خطابات الرئيس محمود عباس "أبو مازن" 2017

كلمة الرئيس محمود عباس ألقاها لمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة حركة "فتح" في مقر الرئاسة برام الله 31 كانون الأول 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

" وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "

صدق الله العظيم

يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم في الوطن والشتات،

أيها الأشقاء والأصدقاء والشرفاء أحرار العالم،

في هذه اللحظات بالغة الدقة والخطورة، نقف وإياكم نحيي الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي قادتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، نحو تثبيت حقنا في تقرير المصير والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا.

إن انطلاقة ثورتنا الفلسطينية العملاقة في مثل هذا اليوم عام 1965، قد أحيت روح المقاومة في شعبنا الفلسطيني، وانتشلت هويته الوطنية من الضياع، وأنهت محاولات الطمس والتغييب؛ فكانت مسيرة راسخة وشامخة، قدم شعبنا من خلالها عشرات آلاف الشهداء، ومئات الآلاف من الأسرى والجرحى من أجل نيل حريته وسيادته وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

 نعم إنها "فتح" قائدة النضال، ورائدة الكفاح، ومفجرة الثورة على الظلم والاحتلال الإسرائيلي البغيض، "فتح" أيتها الأخوات، أيها الإخوة، ومن خلفها شعبنا العظيم، رواد التضحية والعطاء، رماح الوطن، وحماة المسيرة. ولا زالت "فتح" ولا زلتم، وستبقون معها أيها الفلسطينيون الأبطال، بإذن الله، نِعمَ الرجال والنساء الأوفياء، تدافعون عن شعبكم الأبي، وترابكم الوطني؛ فما وهنتم يوماً ولا كلّت عزائمكم، أنتم يا أبطال "فتح"، وأنتم يا كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ويا كل القوى الوطنية، ويا كل الفلسطينيين سيوف الحق والمدافعين عنه في وجه غطرسة الاحتلال وإرهاب عصابات المستوطنين على شعبنا ومقدساته ومقدراته.

إننا إذ نقف اليوم إحياءً لذكرى الانطلاقة المجيدة، لنتوجه بداية بتحية الإكبار والإجلال لشهداء ثورتنا بدءاً من القادة الشهداء المؤسسين، وعلى رأسهم الأخ القائد الشهيد الرمز أبو عمار -رحمه الله، ورحمهم جميعاً- وإلى كل شهداء فلسطين الأبطال، وإلى كل جرحانا البواسل؛ نقول لذويهم وأسرهم بأنهم باقون في ذاكرة الوطن ووجدانه، وإن تضحيات أبنائكم هي أوسمة ونياشين شرف على صدوركم وعلى صدر الوطن؛ ولأسرانا الأبطال نقول: إن فجر الحرية آت لا ريب فيه، وسنواصل العمل من أجل حريتكم وعودتكم لأهلكم وذويكم سالمين.

الأخوات والإخوة، يا أبناء شعبنا البطل،

حين انطلقت الثورة الفلسطينية، قطع رجالها على أنفسهم عهداً وقسماً بأن يمضوا في سبيلهم الذي اختاروه في أصعب الظروف؛ وما زال الصراع والنضال محتدماً لتحقيق أهداف شعبنا الوطنية، وإحقاق حقوقه الثابتة، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني)؛ وسوف نبقى متمسكين بثوابتنا الوطنية، ومحافظين على القرار الوطني المستقل، الذي دفع شعبنا من أجله ثمناً باهظاً من دماء أبنائه الزكية الطاهرة.

 وها نحن اليوم، أيتها الأخوات، أيها الإخوة، وبعد مضي قرن من الزمان على وعد بلفور الغادر الظالم، وانقضاء سبعة عقود على النكبة، وخمسين عاماً على احتلال إسرائيل لما تبقى من أرض فلسطين- نواجه تحدياً جديداً تقوده الولايات المتحدة الأمريكية انحيازاً ودعماً لإسرائيل (قوة الاحتلال) بالاعتداء على مكانة القدس ووضعها القانوني والتاريخي؛ وبذلك تكون الولايات المتحدة قد خالفت القانون الدولي والشرعية الدولية، وفقدت أهليتها كوسيط في عملية السلام.

 نعم، يا أبناء شعبنا وأمتنا، ويا أصدقاءنا في كل العالم، إن القدس تواجه مؤامرة كبرى لتغيير هويتها وطابعها، والاعتداء على مقدساتها الإسلامية المسيحية؛ وهي بحاجة ماسة لوقفة شموخ وإباء من الجميع في العالم؛ فالقدس الشرقية هي مدينة السلام، وكانت، وما زالت، وستظل إلى الأبد، عاصمة دولة فلسطين.

ومن هذا المقام، فإننا نتوجه بالتحية والتقدير لأبناء شعبنا الفلسطيني المرابط في فلسطين، وبخاصة أهلنا في القدس، حماة الأقصى والقيامة، الذين يتحملون ويواجهون عدوان المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، للتضييق عليهم وتهجيرهم منها.

وأود في هذه الذكرى الخالدة، أن أتوجه باسم شعبنا الفلسطيني في كل مكان بجزيل الشكر، وأسمى عبارات التقدير والامتنان لكل الدول والمنظمات والقوى والشعوب التي وقفت إلى جانب قضيتنا وشعبنا، والتفّت حولنا ودعمتنا بتصويتها  في جملة من القرارات التي صدرت، وكان آخرها "متحدون من أجل السلام" في الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول القدس، والتي عبرت بموقفها هذا عن تضامنها مع الحق والعدل، ورفضها لسياسة الابتزاز والإملاءات.

 إن كرامة شعبنا وحقوقه وثوابته غير قابلة للمساومة؛ ونحن بإذن الله قادرون في كل مرة يتعرض فيها شعبنا ومقدراته للخطر أن نقف بكل شموخ واعتزاز، مستمدين ذلك من عدالة قضيتنا وصمود شعبنا ومبادئنا التي لن نحيد عنها، لندافع عن شعبنا وقضيتنا ووطننا ومقدساتنا. ونقول: "لا" لمن يحاولون فرض الإملاءات علينا".

 يا أبناء شعبنا البطل، أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

إن شعبنا الفلسطيني، الذي قدّم التضحيات الجسام دفاعاً عن كرامته وحريته على مر الأجيال، يستحق منا أن نواصل هذه المسيرة في الدفاع عنه وعن حقوقه. وفي الأسابيع الماضية وبعد صدور القرار الأمريكي المشؤوم حول القدس، قمنا بحشد الطاقات الدولية، وتوجهنا للقمة الإسلامية ومجلس جامعة الدول العربية، وحصلنا على تأييد عارم، كما توجهنا لمجلس الأمن والجمعية العامة في جلستها الطارئة، "متحدون من أجل السلام"، وحصلنا على إجماع دولي باعتبار هذا القرار الأمريكي لاغياً وباطلاً.

وفي هذا الصدد، سنعقد جلسة طارئة للمجلس المركزي الفلسطيني في الأيام القادمة (وهو أعلى سلطة تشريعية للشعب الفلسطيني تنوب عن المجلس الوطني الفلسطيني)؛ وذلك لمناقشة قضايا إستراتيجية تهم مصير شعبنا وقضيته العادلة، واتخاذ القرارات الحاسمة للحفاظ على القدس وحماية حقوق شعبنا.

كما سنمضي قدماً في جهودنا السياسية والدبلوماسية بالانضمام لجميع المنظمات والمعاهدات الدولية، علماً بأننا أصبحنا أعضاء كاملي العضوية في أكثر من مائة منها، وسنعمل وبشكل حثيث على نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتحقيق المزيد من الاعترافات من الدول التي تؤمن بحل الدولتين، ولم تعترف بعد بدولة فلسطين.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

سنواصل بكل إخلاص ومثابرة العمل على توحيد أرضنا وشعبنا وتحقيق المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وصولاً لسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد. وإنني أطمئن أبناء شعبنا، بأننا نسير في درب المصالحة بخطى واثقة وحثيثة، وسنتوّجها بوحدة وطنية راسخة وقوية.

إن شعبنا لن يخضع ولن يركع ولن يستسلم. وهو باق وصامد، ومرابط في وطنه بمسيحييه ومسلميه، في القدس (زهرة المدائن)، وفي كل بقعة من فلسطين.

وإن راية الحرية ستبقى تتلقفها الأجيال الفلسطينية، جيلاً بعد جيل؛ فها هم أطفالنا وشبابنا وشاباتنا ونساؤنا وشيوخنا ماضون في عطائهم وتضحياتهم، لمجابهة جرائم الاحتلال وبطشه، وكلكم شاهد على اغتيال  الشهيد المقعد إبراهيم أبو ثريا، واعتقال الفتى فوزي الجنيدي بوحشية من قبل عشرات من جنود الاحتلال؛  وكذلك اعتقال الفتاة الزهرة عهد التميمي، التي دافعت بشجاعة وشموخ عن حرمة منزلها وأهلها ووطنها في وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.

 وهذا يذكرنا بجرائم ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ومجموعات الإرهاب من المستوطنين عندما اغتالوا الطفل محمد الدرة، وحرقوا الفتى محمد أبو خضير، وأبادوا أسرة دوابشة بكاملها عدا الطفل أحمد الذي بقي وحيداً يعاني آلام الحرق وفقدان أهله، والقائمة طويلة من الجرائم الوحشية.

وبالرغم من كل ذلك، فإننا نقول لإسرائيل: إذا كنتم تريدون السلام والأمن والاستقرار، فعليكم إنهاء احتلالكم واستيطانكم لأرضنا، أرض دولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي كافة؛ وعلى رأسها اللاجئين والأسرى استناداً لقرارات الشرعية ذات الصلة.

لن نقبل ببقاء الوضع القائم، ولن نقبل بنظام الابارتهايد، ولن نقبل بسلطة دون سلطة، واحتلال دون كلفة؛ وعليكم أن تعيدوا النظر في سياساتكم وإجراءاتكم العدوانية ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا قبل فوات الاوان.

 وأريد التأكيد هنا، أن هناك خطوطًا حمراء، وثوابت تشكل الأساس في موقفنا، نلتزم بها ولا يمكن لأحد أن يتجاوزها:

-  لا حل إلا على أساس قرارات الشرعية الدولية؛ وعلى رأسها قرار الجمعية العامة رقم 19/67 الصادر في 29/11/2012، وقرار مجلس الامن 2334 لعام 2016، وقرارات المجالس الوطنية، ومبادرة السلام العربية التي تؤكد جميعها على إقامة دولة فلسطين على حدود 1967 والقدس الشرقية بحدودها الكاملة عاصمة لها.

 -  إن تطبيق مبادرة السلام العربية مرهون بإنهاء إسرائيل لاحتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله أولاً وقبل كل شيء.

-  إن المؤامرة على القدس لن تمر؛ ولن نسمح لكائن من كان أن يمس بحقوقنا وثوابتنا الوطنية.

فهذه مسيرة ياسر عرفات، وعبد القادر الحسيني، وعز الدين القسام، وجورج حبش، وأحمد ياسين، ورفاقهم من قادة وشهداء الشعب الفلسطيني.

 وختاماً، فإننا نؤكد أننا باقون في أرضنا، متمسكون بحقوق شعبنا وسننتصر بإذن الله.

 المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، الحرية لأسرانا البواسل، والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال، وعاشت فلسطين والقدس الشريف عاصمتنا الأبدية الخالدة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

 

كلمة الرئيس محمود عباس ألقاها نيابة عنه المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني 29 تشرين الثاني 2017

معالي السيد أنطونيو غوتيريس، أمين عام الامم المتحدة،

سعادة السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،

السيدات والسادة،

قبل سبعين عاماً، وفي مثل هذا اليوم (التاسع والعشرين من شهر نوفمبر في تشرين الثاني)، من العام 1947 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 والمعروف بـ"قرار التقسيم"، والذي نصّ على أن تنشأ في فلسطين دولتان. أقيمت إسرائيل، وما زالت دولة فلسطين تنتظر؛ بل وإن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال في بلادنا) قامت عام 1948 بعملية اقتلاع نصف الشعب الفلسطيني من أرضه، وتشريده من دياره بقوة النار والإرهاب، وسيطرت على أكثر من الأراضي المخصصة لها وفق قرار التقسيم، وقامت إسرائيل عام 1967 باحتلال ما بقي من تلك الأرض والبالغة 22% من أرض فلسطين التاريخية، وهي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وترتب على ذلك أن أكثر من 6 مليون فلسطيني يعيشون في ديار اللجوء والشتات؛ وتدمير أكثر من 418 قرية وبلدة؛ بل ومسحها عن الوجود.

منذ سبعين سنة تقريباً على تدمير كيانية فلسطين وشعبها، ونحن ننتظر العدالة من المجتمع الدولي.  وقد تعاملنا بإيجابية مع المبادرات والجهود التي بذلت ولا زالت تبذل. وقد خسر شعبنا عشرات آلاف من الشهداء والجرحى، وتعرض، ولا زالت مئات الآلاف من أبنائه في وطنهم فلسطين، لكافة أشكال العذابات والقمع والتنكيل والاعتقال في سجون دولة إسرائيل (القائمة بالاحتلال لأرض دولة فلسطين)، وتحرم شعبنا من أبسط حقوقه الإنسانية الأساسية، ومن حقه في تقرير المصير ونيل دولة فلسطين استقلالها بعاصمتها القدس الشرقية.

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إن شعبنا قدم التضحيات الجسيمة؛ وقبل إقامة دولته على أقل من ربع مساحة فلسطين التارخية، ليثمن وقفتكم التضامنية الكريمة والمشرفة معه في مثل هذا اليوم من كل عام؛ ويهيب بالمجتمع الدولي، والمنظمة الدولية وقواها الفاعلة والمؤثرة لإعادة العدالة إلى نصابها، وتمكين شعبنا من حقوقه غير القابلة للتصرف والعادلة والمشروعة لتكريس هويته الوطنية في دولته الخاصة به على ترابه الوطني الفلسطيني، والتمتع بحقه في تقرير المصير، أسوة بكل شعوب الأرض؛ فالحرية واحدة لا تتجزأ؛ فإما حرية، وإما لا حرية.

لقد مضى أربعة وعشرون عاماً على توقيع اتفاق أوسلو، والذي كان من المفروض أن يفضي بعد خمس سنوات إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة، وحل قضايا الوضع الدائم، وقد قمنا من طرفنا بالاعتراف بإسرائيل على حدود عام 1967، وهي لا زالت ترفض الاعتراف بتلك الحدود، بل وإنها لا زالت مستمرة في إقامة مستوطناتها الاستعمارية الاحتلالية على أرض دولتنا المحتلة، وفي انتهاك واضح وصريح للمواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بفلسطين وللقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وتتنكر لحل الدولتين، وتعمل دون كلل أو ملل على تقويضه؛ وتنتهج سياسة المماطلة والتسويف، وخلق الذرائع للتهرب من إنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين.

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

لقد حان الوقت لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، والذي هو وصمة عار في جبين إسرائيل والمجتمع الدولي، وفي جبين من يناصرونه، وهو عدوان غاشم على الحرية، وحرية شعبنا وحقوقه. ولا يمكن مواصلة سياسة الكيل بمكيالين والتعاطي بمعايير مزدوجة.

هذا وإن منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن فيها، تقع على عاتقها المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية والإنسانية لإنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من حريته، والعيش في دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.

ولا يخفى عليكم، أيها الأصدقاء، أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين سيسهم بشكل فاعل في محاربة ظاهرة الإرهاب المتفشية في منطقتنا والعالم، وسينزع من التنظيمات الإرهابية الذرائع والمبررات التي تستخدمها لبث أفكارها الظلامية، مؤكدين مجدداً بأننا ضد الإرهاب في منطقتنا والعالم، أياً كان شكله ومصدره، ونتعاون مع المجتمع الدولي في مكافحته من أجل اجتثاثه.

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إن السلام هو غايتنا الأسمى، وقد قدمنا من أجل صنعه كل ما يمكن. وقد تبنينا ومعنا الدول العربية والإسلامية مبادرة السلام العربية، والتي تنص على انسحاب إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة؛ مقابل الاعتراف بها وتطبيع العلاقات معها، وبعد ذلك جاءت خطة خارطة الطريق التي وفينا بالتزاماتنا كافة تجاهها؛ وهي الخطة الصادرة عن اللجنة الرباعية الدولية، والتي تم تبنيها في مجلس الأمن في القرار 1515؛ هذا بالإضافة لسواها من المبادرات، كالمبادرة الفرنسية لإنقاذ عملية السلام، وحلّ الدولتين، والتي ترتب عليها انعقاد مؤتمر باريس؛ غير أن إسرائيل رفضتها جميعاً، إضافة لمبادرة الرئيس الروسي بوتين، ومبادرة الرئيس الصيني شي جينبينغ؛ وكذلك الجهود المشكورة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي نأمل أن تفضي إلى صفقة سلام وفق حلّ الدولتين (إسرائيل، وفلسطين) تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام وجوار حسن.

وبالرغم من كل تلك المبادرات التي ذكرناها آنفاً، والتضحيات التاريخية التي قدمناها لجعل السلام حقيقة واقعة على أرض فلسطين وفي المنطقة، إلا أن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، تصر على عدم الالتزام بحلّ الدولتين، بل إنها لا زالت ماضية في فرض الوقائع على الأرض في أراضي دولة فلسطين عامة وفي القدس المحتلة خاصة، وتصر على مواصلة الاستيطان، ورفض الحلول والمبادرات المقترحة، والسلام لا يصنع من طرف واحد.

كما إن كل الإجراءات وما أقامته إسرائيل وتقيمه على أرضنا وفي القدس باطل، وليس له أي صفة شرعية أو قانونية؛ وعلى إسرائيل أن تتوقف عن العبث واللعب بالنار في القدس، ومقدساتها المسيحية والإسلامية، وإننا نحملها المسؤولية على مساسها بالوضع التاريخي والقانوني لهذه المقدسات، وخاصة المسجد الأقصى المبارك. هذا وإن الخطر الداهم، الذي يستهدف حقوق شعبنا ووجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا ويهدد السلام والأمن في منطقتنا والعالم، يدفعنا لاتخاذ خطوات من شأنها أن تجعل الاحتلال يتحمل كلفة احتلاله؛ ولا بد من إيجاد بدائل تصون حقوقنا، وتحمي أرضنا وشعبنا في وجه نظام الأبارتهايد المكرس والممارس في بلادنا من قبل إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال في بلادنا).

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

إن خيارنا كفلسطينيين وكعرب، وخيار العالم معنا هو الاحتكام إلى القانون الدولي، والشرعية الدولية، وخيار الدولتين على حدود العام 1967؛ وكما أعطينا الفرصة تلو الأخرى من قبل، فسنعطيها مجدداً لمساعي الرئيس دونالد ترمب، ولأعضاء الرباعية الدولية، وللمجتمع الدولي لتحقيق الصفقة التاريخية في حل الدولتين، وإن أخفقت تلك الجهود في ذلك فسنلجأ إلى المطالبة بحقوق كاملة ومتساوية لجميع سكان فلسطين التاريخية، بغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس، أو العرق.  ونحن الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين لا مشكلة لدينا مع اليهودية كدين وإنما مشكلتنا وتناقضنا هو مع الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي الجاثم على صدر شعبنا وفوق أرضنا منذ عقود طويلة من الزمن.

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إن إسرائيل، ومنذ نشأتها، خرقت ولا زالت تخرق القرارات الدولية؛ فهي قد خرقت ولا تزال ميثاق الأمم المتحدة، والقرارات الدولية: 181، 194، 242، 338، وصولاً إلى قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016.

ومن جانب آخر، إذ نحيي وقفتكم معنا في يوم التضامن العالمي مع شعبنا الفلسطيني، فإننا لنستهجن ونستنكر احتفاء الحكومة البريطانية بمرور مائة عام على وعد بلفور الظالم والمشؤوم الصادر ممن لا يملك إلى من لاحق له، بدلاً من أن تقوم بتصحيح الخطأ اللا أخلاقي واللا إنساني وغير القانوني الذي ارتكب بحق شعبنا ووطنا فلسطين بل ونطالبها الاعتذار للشعب الفلسطيني، وتعويضه، والاعتراف بدولة فلسطين.

أما على صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني، فنحن ماضون في جهودنا لبناء مؤسساتنا الوطنية، وإقامة البنية التحتية في بلادنا وفق سيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب والنهوض باقتصادنا؛ ومستمرون في عملية المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام من أجل استعادة الوحدة الجغرافية لأرضنا الوطنية لشعبنا، ونعمل على تذليل العقبات التي قد تعترض طريق المصالحة، ونمهد السبيل لتمكين حكومة الوفاق الوطني من تولي مهامها والاضطلاع بمسؤولياتها في قطاع غزة كما هو الحال في الضفة الغربية؛ وصولا لسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد؛ معبرين في هذا الصدد عن جزيل شكرنا وتثميناً لجهود جمهورية مصر العربية.

