خطابات الرئيس محمود عباس "أبو مازن" 2008

خطاب الرئيس  محمود عباس بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني

17/4/2008

بسم الله الرحمن الرحيم
zzz*z يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحونzzz*z
صدق الله العظيم

الأخوات والإخوة الكــرام،،،
يا أبناء شعبنا العظيم في كل مكان ،،،
أسـعد الله أوقـاتكم ،،،

تُطل علينا اليوم مناسبةٌ تحمل في طياتها مشاعر الألم  العميق وفي نفس الوقت الكثير من معاني الصمود والتحدي والإصرار على انتزاع الحقوق.

إنه يوم الأسير الفلسطيني الذي تحدد بقرار من مجلسنا الوطني في مثل هذا اليوم من كل عام، والذي أضحى مناسبةً يُحييها كل الأشقاء العرب بعد صدور قرار من القمة العربية الأخيرة في دمشق بتحويله إلى يوم عربي، يتضامن فيه أشقاؤنا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، فألف تحية إلى أبطالنا الصامدين خلف القضبان في يومهم المجيد هذا. 

إن إحياء يوم الأسير الفلسطيني لا يعني بأي حال أنه المناسبة الوحيدة التي يتم فيها تذكر أسرانا البواسل واستذكار مآثرهم وبطولاتهم، بل إن كل يوم يمر على شعبنا المناضل هو يوم للشهيد ويوم للأسير ويوم لكل من يصر على حقوقه الوطنية المشروعة التي تقرها قرارات الشرعية الدولية.

فقضية الأسرى والمعتقلين حاضرة على الدوام في تفكيرنا، وفي كل جهد نقوم به من أجل إنهاء الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني. لقد كان ولا يزال قرارنا قاطعاً بأنه لا يمكن تحقيق السلام مع إسرائيل بدون تحرير كل الأسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات الاحتلال. ولا توقيع على أي اتفاق لا يتضمن الإفراج عنهم جميعاً.

بل إننا نُصر على أن البدء في الإفراج عن الأسرى هو مقدمة ضرورية لا بد منها لإنجاح العملية السياسية، وتوفير المناخات المناسبة التي تجعل شعبنا يؤمن بهذه العملية، ويُعبر عن دعمه الأكيد لها في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة منذ العام 1967، وفي مقدمتها القدس الشرقية، وتضمن حلاً عادلاً ومتفقاً عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين كما تنص على ذلك المبادرة العربية للسلام.

ولهذا السبب نحن نطرح موضوع الإفراج عن الأسرى في كل لقاءٍ مع الجانب الإسرائيلي وبخاصةً في لقاءات القمة واللقاءات التفاوضية.

وهذا يشكل أولوية واضحة بالنسبة لنا، والتزاماً لا يمكن أن نحيد عنه تحت أي ظرف. وفي هذا السياق أود طمأنة إخوتي وأبنائي وبناتي من  أسرانا الأبطال وذويهم وكل أبناء شعبنا بأننا استطعنا تثبيت هذه القضية كقضية تفاوضية أسوة بقضايا التسوية الدائمة الست:

 القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات والمياه والأمن.

الأخوات والأخوة الأعزاء:

كما تعلمون نحن نمر بظروف صعبة للغاية في ظل استمرار سياسات الاحتلال وإجراءاته التي تتناقض مع القوانين والقرارات الدولية ومع مرجعيات العملية السياسية بما فيها zzz*zخارطة الطريقzzz*z، وبخاصة مواصلة الاستيطان بكثافة في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، وبالذات في مدينة القدس المحتلة وضواحيها بهدف عزلها التام عن باقي المناطق الفلسطينية، وخلق حقائق على الأرض يصعب معها التوصل إلى اتفاق على أساس حل الدولتين، كما أن القوات الإسرائيلية تكثف اجتياحاتها للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بصورةٍ غير مسبوقة مما يؤدي إلى قتل وإصابة واعتقال أعداد كبيرة من المواطنين.

واللافت أن إسرائيل بدلاً من أن تقوم بالإفراج عن آلاف الأسرى والمعتقلين تتعمد الإفراج عن أعداد قليلة جداً منهم في إطار الإصرار على معاييرها الظالمة، أي أن الإفراجات بالقطارة والاعتقالات بالقنطار، وهذا عملياً يفاقم من مأساة أسرانا ويزيدها تعقيداً.

ومن جهة أخرى تواصل إسرائيل فرض حصارها الجائر على قطاع غزة، وتعرض حياة مليون ونصف المليون من المواطنين الفلسطينيين للخطر، وتُحول القطاع إلى سجن كبير لا مثيل له في العالم.

وللأسف تستغل إسرائيل انقلاب zzz*zحماسzzz*z على الشرعية الفلسطينية، وسعيها المتواصل لتكريس إمارتها القمعية وغير القانونية في قطاع غزة على حساب المصلحة الوطنية، من أجل تعزيز فصل القطاع عن الضفة، التي يتصاعد فيها الاستيطان ويقضم المزيد من أرضنا وجدار الفصل العنصري وما يسببه من أضرار وكوارث، والحواجز العسكرية الإسرائيلية منتشرة في كل مكان في الضفة، وعلى الرغم من المطالبات الدولية المتكررة لإسرائيل بوقف الاستيطان وإزالة الحواجز والتسهيل على المواطنين اقتصادياً واجتماعياً وامنياً.

إننا أيتها الأخوات والإخوة في أمس الحاجة إلى توحيد جهود الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقطاعاته وفصائله ومنظماته، فالوحدة الوطنية هي البديل للانقلاب والسعي لتجزئة الوطن، وهي التي تساهم بصورة جدية وملموسة في حشد الدعم للقضية الفلسطينية وعدم إفساح المجال أمام إسرائيل لمحاولة التهرب من استحقاقات العملية السياسية.

في هذا اليوم الذي يشكل عنواناً لوحدة الشعب الفلسطيني بأسره خلف قضية الأسرى، أكرر دعوتي لحركة حماس للتراجع عن انقلابها وتغليب المصلحة الوطنية العُليا على أي مصالح حزبية أو فئوية ضيقة.

نقول لهم اتقوا الله في شعبكم الذي يعاني الأمرّين في قطاع غزة الحبيب، وعودوا إلى رشدكم وتخلوا عن انقلابكم، واقبلوا بالشرعية الفلسطينية والاحتكام مجدداً للشعب الذي يشكل مصدراً لكل السلطات والصلاحيات، والحَكم الفصل في كل الخلافات والاختلافات.

