خطابات الرئيس محمود عباس "أبو مازن" 2016

كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة لمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بتاريخ 31 كانون الأول 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم،

يا أبناء، وبنات حركة "فتح"،

يا أبناء أمتنا العربية، وأصدقاءنا، وأحرار العالم،

ها نحن اليوم نحتفل وإياكم بالذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- "فتح"، معبرين لكل أبناء شعبنا الفلسطيني الصابر، الصامد في كل أماكن تواجده، ولأشقائنا، وأصدقائنا وأحرار العالم الذين وقفوا إلى جانب ثورتنا وكفاحنا العادل، عن إكبارنا وتقديرنا لهم جميعًا.

إن فتح التي عاهدتكم على المضي قدمًا بهذه المسيرة نحو الحرية والسيادة والاستقلال، ما زالت على عهدها تتمسك بثوابتنا الوطنية التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، وهي لم، ولن تحيد عنها أبدا.

وفي هذه اللحظات التاريخية، والتي ما زال فيها شعبنا يقدم التضحيات الجسام دفاعا عن هويته، وكرامته الوطنية، وعن أرضه ومقدساته، فإننا نستذكر، بأسمى معاني الشموخ والإباء، شهداء شعبنا الأبرار، أفرادًا وقادة مؤسسين.

وكذلك نتوجه بتحية خاصة لأسرانا البواسل في سجون الاحتلال، الذين سنظل نعمل ونبذل الجهود لحين إطلاق سراحهم جميعًا، وفي مقدمتهم قدامى الأسرى والمرضى والأسيرات والأطفال؛ نعاهدهم جميعا بأن نظل أوفياء لتضحياتهم وعطائهم لوطنهم وشعبهم.

وفي هذه المناسبة الوطنية، فإننا نوجه التحية لقائد ثورتنا (الأخ الشهيد الرمز أبو عمار)، الذي أحيينا ذكرى رحيله، بافتتاح متحفه الوطني تخليدًا لذكراه، ومسيرته النضالية العظيمة، مؤكدين لشعبنا أننا سنظل على العهد والقسم الذي قطعناه على أنفسنا منذ الانطلاقة الأولى.

وفي هذا المقام، نؤكد مجددًا تمسكنا بإنجازات شعبنا التي راكمها عبر العقود الماضية، وفي الطليعة منها حفاظنا على قرارنا الوطني المستقل، الذي دفعت ثورتنا ثمنًا باهظًا من أجله.

لقد حقق المؤتمر العام السابع لحركة "فتح"، نجاحا كبيرا على المستويين الوطني والدولي، وشهد حضورًا دوليًا غير مسبوق، والتفافًا جماهيريًا فلسطينيًا واسعًا؛ وتمخض عنه برنامج عمل وطني طموح للمرحلة المقبلة؛ وهو الأمر الذي سيساهم في ضخ طاقة دفع جديدة، وقوية لحركتنا ومسيرتنا؛ مؤكدين أن عام 2017 سيشهد حالة استنهاض لحركة "فتح" العملاقة وللحركة الوطنية الفلسطينية بمجملها.

وفي هذا الإطار، فقد بدأنا المشاورات مع جميع الفصائل والقوى الفلسطينية، لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، هنا في فلسطين، خلال الأشهر المقبلة، من أجل تجديد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثلة باللجنة التنفيذية وفق النظم المعمول بها.

وفي نفس الوقت، سنواصل الدعوة والعمل على توحيد أرضنا وشعبنا، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة إطلاق الحوار الوطني بين الأطراف الفلسطينية المعنية، والذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بأسرع وقت ممكن.

كما سنواصل العمل على بناء مؤسسات دولتنا، والنهوض باقتصادنا الوطني، وتمتين جبهتنا الداخلية، والحفاظ على معايير الحكم الرشيد، وفرض سيادة القانون والاستمرار في مواءمة القوانين والنظم الفلسطينية مع المعاهدات الدولية في جميع المجالات.

وفي هذا الصدد، فإننا نؤكد أهمية دعم جهود شعبنا ومؤسساته الوطنية في القدس، ومواصلة عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة، وتعزيز البنية التحتية الأساسية من كهرباء، ومياه، وغيرهما.

وندعو الحكومة والقطاع الخاص لتضافر الجهود، ومواصلة العمل، من أجل النهوض بالاقتصاد الفلسطيني، وتنمية المجتمع، وإيلاء دور خاص للمرأة والشباب، وتعزيز جودة التعليم والصحة، وإشراك جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، وتشجيع المبدعين في جميع المجالات، ومواصلة إقامة المناطق الصناعية، وتعزيز قطاعات الزراعة، والسياحة، وغيرها.

الأخوات والإخوة، أبناء شعبنا العظيم،

أقول لكم: إن الاستيطان على أرض دولة فلسطين المحتلة إلى زوال؛ فقد حصلنا منذ أيام على قرار تاريخي من مجلس الأمن حول الاستيطان، بإجماع دولي عارم.  هذا القرار الذي أكد المرجعيات الدولية، وطالب إسرائيل بوقف جميع نشاطاتها الاستيطانية، باعتبارها تمثل انتهاكًا للقانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة، وأكد عدم جواز إحداث أية تغييرات في التكوين الديمغرافي، وطابع ووضع أرض دولة فلسطين المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية؛ وطالب دول العالم، بعدم التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية، من خلال التمييز في المعاملة بين إسرائيل والأراضي المحتلة منذ العام 1967.

وبهذه المناسبة، فإننا نوجه التحية للدول التي تبنت مشروع القرار، وجميع الدول التي صوتت لصالحه، ونقدم الشكر للإدارة الأمريكية، ولجميع الأشقاء والأصدقاء.

وإن هذا التضامن الدولي الواسع الذي حظينا به، يظهر احتضان المجتمع الدولي لشعبنا وقضيتنا، ويثبت أننا لسنا وحدنا، وأن العالم يدعمنا لأننا صامدون على أرضنا، نبني مستقبلنا بأيدينا، ولأننا أصحاب قضية عادلة.

ونحن نستقبل العام الجديد، فإننا ندعو ليكون 2017 عام الاعتراف الدولي بدولة فلسطين؛ لأن المزيد من الاعترافات سيعزز فرص التوصل إلى حل الدولتين، وإنجاز السلام الحقيقي.

ونؤكد هنا التزامنا بالسلام القائم على الحق والعدل، والقرارات والمرجعيات الدولية، وأن أيدينا ستبقى ممدودة للسلام، ونؤكد تضامننا مع جميع الأشقاء والأصدقاء من دول وشعوب العالم، في مواجهة قوى الإرهاب والتطرف.

وفي هذا الصدد، فإننا نتطلع بكل أمل للمؤتمر الدولي الذي سينعقد في باريس في منتصف يناير، وأهمية أن ينتج عنه آلية دولية للمتابعة، وجدول زمني للتنفيذ.

ونؤكد من جديد أننا لا يمكن أن نقبل الحلول الانتقالية، والدولة ذات الحدود المؤقتة، وسنواصل العمل السياسي والدبلوماسي ونشر ثقافة السلام والحوار؛ ولا يمكن أن نقبل محاولات الحكومة الإسرائيلية لقلب الحقائق، وممارسة التضليل للمجتمع الدولي، في الوقت الذي تقيم فيه مستعمرات تكرس واقع "الدولة الواحدة"، والتمييز العنصري، من خلال مواصلة الاستيطان والاحتلال لأرضنا.

من ناحية أخرى، فإننا نثمن مبادرة الرئيس الروسي بوتين لعقد اجتماع ثلاثي في موسكو، مؤكدين استعدادنا الدائم لتلبية هذه الدعوة الكريمة.

وفي الوقت ذاته، فإننا نؤكد استعدادنا للعمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وعلى رأسها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، من أجل تحقيق السلام في المنطقة، وفق حل الدولتين، والمرجعيات والقرارات الدولية، ومبادرة السلام العربية.

وفي ختام كلمتي، أقول لجماهير شعبنا الفلسطيني في كل مكان: بأننا سنواصل العمل ونبذل الجهود، ندافع عن هويتنا الوطنية، وحقوق شعبنا العادلة والمشروعة، وعن ثوابته الوطنية، مهما كان حجم التضحيات؛ فالحرية والسيادة والاستقلال على ترابنا الوطني هي أهداف نعمل على تحقيقها؛ ففلسطين الأرض الطاهرة المباركة، هي عهد الأجداد للآباء، وهي أمانة الآباء للأبناء والأحفاد، نحميها بالصدور والسواعد؛ ونحن باقون هنا، على أرض دولة فلسطين؛ ولا توجد قوة في الأرض، مهما بلغت عنجهيتها، وغطرسة قوتها وبطشها، تستطيع إلغاء تاريخنا وحضارتنا ووجودنا الثقافي والإنساني.

قد يستطيعون احتلالنا وحصارنا؛ لكن أحدًا لن يقدر على قتل أحلامنا وإرادتنا في الحرية والعيش بكرامة في وطننا فلسطين.

وسنظل نحمل الراية والشعلة، وفاء لهذا الإرث الذي لا يضيع، ولن يضيع، والذي افتداه وما زال يفتديه شعبنا بعشرات الآلاف من الشهداء، والأسرى، والجرحى، من أجل حرية وطنهم وشعبهم.

فلكم علينا يا شهداءنا الأبرار، ويا أسرانا البواسل، ويا جرحانا الأعزاء، ويا كل شعبنا العظيم، أن نظل سويًا، شعبا وقيادة، نحمي الحلم، وندافع عنه، ونتمسك بالعهد والقسم.

كلمة الرئيس محمود عباس في اختتام أعمال المؤتمر العام السابع لحركة فتح في مقر الرئاسة برام الله 4 تشرين الثاني 2016

قال تعالى: "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا" صدق الله العظيم.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،

يعطيكم العافية،

هنيئا لأبناء "فتح" أينما كانوا، الأعضاء الحاضرين هنا، وعشرات الآلاف في المدن والقرى والمخيمات، وفي سجون الاحتلال، وفي مخيمات سورية ولبنان؛ وفي مختلف مواقع المنافي والشتات، ومختلف ساحات العالم. لقد كان الغائبون عن هذه القاعة هم الأكثر حضوراً بيننا، وهم يتابعون بعقولهم وأفئدتهم طوال الأيام الماضية سير أعمال المؤتمر السابع لحركتهم الباسلة فوق أرض الوطن؛ فوق أرض فلسطين.

هنيئا لنا جميعا؛ وقد تجمعنا هنا من كل الأجيال، ومن كل مكونات مسيرة النضال الوطني الفلسطيني؛ من الفدائيين الأبطال رواد البدايات الصعبة والانطلاقة التاريخية، ومن مقاتلي الثورة البواسل في معارك الدفاع عن فلسطين وشعبها، في الكرامة وبيروت والنبطية وعين الحلوة والشقيف وغيرها من ساحات البطولة؛ ومن مناضلي المقاومة الشجعان بعملياتهم الفدائية ضد الاحتلال في الأرض المحتلة، ومن الفرسان الجسورين لانتفاضة الحجارة في القدس والضفة وقطاع غزة، ومن صانعي ملحمة الصمود في سجون الاحتلال من أبطالنا الأسرى.

التقينا هنا تقودنا بوصلة فلسطين، واجتمعنا هنا على بعد خطوات من الخندق الأخير، وساحة الحصار والمعركة الأخيرة التي خاضها قائدنا الرمز ياسر عرفات؛ وانعقد مؤتمرنا على بعد خطوات من ضريح قائدنا العام الشهيد المؤسس؛ كي نقول له: كن مطمئنا يا أبا عمار، نم قرير العين وأنت في عليين بين الشهداء والصديقين.  إن إخوانك وأبناءك وشعبك يكملون المشوار على درب النضال الذي شققته وعبدته بالدم والروح والتضحيات أنت وأبو جهاد وبقية الإخوة من شهداء اللجنة المركزية، وجميع شهداء الحركة والثورة والشعب الفلسطيني.

فإلى روح أبي عمار وأرواح رفاقه وجميع الشهداء الأبرار نهدي نجاح أعمال مؤتمرنا السابع. هنيئا لأبناء  "فتح" وهم يختتمون مؤتمراً تكلل بالنجاح الفائق؛ فقدموا للجميع أمثولة للممارسة الديمقراطية والمشاركة والنقاش الساخن أحيانًا، من أجل الهدف الواحد، الممارسة الملتزمة بأعلى متطلبات الشفافية والنزاهة، ممارسة تعزز قدرتنا على تطوير أدائنا الحركي، وتعمق الطابع الديمقراطي لعمل مؤسساتنا الحركية على جميع المستويات.

وهنيئا لشعب فلسطين؛ فنجاح حركة فتح مفجرة الثورة والانتفاضة وقائدة المشروع الوطني وحامية القرار المستقل، هو انتصار لفلسطين وشعبها ولمنظمة التحرير وفصائلها وقواها، وإسهام هام في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،

أود أن أتقدم لمؤتمركم السابع، وأنا بغاية التأثر، بالشكر والامتنان للثقة الغالية التي أوليتموني إياها بانتخابي رئيساً لحركتنا الرائدة العملاقة. أعاهدكم جميعاً أن أبذل كل جهدي وطاقتي، كما حرصت طوال حياتي، كي أكون عند حسن ظنكم في التصدي للمهام الكبرى والتحديات الجسام الماثلة أمامنا في معركة الحرية والاستقلال الوطني.

وأود أن أهنئ أخواتي وإخواني ممن حازوا ثقتكم لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وأن أشكر المؤتمر باسمهم على منحهم ثقتكم، وأن أتوجه بالتحية أيضًا لجميع الأخوات والإخوة ممن ترشحوا أو لم يترشحوا. إن الحمل ثقيل والتحديات التي شخصتموها في قراراتكم كبيرة، وتحتاج جهودنا جميعًا في جميع مواقعنا للتصدي لها.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،

عندما تعودون إلى مدنكم وقراكم ومخيماتكم وساحاتكم غداً أو بعد غد، تذكروا كل لحظة أن ما أنجزتموه خلال هذا المؤتمر هو الجهاد الأصغر؛ وأمامنا الآن مهمة أن نخوض الجهاد الأكبر.  لقد رسمت البرامج التي اعتمدتموها دليل عمل تفصيلياً لنضال حركتنا وشعبنا في المرحلة القادمة؛ برامج تؤكد جدارة حركتنا بقيادة نضال شعبنا ومشروعه الوطني، وبرامج تزدحم بالعديد من المهام التي علينا أن ننهض للقيام بها.

ومن المؤكد أن ما سجله المؤتمر من نجاح، وما عكسته برامجه من دلالة على قدرة حركتنا على تحديد المهمات واعتماد طرائق العمل المناسبة- سيقوي عزيمة شعبنا في نضاله ضد الاحتلال، ويدعم منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني) في جولات النضال السياسي والدبلوماسي الذي نخوضه في ساحات العالم.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،

إن مؤتمركم يكتسب في تاريخ الحركة موقعًا بالغ الأهمية، ويشكل محطة مفصلية في مسيرتها. لقد وضع مؤتمركم الأرضية، وكرس التوجه نحو توسيع قاعدة المشاركة في هيئات الحركة وتجديد شبابها، وشدد على الدور الجوهري للمرأة والشبيبة.

لقد تعهدت أمامكم، وأنا عند وعدي وتعهدي، بأن أسعى وإخواني وأخواتي في اللجنة المركزية وفي المجلس الثوري بأن نقوم وفي أقرب وقت ممكن باعتماد التغييرات الضرورية واللازمة في النظام الداخلي للحركة، كي تفتح أبوابها أمام المشاركة الخلاقة للمرأة وللعطاء المبدع والمتوثب للجيل الشاب.

لنكن محددين وحاسمين؛ إن تمكين الشباب في حركتنا ليس مجرد شعار أو استحقاق تفرضه طبيعة الأمور، ولا مجرد ضرورة تفرضها مسيرة الحياة، ولا مجرد واجب يتحتم على جيلنا نحن القيام به؛ بل إنه متطلب لا غنى عنه، وضمانة لا يمكن تجاوزها لديمومة الحركة وفعاليتها واستمرار دورها القيادي وانتصارها.

أيتها الأخوات أيها الإخوة،

يا أبناء فتح الغلابة،

إخوة وأبناء أبو عمار

أبناء فلسطين المنتصرة حتمًا

مرة أخرى، هنيئا لكم

وإنها لثورة حتى الدولة والقدس والانتصار

عاشت فلسطين

والسلام عليكم.

خطاب الرئيس أمام الجلسة المسائية للمؤتمر العام السابع لحركة فتح في يومه الثاني بمقر الرئاسة في مدينة رام الله بتاريخ 30 تشرين الثاني 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا".

صدق الله العظيم.

"رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" صدق الله العظيم.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة، الضيوف الكرام، السلام عليكم،

ذكر الأخ عبد الله الافرنجي أصحاب الاحتياجات الخاصة، هؤلاء تاج على رؤوسنا جميعا، لأنهم يمثلون الكفاح الفلسطيني، نراه كل يوم أمام أعيننا وبالتالي نتذكرهم ونتذكر إخوانهم، نتذكر الشهداء والجرحى والأسرى، ونتذكر الماضي الذي صنعوه من أجل المستقبل، أريد أن أتحدث عن المستقبل، دعوت خمسة من الفتية، وهم موجودون بينكم، من المتميزين والمبدعين الذين سيبنون لنا المستقبل، هم ليسوا أعضاء في المؤتمر، لكنهم سيبنون المؤتمرات القادمة ودولة فلسطين، إن شاء الله.

أيها الأخوة، الضيوف الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم، وأرحب بكم جميعاً، وأشكر ضيوفنا من الأشقاء، والأصدقاء الحاضرين معنا اليوم، هنا على أرض فلسطين، وعلى مشارف القدس، وأود هنا أن أشكر ضيوفنا من الأشقاء والأصدقاء من ممثلي الدول والأحزاب والقوى ضيوف المؤتمر.

إن الكلمات التي استمعنا لها اليوم تعزز إيماننا بالسلام وعزمنا على تحقيقه، تجعل شعبنا أكثر ثقة بالمستقبل مدعوما بمناصرة الأصدقاء أنصار الحرية بالعالم، عندما يحضر إلى هنا 60 وفدا من 28 دولة فكيف لو لم يكن احتلال كم سيحضر إلى مؤتمركم، حتى نعرف قيمة هذه الحركة قيمة العمل والذي تقوم به هذه الحركة على المستوى الفلسطيني، على المستوى العربي والدولي من القارة الأميركية إلى الصين، دول كثيرة حضرت ودول لم تتمكن وأحزاب حضرت وأخرى لم تتمكن، فلنعرف قيمة حركتنا على الأقل من خلال هذا الحشد الدولي والعربي العظيم الذي جاء إلينا الذي نقدره ونشكره، ونقول لهم إن شاء الله ستأتون إلينا في المؤتمر الثامن في القدس.

اقدر الأخوة الذين رتبوا لهذه الوفود وهيأوا لها كل أسباب الراحة ليصلوا لنا هنا ويتحدثوا إليكم، فعلا لهم كل التقدير، وأيضا التقدير موصول للجنة المركزية -التي ما زالت لجنة مركزية- على ما بذلته من جهد وعمل مضنيين لوصول هذا المؤتمر بهذا الشكل الحضاري العظيم الذي نفتخر به جميعا، فأنتم أيضا تشكرون أيها الأخوة على هذا الجهد.

نعم إخوتي وأخواتي وأحبتي، نعقد مؤتمرنا السابع، في هذه اللحظات الدقيقة من عمر ثورتنا وحركتنا، لنعلن معاً للعالم، بأن "فتح" التي لم ولن تتخلى عن مبادئها، وروحها، وهويتها، وقرارها المستقل، تواصل مسيرتها الواثقة نحو تحقيق حلم شعبنا في الحرية والدولة والاستقلال الذي نؤمن أنه سوف يتحقق. إننا على ثقة، أيها الأعزاء، بأن هذا المؤتمر سيسهم في تعزيز بنيان حركتنا، وتمتين جبهتنا الداخلية، ومسيرة شعبنا نحو تحقيق أهدافه الوطنية.

يعلم الجميع، أيتها الأخوات، أيها الإخوة، عراقة هذه الحركة العظيمة، حركة فتح، التي مضى أكثر من خمسة عقود على انعقاد مؤتمرها الأول، والذي تلته أربعة مؤتمرات، جميعها كانت خارج فلسطين، واليوم، ينعقد هذا المؤتمر للمرة الثانية على التراب الوطني الفلسطيني، هنا في مدينة رام الله، وكلي أمل بأن مؤتمرنا القادم سيكون على أرض مدينة القدس الشريف، عاصمة دولة فلسطين، التي كانت، وستبقي كذلك إلى أبد الآبدين.

إن انعقاد هذا المؤتمر، بعد مرور سبع سنوات على مؤتمرنا السادس الذي عقد في مدينة بيت لحم، لهو تجسيد لقناعاتنا والتزامنا بدورية انعقاده، والحفاظ على مسيرة حركتنا الديمقراطية، وتمسكنا بها في أحلك الظروف وأقساها، فهذه هي فتح العظيمة، حركة الجماهير الفلسطينية، الحركة الرائدة التي نفتخر بها على الدوام.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة، الضيوف الكرام،

إن ما حققته حركتنا وثورتنا من إنجازات على امتداد ما يزيد عن خمسين عاماً من العطاء والنضال والتضحية، لا يمكننا حصره في خطاب أو كتاب، فحركة فتح كانت وما زالت واحدة من أبرز معالم التاريخ الفلسطيني المعاصر، ونموذجاً يحتذى في الصمود والتحدي، والصبر والعنفوان، والإرادة الصلبة، ليس فقط على المستوى الوطني، بل وعلى مستوى العالم أجمع؛ فقد ولدت فتح من رحم معاناة شعبنا، ومن أجل رفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه، ومحو الجرائم التي ارتكبت بحقه، وكانت بذلك مثالاً ونبراساً لكل الشرفاء في أمتنا والأحرار في العالم.

إن فتح التي انطلقت عام 1965 كحركة رائدة للتحرر الوطني الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، ولاقت التفافاً جماهيرياً أصيلاً من أبناء شعبنا، وأمتنا العربية المجيدة، ستظل غلابة منتصرة، ورائدة، بإذن الله، تذلل العقبات والصعاب صعوداً نحو آفاق الحرية والكرامة لشعبنا، لكي يتمكن من استرجاع حقوقه الوطنية الثابتة، ويعيش في دولته المستقلة، تحقيقا لأحلام شهدائنا وقادة شعبنا العظام، الذين مضوا إلى جنات الخلد، وتجسيداً لآمال جرحانا، وتطلعات أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، فتحية إجلال وإكبار لهم جميعاً.

أيها الأعزاء، في هذه اللحظة التاريخية، نستلهم القوة والعزم من نضالات وتضحيات قادة ثورتنا الأجلاء، الذين ترفرف أرواحهم في سماء الوطن، فتحية لروح الأخ القائد المؤسس الشهيد أبو عمار ولإخوانه الشهداء: أبو جهاد، وأبو إياد، وأبو السعيد، وأبو يوسف النجار، وعبد الفتاح حمود، وأبو علي إياد، وكمال عدوان، وكمال ناصر، وسعد صايل، وأبو الهول، وأبو صبري، وماجد أبو شرار، وأبو المنذر، وفيصل الحسيني، وصخر حبش، وهاني الحسن، وعثمان أبو غربية، وكل شهداء اللجنة المركزية والمجلس الثوري والاستشاري. حقهم علينا ان نذكرهم واحدا واحدا.

ولا يفوتنا أن نحيي أرواح شهداء شعبنا وشركائنا في النضال، الدكتور جورج حبش، وأبو علي مصطفى، والشيخ أحمد ياسين، وفتحي الشقاقي، وأبو العباس، وعبد الرحيم أحمد، وسمير غوشة، وأميل جرجوعي، وبشير البرغوثي، وسليمان النجاب، وغيرهم من القادة والشهداء.

كما لا يفوتنا أن نستذكر القادة التاريخيين لشعبنا: الحاج أمين الحسيني، وأحمد الشقيري، ويحيى حمودة، وخالد الفاهوم، والشيخ عبد الحميد السائح، رحمهم الله.

ولا يمكن أن ننسى، في هذه اللحظات التاريخية، الإخوة القادة المناضلين، القابعين في سجون الاحتلال، مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي، وكريم يونس شيخ الأسرى، وكل أسرانا البواسل، وأسيراتنا الماجدات وأسرانا من أطفالنا الأبرياء، هؤلاء الأبطال الذين لن يهدأ لنا بال حتى يتم إطلاق سراحهم جميعاً.

ومع هؤلاء العظماء، نستذكر جميع شهدائنا وجرحانا من أبناء شعبنا ومن الأشقاء العرب والأصدقاء، الذين سقطوا في جميع مراحل نضال شعبنا الفلسطيني، ونقول لعائلاتهم وذويهم، إنهم جميعهم أبطالنا، لن ننساهم، فهم خالدون في ذاكرة شعبنا، ووطنا فلسطين، ولن تذهب تضحياتهم هدراً.

ونعاهدهم بمواصلة نضالنا حتى تحقيق الأهداف التي ضحوا في سبيلها، مؤكدين ما كان يردده شهيدنا الرمز القائد أبو عمار، بأن شبلاً فلسطينياً، وزهرةً فلسطينيةً، سيرفعان معاً علم فلسطين عالياً خفاقاً، فوق أسوار القدس، ومآذن القدس، وكنائس القدس، يرونها بعيدة، ونراها قريبة، وإنا لصادقون.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة، الضيوف الكرام،

نعقد مؤتمرنا السابع اليوم هنا في هذه القاعة، التي تحمل اسم القائد الراحل أحمد الشقيري، ربما كثيرون لا يعرفون من هو أحمد الشقيري، ومن حقه وحق عائلته علينا أن نقول كلمة بحقه، صاحب التاريخ الحافل بالنضال، من أجل وطنه وشعبه، هذا القائد الذي كان رجل فعل ومبادرة، فحينما اختارته جامعة الدول العربية ليكون ممثلاً لها لدى الشعب الفلسطيني، يعرف ما هي أخباره، ما هي طلباته، عاد إليها ممثلاً لفلسطين وشعبها، وجلس في الجامعة العربية على مقعد اسمه فلسطين لأول مرة، لأنه كان ابن شعبه، ولأنه كان صاحب انتماء أصيل لوطنه.

مما يحسب لهذا القائد التاريخي، أنه بادر بالدعوة لعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس عام 1964، وأسس منظمة التحرير الفلسطينية، ومعها أسس جيش التحرير الفلسطيني، والصندوق القومي الفلسطيني.

لقد كان للعمل الذي اضطلع به المرحوم أحمد الشقيري، الدور التاريخي الكبير في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية وإبرازها، والحيلولة دون نجاح مؤامرات الاستيعاب والذوبان، التي كانت تحاك لشعبنا، وإفشال مخططات إسرائيل، التي كانت تراهن على أن الكبار سيموتون، وأن الصغار سينسون، لكن الكبار ماتوا على الثوابت، والصغار ما زالوا متمسكين بها.

وبعد انطلاق حركة فتح في الأول من يناير 1965، تولى الأخ الشهيد، والقائد الرمز ياسر عرفات، قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، في العام 1969، ابعد الشقيري، لكن كانت هناك الفصائل الفلسطينية التي تمكنت من أن تمسك بزمام منظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن قضى شهيدا عام 2004، وفي بدايات هذه الحقبة، استطاع أبو عمار تكريس منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني عام 1974، للأسف الكل يدعي أنه يمثل الشعب الفلسطيني ولا نجد من يمثله حقيقة، فجاءت منظمة التحرير برئاسة الأخ أبو عمار وجلس على طاولة القمة العربية وقال لهم، نحن وحدنا نمثل الشعب الفلسطيني وكان له ما أراد، وهو الأمر الذي تم ترسيخه في خطابه الأول في الأمم المتحدة عام 1974، ثم توجت إنجازات المنظمة تحت قيادته بإعلان الاستقلال في الجزائر الشقيقة عام 1988، هذا الإعلان التاريخي الذي حددنا فيه ثوابتنا الوطنية، التي لم نحد عنها، ولن نحيد عنها.. لن نحيد عنها أبدا.

هناك من يقول أين هي الثوابت الفلسطينية؟ إما إنهم لم يقرأوها أو إما أنهم يتغافلون عن الواقع، في كل مرة يقولون أضعتم الثوابت الفلسطينية، الثوابت التي اعتمدت في 88 في المجلس الوطني لجانب إعلان الاستقلال، هذه الثوابت كانت خطوة جريئة جدا من قيادة الشعب الفلسطيني، ليس من اللجنة التنفيذية فقط، إنما من كل المجلس الوطني الذي كان يعد في ذلك الوقت 736 ممثلا للشعب الفلسطيني، اخذوا هذه القرارات ثوابت وأعلنوا الاستقلال، أتحدى إننا تراجعنا عن ثابت واحد، إذا على كل من يريد أن يتحدث عن الثوابت أن يعيد قراءتها ثم يقوم بمحاسبتنا، ونحن مسؤولون أمام الشعب والتاريخ أن هذه الثوابت سنحافظ عليها يكل قوتنا حتى تتحقق أو نموت دونها، فلا احد يراجعنا ويقول أين الثوابت، هي موجودة ونحن نحافظ عليها، ونحميها ونعمل من أجل تحقيقها.

وقد مهد هذا الإعلان، الذي جاء في خضم انتفاضة شعبنا المباركة، انتفاضة أطفال الحجارة في وجه الاحتلال، الطريق للشروع في مفاوضات مدريد، وواشنطن، وأوسلو، هنا أقول عندما قامت انتفاضة الحجارة أو الأطفال -وهذه الانتفاضة نفتخر بها للأبد- لم تكن فقط انتفاضة حجارة، إنما كانت انتفاضة مواقف سياسية، وأنا اعترف أننا استلهمنا كل ثوابتنا من انتفاضة الحجارة، ما كان يأتينا من رسائل من أخوتنا بالداخل كنا نترجمها ونقرأها وعندما ذهبنا للمجلس الوطني قلنا هذا هو موقف شعبنا وخياراته، ورأي شعبنا والتزمنا بها، إذا لم تكن انتفاضة أطفال إنما انتفاضة عقول أيضا، المفاوضات التي أسفرت عن عودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وجنودها وكوادرها إلى أرض الوطن.

نريد أن نتحدث عن أوسلو، كثير من يقول أوسلو خيانة بالعلن أو السر دون أن يعلم ما هذا، اتفاق أوسلو مبدئي اتفاق مبادئ كل ما فعلناه إننا مهدنا الطريق لعودة القيادة وكوادرها إلى أرض الوطن، لا نقول إننا مارسنا حق العودة، ولكن نقول إنها كانت خطوة هامة جدا بهذا الاتفاق، إننا بدأنا نعود والدليل على ذاك إننا نجتمع هنا ونعقد مؤتمرنا السابع على ارض الوطن وليس في أي مكان آخر، بهذا الاتفاق الذي وقعته أنا شخصيا عاد مئات الآلاف إلى الوطن، لا نقول مارسوا حق العودة ولكن محطة من المحطات مارسها الشعب الفلسطيني بمقدار ما يستطيع، أن عدد الذين عادوا من خلال هذا الاتفاق لا يقل عن 600 ألف مواطن فلسطيني وعربي، وغير عربي ممن عمل مع المنظمة من كوادر وشباب، سواء أكان فلسطينيا أم عربيا أم غير عربي.

ثم بعد ذلك بدأت أفواج تعود، وبالمناسبة بعد اتفاق أوسلو عاد كثير من الناس والعائلات بزيارة وبقوا هنا، لا نقول حصلنا على الاستقلال وتحرير البلد، فعندما جاءت هذه العائلات لم يستطع المغادرة ولم يستطع البقاء لان ليس لديها هويات، الهوية لا تصدر من عندنا، أما الجواز فمن عندنا، فتجمع 54 ألف عائلة من دون إقامة، من دون هوية، ما هو المطلوب أن نفعله مع هؤلاء؟ بقينا حتى 6 سنوات وهم لا يستطيعون التحرك داخل المدن، لا يستطيعون تسجيل أولادهم الجدد، وتمكنا بالإقناع أن نحصل لهم على الهويات وحصل جميعهم عليها وعلى الجواز الفلسطيني، إذا هي خطوة إلى الأمام، نحن ما زلنا نراكم خطوات إلى الأمام، تحرير الوطن والوصول إلى الاستقلال، يتم بتراكم الخطوات لبنة لبنة، طوبة طوبة، خطوة وخطوة، ومن يستطيع تحقيقها فورا فليتفضل، نحن نسير هكذا، وهذا ما يحصل معنا الآن.

وهنا تجلى إصرار الرئيس الرمز الراحل ورفاقه على التمسك بالمبادئ، والممارسة الديمقراطية في فلسطين، عبر تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية لأول مرة في العام 1996، فعندما عاد الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى الوطن هو أول من أجرى الانتخابات وأجريت الانتخابات التشريعية والرئاسية وترشح ياسر عرفات كأي مواطن في العام 1996 مقابل سميحة خليل ونجح بالانتخابات، فالسلطة الوطنية مارست الديمقراطية من أول يوم وصلنا إلى بلدنا حتى نقول للعالم إننا شعب يؤمن بالوطنية ولا يؤمن بالدكتاتورية. وبعد رحيل القائد الشهيد الرمز أبو عمار، تم تنظيم انتخابات رئاسية، تحملت على أساسها المسؤولية التي ائتمننا عليها شعبنا.

وعلى مدى سنوات من هذه المسيرة، التي طالما اكتنفها الكثير من العراقيل والصعوبات، انتقلنا بقضية شعبنا ونضاله الوطني إلى مرحلة جديدة من الإنجازات، كان أبرزها الأمم المتحدة، حيث عندما وجدنا أن المفاوضات لم تؤدي إلى نتيجة قررنا في عام 2011 أن نذهب للأمم المتحدة، لنطالب بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ففلسطين كانت موجودة كمراقب باسم منظمة التحرير الفلسطينية وليس باسم السلطة الفلسطينية، في العام 2011 ذهبنا متحمسين للحصول على العضوية وأفشلنا ولم نتمكن من الحصول على العضوية، ولم نيأس ذهبنا في العام 2012 وبذلنا جهودا خارقة وهنا أقدم الشكر لوزارة الخارجية، فقد صممنا على أن نحصل على أكبر قدم ممكن من التأييد وعملت الخارجية مع سفرائنا المحترمين، وبذلك جهد جبار بعض دول العالم ساعدتنا في ذلك والبعض الآخر لم يساعدنا ولكن ذهبنا في 2012 ونحن مطمئنون إلى حد ما أننا سنحصل على الموافقة، ولكن يوجد البعض وبينها الدولة العظمى لا تريدنا مراقب، وتريد أن نبقى كذلك ونحصل على العضوية عبر المفاوضات، ودخلت إلى القاعة رغم محاولات ثنينا عن التصويت، وعند التصويت وسجل تصويت 138 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح رفع مكانة فلسطين لدولة مراقب، والانضمام كعضو كامل لعشرات المعاهدات والهيئات الدولية، بما فيها اليونسكو، ومحكمة الجنايات الدولية، واتفاقيات جنيف الأربع، ورفعنا علم فلسطين في احتفالية رسمية على مباني الأمم المتحدة، كما استقبلنا رئيس البرلمان الأوروبي بشكل رسمي، وعزف السلام الوطني لفلسطين والاتحاد الأوروبي معاً في بروكسل؛ مؤكدين هنا أننا سنظل نعمل بكل إصرار لتنال فلسطين عضويتها الدائمة والكاملة في الأمم المتحدة، وسيستمر سعينا ونضالنا لإنهاء الاحتلال، وتحقيق حرية شعبنا، واستقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية. ونحن كدولة مراقب نؤثر أكثر من عشرات من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وإن شاء الله سنذهب إلى مجلس الأمن للمطالبة بالعضوية الكاملة وإلى أن يحصل ذلك من حقنا أن ننضم إلى 522 منظمة ولغاية الآن انضممنا إلى 44 منظمة ومنها اليونسكو والمحكمة الجنائية الدولية التي من حقنا ان نشتكي فيها. ورفع العلم الفلسطيني فوق الأمم المتحدة وذهبت مؤخرا للاتحاد الأوروبي الذي أخذ قرارا بإدانة الاستيطان ومقاطعة منتجات المستوطنات وهذا شيء مهم لان أوروبا هي التي اخترعت إسرائيل وهذه خطوة من الخطوات إلى الأمام.

وأقول لكم أيها الأخوة الأعزاء إن هذه الإنجازات قد جاءت عبر مسيرة طويلة من النضال والصبر والإصرار، سنتحدث عن تفاصيلها لاحقا، حيث كانت حركة فتح قائدة هذا النضال الطويل منذ عام 1965، وقد تحققت هذه المنجزات بفضل تضحيات أبنائها المخلصين، ورفاقهم وإخوتهم شركاء النضال، وكما كانت فتح أول الرصاص، وأول الحجارة، فسوف تبقى كعهدها دائماً تحمل الراية عالية خفاقة، إلى أن ينعم شعبنا بالحرية والسيادة والاستقلال والسلام، ويقولون متى ذلك؟ قل عسى أن يكون قريباً. ما ضاع حق وراءه مطالب، لا يوجد شيء مستحل، أنا متأكد إننا سنصل إلى الاستقلال، سنبقى هنا، تجربة 1948 لن تتكرر. وستزيلون الاســــتيطان غصبا عنكم.

وأؤكد لكم أيها الأحبة أن معوقات الاحتلال لن تمنعنا من إنجاز هذا الهدف، وسنبقى موحدين تحت راية فلسطين، نفاخر بشعبنا، ونعتز بتضحياته وإنجازاته، بنسائه ورجاله وشيوخه، وشبابه، وأطفاله، بمسيحييه ومسلميه وسامرييه، بكنائسه ومساجده، وبتاريخه وموروثه الحضاري والروحي والديني، وبأطيافه السياسية، وبفصائله كافة؛ وسنبقى في أرضنا وتجربة 1948 لن تتكر، والاستيطان سيُزال رغما عن الاحتلال كما حدث في سيناء وغزة وسيخرج الاحتلال منها.

أيتها الأخوات أيها الأخوة،

لقد تجلت الوحدة الوطنية في أنبل صورها عندما سمع صوت الآذان في الكنائس، ومن فوق أسطح المنازل، رفضاً لقرار إسرائيلي بمنعه؛ كما تجلت كذلك عندما هرع أبناء شعبنا من المسلمين والمسيحيين معاً، ليطفئوا حرائق الكنائس والمساجد، ويعيدوا بناءها، بعدما أحرقها مستوطنون إرهابيون، فهذه عظمة شعبنا الفلسطيني، وروحه النبيلة في التلاحم والصمود ضد المحتل الغاصب. هذا الشعب لن يهزم، يد واحدة وشعب واحد، لذلك سننتصر بإذن الله.

فطموحاتنا وتطلعاتنا واحدة، وهي حرية وطننا وشعبنا، ولابد لقيد الاحتلال والاستيطان أن ينكسر، ولابد أن يزول عن ربوع بلادنا الأبية بسواحلها وجبالها الشامخة وبكل مقدساتنا المسيحية والإسلامية، وسنظل منغرسين في أرضنا المباركة، نعمل، ونبني ونناضل، إلى أن نحقق أهداف شعبنا كافة.

أيتها الأخوات والإخوة، والضيوف الكرام،

إن فلسطين أكبر منا جميعاً، وستظل هي الكلمة الجامعة لنا، وستبقى كما كانت على الدوام، القضية المركزية الأولى لأبناء أمتنا العربية المجيدة، التي لا يختلفون معها وعليها، ونحن وشعبنا وحركتنا العتيدة، لم ولن ننسى وقوف أشقائنا معنا، ودعمهم المادي والمعنوي لكفاح شعبنا ونضالاته المستمرة، وهم رغم كل الصعاب، وما يواجههم من تحديات ومحن، كانوا وسيبقون نعم الأهل والسند، يرفدون فلسطين بما يستطيعون، ويعززون صمود شعبنا وثباته على أرض وطنه، فهم النصير والظهير، ألمنا واحد، وأملنا واحد، وفرحنا واحد، ولهم منا كل الوفاء والتقدير.

