمثل نسفًا لمبادرة السلام العربية، وتغييرًا جذريًا في مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ هذا حصل في عهد ترمب؛ لم نكن نسمعه، ولم نره أبدًا في العهود السابقة. ربما كانوا يخفون هذه السياسة لوقت ما؛ ولكن جاء ترمب ليعلن هذه السياسة المنافية للشرعية الدولية منذ 47 إلى يومنا هذا، وانقلابا بشكل كامل على القانون الدولي والشرعية الدولية. وتكون هذه الإدارة الأميركية بذلك قد أنهت ما تبقى لها من دور في طرح خطة سلام أو القيام بدور الوسيط في عملية السلام، وهي وسيط غير نزيه.
وهذا يؤكد لكم، أيها الإخوة القادة، وللعالم، صحة قراراتنا من وقف الاتصالات بالإدارة الأميركية، واعتبارها غير مؤهلة وحدها لرعاية المفاوضات.
وهنا نؤكد على ما اتفقنا عليه سويًا، بأننا لا يمكن أن نقبل أية خطة سلام لا تحترم أسس ومرجعيات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية، وصولًا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الحرية والاستقلال لدولتنا بعاصمتها القدس الشرقية.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
وفي موضوع متصل، فإننا ندعوكم مجددًا، ؟إخواني القادة للحذر من محاولات إسرائيل دفع بعض دول العالم لنقل سفارتها للقدس. إن هذا الأمر يستدعي من دولنا، مجتمعة ومنفردة، ودون تهاون، أن تقف في وجهها، وإعلام تلك الدول التي تسير في هذا الاتجاه بأنها تخالف القانون الدولي والشرعية الدولية، وأنها تعرض مصالحها وعلاقتها السياسية والاقتصادية مع الدول العربية للضرر والخطر إن هي قامت بذلك.
واستحضر ها هنا قرار القمة العربية للعام 1980 الذي أكد على قطع العلاقات مع أية دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفارتها إليها.
كما أننا على ثقة بأن محاولات إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية لن تنجح ما لم تطبق مبادرة السلام العربية 2002، من البداية إلى النهاية؛ وليس العكس؛ فلا تطبيع إلا بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والعربية.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
في ظل غياب حل سياسي يستند للشرعية الدولية، فقد دعونا لعقد مؤتمر دولي للسلام وإنشاء آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية المفاوضات. وإننا نحث الدول الأوروبية وغيرها من الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين للقيام بذلك. وهذا الأمر ليس بديلاً عن المفاوضات، بل إنه سيحافظ على "حل الدولتين" ويعزز فرص السلام في المنطقة. ونشكر الممثلية العليا للسياسة الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبي فردريكا موغيريني على ما تضمنته كلمتها من أن أوروبا ملتزمة ب"حل الدولتين".
كما أننا سنواصل عملنا المشترك من أجل حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، لا سيما وأنه قد تم اختيار دولة فلسطين منذ مطلع هذا العام لرئاسة مجموعة الـ77 والصين التي تضم 134 دولة في العالم، وهو دليل على ثقة المجتمع الدولي بقدرة وكفاءة مؤسسات الدولة الفلسطينية في القيام بدور لحل قضايا دولية ذات شأن كبير، مثل قضايا التنمية المستدامة، والبيئة، والتواصل بين دول الجنوب والشمال، وغيرها من القضايا الاقتصادية الدولية.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
إن إسرائيل (الدولة المحتلة) والتي تواصل نشاطاتها الاستيطانية، وتنهب أرضنا ومواردنا الطبيعية، لم تتوقف عند ذلك، بل قامت مؤخراً باقتطاع جزء كبير من أموالنا التي تجبيها وتأخذ عليها أجرًا، والمعروفة بـ"أموال المقاصة" والبالغ قيمتها مائتي مليون دولار شهرياً؛ بذريعة أننا ندفع رواتب لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، الأمر الذي يعتبر خرقاً للاتفاقيات. لم يوجد هذا بأي اتفاق من الاتفاقات بيننا وبينهم؛ وهو ما جعلنا نصر على استلام أموالنا كاملة غير منقوصة. وقلنا ونقول لإسرائيل وللعالم أجمع: إننا لن نتخلى عن أبناء شعبنا، وبخاصة من ضحّى منهم، وسنواصل دعمهم، حتى وإن كان ذلك آخر ما نملك من موارد مالية.
إسرائيل خصمت الشهر الماضي 182 مليون شيقل، وفي الشهر الجاري خصمت 192 مليون شيقل، إضافة إلى الأجر الذي تأخذه، وهو 7 مليون دولار.
إن هدف إسرائيل من احتجاز أموالنا، ومن قبلها قيام الإدارة الأميركية بوقف جميع مساعدتها البالغة 844 مليون دولار سنويًا هو للضغط علينا وإجبارنا على الاستسلام والتخلي عن حقنا المشروع في القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة؛ لكن القدس ليست للبيع، ولا معنى لأن تكون فلسطين دون أن تكون القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية عاصمة لها.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
أمام هذا الواقع الصعب والحصار الممارس على شعبنا؛ فقد اتخذنا العديد من الإجراءات التقشفية، وسنعمل على زيادة الإنتاج المحلي في المجالات كافة؛ ولكننا وأمام هذه الأزمة الطارئة، ندعوكم، أيها الإخوة القادة، للعمل على تفعيل قرارات القمم السابقة الخاصة بتوفير شبكة الأمان المالية. سبق أن مررنا بهكذا أزمة، وطالبنا بتوفير شبكة أمان عربية، والوفاء بالالتزامات المالية لدعم موازنة دولة فلسطين، مقدرين عالياً الدول التي أوفت بالتزاماتها، وداعين الدول الشقيقة الأخرى للوفاء بحصتها، هذه الظروف صعبة وخطيرة للغاية نرجو ألا تتخلوا عنا؛ الأمر الذي سيمكن شعبنا من الصمود والثبات.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
وبالتوازي مع كل ما سبق، فإننا ماضون في جهودنا المخلصة لوحدة أرضنا وشعبنا، وحريصون على توفير نصف ميزانية دولة فلسطين تقريبًا لأهلنا في قطاع غزة؛ لم نتوقف مرة أو شهرًا واحدًا عن دفع نصف موازنتنا لغزة؛ ثم يقال إننا نحاصر غزة! من يحاصرها هي إسرائيل، وقد بذلنا كل جهد ممكن لإنجاح الجهود العربية والدولية بالرغم من مواقف حركة "حماس" التي تعطل المصالحة. مثمنين عاليًا مواقف وجهود الأشقاء في جمهورية مصر العربية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ مصر قدمت مؤخرًا مقترحًا وافقنا عليه ووافقت عليه "حماس"؛ لكن إلى الآن لم تطبقه "حماس" التي لا تريد المصالحة.
وفي هذا الصدد، فإننا ندين وندعو إلى إدانة الممارسات القمعية التي تقوم بها حركة "حماس"، ونحذرها من التطاول على جماهير شعبنا التي انتفضت في غزة مطالبة بإنهاء الانقلاب والعيش الكريم؛ كما نرفض التصريحات العدوانية لرئيس الحكومة الإسرائيلية التي أكد فيها أن هدف تمرير الأموال لحركة "حماس" إنما هو لإبقاء حالة الانقسام الفلسطيني قائمة، وتقويض إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية.
أيها الإخوة، سيكون لدينا قبل منتصف هذا الشهر حكومة جديدة، تبدأ بالإعداد لانتخابات عامة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، علها تكون الخطوة التي ستنهي الانقسام من خلال إرادة الشعب في صناديق الاقتراع. ونقول لأهلنا في قطاع غزة: إننا لن نتخلى عنكم، ولن نقبل بدولة في غزة، ولا بدولة دون غزة. وانتظروا هذا سيأتي من أميركا خلال شهر أو شهرين بالحديث عن دولة في غزة.
الأخ الرئيس، الإخوة القادة،
أجد نفسي هاهنا ملزمًا- وكما كنت دائما- بقول الحقيقة كما هي: إننا مقبلون أيها الإخوة الأعزاء على أيام غاية في الصعوبة، بعد أن دمرت إسرائيل (الدولة القائمة بالاحتلال لأرض دولة فلسطين) كل الاتفاقيات، وتنصلت من جميع الالتزامات منذ أوسلو إلى اليوم، وهي مستمرة في سياساتها وإجراءاتها لتدمير "حل الدولتين"؛ بحيث جعلتنا نفقد الأمل في أي سلام يمكن تحقيقه معها.
وأؤكد لكم هاهنا، أنه لم يعد باستطاعتنا تحمل الوضع القائم، أو التعايش معه، حفاظًا على مصالح وأحلام شعبنا في الحرية والاستقلال؛ ولذلك سنكون مضطرين، عاجلًا غير آجل، إلى اتخاذ خطوات وقرارات مصيرية، وكلنا ثقة أنكم ستكونون- كما كنتم دائمًا- معنا في نضالنا، وسندًا حقيقيًا لشعبنا وقضيتنا.
أشكركم فخامة الرئيس وشعبكم على كرم الضيافة، ورئاسة هذه القمة، وأحييكم أيها الإخوة القادة على دعمكم، ومواقفكم، وشعوبكم، تجاه فلسطين والقدس، مؤكدين لكم جميعًا، بأننا سنبقى وشعبنا صامدين في وطننا، سنبقى ولن نغادر بلدنا كما حدث في عامي 1948 و1967؛ سنواصل ثباتنا بكل قوة وإصرار لإكمال المسيرة التي بدأناها، للدفاع عن شعبنا ومقدساتنا، وخاصة في القدس الشريف عاصمة دولتنا المستقلة الأبدية.
بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
والسلام عليكم.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال اسقباله وفد طلبة جامعة هارفارد الأميركية في مقر الرئاسة 23 آذار 2019
نقدر لكم وصولكم لفلسطين من أجل الاطلاع على الأوضاع فيها ومعرفة ماذا يجري فيها؛ لأن الإنسان مهما كانت معلوماته فلا يمكن أن يتعرف تمامًا على الحقيقة دون أن يراها على أرض الواقع؛ ولذلك جئتم هنا لتعرفوا بأنفسكم؛ لتعرفوا ماذا يعاني الشعب الفلسطيني، وما معنى الاحتلال وتصرفاته ونتائج الاحتلال على هذا الشعب؛ لذلك نقدم لكم الشكر الجزيل على هذه الزيارة التي نتمنى أن تتكرر من قبل كل أطياف المجتمع الأميركي لتعرفوا حقيقة الأمر على أرض الواقع.