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إننا من جديد، نطالب الأمم المتحدة بالعمل الحثيث والجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، ووقف النشاطات الاستيطان، الاستعمارية على أرض دولتنا، وتوفير الحماية الدولية لأرض وشعب دولة فلسطين، وإلزام إسرائيل بالإقرار بحدود عام 1967، كأساس لحل الدولتين، وترسيم الحدود على أساس قرارات الشرعية الدولية؛ كما ونطالب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بإسرائيل أن تعلن بأن اعترافها تم على أساس حدود العام 1967؛ وأدعو الدول كافة لإنهاء كل أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير القانوني على أرض دولة فلسطين؛ كما ونحث الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين على الاعتراف بها حتى لا تغيب معايير المساواة والعدالة. ومن جهة أخرى فإننا نتوقع من مجلس الأمن الموافقة على طلبنا بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، مناشدين المجتمع الدولي والمانحين بمواصلة تقديم الدعم الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني إلى أن يتمكن من الاعتماد على الذات، وكذلك الأمر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

مؤكدين مرة أخرى على التزامنا باحترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، وكل ما انضممنا إليه من معاهدات واتفاقيات ومنظمات وهيئات دولية.

ختاماً أشكركم أيها الأصدقاء من صميم قلبي على تضامنكم مع شعبنا وقضيته العادلة، مثمناً عالياً جهودكم النبيلة والمخلصة لكل فرد منكم، آملين أن يكون اليوم الذي نحتفل فيه بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ونيل شعبنا الفلسطيني لاستقلاله وحريته في دولته بعاصمتها القدس الشرقية قريباً ليكون لنا شرف استقبالكم في بلادنا.

والسلام عليكم،

كلمة الرئيس محمود عباس تعقيبًا على قرار الرئيس دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال 6 كانون الأول 2017

بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"

صدق الله العظيم

أيها الإخوة المواطنون،

يا أبناء الشعب الفلسطيني الشجاع والمرابط،

تمر قضيتنا الوطنية بلحظة فارقة اليوم؛ بعد الإجراءات التي أعلنت الإدارة الأميركية عن اتخاذها اليوم بشأن القدس.

إن الإدارة الأميركية بهذا الإعلان قد اختارت أن تخالف جميع القرارات والاتفاقات الدولية والثنائية، وفضلت أن تتجاهل وأن تناقض الإجماع الدولي الذي عبرت عنه مواقف مختلف دول وزعماء العالم وقياداته الروحية والمنظمات الإقليمية خلال الأيام القليلة الماضية حول موضوع القدس.

إن هذه الإجراءات المستنكرة والمرفوضة تشكل تقويضاً متعمداً لجميع الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام، وتمثل إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام.

كما إن هذه الإجراءات تمثل مكافأة لإسرائيل على تنكرها للاتفاقات وتحديها للشرعية الدولية، وتشجيعا لها على مواصلة سياسة الاحتلال والاستيطان و"الابارتهايد" والتطهير العرقي.

كما إن هذه الإجراءات تصب في خدمة الجماعات المتطرفة التي تحاول تحويل الصراع في منطقتنا إلى حرب دينية تجر المنطقة التي تعيش أوضاعاً حرجة في أتون صراعات دولية وحروب لا تنتهي، وهو ما حذرنا منه على الدوام وأكدنا حرصنا على رفضه ومحاربته.

أيتها الأخوات والإخوة،

لقد كنا خلال الأيام الماضية على اتصال وثيق مع العديد من زعماء الدول الشقيقة والصديقة؛ ما أكد مجدداً وحدة الموقف العربي والإسلامي والدولي تجاه قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني ومتطلبات تحقيق سلام عادل وشامل على أساس قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة على كل الأراضي المحتلة العام 67 وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل؛ وحل قضية اللاجئين وفق القرار 194، ومبادرة السلام العربية.

يا أبناء شعبنا الشجاع،

إن القيادة تتابع على مدار الساعة تطورات ومستجدات الموقف؛ وهي تعكف على صياغة القرارات والإجراءات المناسبة بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء.

إن هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تشكل حافزاً إضافياً لنا جميعاً لتسريع وتكثيف الجهود لإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمانة انتصار شعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال.

وستشهد الأيام القادمة دعوة الهيئات والأطر القيادية الفلسطينية المختلفة إلى اجتماعات طارئة لمتابعة التطورات. ونحن بصدد دعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى عقد دورة طارئة سندعو إليها جميع الفصائل لتأكيد الموقف الوطني الفلسطيني الموحد، ووضع كل الخيارات أمامه.

أيتها الأخوات والإخوة،

إن هذه الأرض المقدسة حيث مسرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ومهد السيد المسيح (عليه السلام) ومثوى سيدنا إبراهيم (عليه السلام). نقول: إن القدس مدينة السلام؛ مدينة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين؛ مدينة كنيسة القيامة. هي القدس عاصمة دولة فلسطين، أكبر وأعرق من أن يغيّر إجراء أو قرار هويتها العربية. والقدس بتاريخها الذي تنطق به الشواهد في كل بقعة من أرجائها، وبمقدساتها ومساجدها وكنائسها وبأبنائها الصامدين في ربوعها وفي أكنافها، عصية على أية محاولة لاغتيال هويتها أو تزوير تاريخها، وستُدحر أية مؤامرة تستهدفها؛ كما فعلت هذه المدينة المقدسة على مدى حقب التاريخ الطويلة.

إن قرار الرئيس ترامب هذه الليلة لن يغير من واقع مدينة القدس، ولن يعطي أي شرعية لإسرائيل في هذا الشأن؛ كونها مدينة فلسطينية عربية مسيحية إسلامية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية.

يا أبناء شعبنا،

بصمودنا وإيماننا بحقوقنا وبوحدتنا الوطنية، وبوحدة الموقف مع أشقائنا من الدول العربية والإسلامية الشقيقة، وبالتنسيق الوثيق مع أصدقائنا من دول العالم، سنبقى جبهة موحدة تدافع عن القدس وعن السلام وعن الحرية، وتنتصر لحقوق شعبنا لإنهاء الاحتلال وإنجاز استقلاله الوطني.

تحية لشهدائنا الأبرار وعائلاتهم، وأسرانا الأبطال وجرحانا البواسل الذين قدموا التضحيات من أجل فلسطين والقدس.

عاشت فلسطين

عاشت القدس عاصمة دولة فلسطين حرة عربية.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مأدبة غداء أقامها على شرفه ملك إسبانيا (فيليب السادس) والملكة ليتيسيا في قصر الشرق الملكي في مدريد في 20 تشرين الثاني 2017

أصحاب الجلالة،

السيدات والسادة،

يشرفني بداية، يا صاحب الجلالة، أن أتقدم إليكم بجزيل الشكر على دعوتكم الكريمة لزيارة إسبانيا، التي ستسهم في تعزيز وتطوير علاقات الصداقة التاريخية التي تربط بين بلدينا وشعبينا. إن دعوتكم الكريمة لنا على هذه المأدبة الملكية السامية هي عربون مودة وتقدير لنا ولشعبنا الفلسطيني، الذي يكن لكم ولبلدكم أصدق مشاعر المودة والعرفان.

ولا يفوتنا هنا أن نتوجه بالتحية والتقدير للشخصيات المرموقة التي تشاركنا وإياكم هذا اللقاء، مثمنين لجلالتكم ولحكومتكم وللشعب الإسباني الصديق مواقف الدعم والمؤازرة التي دأبتم على وقوفها إلى جانب قضية شعبنا العادلة، سواء كان ذلك في الهيئات والمحافل الدولية، أو على صعيد مساعدتنا في بناء مؤسساتنا الوطنية وفي مختلف المجالات.

ولا بد من الإشارة هنا أيضاً إلى أن الآلاف من الفلسطينيين قد تخرجوا من الجامعات الإسبانية العريقة، إضافة إلى أن هناك قرابة مليون شخص من أصول فلسطينية يتحدثون الإسبانية، ولا سيما في دول أمريكا اللاتينية.

إننا نعتز بموقف البرلمان الإسباني الذي أوصى لحكومة بلادكم بالاعتراف بدولة فلسطين، وهو الأمر الذي نتمنى حدوثه في موعد قريب، لما له من أهمية في دعم فرص تحقيق السلام في منطقتنا، ولتعيش فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب في أمن واستقرار وجوار حسن؛ وهو ما سيبعث الأمل بمستقبل أفضل لفلسطين وشعبها، الذي عانى من ظلم تاريخي باقتلاع نصفه من وطنه منذ نكبة عام 1948؛ أي قبل قرابة سبعة عقود، واحتلال ما تبقى من أرضنا في العام 1967، وبما فيها القدس الشرقية التي تعمل إسرائيل على تغيير هويتها وطابعها، وعدم احترام الوضع التاريخي لمقدساتها المسيحية والإسلامية.

وفي هذا الصدد، فإننا نجدد التأكيد هنا بأننا ملتزمون بالسلام القائم على قرارات الشرعية الدولية، ومبادئ مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية، ونؤيد الجهود التي تبذلها حكومة الرئيس ترامب لعقد صفقة سلام تاريخية، كما نؤكد على أهمية دور الاتحاد الأوروبي ومواقفه الملتزمة بالقانون الدولي، التي نثق أنها سوف تتواصل.

وأود التأكيد هنا أننا سنواصل عملنا لتوحيد أرضنا وشعبنا، وتحقيق المصالحة بدعم مشكور من الشقيقة مصر، وصولاً لسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد؛ الأمر الذي سيخفف معاناة أهلنا في قطاع غزة.

ومن ناحية أخرى، سنواصل بناء مؤسساتنا الوطنية وفق سيادة القانون وتمكين المرأة والشباب والنهوض باقتصادنا الوطني.

صاحب الجلالة الملك،

السيدات والسادة،

إننا نجدد تأكيدنا لجلالتكم وحكومتكم على موقفنا الثابت والداعم لوحدة الشعب والأرض في إسبانيا، متمنين لبلدكم تحقيق المزيد من التقدم ولشعبكم دوام الرخاء والازدهار.

كما أننا نتطلع للمزيد من التنمية والتعزيز للعلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا على المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية والسياحية وغيرها، سواء كان ذلك على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص أو منظمات المجتمع المدني، وتبادل الخبرات في مختلف المجالات؛ وأغتنم الفرصة لأدعو مواطنيكم لزيارة فلسطين، والأماكن المقدسة المسيحية في بيت لحم مهد السيد المسيح عليه السلام، وفي القدس الشرقية حيث كنيسة القيامة وغيرها من المدن الفلسطينية.

صاحب الجلالة الملك،

نتوجه لجلالتكم ولصاحبة الجلالة الملكة بالدعوة لزيارة فلسطين في أعياد الميلاد المجيدة؛ وذلك لكي نحضر وإياكم قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم، أو في أي وقت ترونه مناسباً، حيث نتوق في يوم قريب، لاستقبالكم في دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، في عاصمتنا القدس الشرقية، التي تحملون جلالتكم اسمها في إحدى ألقابكم السامية.

أجدد التعبير لجلالتكم وحكومتكم الموقرة عن جزيل شكرنا، وعميق تقديرنا لكم على كرم الضيافة، وحرارة الاستقبال، الذي لقيناه في بلدكم الصديق الجميل والعريق، متمنين لكم شخصياً، وللعائلة الملكية السامية، دوام الصحة والسعادة والتوفيق، ولمملكة إسبانيا حكومة وشعباً دوام الرخاء والازدهار.

دمتم يا صاحب الجلالة،

وعاشت الصداقة الإسبانية – الفلسطينية،

وبصحتكم

والسلام عليكم،

كلمة الرئيس محمود عباس في افتتاح المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في العاصمة الكويتية الكويت 12 تشرين الثاني 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح،

معالي الأخ أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية،

معالي الأخ يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي،

أصحاب المعالي والسعادة،

يطيب لي أن أتوجه بجزيل الشكر، وعميق التقدير، لأخي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، قائد العمل الإنساني، على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر المخصص لبحث معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاك إسرائيل، للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.

كما أوجه شكرًا خاصًا للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ممثلة بمعالي الأخ الأمين العام، ولوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في دولة الكويت، على التعاون والتنسيق لعقد هذا المؤتمر الهام، هنا على أرض الكويت، التي دأبت على الدوام على الوقوف إلى جانب فلسطين وقضيتها العادلة.

ولا يفوتني كذلك أن أعبر عن الشكر والتقدير للسيدات والسادة المشاركين في جلسات هذا المؤتمر، مثمنًا عاليًا عملهم وجهودهم العلمية والقانونية، التي كلنا ثقة بأنها ستسهم في إظهار الآثار التدميرية لسياسات إسرائيل قوة الاحتلال، التي تنتهجها ضد الأطفال والطفولة في فلسطين المحتلة.

تعلمون، أيها الإخوة والأخوات، بأن الإنسان الفلسطيني يتعرض، ومنذ نكبة فلسطين، وإلى يومنا هذا لأبشع ألوان وأشكال العذابات والمآسي، وانتهاك حقوقه التي كفلتها القوانين الدولية، حيث الأطفال الفلسطينيون دون سن السادسة عشرة، والذين يشكلون اليوم ما نسبته 39% من مجموع السكان، هم الضحايا الأكثر تأثرًا بين أبناء الشعب الفلسطيني؛ فعمليات الاعتقال المستمرة بحق الفلسطينيين لم تستثن أي فئة عمرية من فئات الشعب الفلسطيني، خاصة الأطفال الذين يتعرضون لانتهاك واضح وصارخ لحقوق الإنسان.

إن إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) تخرق بنود الاتفاقيات الدولية، التي تنص وتؤكد رعاية وحماية الأطفال، خاصة "اتفاقية الطفل" لعام 1989؛ بل إنها فتحت سجونًا ومحاكم خاصة بالأطفال عام 2009، يحاكم فيها الأطفال.  وقد ذهبت السلطة التشريعية في إسرائيل إلى أبعد من ذلك؛ حيث أقرت في نوفمبر 2015 قانونًا يسمح لقوات الاحتلال باعتقال ومحاكمة الأطفال ممن هم دون سن الأثني عشر عامًا، ووضعهم في الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، مع استمرار اعتقالهم حتى وصولهم السن القانونية لتنفيذ الحكم الصادر بحقهم بالكامل؛ ما تخلفه تلك الاعتقالات من تأثيرات سلبية نفسية وجسدية على أطفالنا.

لقد انضمت دولة فلسطين للعديد من المواثيق الدولية، ومن ضمنها اتفاقية حقوق الطفل بدون أي تحفظ؛ ويجري التحضير لتقديم التقرير الرسمي الأول حول تنفيذ بنوده قبل نهاية هذا العام؛ كما يتم مواءمة البرامج الوطنية للعناية بالطفل والتعليم والصحة وفق أفضل المعايير الدولية.

وفي هذا الصدد، فإننا ماضون في بناء مؤسساتنا وفقاً لسيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب؛ الأمر الذي ستكون له انعكاساته وآثاره الإيجابية الواسعة في تحسين حياة الأسرة والأطفال؛ وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على حدود 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.

وفي ظل هذا الواقع المرير، يأتي مرور مائة عام على وعد بلفور المشؤوم، الصادر عن الحكومة البريطانية في 1917، وهو وعد من لا يملك لمن ليس له حق، وكذلك مرور سبعين عامًا على النكبة، وخمسين عامًا على احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية؛ أي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة؛ ليؤكد وجوب قيام المجتمع الدولي ليضع حدا لنهاية الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وأن يلزمها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي، كما يدين تعامل الشركات والمؤسسات الدولية مع الاستيطان.

ولا بد من الإشارة هنا، أيها السيدات والسادة، إلى أن دعم برامج التنمية التي نقوم بها سيساعد على خلق واقع أفضل للطفل والطفولة في فلسطين، إلى جانب دعم الأونروا، التي تقوم بعمل إنساني نبيل إلى حين إيجاد حل ونهاية عادلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين يشكلون أكثر من نصف الشعب الفلسطيني البالغ تعداده اليوم قرابة ثلاثة عشر مليون إنسان.

ومن جانب آخر، إن سعينا لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتنفيذ اتفاق القاهرة، الذي تم بجهود مصرية مشكورة، سيكون له أطيب الأثر لتخفيف معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة، مؤكدين أهمية وحدة شعبنا وأرضنا نحو تحقيق أهدافنا الوطنية.

وقبل أن أختم كلمتي هذه، فإنني على يقين بأن جهود المشاركين والباحثين في هذا المؤتمر ستخرج بأفضل النتائج والتوصيات لتحقيق أهدافه المرجوة.

مرة أخرى، أحييكم جميعاً، وأشكر الكويت الشقيقة أميراً وحكومةً وشعباً على استضافة هذا المؤتمر ورعايته، مثمناً جهود الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لعقده.

والسلام عليكم،

كلمة الرئيس محمود عباس المسجلة؛ والتي  بثت في مهرجان إحياء ذكرى الشهيد الراحل ياسر عرفات، في ساحة السرايا بمدينة غزة، في 11 تشرين الثاني 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

"وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ".

صدق الله العظيم

(البقرة، آية 177)

يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم،

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

السيدات والسادة،

ونحن نحيي ذكرى رحيلك الثالثة عشرة، أيها الأخ الشهيد الرمز، فإننا نبعث إليك من صميم قلوبنا، تحية إكبار وإجلال؛ فذكراك الطيبة في نفوسنا جميعًا خالدة فينا ما حيينا.

أقول لك يا أخي أبا عمار أمام الجماهير المحتشدة في الضفة وغزة اليوم بذكرى رحيلك: إن شعبنا الفلسطيني الذي لطالما أحبك قائدًا عظيمًا، ما زال يكن لك ذلك الحب والاحترام والوفاء؛ وهو صامد صابر ومرابط، باق على أرضه، وراسخ رسوخ جبلك الذي لا تهزه الرياح.

وإن نضالكم وتضحياتكم وعطاءكم لشعبكم وقضيتكم العادلة، عبر نصف قرن ويزيد؛ قد سجل أروع معاني العزة والكرامة والكبرياء؛ وإن فلسطين التي أحببت، وناضلت، واستشهدت من أجلها ستبقى نابضة بالوفاء والإخلاص للقادة الكبار الذين ضحوا بأنفسهم من أجلها. وإننا من بعدك، وفي ذكراك هذه، نعيد التأكيد بأن نمضي قدمًا نحو تحقيق حلمك، وحلم أبناء شعبنا الفلسطيني في الحرية والسيادة والاستقلال على ترابنا الوطني الفلسطيني الطاهر.

نعم أخي أبا عمار، إن العهد والقسم والثوابت التي تعاهدنا عليها ستظل نبراسا يضيء طريق الاستقلال لدولتنا الأبية وعاصمتها القدس الشرقية.

إن فلسطين التي حاولوا أن يخرجوها من دائرة التاريخ والجغرافيا، منذ العام 1917، قد عادت بتضحيات أبناء شعبنا من الشهداء والجرحى والأسرى، لتقول بأنها باقية؛ فكانت تسمى فلسطين وستظل تسمى فلسطين؛ وإن الشعب الذي نكبوه وشردوه واقتلعوه من أرضه ودياره، ما زال يتمسك بحقوقه؛ فالهوية الوطنية الفلسطينية راسخة وثابته.

إن شعبنا الفلسطيني صاحب حضارة وتاريخ عريقين؛ وهو عصي على الذوبان والدمج؛ فكل طفل ولد في الوطن أو خارجه، ما زال يتمسك بثقافته وهويته انتماءً والتزاماً، ولا يرضى عن فلسطين وطناً آخرَ، ولا يقبل بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا وقضيتنا.

بعد أن حصلنا في العام 2012 على صفة دولة "مراقب" في الأمم المتحدة، ورفعنا العلم الفلسطيني على مقراتها، وأصبحنا أعضاء كاملي العضوية في العديد من الوكالات والمعاهدات الدولية، فإن جهودنا ومساعينا ستستمر لنيل العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وزوال آثاره عن أرضنا، فإرادة الشعوب لا تقهر، وشعبنا التواق للحرية لن يتخلى عن تحقيق أهدافه الوطنية مهما كانت التضحيات.

يا أبناء شعبنا العظيم،

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

إن ما يثير الاستغراب والاستهجان هو أن الحكومة البريطانية احتفلت قبل بضعة أيام بمرور مائة عام على وعد بلفور الظالم والمشؤوم، الذي تسبب في مأساة ونكبة أكثر من اثني عشر مليون فلسطيني، وحرمانهم من حقوقهم السياسية والقانونية والإنسانية.

هذا في الوقت الذي كان فيه مجلس العموم البريطاني، في العام 2014، قد أوصى حكومة بلاده بالاعتراف بدولة فلسطين؛ غير أن ذلك لم يتم حتى الآن من قبل الحكومة البريطانية، وفي كلمتي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، جددت الدعوة للحكومة البريطانية، لتصحيح ذلك الخطأ التاريخي عبر الاعتذار لشعبنا، والتعويض عن الأضرار التي ألحقت به، والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.