فهذا هو السبيل الذي يحقق وحدة الشعب والوطن، ويحمي حقوقنا، ويعزز قدرتنا على مواجهة سياسة الاحتلال، ويسرع في الوصول إلى الحرية والاستقلال.

أبناء الوطن الأعزاء:

أؤكد لكم أننا مهما فعلنا من أجل أسرانا الأبطال لا نستطيع أن نفيهم حقهم أو نعوضهم عن معاناتهم وآلامهم، كيف لا وهم يتقدمون صفوف المدافعين عن الوطن والشعب، ويضحون بزهرة شبابهم وأعمارهم وحريتهم من أجل أن يحيا شعبهم حراً كريماً على أرض وطنه.

ولكن الاحتفال بيوم الأسير، الذي هو واجبٌ وطني، هو إشارة وفاءٍ وتكريم لأحبائنا وعنوان صمودنا.

مرةً أخرى أبعث بأسمى آيات التقدير والاحترام لكل أسرانا  وأسيراتنا في سجون الاحتلال وفي المقدمة منهم الأسرى القدامى وعلى رأسهم عميد الأسرى سعيد العتبة والقيادات السياسية: مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعزيز الدويك وجمال حويل وحسن يوسف وحسام خضر وجمال الطيراوي وأبو علي يطا وفؤاد الشوبكي وكل القادة في سجون الاحتلال والأسيرات البطلات والأشبال والمرضى والشيوخ، لهم جميعاً منا ومن كل شعبنا التحية.

الحرية للأسرى والمعتقلين،،،
والنصر لشعبنا المكافح،،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

خطاب السيد الرئيس بمناسبة ذكرى النكبة رام الله

15/5/2008

 


بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات أيها الإخوة،

يا أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد على أرض وطنه وفي الشتات..
أيها الفلسطينيون صناع معجزة الصمود والبقاء في وجه الاجتثاث والتهجير..

أتوجه في هذا اليوم، الذي نُحيي فيه الذكرى الستين للنكبة، بكل التقدير والتحية لكل مواطنة ومواطن فلسطيني في شتى بقاع الأرض، وإلى أسرانا وأسيراتنا البواسل، وأبناء وزوجات وآباء وأمهات الشهداء، وإلى جرحانا، وإلى لاجئينا في لبنان والعراق ومختلف أماكن الشتات، وإلى أهلنا في قطاع غزة الحبيب، وإلى كل أولئك الذين ولدوا بعيدين عن الوطن، ولكن الوطن حي فيهم.

ستون عاماً مرت على نكبة شعبنا واقتلاع مئات الآلاف من أبنائه من وطنهم ومنازلهم وأرضهم، وتشردهم في مشارق الأرض ومغاربها، وأصبحوا اليوم يُعَدون بالملايين.

نُحيي هذه الذكرى لا لمجرد التأسي، بل للتذكير بالكفاح الطويل والمجيد لهذا الشعب الذي لم تُثنه جراحاته وآلامه ومعاناته عن النهوض كطائر الفينيق، يواصل الحياة متشبثاً بفكرة الوطن ونقلها للأجيال المتلاحقة جيلاً إِثر جيل، يفعل المستحيل عملاً وعلماً ليبقي اسم فلسطين حياً، فهو المساهم والمشارك في بناء وتنمية دول المنطقة، وهو الناشر والمعّرف بقضيته الوطنية والإنسانية التي أصبحت في مركز اهتمام الدول والشعوب وغدا التضامن معها رمزاً من رموز نضال حركات التحرر الوطني في العالم بأسره.

لقد حمل شعبنا جمرة أحلامه، المشابهة لأحلام كل البشر، في العودة إلى دياره، وإقامة دولته المستقلة، وحوّل قضيته عبر ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، من قضية إنسانية إلى قضية وطنية وسياسية بامتياز، وأصبح اللاجئون الفلسطينيون المشردون مناضلين من أجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير.

فَتحْتَ راية م.ت.ف اكتسب النضال التحرري الفلسطيني طابعه الوطني والعالمي، وفرض القضية الفلسطينية على جدول أعمال العالم ومؤسساته الدولية واهتمامات شعوب العالم وتضامنه الذي شهدناه ونشهده اليوم في معارك شعبنا ضد الاحتلال ومظاهره.

ستون عاماً قضت، ولا زلنا هنا وهناك متجذرين في الأرض، ومتشبثين بالأمل في العودة، والخلاص وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض لأرضنا وشعبنا، وكنا ولا زلنا نحمل رسالة لا لبس فيها، آن لشعبنا الفلسطيني أن يتمتع بالتحرر والسلام.

آن لشعبنا أن يُسخر طاقاته وإمكانياته العظيمة لبناء وطنه ومستقبل أبنائه، آن للطفل ألا يخشى فقدان أبيه وأمه، آن لتلاميذنا الصغار أن يذهبوا إلى دروسهم دون أن تصطادهم قذيفة أو رصاصة، كما حدث مع الآلاف من أطفالنا وطلابنا الصغار، آن الأوان لهذا الاحتلال أن يرحل عن أرضنا ودمنا، آن لهذا العار الإنساني الذي يُسمى نكبة الشعب الفلسطيني أن ينتهي.

يا أبناء شعبنا في كل مكان،

على هذه الأرض الطيبة والحبيبة يعيش شعبان يحتفل أحدهما باستقلاله والآخر يتألم في ذكرى نكبته، ستون عاماً مرت ونحن على هذه الأرض نعيش الضدين.

أما آن الأوان لمعاناة شعبنا وترسيخ نكبته أن ينتهي؟، أما آن لإسرائيل أن تستجيب لنداء السلام العادل والشامل وتحقيق المصالحة التاريخية بين الشعبين، على هذه الأرض المقدسة والمعذبة؟.

لقد تعالى شعبنا على جراحه وآلام نكبته، وتشرده في بقاع العالم وجعل من صنع السلام خياره الاستراتيجي، ليس ضعفاً ولا استسلاماً، بل رغبةٌ في بناء مستقبل هذه المنطقة ومستقبل أبنائها.

إننا وفي الذكرى الستين لنكبة شعبنا نجدد تمسكنا بثوابتنا للسلام، السلام الذي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام67 وفي القلب منها القدس الشريف وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار 194.