أنا ضد ما يطلق عليه الربيع العربي، استورد إلينا وأُرسل إلينا من أجل إعادة سايكس بيكو جديد في العالم العربي وما هو يحصل الآن، نحن ضد العنف وضد التطرف بكافة أشكاله، ولا يجوز أن نقذف مكة المكرمة والمدينة المنورة بقذائف، لا يمكن أن يقبل هذا.

نحن في بلدنا هنا في دولة فلسطين ونعمل بما لدينا من إمكانيات وما يصلنا من مساعدات، وهي شحيحة لأسباب معروفة، وحكومتكم الرشيدة ترتب أمورها لضمان سير الأمور على ما يرام وتدفع رواتب للموظفين، والحمد لله إننا قادرون ونسير بحكمة وعقل وتصرف حسن وبناء لتوفير الدخل لأبناء شعبنا.

ونود في هذا المقام أن نجدد التأكيد لأشقائنا وأصدقائنا، بأن أبناء شعبنا الفلسطيني من اللاجئين المقيمين بينهم، هم ضيوف على أشقائهم في هذه الدول، إلى حين عودتهم إلى وطنهم، وهم لا يتدخلون في الشؤون الداخلية لها، وهذا ما نحرص عليه دائما.

وفي هذا الصدد، فإننا نتمنى لأشقائنا في سوريا، وليبيا، واليمن، والعراق، أن يستعيدوا الأمن والأمان والاستقرار، وبما يكفل وحدة أراضيهم وشعوبهم، ويعزز صمود أمتنا وقدراتها في مواجهة التحديات؛ مؤكدين أننا مع الحوار، وإيجاد الحلول السياسية الخلاقة، للخروج من الحالة الخطيرة الراهنة، التي تعيشها العديد من الأقطار العربية الشقيقة، فمصيرنا واحد، ومستقبلنا وتطلعاتنا واحدة، مؤيدين في ذات الوقت جهود الدول العربية الشقيقة في مكافحة الإرهاب والتطرف، الذي ندينه بصوره وأشكاله كافة، هنا في منطقتنا وفي العالم أجمع، كما نجدد إدانتنا الشديدة لمحاولات استهداف الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وبهذه المناسبة، نود أن نعبر عن جزيل الشكر والتقدير لجميع الدول والمنظمات المانحة، التي واكبت، ودعمت مسيرتنا لبناء مؤسساتنا الوطنية، واستكمال البنية التحتية، ومساندتنا على النهوض باقتصادنا الوطني.

أيتها الأخوات والإخوة، والضيوف الكرام،

رغم ما يحيط بنا، وما نواجهه من تحديات، فقد حافظنا على علاقات متوازنة ومتواصلة وطيبة مع الجميع عربياً، وإقليميا ودولياً، وأبقينا على نهجنا الثابت منذ انطلاقة فتح، وعبر مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، ومثلما لا نتدخل في شؤون الآخرين، فإننا نأمل أن يقدر الجميع خصوصية وضعنا، باحترام استقلال القرار الوطني الفلسطيني، الذي كرسناه بالتضحيات الجسام، حيث ظلت فتح على الدوام جسداً واحداً ومتماسكاً، وفية لعمقها وانتمائها العربي، لا تحيد عن الهدف.

إن وحدتنا الوطنية أيها الأعزاء هي صمام الأمان لقضيتنا، وهي درعنا الحامي في مواجهة التحديات، لذا فإننا سنظل نعمل بكل إخلاص على بناء وتعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية؛ وإنهاء الانقسام البغيض الذي خلقه انقلاب حركة حماس عام 2007.

وأود أن أقول لكم في هذا السياق، أيها الإخوة والأخوات، لقد مددنا أيدينا دوماً لإخوتنا في حركة حماس من أجل إنهاء الانقسام، وفق اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، وفي هذا السياق نتوجه بالشكر والتقدير للشقيقة جمهورية مصر العربية، التي رعت جهود المصالحة، والشكر موصول لجميع الدول العربية الشقيقة، التي دعمت وقدمت المبادرات، من أجل ذلك، بما في ذلك دولة قطر التي بادرت إلى استضافة الحوارات واللقاءات، ونأمل أن تتحقق الوحدة قريباً.

لا يوجد طريق آخر غير المصالحة، ولكن على أي أساس، ألسنا شعبا ديمقراطيا؟، نذهب للانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، وإذا أرادوا أن نمهد لذلك بحكومة وفاق وطني فلا مانع، وعلى الأقل مشهود لنا بالشفافية، بمعنى أنه لا يوجد عندنا تزوير.

عندما حصلت انتخابات 2006 جائني الدكتور حنا ناصر وقال لي إن حركة حماس فازت بالانتخابات، أجريت اتصالين هاتفيين، الأول لاسماعيل هنية هنأته وقلت له حضر من تريد أن يكون رئيس حكومة، والثاني لأحمد قريع وقلت له قدم استقالتك، الكل يجب أن يكون جاهزا للانتخابات، ومن يقرره الشعب يستلم البلد، وهذا ما نعرضه دائما وان شاء الله نصل لنتيجة، وهنا أتوجه بالشكر والتقدير للأخ خالد مشعل على رسالته لهذا المؤتمر التي تحمل روحا طيبة، وان شاء الله نبني عليها من أجل الوصول إلى مصالحة.

إنني وفي هذه اللحظة الفارقة من مسيرتنا الوطنية، أوجه من جديد نداءً مخلصاً لحركة حماس، لإنهاء الانقسام عبر بوابة الديمقراطية الوطنية، وبمشاركة جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي، من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي نراها أقصر الطرق لإنجاز الوحدة الوطنية.

إن حكومة الوفاق الوطني لدولة فلسطين ستستمر في إعادة إعمار قطاع غزة، ورفع وفك الحصار عنه، والتخفيف من معاناة وعذابات أبناء شعبنا الفلسطيني هناك، رغم الصعاب والعراقيل، وشح الموارد، وما نعانيه من ضائقة مالية، ومعوقات إسرائيلية، فهذا واجبنا وسنستمر بالعمل وتقديم هذا الواجب. مؤكدين هنا شكرنا لكل الأصدقاء والأشقاء، الذين ساهموا ويساهمون في جهود إعادة الإعمار، ونحثهم على المزيد لأن ما خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلي من دمار كبير، والآلاف من أهلنا لا زالوا في انتظار العون.

أيتها الأخوات وأيها الإخوة، أيها الضيوف الكرام،

يعلم الجميع، أننا وقعنا مع إسرائيل اتفاقيات دولية، حافظنا فيها على التزاماتنا جميعاً، إلا أن إسرائيل، قد نكثت بتلك الاتفاقات، المبنية على أساس قرارات الشرعية الدولية؛ فقد جرى الاتفاق وفق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في البيت الأبيض عام 1993، وما تلاه من اتفاقيات مع إسرائيل، بأن يتم التفاوض حول قضايا الحل النهائي، لتقوم الدولة الفلسطينية في فترة لا تزيد عن خمس سنوات، أي قبل نهاية العام 1999، وأن يتم توقيع اتفاقية سلام، تنهي الاحتلال الإسرائيلي عن أرض دولة فلسطين المحتلة، على أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967، ولكن خلال هذه المدة تغيرت الحكومة ومعها تغير التوجه ولذلك لم يحصل تقدم.

وحينما وصلت هذه العملية السياسية إلى طريق مسدود، جاءت مبادرة السلام العربية، في قمة بيروت في العام 2002، والتي تم تبنيها في القمم الإسلامية المتعاقبة، واعتمدت هذه المبادرة التاريخية في قرار مجلس الأمن 1515 كجزء من خطة خارطة الطريق، وهي مبادرة جريئة، تنسحب إسرائيل بموجبها من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وتقوم دولة فلسطين، مقابل اعتراف جميع الدول العربية بإسرائيل، والتي رفضناها نحن وجميع الدول العربية وعلى رأسها السعودية.

ولاحقاً لذلك، فقد استجبنا لجهود الإدارة الأمريكية من خلال وزير خارجيتها جون كيري، للذهاب لمفاوضات مدتها تسعة أشهر برعايتها، إلا أن الحكومة الإسرائيلية عادت إلى المراوغة من جديد، وجعلت تلك المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، واستخدمتها لكسب الوقت، وفرض وقائع استيطانية جديدة على الأرض، ورفضت إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال قبل أوسلو.

نقول للعالم يجب أن يكون هناك حلا نهائـيا على أساس دولتين، فلسطين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وقبل سنوات طرحوا أفكارا لحدود مؤقتة وحلولا انتقالية وحلولا انتقالية، وهنا أكدنا للجميع على موقفنا بأننا لن نقبل بالحلول الانتقالية وبالدولة ذات الحدود المؤقتة، ولن نقبل بمقترح الاعتراف بالدولة اليهودية، وأن تطبيق مبادرة السلام العربية يجب أن يتم دون تعديل، وأن التعاون الإقليمي لا يمكن أن ينجح، بل وأن السلام والأمن لا يمكن أن يعم المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية أولاً. ونجدد القول بأن اعترافنا بدولة إسرائيل ليس مجانياً، ويجب أن يقابله اعتراف مماثل، ونؤكد على أن الدول التي تعترف بحل الدولتين عليها أن تعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة.

لقد شاركنا في جنازة شمعون بيريز بهدف إرسال رسالة للجميع بأننا نسعى لتحقيق السلام، بل وأننا على استعداد للذهاب لأي مكان، وحتى لنهاية العالم، لنحقق مطالب شعبنا في الحرية والاستقلال.

وقد كلفنا لجنة للتواصل مع المجتمع الإسرائيلي بهدف شرح الرؤية الفلسطينية.

أخذنا قرارا بفتح حوار لأننا لا نريد أن يبقى المجتمع الإسرائيلي يأخذ الأخبار من جهة واحدة، نريد أن نقول للشعب الإسرائيلي بكل أطيافه نحن نريد السلام وحكومتكم لا تريده. التواصل الاجتماعي أدى ثمار عظيمة، نحن نعمل على هذا الموضوع وسنواصل العمل به.

في كل اجتماع نقول مقاومة شعبية سلمية، ويجب أن نمارسها فهي من حقوقنا، لا نريد مزاودة من أحد. نحن في هذه المرحلة نريد مقاومة شعبية سلمية، ونريد أن نمد أيدينا إلى السلام.

أيتها الأخوات وأيها الإخوة،

ورغم العراقيل التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية لإفشال حل الدولتين وتحقيق السلام، حاولنا جاهدين البحث عن سبل تدفع إسرائيل إلى تطبق الاتفاقيات الموقعة معها، وتنفيذ التزاماتها، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت الاستجابة لذلك، الأمر الذي أوصلنا لقناعة بأن إسرائيل غير جادة في أية عملية سياسية تتم من خلال مفاوضات ثنائية ومباشرة، معها.

كما وافقنا على مبادرة الرئيس بوتين بعقد اجتماع ثلاثي في موسكو، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية طلب تأجيلها، ومن جانبنا نحن لازلنا نرحب بهذه المبادرة، هذا، وإننا سنواصل سعينا وبمساندة الدول العربية ودول صديقة لصياغة مشروعات قرارات ضد الاستيطان ولنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

ولأننا وصلنا إلى طريق مسدود في مطلع هذا العام، أطلقنا نداءنا لعقد مؤتمر دولي للسلام، وفق صيغة 5+1، وسقف زمني للتنفيذ، وآلية مراقبة دولية، وقد استجابت فرنسا، وأطلقت مبادرتها التي حازت على دعم دولي واسع، حيث تم عقد اجتماع في الثالث من حزيران/يونيو حضره وزراء 28 دولة وممثلو 3 منظمات دولية، ونحن مستمرون في العمل مع فرنسا من أجل انعقاد المؤتمر الدولي قبل انتهاء هذا العام.

إن المأساة الفلسطينية التي لا تزال قائمة، نتيجة للخطيئة التاريخية التي ارتكبتها بريطانيا بإصدار وعد بلفور عام 1917 ، وهو الوعد الذي أعطى بموجبه البريطانيون دون وجه حق، أرض فلسطين لغير شعبها، ولأجل إصلاح هذه الخطيئة التاريخية، فقد بدأنا حواراً مع الحكومة البريطانية لإعلان اعتذارها عن إصدار هذا الوعد وإصلاح الضرر الذي لحق بشعبنا ومقدراتنا ووطننا، مع ضرورة الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين.

أيها الأعزاء،،

قرارات اليونسكو التي صدرت مؤخراً، تهدف إلى الحفاظ على التراث الإنساني في مدينة القدس الشرقية المحتلة، من عمليات الطمس والتغيير التي تقوم بها إسرائيل بشكل ممنهج.

وقد جاءت هذه القرارات التاريخية ثمرة للجهود المشتركة التي بذلتها فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية، سوياً مع أشقائنا وأصدقائنا في اليونسكو، وسوف تستمر هذه الجهود من أجل حماية حقوقنا وتراثنا من مؤامرات ومخططات الاحتلال.

ونحن نجدد موقفنا بأن القدس الشرقية المحتلة عام 1967 هي عاصمة دولة فلسطين، نريدها أن تكون مفتوحة للعبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وقد كنا ولا زلنا دائماً مع الانفتاح وحوار الأديان، وقد اجتمعنا منذ عامين في حاضرة الفاتيكان، بدعوة كريمة من قداسة البابا فرانسيس من أجل السلام. وهنا نجدد الشكر لقداسة البابا على زيارته التاريخية لبيت لحم، وعلى منح فلسطين قديستين في احتفال مهيب لأول مرة في التاريخ، واعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين.

وأود هنا أن أشيد بجهود المملكة الأردنية الهاشمية معنا في رعاية مقدساتنا في مدينة القدس، وكذلك بجهود المملكة المغربية في دعم صمود المدينة المقدسة عبر لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس التابعة لها، التي تشارك فيها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مشكورة.
كما أشيد بالدعم المتواصل الذي تقدمه الدول الشقيقة والصديقة، وأخص بالذكر الدعم المقدم عبر صندوقي الأقصى والقدس، الذين يديرهما البنك الإسلامي للتنمية.

والشكر موصول لجميع الدول العربية على ما قدمته وتقدمه من دعم مادى عبر جامعة الدول العربية وبالذات المملكة العربية السعودية والجزائر اللتين لم تنقطعا عن الوفاء بالتزاماتهما، داعين جميع الأشقاء والأصدقاء إلى الاستمرار في دعم صمود شعبنا، وبناء مؤسسات دولتنا. شكر المملكة العربية السعودية والجزائر على التزامهما معنا ولم ينقطعوا عنا من ناحية الدعم المادي.

أيها الأخوة والأخوات،،

واصلنا عملنا من أجل تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية وهيئاتها، فالمجلس الوطني يمثل دولة فلسطين في العديد من البرلمانات الإقليمية الدولية؛ والصندوق القومي الفلسطيني يواصل عمله المالي والإداري وإيصال الدعم لأهلنا في الشتات خاصة في لبنان وسوريا، وقد سجلنا باسم المنظمة جميع الأملاك التي حررناها وأكثر من مائة سفارة وبعثة فلسطينية قمنا ببنائها، وقد تم تجميع دوائر المنظمة في مقر مركزي بالوطن لأول مرة.

وبهذه المناسبة يسعدني أن أعلمكم بأننا وبعد انتهاء أعمال هذا المؤتمر، سنجري المشاورات اللازمة مع شركائنا في منظمة التحرير وفصائل العمل الوطني لعقد دورة للمجلس الوطني الفلسطيني في اقرب وقت من أجل تعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية وإعلاء دورها.
منذ أيام رحل الزعيم والقائد الثوري الكوبي فيدل كاسترو ومنذ عامين رحل القائد والمناضل الفنزويلي الكبير هوغو تشافيز، وهما من أكبر المناصرين العالميين لقضية شعبنا العادلة، فتحية لروحيهما وتاريخهما النضالي. وبهذه المناسبة، نعبر عن شكرنا وامتناننا لحركات التحرر العالمية التي وقفت ولازالت تقف إلى جانب نضال شعبنا من أجل حريته واستقلاله. ونعلن عن إطلاق أسماء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وفيديل كاسترو، وهوجو تشافيز، على شوارع وميادين في فلسطين، تقديرا لدعمهم لأبناء شعبنا وقضيتنا الفلسطينية.

أيها الأخوة والأخوات،،

يقول الله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، وكما قال تعالى: "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" وقال تعالى: " رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات" صدق الله العظيم.

وانطلاقاً من ذلك، سأحاول أن ألخص لكم بعض أهم الإنجازات التي حرصت على الدفع بها قدماً، وساهمت حركة فتح في وضع رؤيتها، وإنجاحها، وقد تمت بمصادقة منظمة التحرير الفلسطينية خلال الفترة التي تلت المؤتمر السادس، وحتى تاريخه، وهي:

في مجال العلاقات الدولية:

• حصلنا لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، على شهادة ميلاد لدولة فلسطين في النظام الدولي، وذلك في 29 نوفمبر 2012، وقد حصلت دولة فلسطين على عضوية كاملة في العشرات من المعاهدات والوكالات الدولية مثل منظمة اليونسكو، ومحكمة الجنايات الدولية، ومواثيق جنيف الدولية لحقوق الإنسان وغيرها، وسنواصل عملنا وجهودنا، لنيل العضوية الكاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

• تعترف بنا حالياً 138 دولة، 40 منها تمت في الفترة من 2009 وحتى تاريخه، وكان آخرها السويد والفاتيكان.

• لقد أقمنا علاقات دبلوماسية واسعة، وقد أصبح لدينا 103 سفارات وبعثات مقيمة، هذا بالإضافة إلى تمثيل غير مقيم مع غالبية دول العالم.

• ضاعفنا بعدة مرات السفارات التي نمتلكها، حيث أصبحت 120 عقاراً، منها 80 مقراً جديداً، وعدد 14 مقراً آخر قيد التنفيذ، تضاف إلى عدد 26 عقاراً كنا نمتلكها سابقاً، وقد تم تسجيلها جميعاً باسم منظمة التحرير الفلسطينية.

• أنشأنا وكالة للتعاون الدولي تقوم بأعمال الإغاثة، ومد جسور التعاون مع شعوب العالم.

• نشارك بانتظام في مؤتمرات القمم العربية، وعدم الانحياز، والمؤتمرات الإسلامية، والقمم الإفريقية، والجمعية العامة للأمم المتحدة سنوياً في نيويورك، ومؤتمر المناخ وغيرها، وذلك من أجل تأمين الدعم والتأييد لقضية شعبنا.

• قمنا بعشرات الزيارات الثنائية، بهدف تطوير علاقات الصداقة والتعاون، وشرح الموقف الفلسطيني، وحشد الدعم العربي والدولي وطلب الاعتراف بدولة فلسطين.

• ومن دواعي الفخر والاعتزاز أنه وأثناء زيارتي الأخيرة للاتحاد الأوروبي تم استقبالنا كدولة مستقلة، حيث، ولأول مرة عزف النشيد الوطني الفلسطيني والأوروبي في مقر البرلمان الأوروبي في سبتمبر الماضي، ورفع العلمان الأوروبي والفلسطيني.

• حصلنا على دعم أوربي واسع وصدر العديد من البيانات الأوروبية الداعمة لحقوقنا، واتخذت قرارات وإجراءات ضد منتجات المستوطنات، ونبذ الشركات الأوروبية العاملة في المستوطنات، ولدينا لجان حكومية مشتركة مع عدد كبير من الدول الأوروبية، وكذلك اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وعلى مستوى الإتحاد من أجل المتوسط.

• وعلى مستوى الانجازات الدولية في المجال البرلماني فقد أصبح المجلس الوطني الفلسطيني عضوا كاملا في الاتحاد البرلماني الدولي، وعضوا كاملا في الجمعية البرلمانية الاورومتوسطية وبرلمان الاتحاد من أجل المتوسط، وحصلنا على العضوية المشاركة في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا. هذا بالإضافة إلى عضوية فلسطين الكاملة في العديد من البرلمانات الإقليمية، ومنها العربية والأسيوية والإسلامية والعضوية المراقبة في الاتحاد البرلماني الإفريقي.

في مجال بناء المؤسسات والحكم الرشيد:

• تم تطوير الهياكل الحكومية، وإصدار القوانين الضرورية لتشكيل حكومة تعمل مؤسساتها وفق نظم الحكم الرشيد، ولا ينقصها إلا تحقيق نهاية الاحتلال، وإعلان استقلال الدولة، وذلك بشهادة المنظمات الدولية.

•تم بناء مؤسسات دولة فلسطين على أساس الالتزام بسيادة القانون، واعتماد المعايير الدولية في المحاسبة، والشفافية.

• في مجال تطوير قوانين ونظم حديثة لإدارة شؤون الوظيفة العمومية، فقد شهدت الإدارة العامة والخدمة المدنية تطورات نوعية في السنوات الست الماضية.

• واصل ديوان الرقابة المالية والإدارية تطوير أعماله وتقديم تقاريره السنوية ما ساعد على ضبط الأداء ومراقبته.

• يجري العمل على تنمية صندوق التقاعد والمحافظة على حقوق المتقاعدين وتطويرها.

• وفي مجال مكافحة الفساد، تم إنشاء هيئة لهذه الغاية في العام 2010 ، وفق قانون ونظم متطورة، وتقوم بدور هام في التوعية والتحقق والإحالة للهيئات القضائية.

• ولا يفوتنا أن نشيد بالدور الهام لمركز الإحصاء الوطني الفلسطيني.

• في مجال الانتخابات المحلية، حالت ظروف قاهرة دون إجراء هذه الانتخابات مؤخراً، وسيتم تحديد موعد جديد للانتخابات المحلية عند انتهاء الإجراءات القانونية والقضائية اللازمة لذلك.

• في مجال توثيق رموز الدولة واستخدام اسم "دولة فلسطين" بدلاً من السلطة الفلسطينية".

• أصدرنا قانون حرمة العلم، باعتباره أحد رموز السيادة. وعملنا جاهدين ونجحنا في رفعه عالياً على مقرات الأمم المتحدة.

• كما تم توثيق ونشر السلام الوطني الفلسطيني، وأنشأنا عدد من الفرق الموسيقية في الأمن الوطني والشرطة لعزفه في المناسبات الرسمية. وكذلك حددنا مواصفات شعار الدولة، وتم اعتماده في الأوراق الرسمية.

• قمنا بإصدار مجموعات من أوسمة الدولة، والميداليات المدنية والعسكرية، وقد تم منح العديد منها للشخصيات الفلسطينية والعربية والأجنبية، تقديراً لها على إنجازاتها لخدمة فلسطين.

في مجال تمتين الاقتصاد الوطني:

الجميع يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا هو المعيق الأكبر للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، ورغم ذلك فإننا نعمل للتخفيف من وقعه من خلال التنسيق والشراكة بين القطاع العام والخاص، في سن القوانين التي تشجع الاستثمارات وإنشاء شراكات استراتيجية بين صندوق الاستثمار الفلسطيني، والمستثمرين الفلسطينيين والعالميين، وفي نفس الوقت، مواصلة العمل مع المنظمات الدولية، والمانحين من أجل تهيئة البنية التحتية والمساهمة في مشروعات تساند الاقتصاد الفلسطيني.

ومن أهم القطاعات الإنتاجية التي نعمل على تطويرها بهدف إحداث فرق كبير في الإنتاج والتنمية المستدامة، قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والطاقة المتجددة، وتنمية الموارد الطبيعية، والاتصالات والتكنولوجيا والحلول الذكية، وقطاعات البنية التحتية والنقل والمواصلات والتطوير العقاري والسياحة.

قطاع الصناعة، وإنتاج الطاقة، والغاز والبترول:

يحقق هذا القطاع ناتجاً قدرة أربعة ونصف مليار دولار تشكل حوالي 40? من الناتج المحلي الإجمالي.

قمنا بتطوير وتشغيل المدينة الصناعية الزراعية في أريحا بدعم من اليابان، والمدينة الصناعية في بيت لحم بدعم من فرنسا، والمنطقة الصناعية في جنين بدعم من ألمانيا وتركيا، ويجري العمل على تطوير توسيع مدينة غزة الصناعية بدعم من الاتحاد الأوروبي، إضافة المناطق الصناعية البلدية، والمشاغل الحرفية، مصانع الأدوية التي نفتخر بها.

وتقوم سلطة الطاقة بدور مركزي في تطوير قطاع الطاقة، وتشجيع المستثمرين، ومن ضمنها برنامج إنتاج الطاقة الشمسية، وإننا نحث المستثمرين للقدوم، ومن جانبنا سنواصل تقديم التسهيلات اللازمة، وتوفير الأراضي، على طريق تحقيق الاستقلال في مجال الكهرباء.

وفي مجال عمل صندوق الاستثمار الفلسطيني:

حقق صندوق الاستثمار الفلسطيني إنجازات هامة في مجال تركيز الاستثمارات داخل فلسطين.

في قطاع الطاقة تم منذ أيام وضع حجر الأساس، لإنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء في محافظة جنين، والتي ستعمل على تزويد ما يقارب 40% من احتياجات فلسطين للكهرباء، بحجم استثماريٍ متوقع أن يصل إلى حوالي 600 مليون دولار أمريكي، بشراكة بين الصندوق وشركات فلسطينية أخرى.

في الوقت الذي بدأ فيه الصندوق بتنفيذ برنامج واعدة للطاقة الشمسية في مختلف محافظات الوطن.

وفي قطاع الصناعات الإنشائية، وضعنا حجر الأساس لمصنع الاسمنت، باستثمار 300 مليون دولار.

أما في القطاع العقاري: ضاحية الريحان العقارية وضاحية الجنان النموذجية في محافظة جنين، ومشروع "مدينة القمر" في الأغوار، ومركز الإرسال.

تمويل وضمان القروض التشغيلية لأكثر من 4000 مشروع وبرنامج تمكين اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء في لبنان.

ضخ الاستثمارات واستقطاب استثمارات خارجية وتطوير القطاعات الافتصادية الواعدة، مثل قطاعات السياحة، الاتصالات، والبنوك، والصناعة والزراعة، والصحة.

في مجال مساهمة المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار":

قامت بكدار، وهي المؤسسة التي أنشأتها منظمة التحرير الفلسطينية عند العودة للوطن، وقد أنجزت 5000 مشروع على مستوى الوطن في الضفة وبما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، في مختلف مجالات التنمية، والبنية التحتية، وبرامج خلق فرص عمل، ولعل من أهم المشاريع الوطنية الكبرى، التي يجري بناؤها حالياً تحت إشراف "بكدار": مستشفى خالد الحسن للسرطان، ومستشفى هوغو تشافيز للعيون.

في مجال الاستثمار العقاري:

هناك نهضة عمرانية كبيرة في فلسطين: مشروع مدينة روابي المتكاملة، ومشاريع شركة بريكو، وعشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة التي بناها مستثمرون وطنيون.

في مجال تطوير قطاع الزراعة:

يعتبر قطاع الزراعة من أهم روافد الاقتصاد الوطني: تم إنشاء مؤسسة الإقراض، وإنشاء صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، وإعفاء المزارعين من ضريبة الدخل.

ولولا سيطرة إسرائيل على أكثر من 60% من أرضنا وبخاصة منطقة الأغوار، لكان الوضع مختلفاً تماماً.

نعمل على تقديم المساعدات للمتضررين من اعتداءات الاحتلال في الضفة والقطاع بتمويل مشكور من الاتحاد الأوروبي بقيمة تصل إلى 17 مليون يورو.

ومن أجل تعزيز صمود المزارعين على أرضهم سيتم تعويض المزارعين المتضررين من الكوارث الطبيعية، اعتباراً من بداية الشهر القادم بقيمة 20 مليون شيكل.

في مجال إنتاج التكنولوجيا وصناعة الابتكار:

من أجل تمكين الشباب، وضعنا حجر الأساس لأول حديقة تكنولوجية في فلسطين بدعم كريم من حكومة الهند الصديقة في حرم جامعة بيرزيت، ويجري العمل مع حكومة كوريا الجنوبية على مشروع مماثل، سيتم إقامته في منطقة أخرى، وذلك من أجل إنتاج التكنولوجيا، وصناعة الابتكارات، وتشجيع الريادة.

هناك شركات عالمية تحقق دخلاً بالمليارات قامت على فكرة لشاب، أو شابة، أتيحت لهم الفرصة لتطويرها وإنتاجها.

الانجازات في مجال الإبداع والتميز:

قمنا بإنشاء المجلس الأعلى للإبداع والتميز في 2013، وتم إنشاء صندوق لدعم الإبداع والتميز، وذلك بهدف تمكين الشباب وانخراطهم في بناء المستقبل وتوطين العقول الفلسطينية وتنميتها، وقد قام المجلس بدعم 35 مشروعاً وبناء قدرات 980 شاباً وشابة، وبالشراكة مع القطاع الخاص.

الإدارة المالية الحكومية وأثرها على الاقتصاد الوطني:

نجحت دولة فلسطين في إنشاء منظومة إدارة مالية حكومية، شهد لها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والدول المانحة، حيث تحققت زيادة مؤكدة للإيرادات بأكثر من ثلاثمائة مليون دولار سنوياً.

هذا وقد واصلنا تحمل النفقات والاحتياجات لأهلنا في الشتات، وخاصة في لبنان وسوريا. أما بالنسبة لأهلنا في قطاع غزة، فقد تحملت الموازنة العامة، وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة ما قيمته 14 مليار دولار، وبمعدل شهري قدره 120 مليون دولار.

إلا أن أعباء الموازنة تتطلب مواصلة الدول الشقيقة والصديقة الوفاء بالتزاماتها ودعمها المشكور والمقدر من شعبنا.

وفي مجال قطاع التمويل والبنوك:

لقد تم تحقيق إنجازات كبيرة في مجال تطوير قطاع البنوك والتمويل في فلسطين، من خلال عمل 15 بنك، وشركات تمويل وإقراض للمشاريع، وشركات تأمين وسوق فلسطين المالي، وقد استطاعت سلطة النقد الفلسطينية تنظيم هذا القطاع الحيوي للاقتصاد الفلسطيني على أحدث المعايير العالمية.

وفي مجال إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة: فقد نظمنا مؤتمر المانحين بالقاهرة، وواصلت الحكومة الإشراف على تنسيق وصول الدعم الذي وصل لأكثر من مليار ونصف المليار دولار، وعملت الحكومة بالشراكة مع المنظمات المالية والمانحين على إعادة ترميم وإعمار غالبية المؤسسات التعليمية والصحية وشبكات المياه والكهرباء، وأكثر من مائة ألف منزل بين ترميم جزئي أو كلي، ولازالت العملية مستمرة، لذلك نحث الأشقاء والأصدقاء على مواصلة دعمهم المشكور.

إن عدم وجود منافذ دولية حرة من مطارات، وموانئ للاستيراد، والتصدير، يفقدنا ملايين السياح، والمستثمرين من الفلسطينيين والأجانب، هذا وإن عدم استغلال أكثر من (60%) من أرضنا في المناطق (ج)، وبما فيها عدم استغلال الموارد الطبيعية من حصتنا في البحر الميت، وعدم استغلال شواطئه في مشروعات سياحية، يفقدنا أكثر من (3,5) مليار دولار سنوياً، وفق تقارير البنك الدولي الأخيرة.

تنمية الموارد والممتلكات الحكومية والحفاظ على أملاك الدولة: نعمل من ناحية على إقامة مبانٍ ومنشآتٍ لجميع المؤسسات الحكومية والأمنية، بحيث تكون جميعها ملكاً حكومياً ووطنياً.

نحافظ على الأراضي الحكومية وتخصيصها لاستخدامات تساعد على تنمية الإيرادات.

فقد استعدادنا وثبتنا أملاك منظمة التحرير الفلسطينية الموجودة في الخارج.

في مجال تطوير الثروة المائية:

يعلم الجميع حجم كارثة تلوث أحواض المياه الجوفية في قطاع غزة، ولهذا فإننا نعمل على تحلية المياه في ثلاث محطات صغيرة في القطاع، وإنشاء محطات للصرف الصحي، وتكريرها للحصول على المياه الصالحة لري المزروعات بقيمة 600 مليون دولار، بالتعاون مع الاتحاد من أجل المتوسط والبنك الإسلامي للتنمية وعددٍ من الدول ليتم إنشاؤها قبل 2020.

ومن ناحية أخرى، يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من (85%) من مخزون المياه في الضفة الغربية، من خلال سيطرتها على الأحواض المائية الواقعة في مناطق (ج).

الأهمية الكبيرة لتمكين فلسطين من استخدام 37 كم من شواطئها على البحر الميت، كل ذلك مع عدم الإجحاف بحقنا في مفاوضات المياه، التي ستتم وفق القانون الدولي. هذا وسنواصل العمل من أجل استرداد جميع حقوقنا المائية.

في مجال بناء وخلق بنية اجتماعية قوية ومستدامة:

لقد أكدت حركة فتح على الدوام على ضرورة تعزيز البنية الاجتماعية لتكون قوية ومتماسكة في وجه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في بلادنا، وهي تواصل جهودها عبر دعم البرنامج الوطني لإنهاء الاحتلال بالطرق السياسية والدبلوماسية.

هذا وقد حققنا انجازات كبيرة، في المجالات الاجتماعية التي تهدف لتحسين رفاه وحياة شعبنا وتحويله لمجتمع عصري خلال السنوات العشر الماضية، وذلك في ظل نظام يحافظ على سيادة القانون، والأمن، ويرسخ ثقافة الحوار والسلام، ويعزز الانتماء والتمسك بالموروث
الثقافي والتاريخي، ومواصلة إعلاء شأن العمل الوطني، وأهمية التضحيات التي قام بها شهداؤنا، وجرحانا، وأسرانا، والعناية بهم وبعائلاتهم، وتأكيد حقنا في المقاومة الشعبية السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا، وفي نفس الوقت يؤكد على أهمية العلم والعمل وتحقيق العدالة الاجتماعية ويتيح الفرصة للمجتهدين وأصحاب الكفاءات.

في مجال الصحة:

تم تطوير النظام الصحي باعتباره منظومة متكاملة، فقد تم إنشاء المجلس الصحي الفلسطيني الأعلى، كما نقوم بتشجيع الحكومة والقطاع الخاص والجامعات على السواء لبناء المستشفيات والمراكز الصحية. ويجري حالياً مضاعفة عدد المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الولادة في جميع محافظات الوطن.

يتم حالياً تشييد مستشفى العيون هوجو تشافيز في ترمسعيا بتمويل من الحكومة الفنزويلية، ومستشفيات حلحول ودورا بتمويل إيطالي، ومركز خالد الحسن للسرطان، وقد تم افتتاح المستشفى الاستشاري وهو استثمار خاص، وتم إعادة تأهيل وتشغيل مستشفى طوباس ومستشفى المحتسب.

كما تم انجاز العديد من المشاريع الصحية في إطار عملية إعادة الإعمار، ونقوم بعمل تحويلات للمستشفيات الفلسطينية في القدس ومساعدتها لإنشاء أقسام جديدة فيها من خلال العديد من الدول المانحة.

في مجال التأمين الصحي، فقد تم توسيع العلاج المجاني ليشمل شرائح واسعة منها، جميع سكان قطاع غزة، واتحاد ذوي الاحتياجات الخاصة، والعاطلين عن العمل، الأسرى وأسر الشهداء، والحالات الاجتماعية، بالإضافة لما تقدمه وكالة الأونروا. وإننا نعمل على تطوير نظام التأمين الصحي، بحيث يكون شاملاً.

في مجال التعليم والتعليم العالي:

التعليم بالنسبة لكل فلسطيني يعيش في الوطن أو في الشتات، كان ولا يزال من أهم وسائل تطوير مستقبلهم وحياتهم، ونحن نفتخر على الدوام بأننا من بين شعوب المنطقة والعالم الأكثر تعليماً، وكانت تعليماتنا لجميع الحكومات التي شكلناها، بإعطاء اهتمام خاص للتعليم وتطوير المناهج التربوية والتعليمية وفي جميع مراحلها الأساسية والجامعية والمهنية وربطها بأسواق العمل لتصل إلى مستوى منافس عالمياً؛ واصلنا عملية بناء المئات من المدارس والمعاهد، ونشجع المؤسسات الأهلية، والخاصة، للاستثمار في هذا المجال الهام، وفي هذا الإطار نشجع البحث العلمي وربطه بالقطاع الخاص المحلي والدولي.

حافظنا على مجانية التعليم الأساسي في المدارس الحكومية وفي مدارس الأونروا، ودعم جميع الجامعات الحكومية والأهلية بهدف تمكينها من مواصلة رسالتها، فضلاً عن مواصلة الاستثمار في مواردنا البشرية لأنها أهم وأغلى لدينا من موارد.

توجيهاتنا الدائمة لوضع خطط متوسطة، وطويلة المدى، لتطوير المناهج التعليمية، والاهتمام بالتعليم المهني الصناعي، والزراعي، والسياحي، وتكنولوجيا المعلومات، وغيره، والعمل على إعلاء شأنه، وربط منظومة التعليم بكاملها بسوق العمل ومهن المستقبل. وفي هذا المجال، نتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة والدول المتقدمة من أجل الارتقاء بمستوى التعليم في بلادنا.

وبهدف مساعدة أهلنا في لبنان، فقد أنشأنا صندوق الطالب للتعليم الجامعي، حيث استفاد منه 2500 طالب وطالبة حتى تاريخه، والبرنامج متواصل لخدمة آخرين من لبنان وسوريا وغيرها من المناطق في الشتات.

في مجال تمكين المرأة:

كان للمرأة الفلسطينية، ولا يزال دور مركزي في مسيرة شعبنا الفلسطيني، ونضاله من أجل الحرية والاستقلال، وكانت، ولا زالت، شريكة للرجل في مختلف قطاعات العمل والحياة، ولأنها كذلك، فقد عملنا على سن القوانين وتعديل القائم منها من أجل إعطائها حقها.

بموجب القانون أصبح للمرأة حد أدني قدره 20% في الانتخابات التشريعية والمحلية، وتشغل المرأة جميع وظائف الرجل ولها فرص متساوية في التعليم الأساسي والجامعي، والمعلوم للجميع أن عدد المتفوقات من البنات أكبر في الثانوية العامة، ولها فرص متساوية أيضاً في التقدم للوظائف في القطاعين العام والخاص، وهي موجودة في المناصب العليا، فهي وزيرة، وسفيرة، وقاضية، وطبيبة، ومهندسة، ورئيسة هيئة ومديرة شركة، وبنك، ورئيسة نقابة، وفي العديد من الوظائف.

في مجال دعم الرياضة، والشباب:

يشهد الجميع بالنهضة الرياضية في السنوات التسع الماضية، حيث تم إنشاء اللجنة الأولمبية الفلسطينية، والاتحادات الرياضية في مختلف التخصصات، ودعم الأندية الرياضية، وتدعيمها بالفرق النسائية إلى جانب الفرق الأخرى، وتم إقامة البنية التحتية لها، بما فيها الملاعب، والأدوات الرياضية، وتدريب المدربين، وقد أصبح لفلسطين منتخبات تشارك في الألعاب الدولية وكأس آسيا والعالم في كرة القدم وغيرها؛ ويشارك فيها اللاعبون الفلسطينيون من الداخل والخارج.

ويحق لشعبنا أن يفتخر بالإنجازات الكبيرة لهذا القطاع، ونحن نثمن جهود هذه المؤسسة وقيادتها وكوادرها وأطقمها الفنية والتنظيمية ومن الجنسين.

في مجال الأمن:

تسهر قوى الأمن الفلسطينية بعملها وفقا للقانون على توفير الأمن والأمان لأبناء شعبنا الفلسطيني، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والمساعدة في حماية البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون، والمساعدة في الإنقاذ في حالات الحوادث والحرائق والكوارث الطبيعية، والمحافظة على السلم الأهلي وفض النزاعات العائلية.

كما تقوم بتأمين الانتخابات المحلية والعامة، والتمثيل العسكري في سفارات فلسطين بالخارج، والمشاركة في الاجتماعات والمؤتمرات ذات العلاقة، وتطبيق التزامات فلسطين وفقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

ولأجل ذلك، حرصنا على تمكين قوى الأمن الفلسطينية بمختلف فروعها وتشكيلاتها، من بناء منشآت خاصة بها ومراكز للشرطة في جميع المحافظات، علاوة على بناء وتجهيز المختبرات الجنائية المتخصصة، ومراكز للتدريب، وفي هذا الإطار، فإن جامعة الاستقلال تضطلع بدور هام في إعداد الضباط والكوادر العسكرية، وكذلك تقوم أكاديمية الشرطة، ومراكز تدريب قوى الأمن الوطني وحرس الرئاسة بدور هام في هذا المجال.