يا أبناء شعبنا العظيم في كل مكان،

يا جماهير شعبنا في قطاع غزة،

إننا ماضون قدماً في مسيرة المصالحة الفلسطينية، وقد رحبنا بجهود مصر الشقيقة للوصول لاتفاق القاهرة؛ ونحن مستمرون كذلك في تنفيذه، وصولاً لسلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد. وإلى أهلنا في قطاع غزة الحبيب أقول: إن التنفيذ الدقيق للاتفاق والتمكين الكامل للحكومة سيقود حتماً إلى تخفيف المعاناة، وبعث الأمل لمستقبل أفضل لنا جميعاً.

وأجدد القول بأنه لا يوجد من هو أحرص منا على شعبنا في قطاع غزة؛ فنحن شعب واحد؛ مصيرنا واحد، ولا يقبل القسمة والتجزئة. وأقول: إنه لا دولة في غزة، ولا دولة من دون غزة.

يا أبناء شعبنا العظيم،

إننا نؤكد لكم، ولكل أشقائنا وأصدقائنا في العالم، وبالرغم من كل المعوقات، التي يفرضها علينا الاحتلال الإسرائيلي، ونشاطاته الاستيطانية الاستعمارية القائمة على سياسة الأبرتهايد، فإننا متمسكون بثقافة السلام، ومحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم، ومصممون على البقاء على أرضنا، والتمسك بحقوقنا التي كفلتها الشرعية الدولية، ونواصل جهودنا لبناء مؤسسات دولتنا على أساس سيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب، والنهوض باقتصادنا الوطني، والمضي قدما في سعينا لترسيخ مكانة دولة فلسطين في النظام الدولي.

من ناحية أخرى، فإننا نعمل مع حكومة الرئيس ترامب، والقوى الدولية المعنية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، على أن يكون وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، و"حل الدولتين"، على أساس حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.

وفي هذا المقام، فإننا نجدد الدعوة للدول التي تؤمن ب"حل الدولتين" أن تعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة؛ وذلك لأن "حل الدولتين" أصبح في خطر داهم، وأجدد التأكيد بأننا لن نقبل باستمرار سياسة الأبرتهايد التي نعيشها في ظل الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا؛ وسنطالب بالحقوق المتساوية لسكان فلسطين التاريخية إذا لم يتم تطبيق "حل الدولتين".

وفي ختام كلمتي، في ذكرى رحيلك، أيها الأخ القائد الرمز الشهيد أبو عمار، أسال الله لك الرحمة والمغفرة، ولشهداء شعبنا المجد والخلود في الفردوس الأعلى، ولجرحانا الأعزاء الشفاء العاجل، ولأسرانا البواسل، الحرية والعودة إلى أُسَرِهِمْ وذويهم، ولن يهدأ لنا بال حتى يعودوا إلى أهلهم سالمين بخير وعافية.

وأقول لجماهير شعبنا المحتشدة في قطاع غزة إلى لقاء قريب معكم ومع أهلنا وأحبتنا في القطاع الحبيب، وإلى أهلنا الصامدين في مخيمات الشتات وفي القدس أقول: إننا معكم ونحيي صمودكم، ونحن على موعد مع الحرية والاستقلال.

عاشت فلسطين

عاشت القدس الشريف عاصمة دولتنا المستقلة

عاش شعبنا الفلسطيني

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

كلمة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة (72) نيويورك 20 أيلول 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد رئيس الجمعية العامة المحترم،

السيدات والسادة،

أربعة وعشرون عامًا مضت على توقيع اتفاق أوسلو الانتقالي الذي حدد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بعد خمس سنوات، ومنح الفلسطينيون الأمل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ فأين نحن اليوم من هذا الأمل؟

السيد الرئيس،
 السيدات والسادة،

لقد اعترفنا بدولة إسرائيل على حدود العام 1967؛ لكن استمرار رفض الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بهذه الحدود يجعل من الاعتراف المتبادل بيننا وبينهم الذي وقعناه في أوسلو عام 1993 موضع تساؤل.

مُنذ خطابي أمام جمعيتكم الموقرة في العام الماضي، والذي طالبت فيه بأن يكون عام 2017 هو عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، واصلت الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات على أرض دولتنا المحتلة، منتهكة المواثيق والقرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، كما واصلت تنكرها وبشكل صارخ لحل الدولتين، ولجأت إلى سياسات وأساليب المماطلة وخلق الذرائع للتهرب من مسؤولياتها بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين، وبدلا من أن تركز على الأسباب وعلى ضرورة معالجة المشكلة من جذورها، أخذت تسعى لحرف الانتباه الدولي إلى مسائل جانبية أفرزتها سياساتها الاستعمارية؛ فعندما نُطالبها ويطالبها المجتمع الدولي بإنهاء احتلالها لأرضنا المحتلة، تتهرب من ذلك وتتذرع بادعاءات التحريض، وبعدم وجود شريك فلسطيني، أو طرح شروط تعجيزية، وهي تُدرك كما تدركون جميعًا، أن الحاضنة الطبيعـــــــية للتحــــريض ولأعمال العنف هـــــو الاحتلال الإسرائيلي العسكري لأرضنا الذي جاوز اليوم نصف قرن من الزمان.
منذ أكثر من 10 سنوات اتفقنا على تشكيل لجنة ثلاثية أمريكية إسرائيلية فلسطينية، لمعالجة مسألة التحريض؛ والقرار عائد لأميركا؛ وعملت هذه اللجنة سنة، ثم ألغوها؛ ومنذ ذلك الوقت ونحن نطالب بإحياء اللجنة؛ إذن من الذي يحرض على التحريض؟

المثير للاستغراب أن بعض من تقع على عاتقهم مسؤولية إنهاء هذا الاحتلال، يصفونه بالمزعوم، ما هو الاحتلال المزعوم!؟ 50 عاما ونحن نرزح تحت الاحتلال ثم يأتي شخص في موقع مسؤولية ويقول أين الاحتلال؟

إن استمرار هذا الاحتلال يعتبر وصمة عار في جبين دولة إسرائيل أولا، وفي جبين المجتمع الدولي ثانيًا، ويقع على عاتق هذه المنظمة الدولية مسؤولية قانونية وسياسية وأخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من العيش بحرية ورخاء في دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية  المحتلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

ومما لا شك فيه أن تجفيف مستنقع الاحتلال الاستعماري في أرضنا، وإنهاء ممارساته الظالمة وغير القانونية ضد أبناء شعبنا، سيكون له عظيم الأثر في محاربة ظاهرة الإرهاب، وحرمان التنظيمات الإرهابية من أهم الأوراق التي تستغلها لتسويق أفكارها الظلامية؛ لذلك نؤكد أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا هو ضرورة وأساس لإكمال الجهود التي نقوم بها جميعًا في مواجهة هذه التنظيمات. نحن الفلسطينيين ضد الإرهاب المحلي والإقليمي والدولي، أيًا كان شكله ومنبعه ومصدره، ونعمل على محاربته.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

لقد ذهبنا في جهودنا ومسعانا من أجل تحقيق السلام مع جيراننا الإسرائيليين إلى حد بعيد، وتبنينا مع الدول العربية والإسلامية مبادرة ثمينة هي "مبادرة السلام العربية" لحل الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي، هذه المبادرة التي تربط انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة التي احتلتها عام 1967، باعتراف هذه الدول بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها؛ فماذا كان رد إسرائيل؟ 57 دول عربية وإسلامية أبدت استعدادها في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة أن تعترف بدولة إسرائيل وتطبع العلاقات معها.

وكانت هناك أيضا "خطة خارطة الطريق" في العام 2003 التي قدمتها اللجنة الرباعية الدولية، وتبناها مجلس الأمن ووافقنا عليها؛ ورفضتها الحكومة الإسرائيلية. ولكسر الجمود في عملية السلام، ولإنجاح المساعي الدولية؛ كانت "المبادرة الفرنسية" التي جاءت لإنقاذ عملية السلام و"حل الدولتين"، والتي ترتب عليها مؤتمر باريس للسلام في مطلع هذا العام، والذي حضرته سبعون دولة وأربع منظمات دولية؛ ولكنها جوبهت أيضا برفض ومقاطعة إسرائيل؛ إضافة إلى مبادرة الرئيس الروسي بوتين، ومبادرة الرئيس الصيني(شي جين بينغ) والجهود المشكورة التي يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. أين هي هذه المبادرات! ولماذا لا تقبل بها اسرائيل!.

وفي مسعى آخر من جانبنا لإحياء عملية السلام، عرضنا على رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يؤكد التزامه بحل الدولتين، وأن يجلس معنا إلى الطاولة لنرسم الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطين، لكي نفتح المجال أمام مفاوضات جادة تعالج بقية قضايا الوضع الدائم؛ وللأسف فإنه يرفض مثل هذا العرض.

رغم جهودنا ومساعينا الحثيثة والصادقة من أجل إنجاح عملية السلام، لا تزال إسرائيل مستمرة في التنكر لالتزاماتها تجاه عملية السلام، وتصر على إفشالها، باستمرارها في بناء المستوطنات في كل مكان.  لم يعد هناك مكان لدولة فلسطين؛ وهذا غير مقبول لنا ولكم، وعليكم المسؤولية.  وتنكرها لحل الدولتين، الأمر الذي أصبح يُشكل خطرًا حقيقيًا على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ ما يفرض علينا القيام بمراجعة استراتيجية شاملة لهذه العملية.

فلا يكفي أيها السيدات والسادة أن يكون الالتزام بالسلام من جانب واحد؛ لأن ذلك لن يقود إلى تحقيق السلام. إن الحرية لا تتجزأ؛ إما أن تكون حرا، أو لا حر.

لقد حذرنا في الماضي ولا نزال من ممارسات الحكومة الإسرائيلية بشأن فرض الحقائق الاحتلالية في مدينة القدس الشرقية، وقلنا: إن هذه الممارسات تؤجج مشاعر العداء الديني الذي يمكن أن يتحول إلى صراع ديني عنيف، وطالبنا الحكومة الإسرائيلية باحترام الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في المدينة؛ ولكن الحكومة الإسرائيلية، ومنذ أن احتلت القدس عام 1967، نعم هي محتلة، القدس محتلة- قامت بضمها بقرار من طرف واحد، رفضناه في حينه، ونرفضه اليوم كما رفضه العالم، بما في ذلك مجلس الأمن، عشرات القرارات صدرت عن مجلس الأمن؛ أعلى سلطة في العالم، تقول: قرارات الضم غير قانونية؛ أين نذهب إذن! لن نذهب للإرهاب والعنف. فالقدس مدينة محتلة، وقرارات إسرائيل وإجراءاتها فيها إجراءات باطلة ولاغية وغير قانونية من البداية إلى النهاية، كما هو الحال بالنسبة للاستيطان الإسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية.

إن ما تقوم به إسرائيل من تغيير للوضع القائم التاريخي في القدس، والمس بمكانة المسجد الأقصى على وجه الخصوص، هو لعب بالنار، واعتداء على مسؤولياتنا ومسؤوليات الأردن الشقيق، نحن الاثنان مسؤولان عن هذه المدينة، نحذر الحكومة الإسرائيلية من مغبّته ونحملها المسؤولية الكاملة عن تداعياته. لا تحاولوا أن تذهبوا إلى حرب دينية، إنها خطيرة علينا وعليكم، صراعنا سياسي؛ فليبق سياسيًا.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

رغم استمرار الاحتلال، ورغم ما نتعرض له من قيود وسياسات احتلالية؛ فإننا تمكّنا، وبكل جدارة، من بناء مؤسسات دولتنا التي اعترفت بها أغلبية الدول الأعضاء في هذه المنظمة، 138 دولة.  وأغتنم الفرصة مرة أخرى لأشكر هذه الدول جميعها؛ لأنها باعترافها بدولة فلسطين، أو التصويت لصالح رفع مكانة عضويتها في الأمم المتحدة، تسهم في إزالة جزء من الظلم التاريخي الذي وقع على شعبنا، وتدعم مبادئ الحق والعدل وهدف تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي منطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.

وكنت قد نبّهتُ في خطابي العام الماضي أمام جمعيتكم الموقرة، بأنه لا يمكن استمرار الوضع القائم في أرض دولة فلسطين المحتلة؛ ومع ذلك فقد ازداد هذا الوضع سوءًا؛ جرّاء استمرار إسرائيل في احتلالها وسياساتها العدوانية وخرقها المتواصل للقانون الدولي؛ لهذا لن يكون أمامنا سوى مطالبة إسرائيل، كدولة قائمة بالاحتلال، بتحمل مسؤولياتها كاملة عن هذا الاحتلال، وتحمل ما يترتب عليها من تبعات؛ فلم يعد بإمكاننا الاستمرار كسلطة دون سلطة، وأن يستمر الاحتلال دون كلفة. نحن نقترب من هذه اللحظة إذا لم يريدوا حل الدولتين وسلامًا، فليعودوا ليستلموا مسؤولياتهم وتبعات هذه المسؤوليات.

إن حل الدولتين اليوم في خطر، فلا يمكننا كفلسطينيين أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا الخطر الداهم الذي يستهدف وجودنا الوطني والسياسي والمادي على أرضنا، ويتهدد السلام والأمن في منطقتنا والعالم؛ وقد نجد أنفسنا مضطرين إلى اتخاذ خطوات، أو البحث في حلول بديلة لكي نحافظ على وجودنا الوطني؛ وفي ذات الوقت نُبقي الآفاق مفتوحة لتحقيق السلام والأمن؛ لكن كل الخيارات التي نبحث عنها ستكون سلمية؛ فمن حقنا في هذه الحال أن ننظر في البدائل التي تصون لنا حقوقنا وتحمي أرضنا وشعبنا، من تكريس "نظام الأبرتهايد" الذي انتهى في جنوب إفريقيا قبل سنوات، وما زال عندنا.

ومن جانب آخر طلبنا من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين حول الاستيطان والاعتداءات؛ وسنواصل الانضمام للمواثيق والمؤسســـــات والبروتوكولات الدولية؛ إذ إن فلسطين أصبحت "دولة مراقبًا" وفقا لقرار الجمعية العامة 67/19/2012.
ولذلك فإنني سأدعو في الفترة القادمة المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد للقيام بهذه المراجعة الاستراتيجية الشاملة.

السيد الرئيس،
 السيدات والسادة،

خيارنا كفلسطينيين وكعرب، وخيار العالم هو القانون الدولي والشرعية الدولية، وخيار الدولتين على حدود 1967؛ وسوف نُعطي المساعي المبذولة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأعضاء الرباعية الدولية، والمجتمع الدولي كل فرصة ممكنة لتحقيق الصفقة التاريخية المتمثلة بـ"حل الدولتين"؛ وذلك لتعيش دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية بسلام وأمن، جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

ولكن إذا تم تدمير خيار الدولتين، وتعميق وترسيخ مبدأ الدولة الواحدة بنظامين (أبرتهايد) من خلال فرض الأمر الواقع الاحتلالي؛ وهو ما يرفضه شعبنا والمجتمع الدولي، وسيكون مصيره الفشل؛ فلن يكون أمامكم وأمامنا إلا النضال والمطالبة بحقوق كاملة لجميع سكان فلسطين التاريخية. إن هذا ليس تهديدا، إنما تحذير من النتائج المترتبة على استمرار الحكومة الإسرائيلية في تقويض مبدأ "حل الدولتين".

إن مشكلتنا هي مع الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي؛ وليس مع اليهودية كدين؛ فاليهودية بالنسبة لنا كفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، لم تكن ولن تكون خطرًا علينا؛ إنها ديانة سماوية مثلها مثل الإسلام والمسيحية. يقول الله سبحانه وتعالى في قرآننا الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم: "لا نُفرق بين أحد من رسله". صدق الله العظيم.

ونقول بهذه المناسبة، تهانينا لليهود بعيد رأس سنتهم اليوم، وللمسلمين برأس السنة الهجرية غدا، هذه مصادفة ودليل على تقارب الديانات.

السيد الرئيس،
 السيدات والسادة،

لقد تحملنا مسؤولياتنا تجاه شعبنا في قطاع غزة، رغم الانقسام الذي وقع في عام 2007، ومنذ ذلك الحين ونحن نقدم أشكال الدعم كافة لأهلنا في القطاع الذين يعانون من حصار إسرائيلي ظالم.وقد أكدنا مرارًا وتكرارًا بأن لا أحد أحرص منا على شعبنا في القطاع؛ كما أكدنا أن لا دولة فلسطينية في غزة، ولا دولة فلسطينية دون قطاع غزة.

واليوم أعبر عن ارتياحي للاتفاق الذي تم التوصل إليه في القاهرة بجهود مصرية مشكورة لإلغاء ما قامت به حركة حماس من إجراءات أعقبت هذا الانقسام، بما في ذلك الحكومة التي شكلتها، والالتزام بتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها كاملة في القطاع، وإجراء انتخابات عامة. وفي نهاية الأسبوع المقبل ستذهب حكومتنا لممارسة مهامها في غزة.

السيد الرئيس، 
السيدات والسادة،

في خطابي أمام جمعيتكم في العام الماضي أيضا، طالبت الحكومة البريطانية بتصحيح خطأ فادح ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني، عندما أصدرت وعد بلفور عام 1917، الذي يمنح اليهود وطنًا قوميًا لهم في فلسطين، رغم أن فلسطين كانت عامرة بأهلها الفلسطينيين، وكانت تعتبر من أكثر البلاد تقدمًا وازدهارًا، فلم تكن بحاجة لكي تُستعمر أو توضع تحت انتداب دولة عظمى؛ لكن الحكومة البريطانية لم تحرك حتى الآن ساكنًا إزاء مطالبتنا لها بتصحيح خطئها التاريخي بحق شعبنا بالاعتذار للشعب الفلسطيني وتعويضه، وبالاعتراف بدولة فلسطين. والأسوأ من ذلك أنهم يريدون في نوفمبر أن يحتفلوا لمناسبة مئة سنة على جريمتهم هذه بحقنا.

إن سكوت المجتمع الدولي على ممارسات إسرائيل العدوانية شجعها منذ البداية على الاستمرار في هذه الممارسات؛ دعوني فقط أذكركم بأن إسرائيل خرقت وتخرق القرارات الدولية منذ نشأتها؛ فهي التي خرقت بنود ميثاق الأمم المتحدة ولا تزال؛ والقرارات 181، 194، 242، و338، وصولًا إلى قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016؛ فهل سلَّم المجتمع الدولي بأن إسرائيل هي دولة فوق القانون؟ ولماذا التعامل مع الدول بمعايير مزدوجة؟

المادتان 41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة تنصان على أن من يعتدي على أراضي الطرف الآخر سوف يقمع بقوة السلاح، إسرائيل أخذت من أرضنا 23% ولم تتحرك الأمم المتحدة لقمعها.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

من أجل إنقاذ عملية السلام وحل الدولتين، فإنني أطالب منظمتكم ودولكم الموقرة بما يلي:

أولا: العمل الحثيث والجاد من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين خلال فترة زمنية محددة، إذ إنه لم يعد كافيًا إصدار البيانات الفضفاضة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام من دون سقف زمني لذلك؛ وتطبيق المبادرة العربية للسلام بما يشمل قضية اللاجئين حسب القرار 194.

ثانيا: وقف النشاطات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة كافة، كما نصت على ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي كان آخرها قرار 2334 لعام 2016؛ بالإضافة إلى منطوق اتفاقية جنيف الرابعة.

ثالثا: توفير الحماية الدولية لأرض وشعب دولة فلسطين، توطئة لإنهاء الاحتلال؛ لأنه ليس بمقدورنا حماية شعبنا وأرضنا ومقدساتنا من هذا الاحتلال البغيض؛ ولا يمكن أن يكون الرد على هذا الاحتلال السكوت عليه.

رابعا: الطلب من إسرائيل الإقرار بحدود عام 1967 كأساس لحل الدولتين، وترسيم هذه الحدود على أساس قرارات الشرعية الدولية، وبعد هذا الترسيم سيكون بمقدور كل طرف أن يتصرف بأرضه كما يشاء دون الإجحاف بحقوق الطرف الآخر.

خامسا: أطالب جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بدولة إسرائيل أن تعلن أن اعترافها تم على أساس حدود العام 1967؛ وذلك تأكيدا على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وبمقتضيات الحل السياسي القائم على هذه القرارات. واسمحوا لي أن أسألكم، أين هي حدود دولة إسرائيل التي اعترفتم وتعترفون بها؟ كيف يمكن الاعتراف بدولة ليس لها حدود، والقانون الدولي يقول: إن لكل دولة حدودًا.

سادسا: أدعو الدول كافة إلى إنهاء كل أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير القانونية في أرض دولة فلسطين، واتخاذ جميع الإجراءات لوقف هذا التعامل وفق ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومواقف هذه الدول، أسوة بما فعله المجتمع الدولي بالنظام العنصري في جنوب افريقيا سابقًا.