إن أمن إسرائيل مرتبط باستقلالنا وأمننا، واستمرار الاحتلال وديمومة النكبة لا يجلب الأمن لأحد. فقط إنهاء الاحتلال هو الذي يجلب الأمن،  وهذا ما دلت وتدل عليه تجارب الاحتلال في العالم.

يا أبناء شعبنا المناضل،

في الذكرى الستين للنكبة نتذكر بالإجلال والإكبار شهداء ثورتنا وأسرانا في السجون، نتذكر أهلنا في الشتات ونعاهدهم أن راية التحرر والاستقلال ستبقى خفاقة حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

وبهذه المناسبة الأليمة نتذكر الرئيس أبا عمار الذي نهض ورفاقه من تحت رماد النكبة حتى يحموا من جديد بقاء الهوية الوطنية الفلسطينية التي تعرضت لخطر التبديد والضياع، وحتى يصونوا قرارنا الوطني المستقل الذي افتقدناه منذ فقدنا وطننا، كما نتذكر المرحوم أحمد الشقيري مؤسس وباني هوية هذا الشعب، ونتذكر خليفته المرحوم يحيى حمودة.

فإلى الشهداء، كل الشهداء...من رمزهم ورمزنا ياسر عرفات الى آخرهم الأم وأطفالها الأربعة من عائلة ابو معتّق في بيت حانون، نؤكد لهم أن كفاحنا اليوم في جميع ميادينه الوطنية والسياسية والشعبية إنما يهدف إلى إنهاء عهد المآسي والآلام وبدء عهد الحرية والاستقلال بكل معانيه وأبعاده، حتى لا يبقى لاجئ واحد يعاني من اللجوء والتشريد، ولا يظل أسير واحد في زنازين المحتل، ولا أم تخشى على مستقبل أبنائها.

إننا نكافح اليوم حتى يكون لأبناء شعبنا الصابر، الصامد، وطن وأرض ودولة مستقلة ينتمون إليها ويعتزون بها بين شعوب العالم.

يا أبناء شعبنا الوفي،

مُنذ أن رفعنا راية الثورة الفلسطينية المعاصرة في مطلع عام 65، والمؤامرات تتوالى علينا وضدنا لكي تحرمنا من حق لنا طال انتظاره، وهو الحق في الحرية والمساواة والعودة وتقرير المصير.

وقام أعداءٌ كُثر لهذا الشعب بمحاولات إغراق حلمه بالتحرر في بحور من الدم والعذاب، لكنه أثبت أنه أقوى من جلاديه، وأن عزيمته أشد وأمضى من مأساته التي لم يشهد العالم مثيلاً لها.

كم حاولوا شق صفوفنا وتمزيق وحدتنا، وضربَ تمثيلنا الشرعي والوحيد الذي تجسده منظمة التحرير الفلسطينية، ففشلوا جميعاً، وقويت جذورنا الضاربة عميقاً في أرضنا، وبقينا نمسك بالزمام بأيدينا.

واليوم نواجه محاولة الانفصال في غزة هاشم، قطاعِنا الحبيب، الذي مثل دائما مدرسة في الصمود والإباء والتضحية، لكن تاريخ هذا الشعب المجاهد العظيم يُعلّم الجميع دروساً لا يجب عليهم نسيانها، وهي أنه قادر، وقادر بإذن الله، على لملمة جراحه وصون وحدته والإبقاء على تقرير مصيره بيده، وإحباط كل محاولة للمساس بشرعية تمثيله ورسوخ هويته الوطنية المميزة.

وأستذكر هنا ما قاله القائد ياسر عرفات يوماً من على منبر الأمم المتحدة.. إن الحرب إذا كانت بدايتها فلسطين، فإن السلام تصنعه فلسطين.

وأُجدد القول أن يدنا الممدودة للسلام بدون ضعف أو تهاون، هي اليد التي كافحت طوال ستين عاماً وأكثر من أجل الحرية فأصبحت أشد عزماً وثقة واقتداراً.

وعليه نؤكد اليوم أن الاستيطان واستمراره يدمر فرص السلام، ونقول لحكومة اسرائيل إن كل مشاريع الاستيطان وبخاصة حول القدس بما فيها مشروع zzz*z E1zzz*z الذي يحاولون إحياءه يجب أن يتوقف إذا أرادوا عدم إضاعة هذه الفرصة المتاحة أمامنا اليوم.

نحن مستعدون للسير في المفاوضات حتى الوصول الى اتفاق سلام شامل يقود إلى إنهاء الاحتلال وقيام دولتنا المستقلة على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشريف، وتأمين العدل والعودة للاجئين وفق القرار 194.

إن عذابات وآلام ستين عاماً من التشرد والقهر والظلم والاحتلال لم يجعلنا نفقد الثقة بأنفسنا وبأمتنا العربية والإسلامية العظيمة التي وقفت وتقف معنا اليوم متمسكين معاً بمبادرة السلام العربية التي تُمثل أهم فرصة إذا أرادت إسرائيل سلاماً حقيقياً، راسخاً ودائماً مع محيطها العربي والإسلامي.

أيتها الأخوات والإخوة،

رغم حلكة الليل الطويل فإن الفجر قادم لا محالة... يا إخوتي وأبنائي، يا آباء الشهداء وإخوتهم وزوجاتهم وأبنائهم وأمهاتهم، يا أسرانا في السجون وعائلاتهم الصامدة الصابرة، الفجر آت، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون.

ويا أبناء أجيالنا الجديدة التي نشأت في ظل النكبة والتشرد والاحتلال، لكم ومعكم نصنع مأثرة السلام القائم على العدل والحرية والاستقلال والعودة حتى يكون غدكم أفضل من حاضرنا وماضينا، وسيكون حتماً بإذن الله.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: zzz*zونريد أن نَمُنَ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعَلَهم أئِمة ونجعَلَهم الوارثين، ونمكن لهم في الأرض، ونُريَ فرعون وهامان وجنودَهما منهم ما كانوا يحذرونzzz*z. 
صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


خطاب السيد الرئيس محمود عباس  في ذكرى عدوان الخامس من حزيران رام الله

 4 /6/ 2008

بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات،  أيها الأخوة

في ذكرى عدوان الخامس من حزيران 67،  وجدت لزاما علي أن أخاطبكم وأصارحكم حول مجمل القضايا والمواقف التي تحتل مركز الصدارة لدى شعبنا الصامد في وطنه وفي مخيمات اللجوء والشتات،  وفي سجون الاحتلال ومعتقلاته.