وتضطلع قوى الأمن بواجبات إضافية في المجالات الاجتماعية والإغاثية وقد ساهمت في إعادة ترميم مئات المنازل والمنشآت العامة والأهلية ودور العبادة المسيحية والإسلامية، كما وتساهم في حملات قطاف الزيتون والتبرع بالدم والإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية.

في مجال المقاومة الشعبية السلمية، ومواجهة الجدار والاستيطان:

إن المقاومة الشعبية السلمية هي حق لشعبنا ولن نتنازل عنه، وفي هذا الإطار ندعم ما تقوم به لجان المقاومة الشعبية في عشرات القرى والبلدات للتصدي لبناء الجدار والتوسع الاستعماري ومصادرة الأراضي وإغلاق ومحاصرة القرى والدفاع عن حق المواطنين في الوصول لأراضيهم الزراعية في كل مكان.

ونحيي أرواح جميع شهدائنا الذين سقطوا في مسيرة الدفاع عن أرضهم، ونخص بالذكر عضو المجلس الثوري زياد أبو عين.

إننا نؤكد مواصلة تقديم المساعدة بما يمكن مواطنينا من الصمود والبقاء على أراضيهم وفي قراهم ومدنهم وفي مقدمتها مدينة القدس التي تحملت العبء الأكبر في عمليات الهدم.

في مجال تسهيل حياة شعبنا وتأمين حركتهم وسفرهم في ظل سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي:

تقوم هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية بعمل متواصل لتأمين نقل البضائع وسفر وتنقل المواطنين والضيوف الزائرين عبر المعابر التي تم تطويرها لضمان سرعة إنجاز المعاملات والسفر، وتقديم التسهيلات لوصول المرضى للمستشفيات في الوطن والخارج، وترتيب زيارات عائلات الأسرى في سجون الاحتلال، واستعادة جثامين الشهداء، وتقديم التسهيلات لوصول المواد الإغاثية ومواد البناء لإعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة. بالإضافة إلى تقديم المساعدات لإقامة المشروعات وتوسيع المخططات الهيكلية، وتقديم الخدمات في مناطق المصنفة (ج).

في مجال رعاية أسر الشهداء، والأسرى، والأسرى المحررين والجرحى:

تقوم مؤسسة أسر الشهداء والجرحى، وهيئة شؤون الأسرى، كل في اختصاصه بدور اجتماعي هام لدعم صمود عائلات الشهداء والجرحى، والأسرى والأسيرات المحررين ومساندة عائلاتهم. وكما يعلم الجميع أننا أطلقنا عدداً كبيراً من أسرانا ما قبل أوسلو، ولكن إسرائيل جمدت إطلاق الدفعة الرابعة منهم، وسنواصل العمل على إطلاق سراح جميع أسرانا وتبييض السجون.

في مجال دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، ودعم الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً:

تقوم وزارتا الشؤون الاجتماعية، والعمل بدور هام في متابعة هذه الشرائح، وذلك بسن القوانين واللوائح لتنظم عملية مساعدة هذه الفئات الهامة في مجتمعنا الفلسطيني.

تقديم الخدمات الحكومية باستخدام الحلول الذكية:

بهدف تحويل مجتمعنا لمجتمعٍ عصريٍ ومتطورٍ، ومن أجل إيجاد حلول للتغلب على حصارنا، والربط بين الجغرافيا، يتم تطوير برامج لتقديم خدمات لجميع أنواع المعاملات التي يريدها المواطن من الدولة.

ويسعدنا أن نعلمكم بأننا سنصدر قريباً قانون المعاملات الالكترونية، الأمر الذي سيُحدِثُ ثورةً حقيقية في انطلاق هذه الخدمات الذكية، من أجل مستقبل أفضل لشعبنا، على طريق التحرر من الاحتلال.

في مجال الضمان الاجتماعي:

أصدرنا لأول مرة قانون الضمان الاجتماعي، ونعمل على استرداد مليارات الشواكل من الجانب الإسرائيلي، وذلك سيساهم تحقيق العدالة الاجتماعية، كما يوفر شبكة التغطية الشاملة للفئات الأكثر احتياجا في المجتمع الفلسطيني. هذا وقد طبقنا لأول مرة نظام الحد الأدنى للأجور.

في مجال المناعة ضد الأزمات والكوارث الطبيعية:

تمت في السنوات الثلاث الماضية عملية إعادة تجهيزٍ وتمكين جميع البلديات، وفي جميع المحافظات، بشكل لا مركزي، ويقوم الدفاع المدني، والبلديات بإشراف الحكومة بتنفيذ وسائل التحصين اللازمة ضد الكوارث الطبيعية من عواصف وزلازل، وحروب وغيرها.

في مجال التطوير السياحي، والتراث الثقافي، والمسرح:

لقد تم الكشف عن أكبر لوحة متواصلة للفسيفساء في العالم في مدينة أريحا بمساحة 827 متر مربع بقصر هشام منذ عهد الدولة الأموية، في الفترة من 724 إلى 743 ميلادية، ويجري حالياً ترميم كنيستي المهد، والقيامة، والحفاظ على التراث الثقافي، وتشجيع الفنون الشعبية والمعاصرة والمسرح.

في مجال تطوير عمل الإعلام الرسمي:

لقد شهدنا تطوراً كبيراً في بنية وبرامج الإعلام الرسمي الفلسطيني، حيث تم افتتاح مقر جديد لهيئة الإذاعة والتلفزيون يضم معدات واستوديوهات حديثة، وتم شراء مبني جديد لوكالة الأنباء الفلسطينية وفا، يجري تجهيزه بأحدث التجهيزات، ولأول مرة أنشأنا مؤسسة فلسطينية للأقمار الصناعية "بال سات" اشتركت فيها حتى تاريخه 11 فضائية فلسطينية وإذاعتان.

في مجال القضاء:

قمنا بالعديد من الإنجازات وقطعنا شوطاً كبيراً في مجال بناء نظام قضائي مستقل، واستكمال مؤسسات السلطة القضائية والفصل بين المحاكم واختصاصاتها، وسن القوانين وفقاً للصلاحيات المخولة لنا، في إطار سعينا لبناء مؤسسات تعمل للحفاظ على سيادة القانون، وفقاً لأحكام القانون الأساس لسنة 2003 وتعديلاته، والنظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ فقد تم تشكيل المحكمة الدستورية تنفيذاً للقانون الصادر في 2005، وتم إنشاء محاكم متخصصة للأحداث ولجرائم الفساد وغيرها.

وتم بذل جهد كبير ولازال متواصلاً لتوحيد التشريعات في الوطن، وبعد انضمامنا للعديد من المعاهدات الدولية، تم تعديل عدد من التشريعات لمواءمتها وفقاً لالتزاماتنا في هذه المعاهدات.

ومن أهم القوانين التي صدرت مؤخراً قانون الضمان الاجتماعي، وقانون الطفل، وقانون الأحداث، وقانون مكافحة غسيل الأموال والإرهاب، وتم تعديل قانون العقوبات في الجوانب المتعلقة بالجرائم الواقعة على المرأة، وقانون المعاملات الإلكترونية الآنف الذكر، وقوانين أخرى ذات طابع اقتصادي.

وقد تم بناء مجمعات المحاكم في العديد من المحافظات من أجل التسهيل على المواطنين، وتم تعيين عدد كاف من القضاة، وتم إنشاء معهد القضاء لتأهيل وإعداد القضاة، وتم إنشاء وحدة لحقوق الإنسان في وزارة العدل، إلى جانب المحافظة على دور مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال. كما تم المحافظة على دور وعمل المحاكم الكنسية لمعالجة قضايا الأحوال المدنية والشؤون الخاصة بكل طائفة.

القضاء الشرعي:

تم العمل على العمل على تطوير منظومة قوانين القضاء الشرعي لكي تتناسب مع تطور المجتمع الفلسطيني، واحتياجات العصر، وبما يضمن سرعة ودقة تنفيذ الأحكام التي تصدرها المحاكم الشرعية، حيث تم إصدار قانون التنفيذ الشرعي، كما يتم حالياً عملية إصلاح شاملة لبيئة القضاء الشرعي من حيث أبنية المحاكم وتجهيزاتها، واستكمال حوسبة جميع المحاكم الشرعية وربطها بوزارة الداخلية والشرطة، كما تم خلال العامين الماضيين رفد القضاء الشرعي بأحد عشر قاضياً جديداً وتم لأول مرة في تاريخ القضاء الشرعي الفلسطيني تعيين ثلاث قاضيات شرعيات، وكذلك تعيين مأذونات شرعيات في سابقة فلسطينية.

وتأسيساً على كل ما تقدم، نعرض أسس البرنامج الوطني الذي هو برنامج حركة فتح، لاستكمال بناء مؤسسات الدولة وتجسيد الاستقلال:

أولاً: سياسياً:

1- التمسك بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي، على أساس حل الدولتين والتأكيد على أن سلامنا لن يكون استسلاماً أو بأي ثمن، والحفاظ على ثوابتنا الوطنية، والتي تشمل:

أ‌-إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، والذي بدأ عام 1967، واعتبار عام 2017 عام إنهاء الاحتلال والعمل على حشد دعم العالم أجمع لتحقيق هذا الهدف.

ب‌-تجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وستبقى أيدينا ممدودة للسلام.

ت‌-إيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين استناداً لقرار الجمعية العامة 194 وكما حدد في مبادرة السلام العربية لعام 2002.

ث‌-حل قضايا الوضع النهائي كافة استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وبخاصة القدس الشرقية المحتلة، باعتبارها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، والتأكيد على رفضنا الحديث عن القدس باعتبارها عاصمة لدولتين، أو عاصمة فلسطين في القدس.

ج‌-رفض الحلول الانتقالية أو المرحلية والمجتزأة، والدولة ذات الحدود المؤقتة، وما يسمى الوطن البديل، أو إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، ورفض الدولة اليهودية.

ح‌-مطالبة حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتنفيذ ما ترتب عليها من التزامات وبما يشمل وقف النشاطات الاستيطانية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والإفراج عن جميع الأسرى، إضافة إلى تنفيذ ما ترتب على حكومة الاحتلال من التزامات في الاتفاقات الموقعة، بما فيها تفعيل اللجنة الثلاثية ضد التحريض، ووقف الاجتياحات.

خ‌-لقد حدد المجلس الوطني الفلسطيني في جلسته عام 1988 هذه الثوابت المرتكزة إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، وعندما وقعنا اتفاق أوسلو عام 1993، حدد هدف عملية السلام بتنفيذ القرارين " 242 " و" 338 "، وثبت جدول أعمال المفاوضات النهائية ليشمل القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والأمن والمياه والأسرى ليتم التفاوض حولها وإيجاد حلول لها خلال الفترة الانتقالية التي حددت بخمس سنوات تنتهي عام 1999، إلا أن حكومة الاحتلال تنكرت لمبادئ اتفاق أوسلو وجداوله الزمنية.

د‌- العمل باتجاه مراجعة الاتفاقيات الموقعة كافة مع الجانب الإسرائيلي، نتيجة لإنتهاء مددها، وتغيير الظروف وعدم التكافؤ بين الطرفين، وعدم التزام الجانب الإسرائيلي بتلك الاتفاقات.

ذ‌- دعم مواصلة عمل اللجنة المختصة بالتواصل المجتمعي مع المجتمع الإسرائيلي، والتي تعتبر أحد أهم أدوات التأثير على شعب الدولة المحتلة والمناصرين فيها لحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وبهدف شرح الرؤية الفلسطينية للسلام.

ر‌-دعم عقد المؤتمر الدولي للسلام وفقاً للمبادرة الفرنسية بما يضمن مرجعيات محددة تستند إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، وسقوف زمنية للمفاوضات والتنفيذ، وآليات متابعة ومراقبة دولية جديدة تضمن التنفيذ الدقيق والأمين لما يتفق عليه.

2- الدفع ببذل كل الجهود الممكنة لإزالة أسباب الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عامة، وإجراء الانتخابات المحلية، مع استمرار جهودنا الحثيثة لفك الحصار الظالم عن أهلنا في قطاع غزة.

3-ترسيخ وتعزيز المقاومة الشعبية السلمية وتطويرها في المجالات كافة. وتعزيز صمود شعبنا على الأرض وخاصة في القدس والأغوار والمناطق المسماة " ج "، ومقاطعة منظومة الاستيطان بكل إفرازاتها.

4-ترسيخ مكانة دولة فلسطين القانونية وشخصيتها السياسية كما حددها قرار الجمعية العامة 67/ 19 / 2012، كدولة مراقب والسعي للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ومواصلة العمل على انضمام دولة فلسطين للمؤسسات والمنظمات والمواثيق والبروتوكولات الدولية.

5-تعزيز علاقات دولة فلسطين الخارجية من خلال الحصول على اعتراف الدول التي لم تعترف بها بعد. ( 138 دولة اعترفت بدولة فلسطين )، أو رفعت مستواها، وتشكيل اللجان المشتركة وتوقيع الاتفاقيات الثنائية.

6-مواصلة العمل مع المنظمات الدولية، وبخاصة اليونسكو، من أجل صيانة الهوية الحضارية والتاريخية والدينية لمدينة القدس ومقدساتها، ومدينة بيت لحم والخليل وغيرها، والبناء على ما تحقق في قرارات اليونسكو ذات الصلة، بالتعاون والتنسيق مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.

7-استمرار بناء وامتلاك سفارات دولة فلسطين في مختلف القارات واستبدال الإيجارات بعقارات مملوكة للدولة، لدينا 103 سفارات في الخارج 90 منها ملك لدولة فلسطين، ولدينا ارض تحت البناء في موريتانيا وتونس والسودان والكويت واليابان والبحرين قريبا.

8-تعزيز وتقوية وكالة التعاون الدولية الفلسطينية في وزارة الخارجية والتي تقدم الخبرات والمساعدات الفلسطينية للدول الصديقة.

9-العمل وفقاً لخطة شاملة للتعامل مع الأخطاء التاريخية التي ارتكبت بحق شعبنا وبلدنا فلسطين، بهدف تصحيح هذه الأخطاء (وعد بلفور وغيره).

10-متابعة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، للانتصاف لضحايانا ومحاسبة مجرمي الحرب، وصولاً لفتح تحقيق قضائي في جرائم الاحتلال التي ارتكبت بحق شعبنا في المجالات كافة.

11-التأكيد على موقفنا الثابت بمحاربة الإرهاب أياً كانت دوافعه ومصادره، وبما يشمل إرهاب الدولة وإرهاب المجموعات الاستيطانية، والتعاون إقليمياً ودولياً في هذا المجال، واستمرار تمسكنا بثقافة السلام والتسامح ونبذ العنف والتطرف، والعمل على حل النزاعات بطرق سلمية.

12-استمرار تعزيز ثقافة التسامح، واعتماد أسس وركائز ديننا الحنيف، ووسطيته الرائعة، كنقطة ارتكاز في نشر ثقافة التسامح وحرية الاعتقاد والعبادة.

13-تعزيز العلاقات مع الأشقاء العرب، واستمرار التنسيق والتعاون من خلال لجنة متابعة مبادرة السلام العربية والعمل على الصعد كافة وبما يشمل منظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز، والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية.

14-التأكيد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وعلى رفضنا الحازم والصارم لأي تدخل في شؤوننا الداخلية والحفاظ على قرارنا الوطني المستقل.

15-رفضنا تفتيت الدول العربية، والفوضى والتأكيد على موقفنا الثابت باتجاه الحلول السلمية في الدول العربية وذلك من خلال الحوار الوطني الشامل. والتعبير عن رفضنا لإثارة النعرات المذهبية والطائفية والعرقية بين الشعوب العربية.

16-التأكيد على موقفنا ومساعينا لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، وغيره من أسلحة الدمار الشامل، وبما يشمل دولة إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية في المنطقة.

17-رفض الهيمنة على المنطقة بأشكالها كافة، ورفض استبدال الهيمنة الدولية بالهيمنة الإقليمية بأي مكان.

18-الرفض التام لما يسمى بقانون جاستا الأمريكي.

19-نتطلع لبناء علاقة إيجابية وبناءة مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وفقاً للأسس والركائز الواردة أعلاه.

ثانياً: استمرار بناء المؤسسات وتجسيد استقلال الدولة:

1-استمرار بذل كل جهد ممكن لتعزيز صمود أبناء شعبنا في عاصمتنا القدس الشرقية وتمكينهم في المجالات كافة. ودعا سيادته إلى زيارة القدس وتقديم الدعم لتعزيز صمود أهلها.

2-استمرار الاهتمام بالأسرى والأسيرات والأطفال الأسرى، وعائلاتهم والأسرى المحررين والجرحى وعائلات الشهداء.

3-التأكيد على أهمية صندوق الضمان الاجتماعي ليغطي أبناء شعبنا كافة.

4-دعم أبناء شعبنا الفلسطيني في مخيمات اللجوء والمنافي، والنهوض بالمسؤوليات في إيجاد آليات لتوفير المساعدات لأبناء شعبنا، كتعميم تجربة مؤسسة محمود عباس لمساعدة الطلبة المحتاجين في لبنان إلى مناطق أخرى، وتوفير فرص العمل عبر تمويل المشاريع الصغيرة في مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا، والعمل على ضرورة استمرار الأونروا في تحمل مسؤولياتها عن هذه المخيمات. كل فلسطيني في لبنان يحصل على الثانوية العامة علينا توفير تعليم له حتى يتخرج من الجامعة.

5-مواصلة العمل على مواءمة القوانين والتشريعات المحلية مع نظيراتها الدولية.

6-الاهتمام بأبناء شعبنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وضمان الحياة الكريمة لهم من خلال توفير التعليم وفرص العمل المناسبة.

7-ترسيخ الحقوق والحريات العامة والخاصة، وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، والعبادة، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني والابتعاد عن التعصب وإثارة الفتن، وفقاً للمعايير الدولية.

8-الحفاظ على مبدأ فصل السلطات واحترام القضاء وتحديثه، وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الرشيد. مؤخرا تم تأسيس المحكمة الدستورية وهذا شيء مهم، مؤكدا حرصه التام على فصل السلطات الثلاث.

9-التأكيد على مبادئ السلطة الواحدة والسلاح الشرعي الواحد وسيادة القانون واجتثاث الفوضى والفلتان بأشكاله كافة. لن نسمح بالفلتان الأمني وكل من يعبث بالأمن سنقطع يده.

10-مواصلة حماية أملاك الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وأملاك الأوقاف والعمل على إزالة أية تعديات عليها، واستثمارها وتطويرها لصالح المنافع العامة.

11-استمرار ترسيخ الاقتصاد الحر وحماية المستثمر المحلي والأجنبي والحفاظ على حقوقه كاملة.

12-فك الارتباط عن الاحتلال باتجاه إنجاز الاستقلال التام، وذلك بخلق مزيد من المشروعات، وفرص العمل المناسبة لتحقيق ذلك.

13-ترشيد القطاع العام إلى الحد الضروري وبما يضمن تطوير قطاع خاص وطني قوي يتكامل مع القطاع العام لبناء مؤسسات الدولة العصرية.

14-الاستمرار في محاربة أشكال الفساد كافة وترسيخ مبادئ المساءلة والمحاسبة.

15-اعتماد الصناعة الإنتاجية والتكنولوجية كطريق للاعتماد على الذات وترسيخ ركائز الاقتصاد.

16-استمرار تطوير قطاع التعليم ونوعيته وخاصة المهني وقطاعات السياحة والبنى التحتية والصحة والنقل والمواصلات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والطاقة المتجددة والإنشاءات والثقافة والحكم المحلي، والرياضة وباقي القطاعات وبما يتوافق مع طبيعة دولة فلسطين وانفتاحها على الشعوب والحضارات والديانات.

17-دعم قطاع التعاونيات كافة، الصناعية والإسكانية وغيرها، ودعم وحماية الزراعة الفلسطينية، وحماية المنتجات الوطنية ومنحها الأولوية على غيرها.

18-تشجيع التميز والإبداع وتوفير الإمكانيات للمتميزين والمبدعين، ودعم البحث العلمي في المجالات كافة.

19-بناء المزيد من المناطق الصناعية والحدائق التكنولوجية وتطويرها ونشرها في مختلف محافظات فلسطين.

20-حماية الآثار وتنفيذ برامج التطوير والصيانة، وذلك لتعزيز إمكانيات تطوير السياحة لدولة فلسطين، وتشجيع السياحة الدينية إلى القدس وبيت لحم والخليل.

21-الاهتمام بالاكتشافات الغازية والبترولية وباقي الثروات الطبيعية في فلسطين.

22-تعزيز الاهتمام بالقطاع الفني وبما يشمل المسرح والموسيقى والسينما والفنون الجميلة.

23-تطوير قطاع المياه وفقاً للحاجات البشرية والزراعية وتطوير إمكانية الاستفادة من ثروات البحار (البحر الأبيض المتوسط، البحر الميت).

24-حماية المناخ والبيئة وفقاً للمعايير الدولية.

25-رعاية الكتاب والأدباء والشعراء في دولة فلسطين.

26-تبني وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة ومكافحة الفقر والبطالة كما اعتمدتها الأمم المتحدة. سنطلب تشكيل لجنة من أجل التعاطي مع القضايا الخاصة بقطاع غزة.

ثالثأ- على صعيد حركة فتح:

1. سنعمل على انتظام جلسات الأطر الحركية وتفعيل دور المجلس الثوري ليكون مع اللجنة المركزية وبالتعاون مع الأقاليم والمنظمات الشعبية والمكاتب الحركية وجميع الأطر القاعدية السياج المنيع للحركة وشبكة الأمان الحامية لها. كما وسنعمل على توحيد الجهد الإعلامي للحركة وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي لشرح معاناة شعبنا وشرح برنامج عملنا.

2. أهمية مواصلة العمل على صياغة برامج لدمج واستقطاب الشباب في الجامعات والأوساط الشعبية من أجل تنفيذ مشروعنا الوطني.

3. استمرار العمل للمحافظة على هوية الحركة ببعدها الجماهيري والنضالي كحركة تحرر وطني تسعى لإنجاز مهامها التي انطلقت من أجلها.

4. استمرار العمل على إشاعة الأجواء الديمقراطية في الأطر الحركية وإشراكها في القرارات الاستراتيجية والهامة.

5.سنتابع العمل على إنجاز مدرسة الكادر لتأهيله في مختلف مجالات العمل من أجل تنفيذ توجهاتنا السياسية والنضالية والمجتمعية في إطار برنامج البناء الوطني الشامل الذي يأخذ بعين الاعتبار تقييم التجربة والانطلاق نحو المستقبل، مستفيدين من خبرات المتقاعدين العسكريين والمدنيين، ومشاركتهم في الأطر التنظيمية المختلفة وكل حسب قدراته.

6.ومن أجل تمكين الحركة من الإيفاء بالتزاماتها فإننا سوف نسعى إلى توسيع الإمكانيات المالية واستكمال حصر الأملاك في الخارج وخاصة في لبنان وسوريا والتي استطعنا استعادة بعض منها، ولا زالت لجنة حصر الأملاك تقوم بعملها وسوف نستمر بهذا الأمر.

7.التأكيد على أهمية الالتزام بدفع الاشتراكات الحركية بانتظام.

8.استمرار العمل على تنمية الاستثمارات وصولاً إلى مرحلة التمويل الذاتي.

كلمة الرئيس محمود عباس بعد انتخابه قائدًا عامًا لحركة "فتح" في المؤتمر السابع المنعقد في رام الله في 29 تشرين الثاني 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخوات، أيها الإخوة، يا أبناء "فتح" ومناضليها وثوارها، نجتمع اليوم لنسطر فصلًا جديدًا من مسيرة حركتنا الرائدة؛ نجتمع مع من خاضوا معارك الدفاع عن الثورة في الكرامة وبيروت والشقيف، ومن خاضوا ملحمة المقاومة ضد الاحتلال، وفجروا انتفاضة الحجارة، وسطروا ملحمة الصمود.

أيتها الأخوات والإخوة، ها أنتم اليوم، وفي هذه اللحظات التاريخية، تعيشون كتابة الحاضر انطلاقًا من نور الماضي الذي كتبه القادة المؤسسون الشهداء، الذين قضوا نحبهم على طريق الحرية والاستقلال، وما زالوا ينتظرون أن تكتحل عيون الوطن بالقدس (العاصمة الأبدية). أنتم اليوم تؤسسون بمؤتمركم هذا لحقبة أكثر قوة، وأكثر رسوخا في مسيرة حركتنا الرائدة، وتؤكدون ذات مبادئ الانطلاقة الأولى، تلك التي كانت لفلسطين وحدها؛ فلسطين التي هي أكبر من كل شيء، وقبل كل شيء، وفوق كل شيء.

أنتم الآن تؤكدون، بوجودكم هنا وبإصراركم الملتزم، على التشبث بـ"فتح" والتمسك بها وببرنامجها الوطني. إن "فتح" ستبقى غَلَّابة؛ ولن يتوقف تيارها الهادر قبل أن تتحقق أهدافها بالتحرر والاستقلال والدولة المستقلة ذات السيادة.

أحييكم جميعا أيها الأعزاء؛ أحيي أبناء "فتح" في القدس العاصمة، في غزة الأبية، والضفة الصامدة، ومخيمات الشتات المتقدة بروح العودة الوثابة، وفي كل شبر في هذه المعمورة؛ أولئك الذين عيونهم ترحل كل يوم إلى زهرة المدائن (عاصمتها الأبدية) التي لن نرضى عنها بديلًا. وإنني على ثقة أيها المناضلون الأحباب أنكم ستكونون في مؤتمرنا الذي نبدأه اليوم، كما كنتم دومًا، على قدر المسؤولية، وعلى قدر "فتح"؛ لكي تكون مخرجات مؤتمرنا هذا تأسيسًا لمواصلة الانطلاق نحو سماء أهدافنا الوطنية.

شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

كلمة الرئيس محمود عباس التي افتتح بها مؤتمر حركة "فتح" السابع المنعقد برام الله 29 تشرين الثاني 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

إنا فَتَحْنَا لك فَتْحًا مُبِينَا ليَغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطًا مستقيمًا، وينصرك اللهُ نصرًا عزيزًا.

صدق الله العظيم.

باسم الله، وباسم الشعب العربي الفلسطيني؛ باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"؛ باسم شهدائنا وجرحانا وأسرانا؛ باسم مقدساتنا الإسلامية والمسيحية؛ باسم الخوري الذي أذن في الكنيسة؛ باسم رفيق الدرب الشهيد القائد الرمز (أبو عمار)، وباسم شهدائنا من القادة المؤسسين وأعضاء اللجنة المركزية وأعضاء المجلس الثوري؛ باسم جميع الشهداء من كوادر قادة ثورتنا وأقاليمها ومناضليها، في القدس العاصمة، وغزة الغالية، والضفة الأبية، ولبنان وسوريا الصمود، وكل مكان في العالم؛ باسم شهدائنا من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والشهداء من جميع الفصائل، فصائل العمل الوطني، باسم شهداء القضية الفلسطينية من إبناء أمتنا العربية والأصدقاء المناضلين من جميع أنحاء العالم، الذين قضوا على درب الحرية والنضال من أجل فلسطين، وباسم جميع المناضلين من حركة "فتح" الذين يستحقون أن يكونوا هنا أعضاء في هذا المؤتمر السابع، والذين لم نتمكن، مع بالغ الأسف، من إدراجهم هذه المرة على قوائم هذا المؤتمر؛ ولكنهم حاضرون معنا، ولهم دورهم في الحفاظ على الحركة وبناء الدولة، وهم جميعا في كل مكان في وجداننا ومحل ثقتنا ونعتز بهم؛ باسم أعضاء الشرف الحاضرين في قلوبنا وعقولنا من مبعدي كنيسة المهد والأسرى جميعًا، وبخاصة قدماء الأسرى، لما قبل 1993م، الذين تمكنوا أن يخرجوا إلى الحرية؛ ومع الأسف، منع بعضهم من الحرية، وسيعودون بإذن الله،؛ وكذلك باسم أعضاء شرف آخرين لم يتمكنوا من الحضور من غزة ومن الشتات. نعم باسم هذه الحركة الكبيرة العملاقة التي تضم عشرات الألوف، بل مئات الألوف من الكوادر والمناضلين الذين نفتخر بهم جميعًا، ونراهن عليهم في معركة التحرير والبناء؛ باسم كل من ضحى ليرفع راية فلسطين خفاقة، وكتب ويكتب اسم فلسطين بأحرف من نور في سجل التاريخ والحاضر والمستقبل. باسم الله، وباسم "فتح"، وعلى بركة الله، نحن نعلن افتتاح أعمال مؤتمرنا السابع، مؤتمر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، مؤتمر القرار الوطني المستقل، مؤتمر البناء والتحرير، مؤتمر الاستنهاض والوحدة الوطنية، المؤتمر السابع، أهلا وسهلًا بكم.

ويشرفنا أخيرًا أن نقول: إنه قد حضر لهذا المؤتمر، وسيكونون معكم الليلة، ستون وفدًا من الأصدقاء والاشقاء من ثمانية وعشرين دولة، شكرًا لهم، وشكرًا لكل من وقف معنا؛ وأهلًا وسهلًا بكم.

كلمة الرئيس محمود عباس بالمؤتمر الصحفي مع رئيس وزراء روسيا الاتحادية (ديميتري ميدفيدف) في مدينة أريحا بتاريخ 11 تشرين الثاني 2016

دولة رئيس الوزراء الصديق ديميتري ميدفيدف، نرحب بكم ضيفاً عزيزاً وصديقاً على فلسطين وشعبها، معبرين لكم عن سعادتنا البالغة باستقبالكم هنا في مدينة أريحا، ذات التاريخ العريق، التي حظيت باهتمام روسيا الصديقة وبالعديد من إسهاماتها الكريمة.

كما ونعرب لدولتكم عن اعتزازنا بعمق علاقات الصداقة التاريخية، التي تربط بين بلدينا وشعبينا، والتي نتطلع على الدوام للمزيد من التنمية والتطوير لها، من خلال استمرار الدعم السياسي للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وعبر الزيارات المتبادلة، وعلى أعلى المستويات؛ وكذلك بتواصل انعقاد اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، والاتفاقيات الموقعة سابقاً، والتي تم توقيعها اليوم. هذا بالإضافة إلى مواصلة إقامة العديد من المشروعات.

وفي إطار العلاقات المتميزة بين البلدين والشعبين، فإننا نثمن دور الجمعية الإمبراطورية الروسية الفعال، بقيادة الصديق السيد ستيباشن، ونعتز بالتعاون البناء مع الكنيسة الروسية، وعلى رأسها غبطة البطريرك كيريل.

دولة الصديق السيد ميدفيدف، نتقدم لكم بشكر خاص لتمويل تأهيل شارع في مدينة أريحا، وتقديراً لكم، فقد تقرر أن يطلق اسمكم عليه، ويسعدنا أن نقوم سوياً بعد قليل بافتتاحه.

لقد اغتنمت فرصة اللقاء بدولة السيد ميدفيدف لإطلاعه على مجمل الظروف الصعبة، التي يعيشها شعبنا جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ومواصلة النشاطات الاستيطانية التي تقوض فرص صنع السلام، إضافة لممارساتها المستمرة لتغيير طابع وهوية مدينة القدس. هذا في الوقت الذي ندعو فيه لأن تكون القدس مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية الثلاث للعبادة فيها.

وأطلعت دولته على استعدادنا الدائم لصنع السلام مع إسرائيل، وتطبيق حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.

وهنا لابد أن تقوم إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الموقعة معنا، وإن اعترافنا بدولة إسرائيل، لا يمكن أن يكون مجانياً؛ إذ لابد أن يقابله اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطين. هذا وقد أكدت لدولته، بأننا نؤيد المؤتمر الدولي للسلام، الذي يجري الترتيب لعقدة مع نهاية هذا العام؛ وقد رحبنا بدعوة الرئيس بوتين لعقد لقاء ثلاثي في موسكو؛ إلا أن الجانب الإسرائيلي قد طلب التأجيل! ونحن على ثقة بأن روسيا سيكون لها دور فاعل وداعم في أي عملية سياسية في منطقتنا.

ومن جانب آخر، فقد تداولنا معاً مجمل الأوضاع، التي تعيشها منطقتنا، بسبب العنف والإرهاب، وما تعانيه شعوب ودول عديدة في المنطقة، وقد أكدت لدولته تأييدنا لكل جهد إقليمي ودولي يبذل لمكافحة واجتثاث جذور الإرهاب والتطرف والعنف، الذي هو محل إدانتنا، أياً كانت مصادره وأشكاله.

مرة أخرى أجدد التحية والترحيب بدولتكم، راجياً لكم دوام الصحة والسعادة؛ ولبلدكم وشعبكم الصديق دوام الرخاء والتقدم.

وعاشت الصداقة الفلسطينية – الروسية.

كلمة الرئيس محمود عباس بافتتاح متحف الشهيد عرفات بتاريخ 9 تشرين الثاني 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )

صدق الله العظيم.

أصحاب المعالي والسعادة، ضيوفنا الكرام،

الأخوات والإخوة، رئيس وأعضاء مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات،

السيدات والسادة،

ها نحن اليوم، نلتقي لافتتاح متحف الأخ الشهيد الرمز، والقائد الراحل ياسر عرفات؛ وإن ما يبعث على البهجة أن نرى هذا الإنجاز الكبير، الذي أصبح حقيقة مجسدة، يحافظ على إرث نضالي كفاحي لرجل عظيم؛ نعم، هنا على الأرض التي شهدت حصار أبي عمار، وصرخته المدوية، التي أطلقها من قلب الحصار في وجه المحتلين: "يريدوني إما أسيراً أو طريداً أو قتيلاً، لا، أنا أقول لهم: شهيداً، شهيداًوالاستقلال؛ وتمنياتنا لجرحانا بالشفاء؛ ولأسرانا البواسل بالحرية والعودة لأهلهم وذويهم سالمين.

مرة أخرى، أحييكم، وأشكركم، ، شهيداً" هكذا كان أبو عمار دائماً شجاعاً مقداماً وأبياً، وهكذا مضى إلى جنات الخلد، رحمه الله.

وسيبقى هذا المتحف، وبما يحتويه من متعلقات الشهيد الرمز أبي عمار، شاهداً على الوفاء، وهديةً ونبراساً لأجيالنا القادمة، لتتعرف من خلاله على تاريخ واحد من أعظم رجالات فلسطين والعالم في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

وأود أن أجدد القول هنا، بأننا على العهد محافظون؛ وسنظل متمسكين بثوابتنا الوطنية التي أرساها المجلس الوطني الفلسطيني في دورة إعلان الاستقلال عام 1988؛ ندافع عن حقوق شعبنا ومقدساتنا، ونراكم الإنجازات على طريق قيام دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية.

ويسرني ويشرفني في هذا المقام أن أعبر باسم شعبنا الفلسطيني، عن عميق الشكر والتقدير لمجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، الذين بفضل جهودهم، وعملهم المخلص، ومثابرتهم، جرى تشييد هذا الصرح.

التحية كل التحية لك، أيها الأخ والرفيق الشهيد، ولكل الإخوة القادة الشهداء، ولكل شهدائنا الأبرار، الذين مضوا إلى جنات الخلد على طريق الحرية أيتها الأخوات، أيها الإخوة، على عطائكم، ونبل جهودكم، وحضوركم لهذا الحدث العظيم في تاريخ شعبنا ومسيرته الوطنية والتحررية.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الإيطالي الرئيس سيرجيو ماتاريلا، في بيت لحم بتاريخ 1 تشرين الثاني 2016

فخامة الرئيس سيرجيو ماتاريلا، نرحب بكم ضيفًا عزيزًا على فلسطين وشعبها، معبرين لكم عن سعادتنا البالغة باستقبالكم هنا في مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح، عليه السلام، رسول المحبة والسلام.

لقد تابعنا يا فخامة الرئيس، بقلق وباهتمام بالغين، أنباء الزلازل التي ضربت بعض المناطق في بلدكم الصديق؛ ونود هنا أن نعبر لكم، ومن خلالكم، لحكومة ولشعب إيطاليا الصديق، عن صادق تعازينا وتضامنًا معكم، واثقين من قدرتكم على تجاوز هذه المحنة، ومتمنين لإيطاليا ولشعبها كل خير وتقدم وازدهار.

كما نعبر لكم عن اعتزازنا بعلاقات الصداقة التاريخية، التي تربط بين بلدينا وشعبينا، والتي نتطلع على الدوام للمزيد من التنمية والتطوير لها؛ من خلال اللجنة الوزارية المشتركة؛ وكذلك العلاقة بين رجال الأعمال في البلدين، والتعاون والتوأمة بين المدن الفلسطينية والإيطالية؛ شاكرين لإيطاليا مساعدتها ومساهمتها في العديد من المشروعات، التي تهدف لبناء مؤسسات الدولة، وكذلك المساهمة في ترميم كنيسة المهد؛ مثمنين موقف البرلمان الإيطالي الذي أوصى لحكومة بلادكم بالاعتراف بدولة فلسطين.

أيها السادة، لقد اغتنمت فرصة اللقاء بفخامة الرئيس ماتاريلا لإطلاعه على مجمل الظروف الصعبة، التي يعيشها شعبنا جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين؛ وأطلعت فخامته استعدادنا الدائم لصنع السلام مع إسرائيل، وتطبيق حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وأكدت لسيادته أننا نؤيد المؤتمر الدولي للسلام، الذي تعمل فرنسا على عقده مع نهاية هذا العام، ونحن على ثقة بأن إيطاليا سيكون لها دور فاعل وداعم في هذا الإطار.

من ناحية أخرى، أود هنا أن أوضح بأن دور منظمة اليونسكو وقراراتها تهدف للحفاظ على التراث الإنساني العالمي، وبما فيها عدم المساس به، وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية التي تحاول تغيير طابع وهوية مدينة القدس الشرقية. وإن الادعاءات الإسرائيلية الأخيرة التي حاولت الخلط بين الدين والتراث غير صحيحة، وليست في مكانها.

ونؤكد هنا مجددًا موقفنا باحترام الديانة اليهودية، والدعوة الدائمة لتكون القدس مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية الثلاث (المسيحية، واليهودية، والاسلام) للعبادة فيها؛ وإن ما ندينه هو الانتهاكات الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين والمتطرفين على شعبنا ومقدساته. من جانب آخر، فقد تداولنا معا في مجمل الأوضاع، التي تعيشها منطقتنا على وقع العنف والإرهاب، وما تعانيه شعوب ودول عديدة في الإقليم.

وقد أكدت لفخامته تأييدنا لكل جهد إقليمي ودولي يبذل لمكافحة واجتثاث جذور الإرهاب والتطرف والعنف، والذي هو محل إدانتنا أيًا كان مصدره وطبيعته.

هذا، ونجدد القول، بأن السلام هو هدفنا الاستراتيجي، وهو مصلحة للجميع، وأن مفتاح السلام هو في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ورفع الظلم التاريخي الواقع على شعبنا، لتعيش الدولتان (فلسطين، وإسرائيل) بأمن واستقرار وسلام وجوار حسن.

مرة أخرى، أجدد التحية والترحيب بفخامتكم، راجيا لكم دوام الصحة والسعادة؛ ولبلدكم وشعبكم الصديق دوام الرخاء والتقدم.

وعاشت الصداقة الفلسطينية– الإيطالية".