جامعة هارفارد مشهورة وعريقة، يتمنى كل إنسان أن يتعلم فيها، وأن يعلم أبناءه فيها. ومنذ وصولنا إلى أرض الوطن كانت لنا تجربة ناجحة مع هارفارد لتدريب كبار الموظفين، ثم توقفت. ونأمل أن يتكرر مثل هذا التعاون لأننا نستفيد كثيراً، خاصة وأننا نترأس حاليًا مجموعة 77 + الصين؛ أي 134 دولة سنقدم لهم الخبرة الفلسطينية، ومن كل أنحاء العالم. وإذا كان هناك تعاون بيننا سننقل هذه المعلومات لهذه المجموعة الكبيرة من دول العالم للاستفادة منها.
اطلعتم خلال زيارتكم على معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال، ونحب أن نقول لكم: إننا آخر شعب في العالم يقبع تحت الاحتلال. تصوروا هذا الشعب المتعلم العريق لا زال تحت الاحتلال! وأترك الجواب لكم لتجيبوا بأنفسكم.
سأقدم لكم ما لدي من معلومات ومواقف ومفاصل نعيشها هذه الأيام؛ لأننا نمر بأصعب الأوقات التي يعيشها شعبنا.
بالبداية أقول: نحن الشعب الفلسطيني، نريد الحصول على دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
على حدود العام 1967، مع الاتفاق على القضايا المعلقة التي تناولناها مع الإسرائيليين في اتفاق أوسلو.
ثانيًا- نحن نريد الوصول إلى حقنا ودولتنا بالطرق السلمية، أي بالمفاوضات، ولن نختار طريقاً أخر للوصول إلى حقنا، إلا من خلال المفاوضات، ونقول دائماً: إننا نمد أيدينا للحكومة الإسرائيلية التي يختارها الشعب الإسرائيلي من أجل أن نتفاوض على هذه الأسس التي لم نخترعها نحن، وإنما وضعتها الشرعية الدولية. وأريد أن أقول لكم: إن هناك 722 قرارًا من الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1947؛ و86 قرارًا من مجلس الأمن الدولي بشأن القضية الفلسطينية؛ أريد قرارًا واحدًا يطبق من أي من هذه القرارات؛ أميركا، إسرائيل، أو العالم يختار قرارًا واحدًا منها، نضعها على الطاولة ونناقشها ونطبقها ونحل القضية الفلسطينية؛ ولكن للأسف، جميع هذه القرارات كلها أهملت ولم تطبق؛ ولم يلتفت لها أحد، وإسرائيل ألقتها في سلة المهملات، مدعومة للأسف الشديد من قبل الحكومة الأميركية.
نحن لا نريد أن نتجاوز الشرعية الدولية، ولا نريد أكثر أو أقل من قرارات الشرعية الدولية.
النقطة الثالثة- وهي أننا نؤمن بالسلام، ونؤمن بالأمن للجميع؛ فلدينا 83 اتفاقية تعاون لمكافحة الإرهاب مع 83 دولة منها أميركا .
نحن الآن أمام ثلاث قضايا أو مشاكل كبرى: أولها مع الإدارة الأميركية. ونحن نعتبر أميركا دولة عظمى وديمقراطية وتؤمن بالحرية والعدالة للجميع. هكذا كنا نفهم، وأردنا أن تكون أميركا هي الحكم بعد أن عقدنا اتفاق أوسلو؛ ولكن إلى الآن لم يحصل أي شيء. وقد التقيت مع السيد الرئيس دونالد ترمب بعد أن انتخب أربع مرات: الأولى في البيت الأبيض؛ والثانية في السعودية؛ والثالثة في بيت لحم؛ حيث استقبلته استقبالًا رسميًا؛ والمرة الأخيرة في نيويورك، وقد تناولنا حل القضية الفلسطينية؛ وقد كنت متفائلًا جدًا بأن هذا الرجل يمكن أن نجد معه حلًا.
في المرة الرابعة التي التقينا فيها، في نيويورك، قال: أنا مع "حل الدولتين"؛ لأني سألته: هل أنت مع حل الدولتين أم مع حل الدولة الواحدة؛ علما أن حل الدولة الواحدة أمامها خياران: إما الأبارتهايد الذي كان سائداً في جنوب أفريقيا؛ وإما " one man : one vote"؛ فقلت له: نحن وأنتم نرفض الأبارتهايد. فقال: نعم. وبالنسبة للخيار الثاني فإن إسرائيل ترفض ذلك. فقال: نعم. فقلت له: ماذا بقي؟ فقال: صراحة أنا مع حل الدولتين. (وهذا مسجل بمحاضر جلسات بيني وبينه) وقال: أنا سأعلن خلال أسبوع أننا مع حل الدولتين.
فقلت له: على حدود عام 1967 مع تبادل أراض؟ فقال لي: نعم أنا مع هذا. فقلت له: إذا كانت إسرائيل غير مطمئنة على أمنها فأنا اقترح أن قوات الناتو بقيادة أميركية تأتي إلى فلسطين لتحمي أمن إسرائيل وأمننا. والتفت إلى أحد المسؤولين الأميركان، وقال له: كم عندك من الجنود فقال المسؤول: ستة آلاف: فقال له: غير كاف ولكن جهزهم. وقلت له: سيادة الرئيس، أنا لا أحب الحرب، ولا اؤمن بها، وباعتقادي أننا إذا حصلنا على دولتنا فإنني يمكن أن أبني مدرسة أحسن من شراء دبابة؛ وأن أبني مستشفى أحسن من شراء طيارة مقاتلة؛ وأنا لا أريد السلاح؛ بل أريد أن ابني البلد. فقال لي: كيف يقولون عنك إرهابي! أنت رجل سلام. هذه آخر جلسة.
بعدها بأسبوعين أعلن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس، واعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وأوقف الأموال عن وكالة الغوث! علما أن هناك 6 ملايين لاجئ مسجل. الشعب الفلسطيني 13 مليون، 6 ملايين منه لاجئون، ولا زالت وكالة الغوث التي أنشئت بقرار أممي في 1949 تعمل، ومن واجبها أن تعمل حتى تنهي المشكلة اللاجئين. فجاء ترمب وألغى المساعدات المقدمة لنا؛ منها ما كان يقدم للبنية التحتية وغيرها وللجامعات، خاصة جامعة القدس، وأوقفها؛ ثم أعطى موافقة على مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وكان جوابنا أننا لا نريد التكلم مع الإدارة الأميركية إذا كانت هذه سياستها واستمرت بهذه الرؤية؛ ولكننا مستعدون للمراجعة إذا قلت يا سيادة الرئيس إن السفارة لن تنقل، وأن القدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين، لأنها أرض محتلة منذ العام 1967. فنحن مستعدون للحديث، ونحن أبقينا الباب مفتوحًا؛ وعليكم أن تراجعوا موقفكم، وإلا لا كلام بيننا وبينكم.
لم يحصل أي شيء، والأمور تتدهور، حتى وصلت أن الرئيس ترمب قال: إن الجولان أرض إسرائيلية. سيدي الرئيس ترمب، أنت لست حاكماً للعالم، هناك شرعيات وقوانين دولية؛ إن شئت أن تكون حكماً فعليك أن تلتزم بالشرعية الدولية؛ ولكن أن تضع من عندك قوانين وقرارات فهذا أمر غير مقبول؛ فكيف تتيح لنفسك هذا! هل يحق لأحد منا أن يقول أن الاسكا ليست أميركية، بل هي روسية! هذا ليس من حقي أن أقوله. أنت لست صاحب القرار، بل الشرعية الدولية هي صاحبة القرار.
وبالتالي بالنسبة لنا، نحن لم نعد نقبل أميركا وحدها أن تكون حكمًا؛ لأنها حكم غير منصف؛ إلا معها دول الرباعية ودول أوروبا والدول العربية، أو أي دول أخرى؛ لكن لوحدها لن نقبل.
نحن لا نضع رأسنا برأس أميركا؛ نحن دولة تحت الاحتلال؛ ولكن لنا كرامة، ونبحث عن العدالة الدولية، وهذا موقفنا مع أميركا.
الموقف مع إسرائيل، في عام 1993، أجرينا مفاوضات سرية مع إسرائيل لمدة 8 أشهر وحدنا، وخرجنا باتفاق أوسلو، وذهبنا للبيت الأبيض لنعمد الاتفاق، ولي شرف أن وقعت الاتفاق باسم السلطة الفلسطينية، وأملنا أن يكون هذا الاتفاق البداية وليس النهاية؛ وقيل في ذلك الوقت: إننا بحاجة لخمس سنوات من المفاوضات ثم تنتهي القضايا المعلقة النهائية. تغيرت حكومات، وقبلها قتل اسحق رابين. لا أريد أن أحرف الحديث وأن أقول من الذي قتله وأين هو الذي قتله؛ أرجوا أن تسألوا أنتم عنه.
من ذلك الوقت لم يحصل أي مفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين إلا بضعة أشهر؛ أجريت مفاوضات مع السيد أولمرت للحديث حول القضايا النهائية كلها، وكان يستمع ويناقش بقلب مفتوح وعقل مفتوح؛ بمعنى أنه كان مستعدً-ا للوصول إلى سلام، بعد ذلك كنا ذاهبين لبيته، فقالوا لنا: عودوا أدراجكم للوراء، لأنهم أخذوا السيد أولمرت للسجن، ولم يعد.
لقد وصلنا لتفاهمات، وليس لاتفاقات؛ وأولمرت قال ذلك مؤخراً في باريس أمام التلفاز؛ وهناك تفاهمات مهمة؛ ولكن للأسف حصل ما حصل، وبعدها لم يحدث شيء بيننا وبين الإسرائيليين.
وبدأوا يتعاملون معنا بالطريقة التالية: لنا عندهم أموال المقاصة التي تأتي من أموال الضرائب التي يجبونها باسمنا، ويسلموها لنا؛ وبدأوا يخصمون بالتدريج حتى وصل الخصم إلى 182 مليون شيقل. لا نعرف كيف خصموا ولماذا وعلى أي أساس! فقلنا لهم: لا نريد كل أموال المقاصة؛ خلوها عندكم؛ فإما نجلس ونتحاسب ونقول هذا لي وهذا لك. الديون أقر بها. ولكن يجب أن تبلغني كيف تخصم هذه المبالغ. والأمر الجديد أنهم قاموا بخصم قيمة الرواتب التي ندفعها لعائلات الشهداء والأسرى، فقالوا: "هؤلاء مجرمون وقتلة يجب ألا تدفع لهم".