وبداية أود أن أؤكد لكل أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية أن مرور الوقت والعقود على احتلال أرضنا لن يجبرنا على التخلي أو التنازل عن شبر واحد من هذه الأرض الطيبة التي قررت القمم العربية المتلاحقة وكذلك المجتمع الدولي ومجلسنا الوطني الفلسطيني أن نقيم فوقها دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وليس أمام إسرائيل إن أرادت الأمن والسلام إلا الانسحاب الكامل والشامل من الأرض الفلسطينية والعربية حتى خط الرابع من حزيران 67

 إننا مع السلام الشامل والعادل، لكنه لا يمكن أن يتحقق السلام والأمن بحراب الاحتلال وجرافات الاستيطان.  وإن القرارات الإسرائيلية بضم القدس وبناء المستوطنات فيها وفي الضفة وجدار الفصل العنصري هي باطلة ولاغية ولا يمكن أن يقوم سلام على أساسها.

إن سياسة فرض الوقائع الاستيطانية بقوة السلاح لن تجدي نفعاً مع شعبنا الفلسطيني الذي لن يتنازل عن قدسه الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويؤكد تمسكه الكامل بحقوقنا الوطنية الثابتة وبحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين حسب القرار 194.

وعلى الجميع أن يكون على ثقة بأن اللقاءات والمفاوضات التي تجري بين فترة وأخرى، إنما هي مناسبة لنؤكد فيها على ثوابتنا لتحقيق السلام الشامل والعادل ولنبدد أوهام الجانب الإسرائيلي حول القدس الشريف وحول كل وجود استيطاني في أرضنا الفلسطينية ولنضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. 

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

وإنني من هنا أدعو الأسرة الدولية إلى التدخل لوقف الحصار الظالم عن أهلنا في قطاع غزة، وأدعو أمتنا العربية إلى التحرك على الصعيد الدولي، لرفع هذا الحصار الذي يشكل جريمة حرب ضد شعبنا الفلسطيني.

وإنني هنا أحيي أهلنا الصامدين في أرض الوطن في الضفة والقطاع والقدس الشريف وفي الشتات، وأؤكد لهم أننا نبذل كل جهدنا وصولاً إلى التهدئة ورفع الحصار عن قطاع غزة.

واسمحوا لي أن أعلن لكم قرارنا الوطني الصادق والذي يعكس حرصنا على وحدة وطننا وشعبنا وفي سبيل رفع الظلم والحصار الواقع على أهلنا.

لقد جاء هذا القرار بعد سلسلة متواصلة من الاجتماعات واللقاءات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومع القوى والفصائل الوطنية، وحظي بإجماع الجميع، وكلنا أمل أن يشكل هذا القرار أرضية مشتركة وصفحة جديدة في حياتنا الوطنية.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

انطلاقا من الحرص على وحدتنا ومستقبلنا الوطني الواحد، وتجاوباً مع العديد من الدعوات الصادقة الفلسطينية والعربية والصديقة التي تدعو إلى إنهاء الانقسام وإعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل 13 حزيران 2007،  فإنني أدعو إلى حوار وطني شامل لتنفيذ المبادرة اليمنية بكل عناصرها كما قررت ذلك القمة العربية في دمشق، وذلك لإنهاء ظاهرة الانقسام الوطني الذي ألحق أفدح الضرر بقضيتنا والمزيد من المعاناة لشعبنا في غزة والذي يُشكل خطراً أكيداً على مشروعنا الوطني في الاستقلال والحرية.

ومن أجل إنجاح هذا الحوار الوطني، فإنني سأتحرك على المستويين العربي والدولي لضمان الدعم والتأييد لهذا التوجه، بما يعيد لشعبنا وحدته الوطنية التي تشكل ضمانتنا الأقوى لاستعادة حقوقنا الثابتة في تقرير المصير والعودة وإقامة دولتنا المستقلة.

ونتيجة لهذه الجهود وتتويجاً لها، فإنني سأدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.

واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ستعمل معي على توفير كل الظروف الملائمة لإنجاح هذا الحوار، الذي نأمل أن يعيد اللحمة والوحدة ورفع الحصار الظالم عن شعبنا وحماية وتعزيز نظامنا السياسي التعددي الديمقراطي ومشروعنا الوطني.

والسلام عليكم ورحمة الله

 

خطاب السيد الرئيس أمام مؤتمر الاشتراكية الدولية أثينا

1-7-2008

الصديق العزيز الرئيـس جورج باباندريو،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعـادة،
الضيـوف الكـرام،
أيتها السيدات والسادة،

اسمحوا لي بداية أن أتوجه بالشكر إلى الاشتراكية الدولية لدعوتها لنا للقاء مرة أخرى، كعائلة سياسية واحدة، حيث تحتضن اللقاء مدينة أثينا، التي ارتبط اسمها بالديمقراطية – تراثنا والتزامنا المشترك، وأود من خلال رئيس الاشتراكية الدولية أن أتقدم بالشكر من اليونان، شعباً وحكومة، على ما قدمته وتقدمه من دعم صادق لشعبنا الفلسطيني.

وأود اغتنام هذه الفرصة بمناسبة عقد المؤتمر الثالث والعشرين للاشتراكية الدولية، الذي يلتقي فيها هذا الحشد الكبير لإلقاء الضوء على تحديات الوضع الراهن، حتى نحاول معا الوصول إلى تفاهم بشأن الخطوات الواجب اتباعها من أجل أن تتقدم قضية السلام، ولكي لا تضيع الفرصة المتاحة أمامنا اليوم كما ضاعت فرص عديدة في الماضي.

وعندما أقول فرصة، فذلك يعني أن هنالك عملية سياسية بدأت في أنابوليس في الولايات المتحدة قبل أكثر من سبعة شهور، وحظيت على أوسع تأييد دولي وغير مسبوق، وكان يراد منها إعطاء الأمل للوصول إلى اتفاق سلام ينهي الاحتلال العسكري والاستيطاني ويقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على خط الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، ويوفر حلاً عادلاً ومتفقا عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق الشرعية الدولية.