كلمة الرئس محميود عباس أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك 22 أيلول 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة السيد بيتر طومسون، رئيس الجمعية العامة،

معالي السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة،

السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

كم كنت أتمنى أن أكون في غنى عن إلقاء هذا الخطاب، لو أن قضية شعبي قد وجدت حلاً عادلاً، وآذاناً صاغيةً، وقلوباً وضمائر تؤمن بضرورة رفع الظلم عنه؛ فكلكم تعلمون بأننا قد قبلنا الاحتكام للقانون الدولي، والشرعية الدولية وقراراتها، وقدمنا تضحية تاريخية جسيمة، حين وافقت منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) على إقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، بعاصمتها القدس الشرقية؛ فما هو المطلوب منا أكثر من ذلك؟

نحن لا زلنا ملتزمين بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل منذ العام 1993م؛ ولكن على إسرائيل أن تبادلنا هذا الالتزام، والعمل على حل جميع قضايا الحل النهائي، والتوقف عن نشاطاتها الاستيطانية، واعتداءاتها على مدننا وقرانا ومخيماتنا، والتوقف عن سياساتها في العقاب الجماعي وعملياتها في هدم المنازل، والإعدامات الميدانية، واعتقال أبناء شعبنا، وإطلاق سراح آلاف الأسرى والمعتقلين منهم، ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك؛ لأن كل هذه التصرفات لن تسمح بوجود مناخ للسلام في المنطقة. فمن يريد السلام لا يمكن أن يقوم بمثل هذه الممارسات.

وفي هذا الصدد، نؤكد بأننا لن نقبل أبداً باستمرار الوضع القائم، ولن نقبل بامتهان كرامة شعبنا، ولن نقبل بالحلول المؤقتة والانتقالية، ولن يقبل شعبنا التخلي عن مؤسساته وإنجازاته الوطنية التي حققها بالتضحيات والمعاناة والألم؛ وسنحافظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وسنعمل على تحقيق أهداف شعبنا بالطرق السياسية والدبلوماسية، وباستخدام القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، من خلال الأمم المتحدة والمحافل الدولية كافة، وحشد الجهود العربية والدولية لذلك.

إننا أيها السادة، لن نقبل باستمرار الوضع القائم.

لقد كان من المفترض أن يؤدي اتفاق أوسلو في العام 1993، إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال دولة فلسطين خلال خمس سنوات؛ إلا أن إسرائيل تنكرت للاتفاقات التي وقَّعت عليها، ولا زالت تمعن في احتلالها، وتوسع نشاطها الاستيطاني غير القانوني وغير المشروع؛ الأمر الذي يقوض تطبيق حل الدولتين على حدود 1967م.

فهل تريد الحكومة الإسرائيلية دولة واحدة؟

وبالرغم من إصدار مجلس الأمن إثني عشر قراراً ضد الاستيطان الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967؛ إلا أن عدم تنفيذ أي من هذه القرارات، أدى إلى دفع إسرائيل للتمادي في استكمال مخططاتها للاستيلاء على مزيد من الأرض في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وقد وصلت ممارسات المستوطنين الاسرائيليين العدوانية، إلى حد تشكيل مجموعات إرهابية، تحرق وتقتل عائلات بأكملها، وتدمر الممتلكات، وتقتلع الأشجار التي هي مصدر رزق أصحابها من الفلسطينيين.

ووصلت الأمور بغطرسة القوة والفجور السياسي الإسرائيلي، إلى محاولة تشريع المستوطنات والمستوطنين المغتصبين لأرضنا المحتلة منذ العام 1967، عندما ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن طلب وقف الاستيطان وإخلاء هؤلاء المستوطنين يعتبر تطهيراً عرقياً. إن مثل هذا التشريع سوف يشكل خرقاً فاضحاً وصارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

فمن الذي يمارس التطهير العرقي؟

وفي هذا السياق، فإنني أجدد التحذير، بأن ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية من تنفيذ لخططها في التوسع الاستيطاني، سيقضى على ما تبقى من أمل لحل الدولتين على حدود 1967.

إن الاستيطان غير شرعي جملة وتفصيلا؛ إنه غير شرعي.

ولذلك، سوف نقوم بطرح مشروع قرار حول الاستيطان وإرهاب المستوطنين على مجلس الأمن، ونحن نقوم بمشاورات مكثفة مع الدول العربية والدول الصديقة بهذا الشأن.

ونأمل أن لا يستخدم أحد الفيتو.

إن التمييز العنصري الذي تطبقه إسرائيل حالياً على الفلسطينيين قد أصبح واقعاً يومياً، من خلال تقديم جميع التسهيلات للمستوطنين على أرضنا المحتلة، بما في ذلك توفير تراخيص البناء للمساكن والمصانع والمشاريع الاقتصادية والبنية التحتية من شبكات طرق وكهرباء ومياه، في الوقت الذي تمنع فيه الفلسطينيين (أصحاب الأرض) من التصرف بها، كما تصدر الأوامر العسكرية لمنعهم من استخدام غالبية أراضيهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس والأغوار والشواطئ الفلسطينية على البحر الميت، وتستمر في حصار قطاع غزة، وتغيير هوية وطابع مدينة القدس الشرقية المحتلة، والاعتداء على مقدساتنا المسيحية والإسلامية؛ وبخاصة المسجد الأقصى.

إن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية هو لعب بالنار، فلا أحد يعرف إلى أين ستصل الأمور إذا استمرت هذه الاعتداءات.

إن هذه السياسات والإجراءات والممارسات الإسرائيلية كانت سبباً في إفشال الجهود الدولية؛ وبخاصة جهود الرباعية الدولية، على مدى ثلاثة عشر عاماً؛ كما أفشلت إسرائيل الجهود الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة.

وهنا، أود أن أتوجه إليكم مرة أخرى، وأدعوكم لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال منذ العام 1967 في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة؛ وأتقدم بالشكر للأمين العام للأمم المتحدة، ولأعضاء مجلس الأمن الذين خصصوا جلسة خاصة -Arria Formula – للبحث في إمكانية توفير الحماية الدولية لشعبنا، وأرجو أن يستمر هذا الجهد.

وإذا لم توفروا لنا أنتم الحماية الدولية فمن الذي سيوفرها لنا! أسأل إذا لم تستطع الأمم المتحدة أن توفر الحماية لنا فمن الذي يستطيع أن يوفرها!

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

تحاول إسرائيل اليوم التهرب من المؤتمر الدولي للسلام، الذي اقترحته فرنسا، وأجمعت عليه غالبية دول العالم، وانعقد اجتماع في باريس من أجل التحضير له، شاركت فيه 28 دولة وثلاث منظمات دولية، والذي نأمل أن يفضي لوضع آليةٍ وسقفٍ زمنيٍ محدد لإنهاء الاحتلال، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، و"مبادرة السلام العربية"، التي تنص على حلٍ عادلٍ ومتفقٍ عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194.

آملين من جميع دول العالم دعم عقد المؤتمر الدولي للسلام قبل نهاية هذا العام.

وهنا نتساءل: إذا لم يكن هناك مؤتمر دولي للسلام ولا مفاوضات مباشرة، بيننا وبين الإسرائيليين، فكيف يصنع السلام؛ لا مؤتمر دولي ولا مفاوضات، ويتحدثون عن السلام! فكيف يصنع السلام!

سيدي الرئيس،

بدلاً من أن تعترف إسرائيل بما ارتكبته ولازالت من فظائع بحق شعبنا، يخرج علينا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بانتقاد لخطابنا في القمة العربية بنواكشوط، لأننا أتينا فيه على ذكر وعد بلفور.

وأنا أقول له: بأن اعترافنا السياسي بوجود دولة إسرائيل، الذي صدر في العام 1993، ولا زال قائماً حتى الآن، ليس اعترافاً مجانياً؛ فعلى إسرائيل أن تقابله باعتراف مماثل بدولة فلسطين، وبإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولتنا، لتعيش دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل، في أمن وسلام، وحسن جوار؛ كل منهما في حدود آمنة ومعترف بها.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

لا توجد خصومة بيننا وبين الديانة اليهودية وأتباعها أبداً، إن خصومتنا وتناقضنا هما مع الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا؛ فنحن نحترم الديانة اليهودية؛ إنها ديانة سماوية نحترمها كما نحترم بقية الأديان؛ وندين الكارثة التي حلت باليهود خلال الحرب العالمية الثانية في أوروبا، ونعتبرها من أبشع الجرائم التي حلت بالبشرية.

إن تحقيق مصالحة تاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يقتضي بأن تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة التي حلت بشعبنا الفلسطيني ولازالت؛ الأمر الذي سيفتح صفحة جديدة من التعايش، ويسهم في مد الجسور بدلاً من بناء الجدران. وأعتقد أن مبادرة السلام العربية تقدم حلاً خلاقاً، ومع ذلك فلا زالت إسرائيل تصر على أخذ ما تريده من تلك المبادرة، لإقامة علاقات مع الدول العربية أولاً، دون أن تنهي احتلالها لفلسطين، وهذا بحد ذاته وصفة أكيدة لاستمرار الصراع والنزاع في منطقتنا، وهو ما لا نقبل به، ولا يقبل به أحد.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

مع انتهاء العام الحالي، يكون قد مضى مئة عام على صدور وعد بلفور، وسبعون عاماً على نكبة شعبنا الفلسطيني، وخمسون عاماً على احتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.

نعم لقد مضى مائة عام على صدور وعد بلفور المشؤوم، الذي أعطى بموجبه البريطانيون دون وجه حق، أرض فلسطين لغير شعبها، مؤسسين بذلك لنكبة الشعب الفلسطيني، بفقدانه لأرضه ونزوحه عنها؛ ولم يكتفوا بذلك؛ فجاء الانتداب البريطاني ليترجم الوعد إلى إجراءات وسياسيات ساهمت في ارتكاب أبشع الجرائم بحق شعب آمن ومطمئن في وطنه، لم يعتدِ على أحد، ولم يشارك في حرب ضد أحد.

ولذلك؛ ندعو بريطانيا وفي الذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم، هذه الصفقة المشؤومة، أن تستخلص العبر والدروس، وأن تتحمل المسؤولية التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج هذا الوعد، بما في ذلك الاعتذار من الشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات ومآس وظلم؛ وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها، على الأقل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذا هو المطلوب من بريطانيا بعد الذي ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني.

ومن ناحية أخرى، فقد قامت إسرائيل ومنذ العام 1948 بالاعتداء على الشرعية الدولية عبر انتهاكها لقرار الجمعية العامة رقم 181، المعروف بـ"قرار التقسيم"، الذي نص على قيام دولتين على أرض فلسطين التاريخية، وفق خطة تقسيم محددة، بقيام القوات الإسرائيلية بالسيطرة على أكثر مما خصص لها؛ وهو انتهاك صريح للبنود 39، و41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة؛ حيث جاء في الفقرة (ج) من قرار التقسيم "أن مجلس الأمن يعتبر كل محاولة ترمي إلى تغيير التسوية التي يهدف إليها هذا القرار، بالقوة، تهديداً للسلم، أو قطعا،ً أو خرقاً له، أو عملاً عدوانياً، بموجب نص المادة 39 من الميثاق"، إلا أنه، وللأسف، لم يتحمل (مجلس الأمن) مسؤولياته بمحاسبة إسرائيل على سيطرتها على أراض مخصصة للدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم.

إنني أدعوكم لقراءة هذا القرار مرة أخرى.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

إننا نبذل قصارى جهودنا من أجل إرساء أسس ثقافة السلام بين أبناء شعبنا". ونحن نقف ضد الإرهاب بصوره وأشكاله كافة، وندينه، من أية جهة كان مصدره؛ فمنطقتنا هي أكبر ضحاياه، وتعيش في خضمه منذ عدة سنوات؛ ونحن ندعم وحدة الشعب والأرض والتوصل الى حل سياسي، لجميع الصراعات في سوريا، وليبيا، والعراق، وغيرها؛ وندعم في ذات الوقت الجهود الدولية التي تقودها المملكة العربية السعودية الشقيقة لتعزيز أسس الشرعية في اليمن الشقيق، ومواجهة قوى الإرهاب والتطرف والطائفية ودعاة العنف. وأدعو الجميع للوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب، الذي لا دين له.

في هذا السياق أريد التأكيد مرة أخرى، بأنه لا يمكن الانتصار على الإرهاب والتطرف، وتحقيق الأمن، والاستقرار في منطقتنا، إلا عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله. إذن محاربة الإرهاب تبدأ من هنا (وجود حل سياسي للقضية الفلسطينية)؛ سيختفي الإرهاب مرة واحدة.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

إننا مستمرون كذلك في جهودنا المخلصة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومستمرون أيضاً في إعادة الإعمار في قطاع غزة، للتخفيف من معاناة شعبنا ورفع الحصار عنه.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

إن يدنا لا زالت ممدودة لصنع السلام، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل يوجد في قيادة إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) من يريد أن يقيم سلاماً حقيقياً، يتخلى فيه عن عقلية الهيمنة، والتوسع، والاستيطان؛ بالذهاب نحو الاعتراف بحقوق شعبنا، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه؟

إن تنكر إسرائيل لما وقعت عليه، وعدم وفائها بالتزاماتها، أدى إلى ما نحن عليه الآن، حيث الجمود والطريق المسدود. وإن دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة، والتي حظيت بتصويت 138 دولة إلى جانبها، هي دولة تحت الاحتلال؛ وإن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيثما وجد، تمثل بلجنتها التنفيذية حكومة الشعب الفلسطيني؛ وإن المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان دولة فلسطين؛ وذلك وفق القرار الأممي 67/19 الصادر عن الجمعية العامة للأم المتحدة عام 2012م.

إننا لا نزال نعول على المجتمع الدولي؛ لم نفقد الأمل بعد بتحمل مسؤولياته (ونخص بالذكر تلك الدول التي أجحفت بحقوق شعبنا) في العمل على إنهاء محنته.

وندعو دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين أن تقوم بذلك.

لإن من يؤمن بحل الدولتين، عليه أن يعترف بهما وليس بدولة واحدة.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

أمام الدورة ال 71 للجمعية العامة أدعوكم لاعتماد عام 2017م عاماً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وشعبنا؛ ففي حزيران عام 2017م يكون قد انقضى نصف قرنٍ على هذا الاحتلال البغيض.

وأدعوكم لتبني قرار جديد بعد قرار رفع مكانة دولة فلسطين في العام 2012، وذلك بإعطاء حق تقديم وتبني القرارات للدول المراقبة.

وأطلب دعمكم للجهد الذي تبذله دولة فلسطين من أجل رفع مكانتها القانونية والسياسية؛ وذلك من خلال إعطائها مسؤوليات إضافية لتولي رئاسة لجان ومجموعات دولية؛ علماً بأننا، بدعمكم، نواصل السعي من أجل نيل العضوية الكاملة في المنظمة الدولية.

وبناءً على ما تقدم؛ فإن المجتمع الدولي مطالب، أكثر من أي وقت مضى، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين (وهو كما تعلمون، أطول وآخر احتلال في تاريخنا). وإن انتصار المجتمع الدولي لحقوق شعبنا وتمكينه من نيلها، ورفع الظلم الواقع عليه منذ قرابة سبعة عقود، هو فرصة فريدة ليسود الاستقرار والسلام والتعايش في ربوع منطقتنا، وبين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومن أجل مستقبل أفضل لأجيالنا الحاضرة والقادمة، وهو البداية والأساس لإنهاء التطرف والعنف في منطقتنا والعالم.

أشكركم على حسن الاستماع، وأتمنى من صميم قلبي أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وأن يتم القضاء على الإرهاب، وتنتهي النزاعات ويعم السلام في منطقتنا، وفي جميع أنحاء العالم؛ وسنظل وشعبنا نطرق باب السلام، ونعمل من أجل نيل شعبنا لحريته واستقلاله، وسنبقى صامدين على أرضنا، نعمل ونبني لمستقبل أجيالنا القادمة.

آمل أن لا أضطر لتكرار هذا الخطاب مرة أخرى؛ لأن عليكم مسؤولية جعل عام 2017 عاماً لإنهاء الاحتلال؛ فهل أنتم فاعلون؟ هل أنتم فاعلون؟ أرجو ذلك.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس في قمة عدم الانحياز الدورة السابعة عشرة المنعقدة في جزيرة مارغرينا في فنزويلا

بتاريخ 17 أيلول 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس نيكولاس مادورو مورو،
أصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة،
السيدات والسادة،

بداية يطيب لنا أن نعبر عن بالغ سرورنا بحضور هذه القمة المنعقدة في جمهورية فنزويلا البوليفارية، وهنا في جزيرة مارغرينا الرائعة برئاسة فخامة الرئيس نيكولاس مادورو؛ شاكرين له ولحكومة وشعب فنزويلا الصديقة، حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، التي لقيناها في بلدهم الصديق الشامخ والأبي بشعبه وقيادته.
وأشكركم على كلمتكم القيمة والجامعة؛ وبشكل خاص ما ذكرتموه بشأن القضية الفلسطينية، ونضال الشعب الفلسطيني، باعتبارها القضية المركزية لحركة عدم الانحياز.
كما نشكر جمهورية إيران الإسلامية على رئاستها للقمة السابقة، مثمنين جهودها في خدمة حركة عدم الانحياز.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

يأتي انعقاد هذه القمة بعد مضي أكثر من اثنتين وستين سنة على انعقاد قمة باندونغ، التي وضعت الأسس الأولى لهذه الحركة العتيدة. وبعد مضي كل تلك العقود التي خلت، ما زالت مبادئها تكتسب ذات الأهمية في أيامنا هذه، وما زلنا أحوج ما نكون هذه الأيام لرؤية هذه القيم تحكم العلاقات الدولية، في ظل قرارات الشرعية الدولية، وهذا يؤكد أن القادة الرواد لهذه الحركة الأصيلة، كانوا يتمتعون ببعد نظر ورؤية مستقبلية ثاقبة.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

إن فلسطين وقضيتها العادلة، وحقوق شعبها، كانت منذ البدايات الأولى، في صلب وجوهر نشاطات حركة عدم الانحياز، التي لطالما وقفت معنا على الدوام في المحافل والهيئات الدولية، وكانت وما زالت في طليعة الداعمين والمدافعين عن فلسطين، من أجل تمكين شعبنا من تقرير مصيره، ونيل حريته واستقلاله.
وكم سررنا أن نلتقي بكم مجددًا أيها الأصدقاء والأشقاء في هذه القمة في دورتها السابعة عشرة التي تنعقد تحت شعار "السلام، والسيادة والتضامن من أجل التنمية"؛ ونحن على ثقة تامة بأن فلسطين ستكون حاضرة بقوة على أجندتها؛ وإننا لنعول على دعم دولها الأعضاء لشعبنا وقضيتنا؛ الذي هو أحوج ما يكون لتحقيق السلام والسيادة الوطنية على أرضه ومقدراته، والتضامن معه في ظل استمرار هذا الاحتلال الإسرائيلي البغيض لأرضنا.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

أود أن أشيد هنا بالإنجازات التي حققتها حركة عدم الانحياز في تطوير العلاقات الطيبة والتضامنية فيما بين أعضائها، من أجل خير ورخاء شعوبها ودولها بل والعالم بأسره؛ إلا أنه وبعد مضي قرابة سبعة عقود على نكبة شعبنا، ما زال هناك أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني، ينتظرون إنصافهم وتمكينهم من العودة لديارهم، وممتلكاتهم في وطنهم فلسطين وفقًا للقرار الأممي 194، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدور أبناء شعبنا منذ 49 عامًا، على أرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967م، بعاصمتها القدس الشرقية.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

ونحن، إذ نحيي جهودكم في دعم القضية الفلسطينية، لنهيب بكم جميعا، لبذل المزيد من الجهود والدعم لها في المحافل الدولية، وأن تقوم الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، أن تقوم بذلك؛ لأن مثل هذه الاعترافات ستسهم في تعزيز الأمن والسلم العالميين، وتبعث الأمل في نفوس أبناء شعبنا.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

إن دعوة هذه القمة للسلام والسيادة والتضامن، هي في القلب والصميم من تحقيق الحرية والكرامة واحترام الشعوب في اختيار مصائرها وإدارة مواردها وتنميتها. وفي وطني فلسطين فإن الاحتلال يحرمنا من كل شيء، ويحبط كل جهد دولي من أجل تحقيق السلام، ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

إننا إذ ندين الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله ومن أي جهة كان مصدره، لنتطلع إلى رؤية اليوم الذي يتم فيه اجتثاث جذوره من منطقتنا والعالم. وإنني أدعم كل جهد يبذل في منطقتنا والعالم من أجل الحوار وإيجاد الحلول السياسية الخلاقة. ونتمنى للدول العربية الشقيقة التي تشهد أوضاعا صعبة منذ عدة سنوات أن تستعيد وئامها واستقرارها ووحدة أراضيها واللحمة لشعوبها؛ ونحن نتمنى الخير والسلام والرخاء للجميع.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

أجدد التأكيد أمامكم هنا، بأن أيدينا ممدودة للسلام، ونحن نسعى لتحقيقه مع جيراننا بالطرق السلمية والقانونية، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، وتطبيق "مبادرة السلام العربية" كما جاءت وكما وردت في قمة بيروت 2002، وتحقيق رؤية حل الدولتين (فلسطين، وإسرائيل تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام وحسن جوار)؛ غير أن هذا لن يصبح واقعًا ملموسًا إلا بزوال الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا المحتلة منذ عام 1967، وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي هذا السياق، يتوجب على إسرائيل (قوة الاحتلال) وقف بناء المستوطنات في أراضينا، ومنع المستوطنين من ممارساتهم العدوانية، والتوقف عن السيطرة على أرضنا ومصادرنا الطبيعية، وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وخرق الاتفاقيات الموقعة، وفرض الحصار على جزء من وطننا (قطاع غزة). إن إسرائيل تتصرف بصفتها قوة احتلال غاشمة؛ إذ تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتستمر في بناء الحواجز والجدران، وتحتجز آلاف أسرى الحرية الفلسطينيين في سجونها، وتمتهن مقدساتنا، وتفرض سياساتها وإجراءاتها غير الشرعية على أرضنا وشعبنا؛ الأمر الذي ولد اليأس وفقدان الأمل في نفوس أبناء شعبنا.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

في ظل انسداد الأفق السياسي أمام عملية سلام ذات مغزى، بسبب التعنت الاسرائيلي؛ الأمر الذي أفشل الجهود المقدرة التي بذلتها الولايات المتحدة، وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والدول العربية، ودول صديقة أخرى، لتحقيق السلام في منطقتنا.

وبناء على ما تقدم سرده من واقع مرير، فإننا نجدد هنا التأكيد على تمسكنا بالمبادرة الفرنسية، ونثمن عاليًا اجتماع باريس الوزاري الذي عقد في 3 حزيران/ يونيو الماضي؛ ونواصل العمل مع فرنسا والأطراف العربية والأوروبية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وخلق آلية مواكبة جديدة للمفاوضات، وفق جداول وأسقف زمنية محددة، لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وصولًا لنيل شعبنا الفلسطيني حريته واستقلاله.

إننا أيها الأصدقاء الأعزاء، نتطلع لدعمكم للمبادرة الفرنسية لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وبما ينهي الصراع جذريًا، وينزع الذرائع من المتطرفين ودعاة الإرهاب؛ فنحن نريد السلام للجميع دون استثناء.

وإن حركتكم العتيدة (حركة عدم الانحياز) تستطيع القيام بدور إيجابي وبناء وفاعل بهذا الصدد؛ وأود أن أشدد هنا كذلك على أن أية عملية تفاوضية ذات جدوى تقتضي الالتزام بالقرارات الدولية، ومرجعيات السلام، وتنفيذ جميع الاتفاقات الموقعة، ووقف الاستيطان بشكل كامل، وتفكيك الجدار، والإفراج عن الأسرى.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

إننا نعمل على إنجاز المصالحة الفلسطينية والمضي نحو الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ونعمل على إعادة إعمار قطاع غزة للتخفيف من عذابات شعبنا ومعاناته، وفك الحصار المفروض عليه؛ ونحن ماضون في بناء مؤسساتنا الوطنية وفق المعايير الدولية والأسس الديمقراطية، وسيادة القانون، وضمان حقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

وقبل أن أنهي كلمتي، أود التأكيد على تضامن دولة فلسطين مع جمهورية فنزويلا البوليفارية، ووقوفها إلى جانبها في مواجهة الحصار المفروض، والحرب الاقتصادية المعلنة ضد الحكومة المنتخبة التي يقودها الرئيس مادورو، ونأمل من حركتنا إعلان تضامنها الكامل مع فنزويلا للحفاظ على وحدة أرضها وشعبها.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

أود أن أؤكد تمسكنا بقيم حركة عدم الانحياز ومبادئها العشرة؛ ونحن جاهزون للتعاون مع دول الحركة كافة، وتقديم ما يتوفر لدينا من خبرات فنية بكوادر مؤهلة وذات فاعلية وقدرة متميزة على الإنجاز، وبما يعود بالفائدة والمنفعة على الجميع.

أتمنى لهذه القمة النجاح في أعمالها، والخروج بالقرارات التي تنشدها لخير شعوبها ودولها الأعضاء والعالم أجمع.

والسلام عليكم.

 

كلمة مسجلة للرئيس محمود عباس بثها تلفزيون فلسطين لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك
11 أيلول 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في كتابه العزيز: "واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". صدق الله العظيم

يا شعبنا العظيم،،
أيتها الأخوات والإخوة،،

يطيب لي في هذه الأيام المباركة أن أتقدم من أبناء شعبنا الأبي فرداً فرداً ومن عائلات شهدائنا وأسرانا الصامدين بأحر التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الأضحى المبارك؛ أعاده الله علينا جميعاً باليمن والبركات، وقد التأم شملنا، وتدعمت وحدتنا الوطنية لتحقيق أهدافنا، بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967م، وعاصمتها القدس المحتلة.
لقد سبق هذه الأيام المباركة هبوب رياح السموم الإسرائيلية علينا في محاولة لكسر إرادتنا.
لقد كنا أكثر صدقاً مع أنفسنا وأصلب عوداً؛ وظلت جبهتنا الداخلية على تماسكها الوطني، لا تهزها الظنون، ولا تنال من معنوياتنا حملات التشكيك.
فنحن عازمون على المضي قدماً في المسيرة الديمقراطية على المستويات كافة، رغم ما يعترضها من عقبات؛ لأنها مصلحة عليا لشعبنا. وستؤكد الأيام المقبلة هذا التصميم لخدمة أبناء شعبنا، مهما كانت العقبات والعراقيل. ونحترم في هذا المجال موقف القضاء الذي نخضع جميعاً له.

أيتها الأخوات والإخوة.

لسنا في عزلة، كما تحاول الحكومة الإسرائيلية تصويرنا؛ فحكومة الاحتلال هي المعزولة دولياً على أرض الواقع؛ لأنهم لا يريدون التقدم قيد أنملة على طريق السلام رغم تضليلاتهم ومزاعمهم؛ بل يوغلون في الاستيطان، وانتهاك المقدسات، والتطهير العرقي، والقتل المتعمد؛ ما جعلهم عرضة للانتقاد الدولي في كل أنحاء العالم؛ فنحن لسنا هواة إطلاق البالونات الإعلامية عن السلام؛ بل نحن من دعاة تجسيده على الأرض. وقد حظي موقفنا الصادق هذا باحترام دولي لا سابق له.

وفي الأيام الأخيرة وافقنا على عقد لقاءٍ مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بناء على دعوة روسية كريمة من الرئيس بوتين، بعد أن أُفشلت جهود الرباعية الدولية. وما زلنا مع الأشقاء والأصدقاء في فرنسا وغيرها من الدول، نعمل على التئام مؤتمر دولي لبحث القضية الفلسطينية، وإقامة دولتنا وفق جدول زمني محدد وملزم.

أيتها الأخوات والإخوة،

إن دماء شهدائنا على درب الثورة الشعبية والصمود؛ وصبر أسرانا وراء القضبان وأنّات جرحانا ودموعَ أمهاتنا هي البوصلة التي تشير إلى صحة سياستنا باستمرار التنسيق مع الأشقاء العرب ودعمهم الثابت لقرارنا المستقل بتمسكنا بثوابتنا ونيل حقوقنا الوطنية وبالصمود والمرابطة في أرض الرباط والإسراء والمعراج؛ فمن صمودكم يا أهلنا نستمد الأمل، وهو زادنا في السعي على كل المستويات السياسية والدبلوماسية لنيل حقوقنا وتوفير الحياة الكريمة لأبناء شعبنا في ظل سيادة القانون واحترامه.
مرة أخرى أُهنئكم بالعيد المبارك، وأدعو الله أن يعيده علينا وقد حققنا أمانينا في إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

المجد والخلود لشهدائنا، والحرية لأسرانا، والشفاء العاجل لجرحانا، والعودة السالمة لحجاجنا وهم يقفون اليوم على جبل عرفات.

وكل عام وأنتم بخير لشعبنا وللأمتين العربية والإسلامية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 

كلمة الرئيس محمود عباس أمام مؤتمر القمة العربية الـ27 المنعقد في موريتانيا. وألقاها بالنيابة عنه وزير الخارجية رياض المالكي بتاريخ 25 تموز 2016

فخامة الأخ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية،

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة،

معالي الأخ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية،

أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،

يسرنا، يا فخامة الأخ الرئيس، أن نكون اليوم في ربوع موريتانيا الشقيقة، التي نكن لشعبها وقيادتها جزيل الاحترام والتقدير، شاكرين لكم حسن استضافتكم، وحفاوة استقبالكم الكريم، آملين أن يكلل مؤتمرنا هذا بالنجاح والتوفيق. كما لا يفوتنا أن نتوجه بالتحية والشكر لفخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي على استضافة جمهورية مصر العربية، للقمة السابقة، وعلى الجهود التي بذلتها بهذا الصدد، وصولاً لانعقاد هذه القمة.

وفي مستهل حديثي هذا، أود أن أتوجه بأطيب التهاني لمعالي الأخ أحمد أبو الغيط، بمناسبة توليه منصبه الجديد، أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، ونعبر كذلك عن شكرنا وتقديرنا لجهود الأمين العام السابق (الأخ الدكتور نبيل العربي)، مع تمنياتنا له بالصحة والتوفيق. وأود كذلك أن أرحب بوجود دولة الأخ د. فايز السراج (رئيس المجلس الرئاسي)، مهنئينه على توليه لمهام منصبه ومشاركته في أعمال هذه القمة ممثلاً لليبيا الشقيقة. وكما نرحب بدولة الأخ حيدر العبادي (رئيس الوزراء العراقي) الذي يشارك في اجتماعات القمة العربية للمرة الأولى.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

نعلم جميعاً، أيها الإخوة والأخوات، حجم التحديات التي تواجه أمتنا العربية في ظل هذه الظروف الدقيقة والخطيرة، بسبب تفشي ظاهرة العنف والإرهاب، التي تقودها مجموعات إرهابية، متخذة من الدين غطاء وذريعة لأعمالها الإجرامية.

وإننا نقف إلى جانب الدول التي أصابها الأذى جراء هذا الإرهاب، وندين أعماله البشعة، ونتضامن مع الشعوب التي تعرضت له؛ ونحن على استعداد لتقديم العون لمكافحته بأشكاله كافة.

ونجدد التأكيد بأننا نقف إلى جانب أهلنا في سوريا وليبيا؛ فنحن مع الجهود العربية والدولية الرامية لتوحيد الأرض والشعب من خلال الحوار، ووقف القتال الدائر هناك، وتوجيه الجهود لدحر الإرهاب، وإعادة بناء الدول على أساس ديمقراطي، يشارك فيه الجميع، ومن خلال الوسائل السلمية، وبما يضمن وحدة أراضي هذه الدول.

وندعم جهود العراق الشقيق في الخلاص من الإرهاب واستعادة الاستقرار، وبما يضمن استعادة اللحمة والأمن لجميع ربوع العراق، وفق ما يتمناه أهلنا هناك.

ونثمن جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لمساعدة اليمن الشقيق لاستعادة الهدوء والاستقرار فيه، وضمان وحدة أراضيه بعيداً عن التدخلات الأجنبية.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لقد انقضى قرابة قرن من الزمان على صدور وعد بلفور في العام 1917، وبناء على هذا الوعد المشؤوم، (وعد من لا يملك، لمن لا يستحق)، تم نقل مئات الآلاف من اليهود من أوروبا وغيرها إلى فلسطين، على حساب أبناء شعبنا الفلسطيني الذين عاشوا وآباؤهم وأجدادهم منذ آلاف السنين على تراب وطنهم.

ولاحقاً لذلك، فقد سمحت سلطة الانتداب البريطاني والقوى الكبرى آنذاك، للحركات الإرهابية اليهودية، باقتلاع وطرد وتهجير قرابة نصف سكان فلسطين إلى دول الجوار، وإلى ما تبقى من فلسطين التاريخية. وفي أعقاب النكبة، قامت القوات الإسرائيلية بتدمير أكثر من 485 بلدة وقرية فلسطينية، وترتب على ذلك وجود قرابة ستة ملايين فلسطيني يعيشون حالياً في ديار المنافي والشتات.

هذا، ونعمل من أجل فتح ملفات الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت بحق شعبنا منذ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين ومروراً بالمجازر التي نفذتها عام 1948 وما بعدها.

ومع حلول هذه الذكرى الأليمة، ومرور حوالي مائة عام على هذه المجزرة التاريخية لأرضنا ومقدرات شعبنا، ومع استمرار هذه الكارثة دون حل؛ فإننا نطلب من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مساندتنا لإعداد ملف قانوني لرفع قضية ضد الحكومة البريطانية لإصدارها وعد بلفور، وتنفيذه كسلطة انتداب بعد ذلك؛ الأمر الذي تسبب في نكبة الشعب الفلسطيني، وتشريده، وحرمانه من العيش في وطنه وإقامة دولته المستقلة مثل باقي شعوب المنطقة.

هذا، وطالما بقي الظلم قائماً على أبناء شعبنا، فإنه لن يغفر لمن تآمروا عليه، وأوصلوه إلى ما يعانيه من تشرد ونكبات ونكسات، وحرموه من أن يعيش حياة طبيعية في وطنه، وأن تكون له دولته المستقلة ذات السيادة والخاصة به.

ومن ناحية أخرى، فإن شعبنا لن ينسى الدول والشعوب الخيرة؛ وبشكل خاص أشقاءنا العرب، والعديد من الدول الصديقة، الذين مدوا أيديهم، ولا تزال، لمساعدته، والوقوف إلى جانبه واحتضانه في محنته ومعاناته.

وقد قطعنا عهداً على أنفسنا أن نبقى صامدين وثابتين في أرضنا، مثابرين نعمل بكل جد على إنهاء الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا، لينعم شعبنا، مثل بقية شعوب العالم، بالأمن والسلام والاستقرار.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لم يقف الأمر عند ذلك؛ فقد قامت إسرائيل في الخامس من حزيران يونيو في عام 1967 باحتلال ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية في كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وكذلك قطاع غزة.

وبالرغم من قبول منظمة التحرير الفلسطينية، لعقد اتفاق سلام مع إسرائيل شهد عليه العالم في العام 1993، تم بموجبه الاتفاق على حل الدولتين على حدود العام 1967، وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين؛ إلا أن إسرائيل، وبعد 49 عاماً من احتلالها، لا زالت مُصرة على تكريس احتلالها واستيطانها لأرض دولة فلسطين، وماضية في سعيها المحموم لتغيير هوية وطابع تلك الأرض، وخاصة مدينة القدس الشرقية.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لا أريد أن أطيل عليكم في سرد حجم المعاناة والعذابات التي يعيشها شعبنا جراء ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين، في أراضي دولة فلسطين، وضد مقدساتنا وشعبنا وممتلكاته وأرواح أبنائنا؛ حيث تواصل إسرائيل عملياتها الاستيطانية الاحتلالية بشكل بشع، وغير مسبوق، وتمارس العقوبات الجماعية، وهدم البيوت، وسياسة التمييز العنصري، واستمرار احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجونها، واحتجاز جثامين الشهداء؛ ومن هنا فقد حان الوقت، وقبل فوات الأوان، لحشد الإرادة العربية والدولية المتوفرة لتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

أجدد التأكيد على أنه وبالرغم من الجهود المقدرة التي تقوم بها كل من أمريكا، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، بشكل منفصل، لدعم تحقيق السلام في منطقتنا، إلا أن آلية الرباعية الدولية، قد فشلت مرة أخرى في القيام بواجباتها وفق خطة خارطة الطريق؛ فقد أصدرت الرباعية مؤخراً تقريراً منحازاً وغير مقبول، ينتقص من قرارات الشرعية الدولية، ويلوي عنق الحقيقة، حيث ساوى بين الضحية والجلاد، الأمر الذي سيشجع إسرائيل (قوة الاحتلال) على المضي في طغيانها، وانتهاكاتها للقانون الدولي.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

ومن ناحية أخرى، فإننا نكرر ترحيبنا بالمبادرة الفرنسية وبالاجتماع الوزاري التشاوري الذي انبثق عنها، الذي عقد في 3 يونيو/ حزيران الماضي في باريس بمشاركة وزراء خارجية 28 دولة، وثلاث منظمات إقليمية ودولية. ونحن مقبلون على تحرك دبلوماسي يهدف إلى توسيع المشاركة الدولية، الأمر الذي يستدعي دعم الدول العربية لهذه المبادرة الفرنسية، بهدف عقد المؤتمر الدولي للسلام، على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وكذلك المبادرة العربية للسلام كما صدرت عن مؤتمر قمة بيروت في العام 2002.

ونأمل أن تساهم الآلية الجديدة التي ستنبثق عن المؤتمر في وضع سقف زمني للمفاوضات، ولتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وأن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ووفقاً للمبادرة العربية للسلام، وعند ذلك يمكن للدول العربية والإسلامية أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وليس العكس، ونحذر من مفهوم يتمُ تداولهُ ويُروج له تحت مسمى "التعاون الإقليمي أو الأمن الإقليمي"، بهدف خلق تنسيق أمني إقليمي بين إسرائيل والدول العربية، يهدف إلى تطبيع تلك العلاقات قبل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نعمل بتصميم على وحدة أرضنا وشعبنا، ونتعاون مع أشقائنا في مسعانا من أجل إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفك الحصار عن قطاع غزة، ونبذل جهوداً متواصلة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في ثلاثة حروب على قطاع غزة. كما وتقوم حكومة الوفاق الوطني بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه قطاع غزة، رغم الضائقة المالية التي تعاني منها. وتقوم حالياً لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، بتنظيم عقد الانتخابات المحلية في أكتوبر القادم.

وفي مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة لتقويض أسس دولتنا العتيدة؛ فإننا نواصل تعزيز صمود شعبنا على أرضه؛ فإننا مستمرون في بناء مكونات دولتنا الفلسطينية، رغم شح الموارد ومحدودية الإمكانيات، متطلعين لاستمرار الدعم والمساعدة من الدول الشقيقة والتي نشكرها على كل ما قدمته وتقدمه لفلسطين وشعبها وصولاً لهذا الهدف.

مرة أخرى أحييكم، أيها الإخوة، وأشكركم، وأتمنى لقمتنا هذه النجاح والخروج بالقرارات والتوصيات، التي تعود بالخير والمنفعة على أقطارنا وشعوبنا، وتحمي مصالح أمتنا القومية، وتمثل سداً مانعاً منيعاً في وجه التحديات والمخاطر، التي تحدق بأمتنا.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام قمة الاتحاد الإفريقي الـ27 المنعقدة في كيغالي في رواندا بتاريخ 17 تموز 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس إدريس ديبي، رئيس جمهورية تشاد،

فخامة الرئيس بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا،

أصحاب الفخامة والدولة،

معالي الدكتورة زوما، رئيسة المفوضية،

أصحاب المعالي والسعادة، أيتها السيدات والسادة،

يسرنا أن نلتقي بكم مجددًا، أيها الأصدقاء، ويشرفنا أن نتحدث أمام قمتكم السابعة والعشرين، والتي تعقدونها تحت شعار: السنة الإفريقية لحقوق الإنسان مع التركيز على حقوق المرأة.