نحن الآن نعاني كثيراً من فقدان جزء كبير من أموالنا والتي تعادل 70 % من موازنتنا، فاضطررنا إلى صرف نصف رواتب الموظفين، وربما الشهر المقبل 40%؛ وبالنهاية قد نضطر لعدم دفع الرواتب ومصاريف المؤسسات، وعلى البلد؛ والسبب هو حكومة إسرائيل.
كذلك أصدروا "قانون القومية" الذي قالوا إنه سيطبق فقط على اليهود -هذا في إسرائيل-؛ ثم الوصول لمرحلة أن الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 ليست أراضي محتلة! إذا ما هي صفتها! يعني أنت ضممتها لإسرائيل. كما يريد ضم الجولان! أين الشرعية الدولية والقرارات الدولية! طبعا عندما يقولون: إن اليهود هم أصحاب تقرير المصير؛ بصراحة نحن لسنا ضد اليهود؛ اليهود والمسيحيون والمسلمون كلهم أصحاب ديانات سماوية نحترمها ونحترم أنبياءها؛ لكن لماذا أنت تقول إن اليهودي يحق له، وغيره لا يحق له! أين سمعتم هذا الكلام غير في جنوب إفريقيا التي انتهى فيها الحديث من عشرات السنوات؟ الابارتايد انتهى بالعالم. وهذا الأمر لا يقبل به أحد.
بعد الانتخابات سيكون لنا موقف، ولن نقبل هذه الإجراءات، واستبعد العنف ولن نستعمله، ولن نقبل العنف إطلاقاً؛ ولكن لدينا ما نفعله للوصول إلى حقوقنا أو للاحتجاج على سلبنا لحقوقنا. بعد الانتخابات إما أن يسيروا ويعودوا للشرعية، وأن يقبلوا ما يقبل به العالم. أقول بصراحة: أثناء حكم أوباما وبعد انتخاب ترمب، قدم مشروع قرار لمجلس الأمن من قبل بريطانيا بدفع من الإدارة الامريكية رقم 2334، ووافق عليه من قبل الجميع؛ طبعًا أميركا تحفظت ولكن وافق عليه؛ أرجوا تعودوا إليه وتقرأوه جيدًا. ونحن موافقون عليه بالحرف وأن نقبل بحرفيته، ولكن مع الأسف الشديد.
ولكن هناك سؤال لكم: ما هي صفات الدولة التي تعترفون بها؟ ماذا يجب أن يتوفر للدولة حتى نقول عنها دولة؟ أرض محدودة وسكان وسلطة. اسألوا أي اسرائيلي أين هي حدودك؟ في العام 1948 طلب من إسرائيل هذا الطلب لتقبل في الأمم المتحدة؛ وتعهدت بذلك؛ وحتى الآن لم تأت بجواب!
الكونغرس الأميركي عام 1987 اتخذ قرارًا بأننا منظمة إرهابية. وفي 1993 عقدنا اتفاق أوسلو الذي يقول فيه رابين إنني اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني.
ياسر عرفات -رحمه الله عليه- قال: إنني اعترف بحق إسرائيل في الوجود، ووقعنا هذا الاتفاق في البيت الأبيض، فكيف يسمينا الكونغرس بالإرهابيين! كيف ذلك! يا أيها الكونغرس بشقيك الديمقراطي والجمهوري، تعال نتكلم؛ تعال أقنعني بأنني إرهابي؛ أو أقنعك بأنني لست إرهابيًا. للأسف، لحد الآن يرفضون لقاءنا، وعلى هذا الأساس الرئيس ترمب اتخذ قراراته. منذ 25 سنة ونحن نستقبل في البيت الأبيض، ونستقبل الرؤساء هنا بحرس الشرف والعلم الفلسطيني، نحن استقبلنا الرئيس كلينتون، والرئيس بوش، والرئيس أوباما، وأخيرا الرئيس ترمب.
النقطة الأخيرة وهي: حماس كسبت الانتخابات عام 2006، وسلمناها الحكومة. وأنا رئيس السلطة. شكلوا الحكومة؛ وبعد ثلاثة أشهر انقلبوا على حكومتهم وما زالوا منقلبين. نحن قررنا أن حل هذه المشكلة لا يتم إلا بالطرق السلمية، وذهبنا للجامعة العربية وقلنا لهم: نحن نشكو أمرنا إليكم. وكلفوا مصر بتحقيق المصالحة عام 2007، وإلى يومنا هذا لم يحصل شيء.
بالرغم من أن الإخوان المسلمين يقومون بالأعمال الإرهابية في مصر، إلا أن مصر تحملتهم وجاؤوا إلى القاهرة. واتفقنا في عام 2017 على النحو التالي: الحكومة التي شكلت بيننا وبينهم هي التي تستلم البلد، ومن ثم تجري الانتخابات، ومن بعد نشكل حكومة وحدة وطنية؛ ولا أذيع سرا إذا قلت لكم إن الرئيس ترمب كان موافقاً على هذه المصالحة؛ وأنا كنت سعيدا أن أميركا توافق على هذه المصالحة.
وأخيرًا، الشعب في غزة قام وانتفض جائعًا؛ وإلى الآن هذا الحراك قائم في غزة؛ ولكن أرجو أن تراقبوا التلفاز في العالم لتروا كيف تعامل حماس أبناء شعبها. كسر وقتل واعتقال، أطفال ونساء وشيوخ، من أجل أن تبقى حماس في هذا المكان؛ ونحن نصر على تحقيق وحدة شطري الوطن؛ أي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة. بالنسبة للقدس الشرقية نقول: عاصمة لدولة فلسطين؛ القدس الغربية عاصمة لإسرائيل؛ وبينهما نوع من التعاون؛ أما الأماكن المقدسة فتبقى مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية الثلاث في كل وقت؛ ولا يجوز منع أي إنسان، مسيحي مسلم يهودي، من الذهاب للقيام بشعائره الدينية.
نحن فعلا نعاني، وفي الأشهر المقبلة لا ندري ما الذي ستأتي به الأيام؛ ولكن ستكون أياما صعبة. نتمنى عليكم أن تقولوا الحقيقة لحكومتكم لا أكثر ولا أقل.
كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي 3 آذار 2019
دولة الأخ الدكتور عادل عبد المهدي،
يسعدني أن التقي بكم هنا في بغداد، في هذه الزيارة التي أقوم بها لبلد عزيز على قلبي، ولشعب عظيم نكن له كل المحبة والاحترام، وانتهز هذه الفرصة لأتقدم لكم وللشعب العراقي الشقيق بقواه وشرائحه كافة، بالتهنئة على الانتصارات الكبيرة التي حققتموها على الإرهاب والقوى الظلامية، والتي كانت تهدف إلى تقسيم العراق، وزعزعة أمنه واستقراره؛ كما نشيد بما حققتموه من انجازات وانتصارات حافظتم من خلالها على وحدة أراضي العراق وشعبه الشقيق.
إن نجاحكم في تنظيم الانتخابات بشكل ديمقراطي، وانتخاب الرئاسات الثلاث لهو إنجاز كبير يحسب لحكمة القيادات والأحزاب والشعب العراقي بكل مكوناته.
إننا نفتخر بما حققه العراق من خطوات كبيرة على طريق الاستقرار والنهوض باقتصاده الوطني؛ الأمر الذي سيتيح للعراق استعادة عافيته، والاضطلاع بدوره الرائد على المستويات العربية والإقليمية والدولية.
وقد تناولت ودولة رئيس الوزراء اليوم، جملة من الموضوعات والقضايا التي تهم البلدين الشقيقين؛ حيث أطلعته على تطورات الأوضاع في فلسطين، وما نواجه من تحديات جسام على صعيد الدفاع عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم صمود أهلها، وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من انتهاكات ممنهجة من قبل المتطرفين، وبدعم واسناد من حكومة الاحتلال بهدف طمس هوية القدس، وتغيير طابعها الحضاري والتاريخي.
كما أطلعت دولة رئيس الوزراء، على الممارسات الإجرامية لقوات الاحتلال الاسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أنحاء الوطن، والتي كان آخرها الاستيلاء على أموال الشعب الفلسطيني، باقتطاع المبالغ المخصصة لرعاية عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين؛ الأمر الذي دعانا لرفض استلام أموالنا منقوصة.
وإن من يشجعُ إسرائيل على التصرف كدولة فوق القانون الدولي، هي الإدارة الأمريكية الحالية التي أثبتت انحيازها وعدم أهليتها لرعاية المفاوضات، بعد أن اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلت سفارتها إليها، وسمحت لإسرائيل بمواصلة نشاطاتها الاستيطانية، وقطعت المعونات عن وكالة الأونروا للاجئين
الفلسطينيين؛ وهو الأمر الذي جعلنا نرفض خطتها للسلام المعروفة باسم "صفقة القرن"، والتي لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتهدف لتصفية القضية الفلسطينية.
وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فقد عبرتُ لدولة رئيس الوزراء عن رغبتنا في تكثيف الاتصالات بين الجهات الحكومية ورجال الأعمال في البلدين في مختلف المجالات، وبما يخدم المصالح الأخوية المشتركة للشعبين والبلدين، وكذلك تفعيل اللجنة المشتركة، مؤكدين استعدادنا للمساهمة في إعادة بناء العراق من خلال الخبرات والشركات الفلسطينية المنتشرة حول العالم.
دولة الأخ رئيس الوزراء، والصديق العزيز،
نحن على ثقة بأن العراق الموحد القوي، هو سندٌ لأمته العربية، وإن عراق الرافدين، لا زالت قبور شهدائه مزروعة في أرض فلسطين، في مدينتي جنين ونابلس، تشهد على مواقف العراق التاريخية والثابتة في دعم شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.
وفي الختام، نشكركم يا دولة رئيس الوزراء على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظينا بها، آملين أن يأتي اليوم الذي نستقبلكم فيه على أرض فلسطين، وفي القدس عاصمة دولة فلسطين.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العربية الأوربية الأولى المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية
24 شباط 2019
يسعدني أن ألتقي بكم هنا في القمة العربية الأوروبية، في شرم الشيخ، متمنياً لهذه القمة النجاح لتحقيق أهدافها، وبما يعود بالخير على شعوبنا والعالم أجمع. وأود أن أثمن المواقف المشرّفة للاتحاد الأوروبي، ودولكم الأعضاء، منذ إعلان قمة البندقية في 1980 وحتى يومنا هذا، والتي أكدت على دعمكم لحق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره، ونيل حريته واستقلاله، وفق قرارات الشرعية الدولية، و"حل الدولتين"، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود 1967، وبما فيها القدس الشرقية المحتلة، لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل في أمن واستقرار وحسن جوار.