إن عملية التفاوض الجارية بيننا وبين جيراننا الإسرائيليين، بمشاركة وزيرة خارجية الولايات المتحدة، وباطلاع وثيق من اللجنة الرباعية الدولية، والمستمرة منذ إطلاقها في أنابوليس لا تزال العقبات أمامها كبيرة ولا تزال الهوة واسعة في المواقف، ولا يمكن التغلب عليها إذا لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية مواقف وإجراءات حازمة تؤكد رغبتها الجدية في حماية هذه الفرصة التي يصعب تكرارها لتحقيق السلام .

إن الرأي العام في بلادنا، ولا أقصد في فلسطين وحدها، بل في المنطقة بأسرها، يتساءل وبحق عن معنى السلام الذي نسعى للوصول إلى إنجازه وديمومته، وعن جدوى العملية السياسية الجارية، في الوقت الذي تتواصل فيه على الأرض إجراءات وانتهاكات بما في ذلك الاغتيالات كما كان يحدث طوال عهود ومراحل الاحتلال وبدون أي تغيير.

إن مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، وإقامة بنية تحتية احتلالية جديدة تعزل التجمعات السكانية الفلسطينية وتفرض ما يشبه نظام الكانتونات والمعازل، هي سياسة ونهج مستمران في التطبيق كل يوم وبنشاط محموم، وأما القدس فهي تطوق بالجدار العازل وبمزيد من المشاريع الاستيطانية حولها وفي داخلها، ولا يحق لمواطنينا الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين زيارة أهلهم في القدس أو الوصول إلى الأماكن المقدسة، أو التواصل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي مع مدينتهم المقدسة.

إن القدس محرومة من أية مؤسسات ذات طابع وطني واجتماعي بعد إغلاق أهم مؤسساتها الوطنية، والنشاط الثقافي والاجتماعي مقيد إلى أبعد الحدود.

إضافة إلى أن الجدار العازل يدمر حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم قرى وبلدات عديدة صارت محرومة من التواصل الحر مع بقية أرجاء المناطق الفلسطينية، وفي رقعة صغيرة مثل الضفة الغربية يمكنكم أن تتصوروا الأثر الذي يخلفه وجود أكثر من 650 حاجزا عسكريا على مداخل القرى والمدن والبلدات المختلفة بما يعيق المرور والنشاط الاقتصادي والاجتماعي وكل أشكال التواصل الإنساني.

ويمكنكم كذلك تصور ما يعنيه وجود أكثر من أحد عشر ألف سجين فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية بالنسبة لشعبنا، أو أي شعب آخر يوازي شعبنا في العدد وفي حجم رقعة الأرض التي يعيش عليها، ومع ذلك فإن عمليات الإفراج عن السجناء تتعطل بمن فيهم نواب ومسؤولون في مؤسسات سلطتنا الوطنية، بالرغم من وجود أكثر من اتفاق وتفاهم في السابق للإفراج عن أعداد كبيرة منهم، وخاصة النساء والأطفال والمرضى وكل الذين قضوا أكثر من عشرين عاماً في سجون الاحتلال.

هنالك ظلم فادح لا يعقل أن يستمر، ونحن نسعى لإقامة عالم يفتح أبوابه ونوافذه على بعضه البعض دون قيود، ويرسخ قيم العدالة والتسامح والمساواة والحرية لجميع الشعوب والأفراد.

إن عملية السلام لا يمكن أن تنجح إذا لم نستطع كسب الرأي العام في إسرائيل وفلسطين والمنطقة بأسرها لحمايتها ولضمان استمرارها وللدفاع عن النتائج التي نتوصل إليها، ولا يمكن كسب الرأي العام أبدا بالأقوال وحدها وإنما بالأفعال التي تثبت مصداقية الأقوال والنوايا.

ورغم كل هذا الوضع المأساوي الذي نعيشه، فقد قررنا إعطاء محادثات السلام فرصة حتى تستمر، وحتى يمكن للعالم الذي يتوق إلى إقامة سلام عادل ودائم أن يقوم بدوره في مساعدتنا لإنهاء هذا الوضع، ولإنجاز هدف قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، ولكن هذه الفرصة لا يمكن أن تكون مفتوحة إلى ما لا نهاية، خاصة وأن المجموعة العربية قد أكدت ومن خلال مبادرة السلام العربية على الاستعداد لإنجاز سلام شامل ودائم بين دول المنطقة كلها، إذا تم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية عام 67، وتوقف الاستيطان الإسرائيلي بشكل فوري، وإذا قامت دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وتوفر حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، والمبادرة العربية التي اعتمدت في قمة بيروت العربية ثم في اجتماع وزراء الخارجية للدول الإسلامية في طهران تعني من جملة ما تعنيه أن سبعا وخمسين دولة عربية وإسلامية ستطبع علاقاتها مع إسرائيل.

إن على إسرائيل تقديم الجواب، وأما نحن من جانبنا فقد قلنا جوابنا بشكل واضح ودعمنا ذلك بأفعال وإجراءات ملموسة، لقد أكدت سلطتنا الوطنية وبدون تردد استعدادها لتحقيق سلام تعاقدي وفق خطة خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية ورؤية الدولتين التي أعلن عنها الرئيس الأميركي بوش.

وقد عملنا كل ما في وسعنا ومنذ أكثر من ثلاث سنوات لتوفير أجواء ملائمة لعملية السلام، حيث دعونا وبذلنا أقصى الجهد لتحقيق التهدئة ووقف دورة العنف، وها نحن اليوم نشهد بعض الخطوات التي تحققت في هذا الاتجاه لوقف نزيف الدم في قطاع غزة ولتوفير فرص جدية من أجل رفع الحصار والطوق الذي فرض على شعبنا داخل القطاع خلال مدة تزيد عن عام كامل.

ومن جانب آخر، فقد عملنا مع حكومتنا على إعادة بناء أجهزة الأمن الفلسطينية بل وعلى توفير الأمن لشعبنا وفرض النظام وحكم القانون في أجزاء واسعة ومدن عديدة من الضفة الغربية، وهو تحول هام للغاية ترك أثراً كبيراً على حياة الشعب وعلى توفير مناخ ملائم للنشاط الاقتصادي ولدورة الحياة بمختلف جوانبها بالرغم من القيود الاحتلالية المستمرة.