سابعا: حث الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين على الاعتراف بها؛ إذ إنه لا يعقل أن تغيب معايير المساواة التي تساعد في تحقيق السلام، وأنا لا أفهم كيف يضر الاعتراف بدولة فلسطين بفرص تحقيق السلام، لا سيما ونحن كفلسطينيين نعترف بدولة إسرائيل على حدود العام 1967.

ثامنا: إننا نتوقع من مجلس الأمن الدولي الموافقة على طلبنا بقبول دولة فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة؛ فكل من يؤيد الحل السياسي على أساس الدولتين، عليه أن يعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة.

تاسعا: إننا نناشد المجتمع الدولي مواصلة تقديم الدعم الاقتصادي والمالي للشعب الفلسطيني؛ ليتمكن من تحقيق الاعتماد على الذات. كما نناشدكم مواصلة تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)؛ حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها الإنسانية. وفي هذا السياق فإننا نحذر من محاولات تغيير مهام الوكالة وأنظمتها، ونحذر كذلك من شطب البند السابع في مجلس حقوق الإنسان، أو منع صدور القائمة السوداء للشركات العاملة في المستعمرات الإسرائيلية في أرض دولة فلسطين المحتلة.

عاشرا: وبالمقابل فإننا نؤكد التزامنا باحترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وتنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 20/30، واتفاقية باريس لتغيير المناخ، وبقية الاتفاقيات والمعاهدات التي اعتمدناها ووقعنا عليها.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

سوف تقوم دولة فلسطين بصياغة هذه المطالب في مشاريع قرارات، وحسب الأصول، وتقديمها للجمعية العامة للأمم المتحدة، آملين منكم جميعًا التصويت لصالحها حفاظًا على بقاء حل الدولتين وفرصة تحقيق السلام، وحرصا على توفير الأمن والاستقرار والازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ولشعوب ودول المنطقة بشكل عام.

وفي الختام، اسمحوا لي أيها السيدات والسادة أن أتقدم بالتحية لشعبنا العظيم الصامد على أرض وطنه فلسطين، رغم كل ما يعاني، والذي يناضل ضد الاحتلال نضالًا سلميًا، من أجل نيل حريته واستقلاله وحفظ كرامته الوطنية والإنسانية.

تحية لأبناء شعبنا في القدس الذين سطروا أروع صور المقاومة الشعبية السلمية أمام ممارسات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي.

تحية لأبناء شعبنا في المنافي والشتات. تحية لأبناء شعبنا في الضفة الغربية الصامدة. تحية لأبناء شعبنا الصابرين في غزة المحاصرة.

تحية لشهدائنا الأبرار، ولأسرانا البواسل الذين يقبعون في سجون الاحتلال.

أقول لهؤلاء جميعًا: إن الحرية قادمة لا محالة، وإن الاحتلال إلى زوال؛ فإما الاستقلال لدولة فلسطين لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل على حدود العام 1967، وإما الحقوق الكاملة التي تضمن المساواة للجميع على أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر.

عندما تحررت جنوب إفريقيا من نظام "الأبرتهايد" قال مانديلا من على منبر الأمم المتحدة: أنا ممنون جدًا للعالم، وللأمم المتحدة التي ساهمت وأيدت إنهاء "الأبرتهايد"؛ ويتمم نيلسون مانديلا "لا يكتمل نصرنا إلا بنصر الشعب الفلسطيني"؛ إذن هو وضعها أمانة في أعناقكم، إنهاء "الأبرتهايد"، فردا فردا، دولة دولة، وخاصة الدول العظمى.  وأقول: خاصة الدول العظمى يجب أن تقف إلى جانبنا؛ فهذه أمانة، والأمانة غالية، فردوا الأمانات لأهلها؛ فهل أنتم فاعلون أيها السادة؟أرجو الله، وشكرا لكم.

شكرا،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان

 في قصر الرئاسة في العاصمة أنقرة 28 آب 2017

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس، رجب طيب أردوغان،

يسعدني أن ألتقي بكم مجدداً في قصر الرئاسة التركية العامر، وأشكركم يا فخامة الرئيس على الاستقبال الرسمي الذي نحظى به كلما جئنا لزيارتكم؛ وهذا دليل على اهتمامكم بالقضية الفلسطينية، ودعم طموحات شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

أجريت اليوم مباحثات مثمرة مع فخامة الرئيس أردوغان حول مختلف القضايا التي تهم البلدين، ووضعته في صورة آخر التطورات في منطقتنا، وبخاصة نتائج الزيارة الأخير للوفد الأمريكي، والجهود الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب من أجل صنع السلام بيننا وبين الإسرائيليين.  ونحن من جانبنا نؤكد على التزامنا واستعدادنا لعقد صفقة سلام تاريخية تحت رعاية الرئيس ترامب.

إننا نسعى لأن يعيش شعبنا بكرامة وسيادة في دولته الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

وأنتهز الفرصة لأتقدم لكم يا فخامة الرئيس، بالشكر لوقوفكم والشعب التركي بحزم ضد الإجراءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وما أجريتموه من اتصالات وعبرتم عنه من رفضكم لهذه الإجراءات، واعتبارها استفزازاً لمشاعر المسلمين.

ونثمن دعمكم الاقتصادي لإقامة العديد من المشروعات من مستشفيات ومدارس ومساكن في فلسطين، ومشروع إقامة المنطقة الصناعية في جنين.

ونعول على دور تركيا التي ترأس الدورة الحالية للقمة الإسلامية، لتطبيق قراراتها الخاصة بالقدس وبتصويت جميع دول منظمة التعاون الإسلامي في المحافل الدولية لصالح فلسطين.

ومن ناحية أخرى، أطلعت فخامة الرئيس أردوغان على جهودنا لعقد المجلس الوطني الفلسطيني بأسرع وقت ممكن، من أجل حشد طاقات شعبنا الفلسطيني لمواجهة التحديات القادمة التي تواجه القضية الفلسطينية.

كما وأكدنا لفخامة الرئيس على عزمنا لتوحيد أرضنا وشعبنا وإنهاء الانقسام؛ الأمر الذي يتطلب إلغاء اللجنة الإدارية المشكلة من قبل حماس، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها في قطاع غزة، وتنظيم الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن. وأنني أكرر القول بأنه لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة.

فخامة الرئيس، أجدد لكم شكري وتقديري لمواقف الدعم التي نحظى بها من بلدكم وشعبكم الشقيق، متمنين لكم موفور الصحة والعافية والنجاح، ولشعبكم الشقيق دوام التقدم والازدهار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية

عقد في مقر الرئاسة بمدينة رام الله 27 تموز 2017

"مسيحيين ومسلمين، لأن الفضل الأساس لله سبحانه وتعالى، ثم لوقفتهم وصمودهم، وحماية مقدساتهم، ومن أجل أن يحق الحق، ويزهق الباطل".

"الجميع كانوا على موقف رجل واحد، لم يرجف لهم جفن، ولم تفت لهم عزيمة، وإنما كلهم أعلنوا بصوت واحد أن الصلاة في المسجد الأقصى تتم إذا عادت الأمور إلى ما كانت عليه قبل 14 تموز، الآن سنستمع من سماحة المفتي عن الوضع بالضبط، لأنه يفترض كانت هناك دعوات للصلاة، وبدء الصلاة في الفجر؛ ولكن أصرّت المرجعية الدينية، على ألا تكون في صلاة الفجر، إنما ستكون هناك الصلاة اليوم الخميس في المسجد الأقصى".

"هذا يستدعي أن القرارات التي اتخذت كلها، خاصة قرارات الحكومة، سيستمر تنفيذها كما كانت؛ لأن ما يهمنا هو استمرار دعم أهلنا، وصمودهم في أرضهم، في بيتهم، وفي وطنهم، في القدس الشريف إن شاء الله".

"على ضوء ما يجري في القدس نواصل نقاشنا، نواصل بحثنا، وما هي رؤيتنا للمستقبل، بمعنى لم ينته كل شيء، ونحن قلنا عندما قررنا تجميد التنسيق الأمني، قلنا: إن من جملة الأمور التي نشأت هي قضية الأقصى، وهناك قضايا أخرى لا بد أن نبحثها، أن ندرسها، وعلى ضوء ذلك يتم القرار".

"نستمع إلى فضيلة المفتي محمد حسين، ماذا سيقول لنا فيما يتعلق بالصلاة، وهذا موقف حاسم؛ نذهب للصلاة أم لا نذهب بمعنى، أزيلت كل العقبات، أم لم تزل؟ وإذا أزيلت يقول لنا: أزيلت. ويتولون الصلاة وغيرها، ونتابع بعد ذلك كل ما اتخذناه من قرارات.  اليوم لا يوجد كلام كثير، ولا حديث كثير، سنتحدث فقط عن الصلاة اليوم في المسجد الأقصى؛ وبعد ذلك تجتمع القيادة لتقرر وتدرس باقي الأمور المعلقة الواقفة، لنرَ ماذا يمكن أن نفعل بها، هناك أشياء كثيرة، وكل شيء يبقى على ما هو عليه إلى أن نقرر ما يمكن أن يحصل".

"نفهم أن الصلاة اليوم ستكون في قلب المسجد الأقصى، وعلى ضوء ذلك نحن نتابع الأمور بالتفصيل.  كانت آخر اتصالات لنا مع جلالة الملك عبد الله الثاني أمس ليلًا؛ حيث كنا دائما وأبدًا على اتصال مع الملك عبد الله، ومع أركان القيادة الأردنية، لنتابع أولا بأول ما الذي يجري، ومواقفنا كلها ثابتة ومتناسقة، وفي كل خطوة نتفق مع أشقائنا الأردنيين عليها، كذلك مع جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجلالة الملك محمد السادس، ومع تركيا، كنا دائما على اتصال معهم، هذه الاتصالات سنستمر بها، سنستمر في متابعة ما يجري في الجامعة العربية وفي القمة الإسلامية والأمم المتحدة".

"اعتقد أننا يجب أن نولي اهتمامًا أكثر هذا العام لما يجري في الأمم المتحدة؛ لأننا نستطيع أن نحقق الكثير من الإنجازات؛ وهذه الإنجازات ستكون لها تراكمات على الارض".

"الصلاة ستتم اليوم في داخل المسجد، وبعد ذلك سنستمر في جهودنا؛ القصة لم تنته، خطوة خطوة؛ ماذا يجري".

كلمة الرئيس محمود عباس أمام المئات من أبناء القدس الذين حضروا إلى مقر الرئاسة برام الله

  تحت شعار "القدس تنتصر" بتاريخ 5 آب 2017

تحية وإكبار وتقدير للقدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وتحية لكل أهل القدس رجالًا ونساءً وشيوخًا وأطفالًا.  تحية لكل أطياف أهل القدس مسحيين ومسلمين. وتحية للوحدة الوطنية التي تألقت في أبهى صورها في الأيام الأخيرة بالقدس؛ لتعلم الجميع درسًا في الوحدة الوطنية.  تحية لكل شهداء القدس الذين سقطوا في سبيل الله والأقصى والكنيسة.  تحية للجرحى، ونتمنى لهم الشفاء، وتحية للأسرى.

تحية لروح الأخ المناضل فيصل الحسيني؛ وتحية للشهيد الكبير، شهيد القسطل، عبد القادر الحسيني.  وتحية  خالصة لروح مفتي فلسطين الأكبر، حامي حمى عروبتها (محمد أمين الحسيني)، الذي لا يمكن أن ننسى أفضاله ونضاله وتاريخه؛ فهو الذي قضى عمره دفاعًا عن فلسطين، فسمي مفتي فلسطين الأكبر، وحامي حمى عروبتها.

تحية لكم جميعًا أيها الإخوة القادمين من القدس؛ وأقول لكم: صدق سيادة الأرشمندريت عبد الله بلو عندما قال: طلبنا منك، طلبنا من القيادة، والقيادة لبت.  نعم هكذا حصل، بمعنى عندما اشتدت الأمور جاءت وجوه القدس إلينا، وقلنا لهم: ما هو موقفكم؟ قالوا: العودة إلى 14 تموز. فقلنا: نحن معكم، ونقف معكم، ونؤيدكم، ونؤيد نضالكم، ونحترم هذا الإصرار وهذا التصميم وهذه الشجاعة وهذه الحكمة وهذا الصبر الذي جعلكم تُصَلُّون على قارعة الطريق؛ أو ندخل المسجد كما نريد بكرامتنا؛ ودخلتم؛ إذا نحن كلنا معكم، ونحن أيدنا موقفكم، ونحن لم نخذلكم ولن نخذلكم، وسنقف دائما معكم؛ لأن هذه الوقفة التي وقفتها القدس بكل أطيافها، وبكل شيوخها ورجالها ونسائها ورجال دينها لا يمكن أن تنسى؛ ولذلك احترمت من قبل كل العالم: من إخوانكم أولا في الضفة الغربية والـ48 والمخيمات؛ وفي الخارج وفي الدول العربية.  نعم لا ننكر، احترمت هذه الوقفة من قبل الدول العربية الشقيقة، وأولها الأردن (شريكنا في العمل)؛ نعم، لأن الإنسان الذي يقف وقفة رجل، يحترمه الرجال؛ وأنتم وقفتم هذه الوقفة، وأنتم أثبتم أنكم قادرون على الوصول إلى ما تريدون بالإرادة والحكمة والصمود.  ومهم جدا الإرادة والحكمة والشجاعة، ولا ننجر إلى ساحتهم ولا ننجر إلى مربعهم، ولا ننجر إلى ما يريدون؛ نحن نفعل ما نريد وما نؤمن به.  وهذا كان دأبكم؛ ولذلك كل التحية والتقدير لكم يا أهل القدس.  الآن أنتم علمتمونا درسًا، وأقول لكم: علمتمونا درسًا.  نحن قيادتكم؛ صحيح؛ لكن تعلمنا منكم؛ لو لم تكونوا شجعانًا، ولو لم تكونوا حكماء، ولو لم تكونوا رجالًا أوفياء لوطنكم ولبلدكم ولمسجدكم ولكنيستكم لما وقف معكم أحد؛ الآن كل العالم معكم، وكل الأمة معكم؛ وسنسير على هذا الخط، كما قال أخي محمود العالول: هي معركة، ونحن في أول الطريق، وطريقنا طويل، ولا نخدع أحدًا بأن نقول: المعركة طويلة، ونحن جاهزون، ولا ينقصنا شيء، رجال ونساء وأطفال وشباب والكل جاهز.  إننا معكم، ولو لم تكونوا هكذا ما كنا نحن هكذا.

لن نخاف بعد اليوم، وهذه المعركة التي حصلت معركة شرسة ومعركة قوية، ومعركة كان يمكن أن نخسرها في غمضة عين.  لولا إرادة الله أولا ومن ثم لولاكم وما فعلتم.  ولولا صمودكم، وأذكر الاجتماعات التي عقدناها للقيادة الفلسطينية؛ كان يحضر إخوتنا ممثلو القدس، ونحن نقول لهم: ماذا لديكم؟ فيقولون: هذا ما لدينا، فكل القيادة لا تعقب إلا بكلمة واحدة وهي (نحن معكم)، وهذا الذي جعلنا نحقق هذا النصر؛ ولذلك علينا أن نشد النواجذ عليه وأن نحافظ عليه، وأن لا يفلت من بين أسناننا وأيدينا؛ من أجل نصر آخر، ومن أجل خطوة أخرى؛ فالخطوات طويلة وصعبة ومريرة؛ فنحن منذ 52 سنة تحت الاحتلال، و70 سنة في التشرد؛ لكن مع ذلك، لم نيأس، ولن يهدأ لنا بال؛ وما زالت إرادتنا كما كانت في أولها؛ المهم أن نستمر في هذا، وألا يقولوا لنا: ضاعت القضية.  هنا باقون، ولن نخرج من هذا البلد؛ والخطأ الذي ارتكبناه عام 1948 لن يتكرر، وشعارنا الآية الكريمة "اصبروا وصابروا ورابطوا"، ونحن المرابطون.

كلنا مرابطون، وكل تحية للمرابطين والمرابطات الصامدين الصابرين والصامدات الصابرات؛ كلكم كنتم على قلب رجل واحد، وكلكم فعلتم ما يجب أن يفعل، وقمتم بما يجب أن يقام به؛ لذلك كل الشعب الفلسطيني والأمة العربية والعالم يحيونكم، ويقولون: نعم الشعب الفلسطيني صمد وصبر ونال، ولكن عليك أن تستمر، فإذا توقفت لحظة واحدة خسرت، وإذا قمت بالعمل في غير وقته، خسرت أيضًا.  وما حصل في القدس جاء في وقته وتوابعه من قرارات جاءت في وقتها؛ فمن استعجل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه؛ فأصيب الكل بذهول؛ فقلنا: عملنا ما يجب أن نعمله، ونحن لا نهرج؛ فجاء الأمر في وقته، وكل القرارات التي ذكرت بمناسبة القدس من العودة إلى ما قبل 14 تموز، جاءت في وقتها؛ وهذه القرارات مستمرون بها وصامدون عليها؛ ولكن الأهم من كل هذا؛ وأكرر مرة أخرى: باقون هنا، رغم الاستيطان وهدم المنازل والاعتداءات والأسر.

القضية بأيديكم، ونحن هنا باقون، ولن نسكت لهم؛ وإنما باستخدام العقل والحكمة، والعمل الصحيح في الوقت الصحيح تصل إلى الهدف الصحيح.

وفي هذه المناسبة، وجهنا نداءً أسميناه "نداء القدس" من أجل أن يستغل من يريد أن يستغل، أو من يحب أن يستغل، الظرف المناسب للوحدة الوطنية.  وحتى أضعكم في الصورة: نحن منذ الانقلاب الأسود ونحن هدفنا الأول والأخير الحصول على المصالحة الوطنية الفلسطينية؛ ونريد الوصول للوحدة الوطنية بالطرق السلمية وهي الاحتكام للشعب؛ وعقدنا مئات الاجتماعات، وبينها عشرات الاتفاقات للوصول للوحدة الوطنية، إلى أن قامت حماس منذ 3 أو 4 أشهر، وسارت في طريق آخر بدل الوحدة الوطنية بتشكيلها حكومة جديدة، رغم وجود حكومة عملناها نحن وإياهم في 2014؛ ما يعني تشريع وتكريس الانقسام والانفصال؛ فقلنا: هذه الحكومة (اللجنة الإدارية) تُلغى، والحكومة التي شكلت بيننا وبينكم، واتفقنا معكم على اسم كل وزير، تذهب لتمارس عملها حسب الاتفاق، ونذهب للاحتكام للشعب في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وأمهلناهم أسبوعًا، فطلبوا بعدها الجواب منا! فلذلك وجهنا نداء القدس والأقصى، بأنه آن الأوان للوحدة الوطنية.

نحن منذ ما قبل الانقلاب، ونحن ندفع مليار ونصف مليار دولار سنويًا (50% من الميزانية) لقطاع غزة، وهذا ليس منة على أحد، وهو واجبنا، واستمرينا في ذلك من أجل الوحدة الوطنية.  وعندما شكلوا هذه الحكومة، قلت إنني سأوقف هذه المبالغ تدريجيًا، خطوة بخطوة؛ وهناك من دول العالم من تكلم معنا لماذا نفعل ذلك؟،  فقلنا: إن هناك سببًا ونتيجة: السبب هو الحكومة؛ والنتيجة هي القطع؛ فعندما يلغون الحكومة سيلغى القطع.

مبادرة القدس ما زلنا متمسكون بها؛ ولكن نريد جوابًا.  وهناك الكثير حريصون على الانقلاب، ولا يريدون دولة فلسطينية موحدة؛ ولذلك هم مصممون على أن يبقى الوضع كما هو عليه؛ لأننا لا نقبل أن تكون هناك دولة فلسطينية دون غزة، ولا دولة فلسطينية في غزة؛ إذا الحل (من وجهة نظرهم) أن يبقى الحال كما هو عليه؛ وبالتالي هذا هو المطلوب؛ فتذكرت الشرق الأوسط الجديد وما يسمى "الربيع العربي"؛ وهو ليس ربيعًا وليس عربيًا؛ هو دمار للأمة العربية؛ فاشتغلوا فينا، وعندنا يوجد غزة منفصلة؛ ويجب أن تبقى كذلك حتى لا تقوم الدولة الفلسطينية؛ ومن هنا نرى من يدافع بحماسة بالغة عن هذا الموضوع.

لن نسمح بأن يستمر هذا؛ إما أن تسير الأمور كما يراد لها، وكما هي الحقيقة؛ وإما أن نستمر بخصم هذه الأموال التي أصبحت حرامًا على حركة حماس.  والكهرباء في قطاع غزة التي يتكلمون عنها رأيتم أين تذهب؛ ساعتين للمواطن العادي، والبقية للمسؤولين وأنفاقهم 24 ساعة.