في بداية كلمتي هذه، أود أن أشيد بالتقدم والتطور الذي شهدناه منذ أن وصلنا إلى هذا البلد الجميل، وكان أول ما قمت به بعد وصولي بالأمس، أنني زرت النصب التذكاري للإبادة الجماعية هنا في كيغالي، وذلك احتراما لهذا الشعب الذي عانى الكثير، وأود بهذه المناسبة أن أتوجه للرئيس كاغامي بالتقدير والاحترام لجهوده وحكمته في الحفاظ على السلم والأمن والديمقراطية في هذا البلد الآمن.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

ونحن إذ نشكركم ونحييكم جميعًا، لنثمن عاليًا دعوتكم الكريمة لنا، والتي هي تعبير صادق ومخلص عن عمق العلاقات التاريخية، التي ظلت تربط بين دول قارتكم، وفلسطين وقضيتها العادلة. ونحن على ثقة بأن اتحادكم العتيد سيستمر في دعمه وتضامنه مع شعبنا لتمكينه من نيل حريته وسيادته واستقلاله. فقارتكم التي أنجبت وما زالت، نخبًا من القادة والزعماء العظماء، لا يمكن إلا أن تقف إلى جانب شعبنا لإنهاء 68 عامًا من التشرد والمعاناة لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني، و49 عامًا من الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نحيي جهودكم، وأنتم تسعون للنهوض بإفريقيا لتنعم بالسلام والرخاء والتكامل فيما بين شعوبها ودولها وفق خطتكم الطموحة للعام 2063، والتي تركزون من خلالها على إرساء أسس السلم والأمن، ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي ندينه بكل أشكاله؛ وتحقيق التنمية المستدامة، وتطوير أوضاع المرأة، والمجتمع المدني، ومعالجة قضايا التربية والتعليم، والصحة.

ونحن مستعدون تمامًا للتعاون وإياكم في مختلف هذه المجالات؛ حيث تتوفر لدينا الخبرات والطاقات البشرية المدربة والمؤهلة علميًا، وبما يعود بالفائدة والمنفعة علينا جميعا، ضمن سياسة الوفاء التي نتبعها مع القارة؛ تعبيرا عن تقديرنا لمواقفكم المؤيدة لعدالة قضيتنا؛ تمامًا كما عملنا في علاقتنا مع أميركا اللاتينية من تعاون في المجال التنموي ونقل التكنولوجيا الزراعية أو في التعليم والطب والشراكة الاستثمارية وغيرها.

وسوف نرسل وفدًا من وكالة التعاون الدولي الفلسطينية– بيكا، قريبا لعقد اجتماعات مع مفوضية الاتحاد الإفريقي لتحديد أوجه التعاون والتنسيق.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا ندعم طموحاتكم لإقامة إفريقيا مزدهرة عبر التنمية التكاملية والمستدامة، والتي تعمل لتحقيق الرخاء، وصولًا لقارة لها رؤية سياسية واقتصادية موحدة تنعم بالأمن والسلام، وذات هوية ثقافية قوية، وموروث حضاري مشترك، وبما يجعل إفريقيا قوية ومؤثرة، ولاعبًا وشريكًا عالميًا.

في هذه اللحظات، أؤكد من جديد إدانتي الشديدة للحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية، ونؤكد تضامننا ووقوفنا إلى جانب فرنسا وشعبها، ونحن على ثقة بأنها ستكون قادرة على تخطي هذه المحنة الصعبة. وأدعو الجميع للوقوف صفًا واحدًا ضد هذا الإرهاب الذي لا دين له. وفي نفس الوقت فإننا ندين جميع أعمال الإرهاب التي حدثت مؤخرًا في مختلف أنحاء العالم، وتلك التي ما زالت تتم في منطقتنا العربية، وفي دول هذه القارة الإفريقية العزيزة على قلوبنا.

إننا نقف إلى جانبكم أيها الأصدقاء، ونتضامن معكم. ولقد أصدرنا تعليماتنا لتقديم كل ما لدينا من قدرات وإمكانيات لمواجهة الإرهاب بجميع أشكاله، خاصة القادم من المجموعات الإرهابية المتطرفة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن أيدينا ممدودة للسلام، ونسعى لتحقيقه مع جيراننا بالطرق السلمية والقانونية، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، وتطبيق مبادرة السلام العربية كما جاءت في 2002، وتحقيق رؤية حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان في أمن وسلام وحسن جوار.

لكن ذلك لن يتحقق أيها الأصدقاء إلا بزوال الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا المحتلة منذ العام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.

وفي هذا السياق، يتوجب على إسرائيل وقف بناء المستوطنات في أراضينا، ومنع مستوطنيها من ممارساتهم العدوانية، والتوقف عن السيطرة على أرضنا ومصادرنا الطبيعية، وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وخرق الاتفاقيات الموقعة. إن إسرائيل تتصرف كقوة فوق القانون الدولي، وتستمر في بناء الحواجز والجدران، وحجز الآلاف من الفلسطينيين في سجونها، وعليها الامتناع عن امتهان المقدسات المسيحية والإسلامية؛ خاصة في القدس الشرقية؛ فكل هذه الإجراءات غير الشرعية، أوصلت شعبنا وشبابنا لليأس وفقدان الأمل.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

رغم الجهود المقدرة التي تقوم بها كل من الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، بشكل منفصل، لدعم تحقيق السلام في منطقتنا، إلا أن آلية الرباعية الدولية، قد فشلت مرة أخرى في القيام بواجباتها وفق خطة خارطة الطريق الصادرة منذ العام 2003، فقد أصدرت مؤخرًا تقريرًا ينتقص من قرارات الشرعية الدولية، ويلوي عنق الحقيقة، ولا يعبر عن الواقع الذي يعيشه شعبنا تحت الاحتلال الاسرائيلي، وقد ساوى بين الضحية والجلاد؛ الأمر الذي سيشجع إسرائيل (قوة الاحتلال) على المضي في طغيانها، وانتهاكاتها للقانون الدولي.

وهنا نجدد التأكيد على تمسكنا بالمبادرة الفرنسية، ونثمن اجتماع باريس الوزاري في الثالث من الشهر الماضي، وسنواصل العمل مع فرنسا وجميع الأطراف العربية، والأوربية، والدولية، وبما فيها الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وخلق آلية مواكبة جديدة للمفاوضات، وفق جدول زمني، لتنفيذ ما يتفق عليه، وصولًا لنيل الشعب الفلسطيني لحريته واستقلاله.

إن أية عملية تفاوضية ذات جدوى، تقتضي الالتزام بالقرارات الدولية، ومرجعيات السلام، وتنفيذ جميع الاتفاقيات الموقعة، ووقف الاستيطان بشكل كامل، والإفراج عن الأسرى.

إننا، أيها الأصدقاء، نتطلع لدعم اتحادكم ودوله الأعضاء، للمبادرة الفرنسية لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وبما يضع حلولًا جذرية لهذا الصراع، وسينزع الذرائع من المتطرفين ودعاة الإرهاب، فنحن ننشد السلام للجميع دون استثناء.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نعمل على بناء مؤسساتنا الوطنية على أسس ديمقراطية وعصرية، وفي ظل احترام سيادة القانون، ووفق المعايير العالمية لحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل، ونعمل بكل إخلاص وتصميم لفك الحصار عن قطاع غزة، ولإنهاء حالة الانقسام، واستعادة وحدتنا الوطنية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ونبذل كذلك كل جهد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في ثلاث حروب على قطاع غزة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن إفريقيا تستطيع عمل الكثير من أجل السلام في منطقتنا، وذلك لما لها من وزن على المستوى الإقليمي والدولي، وإننا نتطلع لرؤية دورها ومكانتها تتعاظم، وأن تنال مقعدًا دائمًا لها في مجلس الأمن، راجين لقمتكم تحقيق النجاح، ومثمنين عاليًا جهود مفوضية اتحادكم في التنظيم والإعداد لهذه القمة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

في الختام، وبمناسبة انتهاء مهام الدكتورة زوما (رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي)، اسمحوا لي أن أدعوها إلى هنا، وذلك لتكريمها بوسام نجمة القدس، تقديرًا لدورها ومكانتها وصفاتها الحميدة، وتثمينا لجهودها ودعمها المتواصل لحقوق لشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال.

كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة لخريجي دورة قوى الأمن في العاصمة اللبنانية بيروت
بتاريخ 16 تموز 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

"الإخوة والأخوات، أحييكم جميعًا من هنا، من فلسطين العصية على الانكسار ومحاولات الطمس والتغييب، من وطنكم التاريخي، ومن على أرض دولتكم، الدولة الفلسطينية، وأخص بالتحية أبناءنا، الذين أنهوا باقتدار وإصرار وبعزيمة، دورتهم؛ هؤلاء الأخوة الوطنيون المناضلون الذين سينضمون لأخوتهم ممن سبقوهم ليكونوا جميعًا حراسًا لشعبهم ووطنهم وقضيتهم، حراسًا للحقوق والثوابت الوطنية ولآمال الشعب الفلسطيني بالعودة والحرية والاستقلال.

أيها الإخوة، لقد أنهيتم دورتكم في مرحلة تاريخية صعبة ودقيقة؛ فهي مرحلة مليئة بالمخاطر التي تهدد بشكل مباشر قضيتنا الوطنية؛ فإلى جانب حالة التمزق والحروب الدموية الجانبية التي تعيشها الأمة العربية، والتي تهدد مستقبلها كأمة، فإننا نواجه هنا في فلسطين، حكومة إسرائيلية تصر على إطالة أمد احتلالها لأرضنا وشعبنا، وتصر على رفض كل الجهود والمبادرات الدولية، وتواصل سياسة الاستيطان البغيض وتهويد القدس، عاصمة دولتنا الفلسطينية.

نحن أيتها الأخوات والإخوة، دولة معترف بها في الأمم المتحدة من أكثر من 140 دولة في العالم، وهذه الدولة أصبحت عضوًا في كثير من المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها منظمة "اليونسكو"، ومحكمة الجنايات الدولية، وغيرها من المؤسسات؛ ولأننا متمسكون بالسلام العادل والشامل والدائم، ومتمسكون بحقوقنا الوطنية وثوابتنا وبمبدأ حل الدولتين؛ فإننا ثمنّا ورحبنا بالمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما أننا منفتحون على كل المبادرات الإقليمية والدولية التي من شأنها أن تقودنا لتحقيق أهدافنا في الحرية والاستقلال، وتحقيق مبدأ حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 وقرارات الشرعية الدولية.

أيها الإخوة، إنكم اليوم رجال قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، وهذا الواقع يملي عليكم مسؤوليات إضافية لحماية أبناء شعبكم في المخيمات في لبنان، ولكن، في إطار احترام سيادة هذا البلدة الشقيق ووحدته وأمنه واستقراره، وبهذه المناسبة نود أن نكرر مواقفنا الثابتة والراسخة في هذا الشأن، وهي أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هم ضيوف هناك حتى إيجاد حل عادل لقضيتهم، ونؤكد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية؛ فنحن هناك لسنا طرفًا ضد طرف، نحن مع الشعب اللبناني الشقيق كله بكل أطيافه، ونحن مع وحدة وسيادة لبنان واستقراره.

أيها الإخوة، إن عليكم مسؤولية خاصة في مخيماتنا بلبنان، وهي مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار شعبنا هناك، ومنع أية محاولة لجرنا إلى الاقتتال الداخلي وتحويل مخيماتنا إلى بؤرة للتوتر وإثارة المشاكل؛ فإن مثل هذه المحاولات لن تقود إلا إلى دمارنا ودمار قضيتنا الوطنية العادلة؛ وهي معادلة لحرف بوصلتنا عن أهدافنا الوطنية بالعودة والحرية والاستقلال. إن مسؤوليتكم الحقيقية ليست حفظ الأمن فحسب؛ بل إن عليكم مسؤولية أخرى لا تقل أهمية، فهي تعزيز وتحصين للهوية الوطنية الفلسطينية والتصدي لمحاولات طمس وتغييب هذه الهوية.

أيها الإخوة، أنتم جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، فارفعوا رؤوسكم لأنكم فلسطينيون. دمتم لشعبكم وقضيتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مع الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بتاريخ 28 حزيران 2016

يسرنا استقبالكم يا معالي الأمين العام، هنا في فلسطين؛ فأنتم على الدوام محل تقدير واحترام وترحيب في بلادنا. وبمناسبة زيارتكم هذه لفلسطين، وقرب انتهاء مهمتكم، وتقديراً لمسيرتكم الدبلوماسية الدولية الرفيعة؛ فقد سعدت بتقليدكم الوشاح الأكبر لدولة فلسطين.

إننا نتطلع لإنهاء عقود من الظلم التاريخي ولممارسة حقنا في تقرير المصير، عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية دون تعديل.

وقد أوضحت للأمين العام، بأن أيدينا دوماً ستبقى ممدودة للسلام، على أساس حل الدولتين على حدود 1967؛ ولكن المشكلة هي في استمرار الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، وهما نقيضان للسلام المنشود.

وهنا نقول أنه من يريد حل الدولتين عليه أن يتوقف عن خلق وقائع على الأرض، تجعله غير قابل للحل، الأمر الذي سيفاقم الصراع، ويزيد درجة فقدان الأمل والإحباط لدى شعبنا، ويعطي ذريعة لدعاة التطرف والإرهاب في منطقتنا والعالم.

وقد تناولت والأمين العام أهمية دعم المبادرة الفرنسية، والجهود العربية، والأوروبية، والدولية، وجهود الرباعية الدولية، بما يؤدي إلى عقد المؤتمر الدولي للسلام قبل نهاية هذا العام، وضرورة وضع آلية ذات أسقف زمنية واضحة، لمدة المفاوضات ولتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وصولاً لتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين على حدود 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وعلى رأسها قضية اللاجئين والأسرى، فقد آن الأوان لحرية أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية. وأكدنا لمعاليه بأننا نرفض الحلول الانتقالية، وكذلك الدولة ذات الحدود المؤقتة.

ولا يفوتنا هنا، أن نشيد بدور منظمة الأمم المتحدة، بجميع هيئاتها ووكالاتها العاملة، التي أسهمت في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني منذ قرابة سبعين عاماً.

كما نثمن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا"، التي تضطلع بدور إنساني وإغاثي هام.

ونحن الآن، وقد أصبحنا دولة مراقب في الأمم المتحدة، ودولة كاملة العضوية في العديد من المنظمات والمعاهدات الدولية؛ فإننا ماضون في جهودنا للانضمام للمزيد من المعاهدات الدولية، بحيث تساعدنا على تعزيز قدرات مؤسساتنا وإرساء سيادة وسلطة القانون واحترام حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، وتركيز دعائم الدولة الفلسطينية في المحافل الدولية.

وفي هذا الإطار، فإننا نثمن جهود الأمين العام وطواقم الأمانة العامة، لإعداد الدراسة القانونية بشأن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ونؤكد على أهمية تنفيذ خطوات عمليه متعلقة بمسؤولية مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة في هذا الشأن؛ وأشكر الأمين العام على استقباله عائلة بدران التي فقدت ابنها الشهيد محمود ابن الـ 15 عامًا واخوته الذين أطلق عليهم الجيش الاسرائيلي النار؛ وهذا جزء من معاناة شعبنا.

وقد أطلعت معالي الأمين العام على جهودنا لتوحيد شعبنا وأرضنا، وأننا مصممون على تحقيق الوحدة الوطنية والذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب الآجال.

هذا وإننا مستمرون في سعينا من أجل رفع الحصار عن شعبنا في قطاع غزة واستكمال إعادة إعماره وتعزيز بنيته التحتية وبما في ذلك مشروعات الكهرباء وتحلية المياه.

ختاماً نود أن نجدد التعبير عن تقديرنا العميق، واحترامنا لمعالي الأمين العام بان كي مون، ولجهوده السامية في قيادة منظمة الأمم المتحدة، وهيئاتها العاملة، ونتطلع لتواصل جهودكم والمنظمة الأممية من أجل إنصاف شعبنا، وتمكينه من تحقيق حريته واستقلاله.

أحييكم معالي الأمين العام، وأرحب بكم مجدداً، متمنياً لكم دوام الصحة والسعادة والتوفيق.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل بتاريخ 23 حزيران 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

معالي السيد مارتن شولتز، رئيس البرلمان الأوروبي

السيدات والسادة أعضاء البرلمان،

بداية، أشكركم على دعوتكم لي للتحدث مجدداً أمام برلمانكم العتيد، وأود أن أعبر لكم عن إعجابنا الكبير بالنموذج الديمقراطي، الذي ترسون قواعده في ظل تعدد الحكومات واللغات والثقافات، وهو الذي يعبر عن الحضارة العريقة، والثقافة الراقية والمبادئ الإنسانية التي تمثلها شعوبكم الأوربية؛ وكما أعبر عن الاحترام والتقدير لمواقفكم المشرفة من أجل إرساء أسس الحق والعدل والسلام في وطني فلسطين.

ويسرني أن أنقل إليكم تحيات شعبنا، الذي يتطلع إلى برلمانكم الموقر، ومن خلاله إلى اتحادكم بمفوضياته المتخصصة، ودوله الأعضاء، للعمل على تمكين شعبنا من استعادة حقوقه، ونيل حريته واستقلاله؛ كما ونثمن أشكال الدعم كافة، التي تقدمونها للشعب الفلسطيني بخاصة، لتمكينه من النهوض باقتصاده، وبناء مؤسسات دولته المستقلة القادمة، وبما يجعله قادراً على إرساء أسس نظام ديمقراطي شفاف ومسؤول يطبق المعايير الدولية في ظل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

ولا يفوتني هنا، أن أشيد بتصويت برلمانكم، وتوصيته للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، والشكر موصول كذلك لبرلمانات الدول الأعضاء، التي بدورها هي الأخرى قد أوصت لحكوماتها بالاعتراف بدولة فلسطين، وأود هنا أن أذكر، بأن من يؤمن بحل الدولتين، أن يعترف بالدولتين وليس بدولة واحدة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

لقد مرت مائة سنة على وعد بلفور الصادر عام 1917؛ وثمانٍ وستون سنة على النكبة، التي ارتكبت خلالها القوات الإسرائيلية عام 1948 جرائم قتل ومجازر مروعة، تسببت في تشريد مئات الآلاف من أبناء شعبنا الآمنين وأحالتهم إلى لاجئين، وقامت بإزالة أكثر من 488 قرية وبلدة عن الوجود، والتي عاش فيها شعبنا منذ آلاف السنين.

وفي عام 1967، قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس الشرقية وباقي أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ونزح جراء ذلك مئات الألوف من شعبنا، ومازال شعبنا يرزح تحت الاحتلال.

وباختصار، فإن أقل ما يقال، حول المشهد الفلسطيني، هو أن فلسطين الوطن والشعب، بتاريخها وتراثها وهويتها وكيانها الجيوسياسي قد تعرضت لمجزرة تاريخية وعملية سطو لا مثيل لها، في القرن العشرين ولا زالت مستمرة في القرن الحادي والعشرين، تحت نظر وسمع المجتمع الدولي وقواه الفاعلة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن الفصول السوداء التي عاشها شعبنا، لا زالت مستمرة، فشعبنا في داخل فلسطين يعيش طغيان الاحتلال، بإجراءاته التعسفية وعنصريته البغيضة، أما شعبنا الذي يعيش لاجئاً في الشتات، فما زال يعيش البؤس والحرمان.

لكننا عقدنا العزم على الصمود، والبقاء على أرضنا، والعمل على الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، بالطرق السياسية والدبلوماسية والسلمية، وقد قطعنا شوطاً كبيراً، ونجحنا على المستوى الدولي.

ولكننا لا زلنا نراوح مكاننا على مستوى العلاقة مع إسرائيل، ولقد حاولنا جاهدين العودة لتنفيذ الاتفاقات الموقعة، واحترام الالتزامات المترتبة علينا وعليهم، لكنهم يرفضون تنفيذ الحد الأدنى منها، ويمعنون في تكريس احتلالهم والسيطرة على جميع مناحي حياتنا.

وفي هذا الصدد، يعملون على تغيير واقع مدينة القدس وهويتها التاريخية، وامتهان مقدساتها المسيحية والإسلامية، والاستيطان مستمر بتسارع في كل مكان، إضافة لمصادرة الأراضي، وهدم المنازل والمنشآت، واعتقال الآلاف.

ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل تشهد هذه الأيام جنوحاً مستمراً للعنف، وتطرفاً متصاعداً انعكس في ممارسات المستوطنين وإرهابهم، كما حدث في حرق عائلة دوابشة، والشاب أبو خضير، وكذلك الممارسات الوحشية للجيش الإسرائيلي وعمليات القتل التي ترتكب خارج القانون. وقد وصل هذا التطرف إلى حدٍ جَعلَ عدداً من الساسة والمسؤولين الإسرائيليين يوجهون الانتقادات لحكومتهم، مثل هرتسوغ، زعيم المعارضة، ويعلون وزير الجيش المستقيل، وإيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق، ونائب رئيس الأركان، وعدد من الإعلاميين؛ وكلهم قالوا إن إسرائيل تمارس وتوسع من سلوكها الفاشي والعنصري، على حد تعبيرهم.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن قرار التقسيم 181 الذي اتخذته الأمم المتحدة قضى باقتسام أرض فلسطين التاريخية بين دولتين مناصفة تقريباً، غير أن إسرائيل قد سيطرت بالقوة العسكرية على 78% من أرض فلسطين التاريخية في العام 1948، ولم تكتفِ بذلك بل احتلت ما تبقى منها في العام 1967.

وبالرغم من القرارات الدولية، والجهود المبذولة من المجتمع الدولي، وفق رؤية حل الدولتين، فلا زالت دولة فلسطين لم تنل استقلالها، مع أنها أصبحت دولة في منظومة الأمم المتحدة منذ 2012، وانضمت للعديد من المنظمات والمعاهدات الدولية، وحظيت باعتراف 138 دولة.

ومع ذلك ومن أجل السلام، ووضع حدّ لعقود طويلة من الصراع، واللجوء، والتشرد، والشتات لشعبنا؛ قبلنا بإقامة دولة فلسطين المستقلة على أقل من ربع مساحة فلسطين التاريخية، وفق حدود العام 1967، وبالرغم من هذه التضحية الكبيرة، لا زلنا منذ مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو ندور في الحلقة المفرغة للمفاوضات من أجل المفاوضات، التي تفرضها إسرائيل في لعبة كسب الوقت، لإقامة حقائق على الأرض تجعل فكرة حل الدولتين بعيدة التحقيق، ولا زالت مستمرة في استيطانها ومصادرتها لأراضينا، وبناء جدار العزل العنصري عليها.

هذا وقد شنت إسرائيل، وفي ظرف ست سنوات، ثلاثة حروب على غزة، وقتلت الآلاف، بل إنها أزالت عشرات الأسر الفلسطينية عن الوجود، ودمرت الآلاف من المساكن والمنشآت في قطاع غزة. ومنذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، دخل السجون الإسرائيلية مليون فلسطيني، ولا زال هناك في سجون إسرائيل 7000 أسير.

وإننا نتساءل في ظل هذا الواقع المرير والخطير، ألم يحن الوقت، أيتها السيدات والسادة، أن ينتهي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ ولماذا لا تطبق القوانين والقرارات الدولية على إسرائيل؟ ولماذا تظل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، مجرد حبر على ورق حينما يتعلق الأمر بفلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني؟ وإلى متى ستظل إسرائيل تفلت من العقاب وتتهرب من استحقاقات السلام، والاعتراف بالظلم والجرم التاريخي الذي ألحقته بالشعب الفلسطيني؟

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن شعبنا يتطلع للحياة بحرية وكرامة في وطنه مثل باقي الشعوب، ولن يقبل باستمرار الاحتلال والاستيطان المفروض عليه من شعب آخر، مهما كان حجم العذابات والتضحيات؛ فنرجوكم، أيها الأصدقاء، أن تساعدونا على إزالة أسباب الإحباط وفقدان الأمل التي يعيشها شعبنا، والتخلص من أطول احتلال عرفه التاريخ المعاصر.

أيعقل أن يظل شعبنا الفلسطيني، وهو واحد من أعرق شعوب المنطقة والعالم ثقافة ومعرفة، محروماً من أن تكون له دولته الخاصة به؟ أما آن الأوان لأن يتمتع بحريته دون قيود وعقبات وعراقيل وحواجز عسكرية وبوابات وجسور تفتح وتغلق حسب هوى ومزاج جيش الاحتلال الإسرائيلي؟

نعم، أيتها السيدات والسادة، لقد أحالت إسرائيل (قوة الاحتلال) وطننا فلسطين إلى سجن كبير لشعبنا.

وهنا أجدد التأكيد أمامكم، بأننا لا نريد إزالة وجود أحد عن الخارطة الجغرافية السياسية كما يزعم البعض، ولكننا لن نسمح لأحد بأن يزيل وجودنا من على أرضنا، وحقنا فيها.

إن استمرار التنكر لحقوق شعبنا في وطنه لا يخدم سوى المتطرفين، ويولد الإرهاب والعنف، ويمنح المنادين بهما ذريعة لذلك؛ فلا تجعلوا من قضية فلسطين والقدس الشريف ذريعة لهؤلاء وأولئك، وإنما اجعلوا منهما نموذجاً للعدل والسلام والحرية والإنصاف.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نتطلع إلى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء وبرلمانه العريق، من أجل استمرار بذل الجهود ولعب دور سياسي ودبلوماسي فاعل، وصولاً لحل سلمي عادل ودائم في منطقتنا، وفق حل الدولتين على أساس 1967 وقرارات الشرعية الدولية، فكل من إسرائيل وفلسطين تربطهما مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات شراكة وجوار وعضوية مشتركة في الاتحاد من أجل المتوسط، الأمر الذي يؤهل الاتحاد الأوروبي لكي يلعب هذا الدور، وعلى نحو يحقق الأمن والاستقرار للجميع.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

ولكي أكون واضحاً وصريحاً، كما هي عادتي دائماً في حواراتي، وقد أجيب بذلك على بعض التساؤلات التي قد تراود البعض، نحن مع حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطين وفق حدود الرابع من حزيران 1967، وتكون عاصمتها القدس الشرقية، ولا نمانع من التبادلية الطفيفة والمحدودة بالقيمة والمثل.

وأن تتم معالجة قضية اللاجئين وفق القرار 194، وكما نصت على ذلك المبادرة العربية للسلام، بقولها "حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين".

هذا وقد اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل، ومساهمة منا في ضمان الأمن للجميع، أعلنا استعدادنا لبحث وجود طرف ثالث، وإجراء ترتيبات أمن إقليمي، غير أننا نرفض الحلول الانتقالية، ونرفض الدولة ذات الحدود المؤقتة، ونريد لمبادرة السلام العربية أن تطبق كما أقرت دون تعديلات.

وهناك قضية يثيرها الإسرائيليون، وهي "التحريض"، ورغم أن التحريض الإسرائيلي لا ينقطع وممارسات الاحتلال والمستوطنين لا تتوقف، ولمعالجة هذه الظاهرة، فإننا نطالب بإعادة تفعيل اللجنة الثلاثية المشكلة من إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة الأمريكية، في سنة 1998 مع السيد نتنياهو شخصياً، ونرحب بدخول الاتحاد الأوروبي كطرف رابع في هذه اللجنة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

أؤكد لكم بأن فلسطين، إذا ما تم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والاستيطان، ونالت استقلالها وسيادتها، وهذا ما يجب أن يكون في أسرع وقت، فإنها تستطيع أن تمثل إضافة حضارية ونوعية في منطقتنا، وتكون واحة للاستقرار، وستكون مصدر تفاعل ثقافي وحضاري راقٍ ومسؤولٍ، وستكون عاصمتها القدس الشرقية مفتوحة الأبواب لجميع أتباع الديانات السماوية الثلاث دون تمييز. كما وأنها ستكون قادرة على إدارة شؤونها المالية والتنموية، وزيادة مواردها الاقتصادية، خاصة عند استعادة ستين في المائة من أراضي الضفة الغربية، التي لا زالت تحت الاحتلال المعروفة بمنطقة "c" الأمر الذي سيمكننا من استغلالها والاستثمار فيها بإقامة المشاريع الزراعية والصناعية وتشغيل عشرات آلاف الشباب، إضافة لاستغلال مواردنا الطبيعة من غاز ونفط، وتوليد الطاقة النظيفة البديلة، فلدينا كذلك في فلسطين منطقة الأغوار، والبحر الميت، لإقامة مشاريع تنموية وسياحية، ولدينا السياحة الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية، وبيت لحم وسواهما.

نعم لدينا مقومات ومؤسسات دولةٍ، ساهم الاتحاد الأوروبي مشكوراً ودول صديقة وشقيقة في بنائها ودعمها، ولا زالوا، وسوف نستمر في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية؛ لأن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ليس خاضعاً للمفاوضات مع إسرائيل، ونريد استمرار مساعدتكم بذلك، ولدينا كذلك عشرات المعاهد والجامعات العاملة، والتي تتمتع بمستوى جيد، وتسهم في بناء نهضة تعليمية وتربوية في بلادنا، وهي مؤسسات بحثية وعلمية مختلطة، سواء على مستوى الكادر التعليمي أم على مستوى الطلبة فنحن مجتمع حر، ومنفتح، تتمتع فيه المرأة مثلها مثل الرجل، بذات الحقوق والواجبات، والكل سواء أمام القانون.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

في الثالث من هذا الشهر، عقد في باريس اجتماعٌ وزاريٌ، وفق المبادرة الفرنسية، ضم 28 دولة وثلاث منظمات دولية، ونحن، إذ نثمن هذا الجهد القيم والنبيل، فإننا نتطلع لرؤيته يتمخض عن انعقاد مؤتمر دولي للسلام، وفقاً للقانون الدولي والشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، ومبادرة السلام العربية كما اعتمدت في قمة بيروت عام 2002، وخارطة الطريق والاتفاقات الموقعة، وتحديد سقوف زمنية للمفاوضات والتنفيذ، إضافة إلى تشكيل آلية وإطار للمتابعة، مثلاً (7+2)، على غرار ما تم مع إيران.

وكما تبنى المجلس الوزاري الأوروبي في اجتماعه الأخير، البيان الختامي لاجتماعات باريس في الثالث من يونيو 2016، فإننا والأشقاء العرب والغالبية العظمى من دول العالم ندعم هذا الجهد الفرنسي. وقد أكد لي الرئيس فرانسوا هولاند قبل أيام أن فرنسا عاقدة العزم على الاستمرار وصولاً إلى عقد المؤتمر الدولي للسلام قبل نهاية العام، وشدد على وجوب بدء التحضير لعقد وإنجاح المؤتمر، وذلك من خلال فرق عمل متخصصة لهذا الغرض، وأكدت له دعمنا الكامل لهذه الجهود، وأكرر أمامكم أننا كفلسطينيين وكعرب نقف معكم في خندق واحد لهزيمة الإرهاب والتطرف.

وهذا لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود1967، وبعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن عدم قيام دولة فلسطين، وإفشال فكرة حل الدولتين من شأنه أن يطيل عمر الصراع والنزاع، وهو لن يخدم إلا المتطرفين، ودعاة العنف والإرهاب، الذي تعيش على وقعه هذه الأيام دول عديدة في منطقتنا، وتسبب في موجات نزوح اللاجئين التي تتدفق على أوروبا، ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون الهاربون معهم، الذين نأمل أن تتم معاملتهم بنفس معاملة اللاجئين الآخرين، بعد أن فقدو كل شيء، فارين من ويلات الحرب والقتل والإرهاب، الذي ندينه أياً كان مصدره، ولا بد من هزيمة الإرهاب وحل هذه النزاعات، التي مع الأسف الشديد لا يوجد آفاق لحلها في المستقبل المنظور.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

أما على صعيد الوضع الداخلي الفلسطيني، فإننا نعمل على توحيد أرضنا وشعبنا، وإنهاء الحصار عن قطاع غزة، ولا زلنا نعمل على إنهاء الانقسام، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بسياسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتعهداتها الدولية والإقليمية، والذهاب لانتخابات رئاسية وبرلمانية بأسرع وقت ممكن. وبهذه المناسبة، فإننا نتقدم بالشكر الجزيل للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على ما تقدمه من أجل إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إن يدنا ممدودة للسلام، ولدينا الإرادة والتصميم لتحقيقه، فهل لديكم مثل هذه الإرادة؟ وهل لديكم الاستعداد لأن تراجعوا مواقفكم، وأن تقروا بالظلم التاريخي الذي ألحقته دولتكم بشعبنا وحقوقه؟ فمثلما لكم روايتكم، نحن أيضاً لنا روايتنا، وهي رواية صادقة، فوجودنا على هذه الأرض لم ينقطع منذ فجر التاريخ وإلى اليوم، وحقوقنا ثابتة في أرضنا ومقدساتنا المسيحية والإسلامية، فالسلام والمصالحة الحقيقية لا يكونان إلا بالاعتراف بحقوقنا وإصلاح الضرر.

وإنني أؤكد لكم بأنه ليس من صالح أحد تحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، وإن السلام هو مصلحة للجميع، وآمل أن يكون كذلك بالنسبة لكم، أيها الجيران؟ فتعالوا لنصنع سلاماً يدوم، بعيداً عن القوة والهيمنة والسيطرة والتوسع والاستيطان، فالسلام والتعايش المبني على أسس العدل والحق والاحترام لكرامة وإنسانية وحرية كل طرف وعلى قدم المساواة، هو الضمانة الحقيقية للأمن والاستقرار والمستقبل الواعد لأجيالنا وأجيالكم القادمة.

وفي الختام، أشكركم مرة أخرى، سيادة الرئيس والسيدات والسادة أعضاء البرلمان، وأعول وشعبي على دعمكم وجهودكم النبيلة من أجل تحقيق السلام في منطقتنا.

وعاشت الصداقة الفلسطينية - الأوروبية، ولتكن فلسطين الأرض المقدسة واحة أمن وسلام لشعبها ولجيرانها وللعالم أجمع.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك عقب مباحثاته مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بروكسيل بتاريخ 22 حزيران 2016


يسعدني في بداية زيارتي لمقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أن التقى بالسيدة فيدريكا موغيريني والسيد جان كلود يونكر (رئيس المفوضية الأوروبية)؛ وغداً سيكون لي شرف إلقاء كلمة أمام البرلمان الأوروبي، بناءً على دعوة من رئيسه السيد مارتن شولتز، كما وسألتقي مع السيد دونالد توسك رئيس الاتحاد.

في لقائنا هذا المساء كانت الفرصة سانحة لنا لتناول موضوعات هامة تتعلق بدور الاتحاد الأوروبي في دعم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام، من أجل خلق آلية متابعةٍ وجدول زمنيٍ للمفاوضات ولتنفيذ ما يتفق عليه.

هذا وقد تحادثت مع فخامة الرئيس هولاند، منذ بضعة أيام والذي قد أكد لي على مضي فرنسا في جهودها الرامية لحشد دعم الدول المعنية لعقد هذا المؤتمر الحيوي لمنطقتنا، بل وللعالم أجمع.

وبهذه المناسبة، فإنني أود أن أعبر عن تثميننا للجهود الفرنسية، وكذلك لجهود جميع الدول الأوروبية، وتبني المجلس الوزاري الأوروبي لهذه المبادرة، والشكر موصول للجنة الرباعية الدولية، والدول العربية، بل ولكل من شارك في اجتماع باريس في الثالث من هذا الشهر.

وفي هذا المقام، فإنني أتقدم بالشكر الجزيل للاتحاد الأوروبي، ولدوله الأعضاء كافة على دعمهم السياسي والاقتصادي لشعبنا، ولعملية بناء المؤسسات الفلسطينية، لما لذلك من أثر في المساعدة للوصول إلى إرساء أسس السلام العادل في منطقتنا؛ فمثل هذا السلام المنشود سيساهم في اجتثاث جذور الإرهاب وسحب الذرائع من أيدي المجموعات المتطرفة التي تتحدث كذباً وزوراً باسم فلسطين والقدس الشريف، في حين أن استمرار الاحتلال والاستيطان وفرض الحقائق على الأرض والعقوبات الجماعية، تدفع بالمنطقة إلى دوامة العنف والتطرف وإراقة الدماء.

ومن جهة أخرى، أود أن أؤكد لكم أيها الأصدقاء بأننا عازمون وبتصميم على توحيد شعبنا وأرضنا، وقد عملنا وسنواصل العمل لتحقيق المصالحة خلال الفترة القادمة، وصولاً إلى إجراء الانتخابات، وذلك وفق برنامج سياسي يتطابق مع الشرعية الدولية والقانون الدولي والاتفاقات الموقعة، كما نص عليه برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.

وأغتنم فرصة الحديث إليكم، لأذكر بأنه قد بات من الضروري استكمال عمل اللجان المختصة والمشكلة بين الاتحاد الأوروبي وفلسطين من أجل عقد اتفاقية دائمة للشراكة تكون بديلاً عن الاتفاقية الحالية المؤقتة.

وكما هو معلوم، فإننا قمنا بإرساء أسس مؤسسات مدنية حديثة تعمل وفق معايير الشفافية والمحاسبة، وقد حرصنا على تمكين دور المرأة والمجتمع المدني وثقافة السلام، وسنمضي قدماً في بناء مؤسساتنا الوطنية وتعزيز دور القطاع الخاص، وكل ذلك وفق سيادة القانون.

إننا نسعى بكل إخلاص لإقامة السلام العادل الذي يضمن الأمن للجميع ويفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا وتحقيق السلام وعلى نحو يمكن شعبنا من العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة خاصة بنا، إلى جانب دولة إسرائيل، لتعيشا في أمن واستقرار وحسن جوار بعيداً عن التطرف والإرهاب.

وإذا أرادت إسرائيل السلام مع جيرانها العرب، فعليها إنهاء سيطرتها على شعبنا ووطننا أولاً، وذلك بالانسحاب من أرضنا والاعتراف بحقوق شعبنا، وفي هذا مصلحة كبيرة لها، فعند إذ سيكون من الممكن تطبيق مبادرة السلام العربية كما جاءت في مؤتمر بيروت للعام 2002.

مرة أخرى، أشكركم على جهودكم القيمة والتي نتطلع لاستمرارها لما في ذلك خير لنا جميعاً وللسلام في منطقتنا والعالم.

والسلام عليكم،،،

 

كلمة الرئيس محمود عباس التي وجهها لشعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات لمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل. بثها تلفزيون فلسطين بتاريخ 5 حزيران 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن"

صدق الله العظيم.

يا أبناء الشعب الفلسطيني المرابط في بيت المقدس وفي أكناف بيت المقدس،

تحية لكم أيها الصابرون الصامدون؛ تحية لكل فلسطيني وفلسطينية بحلول شهر رمضان المبارك، شهر الخير والإيمان والبركة، شهر الحب والتآخي والتضامن، شهر الرباط والانتصار.

أيها الفلسطينيون المرابطون،

إنني أتوجه إليكم بقلبي ووجداني، لأزجي لكم اعتزازي وافتخاري بكل واحد منكم، وأنتم تستقبلون شهر رمضان الخير، بكل المحبة والوحدة والترابط؛ فلا مكان بيننا لداعي فرقة، ولا مكان بيننا لداعي فتنة؛ ففلسطين واحدة، ولا تقبل القسمة أو التجزئة، وشعبنا العظيم لا يرتضي بغير الوحدة والأخوة؛ وهذه يدي ممدودة بالود والإخاء لكل فلسطيني وفلسطينية، تعالوا لنظل كما كنا دائما: شعباً واحداً، وقلباً واحداً، وكلمةً واحدة.

يا أبناء شعبي العظيم،

أدعوكم ونحن نستقبل شهر الله المبارك أن تكونوا كما وصفكم المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، أدعوكم إلى التكافل والتعاضد والتعاون والتراحم، وأن نتذكر جميعاً أحباءنا الشهداء الكرام الذين رحلوا من أجل الوطن والقضية، وأن نحتضن بالحب والرعاية أبناءهم وأهلهم، كما أدعوكم إلى أن نتذكر بلا نسيان الأماجد والماجدات الرابضين خلف قضبان الاحتلال، لنقول لهم إن الفرج آت، آت بإذن الله، ولا أنسى أبنائي وإخواني من الجرحى الذين قدموا التضحيات من أجسادهم ودمائهم ووجدانهم من أجلنا ومن أجل وطننا.