وجاء مؤتمر بيت لحم الاقتصادي الذي عقد قبل أسابيع عدة وبمشاركة زهاء أربعة آلاف مشارك من رجال الأعمال في فلسطين والبلدان العربية والصديقة، حتى يؤكد ثقة مجتمعنا وعالمنا المحيط بنا، القريب والبعيد، في صواب نهجنا السياسي والاقتصادي، وفي إبداء الاستعداد لدعم هذا النهج وتشجيع النمو الاقتصادي وعملية البناء في فلسطين، باعتبار أن هذا البناء يشكل ركيزة من ركائز السلام العادل في منطقتنا ويدعم المفاوضات السياسية الجارية حتى الآن.

ولكن هذا كله لا يخفي عنا الحقيقة المؤلمة والتي تشير إلى أن أمامنا طريقا طويلا يحتاج السير فيه للوصول للنجاح، إلى دعم دولي متزايد وواسع وخاصة من جانب الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى جهود اللجنة الرباعية الدولية والمجتمع الإنساني عامة.

إن مجتمعنا وبسبب سياسة الاحتلال والحصار يعاني من نسبة بطالة تفوق الخمسين في المئة. ولولا جهود سلطتنا ودعمها للفئات الأكثر فقراً، بالترافق مع جهود الاتحاد الأوروبي والدول العربية الشقيقة والمجموعة الدولية ومؤسساتها والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة لكنّا نواجه مأساة إنسانية هائلة تهدد النسيج الاجتماعي والأمني والسياسي بأفدح المخاطر.

إننا نأمل الوصول قبل نهاية هذا العام إلى اتفاق حقيقي يؤسس لإنهاء الاحتلال وللوصول إلى عهد جديد من السلام بين فلسطين وإسرائيل، ومع سائر دول وشعوب المنطقة. ولست في حاجة إلى التذكير بأن السلام والأمن هو حاجة لنا مثلما هو حاجة لإسرائيل، وأن الأمن لا تجلبه القوة العسكرية وحدها بل تحققه المصالحة التاريخية والحدود المفتوحة والتسويات العادلة للنزاعات وفق قواعد القانون الدولي والإنساني.

وسنظل نعمل حتى تبقى هذه العملية السياسية حية على أسس فعلية وجادة وليس أسساً واهية ومخادعة، وحتى نفوت الفرصة بالتالي على أعداء السلام في منطقتنا وعلى القوى الساعية إلى نشر بذور الكراهية والعداء بين الأمم والثقافات والأديان في الشرق الأوسط والعالم.

وأؤكد من هذا المنبر كذلك على دعمنا الكامل لمسيرة السلام بين سوريا وإسرائيل لإنهاء احتلال الجولان العربي السوري، وأننا نعتبر كل تقدم على المسار بمثابة دعم لمسارنا ولعملية السلام بيننا وبين إسرائيل، كما أؤكد على أهمية إيجاد حل ينهي احتلال مزارع شبعا من خلال دور الأمم المتحدة.

السيدات والسادة،

لقد دعوت قبل شهر من الآن إلى حوار فلسطيني وطني شامل لتنفيذ المبادرة العربية بشأن إنهاء الوضع الشاذ في قطاع غزة، والذي نتج عن الانقلاب العسكري الذي وقع قبل أكثر من عام، وأؤكد من هذا المنبر أننا سنبذل كل جهدنا من أجل وضع حد للانقلاب والانقسام الذي عزل قطاع غزة عن جسم الوطن الفلسطيني وعن العالم. ونحن في ذات الوقت كنا ولا نزال نشدد على أن هذا الوضع الشاذ لا يجب أن يسمح أو يبرر معاقبة شعبنا بأسره في غزة عبر الحصار والتجويع وسائر أشكال العقوبات الجماعية.

وأود أن أؤكد أيضاً أن سبل حل الخلاف الداخلي لا تكون عبر أسلوب تقاسم الحصص والنفوذ، فهذا أسلوب نرفضه، ولا يشكل سوى مدخلٍ لمزيد من تمزيق وحدة الوطن والمجتمع. إن أهم السبل التي تتفق مع مصالح شعبنا ومع قواعد الديمقراطية في عالم اليوم، هي العودة إلى الشعب عبر الانتخابات التشريعية والرئاسية ووفق ما أكد عليه قانوننا الأساسي، وهذا الأمر يشكل القاعدة الرئيسة التي نعتمدها ونسير وفقها للخروج من الأزمة الداخلية الفلسطينية، وحتى نمنع استعمال القوة العسكرية في المستقبل من أجل انتزاع مكاسب سياسية .

السيد الرئيس / أيها الأصدقاء

الاشتراكية الدولية هي بيتنا وهي عيوننا التي ننظر بواسطتها إلى عالم اليوم ... ونحن على ثقة بأن جهودنا وجهودكم التي حققت في الماضي إنجازات هائلة في مجال التقدم الإنساني سوف تثمر قريباً، لنصل لشرق أوسط يخلو من العنف والاحتلال والإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، شرق أوسط لشعوبه، وللقوى الحية والديمقراطية التي تحمل أمل الشعوب في مستقبل أفضل.
                 
شكراً لكم،،،

 


خطاب السيد الرئيس بمناسبة انتخاب المجلس المركزي الفلسطيني له رئيسا لدولة فلسطين رام الله

25 تشرين الثاني 2008

يا أبناء وبنات شعبنا العظيم في داخل الوطن وفي مخيمات اللجوء.. وفي المهاجر والمنافي..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

يوم أمس، تشرفتُ بقرار مجلسكم المركزي، أعلى سلطة في منظمة التحرير الفلسطينية في غياب المجلس الوطني، بانتخابي رئيساً لدولة فلسطين.

وأنا إذ أقف اليوم أمامكم مُعبراً عن اعتزازي بهذا التكليف، فإني أعاهدكم أن أواصل العمل معكم ومع جميع قوى ومؤسسات وفعاليات شعبنا، من أجل تجسيد قيام دولة فلسطين كحقيقة راسخة فوق أرضنا الوطنية.. فلسطين دون احتلال أو استيطان أو زنازين أو سجون ومعتقلات، فلسطين الحرة المستقلة، وفق قرارات الشرعية الدولية وعاصمتها القدس الشريف.

إنني إذ أُقدر إجماع مجلسنا المركزي في عملية الانتخاب التي تمت، فإنني أشعر بعظم المسؤولية وضخامتها، لأنها تعني الحفاظ على راية ياسر عرفات، أول رئيس لدولة فلسطين، عالية شامخة، وأن تبقى وصيته في حماية انجازات شعبنا وفي المقدمة وحدته الوطنية، ووحدة شرعيته، من خلال منظمة التحرير الفلسطينية مُصانة، نحميها بالمُهج والأرواح، ونُدافع عنها صفاً واحداً لأنها صمام الأمن للوصول إلى إحقاق حقوقنا الوطنية الثابتة وفي مقدمتها العودة وتقرير المصير وانجاز الاستقلال الوطني على أرضنا المحتلة مُنذ العام 1967.