أقول مرة أخرى: تحية للقدس، أهلًا وشعبًا وأرضًا وحجارةً ونباتًا وترابًا ورائحةً طيبة.  رائحة القدس طيبة؛ هي العاصمة الأبدية لفلسطين، ويجب أن تبقى العاصمة الأبدية، ولن تكون هناك دولة فلسطينية دون القدس عاصمة لها.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام قمة الاتحاد الإفريقي في دورته التاسعة والعشرين

المنعقدة في أديس أبابا 3 تموز 2017

أصحاب الجلالة والفخامة والدولة والمعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

يطيب لي لقاؤكم مجدداً، شاكراً لكم دعوتكم الكريمة لحضور هذه القمة، ودعمكم لحقوق شعبنا، وقضيته العادلة في الهيئات والمحافل الدولية، وكلنا أمل وثقة بأنكم ستحافظون على مواقفكم المنسجمة مع مبادئ الحق والعدل.

وأود هنا أن أبارك لكل من جمهورية غينيا الاستوائية، وجمهورية ساحل العاج على انضمامهما لمجلس الأمن مع مطلع العام 2018، إلى جانب إثيوبيا، التي نهنئها بانتخاب وزير خارجيتها السابق، رئيساً لمنظمة الصحة العالمية.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

إننا نشيد بتسارع خطواتكم، لتحقيق التنمية المستدامة، وتطوير الأنظمة الاقتصادية، وتمكين المرأة والشباب، إلى جانب جهودكم في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني في القارة الإفريقية، ونتمنى مزيداً من الرخاء والاستقرار والتقدم لاتحادكم العتيد ودوله الأعضاء، التي تخطو خطوات ثابتة وحثيثة نحو تحديث أنظمتها، وسبل تعاونها وانفتاحها على اقتصاديات وأنظمة دول العالم أجمع، وبما يعود بالخير والمنفعة على دول قارتكم العملاقة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

لقد كانت دول إفريقيا واتحادها العتيد وما زالت، نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة.  ونحن في نضالنا اليوم، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم من قضيتنا، واستمرار التشاور بيننا كأصدقاء وحلفاء تاريخيين.

إن محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي للمشاركة في مؤتمراتكم الإقليمية، وترتيب مؤتمرات قارية لها، يشجعها على الاستمرار في غطرستها، واحتلالها لفلسطين، وإنكارها لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة والاستقلال، هذه القيم والمبادئ الإنسانية الأساسية، التي تؤمنون بها أنتم، وآمن بها من قبلكم قادة إفريقيا العظام الذين ضحوا في سبيل حرية قارتكم ودولكم وشعوبكم، آملين أن يتم ربط أي تقدم في علاقة القارة بإسرائيل بمدى التزامها بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

تعلمون بأن هذا العام يسجل مرور خمسين عاماً على احتلال إسرائيل لأرض دولة فلسطين عام 1967، ويصادف انقضاء تسعة وستين (69) عاماً على تشريد نصف شعبنا من أرضه، بفعل المجازر التي ارتكبتها إسرائيل لحظة قيامها في العام 1948؛ وما زالت لم تعترف بمسؤولياتها الأخلاقية عن هذا الظلم التاريخي الذي وقع جراء تشريد شعب بأكمله إلى المجهول، ناهيكم عن المعاناة اليومية، التي يعيشها شعبنا تحت الاحتلال.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

إن هذا بعضٌ من الواقع المرير الذي نعيشه، والذي نتطلع لدعمكم لوقفه وتغييره، وذلك باستخدام الوسائل السلمية والدبلوماسية، واللجوء للهيئات والمؤسسات الدولية، من أجل الحفاظ على حقوقنا الوطنية، وتطبيق "حل الدولتين" (فلسطين، وإسرائيل)، لتعيشا جنباً إلى جنب في أمن وسلام وحسن جوار.

إننا نسعى لبناء الجسور مع إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية، والأمن والسلام للجميع، بدلاً من بناء جدران الفصل العنصري؛ لذلك فإن مواصلة تصويت بلادكم لصالح قرارات فلسطين سيحمي "حل الدولتين" ويساهم في الحفاظ على حقوق الطرف المحتل (فلسطين)، إلى أن يتم تحقيق السلام؛ فحل قضية فلسطين حلاً عادلاً هو مفتاح السلام، وسيسهم بلا شك في نزع ذرائع المجموعات الإرهابية في المناطق المحيطة بنا، وسيجلب الخير للمنطقة ولمستقبل أجيالها، وللأمن والسلم العالميين.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

تلوح بارقة أمل جديدة، لصنع السلام مع التحرك المبكر لفخامة الرئيس ترامب وإدارته، من أجل صنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ وإن هذا التحرك قد جاء في وقته؛ وقد أكدنا للرئيس ترامب، خلال لقاءاتنا معه في البيت الأبيض وبيت لحم، استعدادنا التام للعمل معه، من أجل عقد صفقة سلام تاريخية بيننا وبين الإسرائيليين، وفق "حل الدولتين"؛ ونحن في انتظار أن تستجيب إسرائيل لهذه المبادرة، وقد أكدنا كذلك للرئيس ترامب استمرار شراكتنا الكاملة معه لمحاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم.

السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،

ونحن إذ نهنئكم بانعقاد هذه القمة، لنتمنى لكم تحقيق كل ما تتطلعون إليه من خير ورخاء وتقدم لبلدانكم وقارتكم وشعوبها، مؤكدين لكم مجدداً على جاهزيتنا واستعدادنا التام، لتعزيز علاقات التعاون والشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارات مع اتحادكم العتيد ودوله الصديقة، وتبادل الخبرات في مجالات الزراعة، والصحة، والطاقة النظيفة؛ إضافة للتعاون في المجال الأمني وفي مكافحة الإرهاب؛ وذلك من خلال الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي.

أحييكم، وأتمنى لكم جميعاً موفور الصحة والسعادة؛ ولشعوبكم وبلدانكم مزيد الرخاء والتقدم؛ ولاتحادكم الإفريقي؛ ولهذا البيت الجامع لدولكم الأعضاء، النجاح للمضي قدماً بإفريقيا نحو الآفاق الرحبة في البناء والتنمية وتحقيق أهدافكم المنشودة.

 

 

 

 

 

 

كلمة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب  في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم 23 أيار 2017

فخامة الرئيس الصديق العزيز دونالد ترامب، يسعدني الترحيب بكم في فلسطين مهد المسيح، والتي انطلقت فيها رسالة المحبة والسلام والتسامح إلى أرجاء العالم.

اسمحوا لي أن أدين العمل الإرهابي البشع في مدينة مانشستر البريطانية، والذي راح ضحيته العشرات من القتلى والجرحى. أتقدم بالتعازي الحارة إلى رئيسة وزراء بريطانيا وأسر الضحايا والشعب البريطاني.

إن لقائي بكم في البيت الأبيض مطلع الشهر، منحنا والشعب الفلسطيني، وبعث الكثير من الأمل والطموح في إمكانية تحقيق حلم طال انتظاره، ألا وهو السلام القائم على العدل.

إن نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله هو مفتاح السلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، حتى ينعم أطفال فلسطين وإسرائيل بمستقبل آمن مستقر مزدهر. نجدد التأكيد على التزامنا بالتعاون من أجل صنع السلام وعقد صفقة سلام تاريخية بيننا وبين الإسرائيليين، كما ونجدد التأكيد على استعدادنا على مواصلة العمل معكم كشركاء في محاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم.

وفي هذا السياق، أشيد بأهمية انعقاد القمة العربية الإسلامية الأميركية، وما توصلت إليه من نتائج.

فخامة الرئيس،

نؤكد لكم مرة أخرى على موقفنا باعتماد "حل الدولتين" على حدود 1967، دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وأمان وحسن الجوار، وحل قضايا الوضع الدائم استنادا إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، واحترام الاتفاقيات الموقعة؛ الأمر الذي يمهد الطريق لتطبيق مبادرة السلام العربية، وفق ما تم إعادة التأكيد عليه في القمة العربية الأخيرة في الأردن.

فخامة الرئيس،

كما شاهدتم، فبالأمس خلال زيارتكم التاريخية للأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة، واليوم في بيت لحم، فإن الصراع ليس بين الأديان، فاحترام الأديان والرسل جزء أصيل من معتقداتنا، ونحرص على فتح باب الحوار مع جيراننا الإسرائيليين بأطيافهم كافة، وذلك من أجل تعزيز الثقة، وخلق فرصة حقيقية للسلام.

مشكلتنا الحقيقية مع الاحتلال والاستيطان، وعدم اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، كما اعترفنا بها؛ الأمر الذي يقوض تحقيق حل الدولتين.

وعلى قضية أسرانا الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ أكثر من شهر، على بعد أمتار من هنا بجوار كنيسة المهد وفي كل مكان في فلسطين، تعاني أمهات وعائلات الأسرى من عدم تمكينهم من زيارة أبنائهم، فمطالبهم إنسانية وعادلة، وإنني أطالب الحكومة الإسرائيلية بالاستجابة لهذه المطالب الإنسانية المشروعة.

إن تحقيق السلام يا فخامة الرئيس، سيفتح الأفق واسعًا أمام النهوض باقتصادنا واستكمال بناء مؤسساتنا الوطنية، على أساس سيادة القانون في ظل روح التسامح والتعايش، ونشر ثقافة السلام، ونبذ العنف والتحريض، وبناء الجسور بدلا من الأسوار داخل أراضينا.

مرة أخرى، أحييكم أطيب التحية، فخامة الرئيس والوفد المرافق لكم، أرحب بكم في فلسطين، الأرض المقدسة، متمنيا لكم النجاح في جولتكم الهامة التي ستقودكم للقاء قداسة البابا فرانسيس، الذي نقدر جهوده المتفانية من أجل السلام، راجيا لكم النجاح وللشعب الأميركي الصديق دوام الصحة.

سيدي الرئيس، نتمنى أن يسجل التاريخ أن الرئيس دونالد ترامب، هو الرئيس الأميركي الذي حقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
سيدي الرئيس، أنا أمد يدي لك لأكون شريكا في هذا المسعى النبيل.

كلمة الرئيس محمود عباس ألقاها في المركز الثقافي الإسلامي الهندي بحضور قيادات الأحزاب وأعضاء البرلمان وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين وعدد من الشخصيات الاعتبارية الهندية 15 أيار 2017

سعادة الأستاذ سراج الدين  قريشي، رئيس المركز،

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

يسرني أن ألتقي بكم اليوم هنا في هذا الصرح الثقافي الإسلامي الهندي، الذي هو تجسيد حقيقي لفكر ورؤية الزعيم الهندي العظيم المهاتما غاندي الذي أسس الدولة الهندية على فكرة التعددية الدينية والثقافية، ليحفظ للأمة الهندية وحدتها واستقرارها ونسيجها الاجتماعي.

فالهند اليوم، دولة ذات وزن كبير في الساحة الدولية، واستطاعت أن تبني بلاداً متقدمة، واقتصاداً قوياً في زمن قصير، فهنيئاً لكم، أيها الأصدقاء في الهند بهذه النجاحات، وهذه التعددية السياسية والديمقراطية الرائعة.

أصحاب السعادة،

كما تعلمون سألتقي غداً فخامة الرئيس برناب موخرجي، وكذلك دولة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لكي نعمل معاً من أجل تطوير وتعزيز العلاقات بين بلدينا وشعبينا الصديقين.

إن سروري كبير بوجودي في الهند، وبلقاء هذه النخب من البرلمانيين، والسياسيين، ورجال الاقتصاد، والدبلوماسيين الهنود، وكذلك بلقاء السفراء العرب المعتمدين لدى جمهورية الهند الصديقة، وهذه هي زيارتي الخامسة للهند، منذ أن توليت مقاليد الرئاسة في دولة فلسطين عام 2005، وهذا إنما يدلّ على عمق علاقات الصداقة التاريخية الراسخة القائمة بين بلدينا وشعبينا، والتي سنظل على الدوام نحرص على نموها وازدهارها.

إننا في فلسطين حريصون على تطوير العلاقات الثنائية مع الهند الصديقة، وحريصون على تبادل الأفكار ووجهات النظر حول مختلف القضايا، ووجودي هنا اليوم هو فرصة طيبة لأطلع من خلالها دولة رئيس الوزراء، وفخامة الرئيس، على آخر المستجدات السياسية في فلسطين، وفي الإقليم.

ولعلكم تعلمون، أيها الأصدقاء، أنني منذ حوالي الاسبوعين قمت بتلبية دعوة لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عقدت لقاءات ناجحة مع فخامة الرئيس دونالد ترامب، وقد اتفقنا على التعاون من أجل التوصل إلى صفقة سلام تاريخية بيننا وبين الإسرائيليين.

وقد استقبلت في التاسع من هذا الشهر، فخامة الرئيس الألماني شتاينمير في رام الله، حيث أكدنا على أهمية دور ألمانيا والاتحاد الأوروبي في دعم جهود السلام في منطقتنا. كما أنني قادم من روسيا، حيث بحثت مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين آخر التطورات في منطقتنا، ودور روسيا الهام في دفع جهود السلام بيننا وبين الإسرائيليين.

إن ما نسعى إليه هو تطبيق حل الدولتين على حدود 1967، أي دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، بعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.

وفي ظل التزامنا ورغبتنا في صنع السلام، والتوصل لاتفاق، فإننا نأمل أن يستجيب رئيس الوزراء الإسرائيلي لهذه الدعوة لتحقيق السلام، وكما قلت ذلك من قبل مراراً وتكراراً، فإنني أجدد القول بأننا جاهزون، ونمد أيدينا للوصول إلي السلام المنشود، ونقول بشكل واضح، إنها فرصة ثمينة يجب أن يلتقطها الجانب الإسرائيلي قبل فوات الأوان.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

نحن تواقون للحرية والسلام، ونأمل أن يتم إيجاد حلٍّ ينهي هذه الحقبة السوداء من الاحتلال الاسرائيلي لأرض دولة فلسطين منذ خمسين سنة وإلى اليوم.

وقد أصبح واضحاً للجميع، أن حلّ قضية فلسطين، وإنهاء الاحتلال، سيساعد كثيراً في مواجهة الإرهاب في المنطقة، فتحقيق العدالة أساس للنجاح في محاربة الإرهاب، الذي تمارسه المجموعات الإرهابية كداعش، وسواها من المجموعات المتطرفة في منطقتنا، والتي ندين جميع أعمالها، الوحشية والإجرامية، ويجب أن يتعاون الجميع في العالم لمحاربتها واجتثاثها.

إن منطقة الشرق الأوسط، تعيش حالة من عدم الاستقرار، وتفجر النزاعات، ولا سيما بعد ما يسمى بالربيع العربي، الذي أعتبره وبالاً على هذه المنطقة وشعوبها، وقد ألحق أفدح الأضرار باستقرارها ووحدتها، وتماسك نسيجها الاجتماعي، وأودى بمئات الآلاف من الضحايا الأبرياء، وأدى إلى موجات الهجرة التي نشهدها هذه الأيام.

وقد دعوت منذ البداية إلى الحوار بين أبناء الدولة الواحدة، للخروج من الأوضاع الراهنة والخطيرة، وعلى نحو يضمن وحدة الأراضي، وأعتبر ذلك ضرورة لابد منها، وما نقوله عادة إزاء هذا الموضوع هو أننا ضد العمل العسكري وضد التدخلات العسكرية في حل الخلافات لأنها تفاقم الوضع وتجعل التوصل للحلول بعيد المنال، فنحن مع إنهاء كل هذه الخلافات من خلال الحوار والعمل السياسي.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

أتوجه إليكم اليوم معولاً على أهمية دوركم كنخب سياسية وبرلمانية، ورجال اقتصاد وفكر وثقافة وإعلام، من أصدقائنا في الهند الموجودين معنا اليوم للعمل على إبراز أهمية تعزيز العلاقات الفلسطينية الهندية، فالهند بلد كبير وهام بشعبه وقدراته واقتصاده وتجربته السياسية وهي صاحبة مكانة هامة على المستوى الدولي، ونحن ظللنا ولا زلنا نحرص طوال مسيرة علاقاتنا التاريخية لأن يكون هناك دور للهند في صنع السلام في منطقتنا، وفي دعم عدالة قضيتنا، ودعم حق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني؛

وقد اضطلعت الهند بهذا الدور، ونتطلع بل نريد لدورها أن يستمر، ونرغب في خلق علاقات تعود بالنفع على الاقتصادين الهندي والفلسطيني معاً، ولدينا فرص واعدة لتحقيق ذلك، وما علينا إلا أن نستثمرها بالشكل الصحيح.

أيها الأصدقاء، إن بناء مؤسساتنا الوطنية في فلسطين يقوم على أساس قوي من سيادة القانون، وبناء ثقافة السلام والتسامح، مع بناء اقتصاد حر وقوي وآمن.

وقد أقمنا العديد من المنشآت الاقتصادية، ومؤسسات الدولة، ونعمل على بناء قاعدة هامة للتكنولوجيا من خلال إقامة التكنوبارك "الحديقة التكنولوجية الفلسطينية الهندية"، والتي جاءت تبرعاً نبيلاً ومشكوراً من الحكومة الهندية، ونحن أيضاً نناقش تعزيز هذا الصرح بمزيد من العلاقات والتعاون في مجالات التكنولوجيا وسواها من المجالات الأخرى، التي تم توقيع العديد من الاتفاقات الثنائية فيها.

ولعل من أهم فرص التعاون الاقتصادي بين الهند وفلسطين، التعاون وبناء الاتفاقيات في مجال السياحة، وبخاصة السياحة الدينية إلى فلسطين التي تضم المقدسات للديانات السماوية، حيث يمكن لوكالات السياحة الهندية والفلسطينية أن تؤسس تعاوناً مثمراً في هذا المجال الهام.

أيها الأصدقاء الأعزاء،

أشكركم على دعوتكم لي لزيارة هذا المركز الثقافي المرموق، متمنياً أن يظل هذا الصرح عامراً بمديريه وباحثيه وإدارته الموقرة وبجهود البروفيسور سراج الدين، ونأمل أن نطور علاقات عمل تفاعلية معكم ومع مؤسساتنا الشبيهة.

كما وأعبر عن خالص التحية والتقدير العميق لكل الحضور الكريم، الذي سررت بالتحدث إليهم، راجياً للجميع دوام الصحة والسعادة والتوفيق.

عاشت الصداقة الفلسطينية – الهندية.

كلمة الرئيس محمود عباس لأبناء شعبنا الفلسطيني في الذكرى 69 للنكبة 15 أيار 2017

"نحيي اليوم وإياكم الذكرى التاسعة والستين للنكبة، نكبة عام 1948 ليست ذكرى من الماضي وانتهت، وإنما هي الذكرى الأليمة والمستمرة في حياتنا، فشعبنا الفلسطيني الذي دفع ثمن تاريخ ليس تاريخه، لا يزال يتعرض للظلم ذاته، الذي بدأ منذ أكثر من مائة عام مع ظهور الصهيونية وروايتها الكاذبة، التي أنكرت وجودنا على أرضنا، ولا تزال تتنكر لحقوقنا الوطنية المشروعة المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية.

وفي هذه الذكرى الأليمة، لا بد من التأكيد أن الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا وما يزال يتفاقم، وقد بدأ من الناحية العملية مع وعد بلفور المشؤوم، ومن هنا، فإننا ندعو الحكومة البريطانية، إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية، بأن لا تقوم بإحياء الذكرى المئوية لهذا الوعد الباطل والاحتفال به، وإنما عليها أن تبادر بدلاً من ذلك بتقديم الاعتذار لشعبنا الفلسطيني الذي دفع ثمناً باهظاً دماً وتشرداً، نتيجة لهذا الوعد المشؤوم وتنفيذه على حساب أرض وطننا التاريخي وعل حساب شعبنا وحقوقه المشروعة.

إن شعبنا لن يطوي صفحة النكبة، إلا بعد أن يتم الاعتراف بكامل حقوقه الوطنية المشروعة دون نقصان أو استثناء وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

لقد أوضحنا في المناسبات كافة أن السلام هو خيارنا الاستراتيجي، ولكن ليس بأي ثمن، إنما هو السلام العادل و الشامل، على أساس قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، بما يضمن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض بموجب القرار 194.