إن واجبنا الديني والوطني والأخلاقي، أيها الإخوة والأخوات، يفرض علينا أن نحترم هذا الشهر المبارك، وأن نراعي حرماته وآدابه، وقد أعطيت توجيهاتي للحكومة ولكل مراكز المسؤولية لضمان ذلك، وكذلك لتكثيف مراقبة الأسعار في هذا الشهر الكريم بالذات؛ حماية للمواطن ومصالحه وضرورات حياته؛ مع ثقتي بأن تجارنا الأعزاء سيكونون على قدر المسؤولية في هذا السياق.

تحية لكم أيها الأعزاء... تحية للقدس عاصمتنا الأبدية وللمرابطين فيها الذين يعمرون المسجد الأقصى المبارك بالصلاة والعبادة، ويقفون في وجه الظلم والاحتلال والعدوان... تحية للأهل الصامدين في أرجاء الوطن كافة: في الخليل، وبيت لحم، وأريحا، ونابلس، وجنين، وطولكرم، وقلقيلية، وسلفيت، وطوباس؛ تحية لأهلنا الأحباب في محافظات غزة المكلومة على أمل الخلاص القريب؛ تحية لأهلنا الأعزاء في مخيمات اللجوء وفي الشتات.

كل عام وأنتم أيها الأحبة بكل الخير.

كل عام ووطننا بخير.

والحرية تدق أبوابنا؛ ونحن لها بإذن الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بتاريخ 28 أيار 2016

أود أن أشكركم جميعًا على دعمكم ومواقفكم الثابتة، وجهودكم تجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. وكما تعلمون نحن مقدمون على تحرك دبلوماسي دولي جديد من خلال المبادرة الفرنسية؛ الأمر الذي يستدعي وضعكم في صورة آخر المستجدات، والتشاور معكم؛ بهدف توحيد وتنسيق الموافق في هذا الإطار.

واليوم، أجدد لكم التأكيد على خطورة ما يحدث لشعبنا ووطننا؛ حيث تتعرض مدينة القدس الشريف لحملة ممنهجة لطمس هويتها ومعالمها التاريخية، ومواصلة الاعتداء على أقصاها وقيامتها، وتهجير أهلها وهدم منازلها، والتضييق على أبناء شعبنا الصامدين فيها لتشريدهم خارج حدودها.

وكما تعلمون أيها الإخوة والأخوات، أن القوات الإسرائيلية تقوم باستباحة كل ما كان فيصادرون الأرض، ويقتلعون الأشجار، ويقيمون المستوطنات، ويقتلون ويعتقلون، دون حسيب أو رقيب، ويواصلون فرض الحصار الظالم على قطاع غزة.

وكذلك أبناء شعبنا في الشتات ومخيمات اللجوء يعانون ويلات الحرب والإرهاب والدمار؛ الأمر الذي أدى إلى تشريد عشرات الألوف منهم للمرة الثانية وبلا ذنب اقترفوه.

السيد الرئيس،

معالي الإخوة والأخوات،

لقد مرت 100 سنة على وعد بلفور الصادر عام 1917؛ و68 سنة على النكبة؛ و49 سنة على احتلال القدس وباقي أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا يزال شعبنا يرزح تحت الاحتلال. وقد ارتكبت القوات الإسرائيلية عام 1948 جرائم قتل وتشريد لمئات الآلاف من أبناء شعبنا الآمنين؛ وقامت بإزالة أكثر من 485 قرية وبلدة فلسطينية عن الوجود، والتي عاش فيها شعبنا منذ آلاف السنين. وكما نكلت إسرائيل عام 1967 بشعبنا ومقدراته، واحتلت بقية أرضنا؛ ونزح مئات الألوف من شعبنا.

ونحن اليوم، نواجه اعتداءات مشابهة؛ ولكننا عقدنا العزم على الصمود، والبقاء على أرضنا، ونسعى بالسبل القانونية، وفي إطار الشرعية والقانون الدولي لاستعادة حقوقنا الوطنية. لقد حاولنا جاهدين مع الحكومة الإسرائيلية العودة لتنفيذ الاتفاقات الموقعة، واحترام الالتزامات التي ترتبت علينا وعيلهم؛ ولكنهم رفضوا حتى احترام الولاية القانونية والأمنية للمناطق (أ)، وهذا هو أحد الاتفاقات الموقعة بيننا وبين الإسرائيليين، نتيجة لاتفاق "أوسلو"، والذي ينص على أنه لا يحق للقوات الإسرائيلية أن تدخل إلى مناطق (أ)؛ لكنها منذ سنوات استباحت هذه المناطق؛ وعندما طالبناهم بالعودة، والكف عن هذه الاستباحة، رفضوا، وما زالوا يرفضون إلى الآن. واستمر الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والمنشآت، واحتجاز الأسرى وعدم إطلاق سراحهم.

ومن ناحية أخرى، فإن إسرائيل تشهد هذه الأيام جموحًا مستمرًا، وتطرفًا وصل لحد انتقاد عدد من الساسة الإسرائيليين لحكومتهم، مثل هرتسوغ (زعيم المعارضة)، ويعالون (وزير الجيش المستقيل)، وايهود باراك (رئيس الوزراء الأسبق)، ونائب رئيس الأركان، وعدد من الإعلاميين. وكلهم قالوا إن إسرائيل تمارس وتوسع من سلوكها الفاشي والعنصري (على حد تعبيرهم). وقال أحد الصحفيين الإسرائيليين "إن إسرائيل لم تعد دولة أطمئن على أبنائي أن يعيشوا فيها". أو كما قال نائب رئيس الأركان: "إن ممارساتنا (ممارسات الحكومة الإسرائيلية) تشبه ممارسة النازية قبيل الحرب العالمية الثانية".

هذا ما يجري الآن بين الإسرائيليين (مختلف الساسة والعسكريين الإسرائيليين) من تجاذبات وصراعات، نتيجة للأحداث الأخيرة التي جاءت بأفيغدور ليبرمان إلى الحكومة كوزير للدفاع.

السيد الرئيس،

معالي الوزراء،

لقد حان الوقت لإنهاء هذا الاحتلال الغاشم، وقد حان الوقت لحشد الإرادة العربية والدولية للعمل الجماعي من أجل نيل شعبنا حريته واستقلاله في دولته الخاصة به، وفق آليات عمل دولية فاعلة وناجعة؛ وهو ما سيحقق مكاسب للعالم أجمع عبر إشاعة الأمن السلام والاستقرار، وسيجفف منابع الإرهاب والتطرف.

أيتها الأخوات،

أيها الإخوة،

والآن نتحدث عن المبادرة الفرنسية التي ستعقد في اليوم الثالث من الشهر القادم، وأريد أن أحدد بعض مواقفنا التي أعلناها من هذه المبادرة: أولا بالنسبة لهدفها: يجب أن يكون الهدف هو تحيق "رؤية الدولتين" على أساس حدود 1967، وعاصمة دولة فلسطين هي القدس الشرقية، لتعيش الدولتان جنبًا إلى جنب بأمن واستقرار وسلام، إذا أرادت إسرائيل أن تسعى إلى السلام.

النقطة الثانية: إن مرجعية هذا المؤتمر ستكون قرارات مجلس الأمن، وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة والعلاقة، مثل: قرارات 242، و338، و1397، 1515، 194؛ وكذلك "المبادرة العربية للسلام"، و"خطة خارطة الطريق"، والاتفاقات الموقعة.

وبمناسبة الحديث عن المبادرة العربية للسلام؛ نريدها كما وردت، وكما اعتمدت في أول قمة في بيروت، وكما اعتمدت في عشرات القمم العربية والإسلامية، وكما وردت في خطة خارطة الطريق. إن هذه المبادرة عندما تنسحب إسرائيل من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة وتقوم دولة فلسطين، عند ذلك، جميع الدول العربية، وجميع الدول الإسلامية (ومجموعها 57 دولة عربية وإسلامية) يمكن أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل.

إذًا من حيث المبدأ، هذا هو المنهج للمبادرة العربية للسلام، وليس العكس. إذًا البداية، أن تقبل بها إسرائيل وأن تبدأ بتطبيقها؛ ثم بعد ذلك يمكن للدول العربية أن تطبع علاقتها معها.

ونأخذ بعين الاعتبار ما ورد في هذه المبادرة (وهو أمر في غاية الأهمية): ما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين: هنالك بند واضح وصريح يقول: "حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين" حسب القرار 194؛ إذًا هذا هو النص الوارد في المبادرة العربية، التي أيضًا أصبحت جزءًا من خارطة الطريق. هذا الجزء أيضًا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عندما نتكلم عن المبادرة العربية وعن سياقها (كيف تبدأ، وإلى أين تنتهي).

النقطة الثالثة: يجب أن يخرج المؤتمر بمفهوم أن المفاوضات لها سقف زمني، وأن التطبيق أيضًا له سقف زمني، وأن هناك آلية لمتابعة المفاوضات والتنفيذ. إذًا يجب أن يخرج عن هذا المؤتمر الذي سيعقد في الـثالث من الشهر القادم آلية معروفة محددة من قبل الأعضاء الموجودين في هذا المؤتمر، ليكونوا هم لجنة المتابعة التي ترعى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر الدَولي.

هنالك نقاط أيها الإخوة أحب أن أثَبِّتها، وهي مواقفنا جميعًا (ونحن مقبلون على المؤتمر، يجب أن نذكر أنفسنا بها لا أكثر ولا أقل): بالنسبة للقدس، نحن نقول: إن القدس الشرقية المحتلة عام 67 هي عاصمة دولة فلسطين. ولا نقبل أن يقال: إن القدس كلها هي عاصمة لدولتين، هذا المفهوم الذي يحاول البعض أن يسوِّقه، مفهوم نحن لا نقبل به؛ لأنه فيه نوع من الخدعة (القدس عاصمة لدولتين؛ لك ولي؛ لك تسعة أعشار ولي ربع) هذا الكلام لن نقبل به. نحن نريد القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 عاصمة لدولة فلسطين. كذلك هناك مقولة: "إن عاصمة فلسطين في القدس الشرقية" وهذا أيضًا مفهوم خاطئ؛ لأنهم عندما يقولون: "العاصمة في القدس الشرقية" يعني قد تكون العاصمة في بيت من القدس الشرقية، أو في جزء من القدس الشرقية. أيضًا هذا يجب أن نلتفت إليه ولا نقبله ونرفضه. ونقول القدس الشرقية التي احتلت عام 1967 هي عاصمة لدولة فلسطين، هذا البند الأول.

البند الثاني، فهو كما تحدثت بالنسبة للاجئين، حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين حسب القرار 194.

بالنسبة للحدود، نحن نقول: حدود الرابع من حزيران هي حدودنا؛ لكن عندما نريد أن نحدد هذه الحدود نحن مستعدون لتبادلية طفيفة بالقيمة والمثل؛ لأسباب ضرورية، لأسباب اضطرارية، لأية أسباب، ونحن نحدد الحدود، لا مانع، في حدود ضيقة في حدود طفيفة؛ لكن شريطة أن تكون هذه التبادلية بالقيمة والمثل. هذه بعض المفاهيم.

إضافة إلى ذلك، نحن موافقون على وجود طرف ثالث بيننا وبين الإسرائيليين، إذا أرادوا أن يطمئنوا؛ وأيضًا نحن نريد أن نطمئن؛ بمعنى إذا كانوا يخافون من أي تصرفات خاطئة منا؛ ونحن أيضًا نخاف من تصرفات خاطئة منهم؛ لذلك نقول: بوجود طرف ثالث. وسبق أن تحدثنا مع الحكومة الإسرائيلية السابقة والإدارة الأمريكية السابقة. إنه عندما طرح علينا "الناتو" ليكون الطرف الثالث، نحن، قلنا: إنه لا مانع لدينا أن يكون لدينا "الناتو" هو الطرف الثالث الذي يجلس في الأراضي ليقوم بمهمات أمنية وغير ذلك، وتطمينية لكل الأطراف.

بالنسبة للمياه: نحن نقبل بالقانون الدولي، هناك قوانين دولية للمياه والبحار وغيرها؛ هذه القوانين توضع على الطاولة وتطبق، ونحن نقبل بما تقوله هذه القوانين.

بالنسبة للأسرى: طبعًا عندما ينتهي هذا الأمر، لا بد من إطلاق سراح جميع الأسرى عند توقيع الاتفاقية.

الآن قد تطرح طروحات؛ وسبق أن طرحت علينا؛ وننبه أنه يمكن أن تطرح مرة أخرى في المؤتمر أو على هامش المؤتمر؛ نرجو أن ننتبه إليها. من جملة هذه الطروحات: الدولة ذات الحدود المؤقتة، وسبق أن طرحت إسرائيل، وللأسف، مرت على البعض منا، من هذه الطروحات "الدولة ذات الحدود المؤقتة"؛ بمعنى أن تعمل إسرائيل حدودًا مؤقتة، ثم تقول: "فيما بعد" ("فيما بعد" لا يدري إلا الله أين ستكون فيما بعد. يمكن أن تكون هناك الحدود النهائية). كلمة "الحدود المؤقتة" أمر لا يمكن أن نقبل به إطلاقًا.

كذلك "الدولة اليهودية"، فنحن نقول بصراحة: معترفون بدولة إسرائيل منذ عام 1993، من خلال الاعتراف المتبادل الذي وقع عليه رابين والرئيس الراحل عرفات. اعترفنا بدولة إسرائيل، ولم يطلب منا أحد بعد ذلك بخمس عشرة سنة بشيء غير ذلك؛ ولكن خرج علينا السيد نتنياهو ببدعة (عليكم أن تعترفوا بالدولة اليهودية، علمًا بأنه عندما عقد اتفاق سلام مع كل من مصر والأردن لم يطلب هذا) ونحن نقول: نحن نرفض هذا.

وجاءوا لنا بمقولة خبيثة نوعًا ما وقالوا: نحن نريد أن نشير إلى القرار(181) (القرار 181 هو قرار التقسيمي (تقسيم فلسطين) ورد فيه "دولة يهودية" و"دولة عربية". فقالوا: لماذا لا تقبلوا بهذا القرار (181). وبالتالي بدولة يهودية. هم أخذوا جزءًا من القرار؛ اختاروا سطرًا واحدًا من القرار، وأهملوا كل القرار. إذا أرادوا القرار كله، نحن موافقون؛ ولكن أن تختار، أن تنتقي على ذوقك ما تريد من قرارات، وترفض ما تريد؛ فهذا ما لا نقبله. لذلك الإشارة بأي حال من الأحوال أو التلميح بأي حال من الأحوال للقرار (181) نحن لن نقبل به.

تقترح إسرائيل تأجير أراضي (أجرونا غور الأردن لتسعة وتسعين سنة. أجرونا كذا لكذا...)؛ نحن نرفض التأجير وغير التأجير إطلاقًا؛ الأرض التي لنا نأخذها فورًا؛ وما ليس لنا نتركه فورًا؛ إنما كلمة "تأجير" و"تأخير" وغيره لا نقبله.

وبالتالي يأتي أيضًا أنه وجود محطة عسكرية ومقر عسكري هنا وشيء متقدم إسرائيلي هنا وفي الجو وفي الأرض أيضًا هذا لن نقبل به.

الأرض الفلسطينية بأرضها وسمائها هي لنا. ما أعطتنا إياه الشرعية الدولية نحن نقبل به؛ ومؤخرًا قرار 67/19 من الجمعية العامة الذي قال: (دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية) ولم يتكلم بأي شيء آخر؛ ولذلك: أية إشارات لتأجير أو مواقع متقدمة، أو سيطرة على بعض الحدود من أجل الأمن، هذا لن نقبل به. ومن أجل الأمن هناك الطرف الثالث (الأميركي أو "الناتو") يمكن أن نقبل به ليجلس، ونحن مطمئنون له أن يجلس الوقت الذي يريد؛ ولكن أن يكون هناك وجود إسرائيلي فهذا ما لا نستطيع قبوله.

هناك أيضًا قضية أخرى يثيرها الإسرائيليون وهي "التحريض" أي أن الفلسطينيون ليل نهار يحرضون في وسائل الإعلام وفي الكتب المدرسية وفي التصريحات وفي غيرها. ونحن قلنا: أننا نحرض، وأنتم أيضًا تحرضون؛ ما هو الحل؟ الحل وجدناه في سنة 1998 مع السيد نتنياهو شخصيًا باتفاق رسمي: أن تشكل لجنة ثلاثية (إسرائيلية فلسطينية أميركية)؛ وهذه اللجنة تجلس لتناقش كل أنواع التحريض من الطرفين. ونحن مستعدون أن نقبل بتحكيم أمريكا، وبحكم الطرف الأميركي؛ إذا قال علينا شيء نقبل به ولكن، بالمقابل، إذا قال: إن إسرائيل تحرض هنا أو هناك، على إسرائيل أن تقبل؛ إنما أن تطلق الكلام على عواهنه لتقول: إن الفلسطينيين يحرضون علينا... نقطة أول السطر. هناك تحريضات في منتهى السخافة، ومنتهى الوساخة، تأتي من كثير من الشخصيات الإسرائيلية، وموجودة في الكثير من المواقع. فإذا أردنا أن نتكلم عن التحريض، فأننا نتكلم عن التحريض المتبادل؛ والحكم هو أميركا، ليست صديقتنا؛ وإنما صديقتهم ومعلمتهم وسيدة أمرهم؛ ونحن نقبل بها، أن تكون هي المحكم. ولذلك إذا وردت هذه القضية نريد أيضًا نريد أن نلتفت إليها.

اتفقنا في المرات الماضية أننا إذا أردنا أن نذهب إلى مجلس الأمن لقرار من أجل الاستيطان، فاللجنة العربية الرباعية هي صاحبة القرار (متى نذهب؟ وكيف نذهب؟ وماذا نقدم؟ وماذا نقبل؟ وماذا نرفض؟ فلجنة المتابعة العربية المنشأة من قبل هذا المجلس هي المسؤولة؛ ونحن نقبل أن تبقى هي المسؤولة؛ وما تقرره هذه اللجنة نحن مستعدون أن نقبل به، فيما يتعلق بمثل هذا القرار.

نقطة أخيرة، فيما يتعلق بالوضع السياسي: هناك دول أوروبية، مثل السويد، مثل الفاتيكان، مثل بعض الدول التي سبق أن اعترفت بنا، كمالطا، وقبرص، واليونان- نأمل الجهد العربي أن يساعدنا للحصول على اعترافات أخرى، بخاصة وأن أكثر من 12 مجلس نيابي برلماني أوروبي قدموا توصيات -من مجلس العموم البريطاني إلى الفرنسي إلى الإسباني، إلى الإيطالي وإلى غيرهم من هذه المجالس- كلها قدمت توصيات لحكوماتها بأن تعترف بدولة فلسطين. نحن نتمنى على أشقائنا العرب حيثما وجدوا هذه الأطراف أن يتحدثوا معهم للاعتراف بدولة فلسطين.

بالنسبة للمصالحة الفلسطينية؛ قصة طال عليها الزمن واستطال منذ عام 2007 إلى الآن. في أول مرة بعد الانقلاب، جئنا إلى الجامعة العربية، والجامعة العربية كلفت مصر بمتابعة هذا الموضوع، وعملنا اتفاقات كثيرة، ولكن كل هذه الاتفاقات لم تنفذ، ولم تطبق؛ الآن لا يجوز أن يبقى الجسم الفلسطيني مقسمًا؛ ولذلك نحن ذهبنا أكثر من مرة للدوحة -شاكرين الدوحة استضافتها لاجتماعات بيننا وبين حماس- وأقول بصراحة: ماذا قدمنا، وما هي أسس المصالحة البسيطة التي يمكن أن تتم عليها: النقطة الأولى هي أن نشكل حكومة وحدة وطنية منا ومنهم؛ وحماس تكون شريكة في هذه الحكومة؛ ولكن هذه الحكومة تمارس السياسة التي تلتزم بها منظمة التحرير الفلسطينية، التي تلتزم بها دولة فلسطين؛ أي عندما تكون أنت مندوب حماس أو غير حماس في الحكومة، تنفذ سياسة الدولة، وليس سياسة حماس أو غير حماس؛ فقلنا: أولًا "حكومة وحدة وطنية"، ثم أن نذهب إلى لانتخابات؛ بمعنى أنتم جئتم بالانتخابات، ونجحتم بالانتخابات في عام 2006، وكانت انتخابات نزيهة؛ وفي عهدنا كانت هذه الانتخابات؛ وقبلنا بالنتيجة فورًا؛ وشكلتم حكومة، ثم ذهبنا إلى الكعبة وأقسمنا على أستار الكعبة، بأن نحترم الاتفاق؛ وبعد ثلاثة أشهر حصل الانقلاب. الانتخابات لا تكون لمرة واحدة؛ الديمقراطية ليست مرة واحدة. حصلت انتخابات في عام 2006؛ لننتخب الآن بعد عشر سنوات، لتكون انتخابات للرئاسة وللمجلس التشريعي. هذا هو الذي يوحد الصف الفلسطيني، ويجعلنا كلمة واحدة أمام العالم، وينزع من نتنياهو وغير نتنياهو كل الذرائع التي يقول بها: (مع من أتحدث: مع الضفة، أم مع غزة). يجب علينا، إن كنا وطنيين، أن ننزع ذرائع هؤلاء، لنكون كلمة واحدة، وصفًا واحدًا أمام الاحتلال الإسرائيلي، لنصل بعد ذلك إلى دولتنا المستقلة.

نتمنى لكم التوفيق، ونتمنى لمؤتمر باريس أن يخرج بنتائج إيجابية، وشكرًا لكم.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة العالمية الأولى للعمل الإنساني في مدينة إسطنبول التركية بتاريخ 24 أيار 2016

بداية أتوجه بالتحية والتقدير للجمهورية التركية رئيساً وحكومة وشعباً، على استضافة هذا المؤتمر في مدينة إسطنبول، كما وأثمن عالياً لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، وطواقم الأمم المتحدة، ونقدر لهم الإعداد الجيد لهذا المؤتمر الذي يعقد للمرة الأولى؛ ولا شك في أنه قد جاء في زمانه ومكانه، ولا سيما في ظل هذه الظروف البالغة الدقة والخطورة التي يعيشها عالمنا المعاصر.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

أؤكد على دعمنا والتزامنا بالمسؤوليات الواردة في أجندة الأمين العام من أجل الإنسانية، فنحن في فلسطين شعباً وقيادة، نسعى بكل إرادة وتصميم من أجل إنهاء عذابات شعبنا، بالوسائل السلمية، فمنذ قرابة سبعين عاماً، وقضية فلسطين وشعبها الذي شرد أكثر من نصفه من وطنه ظلماً وعدواناً، لا زالت تنتظر الحل، فشعبنا لن يقبل بالبقاء تحت الاحتلال، ولا باستمرار الوضع الحالي، الذي يمتهن حريته وإنسانيته وكرامته وحقوقه الأساسية.

إن ضمان وجود إرادة سياسية دولية جماعية، لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تدعو لإيجاد حل سياسي شامل وعادل للقضية الفلسطينية، هو المدخل الأساس لوضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني من جوانبه كافة، والتي ترتبت عليها نكبة الشعب الفلسطيني، التي تم تنفيذ بدايتها في العام 1917، واستمرت حتى يومنا هذا.

السيدات والسادة،

لا زال قرابة ستة ملايين إنسان من شعبنا من اللاجئين والنازحين يعيشون في أماكن اللجوء في دول الجوار، وفي داخل فلسطين، ولا زالت إسرائيل التي ارتكبت هذه الجرائم منذ العام 1948، لم تعترف بمسؤوليتها عن تشريدهم، وعن تدمير ومسح مئات المدن والقرى الفلسطينية، واستمرت إسرائيل في مشاريعها الاستيطانية الاحتلالية، ومنعت الفلسطينيين من البناء على أراضيهم، وقامت بهدم منازلهم، وغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

في أعقاب النكبة عام 1948، تم تأسيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين، الأونروا، التي ساهمت في رعاية أربعة أجيال من لاجئي فلسطين، وفي تحقيق تنميتهم البشرية، وتعزيز صمودهم، والحفاظ على كرامتهم، إلى حين إيجاد حل عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي يستدعي استمرار مساندة هذه الوكالة ودعم مهمتها الإنسانية والإنمائية الهامة، وإسنادها بمزيد من التمويل اللازم والمستدام لأداء دورها النبيل.

وهنا نجدد التأكيد، على استعدادنا، وفي إطار تحمل المسؤولية، استقبال آلاف اللاجئين، بسبب الحروب الدائرة في سورية والمنطقة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لا زالت ترفض طلبنا هذا.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،

إننا نغتنم الفرصة، لنجدد وجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وذلك من خلال دعم المبادرة الفرنسية، والمشاركة على المستوى الوزاري في مجموعة دعم دولية في الثالث من حزيران، وعقد المؤتمر الدولي للسلام بأسرع وقت ممكن، وعلى أساس حل الدولتين على حدود 1967، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحديد سقف زمني وآلية متابعة لتطبيق ما يتفق عليه.

السيدات والسادة،

إننا ماضون في مسيرتنا وجهودنا من أجل بناء مؤسسات دولتنا على أسس عصرية وديمقراطية، ونؤكد على التزاماتنا كافة، وفق القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي قمنا بالالتحاق بها.

وفي إطار التضامن بين الشعوب، وبالرغم من وجود الاحتلال، وشح الموارد، فإن مؤسساتنا الحكومية والأهلية، تقوم بتحمل مسؤولياتنا في الإغاثة الإنسانية الدولية، ونرسل وفود إغاثة للعديد من دول العالم في أوقات الكوارث الطبيعية، وعند الحاجة.

هذا وتشهد منطقتنا، على المستوى الإقليمي، صراعات محتدمة، سمحت بتفشي التطرف والإرهاب، وأدت إلى كوارث إنسانية غير مسبوقة طالت مئات الآلاف من أبناء شعبنا، ونحن من جانبنا قدمنا العديد من المبادرات، ونقوم بدعم الجهود الدولية الرامية لإيجاد حلول سلمية، تحافظ على وحدة وسلامة هذه الشعوب، حتى لا تتحول الصراعات إلى صراعات دينية وطائفية.

وأخيراً أشكركم على حسن الاستماع، وأتمنى لهذه القمة النجاح، وتحقيق كل ما نصبو إليه من خير للبشرية، وعلى نحو يصون حرية وكرامة وإنسانية بني الإنسان.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة لمناسبة الذكرى الـ68 للنكبة بتاريخ 14 أيار 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

(إنَّ الذي فرضَ عليكَ القرآنَ لرادُكَ إلى معاد)

صدق الله العظيم

يا أبناء شعبنا في الوطن واللجوء،

أيتها الأخوات والأخوة،

يحيي شعبنا في مثل هذا اليوم من كل سنة ذكرى النكبة التي حلت به في عام 1948، وما زالت فصولها مستمرة وتتراكم بالمزيد من العذاب على كل بقعة من أرضنا، وفي كل مخيم في الوطن والشتات؛ حيث ما زلنا نعاني من الإجحاف بحقوقنا، وتجاهل معاناتنا، والتغاضي عن العدوان المستمر على الإنسان الفلسطيني فوق ترابه الوطني وفي مخيمات الشتات.

لقد أريد لشعبنا أن يكون هو الشعب الذي يدفع من دمه ودموعه وبيوته وشجره تبعات الحروب العالمية دون أن يكون طرفًا فيها، بل كان هو الضحية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الثانية، والضحية في الفتن والحروب والأزمات المستجدة في المنطقة والعالم.
إن هذا الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا ما زال قائماً؛ بل ويتفاقم باستمرار للنيل من عزيمتنا في الحفاظ على وجودنا وكينونتنا وآمالنا في السلم والأمن والحرية والكرامة كبقية شعوب العالم.

يا أبناء شعبنا الصابر المرابط،

لكأن الرواية الصهيونية الاستعمارية التي سادت منذ البدء إثر وعد بلفور تتجدد، تلك الرواية الكاذبة التي قامت على مقولة: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" متجاهلة قرارات الأمم المتحدة وبالذات قرار 194 الخاص بحقوق اللاجئين الفلسطينيين؛ فهذه الأرض لم تكن يوماً بلا شعب، فنحن مغروسون في صخورها وترابها وجبالها منذ بداية الحضارة والكتابة واختراع الأبجدية الكنعانية الفلسطينية قبل أكثر من ستة آلاف عام، ولم يكن قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وانطلاق ثورتنا الفلسطينية في العام 1965 إلا انعكاساً لما نحمله في روحنا من موروث حضاري قديم يتجدد في كل أجيالنا المتعاقبة، ويبعث روح الأمل والحياة الكريمة والسلام والاستقرار للجميع.

إن العالم يشهدُ حالياً قيام حكومة الاحتلال الحالية بكل ما من شأنه إنكار وجودنا الوطني، ورفض قيام دولتنا على ترابنا، وتدمير حل الدولتين، والاستمرار في سياسة الاستيطان وغطرسة القوة، والإعدام بدم بارد؛ بل والتعدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وبخاصة في القدس الشريف، عاصمتنا الأبدية، وإطلاق العنان لعصابات المستوطنين الإرهابية لتعيث في الأرض فساداً، وترتكب أبشع الجرائم بحق شعبنا، كما فعلوا مع الطفل الشهيد محمد أبو خضير، ومع عائلة الشهداء من آل دوابشة، وغير ذلك من جرائم الإرهاب والعدوان.

إن هذا كله يهدد بتحويل الصراع إلى صراع ديني. وكلنا ندرك في قراءاتنا للتاريخ قديمه وحديثه، أن من يسعى للحرب وعدم الاستقرار كان يلجأ إلى إثارة الحروب الدينية؛ لأنها أكثر النزاعات استعصاءً على الحل وسفكاً للدماء ولا تنتهي إلا بالإبادة والتهجير.

أيتها الأخوات والإخوة،

ما زال الإنسان الفلسطيني وهو يعيش مأساته منذ 68 عاماً، ويعيد استعراض العذاب المتصل، ولا ينسى ولن ينسى، ويستذكر بفخر نقاطاً مضيئة في تاريخه المعاصر، نسجها من شعاع الثورة والتحدي، بقيام منظمة التحرير، وانطلاق ثورته، وتأكيد هويته الوطنية، وحشد الدعم المستمر، لقضيتنا العادلة؛ حيث اعترفت بنا 138 دولة كعضو مراقب في الأمم المتحدة في سنة 2012، وانضممنا إلى عدد كبير من المنظمات الدولية، ورفعنا علمنا على مقرات الأمم المتحدة، بفضل صبرنا ومثابرتنا وتضحيات شعبنا، الذي جنَّد كل حياته وطاقاته وكفاءاته من أجل إحقاق حقوقه، وإبراز هويته، وتراكم منجزاته، والإسهام إيجاباً مع الشعوب المحبة للسلام في دفع الاستقرار والأمن في العالم.

لم يعد أحد ينظر إلينا كمأساة إنسانية؛ بل كقضية سياسية مركزية، لشعب له كل الحق في ممارسة حقوقه الوطنية كغيره من الشعوب، والتحرر من آخر احتلال على وجه الأرض، وفقاً للشرعية الدولية وقراراتها المتلاحقة.

فقد بات واضحاً أن عقوداً من الظلم والتهجير والاستيطان والعدوان، مارستها حكومات إسرائيل، قد فشلت في طمس الحقوق الفلسطينية، وأنَّ التنكر لحل الدولتين الذي بنينا عليه اتفاقاتنا مع إسرائيل، يعني أن حكومة إسرائيل تتجه بأحزاب اليمين المتطرف الحاكمة، ودعاة الحرب والاستيطان، نحو التحول إلى نظام الفصل العنصري المرفوض دولياً.

وإزاء هذه السياسة العبثية التي تغامر بمستقبل شعوب المنطقة، وتحرض على مزيد من العنف، وتوسيع دائرة الكراهية، وتغذية الإرهاب والتطرف؛ فقد سعينا مع دول صديقة محبة للسلام، لعقد مؤتمر دولي لبحث القضية الفلسطينية، وإعادة إطلاق عملية السلام، على الأسس الكفيلة بإيصالنا إلى حل الدولتين.

لقد بذلت دولة فرنسا الصديقة، رغم الهجمات الإرهابية الإجرامية التي تعرضت لها مع دول أخرى، جهوداً طيبة لبلورة فكرة المؤتمر الدولي، فلا يجوز أن نشهد عقد مؤتمرات لحل كل الأزمات في العالم؛ بدءاً من الملف النووي الإيراني، مروراً بالأزمة اليمنية، وصولاً إلى الليبية والسورية، ولا يتم الالتفات إلى قضيتنا المركزية، وهي الأقدم، والموغلة في الألم والمعاناة.

لقد حذرنا مراراً وتكراراً، ومنذ سنوات، وفي مناسبات عدة، من أننا إزاء التجاهل لقضيتنا الوطنية، وما يتعرض له شعبنا على أرضه وفي مخيمات الشتات، سنسعى إلى تدويل قضيتنا، وإعادتها إلى الأمم المتحدة، وها نحن الآن نتطلع لعقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية، الذي لبت الدعوة إليه حتى الآن أكثر من عشرين دولة، بما فيها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول عربية وأوروبية وغيرها، آملين أن يتمخض عن إطلاق عملية سياسية حقيقية تستند إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وأن يبلور جدولاً زمنياً محدداً، وآليات عملية للتطبيق من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، بما فيها القدس الشرقية، تعيش في أمن واحترام متبادل مع جميع دول المنطقة، وتساهم بجدارة في حفظ الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وتعيد تضميد جراح أبناء شعبنا في الوطن والشتات؛ لأن في ذلك المدخل الحقيقي لمحاربة الإرهاب والعنف والتطرف.

أيتها الأخوات والإخوة،

لقد آلينا على أنفسنا منذ بداية الانقسام البغيض، أن نعيد اللحمة إلى شقي الوطن، وأن نزيل آثاره، ونعيد رص الصفوف لمواجهة التحديات، ولقد بذلنا كل ما نستطيع، وقدمنا كل التسهيلات، ولبينا كل المطالب المحقة لإنجاح المصالحة وتنفيذ بنودها، وذهبنا من عاصمة إلى أخرى، بهدف رفع المعاناة والحصار عن شعبنا في غزة، إلا أننا في كل مرة، كنا نصطدم بالتراجع من قبل حركة حماس في آخر لحظة، وها نحن نحاول الآن، وسنظل نحاول، لأننا مجبرون على إنقاذ أطفالنا ونسائنا وشبابنا من المأساة الإنسانية التي يعيشها أهلنا في المحافظات الجنوبية، فكلنا مسؤولون أمام شعبنا في هذه المحنة، ومن يتتبع خطى أي مواطن في غزة يومياً في معاناته ومواجهة مشقات الحياة اليومية، والحصار الظالم المستمر، وغطرسة القمع التي تمارس ضده من الاحتلال، وممن يتسترون خلف شعارات مقاومة الاحتلال، ليصاب بالحزن والخجل معاً، لأن هذا يحدث ونحن عاجزون أو ممنوعون من تغيير الواقع ورفع المعاناة.

أيتها الأخوات والإخوة،

إننا ماضون في بذل المساعي لإنجاز المصالحة الوطنية وتنفيذ بنودها، ومستعدون للذهاب إلى أقصى مدى لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا؛ لأن وجودنا بات مهدداً على أرضنا، وكل التضحيات الهائلة التي قدمها شعبنا باتت في مهب الريح، إذا لم نُقيِّم اللحظة التاريخية المظلمة التي نعيشها بهدف الخروج من الحصار السياسي والمادي، وإبقاء قضيتنا على جدول الأعمال الدولي، وسنستمر في جهودنا، لإنهاء الانقسام مهما تكاثرت العقبات التي يختلقها البعض لإحباطنا.

سنواصل مساعينا لعقد المؤتمر الدولي، وتدويل قضيتنا بعد عقود من الاحتكار والمماطلة، وسنواصل تطبيق توصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تحديد العلاقة مع إسرائيل، على ضوء مدى التزامها بالاتفاقات الموقعة، وسنواصل دبلوماسيتنا لحشد الدعم في الأمم المتحدة لطلب الحماية الدولية، بموجب اتفاقات جنيف التي انضممنا إليها، وسنواصل الانضمام إلى المنظمات الدولية، وتقديم الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية، وصولاً إلى تفعيلها.

أيتها الأخوات والإخوة،

نحن قادرون بوحدتنا على تجاوز الصعاب، وقادرون على تخطي المحن بصلابة إرادتنا، والتمسك بثوابتنا، وعدم التفريط بحقوقنا، معتمدين على الله ومتسلحين بالصبر والصمود والعمل والأمل، وقادرون خلال دقائق، إنْ صدقت النوايا، أن نجسد المصالحة الوطنية، وننهي معاناة شعبنا في غزة، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإطلاق الحراك الديمقراطي، وإجراء انتخابات شاملة، لتجسيد مجتمع الحرية والتنمية والعدالة والديمقراطية في دولة فلسطين المستقلة. وفي نفس الوقت، لسنا مضطرين للاستمرار في حوارات دون طائل هنا وهناك، فالأصل هو التنفيذ الفوري، وإن بدأنا سنجد الطريق ممهدة أكثر مما يتصوره البعض ممن استطابوا الفرقة والانقسام.

أيتها الأخوات والإخوة،

عهدٌ أن نواصل النضال لنيل حقوقنا الوطنية، وإقامة دولتنا الحرة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، حسب المبادرة العربية للسلام، واستناداً لقرارات الشرعية الدولية.

عهدٌ أن نظل الأوفياء لشعبنا في الشتات، وأن نواصل بذل الجهود لتجنيبه ويلات الفتن والحروب المستعرة، التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وأن نخفف من آلامه ومعاناته بقدر ما نستطيع، بعد أن تعرض لأبشع المجازر، وبخاصة في مخيم اليرموك من قوىً حاقدة وعميلة للشيطان.
عهدُ الوفاء للشهداء الرواد وللأسرى الأبطال وللجرحى البواسل.. عهد قطعه القائد المؤسس الشهيد أبو عمار، ولا زلنا على الدرب سائرين، ولا بد لشبل من أشبالنا، أو زهرة من زهراتنا، أن يرفع علم فلسطين على أسوار القدس ومآذنها وكنائسها، ويقولون متى ذلك؟ قل عسى أن يكون قريبا.. والتحية لكل فلسطينيٍ وفلسطينيةٍ على تراب هذا الوطن الجميل وفي الشتات، تحية لكل عربي وعربية، ولكل مسلم ومسلمة، ولكل مسيحي ومسيحية، واللقاء قريبٌ إن شاء الله، والدولة أقربُ مما يتصوره أعداء السلام، يرونها بعيدة، ونراها قريبة، وإننا لصادقون.

تحية للشهداء،،

تحية للأسرى،،

تحية للجرحى،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة لمناسبة الذكرى الـ68 للنكبة بتاريخ 14 أيار 2016

بسم الله الرحمن الرحيم
(إنَّ الذي فرضَ عليكَ القرآنَ لرادُكَ إلى معاد)
صدق الله العظيم


يا أبناء شعبنا في الوطن واللجوء،
أيتها الأخوات والأخوة،

يحيي شعبنا في مثل هذا اليوم من كل سنة ذكرى النكبة التي حلت به في عام 1948، وما زالت فصولها مستمرة وتتراكم بالمزيد من العذاب على كل بقعة من أرضنا، وفي كل مخيم في الوطن والشتات؛ حيث ما زلنا نعاني من الإجحاف بحقوقنا، وتجاهل معاناتنا، والتغاضي عن العدوان المستمر على الإنسان الفلسطيني فوق ترابه الوطني وفي مخيمات الشتات.

لقد أريد لشعبنا أن يكون هو الشعب الذي يدفع من دمه ودموعه وبيوته وشجره تبعات الحروب العالمية دون أن يكون طرفًا فيها، بل كان هو الضحية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الثانية، والضحية في الفتن والحروب والأزمات المستجدة في المنطقة والعالم.
إن هذا الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا ما زال قائماً؛ بل ويتفاقم باستمرار للنيل من عزيمتنا في الحفاظ على وجودنا وكينونتنا وآمالنا في السلم والأمن والحرية والكرامة كبقية شعوب العالم.