ونشيد بهذه المناسبة، بموقفكم الرافض لتغيير طابع وهوية مدينة القدس وعدم تغيير الوضع التاريخي القائم فيها منذ ما قبل العام 1967، ورفض دولكم لما قامت به الإدارة الأمريكية بشأن القدس، والاستيطان، والأونروا، لما تمثله هذه الإجراءات من مخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية، وبخاصة القرارات 478 و2334.
كما ونشكركم، أيها الأصدقاء، على المساعدات القيّمة، التي يقدمها الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء في جميع المجالات من أجل بناء مؤسسات دولتنا، وفق سيادة القانون، ودعم الأونروا، مثمنين دعمكم لمسعانا لنشر ثقافة السلام، ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم.
هذا في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بخنق مقومات الاقتصاد الفلسطيني، من خلال إجراءات تخالف الاتفاقيات الموقعة بيننا، والتي كان آخرها قرار اقتطاع أموال المقاصة الفلسطينية، الذي يعتبر قرصنة على أموال الشعب الفلسطيني؛ الأمر الذي دفعنا إلى عدم القبول بذلك، ولا باستلام ما تبقى بعد الاقتطاع؛ وهو ما سيؤدي إلى عواقب كارثية على حياة الشعب الفلسطيني من جوانبها كافة؛ وفي هذا المجال أدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية 1995، والقيام بالتحكيم حول هذه المسألة بما فيها المسائل المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
وهنا نثمن موقف الاتحاد الأوروبي الذي أكد على ضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة، ونشكر الأمين العام للأمم المتحدة الذي حذر من خطورة القرارات الأحادية.
وفي هذا الصدد، وبسبب الظروف الاستثنائية الصعبة، فإننا ندعو الدول العربية والأوروبية لتشكيل شبكة أمان مالية للموازنة الفلسطينية، حتى نستطيع أن نواجه الإجراءات الإسرائيلية بحق شعبنا.
إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من إجراءات غير شرعية لم يقتصر على ذلك فحسب، بل وصل إلى هدم المنشآت الفلسطينية المبنية بتمويل أوروبي، وإعاقة تطبيق اتفاق الشراكة الأوروبي الفلسطيني الموقع في العام 1997؛ الأمر الذي يستدعي رداً من جانب الاتحاد الأوروبي، يحدد العلاقة مع إسرائيل وفقاً لالتزامها بمبادئ عملية السلام، ومبدأ "حل الدولتين" على حدود 1967، ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي.
أيها الأصدقاء الأعزاء، كل الدول والشعوب في منطقتنا وفي العالم، استقلت من الاستعمار، وبقي الشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي لم ينل حريته واستقلاله، بعد أن وقع ضحية مؤامرة استعمارية، اغتصبت أرضه، وأرض أجداده، وأدت إلى طرد وتشريد نصف شعبنا إلى مخيمات اللجوء، وقد أصبحوا أكثر من ستة ملايين لاجئ يعيشون المعاناة والمأساة إلى يومنا هذا دون حل.
منذ ثلاثين عاماً قالوا لنا: إن الطريق الوحيد لحل القضية الفلسطينية يبدأ بإقرار منظمة التحرير الفلسطينية بالقانون الدولي، والقبول بحق إسرائيل في الوجود، ونبذ العنف والإرهاب. وفي العام 1988، عقدنا المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، وأعلنا الاستقلال، وقبلنا بقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القراران 242 و 338، ومضينا في حوارات دولية ومفاوضات هادئة أدت إلى اتفاق أوسلو.
وبالرغم من كل ذلك، فإن رد الحكومة الإسرائيلية، تمثّل بنقض الاتفاقيات الموقعة، ومواصلتها لسياسة الاستيطان، وتحويل حالة الاحتلال المؤقتة، إلى حالة استعمار استيطاني دائم؛ بل وذهبت لإغلاق جميع الأبواب أمام "حل الدولتين" على حدود العام 1967، وإلى غير رجعة، وواصلت خطتها لفرض نظام الفصل العنصري، الذي أصبح الآن حقيقة واقعة.
من ناحية أخرى، فقد ساعدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إسرائيل على الهروب للأمام بشكل دائم، إلا أن هذه الإدارة الأمريكية الحالية، كانت الاستثناء في تشجيع إسرائيل للتصرف كدولة فوق القانون، وفي توفير الحماية من أي مساءلة أو محاسبة، عندما انقلبت على أسس ومرجعيات عملية السلام، وخرقت القانون الدولي؛ وبهذا أصبحت الولايات المتحدة غير مؤهلة للعب دور الوسيط وحدها في عملية السلام، بعد كل هذه الإجراءات المعادية للحق الفلسطيني وللشرعية الدولية.
وإن الحديث عن صفقة القرن أو أي خطة لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، لن يكتب لها النجاح، ما دام لا ينتج عنها دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، والقدس الشرقية عاصمة لها.
وهنا يأتي الدور الأوروبي المتوازن والملتزم بالقانون الدولي، والذي كان له ولا يزال أهمية كبرى في خلق الاستقرار والسلام في منطقتنا، إلا أن ذلك لم يعد كافياً.
وأنا أخاطبكم كصديق عمل معكم على مدار سنوات طويلة من أجل السلام؛ ألم يحن الوقت للدول الأوربية التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تقوم بذلك؟ خاصة في ظل إيمانكم جميعاً ب"حل الدولتين"، علماً بأن قيامكم بذلك ليس بديلاً عن المفاوضات، وهي خطوة ليست موجهة ضد إسرائيل؛ فلقد اعترفتم بها ودعمتموها منذ قيامها وتدافعون عن أمنها؛ إلا أن عدم اعترافكم الآن بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في دولته الخاصة به، هي خطوة تتنافى مع قيمكم ومبادئكم الأوروبية؛ وهنا لابد أن نشكر العديد من دولكم التي اعترفت بدولة فلسطين، وكذلك برلمانات الدول الأوربية، التي أوصت حكوماتها بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين.
كما أود أن أذكر بأن هناك ثلاثة عشر مليون فلسطيني حول العالم، يتطلعون، ويستحقون أن تكون لهم دولتهم المستقلة ذات السيادة على أرض وطنهم منذ فجر التاريخ.
إن شعبنا الفلسطيني، أيها الأصدقاء، لن يختفي عن الوجود، بل سيبقى صامداً على أرضه، يبني مؤسسات دولته، ويواصل نضاله المشروع من أجل نيل حريته واستقلاله.
إن محاولات الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية تطبيع علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية لن تجلب السلام والأمن لإسرائيل، فتطبيق مبادرة السلام العربية كما وردت في العام 2002 هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
أمام هذه التحديات التي نواجهها، لتحقيق رؤيتنا المشتركة للسلام، فإننا نرى أنه يتوجب علينا جميعاً القيام بخطوات عملية تبدأ بالتصدي ووقف المشروع الاستيطاني الإسرائيلي على أرضنا المحتلة، وترسيخ رؤية حل الدولتين بخطوات سياسية وقانونية غير قابلة للانعكاس، تشمل اعتراف دولكم بدولة فلسطين، وحصولها على عضوية كاملة في الأمم المتحدة ومواصلة تمكينها.
وإننا ندعو، بهذا الصدد، لعقد مؤتمر دولي للسلام، تتعاون الدول العربية والأوربية للتحضير له، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف، لرعاية المفاوضات التي يجب أن تنهي أطول احتلال عرفه التاريخ المعاصر، وتحقق السلام والأمن للجميع.
ومن جانبنا، فإننا نعمل الآن على تشكيل حكومة جديدة والتحضير لانتخابات برلمانية، آملين مساعدتكم ليتم تنظيمها ومراقبتها في كل من الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة. وفي نفس الوقت لم نتخل عن أهلنا في قطاع غزة؛ فنحن ندفع حوالي مائة مليون دولار شهريًا في غزة لضمان تقديم الخدمات الأساسية.
أشكركم مجدداً، أيها القادة ورؤساء الوفود العربية والأوروبية على مواقفكم النبيلة، وأتطلع لدعمكم لتمكين شعبنا من نيل حريته وسيادته واستقلاله في دولة فلسطين، التي استثمرتم مشكورين في بناء مؤسساتها الوطنية، وبناها التحتية، مؤكدين لكم على التزامنا بالعمل السياسي والدبلوماسي بعيداً عن العنف، لتحقيق أهدافنا الوطنية، وإننا سنواصل مد أيدينا لصنع السلام، وفق "حل الدولتين" على حدود 1967، وقرارات الشرعية الدولية.
كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماع اللجنة الوطنية العليا المكلفة بتنفيذ قرارات المجلس المركزي
20 شباط 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
صدق الله العظيم
أكاد أقرء هذه الآية وأظن واعتقد أن الله سبحانه وتعالى وججها للشعب الفلسطيني المرابط الصابر الصامد في أرضه؛ ولذلك قال لكم: اصبرو وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون إن شاء الله.
شعبنا العظيم
في كل يوم تصدر سلطات الاحتلال قرارات وتشرع في ممارسات تسهدف الإجهاز على حقوقنا الوطنية. والقرار الذي صدر اليوم ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس، وتصعيد الاحتلال ممارساته واعتداءاته على المسجد الأقصى يأتي في سياق الإجراءات العنصرية التي تهدف إلى تركيعنا وإجبارنا على الموافقة على بيع القدس. لن يفلحوا؛ والتنازل عن حقوق شعبنا الثابتة في فلسطين، لن يفلحوا. وإن ما اتخذته الإدارة الأمريكية من قرارات وإجراءات هي باطلة ومرفوضة. ونؤكد على مواقفنا الثابتة برفض اللقاءات مع الادرة الأمريكية ما لم تتراجع عن مواقفها وقراراتها.
ونقول أيضًا: لن نقبل بأمريكا وسيطًا وحيدًا للقضية الفلسطينية؛ وإنما في إطار لجنة دولية منبثقة عن مؤتمر دولي. وغير هذه، لا نثق بأن بأمريكا وسيط لا نقبل بها بعد أن أثبتت لنا جميعًا وللعالم أنها منحازة كل الانحياز لإسرائيل. وما تقوم به حكومة الاحتلال من تهويد للقدس وتغول في الاستيطان واستباحة للدم والأرض الفلسطينية وعربدة قطعان المستوطنين يتزامن مع إصرارنا الحفاظ على حقوقنا وثوابتنا؛ وفي مقدمتها القدس الشريف.