اليوم ونحن نحي ذكرى النكبة فإننا لن ننسى أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال الذين يخوضون معركة الحرية والكرامة متوجهاً إليهم بتحية إجلال وتقدير، ونؤكد لهم أنه لن يهدأ لنا بال حتى ينال جميعهم الحرية ويعودوا إلى أهلهم وأسرهم مرفوعي الرأس، وهنا أدعو المجتمع الدولي للتدخل والضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل تلبية مطالبهم الإنسانية المشروعة والعادلة، تمهيداً لإطلاق سراحهم جميعاً دون شرط أو استثناء.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم إن كفاحنا وصمودنا على أرض وطننا، وإصرارنا على التمسك بحقوقنا الوطنية هو العامل الحاسم الذي سيقودنا حتماً نحو الحرية والاستقلال، مؤكدين على استخلاص الدروس والعبر من النكبة خاصة في ظل هذه التحديات الخطيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، لذلك نجدد الدعوة إلى ضرورة إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني من أجل مجابهة التحديات كافة، لأن وحدتنا الوطنية هي مبدأ مقدس وبها ومن خلالها سيحقق شعبنا آماله وطموحاته وبناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

المجد لشهدائنا الأبرار

الحرية لأسرانا الأبطال

عاشت فلسطين حرة مستقلة

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الروسية موسكو 11 أيار 2017

فخامة الرئيس فلاديمير بوتين،

السيدات والسادة،

أسعدني اللقاء بكم اليوم، يا فخامة الرئيس، وقد عقدنا جلسة محادثات طيبة معكم، بهدف تطوير العلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا الصديقين؛ وهي علاقات تاريخية ومتينة؛ فروسيا ظلت على الدوام صديقًا كريمًا وداعمًا لفلسطين في المحافل والهيئات الدولية كافة.

ونحن لا ننسى أبدًا أن روسيا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين على المستوى الدولي.  ونحن نحرص كل الحرص على المزيد من التنمية والتطوير لعلاقاتنا الثنائية، وتنشيط عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين.

وبهذه المناسبة، نتقدم بالشكر الجزيل على كل ما تقدمه روسيا من برامج لدعم بناء قدرات مؤسساتنا الوطنية؛ وأتقدم اليوم بشكل خاص للرئيس بوتين بالشكر والتقدير على تقديم أكبر مبنى مجهز متعدد الأغراض في بيت لحم، افتتحناه عبر الفيديو كونفرانس اليوم، لخدمة الثقافة والرياضة ورجال الأعمال.

لقد أطلعت فخامة الرئيس على تطورات الأوضاع في فلسطين، جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي المفروض على شعبنا وأرضنا، والاستيطان، وسياسات الخنق الاقتصادي، واستمرار احتجاز آلاف الأسرى في السجون الإسرائيلية؛ الأمر الذي من شأنه تدمير فرص صنع السلام في منطقتنا؛ بل ويقوض فكرة "حل الدولتين".

وأود هنا أن ألفت النظر لضرورة تحقيق المطالب الإنسانية لآلاف الأسرى المضربين عن الطعام، والذين نبذل كل الجهود من أجل إطلاق سراحهم جميعًا؛ وهذه قضية هامة يجب الاستجابة لها.

فخامة الرئيس،

إن أيدينا ما زالت ممدودة لصنع السلام الشامل والعادل والدائم، القائم على الحق والعدل، وقرارات الشرعية الدولية.  وقد سبق أن رحبنا بالدعوة منذ سنوات لعقد مؤتمر دولي للسلام في موسكو، وكذلك رحبنا بدعوتكم لعقد اجتماع ثلاثي، في موسكو؛ وعلى استعداد لتلبية هذه الدعوة في أي وقت؛ لما لروسيا الاتحادية من دور محوري على الساحة الدولية، وفي جهود السلام في منطقتنا.

ومنذ أسبوع، قد لبيت دعوة الرئيس الأميركي ترامب لزيارته في البيت الأبيض، وأبديت استعدادنا الكامل للتعاون معه، وبذل كل الجهود من أجل عقد صفقة سلام تاريخية تنهي الصراع بيننا وبين الإسرائيليين، ونحن نرحب برغبة الرئيس ترامب المساعدة في إيجاد حل للصراع بيننا وبين الإسرائيليين.

وقد تداولت مع فخامة الرئيس بوتين في مجمل الأوضاع في المنطقة.  ونحن نثمن جهود روسيا لمحاربة الإرهاب، والمساعدة في إرساء الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وبما فيها سوريا؛ ونحن منذ البداية دعونا لحل أزمات المنطقة بالحوار من أجل الحفاظ علـى وحدة وسلامة أراضي تلك الدول.

إننا نتطلع، يا فخامة الرئيس، وبما لكم ولروسيا الاتحادية من مكانة وتأثير في الدفع بجهود السلام قدمًا إلى الأمام، وتمكين شعبنا الفلسطيني من التمتع بحريته وسيادته في دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، إلى جانب دولة إسرائيل، الأمر الذي سينهي الاحتلال الذي وقع علينا منذ خمسين عامًا.

وإننا نؤمن بأن محاربة الإرهاب والتطرف هي مسؤولية دولية، ونحن من جانبنا ملتزمون بها، ونعتقد أن نيل شعبنا لحريته واستقلاله سيسحب الذرائع من المتطرفين، وسيساهم في إرساء قواعد الأمن والسلام في منطقتنا.

مرة أخرى، أجدد التعبير لفخامتكم عن شكرنا الجزيل، وتقديرنا العميق على حفاوة الاستقبال، متمنين لكم موفور الصحة والسعادة، ولروسيا الاتحادية وشعبها الصديق دوام الرخاء والتقدم، ولعلاقات الصداقة الفلسطينية– الروسية التاريخية والعميقة المزيد من النمو والازدهار.

وعاشت الصداقة الفلسطينية– الروسية".

كلمة الرئيس محمود عباس خلال حفل استقبال أقيم على شرفه اليوم الخميس وأمه العديد من الشخصيات الأميركية البارزة ومجموعة من الدبلوماسيين والسفراء في واشنطن 4 أيار 2017

أرحب بكم جميعًا وأشكركم على تلبية دعوتي لحضور حفل الاستقبال هذا.

أعبر اليوم عن سعادتي بلقاء الرئيس ترامب والاجتماع الهام والناجح الذي جرى بيننا، وأريد أن أتقدم له بمزيد من الشكر والتقدير على استقبالنا واهتمامه البالغ بإنجاح هذه الزيارة.

وأتقدم بالشكر إلى كل الذين ساهموا في إنجاح هذا الاجتماع والزيارة من الفريقين الأميركي والفلسطيني.

إنني أثمن عاليًا حرص الرئيس ترامب والتزامه بصنع اتفاق سلام تاريخي بين فلسطين وإسرائيل. وأود أن أؤكد لكم، مثلما أكدت للرئيس ترامب، بأن التزامنا بتحقيق السلام القائم على حل الدولتين (دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، ودولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران 1967)، هذا التزام لا يتزعزع؛ ونأمل أن يعم السلام في أرض السلام في أقرب وقت ممكن حتى تنعم به الأجيال القادمة.

أيها السيدات والسادة،،

لقد أجمعت الدول العربية في القمة العربية الأخيرة في الأردن على أولوية حل القضية الفلسطينية من كل جوانبها، وأعادت تأكيد التزامها بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية.  وفي تلك القمة تم الاتفاق مع جلالة الملك عبد الله الثاني وفخامة الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)، على التنسيق الثلاثي في متابعة كل جهد يبذل لإيجاد حل للقضية الفلسطينية.  وكانت زيارتي هذا اليوم متابعة لهذا الاتفاق.

أجدد الترحيب، وأشكر لكم دعمكم للقضية الفلسطينية؛ وآمل أن تكون هذه الزيارة فاتحة خير وأمل لحل القضية الفلسطينية من كل جوانبها.
وضعنا أملنا في الرئيس ترامب؛ وآمل أن نحقق هذا في أقرب فرصة ممكنة.

بالتأكيد سنكون ممتنين للشعب الأميركي لدعمه للسلام في الشرق الأوسط؛ وعند ذلك كلنا سنحتفل بهذا السلام الذي سيحصل إن شاء الله.

كلمة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الثاني لسفراء فلسطين لدى الدول العربية والإسلامية الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة 12 نيسان 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بأخي وحبيبي وصديقي العزيز (الشيخ محمد بن مبارك).

وفي البداية أتقدم بشكر جزيل لأخي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى، على رعايته لهذا المؤتمر وتفضله باستقبالنا أمس؛ فهذه المكرمة تضاف إلى مكرمات البحرين منذ أن نشأت القضية الفلسطينية إلى يومنا هذا، والبحرين تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني؛ فهي تدعمه وتؤيده وتناصره بكل ما تملك من قوة وإمكانات، وما تملك من علاقات في مختلف دول العالم.

البحرين حقيقة صاحبة السياسة والدبلوماسية الحكيمة؛ تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة دون أن تسأل متى وكيف؛ ومن هنا تأتي هذه المكرمة، فهذا المؤتمر يعقد للمرة الثانية في البحرين (مؤتمر سفراء دولة فلسطين).

بالأمس تشرفت بلقاء صاحب الجلالة، وتبادلنا الحديث كالعادة حول مختلف القضايا وتطورات القضية الفلسطينية، وسأل باهتمام بالغ عن آخر هذه التطورات؛ مع العلم بأننا كنا قبل أيام في "قمة البحر الميت"، واستمعت باهتمام إلى كلمته المعمقة التي تحدث بها كالعادة عن قضية فلسطين.

كذلك تشرفنا اليوم، مع وفد من جامعة القدس المفتوحة، بتقليد صاحب السمو (الشيخ خليفة بن سلمان) الدكتوراه الفخرية من جامعة القدس؛ تقديرا لجهوده في دعم الجامعة أو الشعب الفلسطيني؛ لذلك نقول للبحرين: أيها الأخوة الأحباء، نقدر عاليًا مواقفكم العقلية والقلبية الحكيمة، ونقول: نحن معكم؛ نحن مع البحرين ووحدته، ونضال البحرين ضد أي اعتداء عليه أيا كان هذا المعتدي.

أيها السفراء من المفيد أن نتحدث من القلب إلى القلب. نقول لكم: أنتم رسل القضية الفلسطينية إلى الحكومات والشعوب التي تمثلوننا إليها، وإلى كل إنسان يعيش على الأرض التي تمثلوننا فيها؛ بالتالي مهمتكم كبيرة؛ ولا بد أن تواصلوا الليل بالنهار، لتنقلوا إليهم ما هي قضيتكم، وكذلك عدالة قضيتكم ومشاعر الشعب الفلسطيني وإحساسه ومطالبه، دون زيادة أو نقصان.

مهمتكم تكون مثل باقي السفراء؛ لكن يضاف إلى ذلك أنكم تمثلون قضية صعبة؛ فمن واجبكم مواصلة الليل بالنهار لتدافعوا عن قضيتكم.  يضاف إلى ذلك أيضا جهود الجاليات الفلسطينية، فهؤلاء يجب أن يعملوا معكم، ويحملوا العبء معكم لتنقل الصورة الكاملة عن القضية الفلسطينية لهذه الشعوب والأمم.

أيها الإخوة،

الدبلوماسية الفلسطينية خطت خطوات صعبة، ولكنها بطيئة؛ ولكن المهم بأنها خطوات إلى الأمام، وأننا لم نعد إلى الخلف؛ لكي نحقق الهدف، وأقول لكم: القضية الفلسطينية لا تحقق بالضربة القاضية بل خطوة خطوة ولبنة لبنة؛ وعلينا ألا نيأس.

من أهم الخطوات التي حققناها، وهي بارزة، أننا أصبحنا عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة، وتصوروا أنه منذ عام 1947 قيل هناك دولة فلسطينية وإسرائيلية، وقامت إسرائيل ولم تقم فلسطين، وتمر الأيام ويُغيب شعبنا إلى عام 2012؛ وخلال الفترة السابقة، كان هناك جهد واضح لمنظمة التحرير؛ لكن الخطوة الفارقة والبارزة هي "العضو المراقب".  وعلينا ألا نيأس وأن نكون على يقين أن الدولة الفلسطينية ستقوم إذا أحسنا التصرف، واستعملنا الحكمة الدبلوماسية والسياسية، ودون أخطاء، لنصل إلى ما نريد.

إننا حصلنا على "دولة مراقب"، لا صوت لها بالأمم المتحدة؛ وبعد فترة، رفعنا العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة.  قالوا: ما فائدة هذا؟ أقول: إنها خطوة إلى الأمام.  وبعد ذلك حصلنا على قرارات كثيرة في مجلس حقوق الإنسان، وهناك نحو 522 منظمة دولية نستطيع أن نكون أعضاء فيها، وأذكر على سبيل المثال، محكمة الجنايات الدولية.  ونحن نسير إلى الأمام في هذا الموضوع لننضم إلى مزيد من المنظمات، بعد أن أصبحنا أعضاء في نحو 40 منظمة؛ وسنواصل العمل للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعلينا أن نبذل كل جهد ممكن.

لدينا 138 دولة تعترف بنا من أصل 194، وهذا لا يكفي، علينا أن نستمر، وأن نبذل كل جهد ممكن مع كل دول العالم، ولا نستثنى أحدًا لنحصل على اعتراف هذه الدول، ليأتي الوقت لنصبح عضوا في مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة؛ وصولا إلى دولة فلسطين المستقلة المجسدة على الأرض.

أيها الأخوة،

أنتم تعرفون أننا نبني الدولة على الأرض؛ فهناك مؤسسات كاملة ومتكاملة على الأرض؛ فما ينقصنا هو تجسيد الاستقلال، وعلينا ألا نتوانى في تقديم أي شيء؛ وصولا إلى تجسيد الاستقلال.

ويبقى السؤال: ما هي سياستنا التي يجب أن نتبعها؟

أولها- أننا ضد الارهاب والعنف أيا كان مصدره؛ ولدينا على الأقل 45 بروتوكول هدفها محاربة الإرهاب، ولا نخجل أن نقول ذلك؛ لأن الإرهاب ضد الإنسانية وضد الحضارة.

المبدأ الثاني- نحن نؤمن بـ"حل الدولتين"( دولة إسرائيل، ودولة فلسطين)، ودولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ونحن نؤمن بمبادرة السلام العربية، شرط أن تطبق من الأول؛ وليس من الآخر؛ وهذا يعني أن تنسحب إسرائيل؛ لا أن تحصل على التطبيع قبل الانسحاب.

إننا لا نريد دولة لكل سكان أرض فلسطين التاريخية؛ بل نريد أن نرتاح؛ لهم دولة، ولنا دولة.  والمبادرة العربية للسلام تحدثت عن حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194؛ ولا بد من حل جميع القضايا؛ لأننا لا نريد معاهدة سلام باردة؛ نحن نريد أن نحل الصراع؛ وإذا أرادت إسرائيل، فحل الصراع يكون بحل قضية اللاجئين، وهذا بالنقاش على الطاولة، وبدون حلها تبقى القضية معلقة.

الأهم من هذا أن توقف إسرائيل الاستيطان. والمطالبة بوقف الاستيطان لا يعني أن أشرع ما تم بناؤه، الاستيطان منذ 1967 باطل، ونحن نعرف عندما عقدوا معاهدة سلام مع مصر اقتلعوا العديد من المستوطنات، وعندما خرج أرائيل شارون من غزة اقتلع 18 مستوطنة.

نحن مستعدون للحديث عن ترتيبات أمنية، شريطة ألا تكون على حساب سيادتنا، فأن يجلس الجندي الإسرائيلي على التلال أو الحدود مرفوض، وأي مطلب أمني ليس على حساب سيادتنا.

ودليل على أننا نريد الأمن: أننا تبنينا مبادرة السلام العربية التي تتحدث عن التطبيع مع إسرائيل، إن انسحبت من الأراضي المحتلة.

وعندما جاءت الإدارة الأميركية الجديدة وتحدثت معنا، تكلمنا بهذه اللغة، وأكدنا على أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولتنا، وأنه لا مانع أن تكون القدس مفتوحة أمام الديانات الثلاث؛ فهذه مدينة الديانات الثلاث، ولا تُحرم على أحد؛ لكن السيادة لنا.

وفي القمة العربية الأخيرة في البحر الميت، كانت دعوة لجلالة الملك الأردني عبد الله الثاني، ودعوة لفخامة الرئيس السيسي لزيارة الولايات المتحدة؛ ولذلك جلسنا الثلاث، واتفقنا أن نقول كلامًا واحدًا، وذهب الأخوان ونقلا نفس الكلام الذي اتفقنا عليه؛ وسأذهب بعدها إن شاء الله لأعيد التأكيد على ما قالاه، ليستمع الأميركان إلى لغة واحدة، وكل من تحدثوا في القمة العربية تحدثوا بلغة واحدة، وأكدوا على رسالة واحدة. ونحن لا نتحدث أسرارا، وكلامنا كله (على المكشوف).

هناك قضية أود الحديث عنها، وهي: الاحتفال بـ"وعد بلفور"؛ فأنا أقول الجريمة ارتكبتوها وتريدون أن تحتفلوا بها.  فهذا مرفوض من قبلنا، ولذلك رفعنا أصواتنا في "قمة نواكشوط"، وفي الأمم المتحدة، وفي قمة البحر الميت؛ وسنواصل مطالبة بريطانيا بالاعتذار، والاعتراف بدولة فلسطين؛ فهم قالوا: صعب.  نحن أجبنا: إذن سنرفع قضايا عليكم في المحاكم الدولية والمحاكم المحلية.

إن وعد بلفور وعد من لا يملك إلى من لا يستحق.  والأسوأ من هذا، مضمون وعد بلفور الذي قال "إقامة وطن قومي لليهود، وأن الجاليات الأخرى موجودة بالصدفة لها حقوق مدنية ودينية، علما بأن نسبة الجاليات العربية والإسلامية بلغت 98%، فهل هذه بالصدفة!.

إن هذه مؤامرة؛ ومن المهم أن نتعامل معها بحكمة.  وقد تحدثت مع وزير خارجية بريطانيا، وتحدث معه وزير خارجيتنا (رياض المالكي)، وهو قال بعدها: بلفور لم ينصف الفلسطينيين. هذا جيد؛ لكن نريد منهم الاعتذار، وتطبيق توصية مجلس العموم البريطاني بالاعتراف بدولة فلسطين.  ونذكر بأن هناك 11 برلمانا أوروبيًا طالبوا حكوماتهم بالاعتراف بدولة فلسطين.

إن بابا الفاتيكان اعترف بدولة فلسطين، والفاتيكان دولة أوروبية؛ وكذلك السويد اعترفت بنا، هذا جيد؛ لكن نريد خطوات أخرى.

قضية أخيرة أريد أن أتحدث بها، وهي: المصالحة، تعرفون أيها الأخوة أن "حماس" ارتبكت جريمة بحق وطننا بانقلابها عام 2007. ومن ذلك التاريخ نعمل لإنهاء الانقسام وطالبنا الجامعة العربية أن تتوسط؛ وكلفت الشقيقة مصر، وقامت بجهد مشكور، إلى أن حدث خلاف مع حركة "حماس"؛ فلم يعد ممكنا بهكذا ظروف القيام بدور الوسيط. وقد اقترحت قطر بأن تقوم بدور الوسيط؛ ورحبنا بذلك، وتواصلت الاتصالات بهذه الشأن حتى نحو شهرين.

إن "حماس" شكلت حكومة في غزة، هذا يعني أنها شرعت الانقسام، فهي من جهة لم تقبل بالأفكار التي قدمناها من خلال الوسطاء، وأخذت خطوة إلى الوراء وذهبت إلى مجلسها التشريعي لإعطاء الشرعية؛ وهم بذلك شرعنوا الانقسام.

نحن بهذه الأيام، في وضع خطير جدا، ويحتاج إلى خطوات حاسمة، ونحن بصدد أخذ هذه الخطوات؛ لأنه بعد 10 سنوات ونحن نقدم الدعم لأهلنا -وهذا واجب- لكنهم جاءوا بهذه الخطوة المستغربة؛ لذلك سنأخذ خطوات خلال الأيام القليلة القادمة.  وهذا مجمل ما لدي، والسلام عليكم ورحمة الله.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام المجلس العام من المسؤولين في مملكة البحرين ومن فلسطين والوفد الرسمي وأعضاء مؤتمر سفراء فلسطين في الدول العربية والإسلامية، في قصر الصخير بالمنامة  10 نيسان 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب الجلالة الملك،

صاحب السمو ولي العهد،

دولة رئيس الوزراء،

أصحاب المعالي والسعادة،

أشكركم من صميم قلبي، يا صاحب الجلالة، على منحي القلادة الخليفية السامية، التي اعتبرها تكريما أخوياً رفيعاً من جلالتكم ومملكة البحرين وشعبها الشقيق، لفلسطين وشعبها.

وبهذه المناسبة نعرب لجلالتكم عن جزيل الشكر والتقدير على ما تقدمونه من دعم لشعبنا الفلسطيني، وحرصكم الدائم في جميع المناسبات على إظهار أهمية القضية الفلسطينية وضرورة إيجاد حل عادل لها، وكان آخرها كلمتكم السامية في القمة العربية الأخيرة في الأردن.

وهنا نؤكد لجلالتكم وقوفنا إلى جانب مملكة البحرين وشعبها الشقيق، وعلى رفضنا المطلق لأية تدخلات خارجية في شؤونها؛ ونشيد بالجو الإيجابي السائد فيها؛ فالبحرين هي بلد التعايش والوئام، كانت ولا زالت، وستبقى إن شاء الله.