يا أبناء شعبنا الصابر المرابط،

لكأن الرواية الصهيونية الاستعمارية التي سادت منذ البدء إثر وعد بلفور تتجدد، تلك الرواية الكاذبة التي قامت على مقولة: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" متجاهلة قرارات الأمم المتحدة وبالذات قرار 194 الخاص بحقوق اللاجئين الفلسطينيين؛ فهذه الأرض لم تكن يوماً بلا شعب، فنحن مغروسون في صخورها وترابها وجبالها منذ بداية الحضارة والكتابة واختراع الأبجدية الكنعانية الفلسطينية قبل أكثر من ستة آلاف عام، ولم يكن قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وانطلاق ثورتنا الفلسطينية في العام 1965 إلا انعكاساً لما نحمله في روحنا من موروث حضاري قديم يتجدد في كل أجيالنا المتعاقبة، ويبعث روح الأمل والحياة الكريمة والسلام والاستقرار للجميع.

إن العالم يشهدُ حالياً قيام حكومة الاحتلال الحالية بكل ما من شأنه إنكار وجودنا الوطني، ورفض قيام دولتنا على ترابنا، وتدمير حل الدولتين، والاستمرار في سياسة الاستيطان وغطرسة القوة، والإعدام بدم بارد؛ بل والتعدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وبخاصة في القدس الشريف، عاصمتنا الأبدية، وإطلاق العنان لعصابات المستوطنين الإرهابية لتعيث في الأرض فساداً، وترتكب أبشع الجرائم بحق شعبنا، كما فعلوا مع الطفل الشهيد محمد أبو خضير، ومع عائلة الشهداء من آل دوابشة، وغير ذلك من جرائم الإرهاب والعدوان.

إن هذا كله يهدد بتحويل الصراع إلى صراع ديني. وكلنا ندرك في قراءاتنا للتاريخ قديمه وحديثه، أن من يسعى للحرب وعدم الاستقرار كان يلجأ إلى إثارة الحروب الدينية؛ لأنها أكثر النزاعات استعصاءً على الحل وسفكاً للدماء ولا تنتهي إلا بالإبادة والتهجير.

أيتها الأخوات والإخوة،

ما زال الإنسان الفلسطيني وهو يعيش مأساته منذ 68 عاماً، ويعيد استعراض العذاب المتصل، ولا ينسى ولن ينسى، ويستذكر بفخر نقاطاً مضيئة في تاريخه المعاصر، نسجها من شعاع الثورة والتحدي، بقيام منظمة التحرير، وانطلاق ثورته، وتأكيد هويته الوطنية، وحشد الدعم المستمر، لقضيتنا العادلة؛ حيث اعترفت بنا 138 دولة كعضو مراقب في الأمم المتحدة في سنة 2012، وانضممنا إلى عدد كبير من المنظمات الدولية، ورفعنا علمنا على مقرات الأمم المتحدة، بفضل صبرنا ومثابرتنا وتضحيات شعبنا، الذي جنَّد كل حياته وطاقاته وكفاءاته من أجل إحقاق حقوقه، وإبراز هويته، وتراكم منجزاته، والإسهام إيجاباً مع الشعوب المحبة للسلام في دفع الاستقرار والأمن في العالم.

لم يعد أحد ينظر إلينا كمأساة إنسانية؛ بل كقضية سياسية مركزية، لشعب له كل الحق في ممارسة حقوقه الوطنية كغيره من الشعوب، والتحرر من آخر احتلال على وجه الأرض، وفقاً للشرعية الدولية وقراراتها المتلاحقة.

فقد بات واضحاً أن عقوداً من الظلم والتهجير والاستيطان والعدوان، مارستها حكومات إسرائيل، قد فشلت في طمس الحقوق الفلسطينية، وأنَّ التنكر لحل الدولتين الذي بنينا عليه اتفاقاتنا مع إسرائيل، يعني أن حكومة إسرائيل تتجه بأحزاب اليمين المتطرف الحاكمة، ودعاة الحرب والاستيطان، نحو التحول إلى نظام الفصل العنصري المرفوض دولياً.

وإزاء هذه السياسة العبثية التي تغامر بمستقبل شعوب المنطقة، وتحرض على مزيد من العنف، وتوسيع دائرة الكراهية، وتغذية الإرهاب والتطرف؛ فقد سعينا مع دول صديقة محبة للسلام، لعقد مؤتمر دولي لبحث القضية الفلسطينية، وإعادة إطلاق عملية السلام، على الأسس الكفيلة بإيصالنا إلى حل الدولتين.

لقد بذلت دولة فرنسا الصديقة، رغم الهجمات الإرهابية الإجرامية التي تعرضت لها مع دول أخرى، جهوداً طيبة لبلورة فكرة المؤتمر الدولي، فلا يجوز أن نشهد عقد مؤتمرات لحل كل الأزمات في العالم؛ بدءاً من الملف النووي الإيراني، مروراً بالأزمة اليمنية، وصولاً إلى الليبية والسورية، ولا يتم الالتفات إلى قضيتنا المركزية، وهي الأقدم، والموغلة في الألم والمعاناة.

لقد حذرنا مراراً وتكراراً، ومنذ سنوات، وفي مناسبات عدة، من أننا إزاء التجاهل لقضيتنا الوطنية، وما يتعرض له شعبنا على أرضه وفي مخيمات الشتات، سنسعى إلى تدويل قضيتنا، وإعادتها إلى الأمم المتحدة، وها نحن الآن نتطلع لعقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية، الذي لبت الدعوة إليه حتى الآن أكثر من عشرين دولة، بما فيها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول عربية وأوروبية وغيرها، آملين أن يتمخض عن إطلاق عملية سياسية حقيقية تستند إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وأن يبلور جدولاً زمنياً محدداً، وآليات عملية للتطبيق من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، بما فيها القدس الشرقية، تعيش في أمن واحترام متبادل مع جميع دول المنطقة، وتساهم بجدارة في حفظ الأمن والسلام في المنطقة والعالم، وتعيد تضميد جراح أبناء شعبنا في الوطن والشتات؛ لأن في ذلك المدخل الحقيقي لمحاربة الإرهاب والعنف والتطرف.

أيتها الأخوات والإخوة،

لقد آلينا على أنفسنا منذ بداية الانقسام البغيض، أن نعيد اللحمة إلى شقي الوطن، وأن نزيل آثاره، ونعيد رص الصفوف لمواجهة التحديات، ولقد بذلنا كل ما نستطيع، وقدمنا كل التسهيلات، ولبينا كل المطالب المحقة لإنجاح المصالحة وتنفيذ بنودها، وذهبنا من عاصمة إلى أخرى، بهدف رفع المعاناة والحصار عن شعبنا في غزة، إلا أننا في كل مرة، كنا نصطدم بالتراجع من قبل حركة حماس في آخر لحظة، وها نحن نحاول الآن، وسنظل نحاول، لأننا مجبرون على إنقاذ أطفالنا ونسائنا وشبابنا من المأساة الإنسانية التي يعيشها أهلنا في المحافظات الجنوبية، فكلنا مسؤولون أمام شعبنا في هذه المحنة، ومن يتتبع خطى أي مواطن في غزة يومياً في معاناته ومواجهة مشقات الحياة اليومية، والحصار الظالم المستمر، وغطرسة القمع التي تمارس ضده من الاحتلال، وممن يتسترون خلف شعارات مقاومة الاحتلال، ليصاب بالحزن والخجل معاً، لأن هذا يحدث ونحن عاجزون أو ممنوعون من تغيير الواقع ورفع المعاناة.

أيتها الأخوات والإخوة،

إننا ماضون في بذل المساعي لإنجاز المصالحة الوطنية وتنفيذ بنودها، ومستعدون للذهاب إلى أقصى مدى لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخنا؛ لأن وجودنا بات مهدداً على أرضنا، وكل التضحيات الهائلة التي قدمها شعبنا باتت في مهب الريح، إذا لم نُقيِّم اللحظة التاريخية المظلمة التي نعيشها بهدف الخروج من الحصار السياسي والمادي، وإبقاء قضيتنا على جدول الأعمال الدولي، وسنستمر في جهودنا، لإنهاء الانقسام مهما تكاثرت العقبات التي يختلقها البعض لإحباطنا.

سنواصل مساعينا لعقد المؤتمر الدولي، وتدويل قضيتنا بعد عقود من الاحتكار والمماطلة، وسنواصل تطبيق توصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تحديد العلاقة مع إسرائيل، على ضوء مدى التزامها بالاتفاقات الموقعة، وسنواصل دبلوماسيتنا لحشد الدعم في الأمم المتحدة لطلب الحماية الدولية، بموجب اتفاقات جنيف التي انضممنا إليها، وسنواصل الانضمام إلى المنظمات الدولية، وتقديم الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية، وصولاً إلى تفعيلها.

أيتها الأخوات والإخوة،

نحن قادرون بوحدتنا على تجاوز الصعاب، وقادرون على تخطي المحن بصلابة إرادتنا، والتمسك بثوابتنا، وعدم التفريط بحقوقنا، معتمدين على الله ومتسلحين بالصبر والصمود والعمل والأمل، وقادرون خلال دقائق، إنْ صدقت النوايا، أن نجسد المصالحة الوطنية، وننهي معاناة شعبنا في غزة، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإطلاق الحراك الديمقراطي، وإجراء انتخابات شاملة، لتجسيد مجتمع الحرية والتنمية والعدالة والديمقراطية في دولة فلسطين المستقلة. وفي نفس الوقت، لسنا مضطرين للاستمرار في حوارات دون طائل هنا وهناك، فالأصل هو التنفيذ الفوري، وإن بدأنا سنجد الطريق ممهدة أكثر مما يتصوره البعض ممن استطابوا الفرقة والانقسام.

أيتها الأخوات والإخوة،

عهدٌ أن نواصل النضال لنيل حقوقنا الوطنية، وإقامة دولتنا الحرة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، حسب المبادرة العربية للسلام، واستناداً لقرارات الشرعية الدولية.

عهدٌ أن نظل الأوفياء لشعبنا في الشتات، وأن نواصل بذل الجهود لتجنيبه ويلات الفتن والحروب المستعرة، التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وأن نخفف من آلامه ومعاناته بقدر ما نستطيع، بعد أن تعرض لأبشع المجازر، وبخاصة في مخيم اليرموك من قوىً حاقدة وعميلة للشيطان.
عهدُ الوفاء للشهداء الرواد وللأسرى الأبطال وللجرحى البواسل.. عهد قطعه القائد المؤسس الشهيد أبو عمار، ولا زلنا على الدرب سائرين، ولا بد لشبل من أشبالنا، أو زهرة من زهراتنا، أن يرفع علم فلسطين على أسوار القدس ومآذنها وكنائسها، ويقولون متى ذلك؟ قل عسى أن يكون قريبا.. والتحية لكل فلسطينيٍ وفلسطينيةٍ على تراب هذا الوطن الجميل وفي الشتات، تحية لكل عربي وعربية، ولكل مسلم ومسلمة، ولكل مسيحي ومسيحية، واللقاء قريبٌ إن شاء الله، والدولة أقربُ مما يتصوره أعداء السلام، يرونها بعيدة، ونراها قريبة، وإننا لصادقون.

تحية للشهداء،،
تحية للأسرى،،
تحية للجرحى،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الدولي المنعقد في الأمم المتحدة بنيويورك

للتوقيع على اتفاقية المناخ بتاريخ 22 نيسان 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

أحييكم، أيها الأصدقاء، وأود بداية أن أتوجه بالتحية والتقدير لفخامة الرئيس فرانسوا هولاند، مثمنين عالياً جهود فرنسا في عقد قمة المناخ بباريس في 30/11/2015، وكما نشكر الأمانة العامة، وجهود الأمين العام للأمم المتحدة، على تنظيم هذه الاحتفالية في الأمم المتحدة بنيويورك.

وها نحن اليوم نجتمع ودولة فلسطين قد أصبحت طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وتشارك لأول مرة بصفتها عضواً كاملاً، وقد وقعت إلى جانب بقية الدول على اتفاقية باريس للمناخ، وصادقنا عليها كثمرة للعمل المخلص لأعمال تلك القمة، والتي لدينا الثقة التامة بأنها ستكون لها آثارها الإيجابية للحياة على كوكبنا.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،،

إن الاحتلال هو الذي يعكر المناخ في فلسطين، وان الاستيطان هو الذي يدمر الطبيعة في فلسطين، ساعدونا على التخلص من الاحتلال.
نحن ملتزمون بمضمون الاتفاقية وبتنفيذها فورًا، ودون تحفظ لصالح بلادنا والكرة الأرضية التي تجمعنا.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،،

لقد بات من الضروري، العمل على تغيير المنهجية الدولية في التعاطي مع حل القضية الفلسطينية؛ لهذا فإننا ندعم المبادرة الفرنسية الداعية لتشكيل مجموعة دعم دولية، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية متعددة جديدة للتوصل إلى حل ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وعلى أساس حل الدولتين على حدود 1967، ومبادرة السلام العربية، والرباعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتحديد جدول زمني للمفاوضات، وآليات لمراقبة تنفيذ ما يتفق عليه.

ومن ناحية أخرى، فإننا نجري مشاورات مع الأطراف الدولية، واللجنة الوزارية العربية المعنية، لدراسة مضمون وتوقيت الطرح الرسمي لمشروع قرار حول الاستيطان في مجلس الأمن.

السيد الرئيس، السيدات والسادة،،

أيدينا مازالت ممدودة لصنع السلام القائم على الحق والعدل، ووفقاً للقانون الدولي، هذا في الوقت الذي نمضي فيه ببناء دولتنا على أسس عصرية وديمقراطية، فشعبنا لن يقبل بأي حال من الأحوال بالوضع القائم واستمرار الاحتلال.

مرة أخرى أشكركم، وأتمنى النجاح لأعمال هذه القمة لما في ذلك من خير وصون لكوكبنا والحياة عليه.

والسلام عليكم.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين بتاريخ 19 تيسان 2016

سيادة المستشارة أنجيلا ميركل،

يسعدني أن ألتقي بكم مجدداً هنا في برلين، في ربوع بلدكم العظيم، وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز وتطوير علاقات الصداقة والتعاون بين شعبينا وبلدينا، وقد أطلعت سيادة المستشارة ميركل على آخر التطورات على صعيد القضية الفلسطينية، وما نعيشه من ظروف صعبة، جراء الاحتلال والتوسع الاستيطاني، وممارسات المستوطنين، والاعتداءات على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، واستمرار فرض الحصار على قطاع غزة، في ظل التوقف الكامل للعملية السياسية.

وبهذه المناسبة، فإنني أعبر عن عميق التقدير للشعب الألماني الصديق ولحكومتكم الموقرة على مواقف الدعم والمساندة المادية والمعنوية التي تقفونها إلى جانبنا من أجل تمكين شعبنا من بناء مؤسساته الوطنية وإرساء أسس بنية متينة لدولته القادمة، وبما يتيح لشعبنا العيش بكرامة وحرية واستقلال في وطنه وتحقيق الأمن لجميع دول المنطقة وشعوبها.

وكما نشيد بالتعاون القائم بين الحكومتين الفلسطينية والالمانية، وبما تم إنجازه، ونشجع الجانبين على المزيد من التعاون والشراكة في جميع المجالات.

ومن ناحية أخرى، فقد بحثنا مع سيادة المستشارة، وأطلعناها على أهمية توسيع المشاركة الدولية لإيجاد حل سياسي، من خلال الأفكار الفرنسية الداعية لتشكيل مجموعة دعم دولية، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية متعددة تعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وفق رؤية حل الدولتين على حدود 1967، وتطبيق مبادرة السلام العربية، كل ذلك في إطار جدول زمني محدد، وبما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران عام1967.

وأكدنا لسيادة المستشارة، أن الاستيطان يشكل العقبة الكبرى أمام تحقيق السلام، لذلك فإننا سنستمر في المشاورات مع الجميع، ومع اللجنة الوزارية العربية الرباعية التي ستدرس التوقيت المناسب لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن حول الاستيطان.

وكما أكدنا للمستشارة ميركل، بأننا ماضون في توحيد شعبنا وأرضنا ونعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، والذهاب للانتخابات، وكذلك عقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني، وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة.

كما كانت فرصة مواتية لتناول ما يجري في منطقتنا وفي أوروبا والعالم، وما تعيشه من عنف وإرهاب المتطرفين، الأمر الذي نرفضه، ونقف إلى جانب ألمانيا وجميع شعوب أوروبا في مكافحتها لكل أشكال الإرهاب، ونعلن استعدادنا الدائم في التعاون في هذه الحرب ضد الإرهاب.

ونجدد تأكيدنا بأننا ضد أية أعمال تستهدف المدنيين من الفلسطينيين والإسرائيليين لأننا نسعى لإنهاء الاحتلال والاستيطان بالطرق السياسية والدبلوماسية والمقاومة الشعبية السلمية.

مرة أخرى أشكركم سيادة المستشارة، وأتمنى لكم شخصياً دوام الصحة والسعادة ولألمانيا وشعبها الصديق دوام الرخاء والتقدم.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند في العاصمة الفرنسية بتاريخ 15 نيسان 2016

"لقد عقدت مع فخامة الرئيس، والصديق العزيز، فرانسوا هولاند جلسة محادثات مثمرة، استعرضنا خلالها جملة من القضايا التي تهم بلدينا وشعبينا، والجهود المبذولة والمتواصلة من أجل المزيد من التنمية والتطوير للعلاقات الثنائية، وبما يخدم مصالحنا المشتركة.

هذا وقد أطلعت فخامة الرئيس هولاند على آخر التطورات على صعيد القضية الفلسطينية، وما نعيشه من ظروف صعبة، بل خانقة، جراء الاحتلال والتوسع الاستيطاني، وممارسات المستوطنين، في ظل انسداد كامل للأفق السياسي.

وأعربنا لفخامة الرئيس عن دعمنا الكامل للجهود الفرنسية لتوسيع المظلة الدولية لإيجاد حل سياسي، من خلال تشكيل مجموعة دعم دولية، وعقد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية متعددة تعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وفق رؤية حل الدولتين على حدود 1967، وتطبيق مبادرة السلام العربية، كل ذلك في إطار جدول زمني محدد.

وأطلعنا فخامة الرئيس هولاند على الجهود التي نبذلها إقليمياً ودوليا لدعم الأفكار الفرنسية.

وأكدنا لفخامة الرئيس أن الاستيطان يشكل العقبة الكبرى أمام تحقيق السلام، لذلك فإننا سنستمر في المشاورات مع فرنسا والدول المعنية، علما بأن اللجنة الوزارية العربية الرباعية تدرس التوقيت المناسب لطرح مشروع قرار في مجلس الأمن حول الاستيطان.

ومن ناحية أخرى، فإننا نشيد بالتعاون القائم بين الحكومتين الفلسطينية والفرنسية، ونحن سعداء جداً بما تم إنجازه، ونشجع الجانبين على المزيد من التعاون والشراكة في جميع المجالات.

وتعلمون بأن العلاقات الفلسطينية الفرنسية هي علاقات صداقة تاريخية قوية ومتينة، وفرنسا ظلت دائماً وفيةً لمبادئها، ودفاعها عن الحق والعدل، والبحث عن حل عادل ومتوازن للقضية الفلسطينية، وهذا أمر نعتز به ونقدره.

وقد عبرت لفخامته عن جزيل شكرنا وتقديرنا لأشكال الدعم كافة التي قدمتها ولا زالت تقدمها فرنسا على المستوى الثنائي وفي إطار الاتحاد الأوروبي لفلسطين، ولتمكيننا من بناء مؤسساتنا، وإقامة البنية التحتية لدولة فلسطين المستقلة والديمقراطية القادمة.

كما كانت فرصة مواتية لتناول ما يجري في منطقتنا وفي فرنسا ومناطق عديدة في أوروبا والعالم، وما تعيشه من عنف وإرهاب المتطرفين، الأمر الذي نرفضه، وفي الإطار، فإننا نقف إلى جانب فرنسا وشعبها الصديق في مكافحتها لكل أشكال الإرهاب.

وقد رحبنا بزيارة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إلى فلسطين الشهر المقبل.

مرة أخرى أشكركم فخامة الرئيس، وأتمنى لكم شخصيا دوام الصحة والسعادة ولفرنسا وشعبها الصديق دوام الرخاء والتقدم".

كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة وضع حجر الأساس لمستشفى "هوغو تشافيز" لجراحة وطب العيون في بلدة ترمسعيا بتاريخ 21 آذار 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

"الأرض جاهزة، المخططات جاهزة، الأموال جاهزة، ماذا ينقص؟ أن نرى هذا المستشفى، ليس كما قال لي الأخ محمد اشتية خلال سنة ونصف، وإنما أهل ترمسعيا يريدونه أن ينتهي خلال سنة على الأكثر، لأنهم يريدون أن يروا هذا الصرح الطبي الصحي يعمل في كل الاتجاهات ومن كل الجهات، يريد هذا المستشفى أن يستقبل كل من يحتاج أو كل من تحتاج عيونه لعلاج، سواء في قلب الوطن، أو حتى من خارج الوطن، حلمنا أن نستقبل الناس من الخارج إلى الداخل للعلاج؛ حلمنا أن تتوقف التحويلات الطبية كلها، وأن يصبح العلاج هنا في أرض الوطن، وما الذي ينقصنا؟ لا ينقصنا شيء؛ لا تنقصنا الكفاءات، ولا الهمة، ولا العزيمة، ولا الأمل". "ففي خلال هذا الأسبوع، رأينا أن همة هذا الشعب أدت إلى وضع حجر الأساس لمستشفى معالجة السرطان، هذا المرض الشرس، الذي نتمنى الشفاء لكل الناس منه؛ ولكن في نفس الوقت سنعالج كل الناس منه. ثم زرنا المستشفى العربي الاستشاري، وهو صرح طبي هائل وعظيم، ولديه كل الإمكانات وكل الكفاءات، بالمناسبة موجودة فيه". "واليوم هذا هو مستشفى العيون، الذي قدمه لنا صديقنا العزيز المرحوم القائد البوليفاري هوغو تشافير. هذا الرجل هو الذي قدمه لنا؛ قال: ماذا تحتاجون؟ ماذا تريدون؟ وهو بالمناسبة صديق حميم للمرحوم الرئيس الشهيد ياسر عرفات. وعندما زرته شعرت كأننا أصدقاء؛ لأننا نتوارث الصداقة أيضًا من كادر إلى كادر، ومن جيل إلى جيل؛ فقال لي: ماذا تريدون، قلت له: مستشفى للعيون. بعد أسبوعين كانت الأموال قد أرسلت، وبدأت المخططات، وبدأنا. الأرض كانت معروفة هنا، واخترنا هذه الأرض أن تكون هنا؛ لكي تكون في قلب الوطن في الوسط". "والآن هذا المستشفى يجب أن يبدأ العمل في بنائه غدًا، وينتهي في يوم الواحد والعشرين من آذار 2017، هذا طلب أهل ترمسعيا".

إخوتنا الأعزاء،

لا يكفي أن نذهب إلى الأمم المتحدة لنحصل على دولة مراقب، وإن كان أمرًا ليس سهلا وليس بسيطا، هناك بعض الدول التي تقف أمامنا في مجلس الأمن؛ وقدمنا الطلب، وأخذنا دولة مراقب، واستفدنا من هذا، بأننا ذهبنا إلى جنيف وأصبحنا أعضاء في اتفاقية جنيف وعدد من المنظمات الدولية؛ لأننا كدولة مراقب، وإن كنا مراقب، يحق لنا أن ننتمي إلى 520 منظمة ومؤسسة دولية. وبدأنا وحصلنا؛ والآن نحن في طريقنا، أخذنا قبل أيام التحكيم، أعضاء في منظمة التحكيم، صرنا نحكم في العالم. أي خلاف عالمي نحن سنحكم؛ لكن نتمنى أن يحكموا في قضيتنا. نتمنى أن يبادروا في الحكم في قضيتنا. تلك الدول العظمى على الأقل ليقولوا كلمة حق؛ هل الاحتلال حق! هل الاستيطان حق! كلمة واحدة، نريد منهم أن يقولوا: هل رؤية الدولتين صحيح، أو غير صحيح؟ لا نريد أكثر، نحن لدينا الصبر، ولدينا الصمود، ولدينا الأمل، ولدينا العمل". "لا يكفي أن نصبر، لا يكفي أن نصمد، لا يكفي أن نأمل، وإنما يجب أن نعمل. وهذا هو ما يبرر عملنا، وهذا هو ما يبرر وجودنا اليوم هنا، مؤسساتنا جاهزة كلها؛ ولكن هذا لا يمنع أن تكون لدينا أرقى الجامعات، وأرقى المدارس، وأرقى المؤسسات، وأرقى المستشفيات. والآن عندنا هذا. أنا أحلم باليوم الذي تتوقف به التحويلات، وتأتي التحويلات من الخارج. ممكن؟ ممكن نعم. نحن كلنا لدينا هذا الأمل، ولدينا هذه الثقة بأننا سنصل إلى الاستقلال. قد لا يحصل اليوم، قد لا يحصل غدًا. لا نيأس؛ المهم أن لا يتسرب اليأس إلى قلوبنا. نحن أصحاب حق، أصحاب قضية، ونناضل من أجل هذه القضية على كل المستويات الدولية والعالمية والإقليمية؛ والحمد لله سمعة فلسطين في العالم محترمة، والكل يحترمنا، والكل أصبح يقدرنا باستثناء البعض الذين سيقتنعون لاحقًا، وسيأتي الوقت الذي يقبلون فيه أن هذه البلد بلدنا؛ هنا ولدنا، وهنا حضارتنا، وهنا سنبقى، نحن هنا في هذا البلد قبل سيدنا إبراهيم، كما تقول التوراة التي تؤكد أن الفلسطينيين هنا قبل سيدنا إبراهيم، المهم أن لا نيأس وأن نصبر وأن نتحمل، متأكد سيأتي الوقت الذي نقيم فيه دولتنا". "تشافيز وهو على فراش الموت، زرته في أيامه الأخيرة، قال لي: أين أصبح المستشفى؟ ثم جاء خلفه مادورو، وآخر مرة رأيته فيها في نيويورك أيضًا، سألني عن المستشفى. هم قدموا كل شيء، الخبرات موجودة، الأموال موجودة". "يجب أن يكون بجانب هذا المستشفى نزل للعائلات التي ترافق أبناءها، وهذا أمر يجب على المستثمرين العمل فيه، ونحن نشجع الاستثمار؛ فكل الظروف مهيأة لنجاحه. وهنا أتوجه إلى المستثمرين ليقوموا بهذا العمل؛ لأننا نريد القطاع الخاص أيضًا أن يعمل كما عمل في المستشفى الاستشاري، ونحن نشجع الاستثمار في أي منحى من مناحي الحياة، ونهيئ له كل الظروف القانونية والإدارية واللوجستية اللازمة لكي يأتي وينجح ويعمل، لا نريد فقط أن الحكومة هي التي تعمل؛ الحكومة غير قادرة، ولا تستطيع أن تحيط بكل احتياجات الشعب، وإنما على القطاع الخاص أن يأتي إلى هنا ليمارس عمله ويكسب ويربح. لا نقول له: تعال جمعية خيرية، لا. تعال اكسب، تعال اربح؛ بس بمنتهى الشفافية، وبمنتهى الوضوح، وحسب القانون". "نحن نحيي فنزويلا البوليفارية الصديقة التي قدمت لنا هذا، ونحيي أخونا ماهر طه سفيرها الفنزويلي الفلسطيني، ونحيي الرئيس مادورو، وأرسل عبرك تحية لابنتي وزيرة الخارجية. وشكرًا لكم".

كلمة الرئيس محمود عباس المتلفزة إلى الأسرة التربوية عبر شاشة تلفزيون فلسطين بتاريخ 12 آذار 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة المعلمون والمعلمات،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

منذ اللحظة الأولى تابعت باهتمام بالغ قضيتكم. وإيمانًا مني بعدالة مطالبكم، وتقديرًا لمكانتكم كمُربي أجيال، وبالتشاور مع دولة رئيس الحكومة الذي يحظى وحكومته بثقتي، ولكون اتحاد المعلمين إحدى قواعد منظمة التحرير الفلسطينية، والذي كان له دور مميز في مسيرتنا النضالية إلى جانب اتحاداتنا كافة، ومن واجبنا الحفاظ عليه، وعدم المساس به، ونرفض أي محاولة تهدف إلى خلق أي بدائل إلا من خلال الأساليب الديمقراطية حسب القوانين والأنظمة المعمول بها - وعليه فقد قررنا وبالتشاور مع رئيس الحكومة ما يلي:

أولا: إتمام تطبيق الاتفاق الموَّقع مع الحكومة واتحاد المعلمين عام 2013 كاملًا.

ثانيا: منح المعلمين زيادة طبيعة العمل بنسبة 10% موزعة بالتساوي مع بداية عام 2017 و2018، رغم الظروف المالية الصعبة وشُح الموارد المالية والإمكانات.

ثالثا: سيتم العمل على دراسة وضع الإداريين وِفق الاتفاق الموقع في 18/2/2016.

رابعا: قررت، وبالتشاور مع مفوض عام المنظمات الشعبية، تصحيح أوضاع الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين بالوسائل الديمقراطية.

خامسا: ما تم الاتفاق عليه حول المتأخرات تدفع على أربع دفعات قبل 1/9/2016.

وبناء على ذلك؛ أدعو الإخوة المعلمين والمعلمات والعاملين في وزارة التربية والتعليم كافة، إلى الدوام غدًا لإنقاذ العام الدراسي والحفاظ على مسيرتنا التعليمية، مع إدراكي بأنكم أهل للمسؤولية، وأن وطنيتكم تدفعكم إلى تلبية نداء الوطن.

وفقكم الله.

كلمة الرئيس محمود عباس في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الروماني كلاوس يوهانس في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بتاريخ 10 آذار 2016

فخامة الرئيس كلاوس يوهانس، يسعدني أن أستقبل فخامتكم اليوم في زيارتكم الأولى لفلسطين، ونحن على ثقة بأنها ستسهم في تعزيز العلاقات بين بلدينا، وتطويرها لما فيه خدمة المصالح المشتركة لشعبينا الصديقين. وأود بهذه المناسبة، أن أشيد بأعمال اللجنة المشتركة الفلسطينية الرومانية، والتي نأمل استمرار اجتماعاتها، وأن تحقق المزيد من الانجازات على طريق تطوير العلاقات في جميع المجالات. وفي هذا الصدد، نتوجه بالدعوة لرجال الأعمال في البلدين، لبحث سبل التعاون والتبادل التجاري والاستثماري في مختلف المجالات. كما لا يفوتني، أن أشكر فخامة الرئيس، وأؤكد على أهمية المنح الدراسية التي قدمتها رومانيا عبر العقود الماضية، ولا زالت تقدمها؛ فقد تعلم في الجامعات الرومانية العدد الكبير من الطلاب، وما نتج عن ذلك من علاقات أسرية وجاليات في البلدين؛ علاوة على مساهمة هؤلاء الطلاب بعد عودتهم، بما أكتسبوه من علم ومعرفة في بناء أركان الدولة الفلسطينية، إلى جانب تعزيز جسور العلاقات بين البلدين والشعبين.

وقد أطلعت فخامة الرئيس يوهانس، على الأوضاع الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، وحجم معاناته بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وممارسات مستوطنيه العدوانية؛ وأؤكد هنا على أهمية توفير الحماية الدولية لشعبنا. وبهذه المناسبة، فإننا نجدد ترحيبنا بالأفكار الفرنسية الداعية لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وتشكيل مجموعة دعم دولية، وخلق آليه فعالة ومتعددة، للعمل على تنفيذ حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية؛ كما نؤكد على أهمية عمل اللجنة الوزارية العربية المعنية، لبحث التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار حول الاستيطان. وفي هذا الإطار، نشيد بموقف الاتحاد الأوروبي من الاستيطان، ومنتجات المستوطنات.

ونثمن دور الاتحاد الأوروبي في دعم السلام وتقديم المساعدات الاقتصادية، وفي مجال بناء المؤسسات الفلسطينية؛ الأمر الذي يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا.

أؤكد أن أيدينا ممدودة للسلام المبني على العدل والحق؛ وإننا ضد العنف والتطرف والإرهاب، أياً كان مصدره. وأجدد القول أن استمرار الوضع الحالي لا يمكن احتماله، وأن تحقيق السلام والأمن والجوار الحسن بيننا وبين إسرائيل، يتطلب قرارات حاسمة من الحكومة الإسرائيلية، بالتجميد الفوري للاستيطان، ووقف أعمال المستوطنين العدوانية، واحترام الولاية الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية وفق الاتفاقيات.

في الختام، نشكركم فخامة الرئيس والوفد المرافق لكم على زيارتكم هذه، وتمنياتنا لكم ولرومانيا بدوام الصحة والعافية، ولشعبكم الروماني الصديق المزيد من التقدم والازدهار.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام القمة الاستثنائية الخامسة للمؤتمر الإسلامي المنعقدة في العاصمة الأندونيسية جاكرتا بتاريخ 7 آذار 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله، لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"

صدق الله العظيم

فخامة الأخ الرئيس جوكو ويدودو،

أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو والدولة والمعالي،

معالي الأخ الأمين العام إياد أمين مدني،

السيدات والسادة،

يطيب لي بدايةً أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لجمهورية إندونيسيا الشقيقة لاستضافتها هذه القمة، في هذا البلد الكبير بشعبه وقيادته وإنجازاته؛ وكذلك لمواقفها النبيلة والثابتة لدعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة؛ وأنتهز الفرصة لأقدم الشكر لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على رئاسة مصر الناجحة للقمة الإسلامية في دورتها الحالية، والشكر موصول لجميع القادة ورؤساء الوفود المشاركين معنا اليوم، على حضورهم واستجابتهم لطلب فلسطين لعقد هذه القمة الإسلامية الاستثنائية.

كما أتوجه بالتحية والتقدير والشكر الجزيل لمعالي الأخ الأمين العام إياد أمين مدني، مثمناً عالياً جهوده وطواقم منظمة التعاون الإسلامي وعملهم المشرف لعقد هذه القمة الهامة لما تمثله مدينة القدس الشريف عاصمة فلسطين وقلبها النابض، ولبحث ما تواجهه من تحديات ومخاطر تهدد تاريخها وحاضرها ومستقبلها؛ فهي مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مدينة الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة وزهرة المدائن، التي يتوجب علينا جميعاً حمايتها لتبقى مدينة السلام.

السيد الرئيس، الإخوة القادة،

بدايةً أنقل إليكم تحيات شعبي الذي يتطلع، لرفع الظلم عنه، والوقوف إلى جانبه في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة التي يعيشها منذ سبعة عقود، حيث لا زال أطول احتلال في التاريخ الإنساني المعاصر يجثم على صدورنا، ويعطل حياة شعبنا، ويحيلها إلى جحيم لا يطاق.
إن شعبنا اليوم، لهو أحوج ما يكون إلى دعم وتضامن أشقائه، وإلى حماية دولية من بطش وغطرسة إسرائيل (الدولة الأكثر انتهاكاً للقانون الدولي).

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

لم تكن القدس ومقدساتها في خطر، كما هي اليوم؛ ولا زالت معاناتها وأهلها ومقدساتها تتفاقم جراء السياسات التدميرية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؛ فعلى مدى خمسة عقود، لم تتوقف آلة التهويد والطمس للهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمدينة المقدسة، وفقاً لسياسة ممنهجة، ترمي إلى عزلها عن باقي المدن الفلسطينية الأخرى، وإحاطتها بأحزمة استيطانية من جميع جوانبها.

فلقد واصلت إسرائيل سياسات التضييق والخنق الاقتصادي ضد أهل القدس من المسلمين والمسيحيين، من خلال فرض الضرائب الباهظة، وعدم إعطاء رخص البناء للمساكن والمشاريع الاستثمارية، وكذلك تطبيق سياسة العقوبات الجماعية من هدم للمنازل، واعتقالات تعسفية، وذلك بهدف تفريغ القدس من سكانها الأصليين من الفلسطينيين.

لقد حذرت على مدى السنوات الماضية، من تحويل الصراع السياسي مع إسرائيل إلى صراع ديني، بسبب انتهاكات المستوطنين والمتطرفين المحمية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، لحرمة مقدساتنا المسيحية والإسلامية في القدس، وخاصة المخططات التي تستهدف المساس بالمسجد الأقصى.

وهنا، فإننا نعبر عن تقديرنا للجهود السامية التي يبذلها جلالة الملك عبد الله الثاني، عبر رعاية المملكة الأردنية الهاشمية للأماكن المقدسة في القدس الشريف، وبخاصة المسجد الأقصى المبارك، والحفاظ على الوضع التاريخي الذي كان قائماً منذ ما قبل العام 1967.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إن تفعيل وتنفيذ القرارات الإسلامية الصادرة عن منظمة التعاون الإسلامي العتيدة، والتي تبنتها في اجتماعاتها السابقة لدعم فلسطين والقدس وصمود شعبنا فيها، ضرورة لا بد منها، وواجب لا بد من القيام به، وكذلك لا بد من تعزيز الصناديق التي أنشئت باسم القدس ومن أجلها، وتجسيد عملها على أرض الواقع، حتى يلمس أهل فلسطين والقدس وقوف أشقائهم في أمتهم الإسلامية المجيدة إلى جانبهم.

وبهذه المناسبة، فإننا نشكر الدول التي أوفت بالتزاماتها، وندعو الدول الأخرى إلى التكرم بالوفاء بمساهماتها. وفي هذا الإطار، فإنه لا يفوتنا، أن نعبر عن جزيل الشكر لجلالة الملك محمد السادس، لما تقوم به "لجنة القدس" و"وكالة بيت مال القدس"، برعايته وتوجيهاته السامية، كما نتقدم بشكر خاص للبنك الإسلامي للتنمية، وإدارة صندوقي الأقصى والقدس، وهيئاتها الوزارية والإدارية، على جهودهم وإنجازاتهم المقدرة، خدمة للشعب الفلسطيني وبناء مؤسساته الوطنية.

وفي هذا الصدد، فإنني أجدد التأكيد على أهمية إنشاء برنامج خاص للتمكين الاقتصادي، للشعب الفلسطيني في القدس وفي سائر الأراضي المحتلة وفي المهجر، على أمل تركيز هذا البرنامج على المشاريع والمبادرات الكفيلة بدعم الصمود والعيش الكريم على الأرض، ولتعزيز منعة الفئات والمجتمعات الأكثر ضعفاً في فلسطين. ونحن نتطلع لحشد الموارد لهذا البرنامج بكل الوسائل، سواء منها مساهمات الدول أم المؤسسات أم الأفراد. وأرجو تكليف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية لإيجاد الآلية المناسبة لتنفيذ هذا البرنامج البالغ الأهمية لشعبنا الصامد.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إن مخططات إسرائيل وسياساتها تقوم على إدارة الصراع، وإطالة عمر احتلالها لأرض دولة فلسطين، وكسب المزيد من الوقت؛ لذا فإنه لم يعد مجدياً تضييع الوقت معهم في مفاوضات من أجل المفاوضات، خاصة بعد أن أفشلت إسرائيل كل فرص السلام منذ مؤتمر مدريد وإلى اليوم؛ الأمر الذي يجعلنا نؤكد مجدداً بأنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بتنفيذ تلك الاتفاقيات المعقودة بيننا وبينهم وحدنا.

الأخ الرئيس، الإخوة القادة،

إن حلاً عادلاً لقضية فلسطين من شأنه أن يسحب الذرائع من أيدي كل تيارات الإرهاب والعنف، والتطرف، وفلسطين تتطلع لرؤية السلام والوئام والاستقرار يخيم على جميع أقطار أمتنا، التي يجمعها دين الخير والسلام لنمضي في بناء مجتمعاتنا، وتحقيق الرخاء لشعوبنا، والدفاع عن قضايانا، وبخاصة قضية فلسطين، التي هي قضية الأمة الإسلامية بأسرها.

ومن هنا جاء ترحيبنا بالأفكار الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام خلال هذا العام، كما نؤيد عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية، وخلق آلية فعالة ومتعددة لتحقيق حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية خلال فترة زمنية محددة، مؤكدين أننا لن نقبل بأية حلول مؤقتة أو جزئية.

الأخ الرئيس، الإخوة والقادة،

إننا إذ نؤكد وقوفنا إلى جانب المملكة العربية السعودية في حربها ضد الإرهاب، لنشيد بمواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي أكد على دعمه لفلسطين، وتحقيق السلام والأمن في منطقتنا عبر تفعيل وتطبيق مبادرة السلام العربية التي تحظى بإجماع عربي وإسلامي، وأدعو جميع الدول الإسلامية إلى التمسك بمضامين ومفاهيم هذه المبادرة وعدم تجزئتها.