فإلى روح ياسر عرفات وأرواح كل الشهداء والى آلاف الأسرى الصامدين في السجون، والى كل فلسطيني وفلسطينية في جميع أرجاء الوطن وفي كل مخيمات اللجوء خارج الوطن، هذا عهد منا أن نسير معاً متكاتفين متضامنين حتى تَرفع دولة فلسطين علمها على أسوار القدس ومآذن القدس وكنائسها، إعلاناً منها عن طي صفحةِ الحروب والآلام وعذاب عشرات السنين لملايين الفلسطينيين، وعن فتح صفحة السلام والنمو والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لفلسطين وشعبها، فلسطين التي يعيش فيها نساؤُها ورجالها متساوين أحراراً، وتنعم فيه الأجيال الجديدة، بحقها في حياة آمنة مشرقة ومزدهرة.

إن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو يواصل قيامه بدوره هذا اليوم، فإنه بذلك يحمي الشرعية الفلسطينية التي يريد الانقلابيون في غزة شرخها وتمزيقها، سعياً منهم إلى الا يبقى لشعب فلسطين عنوانا واحدا، يخاطب العالم كله، ويقول للقريب والبعيد، وللصديق والخصم، إن حقوقنا واحدة وأساسها الشرعية الفلسطينية ممثلةً في وثيقة إعلان الاستقلال، والشرعية العربية التي تُعبر عنها مبادرة السلام العربية، والشرعية الدولية التي أجمعت على أن شعب فلسطين له كل الحق في إقامة دولته المستقلة وأن اللاجئين لهم حقوق يكفلها القرار 194.

وإذا كان الانقلابيون في غزة يعتقدون أن استيلاءهم على مراكزَ ومقرات ومعسكرات سيجعلهم قادرين على الاستيلاء على قرارنا الوطني، فأنا أقول لهم أمام شعبنا إنهم واهمون واهمون واهمون.

إن قرارنا الوطني المستقل ودور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا بأسره، وشرعية مؤسساتنا الوطنية، تحميها كلها تضحيات مئات الألوف من الشهداء والجرحى والأسرى طوال أكثر من أربعين عاماً، من الذين قاتلوا وصمدوا تحت راية "فتح" وفصائل منظمة التحرير بأسرها، والذين ظلوا يحمون دور المنظمة ومكانتها كقائد لشعبنا، وكممثل تعترف به دول العالم قاطبة وتعزز مكانتها في الأمم المتحدة والجامعة العربية والبرلمان الدولي وكل المؤسسات العالمية.

لقد مرت علينا محن كثيرة ومحاولات انقسام عديدة، ولكنها ظلت غيمةً عابرةً في سماء شعبنا ونضاله الوطني، وستَلحق المحاولات الحالية التي تهدف إلى المساس بتمثيلنا الواحد وبشرعيةِ هذا التمثيل وبوحدة الوطن والشعب، سوف تلحق بسابقاتها، لأن شعبنا أقوى وخبرتُه أعظم، وصمودُه لن يلين.

ولأن موقفنا يفهمه ويدعمه كل أخ عربي وكل صديق مخلص، خاصة بعد أن قاطع الانقلابيون في "حماس" الحوار الوطني في القاهرة، وطرحوا ذرائع مزيفة لتعطيل الحوار والتهرب منه.

يا أبناء شعبنا الباسل في قطاع غزة الصامد،

هناك محاولات تستهدف استخدام الانقلاب في غزة كنقطة انطلاق للانقضاض على وحدة التمثيل الشرعي لشعبنا وعلى تلاحم الشعب وجناحي الوطن، ولكنْ من يعتقد أن بمقدوره إقامة نظام انفصالي في قطاعنا الحبيب، لا يعرف تاريخ غزة التي ظلت وحدها بعد النكبة تمثل حاضنةً للهوية الوطنية المستقلة، وكانت مهَد انطلاق "فتح" وفصائل الثورة، ومهدَ المقاومة ضد الاحتلال بعد العام 1967، ومهَد الانتفاضة الأولى الباسلة.

ولذلك نسأل؟ من يستطيع أن ينزع غزة عن تاريخها وأمجادها ودورها في بعث الشخصية الوطنية وحمايتها، وفي صيانة الشرعية الفلسطينية ورفع رايتها؟ من يستطيع ذلك؟ الاحتلال كان عاجزاً عن هذا الدور، ولن يستطيع الانقلاب أن يحقق ما فشل فيه الاحتلال.

واليوم نؤكد أننا سنواصل العمل حتى ننهي حصار غزة وتجويع شعبنا الباسل فيها بالرغم من عبث كل العابثين.

لقد قلنا بوضوح يوم أمس، من خلال "وثيقة عهد الوحدة والمشاركة الوطنية" التي أعلنتُها أمام المجلس المركزي: إن يدنا ممدودةٌ لحوار وطني وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة، لبناء أجهزة الأمن على أساس غير فصائلي، وفتح أبواب منظمة التحرير أمام مشاركة الجميع فيها، وقلنا ونُعيد التأكيد اليوم اننا سنُعطي مهلة لانطلاق الحوار الوطني حتى نهاية هذا العام، وإذا لم تتم الاستجابة لهذه الدعوة، فإننا سوف ندعو إلى انتخابات جديدة رئاسية وتشريعية وفق قانون الانتخابات وعلى قاعدة التمثيل النسبي الكامل.

يا أبناء وبنات شعبنا العظيم،،

معاً نسير رغم كل الحواجز والصعاب، ومعاً نتجاوز كل المخاطر التي تتهدد مصيرنا ومستقبلنا الوطني، ومعاً سوف نُحقق أملَ شهدائنا وإرادةَ رمز كفاحنا العظيم ياسر عرفات.

وأما دولة فلسطين الحرة المستقلة كاملة السيادة فإنها قادمة حتماً بتصميمنا معاً على تحقيق أهدافنا العظيمة.