أخي جلالة الملك،

إننا نقدر عالياً رعايتكم لـ"مؤتمر سفراء فلسطين"، الذي سينعقد غداً، وهي لفتة نبيلة نشكركم يا جلالة الملك عليها؛ وهي دليل على عمق العلاقات بين بلدينا وشعبينا الشقيقين.

أخي صاحب الجلالة،

يسعدني في هذه اللحظات التي ستبقى خالدة في ذاكرتنا، ويشرفني باسمي شخصياً، وباسم شعبنا الفلسطيني، الذي يكن لجلالتكم ولبلدكم، وشعبكم الشقيق عظيم التقدير والمحبة، أن نقدم لكم القلادة الكبرى لدولة فلسطين، تقديراً لعطائكم ودفاعكم المخلص عن قضايا أمتكم ومصالحها القومية العليا.

سائلين الله أن يحفظكم وبلدكم وشعبكم، ويديم عليكم نعمة الصحة والسعادة، والتوفيق في قيادة وطنكم نحو المزيد من الرخاء والتقدم والازدهار.

عشتم يا جلالة الأخ الحبيب، وعاشت مملكة البحرين وشعبها؛ وعاشت فلسطين والأخوة الفلسطينية البحرينية؛ وعاشت أمتنا العربية.
والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك ملادن إيفانيتش 16 آذار 2017

سعدت اليوم باستقبال فخامة الرئيس ملادن إيفانيتش، رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، في أول زيارة له لدولة فلسطين.

نرحب بكم، يا فخامة الرئيس، والوفد المرافق لكم، ضيوفاً أعزاء على شعبنا ووطننا.  وإننا على ثقة بأن هذه الزيارة ستعزز العلاقات التاريخية الأخوية القائمة أصلاً بين البلدين، والتي ستظل محل اهتمامنا المشترك، من أجل تطويرها والرقي بها لمستويات أعلى.

لقد أطلعت، فخامة الرئيس إيفانيتش، على آخر التطورات والمستجدات في القضية الفلسطينية، في ظل الجهود والتحركات الدولية الراهنة، وآخرها التحرك من قبل الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس ترامب، والتي ترمي لصنع السلام الشامل والعادل بيننا وبين الإسرائيليين؛ ونحن نرحب بهذه الجهود، وصولاً لحل الدولتين، (فلسطين، وإسرائيل) تعيشان جنباً إلى جنب، في حدود آمنة ومعترف بها.

وهنا لا بد من الإشادة بالجهود الأوروبية، والروسية، والعربية، والدولية الداعمة لنيل شعبنا حريته واستقلاله، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.

ولا يفوتنا، يا فخامة الرئيس، أن نشيد بنموذج التعايش القائم في البوسنة والهرسك، والذي نأمل أن يتعزز ويتواصل للحفاظ على وحدة هذه البلاد الصديقة، التي نتمنى لشعبها وقيادتها مزيداً من الازدهار والاستقرار والنجاح.

نجدد ترحيبنا بفخامتكم، والوفد المرافق لكم، ونتمنى لكم إقامة طيبة في فلسطين، بين أصدقائكم وأهلكم، راجين لكم الصحة والنجاح.

والسلام عليكم،

كلمة الرئيس محمود عباس خلال الاحتفالية الخاصة بانتهاء المراحل الأولى من تدريب موظفي القطاع العام على مدونة السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة 12 آذار 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}

صدق الله العظيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أستهل حديثي إليكم بالتعبير عن سعادتي بمشاركتكم هذه الاحتفالية المتميزة موضوعاً، ومشاركين وشركاء في الإطارين الوطني والدولي، في إطار التكامل بين مؤسساتنا الوطنية؛ من الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم، وهيئة مكافحة الفساد، وديوان الموظفين العام:؛ وبدعم مشكور من مؤسسات دولية حاضرة معنا هنا في هذه الاحتفالية.

وليس لدي أدنى شك، في أن هذه الخطوة التي أنجزتموها اليوم، ستتبعها خطوات وخطوات، في إطار رؤيتنا الوطنية الاستراتيجية لبناء مؤسسات الدولة، وتحقيق أقصى معايير الحكم الرشيد، من خلال الشفافية والنزاهة والمساءلة والتكامل بين القطاعات المختلفة؛ لكي نضمن لدولة فلسطين الصورة المثالية التي نتمناها بعد أن نكون قد تخلصنا من الاحتلال، وحققنا الحرية الكاملة والاستقلال التام لشعبنا ودولته الوطنية.

إن الاحتلال -أيها الأخوة والأخوات- هو العائق الأول في طريق اكتمال صورة الإنجاز الوطني الفلسطيني، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والإدارية والأمنية؛ لكننا رغم ذلك؛ ورغم أن هذا الاحتلال يمنعنا من استثمار كل مواردنا الوطنية، عبر مواصلة سرقة الأرض، وتقطيع أوصال الوطن بالمستوطنات والحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري- استطعنا أن نحقق بإرادتنا الإنسانية المرتكزة على الصمود والصبر والمثابرة والنضال، إنجازات لافتة في بناء مؤسسات دولة القانون التي تليق بتضحيات شعبنا، والتي نسعى من خلال النضال، لتجسيدها في الواقع إلى جعلها شريكاً فاعلاً للمجتمع الدولي من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب؛ بل وفي جميع أرجاء العالم.

أيها الأخوة والأخوات،

إنني إذ أبارك هذه الجهود والإنجازات التي تحققت، لأدعو الجميع إلى الاستمرار في طريق البناء وتطوير القدرات، لتحقيق مزيد من الإنجازات التي ينتظرها شعبنا، مؤكداً أننا لن نسمح لكائن من كان أن يهدم ما بنيناه، أو أن يعيدنا إلى الوراء، ولن ندخر أي جهد لتحقيق ذلك، ولن يكون أحد فوق المساءلة وفوق أحكام القانون؛ وبالذات في قضايا الفساد؛ لا يوجد أحد فوق القانون، والكل تحت المساءلة، ولن يظلم أحد.  وهذه ليست مسؤولية الهيئة فقط، بل مسؤولية الجميع؛ لذلك يجب أن نعمل على متابعة الفساد ومحاربته واجتثاثه من جذوره.

لقد أصبحت دولة فلسطين جزءاً من النظام الدولي، بعد أن حصلت على وضع الدولة في مؤسسات الأمم المتحدة عام 2012، وانضمت إلى العديد من المنظمات والمواثيق والمعاهدات الدولية، بما في ذلك منظمة اليونسكو ومحكمة الجنايات الدولية، والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وغيرها من المؤسسات والمنظمات.  وسوف نستمر في هذا الطريق الذي بدأناه، مؤكدين في هذا المقام أن دولة فلسطين، بمؤسساتها كافة، السياسية والإدارية والأمنية، حريصة على الوفاء بجميع التزاماتها الناجمة عن انضمامها لهذه المواثيق والاتفاقيات الدولية؛ ولا يكفي الانضمام؛ وإنما علينا مواءمة منظومة قوانيننا الوطنية مع متطلبات القانون الدولي، أو بتحقيق أقصى درجة ممكنة من الشفافية والنزاهة والإصلاح في المجالات كافة، بما في ذلك الالتزام الكامل بالممارسة الديمقراطية كأساس للحكم في دولتنا، عبر إجراء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، حالما نتمكن من ذلك؛ وها نحن نستعد في هذا السياق لإجراء الانتخابات المحلية، حيثما كان ذلك ممكناً؛ ولكن الديمقراطية ممكنة في كل مكان؛ لذلك نسألهم: لماذا ترفضون إجراء الانتخابات المحلية، رغم الظروف الاستثنائية التي يعيشها شعبنا؟ آملين أن تستجيب حركة "حماس" لصوت العقل والضمير الوطني، لإنهاء الانقسام عبر صناديق الاقتراع، التي هي الضمانة الوحيدة للمشاركة الإيجابية في بناء الوطن وتحقيق الاستقلال؛ علماً أننا أثبتنا، خلال كل المراحل الماضية، أننا نتمتع بمصداقية لا يتطرق إليها الشك في النزاهة واحترام الممارسة الديمقراطية ونتائج الانتخابات.

منذ العام 2007، عندما وقع الانقلاب الأسود ونحن نسعى للمصالحة؛ لأنه لا يجوز استمرار هذا الانقسام. نحن نريد المصالحة عبر الحوار، وبالفعل تدخل مصر وقطر وغيرهما؛ لكن الانقسام لا زال مستمرا. نحن نعني بالمصالحة تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالتزامات منظمة التحرير، وتحضر لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتنهي هذه الحالة الشاذة التي مر عليها عشر سنوات عجاف، ولا زلنا نمد أيدينا للمصالحة ولإنهاء الانقسام البغيض؛ إيماناً منا بأن وحدتنا الوطنية هي السياج الحامي لشعبنا ولقضيته الوطنية المقدسة؛ كما أننا نجري الاستعدادات والمشاورات والتحضيرات الضرورية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، لتعزيز وحماية منظمة التحرير الفلسطينية، التي هي بيتنا المعنوي، والممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

صحيح أن المنظمة بحاجة إلى إعادة بناء، لذلك نحتاج لعقد المجلس الوطني بسرعة، وهنا في وطننا لحماية المنظمة التي هي ممثلنا الشرعي والوحيد، خاصة في ظل المؤتمرات المشبوهة التي تعقد هنا وهناك؛ وتهدف الى تمزيق البيت الفلسطيني؛ وكلها إلى مزابل التاريخ كما ذهب غيرها؛ فشعبنا موحد داخل منظمة التحرير التي نتوحد ونختلف داخلها؛ وليس خارجها.

الإخوة والأخوات،

لقد أصبح العالم بأسره موقناً أننا طلاب سلام قائم على العدل؛ وبات المجتمع الدولي اليوم أكثر اقتناعاً بأن الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين هو سبب كل المصائب التي تعاني منها المنطقة والعالم؛ فعلاقاتنا الدولية مميزة جدًا؛ فأوروبا مثلًا أدانت الاستيطان واعتبرت منتجاته غير شرعية.  ونرسل التحية للبابا فرنسيس الذي اعترف بدولة فلسطين، وكذلك السويد وغيرها؛ مؤكدين أنه بدون حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، وفق "حل الدولتين" الذي تضمنته مبادرة السلام العربية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة؛ وآخرها القرار 2334 الذي انتظرناه 36 عامًا، فلن يتحقق السلام أو الأمن أو الاستقرار، وستظل المنطقة مفتوحة على خيارات شديدة الصعوبة، خصوصاً في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف التي ندينها ونحاربها بكل ما أوتينا من طاقة.

إننا لا نطلب المستحيل، ولا نسعى إلا إلى السلام القائم على الشرعية الدولية، وهذا السلام لن يتحقق طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على صدورنا.  ورسالتنا لكل المجتمع الدولي اليوم أنه قد آن الأوان للاعتراف بدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كضمان أكيد لإرساء أهم دعائم السلام والاستقرار في المنطقة، بل وفي العالم أجمع.

إن استمرار إسرائيل (قوة الاحتلال) في سياساتها العدوانية ضد شعبنا وحقوقه المشروعة، من خلال مواصلة الاستيطان المنافي للقانون الدولي في أرض دولتنا المحتلة، واستمرار الانتهاكات العنصرية ضد أبناء شعبنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وبخاصة في مدينة القدس (عاصمتنا الخالدة)، والتي كان آخرها ما يعرف بـ"قانون الأذان"، الذي يعتبر أذان المساجد (إرهابا)! نحن سنؤذن في كل مكان، ولن نسمح له أن يمر؛ وسيرفع الأذان من الكنائس كدليل على التلاحم الوطني والحياة المشتركة في فلسطين؛ فالكل هنا اسمه "فلسطين" بغض النظر عن الديانة أو المذهب. وهذا القانون انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، واعتداء خطير على مقدساتنا وقيمنا الدينية، كل ذلك ينذر بعواقب وخيمة لا يتمناها أحد.

وأقول لكم أيها الاخوة والأخوات: إننا لن نسكت على هذه الانتهاكات العنصرية، بل سنواصل التصدي لها بكل بأس، وفق استراتيجياتنا الوطنية التي تعتمد العمل السياسي والقانوني، والمقاومة الشعبية السلمية، أساساً لأي تحرك في هذا الإطار؛ وصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين المحتلة كاملةً غير منقوصة.

أيها الاخوة والأخوات،

لقد أجريت قبل يومين محادثات هاتفية بناءة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي نقدر له هذه المبادرة، حيث أكد التزامه الكامل بعملية السلام؛ في حين أكدنا نحن مواقفنا الثابتة أننا مع السلام القائم على "حل الدولتين" وفق قرارات الشرعية الدولية، وأننا جزء من الشرعية الدولية؛ كما أكدنا موقفنا الرافض للإرهاب والتطرف، هذا الموقف القائم على قيمنا وقناعاتنا الدينية والوطنية، وعلى حماية مصالح شعبنا وأمتنا.  وسوف نستمر في التعاون معه للوصول إلى سلام عادل وشامل يحقق الأمن والاستقرار للجميع؛ حيث تلقينا منه دعوة للاجتماع به في البيت الأبيض قريباً من أجل دفع عملية السلام قدمًا؛ وصولا إلى الحل الشامل والعادل.

لقد أصبحت دولة فلسطين حقيقية قانونية وسياسية لا يمكن تجاوزها؛ وإن شعبنا الذي انتزع هذه المكاسب والإنجازات بنضاله وتضحياته، وبعدالة قضيته ودعم أشقائه وأصدقائه، لن يفرط بها، ولن يتهاون لإنجاز الحرية وإنهاء الاحتلال وممارسة السيادة والاستقلال.

وأؤكد لكم ها هنا، أننا لن نسمح لأية مشاريع أو أفكار تصفوية أن تجهض مشروعنا الوطني؛ وسنرفض أي حل ينتقص من حقوقنا وسيادتنا، بما في ذلك ما يتم تداوله هذه الأيام حول إقامة دولة في غزة؛ سنحارب هذه المؤامرات بكل طاقتنا؛ فلا دولة فلسطينية في غزة، ولا دولة فلسطينية بدون غزة؛ غزة جزء من دولة فلسطين، ولن نسمح بفصلها عن جسدنا الفلسطيني الواحد.  وموعدنا الحرية والاستقلال، لنرفع علم دولة فلسطين الحرة المستقلة كاملة السيادة على مآذن وكنائس عاصمتنا الخالدة القدس.

شكرًا لكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلمة الرئيس محمود عباس أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في جنيف 27 شباط 2017

أتشرف اليوم بحضور أعمال مجلسكم الموقر، مثمناً الدور الهام الذي تقومون به للدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على رفعة المبادئ التي أنشئ من أجلها هذا المجلس، ولأضعكم في صورة واقع حقوق الإنسان في دولة فلسطين المحتلة، وهو واقع مأساوي؛ فإسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال في وطني) تنتهك أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي كذلك تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتضرب عرض الحائط، بميثاق الأمم المتحدة، واتفاقية جنيف الرابعة.

السيد الرئيس،

لقد مر سبعون عاماً على قيام القوات الإسرائيلية بتشريد نصف سكان فلسطين في العام 1948 من أرضهم، وهدم ومسح آثار أكثر من أربعمائة قرية وبلدة فلسطينية من الوجود.  وقد مر خمسون عاماً على احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية، وبما فيها القدس الشرقية، في العام 1967.  وفي ظل هذا الواقع البالغ الخطورة الذي يشهد تصعيداً خطيراً في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل ممنهج وواسع النطاق، فإننا بحاجة، أكثر من أي وقت، لأن تتحمل الأمم المتحدة وهيئاتها وأعضاؤها مسؤولياتها كافة، وخاصة مجلس الأمن.

ونجدد اليوم المطالبة بإيجاد نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني، يضع حداً لانتهاك حقوقه الأساسية، وبما يضمن التوقف عن مصادرة الأراضي والاستيلاء على أحواض المياه الجوفية، ومواصلة الاعتقالات، وهدم المنازل، وغيرها من الممارسات العنصرية؛ وبما يضمن لأطفاله العيش بأمن وسلام؛ إلى جانب وضع آلية ملزمة، وجدول زمني واضح ومحدد، لإنهاء الاحتلال، وإزالة آثاره كافة بما فيها الجدار والمستوطنات، وبما يفضي لتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، لتعيش بأمن وسلام واستقرار جنباً إلى جنب مع إسرائيل.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

تعلمون أن إسرائيل تواصل انتهاكاتها وممارساتها وحصارها واعتقالاتها لآلاف المواطنين الفلسطينيين في سجونها. وقد أعلنت مؤخراً عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في أرضنا، وأصدرت قانوناً من الكنيست يشرع سرقة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً الأراضي الخاصة منها؛ وهي سابقة خطيرة، نرفضها ويرفضها المجتمع الدولي بأسره؛ وهو الأمر الذي لا يترك مجالاً لشعبنا لإقامة دولته، ويكرس واقع الدولة الواحدة بنظامين. وهذا يعني نظام الأبهارتايد الذي يعتبر المصدر الأول للتحريض والعنف؛ والمطلوب أن يصار لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 بأسرع وقت ممكن.

السيد الرئيس،

 إن فلسطين اليوم حقيقة واقعة وذات جذور أصيلة في النظام الدولي، بعد أن اعترف بها المجتمع الدولي كدولة مراقب في العام 2012، وانضمامها للعديد من الوكالات والمعاهدات الدولية؛ وقد اعترفت بها 138 دولة، ورفع علمها في الأمم المتحدة؛ وعليه فإنه من غير المجدي لمصلحة السلام والعدالة أن يتحدث البعض عن حلول مؤقتة عن دولة واحدة، أو محاولات دمج لها في إطار إقليمي، كما تسعى لذلك الحكومة الإسرائيلية الحالية، أو التراجع عن الإنجازات التي تحققت.

وفي هذا الصدد، فإننا ندعو الدول التي اعترفت بإسرائيل، وتؤمن بحل الدولتين، أن تدافع عن هذا الحل وتدعمه، وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين، حماية لهذا الحل أمام مخاطر التراجع عنه والتهرب منه.

السيد الرئيس،

إن أيدينا، ما زالت ممدودة للسلام، ونحن منفتحون دوماً على الحوار الإيجابي مع الجهود والمبادرات السلمية كافة، والتي كان آخرها مؤتمر باريس الدولي للسلام؛ ونقف دوماً ضد كل أشكال الإرهاب وننبذه في منطقتنا وفي أنحاء العالم كافة؛ كما ونجدد التعبير عن استعدادنا للعمل بإيجابية مع جميع دول العالم، بمن فيهم الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس ترامب، لتحقيق السلام على أساس القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن تحقيق "حلّ الدولتين" تعيشان جنباً إلى جنب في حسن جوار، وطبقاً لحدود العام 1967؛ الأمر الذي سيعزز السلام والاستقرار في العالم.

لذلك نجدد التحذير من مغبة قيام أي طرف بخطوات تساهم في ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، بما فيها تشجيع الاستيطان، أو السكوت عن انتهاك المقدسات، أو نقل سفارة أي دولة كانت إلى القدس؛ فالقدس الشرقية أرضٌ محتلةٌ، وهي عاصمة دولة فلسطين، ولا نعترف بقرارات ضمها، ونريدها أن تكون مدينة مفتوحة لأتباع الديانات السماوية الثلاث. وهنا نؤكد على موقفنا بحزم وبشدة بأننا نرفض استخدام الدين في الحلول السياسية.

وفي هذا الصدد، فإننا ندعو المفوض السامي لحقوق الإنسان لاستكمال الإعداد لقاعدة بيانات بالشركات التي تنتهك القانون الدولي، كما تم اعتماده سابقاً؛ وأهمية تعزيز آليات رقابة المجلس لوضع حقوق الإنسان في فلسطين، وتقويتها من خلال المشاركة في إعمال البند السابع، كبند ثابت على أجندة المجلس؛ الأمر الذي يتسق مع المسؤولية التاريخية للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية إلى أن تحل بجميع جوانبها.

أما على الصعيد الوطني، فنحن نواصل العمل على تعزيز بناء مؤسساتنا الوطنية، وعلى أساس سيادة القانون، والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، والدفع باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المجالات كافة.

ومن ناحية أخرى، فإننا نعمل على مساعدة أهلنا من اللاجئين في سوريا ولبنان من أجل الصمود والبقاء، والابتعاد عن الصراعات في أماكن تواجدهم، وهنا نشكر وكالة "الأونروا" على المساعدات التي يقدمونها.

وفي موضوع آخر، نعمل على توحيد أرضنا وشعبنا، ونقوم بواجباتنا تجاه أهلنا في قطاع غزة، ونعمل لأجل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفع الحصار الإسرائيلي عنه؛ كما نعمل على إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية بأسرع وقت ممكن؛ وقد حددنا منتصف أيار القادم لإجراء الانتخابات المحلية في فلسطين.