وفي هذا السياق إننا نعمل مع اللجنة الوزارية العربية المعنية، للذهاب إلى مجلس الأمن لتقديم قرار حول الإستيطان، فقد أصبح الوضع لا يطاق بسبب انتشار الإستيطان في كل مكان في القدس والضفة الغربية وبسبب ممارسات وجرائم المستوطنين، وللإنتهاكات المتواصلة للمسجد الأقصى والمقدسات المسيحية والإسلامية.

السيد الرئيس، الإخوة القادة،

إننا نعمل دون كلل، وبإخلاص، لاستعادة وحدة شعبنا وأرضنا وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب لانتخابات؛ ومن ناحية أخرى، فإننا ماضون في جهودنا لإعادة إعمار قطاع غزة، والتخفيف من معاناة شعبنا فيه، شاكرين جميع الدول الشقيقة والصديقة التي تساهم معنا في هذه المهمة.

مرة أخرى أحييكم وأشكركم على دعمكم ومساندتكم لفلسطين في هذه الظروف البالغة الخطورة، ونحن على ثقة بأن هذه القمة الموقرة ستعمل على تبني كل ما من شأنه دعم شعبنا الفلسطيني الصابر الصامد المرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، لتمكينه من استعادة حقوقه، والعيش بحرية وسيادة واستقلال وكرامة إنسانية في وطنه.

بسم الله الرحمن الرحيم

"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسولُه والمؤمنون"

صدق الله العظيم

 

كلمة الرئيس محمود عباس في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء اليابان شنزو آبى في طوكيو بتاريخ 15 شباط 2016

دولة رئيس الوزراء شنزو آبي،

يسعدني أن ألتقي بكم يا دولة الرئيس مجدداً، هنا في ربوع بلدكم العظيم. وقد كان لي هذا الصباح شرف لقاء جلالة الإمبراطور أكيهيتو، وإنني لأرى في هذه الزيارة لبلدكم الصديق امتداداً لزياراتنا المتبادلة، وهي تأتي كذلك في إطار سعينا لتعزيز وتطوير علاقات الصداقة التاريخية بين شعبينا وبلدينا، والتي نحن على ثقة بأن أمامها مستقبلاً كبيراً وواعداً.

وبهذه المناسبة، فإنني أعبر عن عميق التقدير للشعب الياباني الصديق ولحكومتكم الموقرة على مواقف الدعم والمساندة المادية والمعنوية التي اعتدتم على وقوفها إلى جانبنا من أجل تمكين شعبنا من بناء مؤسساته الوطنية؛ ونحن لا ننسى أبداً مواقفكم الصادقة في المحافل الدولية من أجل إقامة السلام العادل والدائم في منطقتنا وفق رؤية حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن لشعبنا العيش بكرامة وحرية واستقلال في وطنه ويحقق الأمن لجميع دول المنطقة وشعوبها.

وقد تناولت مع دولة رئيس الوزراء آبى، سبل تطوير علاقاتنا الثنائية؛ وفي هذا الإطار، فقد شهدنا اليوم توقيع اتفاقية حول دعم اليابان لترميم قصر هشام الأثري في مدينة أريحا. وكما هو معلوم للجميع فإن اليابان تسهم في تعزيز ركائز الاقتصاد الفلسطيني من خلال مبادرتها الهامة بإقامة ممر للسلام والازدهار في منطقة الأغوار الفلسطينية وأريحا، ونتائجها المباشرة في إقامة المنطقة الصناعية الزراعية، التي بدأت فعلاً بعض من مصانعها بالإنتاج.

وأنتهز الفرصة لتقديم الشكر الخاص لدولة رئيس الوزراء آبى، على قرار حكومته بتقديم رزمة دعم اقتصادية إضافية لفلسطين؛ الأمر الذي سيساهم في دعم بناء مؤسساتنا الفلسطينية، وتنمية اقتصادنا الوطني.

وكما نتقدم بالشكر لليابان؛ لاستضافتها مؤتمر دول شرق آسيا للتعاون من أجل التنمية في فلسطين (سيباد)، الذي انعقد في الثالث من فبراير الماضي؛ ونقدم الشكر لجميع الدول التي شاركت في هذا المؤتمر.

لقد أطلعت دولة السيد رئيس الوزراء على مجمل تطورات الأوضاع في فلسطين، وما يعيشه شعبنا من ظروف صعبة جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا، وفرض إجراءاته التي تخنق الاقتصاد الفلسطيني؛ إضافة لتصاعد ممارسات مستوطنيه العدوانية ضد ممتلكات شعبنا ومقدساته المسيحية والإسلامية، وخاصة في مدينة القدس الشرقية المحتلة التي يجري العمل من قبل إسرائيل على تغيير هويتها وطابعها التاريخي والحضاري؛ وأحذر أن هذه الإجراءات حتماً ستؤدي لانحراف الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني.

دولة السيد رئيس الوزراء،

أمام حالة الجمود السياسي، التي تشهدها عملية السلام، وفي ظل إفشال الحكومة الإسرائيلية الحالية لجهود الإدارة الأميركية، والرباعية الدولية، وتعطيلها للاتفاقيات الموقعة معها؛ فإننا ندعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، وتشكيل آلية جماعية دولية لإنهاء هذا الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده، وفق جدول زمني محدد. وفي هذا الإطار فإننا نؤيد الجهود الفرنسية، وتشكيل مجموعة دعم دولية، تشمل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وعدداً من الدول العربية والأوربية، واليابان، وقوى دولية وإقليمية أخرى؛ وقد أجرينا بهذا الصدد مشاورات واسعة مع العديد من القوى العربية والإقليمية والدولية.

وفي نفس الوقت، فإننا نعمل مع اللجنة الوزارية العربية المتخصصة، من أجل تقديم قرار في مجلس الأمن حول الاستيطان؛ بسبب خطورته على الأمن والاستقرار في منطقتنا، وإعاقة حل الدولتين.

وإننا نقدر الجهود اليابانية، ونثمن دور المبعوث الياباني للشرق الأوسط؛ ونرحب دائماً بدور ياباني أكبر في إيجاد حل سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، على أساس حدود العام 1967، وفق قرارات الشرعية الدولية، وضمن سقف زمني محدد، كما أشرنا؛ فنحن لا نريد مفاوضات من أجل المفاوضات، ولن نقبل بحلول انتقالية أو جزئية؛ وسنواصل انضمامنا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، لصون حقوق شعبنا، وترسيخ أسس دولتنا الديمقراطية القادمة.

وعلى ضوء ما تقدم، فإننا نؤكد على ضرورة أن يستجيب المجتمع الدولي لمطلبنا بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا، إلى أن ينال حريته واستقلاله.

وقد استعرضنا مع دولة رئيس الوزراء، ما تعيشه منطقتنا والعالم من أحداث. ونحن إذ ندين الإرهاب بأشكاله كافة؛ فإننا نعبر عن تضامننا مع الدول الشقيقة والصديقة التي تتعرض لإرهاب مجموعات متطرفة تتخذ الدين ذريعة لأعمالها الإجرامية.

نجدد، يا دولة الرئيس، التعبير عن جزيل شكرنا لليابان، ونتمنى لكم شخصياً دوام الصحة والسعادة، ونحن على ثقة بأن اليابان وشعبها العريق والصديق ستحقق المزيد من الرخاء والتقدم.

ويسعدني يا دولة رئيس الوزراء آبي، أن أقدم لكم بعض المنتجات الزراعية المصنعة من قبل شركات فلسطينية تمكنت من إقامة مشروعاتها بفضل الدعم الياباني.

شكرًا جزيلاً.

كلمة الرئيس محمود عباس أمام مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي في دورته الـ26 المنعقدة في أديس أبابا بتاريخ 30 كانون الثاني 2016

يطيب لي بداية أن أعبر لكم عن جزيل الشكر وعميق التقدير على دعوتكم الكريمة لنا للمشاركة في قمتكم العتيدة هذه، والتي تنعقد اليوم في دورتها السادسة والعشرين تحت شعار: 2016 السنة الإفريقية لحقوق الإنسان، مع تركيز خاص على حقوق المرأة.

هذه اللفتة الكريمة من قبلكم والتي أصبحت عرفاً ثابتاً على أجندة قممكم، إنما تؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الدول الإفريقية بالقضية الفلسطينية حتى تحقيق الحرية والاستقلال، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين. دعمكم ومؤازرتكم لنا عبر السنين وفي مختلف المحافل وتأكيدها دوماً في قممكم، إنما يؤكد على اعتباركم لقضية فلسطين قضية إفريقية، وتبنيكم لها ودفاعاً عن حقوقها حتى تجسيد الدولة.

ونحن على ثقة تامة بأن دول وشعوب الاتحاد الإفريقي وهي تمضي بخطى راسخة على طريق التعددية والديمقراطية، ستحقق المزيد من الرخاء والتقدم لما فيه خير ورفاهية شعوبكم، وبهذه المناسبة نهنئ الإخوة والأصدقاء الرؤساء، الذين تم انتخابهم أو أعيد انتخابهم لقيادة بلدانهم وشعوبهم، متمنين لهم جميعاً النجاح والتوفيق في مهامهم السامية.

فخامة الرئيس، الأصدقاء الأعزاء،

إن العالم اليوم يعاني من ظاهرة العنف والإرهاب، الذي تمارسه بعض التيارات المتطرفة باسم الدين، وإننا ندين الإرهاب تحت أية صورة كانت في إفريقيا الصديقة، بل وفي كل مكان في العالم، وتحديداً تلك الاعتداءات الأخيرة في كل من مالي وبوركينا فاسو وكينيا والكاميرون ونيجيريا والنيجر والصومال وقبلها في فرنسا وغيرها.

إن فلسطين التي حظيت على الدوام بدعم ومساندة دولكم وشعوبكم، لتدعم مطالب إفريقيا في إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن تكون لها عضوية دائمة في مجلس الأمن، وكذلك جهودها لإحلال السلام في أرجاء القارة كافة.

ونحن في ذات الوقت على استعداد تام وأكيد لإرساء أسس تعاون مشترك مع اتحادكم ودوله على المستويين الجماعي والثنائي، وجاهزون لتبادل الخبرات، وتوفير طواقم فنية وكوادر فلسطينية عالية التأهيل للعمل في مختلف المجالات الفنية والعملية والبحثية لتحقيق المزيد من التنمية والتطوير بما يعود على الجميع بالفائدة. وفي هذا السياق أعطينا تعليماتنا للوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي (بيكا)، البدء الفوري في التواصل مع دولكم لتوفير تلك الخبرات وتوفير الطواقم الفنية المطلوبة.

فخامة الرئيس، الأصدقاء الأعزاء،

إننا نأمل أن تكونوا قد نجحتم في تكريس وتنفيذ مقررات قمتكم السابقة والطموحة، وأن هذه القمة ستقيم ما تم إنجازه على صعيد منطقة التجارة الحرة القارية، وفي مكافحة الأمراض والقضاء عليها، وتمكين المرأة، وكذلك ما رسمته قمة داكار حول التعليم العالي، وجميعها تعتبر من أهم الروافع للنهوض بإفريقيا.

فخامة الرئيس، أصدقائي وإخواني القادة،

أمام تعثر العملية السياسية وإفشال الحكومة الإسرائيلية لجهود الرباعية الدولية، نحن بحاجة لمساندتكم للدفع بعقد مؤتمر دولي للسلام لتطبيق مبادرة السلام العربية وتطبيق حل الدولتين وإنشاء آلية جديدة ومجموعة عمل دولية على غرار المجموعات التي تعمل لحل أزمات المنطقة مثل 5+1 وغيرها. ونشيد بالجهود العربية والأوربية وبجهود عدد كبير من الأصدقاء من أجل دعم هذا التوجه.

وفي هذا السياق، نرحب بالمبادرة الفرنسية التي أعلن عنها وزير الخارجية الفرنسي فابيوس يوم أمس.

إننا نؤكد على أن الوضع القائم لا يمكن القبول باستمراره، وسنظل نعمل وشعبنا، باستخدام الوسائل السياسية والقانونية، وعبر المقاومة الشعبية السلمية، لإنجاز حقوقنا الوطنية، وبناء مؤسساتنا الوطنية وتطوير اقتصادنا، ولن نرضى باستمرار الاحتلال والاستيطان، ولا بمواصلة سرقة مواردنا ومصادرنا الطبيعية، وحرماننا من استغلال أراضينا والاستثمار فيها.

فخامة الرئيس، أصدقائي وإخواني القادة،

إن المجتمع الدولي وقواه الفاعلة المؤثرة مطالب أكثر من أي وقت مضى، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتوفير حماية دولية لشعبنا في وجه بطش الاحتلال الإسرائيلي، وعبر قرار ملزم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وضمن سقف زمني واضح ومحدد يضمن لشعبنا نيل حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية، التي تتعرض الآن لهجمة غير مسبوقة لتغيير طابعها ومعالمها، وكذلك اعتداءات المتطرفين من الإسرائيليين بهدف تغيير الوضع التاريخي (الستاتوسكو) في الأماكن المقدسة، وخاصة المسجد الأقصى، الأمر الذي سيحول الصراع من سياسي إلى صراع ديني، نرفضه كما رفضناه عبر تاريخنا.

إن ما نسعى لتنفيذه هو رؤية حل الدولتين، فلسطين إلى جانب إسرائيل، تعيشان في سلام وأمن وحسن جوار، وفي ظل الاحترام الكامل لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الشرعية الدولية، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، وتطبيق مبادرة السلام العربية، والإفراج كذلك عن أسرانا كافة.

وفي هذا الإطار، فإننا نجدد التأكيد على ضرورة إنشاء هذه الآلية الجديدة، وعقد المؤتمر الدولي، وتفعيل دور مجلس الأمن، وإننا لن نعود للمفاوضات من أجل المفاوضات ولن نبقى وحدنا نطبق الاتفاقات الموقعة، ولن نقبل أبداً بالحلول الانتقالية أو المؤقتة، وسنظل نعمل من أجل السلام ولا يمكن أن تبقى إسرائيل فوق القانون الدولي.

أما على الصعيد الداخلي فنحن مستمرون في جهودنا من أجل استعادة وحدة أرضنا وشعبنا وإقامة حكومة وحدة وطنية، والذهاب نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية.

فخامة الرئيس، أصدقائي وأخواني القادة ورؤساء الوفود،

إن تحقيق السلام في منطقتنا، من شأنه أن ينزع الذرائع من أيدي المجموعات الإرهابية المتطرفة، والتي تعمل باسم الدين، والتي تستخدم اسم فلسطين والقدس، وعذابات شعبنا تحت الاحتلال، ذريعة لإرهابها وأيديولوجيتها الهمجية والوحشية.

ومن على هذا المنبر الإفريقي العظيم، فإنني أجدد القول بأن الأمن والسلام لن يتحقق في منطقتنا، إلا بانتهاء الاحتلال والاستيطان، ومد الجسور بدلاً من الجدران، ونحن نمد أيدينا لإقامة السلام القائم على الحق والعدل، ونحن باقون هنا على أرضنا، وفي وطننا الذي عمرناه وبنينا عليه هويتنا التاريخية والحضارية وإسهاماتنا الإنسانية منذ آلاف السنين، ولن نرضى عنه بديلا. نعم، قد يستطيعون بآلة حربهم وغطرسة قوتهم قتلنا، والتنكيل بشعبنا، وتدمير بيوتنا ومؤسساتنا، ولكنهم لن يستطيعوا أبداً قتل إرادتنا وفكرنا، وتطلعنا للعيش بحرية وسيادة وكرامة في وطننا فلسطين.

ونحن إذ نثمن مواقفكم الثابتة بشأن فلسطين، لعلى ثقة بأنكم ستواصلون دعمكم وتضامنكم النبيل مع شعبنا في مسيرته التحررية من الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ومقدساتنا.

مرة أخرى أشكركم أيها الأصدقاء على دعوتكم، وحسن استماعكم، وأتمنى لهذه القمة النجاح وتحقيق كل ما تصبون إليه من رخاء وتقدم وازدهار لدول وشعوب قارتكم، معبراً في ذات الوقت عن التقدير لجهود كافة الطواقم الفنية التي عملت على حسن تنظيم وإدارة أعمال هذه القمة العتيدة.

والسلام عليكم،

كلمة الرئيس محمود عباس أمام برلمان جيبوتي بتاريخ 28 كانون الثاني 2016

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ محمد علي حمد، رئيس البرلمان

دولة الأخ عبد القادر كامل محمد، رئيس الوزراء،

أصحاب السعادة الأعضاء الكرام،

الأخوات والإخوة،

يسعدني اليوم أن أكون بينكم، وأن أتحدث إليكم في البرلمان الجيبوتي، وأن أهنئكم بإنجاز هذا الصرح الوطني العتيد، والذي افتتح في العام الماضي، كما نعبر عن سعادتنا بما شهدته وتشهده جيبوتي الشقيقة من عملية بناء وإعمار وتنمية متواصلة، ونتمنى لكم من صميم قلوبنا تحقيق كل ما تصبون إليه من رخاء وتقدم لشعبكم وبلدكم الشقيق.

لقد حققت دولتكم قفزة نوعية على طريق الديمقراطية، في وقت قصير زمنيا، وهذا إنجاز مهم وجب البناء عليه، من أجل ترسيخ الديمقراطية نهجا وأسلوب حياة، وتحقيق أهداف الشعب الجيبوتي في التقدم والازدهار.

دولة الأخ رئيس البرلمان،

الأخوات والإخوة الأعضاء،

أود بداية أن أعبر لجيبوتي رئيسا وحكومة وشعبا عن جزيل الشكر والتقدير على دعم تطلعات شعبنا في الحرية والاستقلال والوقوف إلى جانب فلسطين في المحافل الإقليمية والدولية، كما نقدر عاليا دعمكم ومساهمتكم في بناء مقر لسفارة دولة فلسطين في جيبوتي، والتي تشرفت بوضع حجر الأساس فيها، وسنفتتحها اليوم بإذن الله بمعية فخامة الرئيس، وإننا لنتطلع إلى اليوم الذي نرد فيه الجميل لكم لنتمكن سويا من افتتاح سفارة لجيبوتي في القدس الشريف.

ولا يفوتنا في هذا المقام أن نشيد بمواقف جيبوتي القومية، وتحملها لأعباء كبيرة في مجال استقبال أشقائنا اللاجئين من كل من اليمن والصومال، وتقديم يد العون لهم في محنتهم التي يعيشونها في ظل هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها منطقة القرن الإفريقي، وكذلك ما تبذله بلادكم من جهود من أجل إرساء أسس السلم والأمن في هذه المنطقة، والعمل بقوة مع المجتمع الدولي ومجلس الأمن لمواجهة الإرهاب وأعمال القرصنة.

وفي هذا الإطار فإننا ندين الإرهاب في منطقتنا العربية وفي إفريقيا وجميع انحاء العالم، وقد لبينا دعوة المملكة العربية السعودية للانضمام للتحالف الإسلامي من أجل مكافحة الإرهاب.

الأخ الرئيس،

الأخوات والإخوة،

إن ثقتنا الكبيرة بأن جهودكم في مجال التشريع، ومسيرة البناء الديمقراطي، التي تسيرون على دربها، والحوار الوطني فيما بينكم، إضافة إلى جهود الحكومة في فتح أبواب الاستثمار، وأعمال البناء والتنمية والإعمار، التي تقومون بها في بلدكم الشقيق ستؤتي أكلها، وستنقل بلدكم الشقيق نحو آفاق رحبة من النماء والازدهار، وستسهم في تعزيز الاستقرار، وخلق مزيد من فرص العمل وخاصة للشباب والمرأة، ما سيؤدي لرفع مستوى المعيشة، والتي تخدم شعبكم الكريم، وستمثل نموذجا يحتذى به لمن حولكم في دول الجوار.

وما توجيهات فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيله وإصراره على هذا الانفتاح وإقراره الخطة الخمسية حتى 2019، وخطة جيبوتي للعام 2035 لدليل واضح على أن جيبوتي تسير مع شركائها بالاتجاه الصحيح.

الأخ الرئيس،

الأخوات والإخوة،

إنني أتيكم من فلسطين، ومن أكناف بيت المقدس، حيث ما زال شعبنا يخوض صراعا مريرا مع الاحتلال الإسرائيلي، ويدفع ثمنا باهظا للحرية والاستقلال من دم أبنائه، دفاعا عن كرامتهم وكرامة أمتهم العربية والإسلامية وعن المقدسات الإسلامية والمسيحية، ودفاعا عن الأرض الطاهرة. ففي هذه الأيام تشهد الأراضي الفلسطينية حالة من الغليان والتوتر، وذلك بسبب حالة فقدان الأمل واليأس لدى الشباب، وانسداد الأفق السياسي الذي لا يبشر بمستقبل أفضل وخروج من الحالة الراهنة الناتجة عن استمرار الاحتلال والاعتداء على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس الشريف، خاصة على المسجد الأقصى.

الأخ الرئيس،

الأخوات والأخوة،

ونحن إذ نؤكد من على هذا المنبر العتيد تمسكنا بالسلام العادل القائم على الحق وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية لنجدد القول بأننا لن نقبل أبدا بالعودة إلى المفاوضات من أجل المفاوضات، ولن نلتزم باتفاقات لا تحترمها إسرائيل، وندعو المجتمع الدولي لتوفير حماية دولية لشعبنا فإسرائيل قوة الاحتلال الجاثمة على صدورنا هي سبب كل مآسينا، ولا بد من زوال الاحتلال، ولا بد من أن يصار إلى انعقاد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء مجموعة دعم دولية وآلية متعددة لحل الصراع يتم تبنيها في مجلس الامن عبر قرارات صادرة عنه تدعو لوقف الإستيطان وإلى تطبيق مبادرة السلام العربية، خلال جدول زمني واضح لإنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال لشعبنا ويعيش الجميع في أمان واستقرار.

الأخ الرئيس،

الأخوات والأخوة،

إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية يهدف إلى إضاعة للوقت، وتكريس الاحتلال لأرض دولة فلسطين، وسرقة أراضينا واستغلال مصادرنا الطبيعية، وحرمان شعبنا من العيش بكرامة وحرية وسيادة على ترابه الوطني، ونقول للجميع بأن هذه المنطقة لن تنعم بالأمن والسلام والاستقرار ما لم ينعم بذلك شعبنا، فالحرب تبدأ من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين، وسنظل نلتزم بالمبادئ الأخلاقية والإنسانية السامية والمقاومة السلمية للاحتلال، وسنمضي في بناء أسس دولتنا وحاضرنا وستظل أجيالنا في وطننا فلسطين، ولن نركع ولن نستسلم، بل سنواصل الصمود والعمل السياسي والدبلوماسي، وسنبقى على هذه الأرض نعمل ونبني ونصنع الحياة والمستقبل الواعد ونسهم بدورنا الحضاري والإنساني في أرض الرسالات مهد المسيح عليه السلام ومسرى نبينا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

أجدد شكري وتقديري لكم جميعا أيها الإخوة والأخوات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال حفل الاستقبال الذي أقامته الطائفة الأرمنية لمناسبة أعياد الميلاد المجيدة في كنيسة المهد ببيت لحم بتاريخ 18 كانون الثاني 2016

كل عام وأنتم بخير لأخوتنا وأشقائنا وأحبتنا الأرمن في فلسطين، وفي أرمينيا وفي كل العالم، نتمنى لكم أياما قادمة تحمل الخير والمحبة وتكون أفضل من هذه الأيام التي نعيشها.

نقول من خلالكم إننا بعثنا برسالة إلى فخامة الرئيس الأرمني ساركسيان ندعوه فيها إلى زيارة فلسطين ونتمنى أن يلبي هذه الدعوة.

هذه الفترة تتشابه في كثير من الأمور ونحن كلنا تعرضنا للقمع والإرهاب والهجرة، فكما هاجر الشعب الأرمني من بلاده إلينا ثم هاجر إلى مكان آخر نحن الآن نعاني الأمر نفسه، هاجرنا في الـ48 والآن اللاجئون في سوريا يهاجرون إلى البحر وإلى المنافي وإلى أماكن لا يعلم بها إلا الله، لذلك هناك نقاط تشابه كثيرة بيننا، نحن هنا شعب واحد وأهل وأخوة، نعبد ربا واحدا ونعيش في وطن واحد ونحرص عليه، كلنا بنفس المستوى، أنتم ونحن والجميع، لذلك عندما ظهرت بعض الأصوات التي تقول إنه لا بد أن تتخلص من المسيحيين وخاصة الأرمن، نقول لهم موتوا بغيظكم، سيبقى الأرمن في القدس وفي رام الله وفي بيت لحم، وسيبقى المسيحيون ملح هذه الأرض وسيبقون في أرضهم وبلدهم ومن أراد لهم أن يرحلوا عليه هو أن يرحل ولن يسمح له أحد.

نحن نعاني الكثير من القتل والذبح اليومي، نحن ضد القتل وإسالة دم أي إنسان بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو دينه لذلك نحن نحرص على أي قطرة دم تخرج من أي إنسان.

ولذلك نحن نقول لأخوتنا وأهلنا نحن في حالة يأس وقنوط، ونعرف أن الأبواب مقفلة وأن القيادة الإسرائيلية تحاول أن تقفل كل الأبواب ولكن مقاومتنا ستبقى سلمية ولن ندعو لغير ذلك، وكل يوم لدينا 3 أو 4 شهداء بلا سبب ولا مبرر، ومع ذلك سنصبر وسنصمد على أرضنا.

سنتوجه إلى المجتمع الدولي من أجل توفير الحماية الدولية ومن أجل وقف الاستيطان ووقف كل الممارسات غير الأخلاقية وغير الإنسانية التي تمارسها إسرائيل ضدنا، وسنستمر في مساعينا لنيل الاعتراف بدولة فلسطين من كل دول العالم، والآن أصبح هناك أكثر من دولة والعديد من برلمانات العالم يعترفون بنا، وسيعرف العالم بأننا مظلومون وأن إسرائيل هي المعتدية، وعندما نتحدث عن الاستيطان فإن أوروبا كلها تقول إن الاستيطان غير شرعي ومنتجات المستوطنات غير شرعية.

هناك منظمات حقوقية ستعلن غدا عن رفضها للممارسات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، نحن بالطرق السلمية والدبلوماسية سنصل إلى حقنا وسنبني دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال استقباله لرؤساء وممثلي أبناء الرعية الأرثذوكسية في قصر الرئاسة بمدينة بيت لحم لمناسبة احتفال الطوائف الشرقية بأعياد الميلاد المجيدة بتاريخ 6. 1. 2016

في هذا اليوم السعيد علينا جميعا، والمقدس لدينا جميعا، وفي يوم عيد الميلاد لدى الطوائف الشرقية ولدينا كلنا، فهو عيدنا وعيد للعالم أجمع، فأهنئكم بهذا اليوم السعيد، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يعيده علينا بحال أحسن مما هو عليه اليوم، لقد مر عيد الميلاد لدى الطوائف الغربية ولدينا جميعا، وفي نفس اليوم عيد مولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهو عيد علينا جميعا، ثم مر رأس السنة وهو عيد علينا جميعا، وها نحن اليوم نحتفل بعيد الميلاد للشرقيين، ونحن هنا في فلسطين هو عيدنا وهو يوم مقدس لنا جميعا، لأننا نحن حراس أرض القداسة، نحميها بعيوننا وبسواعدنا ونبعث رسالة سيدنا المسيح للعالم أجمع رسالة المحبة والسلام.

أيها الإخوة الكرام،

مر العام الماضي 2015 وكانت هناك بعض الاحداث التي يجب أن نتذكرها، وأهمها الاتفاق العظيم الذي وقع مع قداسة البابا وهو اتفاق غير مسبوق، وفيه كثير من القضايا الخاصة بالعلاقات الثنائية بين قداسة البابا وبين فلسطين، وأحب ان أطمئنكم أن جميع هذه القضايا حلت، بمعنى كل القضايا التي كانت معلقة حلت حلا يرضي كل الاطراف، لذلك نحن سعداء بهذا الاتفاق ونحن أسعد باعتراف الفاتكان بفلسطين، وهي الدولة العالمية، فالفاتيكان ليس دولة أوروبية، وهي الدولة العالمية التي تعترف بدولة فلسطين، وعندما زرنا قداسة البابا، هو فاجأنا -ونحن خارجون- برفع علم فلسطين على الفاتيكان، وفي اليوم التالي حضرنا تطويب القديسات، أربع قديسات، اثنتان منهن فلسطينيتان، وثالثة إيطالية والرابعة فرنسية، ولكن لننتبه جيدا ان فلسطين أرض القداسة والمقدسات خرّجت قديستين -أي أن نصيبها مساوٍ لكل العالم- والعالم كله خرج قديستين، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قداسة هذا البلد واحترام العام وبالذات الفاتكان لهذا البلد المقدس، الذي يجب علينا أن نحميه بكل ما نملك.

نحن نعرف أن الاوضاع صعبة ومعقدة، وأن الحلول قد لا تأتي اليوم أو غدا، ولكن علينا أن نتمسك ونمسك بإنجازاتنا، فهذا البلد بلدنا نحن حماته ونحن رعاته، ومن واجبنا أن نتمسك به سواء كان هناك حل اليوم أو غدا أو بعد غد، ونحن ههنا قاعدون ولن نتراجع عن حقوقنا كاملة التي نطالب بها.

نحن نعرف خصوصية الأرض الموجودة هنا والتي هي ملك للأشخاص أو الكنائس، ولكن أيضا أحب أن أقول لكم إن كثيرا من هذه الأرض هي مخصصة الآن للإسكان، سواء في القدس أو في بيت جالا أو في بيت لحم، ونحن صممنا على أن تكون هذه الأرض مخصصة لإخوتنا وأبنائنا والأزواج الشابة التي تتزوج، لأنه لا يجوز أن نزوج اثنين وليس لديهما "عش الزوجية"، بكل ما أوتينا من قوة يجب أن نوفر للشباب شققا ومساكن، وهذا ما نسعى له ونعمل عليه وبدأنا به إن شاء الله، ولذلك فإن هذه الأرضي هي أراضٍ مقدسة لن نسمح بتسريبها لأحد أيا كان، هذه أرضنا، هذه ملكنا هذه لأبنائنا واحفادنا ولا نسمح لأحد ان يتصرف بذرة تراب منها، هي لنا إلى الأبد، ولذلك كلنا عيون وكلنا آذان من أجل ان نحول دون أي تسريب من هنا او هناك لأي شخص ولأي مؤسسة، وهذه أموال وقف لا تباع ولا تسرب، إنما هي ملك لنا ملك لمستقبلنا وملك لأبنائنا، وأظن ان هذا مفهوم لكل العالم.

وبالتأكيد نحن في هذا الموضوع -الأماكن المقدسة- نحن في تنسيق كامل مع إخوتنا في الأردن، ولذلك سأمر مرورا سريعا على ما يجري، ونحن متفاهمون تماما، ونأمل أن نصل إلى اللجنة المشتركة التي تعالج كل القضايا بأقصى سرعة ممكنة حتى لا تبقى أزمات أو مشاكل، فهذه إن شاء الله ستحل، وقريبا سترى هذه اللجنة النور من أجل العمل على مستقبل أهلنا وإخوتنا جميعا، فأنا لا أحب أن اتحدث عن الطوائف، فنحن أرثوذكس ولاتين ومسلمون وسنة وشيعة ودروز، نحن كل شيء في فلسطين، فالأرض أرضنا جميعا والأعياد أعيادنا جميعا والأفراج أفراحنا جميعا والأتراح أتراحنا جميعا، هكذا تربينا في هذا الوطن، وسنبقى على هذا إلى الأبد، لا أحد يستطيع أن يفرق أو يتكلم، ونحن لا نملك أن نفرق ولا يجوز ان نفرق ولا نتربى على التفرقة، واحتفالات الطائفة الأرثوذكسية هي لنا وهي لي، وعندما أقول هي للطائفة اللاتينية هي لي، وعندما أقول للسنة هي لي أيضا، وكلها في مرتبة واحدة عندنا.

وفي الموضوع السياسي، نحن بصراحة طلبنا من البداية أن تنفذ إسرائيل التزاماتها تجاه السلام، وسمعت في الأيام الأخيرة كثيرا من الأقوال حول السلطة وهدم السلطة وتدمير السلطة، وأقول إن السلطة هي إنجاز من إنجازاتنا لن نتخلى عنه، لن يحلموا بانهيارها، قد نطوق ونمنع من هنا أو هناك، وقد يصل بعد جنود الاحتلال إلى أماكن محرمة، ولكن لن نخرج من هنا ولن نيأس ولن نستسلم، أرجو ان يكون هذا واضحا لكل الناس.

إننا أيضا نقول لن نسمح ان يبقى الوضع على ما هو عليه، هذا وضع لا يمكن ان نصبر عليه، نحن من جهتنا ملتزمون بكل شيء وهم لا يلتزمون بشيء، أتفق أنا وإياك على شيء أنا انفذ وأنت لا تنفذ، وأعمل وأنت لا تعمل، ونريد أن نعيش بدولتين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها نحل كل قضايا الحل النهائي، ونحن سعداء أن نعيش معهم إلى الأبد، واكثر من ذلك لو حصل هذا هناك المبادرة العربية التي لم يهتموا بها، والتي وزعناها في كل مكان هنا وهناك، وتقول هذه المبادرة إنها لو حصلت فجميع الدول العربية والإسلامية 57 ستتطبع علاقتها مع إسرائيل مجرد حصول تطبيق حل الدولتين، إذا لماذا هذا التعنت ولماذا هذا الرفض، والذي يرفض مثل هذا؟. أعتقد أنه قد لا يريد السلام، وآمل أن يغير رأيه وأن يقبل فهذا هو الحل ليس من عندنا وإنما هو حل جاء من العالم، فقد قلنا في العام 1988 إننا نقبل بحدود العام 1967 وصفق لنا العالم أجمع بما فيها أميركا، وكانت إسرائيل تقول كنوع من التحدي إذا قبلوا بالقرارات الدولية 242 و338 نحن فورا نفتح كل الأبواب معهم، وعندما قبلنا قاطعوا أميركا لأنها تريد أن تتحدث معنا، إذا ماذا تريدون؟ ماذا يريدون؟.

إذا ماذا تريدون، ماذا يريد هؤلاء؟ شاهدنا أن هناك حلولا في المنطقة، حلا مع إيران وحلا لليبيا وحلا لسوريا، نحن أقدم من الكل، وقبل الكل، اللهم لا حسد، لماذا لا تحل مشكلتنا، نحن نريد مؤتمرا دوليا، نريد لجنة دولية تحل المشكلة، اللجنة الرباعية لم تتمكن من التوصل لحل، ونحن نقول ما الحل؟ يقولون اصبر، نقول إلى متى؟.

نقول: مؤتمر دولي ينتج عنه لجنة من دول عربية وأي دول في العالم، وتعالوا إلى حل، إن كنتم راغبين في الوصول إلى حل في الشرق الأوسط، وليعلموا طالما لم يوجد حل هنا لن يكون هناك حل في العالم، والتطرف والعنف والإرهاب ستستمر، حل هنا لن يبقى أحد هناك، ابحث عن العنوان الصحيح، إذا حلوا هنا لن تكون هناك مشاكل ولا تطرف ولا عنف، ولا أي من المنظمات المتطرفة.

ما يجري الآن على الأرض الفلسطينية هنا، نبهنا منه مرارا وتكرارا، انتبهوا يا جيراننا ويا أيها العالم، الآن يحول الصراع إلى صراع ديني، وهذا خطير، ابعدوا عن الأقصى، ابعدوا عن المقدسات، ابعدوا عن المحرمات، خرج أحدهم أمس، لا نريد مسيحيين هنا، ومن هنا تبرر الاعتداءات على الكنائس، فلذلك، الحل هنا أساسا هو الذي ينهي التطرف.

نحن من البداية مع السلام، مع حل عادل ودائم، ومظاهراتنا كلها سلمية، ولكن من المعتدي؟ الشباب ترشق الحجارة وهم يطلقون النار، ومظاهراتنا سلمية وستبقى سليمة، ولكن انتبهوا لا نريد ان نقهر الشعب، ولا أريد ان يصاب الشعب باليأس، وأن يشعر الشباب الصغار أن لا مفر لهم، احذروا من ذلك، حتى نستطيع أن نبني لمستقبل أفضل، ونحن ضد العنف والإرهاب، والدليل عندما دعا الأخوة السعوديون إلى تحالف ضد الإرهاب كنا أول من وقف، نحن مع السعودية بكل ما فعلته، لأننا نرى أنه صواب، ونحن مع السعودية.

بالنسبة للوحدة الوطنية، كنت أتحدث مع بعض الوزراء حولها، منذ 8 سنوات ونحن نقول بصوت واحد نريد حلا بين إخوتنا في غزة، لا نستطيع أن نقول لا علاقة لنا بهم، حتى لو اختلفنا بالسياسة، ذهبنا لمكة وبعدها بـ3 أشهر صار الانقلاب، ثم صار اتفاق في الدوحة ونفسه في القاهرة، واتفاق في غزة، إذن ماذا تريدون؟ عرضنا إذا أردتم حكومة نحن قابلون وإياكم وباقي الفصائل موافقون ومعروف الثمن الذي سندفعه، ولكن نذهب فورا للانتخابات، أمس تلقيت جوابا لا نريد انتخابات.

مصر لديها مشاكل كبيرة مع حماس، وتقريبا أقفلت كل المعابر، مصر لها مصلحة بإقفال المعابر، ولكن نظرت للموضوع نظرة أخرى، ما يأتي غير شرعي تحت الانفاق، ومن يهرب من الأنفاق، لماذا إذا لا نحل هذه المشكلة، ومصر أعلنت موافقتها، كيف نحلها، قلنا وفد يدرس الموضوع، يعني ان نتمكن من نقل البضائع الطبيعية للناس عبر المعابر، والسماح بخروج الناس والدخول، أعلنوا عن موافقتهم، ولكن حتى الآن قالوا إنهم يدرسون هذه الخطوات، ولكن نحن نقول لن نيأس، والوحدة الوطنية مهمة وواجبنا أن نسعى إليها حتى نساعد اهلنا في قطاع غزة، حتى لا يبقوا محرومين، ليعيشوا عيشة الإنسان العادي.

معروف أننا على الصعيد العالمي نحقق ما يمكننا تحقيقه دبلوماسيا وسياسيا، ليست لدينا لغتان، ما نقوله هنا نقوله في أي مكان في العالم، والعالم بدأ يستمع لنا، وكانت هناك اعترافات دولية بدولة فلسطين، 12 برلمانا دوليا ودولة مثل السويد ودولة الفاتيكان اعترفوا بنا، ومستمرون لنذهب لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ليست هواية أو ترفا، نريد أن نحمي شعبنا، هم يعتدون ونحن غير قادرين على حماية شعبنا، نريد وقف هذا السرطان الاستيطاني، الاستيطان منذ عام 1967 إلى اليوم غير شرعي، هذه أرضنا يجب أن يخرجوا منها، كما حدث في قطاع غزة، ونحن نطلب وقف الاستيطان للتفاوض، ولكن لا وقف، لن نقبل ولن نسمح بأن تكون المستوطنات لهم لأنها غير شرعية.

نحن ما زلنا نمد يدنا لإسرائيل، رغم كل هذه المآسي ليس أمامنا إلا السلام، والمفاوضات السلمية للوصول إلى السلام، وأقول لكل الإسرائيليين أتمنى أن تسمعونا وتفهمونا، نحن موجودون هنا ولن نخرج، سنبقى هنا في بيوتنا وفي بلدنا، وإذا كنتم تريدون دولة بنظامين ليس مسموحا، نريد دولة كاملة السيادة ولها كل الحقوق في كل العالم.

بهذا اليوم المقدس، نترحم على شهدائنا ونتمنى لجرحانا الشفاء، ولأسرانا الذين ارتفع عددهم إلى 7 آلاف وأغلبهم أطفال، نتمنى لهم سرعة العودة لأهلهم وذويهم، وأن يحل السلام بيننا وبين الإسرائيليين.