أيها المرابطون على أرض الرباط؛ إن قرار حكومة الاحتلال بقرصنة أموالنا تحت ذريعة أنها تدفع لعائلات الشهداء والأسرى هو إجراء احتلالي يأتي في سياق تشديد الحصار علينا؛ بهدف تمرير صفقة العار، صفقة القرن. وإن هذا القرار هو المسمار الأخير في نعش اتفاق باريس، وتنصل فاضح من كل الاتفاقات الموقعة؛ أي إن إسرائيل الآن تستبيح كل الاتفاقات الموقعة بيننا وبينهم؛ وليس فقط اتفاق باريس. وإنني بسم الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، أعلن رفض وإدانة هذا القرار الظالم؛ ونؤكد أننا لن نستلم الأموال منقوصة قرشاً واحداً، ولن نقبل بذلك إطلاقا؛ إما أن تأتي كل أموالنا وحقوقنا، أو لن نقبل استلام قرشًا واحد منهم، ما داموا قرصنوا جزءًا من المبلغ فليقرصنوا بقيته.
كما نؤكد أن موضوع عائلات الشهداء والأسرى في سلم أولوياتنا القصوى؛ وأي مبلغ يتوفر لدينا سيكون مخصصاً لهم؛ وبعد ذلك نفكر في الباقي؛ حتى يفهم الجميع أن الشهداء والأسرى والجرحى هم أعظم وأشرف ما لدى شعبنا.
وإنني أمام تنصل حكومة الاحتلال من الاتفاقات كافة، أطالب العالم بتحمل مسؤولياته، وأحذر من التداعيات الخطيرة لانسداد أفق السلام، واستمرار حكومة الاحتلال في إجراءاتها وجرائمها ضد شعبنا، وليست الحكومة فقط، إنما قطعان المستوطنين المدعومين من جيش الاحتلال الإسرائيلي
وهنا، وبهذه المناسبة، نشكر ونثمن موقف الاتحاد الأوروبي، الذي طالب إسرائيل بضرورة احترام الاتفاقات الموقعة؛ يعني أن هناك أصواتا مع العدالة؛ وهذه الأصوات من أوروبا. نعرف أننا على حق، ونحن دائما على حق؛ ولكن عندما يأتي صوت من أوروبا بهذا الشكل يؤكد أنهم يقفون إلى جانب الحق، ولو بشكل مبدئي وبسيط.
إن القيادة المجتمعة الآن تدرس اتخاذ خطوات عدة للانفكاك الاقتصادي وقرارات أخرى؛ ما يعني أن كل الأبواب مفتوحة، وليس فقط ما يتعلق بالاقتصاد؛ وإنما الأمن والسياسة وغيرها. لكم الحق أن تناقشوا وتدرسوا وتتخذوا القرارات اللازمة بهذا الشأن؛ أنتم القيادة العليا للشعب الفلسطيني وأصحاب القرار؛ فقولوا ما شئتم، وما يمليه عليكم ضميركم والمصلحة العامة؛ ولا بد عند ذلك من تنفيذ كل ما يتخذ، كذلك التوجه للجهات والمؤسسات القانونية الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال لسرقتها أموال الشعب الفلسطيني.
ومن المواضيع التي نريد أن نناقشها أيضًا، استباحة الأرض والإنسان، واستباحة كل شيء تقوم به إسرائيل؛ يجب أن يناقش أيضًا.
شعبنا البطل، إن الظروف التي تمر بها قضيتنا الوطنية تحتم على الجميع التصرف بدون مزاودة وبالمسؤولية الكاملة التي تتماهى مع مصالح شعبنا، وأن نكون جبهة واحدة لتعزيز جبهتنا الوطنية للدفاع عن مصالحنا الوطنية، والتمسك بثوابتنا وحقنا في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة دولتنا الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الثوابت التي أعلنت عام 1988، في المجلس الوطني الفلسطيني، بحضور كل المنظمات والشخصيات الفلسطينية، وكان يحضر في ذلك الوقت أعضاء المجلس الوطني وعددهم 736 عضوًا؛ وبالإجماع أخذت هذه القرارات، وهذه الثوابت ما زالت ثوابت الشعب الفلسطيني، وهي مقدسة، وكل من يفرط بها يفرط بحق الوطن؛ لذلك علينا أن نحاسب أنفسنا على أساس هذه الثوابت التي أعلنت في "إعلان الاستقلال" عام 1988.
نتمسك بهذه الثوابت وندافع عنها ونطالب الجميع الالتزام بها، كما نتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًا ووحيداً للشعب الفلسطيني، وهي البيت المعنوي لشعبنا، ولن نفرط بها، ومن لا يؤمن بها كما حصل في موسكو، من بعض التنظيمات، فليبق في الخارج، ولن نتعامل معه. وانا أقول: باسمي وباسم المنظمة وباسم "فتح": لن نلتقي مع هؤلاء، الذين يشككون بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، أو لا يقبلون بها أو يرفضون هذا أو ذاك.
إذا لم يلتزم هؤلاء بما التزمنا به في عام 1988 فليبقوا في الخارج، ولن ينتقصوا من وجود وقوة الشعب الفلسطيني، وسيبقون على الهامش كما بقي غيرهم. الكلام الذي سمعناه في موسكو مؤسف ومحزن، لذا من اليوم وصاعداً لن نقبل أي دعوة من أي جهة كانت لا تعترف بمنظمة التحرير، فإذا هم يرفضون الاعتراف بمنظمة التحرير فبمن يعترفون! فليبق هؤلاء خارج الإجماع الوطني.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس عقب استقباله وفدًا من منظمة "جي ستريت" الأميركية وأعضاء من الكونغرس الأميركي عن الحزب الديمقراطي
19 شباط 2019
ضيوفنا الأعزاء من منظمة الـ "جي ستريت" ومن أعضاء الكونغرس الذين انتخبوا مؤخراً عن الحزب الديمقراطي، أهنئ الذين انتخبوا في الكونغرس، وأرحب بكل من يحضر هنا؛ لأنني أعرف أن الهدف من الحضور هنا هو من أجل أمر مشترك بيننا وبينكم، وهو البحث عن السلام. وأنا أعرف منذ فترة طويلة جيرمي بن عامي، والتقينا كثيرًا هنا وفي أميركا، وكان الهدف دائمًا بيننا هو البحث عن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ ولذلك أشكركم جزيل الشكر على حضوركم إلينا، لنتحدث وتستمعوا إلينا ونستمع إليكم؛ وبالتالي أن نبذل نحن وإياكم كل الجهد الممكن للسلام؛ لأن السلام هذه الأيام على وشك الانهيار؛ ولا نريده أن ينهار في منطقتنا هنا وفي العالم؛ لأننا نعرف تماماً خطورة انهيار السلام في الشرق الأوسط؛ ولذلك نعول عليكم كثيرًا في أن تبذلوا جهودا سواء في الإدارة الأميركية، أو في الكونغرس، وكذلك لدى الإسرائيليين لإقناعهم بأن السلام مصلحة لهم ولأميركا وللعالم، ولنا أيضاً وبالتأكيد هذا.
السيدات والسادة الحاضرين،
علاقتنا مع أميركا -مع الأسف الشديد- تمر بصعوبات بالغة هذه الأيام، وبالذات في عهد الرئيس ترمب. أقول لكم: لقد التقيت مع الرئيس ترمب 4 مرات خلال سنة واحدة: مرة في البيت الأبيض، ومرة في السعودية، في المؤتمر الذي عقد في الرياض؛ ومرة ثالثة جاء وزارنا هنا في بيت لحم؛ والمرة الرابعة قابلته في نيويورك إبان الجمعية العامة للأمم المتحدة. أقول لكم بصراحة أنني في اللقاءات الأربعة التي التقيتها بالرئيس ترمب كنت متفائلًا جدًا بأن هذا الرجل سيصنع السلام؛ وفي اللقاء الرابع، الذي التقيته معه ووفدان أميركي وفلسطيني، سألته هل تؤمن السيد الرئيس بالدولتين؟ قال لي: بالتأكيد؛ ومستعد أن أعلن هذا الآن. قلت له: هل تؤمن بأن السلام بيننا وبين إسرائيل على أساس حدود الرابع من حزيران 1967 وعمل ما يسمى "SWAPS" ( تبادل) بيننا وبين الإسرائيليين؟ قال لي: نعم. أنا موافق على ذلك. قلت له: هل توافق على أن الأمن الذي يمكن أن نحتاجه نحن والإسرائيليون سيكون من خلال قوات الناتو؟ قال لي: نعم. فشعرت في ذلك الاجتماع أننا وصلنا إلى حل بيننا وبين الأمريكان، وأن الأمريكان متفهمون لنّا بشكل كامل؛ وبعد أسبوعين أعلن نقل سفارة أميركا إلى القدس، وإعلان أن القدس "Jerusalem" كلها هي عاصمة لدولة إسرائيل وأنه يوافق على الاستيطان في الأراضي الفلسطينية عام 1967، وأنه يوقف المساعدات التي تقدم إلى "الأونروا"، والتي بدأت منذ عام 1949 إلى يومنا هذا بقرار أممي؛ واستغربنا هذا.
أما بالنسبة للإدارة الأميركية، فبعد أن اتخذت مثل هذه القرارات قلنا لهم: لا علاقة بيننا وبينكم ما لم تعترفوا برؤية "الدولتين" وتعترفوا بدولتين على أساس حدود 1967، وأن القدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين. لم يأتينا جواب، واستمرت السياسة الأميركية إلى يومنا هذا، لم يتراجعوا؛ ونحن في مكاننا أيضًا لم نتراجع.
نحن حريصون-أقول لكم كأمريكان- على علاقتنا بالولايات المتحدة؛ لأن الولايات المتحدة الدولة العظمى القادرة على أن تلعب دورًا؛ ولكن ثبت لنا انها دولة منحازة لإسرائيل، وأنها تفعل فقط ما تريده إسرائيل، وما يعطي إسرائيل مصالحها فقط.
أمّا نحن فلم تلتفت إلينا أبداً، هذا ما ثبت لنا من سياسة الرئيس ترمب التي أعلنها مؤخرًا؛ إذن نحن سياستنا بالنسبة للولايات المتحدة: الأبواب ما زالت مفتوحة إذا تراجعت عن مسألة الدولتين، فقط تقول دولتين؛ والباقي يناقش حسب اتفاق أوسلو الموجود بيننا وبين الإسرائيليين.