وفي مجال عمل مؤسساتنا الوطنية لترسيخ دولة القانون، ومواءمة التشريعات الوطنية مع قواعد القانون الدولي، وفاءً لما وقعناه من معاهدات دولية؛ فإنني أعلن باعتزاز كبير عن تقديم التقرير الأول لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المعروف باسم سيداو) في الثامن من آذار القادم؛ تقديراً منا لدور المرأة الفلسطينية وتضحياتها في الصمود والبناء، وستقوم دولة فلسطين بالوفاء بالتزاماتها كافة، وتقديم باقي تقارير منظومة حقوق الإنسان خلال الأشهر القادمة.

وكانت فلسطين قد قدمت تقارير أخرى تتعلق بجودة البيئة، ومكافحة الفساد والتنوع الثقافي، وفق التزاماتنا الدولية، وبما يعزز ويصون حقوق شعبنا وكرامته على أرضه.

مرة أخرى، أتمنى لأعمال هذا المجلس الموقر النجاح، وتحقيق كل ما يعزز وضع ومكانة حقوق الإنسان في عالمنا أجمع؛ وبما يساهم في إعادة الاعتبار لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة خاصة، ويضع حداً للانتهاكات المتواصلة لهذه الحقوق فيها؛ الأمر الذي سيعيد الاعتبار لمنظومة حقوق الإنسان واحترامها على المستوى الدولي.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

ستبقى فلسطين هي الاختبار الأكبر أمام هذا المجلس؛ ونجاحه في الدفاع عن حقوق الإنسان فيها، سيحدد مدى ديمومة منظومة حقوق الإنسان في العالم أجمع؛ وعلينا جميعاً ألا نفشل في هذا الاختبار.

كلمة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره اللبناني العماد ميشال عون في بيروت بتاريخ 23 شباط 2017

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الأخ الرئيس العماد ميشال عون،

سعادتي اليوم بالغة بلقائكم والحديث معكم حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتشاور حول آخر تطورات القضية الفلسطينية، وتبادل الرأي حول العديد من القضايا الإقليمية والعالم؛ وأنا على ثقة بأن هذه الزيارة وهذه المباحثات مع فخامة الرئيس ولقاءاتي غداً مع رئيسي الحكومة، ومجلس النواب؛ ومع مختلف القوى اللبنانية، ستعمل على تعزيز علاقات الأخوّة والتعاون بين الشعبين والبلدين الشقيقين.

أزور مجدداً لبنان، هذا البلد العظيم الشامخ بشعبه وتاريخه الحضاري، وإسهاماته في خدمة أمته وموروثها الثقافي، والذي لا زال، وسيبقى منارة مشعة للحضارة، ووطناً للخير والعطاء والمعرفة والصمود في ديار العرب أجمعين.

وأود في بداية كلمتي أن أشكركم من صميم قلبي على حفاوة الاستقبال؛ كما وأعبر لكم عن اعتزازنا بأواصر الأخوة والدم والمصير الواحد المشترك؛ فنحن شقيقان وقد ظللتم على الدوام نعم السند لفلسطين وشعبها، وسنظل نحفظ لكم مواقفكم المشرفة تجاه استضافة أبناء شعبنا ونصرة قضيتهم في المحافل الدولية كافة، ونحن نكن لكم، وللجمهورية اللبنانية الشقيقة قيادة وحكومة وشعباً، أسمى مشاعر المودة والعرفان.

فخامة الرئيس،

إنني لأغتنم فرصة حديثي هذا إليكم، لأؤكد على مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لنا، ولشعبنا ولأشقائنا في لبنان، وهي أن إخوتكم من اللاجئين الفلسطينيين على الأرض اللبنانية ما هم إلا ضيوف عليكم؛ فهم أهلكم؛ ونحن على ثقة بأنكم ستستمرون في حسن رعايتكم لهم واحتضانهم؛ ومن جانبنا، فإننا نعمل دائماً أن يكون وجودهم إيجابياً إلى حين عودتهم المؤكدة إلى ديارهم ووطنهم فلسطين، الذي نصر عليه.
هذا ونحرص، كل الحرص، دائماً لأن يبقى أبناء شعبنا بمنأى عن الدخول في صراعات المنطقة؛ وشعبنا في لبنان أكد على انضباطه وحفاظه على الأمن والاستقرار في المخيمات؛ وهنا أشيد بالتزام جميع الفصائل الفلسطينية برؤيتنا هذه، وأشكر جميع أجهزة الدولة اللبنانية في هذا الخصوص، الأمر الذي يساهم في تعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية.

وتعلمون، بأننا نقف، مثلما تقفون؛ ضد الإرهاب بأشكاله ومصادره كافة.  ونحن منذ البداية دعونا إلى الحوار البناء بين الأطراف في الأقطار التي تشهد صراعات، وأكدنا كذلك على ضرورة صون وحدة وسلامة أراضي كل قطر عربي.

أما على صعيد تطورات القضية الفلسطينية، فكما تتابعون، لا زالت العملية السياسية تراوح مكانها، رغم أننا نمد أيدينا للسلام وفق قرارات ومرجعيات الشرعية الدولية، إلا أن إسرائيل لا زالت تصر على مواصلة احتلالها لأرضنا، وإبقاء شعبنا في سجن كبير، وهو ما لن نقبله، وسنواصل العمل بالطرق السياسية والدبلوماسية، واستخدام أدوات القانون الدولي، وحشد الدعم الدولي الثنائي والمتعدد؛ وسنعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن 2334، وسنواجه النشاطات الاستيطانية وقرار الكنيست الأخير، الذي يشرع سرقة الأرض الفلسطينية.

وفي نفس الوقت سنواصل عملية البناء الداخلي لمؤسساتنا الوطنية وفق معايير عصرية، وعلى أساس سيادة القانون والنهوض باقتصادنا الوطني، ودعم صمود أهلنا في القدس؛ ومن ناحية أخرى، سنواصل العمل على توحيد أرضنا وشعبنا، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة، وتحقيق المصالحة، والذهاب إلى الانتخابات العامة؛ علماً بأننا سنعقد الانتخابات البلدية خلال شهر مايو القادم.

فخامة الأخ الرئيس،

إننا لعلى ثقة تامة بأنكم ستواصلون دعمكم لفلسطين أرضاً وشعباً وقضية عادلة؛ ونحن سنبقى نكن للبنان العزيز وشعبه الشقيق كل الحب والإكبار والوفاء، ونحرص على مصالحه مثلما نحرص على مصالح فلسطين، سائلين الله أن يحفظ وطنكم وشعبكم، ويديم عليهما نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار، وتحقيق المزيد من التقدم والازدهار والنجاحات على الدوام.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي في 8 شباط 2017

السيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ،

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

تهدف زيارتي هذه لفرنسا إلى تقديم الشكر والتقدير للرئيس والحكومة والشعب الفرنسي على جهودهم ومثابرتهم لإنجاح المؤتمر الدولي للسلام الذي حضرته 70 دولة و5 منظمات دولية.  وهذا ليس بجديد عن فرنسا بجميع رؤسائها وحكوماتها وبرلماناتها ومجالس شيوخها؛ فقد واصلت فرنسا دعمها لتحقيق سلام شامل وعادل في منطقتنا على أساس "حل الدولتين"، وقدمت العديد من المبادرات، وبذلت الجهود الحثيثة، وقدمت الدعم الاقتصادي لتمكين الشعب الفلسطيني من بناء مؤسساته والنهوض باقتصاده.

وإن تصويت الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في العام 2014 بالتوجيه للحكومة الفرنسية لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، لهو دليل على المبادئ والقيم النبيلة التي يتحلى بها الشعب الفرنسي، صاحب الحضارة العريقة، والثقافة الراقية، الذي، نحن في فلسطين، نستلهم تجاربنا منه في الدفاع عن حريتنا وبناء دولتنا المستقلة والحفاظ على كرامتنا الوطنية.

كما تعلمون فإن 11 برلماناً أوروبياً قد أوصوا حكوماتهم بالاعتراف بدولة فلسطين، على اعتبار أن الحفاظ على "حل الدولتين".  وفي غياب إمكانية التوصل لحل سياسي، يتطلب من الدول التي تعترف بإسرائيل أن تعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة.

وفي تحدٍ سافر لرغبة المجتمع الدولي، وخاصة قرار مجلس الأمن 2334، أقدمت الحكومة الإسرائيلية على سن تشريع من الكنيست يوم أمس يجيز سرقة الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح المستوطنين، ويشرِّع بأثر رجعي البناء الاستيطاني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، وبما فيها القدس الشرقية.

هذا التشريع هو مخالف للقانون الدولي، وسنواصل عملنا مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرض فلسطين.

في الآونة الأخيرة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن قراراتها مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية في أرضنا المحتلة منذ العام 1967؛ وهو أمر في غاية الخطورة، يقوض من فرص تحقيق "حل الدولتين"، بل ويكرّس واقع الدولة الواحدة بنظامين (أي الأبرتهايد)، فهل هذا ما يريده المجتمع الدولي؟ لذلك فإننا نطالب، وقبل فوات الأوان، بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي صوتت معه فرنسا، باعتبار جميع المستوطنات التي أقامتها إسرائيل على أرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، وبما فيها القدس الشرقية، هي باطلة، وعليها التوقف عن بناء المزيد منها، سواء داخل المستوطنات الحالية أو خارجها.  ومن الضروري أيضاً إنشاء آلية متابعة دولية خلال هذا العام، لمساعدة الجانبين التوصل لاتفاق سلام نهائي، وفق جدول زمني محدد.

وفي هذا المجال، أعربنا عن رغبتنا واستعدادنا للعمل مع الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) من أجل صنع السلام على أساس قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن تحقيق مبدأ "حل الدولتين".

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إنني أحذِّر من مخاطر احتمال نقل سفارة أي دولة إلى القدس؛ باعتباره خرقاً للقانون الدولي.

وهنا نؤكد على رؤيتنا للقدس الشرقية، بأنها عاصمة لدولة فلسطين، وأننا نريدها مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية (اليهودية، والمسيحية، والإسلامية).

وإن محاولات إسرائيل تشويه موقفنا في اليونسكو هو خطأ كبير، وإننا نؤكد على وجوب احترام إسرائيل لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، بعدم تغيير هوية وطابع القدس الشرقية، وعدم المساس بالأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية فيها، دون تطاول أو اعتداء عليها.

نحن لسنا ضد الديانة اليهودية، بل إننا نحترمها ونعتبر ما حدث لليهود بسبب "الهولوكوست" هو أبشع كوارث البشرية، خاصة وأن لدينا مواطنون فلسطينيون يهود هم جزء أساس من شعبنا الفلسطيني، اليهود السامريون، ينعمون بحقوقهم كاملة كما ينعم بها المسيحي الفلسطيني والمسلم الفلسطيني.

بالأمس أعلنت الحكومة البريطانية دعوتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي لحضور احتفالات ذكرى مرور مائة عام على صدور وعد بلفور (العام 1917)؛ وهو أمر نستغربه وندينه؛ ونطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار للشعب الفلسطيني على ما ارتكبته من دمار وتشريد لشعبنا؛ كما ونطالبها بالاعتراف بدولة فلسطين وفق توصية مجلس العموم البريطاني في العام 2014.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

لقد تعددت أوجه التعاون بين بلدينا وشعبينا؛ حيث ساهمت فرنسا، وعلى مدى عقود، في بناء مؤسساتنا الوطنية، وفق معايير سيادة القانون والمواصفات الدولية، إضافة للنهوض باقتصادنا؛ كما وتم إنشاء العديد من المشروعات التنموية، منها: إنشاء المنطقة الصناعية في بيت لحم، والمساهمة في ترميم كنيسة المهد.

هذا إلى جانب تاريخ طويل من العلاقات المميزة على مستوى التعاون بين المدن، وفي مجالات "التعليم" و"الثقافة".  ومن أجل النهوض بالعلاقات لمستويات أعلى، فقد تم إنشاء اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، والتي نتمنى لها النجاح في مواصلة عملها الدوري في تحقيق أهدافها.

من ناحية أخرى، فإننا نعمل، بكل مسؤولية وجد، على توحيد أرضنا وشعبنا، وإعادة إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار عنه، وتحقيق المصالحة الفلسطينية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن. ولقد حددنا منتصف شهر أيار/ مايو القادم لعقد الانتخابات البلدية في عموم دولة فلسطين.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن محاربة الإرهاب بكل أشكاله، واجب على الجميع؛ ونحن في فلسطين نقوم بهذا الدور من خلال عقد الاتفاقيات مع العديد من دول العالم؛ كما نؤكد أننا مع حل جميع أزمات المنطقة من خلال الحوار السلمي فقط، والحفاظ على وحدة أرض كل دولة، وإننا نساهم قدر استطاعتنا في هذا الشأن.

إن إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وبالسرعة الممكنة، يساهم، بلا شك، في الحد من تهديد الإرهاب؛ حيث إن العديد من الجماعات الإرهابية يتذرع بهذه القضية.  وإننا في فلسطين، سنواصل حربنا المشتركة مع فرنسا ضد الإرهاب؛ وعلى استعداد لمواصلة العمل مع الجهات المختصة من أجل ذلك.

وختاماً، نود أن نشكركم جميعاً على حسن الاستماع، ونتمنى لمجلسكم الموقر النجاح في أداء مهامه السامية؛ ونأمل أن تعملوا على مساعدة حكومتكم مواصلة جهودها في صنع السلام في منطقتنا والعالم، والعمل مع هذه الحكومة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين كما تعهدت، وكما كانت توصيتكم؛ حفاظاً على "حل الدولتين"، وقبل فوات الأوان، ولتعيش كل من "فلسطين" و"إسرائيل" جنباً إلى جنب في حدود آمنة ومعترف بها. وبهذه المناسبة، نتمنى للانتخابات القادمة في فرنسا أن تحقق ما يطمح إليه شعب فرنسا الصديق، الذي نتمنى له مزيد من التقدم والازدهار.

وعاشت الصداقة الفلسطينية الفرنسية.

وشكراً

كلمة الرئيس محمود عباس  أمام القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي المنعقدة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في 30 كانون الثاني 2017

يطيب لي، أيها الإخوة والأصدقاء، تلبية دعوتكم الكريمة لنا لحضور قمتكم الموقرة، هنا في أديس أبابا؛ وأود أن اثمن عالياً دعم اتحادكم ودوله الأعضاء لدولة فلسطين في المحافل الدولية، آملين استمرار هذا الدعم والتضامن المبدئي مع حقوق شعبنا في الحرية والسيادة والاستقلال، والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وآثاره المدمرة على شعبنا؛ وبما يؤدي لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم الذي يضمن استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام مع دولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

فقد استطاع قادة إفريقيا التاريخيون العظام وجميع قادتها إلى يومنا هذا، وشعوبها، بنضالاتهم وكفاحهم وإرادتهم، دحر الاستعمار، وبناء أسس دولهم التي أصبح لها مكانة ووزن دولي ودور فاعل في المحافل الدولية.  ومن ناحية أخرى مضت دولكم قدماً في توحيد صفوفها، وإنشاء "الاتحاد الإفريقي" العتيد، وهي تسعى لبناء علاقات الشراكة والتكامل الاقتصادي فيما بينها؛ الأمر الذي أدى إلى تحقيق إنجازات واسعة في مجالات رفع معدلات النمو الاقتصادي، وتطوير البنى التحتية، والنهوض العمراني، والاهتمام المتزايد بحقوق المواطن، وتمكين المرأة والشباب في السياسة والاقتصاد.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

نتمنى لكم النجاح في تحقيق خططكم التنموية الطموحة على المستويات كافة، ونحن على ثقة تامة بأنكم ستحققون كل ما تصبون إليه من خير ورخاء وتقدم لشعوبكم وبلدانكم العتيدة، وهنا نؤكد لكم على استعدادنا الدائم لإقامة علاقات شراكة اقتصادية وتنموية، وتبادل الخبرات، في إطار تعاون يخدم مصالحنا المشتركة، وقد وقعنا اليوم على اتفاقية تعاون مع "مفوضية الاتحاد الإفريقي" بهذا الشأن.  وفي الوقت الذي نشيد فيه بجهودكم في مواجهة الإرهاب، فإننا نعبر عن جاهزيتنا التامة للتعاون مع اتحادكم ودولكم لمكافحة الإرهاب، الذي ندينه بأشكاله كافة في منطقتنا، وفي كل مكان في العالم.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن تحقيق السلام الشامل والعادل، الذي ننشده، عبر حل الدولتين، أصبح في خطر؛ بل إن إسرائيل (قوة الاحتلال) تعمل كل ما من شأنه تقويض فرص إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ وذلك من خلال مواصلة احتلالها وسيطرتها على أرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967؛ بل ومواصلة إقامة المستوطنات، ونقل مواطنيها إليها؛ الأمر الذي خلق واقع الدولة الواحدة على الأرض مع وجود نظام أبهارتايد مفروض على شعبنا الفلسطيني.

وهنا نؤكد أن أي مساس بالوضع القائم في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967 من شأنه أن يقوض فرص تحقيق السلام وإرساء قواعد الاستقرار في منطقتنا.

إن دولة إسرائيل قوة الاحتلال في فلسطين، ما زالت تمارس نفس الاحتلال الذي رفضه أسلافكم القادة الأوائل لإفريقيا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، بل ولقد ازداد احتلالهم اليوم تطرفاً وعنصرية وقهراً للشعب الفلسطيني.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

بهذه المناسبة، فإننا نتوجه بالشكر والتقدير لجميع أعضاء مجلس الأمن، وبخاصة الدول الإفريقية  (السنغال وأنغولا ومصر) لتصويتهم لصالح القرار 2334، الذي يدين الاستيطان، ويطالب بوقفه باعتباره مدمراً لحل الدولتين؛ ونحث المجتمع الدولي للعمل على تطبيقه حماية للأمن والاستقرار، وفرص تحقيق السلام في منطقتنا؛ وهو الأمر الذي سيسهم في انتزاع الذرائع من قوى التطرف والإرهاب في منطقتنا والعالم أجمع.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نعرب عن تقديرنا لدور فرنسا وجهودها الكبيرة، التي أسفرت عن عقد المؤتمر الدولي للسلام في باريس منتصف هذا الشهر، ونشكر جميع الدول والمنظمات الدولية التي شاركت في أعماله، مؤكدين على ضرورة تنفيذ ما جاء في بيان المؤتمر، وأهمية تشكيل مجموعة متابعة دولية لمساعدة الجانبين لصنع السلام، وفق سقف زمني محدد.

ونؤكد مجدداً بأن أيدينا ما زالت ممدودة للسلام نحو جيراننا الإسرائيليين، وعلى استعداد لقبول مبادرة الرئيس بوتين لعقد لقاء ثلاثي في موسكو؛ كما ونتطلع للعمل مع الرئيس دونالد ترامب وإدارته الجديدة من أجل صنع السلام الشامل والعادل في منطقتنا، وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، ومبادرة السلام العربية، ليكون العام 2017 عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، لتعيش الدولتان (إسرائيل، وفلسطين) في حدود آمنة ومعترف بها، وفق حدود العام 1967.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نتطلع لدور ومكانة متعاظمة لإفريقيا في المحافل الدولية، وندعم فكرة أن يكون لقارتكم العتيدة مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن للأمم المتحدة؛ كما ونعول على دعمكم وتضامنكم الأخوي الصادق في تلك المحافل.  ونعلم جيدا في ذات الوقت، أن لكم مصالحكم، وأن إسرائيل تسعى لكسب علاقات مع دول قارتكم؛ ولكننا نرجو منكم، أيها الأصدقاء والأشقاء، ألا يكون ذلك على حساب قضية شعبنا الفلسطيني العادلة، والتي وقفتم معها على مدى العقود الماضية، والتي ما زالت بحاجة لتماسك مواقفكم وثباتها في الدعم والتضامن والمساندة لفلسطين، للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي البغيض.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا ماضون في بناء مؤسسات دولة فلسطين، وفق أسس الديمقراطية والشفافية، واحترام حقوق الإنسان، وفي ظل سيادة القانون، والعمل على استعادة الوحدة لأرضنا وشعبنا.

كما نعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة، والمضي قدماً في عملية إعادة الإعمار، لما دمرته إسرائيل في حروبها الثلاث التي شنتها على أبناء شعبنا في القطاع وإزالة أسباب الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

أشكركم على حسن الاستماع، وأتمنى لقمتكم العتيدة تحقيق كل ما تصبون إليه من خير ورخاء وتقدم لشعوبكم وبلدانكم، مثمنين عالياً جهود المفوضية العامة لاتحادكم الموقر في تنظيم وتهيئة هذه الأجواء الممتازة، راجياً للجميع التوفيق والنجاح.

عاشت افريقيا حرة قوية، وعاشت شعوب افريقيا الصديقة في أمن وازدهار ورخاء، وعاشت الصداقة الفلسطينية الإفريقية.

الإفريقية