هذه نقطة. النقطة الأخرى: نحن قلنا نريد حواراً، ولا زلنا نقول هذ،ا ونقوله لكم أعضاء الكونغرس: نريد حواراً مع الكونجرس، ومستعدون الآن أن نفتح هذا الحوار. لماذا؟ لأن الكونغرس أصدر قرارات منذ عام 1987 أن منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية؛ فنحن نريد أن نجلس معه لنسأله أين نحن والإرهاب؟ لماذا تتهمنا بالإرهاب؟ هل نحن فعلاً إرهابيون؟ ونحن لنا هذه العلاقات منذ عام 1993 إلى الآن بيننا وبين دولتكم (الولايات المتحدة)، التي نزورها كل شهر ويزورونا كل شهر المسؤولون، ونستقبل الرؤساء استقبالًا رسميًا، وتقدم لنا الإدارة 880 مليون دولار- طبعا قطعتها جميعها- بما في ذلك مساعدات للمستشفيات، كل المساعدات التي كانت الولايات المتحدة تقدمها لنا هذه الأيام قطعتها جميعها، مع ذلك نريد أن نجلس مع الكونغرس؛ فنرجو أن تتحدثوا مع زملائكم في الكونغرس؛ فقط لنجتمع، لنتحاور، هل نحن إرهابيون أم لا؟ إذن من هنا هذه هي العلاقة بيننا وبين الإدارة الأميركية. وأرجو أن تساعدونا في هذا، سواء في الكونغرس أو في الرأي العام الأميركي. نحن لا نريد أن نقطع العلاقات مع أميركا؛ ولكن نريد لأميركا أن تكون كما تقولون Honest Broker) (وسيط نزيه)، أميركا ليست Honest Broker؛ وبالتالي لا نستطيع أن نتعامل معها.
وأقول لكم أيضاً بصراحة: نحن لن نقبل أن تكون أميركا وسيطًا وحدها في حل قضية الشرق الأوسط، لا مانع أن تكون أميركا جزءا من اللجنة التي ستقوم بالوساطة؛ لكن أميركا وحدها لا نستطيع أن نقبل بها أن تكون وسيطاً بيننا وبين الإسرائيليين بسبب هذه المواقف التي أعلنتها.
هذا هو الوضع بيننا وبين أميركا، وهذا الذي نريد أن نجد له حلاً. يعني نحن لسنا (دوغما) وإنما قلنا هذا غلط، افتحوا الأبواب، وتركنا الباب مفتوحاً من أجل أن يلتقي الكونغرس معنا، ليحدثنا ونتحدث ونتحاور معه، والإدارة أن تتراجع عن مسألة القدس ومسألة الدولتين. إذا تراجعت وتركت هذا للمفاوضات، نحن مستعدون لذلك.
لا ادري كيف أن أميركا ترفض الاعتراف بالدولتين، وأريد أن أعيدكم إلى آخر قرار في مجلس الأمن 2334 هذا القرار صدر عن مجلس الأمن بعد أن انتخب ترمب وقبل أن يخرج أوباما من البيت الأبيض، هذا القرار نريد تطبيقه كما هو، أقول لكم بصراحة هناك 720 قراراً من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهناك 86 قراراً من مجلس الأمن صدرت بشأن القضية الفلسطينية، بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، انتم اختاروا أي قرار، واحد من هذه القرارات كلها، وطبقوه، أي قرار.
لكن أن كل هذه القرارات من الشرعية الدولية لا تقبل بها أميركا، ومعظمها بموافقة أميركا، وخاصة قرارات مجلس الأمن. لو رجعنا إلى قرارات مجلس الأمن كثير منها، وخاصة فيما يتعلق في إدانة الاستيطان، كلها بموافقة أميركا، أنا أريد قراراً واحداً من 86 قرارًا في مجلس الأمن، أو من 720 قرارا في الجمعية العامة، أنتم اختاروا أي قرار، وقولوا هذا نريد أن نطبقه، وأنا موافق على ذلك؛ أما أن تتجاهل أميركا الدولة العظمى قرارات الأمم المتحدة، وترفضها، وتشجع إسرائيل على رفضها! أعتقد أن هذا لا يمكن تحمله، ولا يمكن قبوله؛ ولذلك لن نقبل الحوار مع الولايات المتحدة إذا بقي موقفها هكذا. هي قطعت عنا كل شيء؛ قطعت عنا الهواء، عندما ترفض الاعتراف بالشرعية الدولية، وعندما تنهي كل المساعدات التي كانت تقدمها لنا، وعندما يعتبرنا الكونجرس أننا إرهابيون. إذن ما الفائدة من الحوار! ما الفائدة من الحديث مع الولايات المتحدة!
ومع ذلك أقول لكم: إذا تغير الموقف نحن جاهزون كل الجاهزية من أجل أن نعيد الحوار مرة أخرى ونتحدث. أميركا تستطيع أن تقول كلمة حق يستمع لها العالم بما في ذلك إسرائيل. والدليل على ذلك "جي ستريت"، وجيرمي بن عامي، حيث يقولون كلمة حق وهم يمثلون شريحة هامة من يهود أميركا، ليستمعوا لهؤلاء.
أما بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فالحكومة الإسرائيلية لم تلتزم بأي قرار أو اتفاق بيننا وبينهم، من أوسلو التي وقعتها أنا في البيت الأبيض إلى اتفاق باريس، إلى الاتفاقيات الأمنية إلى غيرها. كلها ألغتها. آخر قرار ألغته مؤخراً هو قرار "TIPH" وهو قرار من الأمم المتحدة بوجود مراقبين دوليين في الخليل، عدد من المراقبين غير المسلحين موجودون هناك، ألغتهم. اتفاق باريس الاقتصادي طلبنا منهم عشرات المرات أن نعيد النظر فيه ورفضوا، اتفاق اوسلو، كل بنود اتفاق أوسلو شطبت من قبل الإسرائيليين وأصبحت أرض الفلسطينيين، يعني هنا أراضينا التي تسمى مناطق (أ)-لا أريد أن أقول عن غيرها- مباحة أمام الجيش الإسرائيلي، يدخل متى يشاء، يقتل متى يشاء، ويفعل متى يشاء.
كذلك المستوطنون الإسرائيليون يعيثون بالأرض فساداً، ونحن إلى الآن نضبط نفسنا. والجميع يتحدث عن المقاومة الشعبية السلمية، ومع ذلك إسرائيل مصرّة على أن تستمر في هذه السياسة إلى يومنا هذا. آخر شيء عملته، أنها أخذت قرارين، قرار القومية وهو بالنسبة إلى إسرائيل، ولكن إذا طبق ويطبق هذا قرار القومية فإسرائيل دولة "أبرتهايد"، لأنه يفصل بين اليهود وغير اليهود، هناك عرب حوالي مليون 800 ألف عربي في إسرائيل ليس لهم حقوق، هذا القرار لا أدري ماذا نسميه؟ أو ماذا تسمونه بجدول حقوق الإنسان في العالم؟ هل هذا يطبق حقوق الإنسان، أم أنه جنوب إفريقيا قبل أن تتحرر؟ تذكرون جنوب إفريقيا وكيف كان هناك التمييز العنصري؟ الذي انتهى واعتقدنا أنه انتهى في كل العالم؛ تأتي إسرائيل لتطبقه بكل صراحة وبكل وضوح، وتقول اليهودي له حقوق وغير اليهودي ليس له حقوق! كيف هذا! هل يقبل هذا عندكم في أميركا؟
النقطة الثانية، نحن لنا عندهم أموال، هذه الأموال هم يقبضونها بالنيابة عنّا، أموال الضرائب والجمارك، يأخذونها من التجار باعتبارهم المسيطرون على الموانئ والحدود، ويعطونا إياها ويأخذون عليها أجرهم؛ يعني كل 100 دولار يأخذون 3 دولارات؛ هذا أجر متفقين عليه؛ يعني، لا مانع لدينا. وهذا موجود باتفاق باريس؛ لكن أن تأخذ إسرائيل من هذه الأموال ما تريد وما يخطر على بالها! لكن إضافة إلى كل هذا، قالت: إن السلطة الفلسطينية وحكومة دولة فلسطين، تدفع أموالاً للإرهابيين. من هم الإرهابيون؟ الشهداء والأسرى والجرحى! بالنسبة لنا هؤلاء منذ عام 1965 ونحن ندفع لهم ولعائلاتهم؛ لأنه عندما يموت الشخص لا استطيع أن أتخلى عن عائلته؛ يهمني أن أهتم بعائلته وأدفع لها. الآن قرروا أن يخصموا هذه الأموال من المقاصة بيننا وبينهم! بصراحة: قررنا أن نرفض استلام كل المقاصة. لا نريدها. لا نريد المقاصة كلها. خليها عندهم. وأقول لكم بصراحة: ولو كان عندنا فقط 20 مليون أو 30 مليون شيقل، وهي ما يدفع لعائلات الشهداء، سندفعها لعائلات الشهداء. يعني لو لم يوجد لدى السلطة أي قرش غير هذا المبلغ، سأدفع لعائلات الشهداء وعائلات الأسرى وعائلات الجرحى. هذا يجب أن يكون مفهوماً.
إضافة إلى ذلك، أنا سأذهب إلى كل المؤسسات الدولية لأشتكي لعل العالم يسمعني. وأنا أعرف تماماً سطوة أميركا على هذه العالم، ستسكت كل المؤسسات الدولية القانونية حتى لا تدين إسرائيل. هذه هي السياسة الأميركية.
أرجوكم مرة واحدة أن أميركا تكون محايدة، وأن تدعو إلى الحق، والعدل، والإنصاف، والحرية، وحقوق الإنسان. فقط، لا نريد منها شيئًا، عندما تعتبر إسرائيل أن ما ندفعه هو لمجرمين وقتلى وغيرهم، اسألوهم سؤالا واحدا: الذي قتل رئيس وزراء إسرائيل كيف يعامل؟ الذي قتل إسحق رابين، كيف يعامل في السجن؟ يأخذ 3 رواتب من جهات مختلفة، بما فيها الحكومة الإسرائيلية، وسمحوا له أن يتزوج ويخلف، وتزوره زوجته في السجن، والسجن الذي هو فيه 5 نجوم أو 6 نجوم.
لماذا يتم التعامل معه بهذا الشكل؟ ولا تسمونه مجرمًا وعندنا الناس مجرمون! سؤال واحد فقط، ولا أريد أن أسأل عن عشرات الأمثلة مثل قاتل رابين. أرجو منكم العدالة، أرجو منكم فقط نحن نريد العدالة: العدالة في عقولكم، في إنسانيتكم، وفي الشرعية الدولية. طيب إلى أين أذهب؟ إذا قرارات الأمم المتحدة؟ كلها لا تنفذ، ولا واحد؛ 86 قرارا من مجلس الأمن لم ينفذ، و720 قرار جمعية عامة لم ينفذ واحد منها، عشرات القرارات في جنيف، في حقوق الإنسان لم تنفذ! أذهب إلى أين؟ أذهب إلى أين لأحصل على حقي؟
ما هو حقي؟ ما أقر لي، دولة فلسطينية على حدود عام 1967. ال67 وكما تعلمون يا سادة هي 21% فقط من فلسطين التاريخية، وقبلت هذا وقبل الشعب هذا، وقلت للشعب أقبلوا الواقع؛ لأن الشرعية الدولية هي التي قررت؛ فنحن نلتزم بالشرعية الدولية. إذا لم أحصل على حقي من هذه الجهات، أسألكم أين أذهب حتى أحصل على حقي؟
أجيبكم: لن أذهب للإرهاب. لن أذهب للإرهاب. لن أذهب للعنف. سأبقى أدافع عن حقي بالطرق السلمية، وبالطرق الشرعية، وبالطرق القانونية، ولو طال الزمن لا بد أن أحصل على حقي.
لدي نقطتان وليست نقطة واحدة: أمس قالوا أنني أتدخل في الانتخابات الإسرائيلية. نحن عندنا سياسة منذ عام 1965، لا نتدخل في شؤون الآخرين إطلاقاً. العرب أولاً وغير العرب ثانياً، يعني الدول العربية لا نتدخل في شؤونها، وغير العرب لا نتدخل في شؤونهم، ليس لنا علاقة، لا نتدخل إطلاقاً. إطلاقاً. خلافاتنا هنا.. لا نتدخل.
في إسرائيل، اتحدى إذا كنّا تدخلنا في انتخابات أو غيرها؛ الانتخابات الإسرائيلية شأن إسرائيلي داخلي لا نتدخل به اطلاقاً؛ نقطة ثانية، يحاولون أن يحولوا الصراع إلى صراع ديني. يعني بين المسلمين واليهود. طبعاً هذا نرفضه رفضاً قاطعاً؛ وصراعنا ليس دينياً؛ ونحن لسنا ضد اليهود. الأديان الثلاث السماوية نحترمها احترامًا كاملًا، وقد عشنا سنوات طويلة، مئات بل ألوف السنين مع بعض، كمسلمين، ومسيحيين، ويهود. اسألوا المسيحيين عندنا كيف يعيشون؟ نحن لا نعتبر أن هناك فرق إطلاقاً بين المسلم والمسيحي واليهودي. لدينا سامريون ويهود؛ لدينا يهود في المجلس الثوري، يعني في قيادة فتح لدينا يهود منتخبون انتخابًا رسميًا وغير معينين. ليس لأحد فضل عليهم. منتخبون من القاعدة الشعبية الفتحاوية. لماذا؟ لأننًا لا نفرّق. فيقولون: إن أبو مازن يتدخل هنا وهنا! نحن لا نتدخل ولا نقبل أن نتدخل. أنا أعمل ما اقتنع بأنه لمصلحة الشعب الفلسطيني.
كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العادية الـ32 للاتحاد الأفريقي والمنعقدة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا 10 شباط 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس بول كاغامي،
أصحاب الفخامة والمعالي، رؤساء الوفود،
دولة الأخ آبي أحمد، رئيس وزراء أثيوبيا
معالي الأخ موسى فقي،
الحضور الكريم،
يسعدني أن ألتقي بكم مجددًا، شاكرَا لكم دعوتكم الكريمة لحضور هذه القمة، التي نتمنى لها النجاح لتحقيق أهدافها. وأقدم الشكر والتهنئة لفخامة الرئيس بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا على نجاح مهمته في رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام 2018، وعلى ما تحقق من إنجازات هامة خلال فترة ولايته؛ متمنين للرئاسة المصرية القادمة، ولفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي التوفيق في ولايته للعام 2019؛ ونحن على ثقة من نجاحه وحكمته في قيادة الاتحاد الأفريقي نحو مزيد من التنمية والازدهار.
وكذلك نقدم التهنئة إلى جميع رؤساء الدول الأفريقية الصديقة الذين تم انتخابهم خلال عام 2018 متمنيًا لهم النجاح في خدمة بلدانهم.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أعبر عن الشكر الجزيل لاثيوبيا الصديقة على دورها في مجلس الأمن خلال العامين الماضيين. والشكر موصول لغينيا الاستوائية والكوت دفوار على مواقفهما التضامنية. ونهنئ جنوب أفريقيا على انضمامها لمجلس الأمن لهذا العام، ونحن على ثقة من الدور الإيجابي الذي ستلعبه دعمًا للقضية الفلسطينية وجميع قضايا الحق والعدل في أفريقيا والعالم.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
إننا نشيد بتسارع إنجازات الدول الأفريقية، برفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحقيق الرفاه الاجتماعي لشعوبكم، وتمكين المرأة والشباب، إلى جانب جهودكم في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وتركيز الجهود لتطوير البنى التحتية والنهوض العمراني في دول القارة.
وإننا نراقب بكل سرور التحولات الديمقراطية، وتسارع وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان القارة الأفريقية، وسيادة أسلوب الحوار على النزاع والخصام، والانتقال السلمي والسلس للسلطة.
وفي هذا الصدد، نتقدم بأحر التهاني والتبريكات لفخامة الرئيسة الأثيوبية السيدة سهلة ورق زودي لمناسبة توليها رئاسة الجمهورية، ولدولة رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد الذي يقود، ومن خلال الحوار وبالشراكة مع الجميع، حركة إصلاحات شاملة تشمل جميع القطاعات، ومنها تمكين المرأة في الحياة السياسية؛ الأمر الذي ينبئ بمستقبل واعد ومشرق لاثيوبيا وشعبها الصديق.
ولا يغيب عنا هنا الإشادة بالتجربة الرواندية في تمكين المرأة، حيث تستحوذ المرأة على أكثر من نصف مقاعد البرلمان الرواندي، وتشارك بنسبة فاعلة في القطاع الاقتصادي وعالم الأعمال.
كما نثمن عاليا ما تحقق مؤخرًا من إنهاء للخلاف الاثيوبي- الأريتيري من خلال منهج المبادرة والحوار والتسامح، وكذلك الإنجاز الهام لاتفاق السلام في دولة جنوب السودان.
وبهذه المناسبة فإننا نرفض وندين كل أشكال الإرهاب والتطرف باسم الدين الذي يستهدف بعض العواصم الأفريقية، كالذي وقع في العاصمة الكينية، نيروبي، الشهر الماضي. ونحن على استعداد دائم للتعاون مع دولكم الصديقة في مكافحة كل أشكال الإرهاب والتطرف، من خلال نقل الخبرة والتعاون الفعال والمباشر.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
نود أن نؤكد لكم عزم دولة فلسطين تقديم كل إمكاناتها وخبراتها ليس فقط على الصعيد الثنائي؛ بل بصفتها رئيسًا لمجموعة الـ77 والصين التي تضم 134 دولة، ومنها دول اتحادكم العتيد. وأننا سنعمل خلال فترة رئاستنا لهذه المجموعة للدفاع عن مصالح أعضائها، وعلى رأسهم الدول الأفريقية، وبقية المجموعات الإقليمية أو القطاعية والجغرافية وفق أجندة عملنا لعام 2019
.
كما سنعمل في إطار التضامن والشراكة والعمل مع دول الجنوب والشمال، وفي إطار التعاون الثلاثي على تطبيق خطة وبرامج التنمية المستدامة لعام 2030، وهي البرامج التي تنسجم مع أولويات المجموعة الأفريقية، وعلى رأسها القضاء على الفقر والأمراض، وحق الوصول للمياه، وضمان جودة التعليم والصحة، والمساواة بين الجنسين، وزيادة مناعة المجتمعات، والتصدي لتغير المناخ، ونشر إنتاج الطاقة المستدامة؛ وكذلك التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد والتنمية، خاصة تلك المتعلقة باللاجئين، والمهاجرين، والنازحين، والمشردين تعسفًا، باعتبار أن البشر هم أساس التنمية ومحورها، ضمن شعار التضامن من أجل التنمية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
أود أن أجدد التقدير لاتحادكم ودوله الأعضاء على مواقفكم الداعمة والمتضامنة مع قضيتنا العادلة، وبخاصة في المحافل الدولية.
فلقد كانت دول أفريقيا واتحادها العتيد -وما زالت- نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة، ونحن في نضالنا اليوم من أجل التحرر والاستقلال، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم، والمزيد من الدعم لقضيتنا الفلسطينية في الفترة المقبلة من أجل الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والحماية الدولية لشعبنا، ونبذ الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وإدانة سياساته وممارساته العنصرية الاستعمارية، وإرهاب المستوطنين والاقتحامات للأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، خاصة ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات يومية، وكنيسة القيامة في القدس من تهديد مستمر.
وهي الممارسات التي تمنعنا من تحقيق استقلالنا، بالرغم من أننا نعمل على بناء مؤسساتنا وفق سيادة القانون، وننشر ثقافة السلام ونحارب الإرهاب في منطقتنا والعالم، ونؤمن بالسلام وفق قرارات الشرعية الدولية، ووفق "حل الدولتين"، دولة فلسطين ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل لتعيشا في أمن وسلام وحسن جوار.
وإن من يشجع إسرائيل على التصرف كدولة فوق القانون الدولي هي الإدارة الأمريكية التي لم تعد مؤهلة لرعاية المفاوضات وحدها، بعد أن أثبتت انحيازها للإسرائيليين، وبعد الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها بحقنا بنقل سفارتها واعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع مساعداتها عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا.
والتزامًا منا بالمفاوضات سبيلًا وحيدًا للسلام بيننا وبين الإسرائيليين، ومع الانحياز الأميركي الكامل لجهة دولة الاحتلال، على حساب حقوقنا المشروعة، فإننا ندعو لعقد مؤتمر دولي وتشكيل آلية متعددة الأطراف لرعاية أية مفاوضات مستقبلية.
وهنا أود أن أؤكد رفضنا لأي تدخل أميركي في شؤون أي دولة، كما يحدث الآن في فنزويلا. وفي هذا الصدد، فإننا ندعو الاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء بأن يدعموا فكرة المؤتمر الدولي ويشاركوا فيه لرعاية عملية السلام. وكذلك في إرسال مراقبين للانتخابات العامة التي نعمل على تنظيمها قريبًا في فلسطين، وبمشاركة شعبنا في مدينة القدس الشرقية عاصمة دولتنا الفلسطينية أولا ثم في قطاع غزة ثم في الضفة الغربية، تلك العاصمة التي نريدها أن تكون مفتوحة أمام جميع المؤمنين، وأتباع الديانات السماوية.
وإننا نعود ونحذر من محاولات إسرائيل تغيير طابع وهوية مدينة القدس، وفي دعوتها لبعض الدول لنقل سفاراتها إليها؛ وهو الأمر الذي يخالف القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن؛ وتحديدًا قرار 478 لعام 1980.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إننا نعتز بعمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تربط فلسطين وشعبها بأفريقيا وشعوبها، وإن مواجهة الاستعمار والعنصرية والظلم والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، هي قضايا مشتركة بين فلسطين وبين شعوب القارة الأفريقية، ونحن نعول على ثباتكم على مواقفكم النبيلة تجاه قضية فلسطين، ودفاعكم عن تلك القيم والمبادئ، وبخاصة في ظل تعرض القضية الفلسطينية لمؤامرات تهدف للقفز عن حقوق شعبنا وتصفية قضيته العادلة.
وفي الختام، أشكركم على مواقفكم الصادقة والمخلصة لتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله على ترابه الوطني، راجين لأفريقيا الصديقة ودولها وشعوبها كافة، وللاتحاد الأفريقي تحقيق المزيد من الرخاء والتقدم والازدهار.
فافريقيا القوية، هي قوة لكل أصدقائها،
عاشت افريقيا، وعاشت فلسطين.
والسلام عليكم
كلمة الرئيس محمود عباس في حفل تسلم رئاسة "مجموعة الـ77 + الصين" بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة 15 كانون الثاني 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي الأخ سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية،
السيدة ماريا فرناندا إسبينوزا، رئيسة الجمعية العامة،
السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
يسعدني، وبالنيابة عن الشعب الفلسطيني ودولة فلسطين، أن أتسلم اليوم رئاسة "مجموعة الـ 77 والصين" للعام 2019. إنها بلا شك مسؤولية كبيرة ستتحملها دولة فلسطين بكل تواضع وإخلاص وتفانٍ، إلى جانب الالتزام والتصميم القوي، دفاعاً عن مصالح المجموعة، وتعزيزًا لمواقف دولها الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأؤكد لكم بأن دولة فلسطين لن تدخر جهداً في ضمان العمل الجماعي من أجل البناء على ما أنجزته المجموعة على مدار55 عاماً.
وفي البداية، أود أن أقدم خالص الشكر والتقدير لجميع أعضاء مجموعتنا الموقرة؛ وتحديداً لـ"مجموعة آسيا والباسيفيك"، على الثقة التي كلفتمونا بها في تحمل هذه المسؤولية الهامة، ومواصلة هذا الإرث العظيم. كما نشكر دعمكم، ودعم دول الأمم المتحدة في تبني قرار لتمكين دولة فلسطين من ممارسة الصلاحيات المنوطة برئاستها للمجموعة.
وأغتنم هذه الفرصة للتعبير عن خالص تقديرنا للدور المميز الذي لعبته جمهورية مصر العربية بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والجهود الوازنة التي قام بها معالي الوزير سامح شكري، وفريق العمل المصري برئاسة السفير محمد إدريس، في قيادة "مجموعة الـ 77 والصين"، خلال العام المنصرم؛ كما وأشكر المدير التنفيذي للمجموعة السيد مراد احميه وفريقه.
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،
إن المبادئ التي أُنشئت على أساسها مجموعة الـ77، مرتبطة بمبادئ الإجماع الدولي، وأهداف الأمم المتحدة، وتشكل أقوى الأعمدة لحماية هذا العالم والمنظومة الدولية المتعددة الأطراف، ومؤسساتها، ومنظومة القانون الدولي، والتعاون المشترك، بخاصة في ظل الهجمة الشرسة على هذه المجموعة.
وسنعمل، خلال رئاستنا للمجموعة وبدعمكم ومساعدتكم، على مواجهة هذه الهجمات من خلال الحفاظ على هذا النظام الدولي المتعدد الأطراف، وتمتين العلاقات بين مجموعة الـ77 والصين، وبين شركائنا جميعاً في الأمم المتحدة، على أساس احترام السيادة الوطنية، ودعم أجندة التنمية وحماية مصالح بلدان الجنوب والدول النامية وقضاياها العادلة. وما يشرفنا هو نبل أهدافنا لحماية الإنسان والحفاظ على كوكبنا، لخدمة البشرية ومستقبل الأجيال القادمة.
السيدات والسادة،
سنعمل وإياكم، خلال ترؤسنا للمجموعة، على تعزيز التعاون بين الجنوب- جنوب، واستكمال المبادرات البناءة لتنفيذ أجندة التنمية 2030، بما فيها المبادرة المتعلقة ببرامج تمويل التنمية والتضامن من خلال التنمية كمكمل؛ لا كبديل عن التعاون بين الشمال والجنوب، والتعاون الثلاثي المشترك؛ حيث يضطلع المجتمع الدولي وشركاء التنمية بدور محوري في التعاون مع البلدان النامية ودعمها في تنفيذ الأهداف الإنمائية.
فاليوم أصبح للتضامن والتعاون فيما بين بلدان الجنوب دور متعاظم في تحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دولياً بفضل الإنجازات البارزة التي تحققها العديد من البلدان النامية من أجل ضمان "ألا يتخلى أحد عن الركب".
وعليه، فإننا نُقرُ بأهمية انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني الرفيع المستوى، المعني بالتعاون فيما بين بلدان الجنوب، الذي سيعقد في بوينس آيرس في آذار/ مارس القادم، بعد مرور حوالي أربعين عاماً على اعتماد خطة عمل بوينس آيرس؛ وسنعمل على إنجاح أهدافه.
السيدات والسادة،
إن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، والوصول إلى التنمية الحقيقية والمستدامة تتحقق، فقط، عندما يتم توسيع الخيارات ليتمكن الأشخاص من المشاركة الكاملة وبحرية في جميع قضاياهم الحياتية؛ فالتنمية البشرية المستدامة هي تنمية الإنسان وللإنسان وبمشاركته. وإن الحق بالتنمية، هو حق نسعى إلى تحقيقه وتعزيزه، إلى جانب حقوق الإنسان المنصوص عليها في مبادئ القانون الدولي، وغيرها من المرجعيات والوثائق الأساس لمجموعة الـ77 والصين.
وبهذا الصدد، يجب علينا أيضا التأكد من ضمان وحماية هذا الحق للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي والاستعماري، عملًا بقرارات المجموعة بما فيها خطة جوهانسبرغ للتنفيذ، ووفقاً لأحكام القانون الإنساني الدولي. وهنا، فإن فلسطين يجب ألا تكون استثناءً؛ نحن أيضا تحت الاحتلال الاستعماري.
لقد وافق المجتمع الدولي، من خلال خطة التنمية المستدامة لعام 2030 على خطة عمل من أجل تحقيق الرخاء لشعوب الكوكب، وقد اعتبر أن القضاء على الفقر بجميع أشكاله وأبعاده شرط لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة، على أساس مبادئ "ريو زائد عشرين"، ولا سيما مبدأ المسؤوليات المشتركة، والمتباينة. وستتصدر هذه القضية سلم أولوياتنا على مدار هذا العام.
السيدات والسادة،
إن تغير المناخ له تأثيرات سلبية ومدمرة وانعكاسات خطيرة على شعوبنا أكثر من غيرها، على الرغم من حقيقة أننا قد أسهمنا بأقل قدر ممكن من الانبعاثات والتلوث، وهو ما يتطلب اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة، اليوم قبل الغد، كي نحمي مصير وحياة شعوبنا وكوكبنا.
ولهذا ستبقى هذه القضية ومصالح المجموعة على سلم أولويات الرئاسة الفلسطينية.
السيدات والسادة،
إن التنمية وبناء مجتمعات منيعة ومستدامة هو استثمار طويل الأمد في بناء السلام لعالم منيع أمام الصدمات والكوارث والنزاعات والحروب، عالم قائم على احترام حقوق الإنسان ومبدأ التضامن من خلال التنمية لتداول ونقل المعرفة، وبناء الخبرات والقدرات، والمساعدة الفنية، بما يكفل زيادة المساعدة الإنمائية والموارد الاقتصادية، بشكل كافٍ للقضاء على الفقر، والجوع، وتضييق نطاق الفجوة الرقمية، وتوفير العمل اللائق، وترسيخ التنمية المستدامة والعدالة، والقضاء على عمالة الأطفال، والعبودية، والاتجار بالبشر، وتقاسم فوائد وفرص النمو الاقتصادي وتوسيعها لتشمل بما في ذلك المرأة والشباب.
السيدات والسادة،
لقد لعبت الدول الأعضاء لمجموعتنا دوراً هاماً ومبدئياً في صون وحماية الحقوق غير القابلة للتصرف للشعوب، بما فيها حقها الراسخ في تقرير المصير والاستقلال الوطني. ولا تزال العديد من بلدان الجنوب تعاني من النزاعات والحروب، والعنف والإرهاب، والعدوان والاحتلال؛ وستواصل دولة فلسطين العمل سوياً مع دول المجموعة كافة لمواجهة هذه التحديات.
السيدات والسادة،
وفي هذا الإطار فإن تعزيز الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، سيفتح المجال واسعاً أمام تحقيق تنمية مستدامة ومستقرة لجميع دول المنطقة وفق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية؛ إلا أن مواصلة الاستيطان والاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين يعيق برامج التنمية والتعاون والربط الإقليمي لجميع شعوب المنطقة. وهنا أؤكد التزام دولة فلسطين بالقانون الدولي والشرعية الدولية، وحل الصراع سلمياً؛ وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال دولة فلسطين، بعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام على حدود العام 1967 إلى جانب دولة إسرائيل، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وعلى رأسها مسألة اللاجئين والأسرى استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية لعام 2002
.
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،
في الختام، نؤكد لكم، أن دولة فلسطين من خلال تمثيلها ل"مجموعة الـ 77 والصين" في جميع القضايا المتعلقة بأجندة المجموعة، ستستمر بالسير على خطى الدول التي سبقتنا في رئاستها، وحمل إرث وتراث مجموعتنا الهام في مواجهة التحديات التي تعترض ازدهار وتقدم شعوبنا ودولنا؛ وسنكرس دورنا لحماية مصالح المجموعة بمكوناتها الجغرافية المختلفة والمتنوعة كافة، ولا سيما أفريقيا، والبلدان الأقل نمواً، والدول الجزرية الصغيرة النامية، والبلدان النامية غير الساحلية، والبلدان متوسطة الدخل، والشعوب التي تعيش تحت الاحتلال الاستعماري والأجنبي كما نحن نعيش؛ وذلك لضمان ألا يتخلف أحد عن الركب".
"والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"