"فأما الزبد فيذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

 


خطاب السيد الرئيس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني جنيف

25 تشرين الثاني 2008

 

ألقاها سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف، د. إبراهيم خريشة، خلال الاحتفال السنوي الذي نظمته الأمم المتحدة في مقرها بمدينة جنيف في سويسرا، بهذه المناسبة أمس، "إن الاحتلال يعمل ما بوسعه لأجل تهويد مدينة القدس، عاصمة دولتنا المنشودة، وحجر الزاوية في أي حل عادل ودائم، من خلال تضييق الخناق على سكانها وتهجيرهم وتطويق أحيائهم بالمستوطنات، في تهديد صارخ لعروبة المدينة ومعالمها الإسلامية والمسيحية"، مضيفاً: وعلى الرغم من عسف الاحتلال، وامتهانه اليومي المتعمد لحقوقنا كشعب وكرامتنا كبشر، فإننا ماضون دونما تردد في إستيراتجيتنا المؤسسة على الحوار والمفاوضات سبيلا وحيدا لحل هذا النزاع وللوصول به إلى نهاية تضمن الأمن والاعتراف لأحد طرفيه والحرية والسيادة لطرفه الآخر.

وأشاد بتضامن دول العالم مع الشعب الفلسطيني، وقال "إذ نثمن عالياً دوركم المؤثر في إسناد سعينا لتمكين شعبنا من تحقيق أهدافه، فإننا لنعلم يقينا أن دوركم ذاك يسهم بصورة جلية وفعالة في تعزيز التضامن العالمي مع قضيتنا العادلة وتوسيع دائرة الدعم الدولي لتطلعات شعبنا نحو حريته واستقلاله وبناء دولته المتعايشة بسلام وأمن واحترام متبادل مع جيرانها والملبية لقيم العدالة والمساواة والديمقراطية والتعددية في الرأي والمعتقد والعبادة، والتداول السلمي للسلطات، تجسيدا لإعلان الاستقلال الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في دورته المنعقدة في الجزائر عام 1988".

وثمن الرئيس الجهود الساعية لتمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق أهدافه، قائلاً "لنعلم يقينا أن دوركم ذاك يسهم بصورة جلية وفعالة في تعزيز التضامن العالمي مع قضيتنا العادلة وتوسيع دائرة الدعم الدولي لتطلعات شعبنا نحو حريته واستقلاله وبناء دولته المتعايشة بسلام وأمن واحترام متبادل مع جيرانها والملبية لقيم العدالة والمساواة والديمقراطية والتعددية في الرأي والمعتقد والعبادة، والتداول السلمي للسلطات، تجسيداً لإعلان الاستقلال الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني في دورته المنعقدة في الجزائر عام 1988".

وقال: "الاحتلال يحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه السياسية في العيش ضمن وطن حر سيد وآمن فقط، وبممارساته وتدابيره التعسفية يحرمه من حقوقه الإنسانية ويجرد أبناءه من حرياتهم المكفولة بالقانون الدولي والإنساني، لا سيما ما تعلق منها بحفظ الأرواح وصيانة الممتلكات والحق في العمل والتنقل دون إذلال أو امتهان. إن الاحتلال الإسرائيلي يمعن في سياساته التوسعية، إذ يتابع وبمعدلات غير مسبوقة عمليات الاستيطان في أراضينا، إلى جانب استمراره في بناء جدار الضم والتوسع الذي يفصل بين الأخ وأخيه وبين الأب وابنه والمريض وطبيبه وبين التلميذ ومدرسته وبين الفلاح وحقله".

 


كلمة السيد الرئيس بمناسبة عيد الأضحى مكة

12-9-2008

في هذه المناسبة السعيدة عيد الأضحى المبارك نتقدم إلى الشعب الفلسطيني وأهلنا في كل مكان داخل الوطن المحتل وفي الشتات وإلى أمتنا العربية والإسلامية بأحر التهاني في هذه المناسبة الدينية، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يعيدها علينا ووطننا محرر وأحوالنا على أحسن ما يرام.

وبهذه المناسبة كنا نتمنى على إخواننا جميعاً الحجاج الذين تقرر أن يخرجوا من غزة، أن يكونوا معنا في هذه الأيام المباركة، في الكعبة المشرفة، وفي منى، وعلى جبل عرفات، ولكن مع الأسف الشديد هناك ظروف حالت دون مجيئهم، وبالتأكيد إن حماس هي المسؤولة عن عدم مجيئهم إلى الحج، ونرجو الله أن يكونوا في العام القادم على رأس الحجيج القادم إلى هذه البلاد وسيكونون إضافة إلى النصيب الذي سيقر لقطاع غزة.

طبعاً هنا الكل يتألم ونحن نعرف أن الكل يتألم لعدم مجيء هؤلاء الحجاج إلى مكة وإلى المدينة المنورة، ولكن يؤسفنا جداً أن نقول إنها مناسبة من المناسبات القليلة التي منع الحجيج بها من المجيء إلى هذه البلاد، بمعنى آخر إن إسرائيل لم تمنع في يوم من الأيام الحجاج من أن يأتوا إلى الحج ولكن حصل هذا من قبل حركة حماس، وقد حصل في الماضي عندما منع النبي صلى الله عليه وسلم من قبل كفار قريش أن يأتي إلى مكة المكرمة، وكذلك القرامطة الذين منعوا لسنوات طويلة الحجاج من المجيء إلى هنا، هذه أيام إن شاء الله ستزول، هذه غمة ستزول وسيأتي الحجاج مرة أخرى وسيتحرر ويوحد الوطن وسيكون لنا دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف في العام القادم إن شاء الله.

أيضاً نقول لأهلنا في غزة:

اصبروا وصابرو، نحن نعرف المعاناة التي تعيشونها، نحن نعرف الظلم الذي لحق بكم ليس فقط في مسألة منع الحجاج، لا زلنا نتذكر أن حماس منعت المصلين من الصلاة بالعراء عندما أقفلت حماس الجوامع، خرج المصلون للصلاة بالعراء فوقفت حماس وكأنها أيضاً تمنع ركناً من أركان الإسلام مرة تمنع الصلاة ومرة تمنع الحجاج، لا أعتقد أن هذه الأيام ستستمر وهذا الظلام الدامس الذي تعيشه غزة لا بد أن ينتهي، وبهذه المناسبة أيضاً نحن نعرف الحصار الذي يعيشه شعبنا هناك من الحكومة الإسرائيلية ومن حركة حماس، بالتأكيد هذا الحصار سينتهي بإذن الله لأن الظلم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.

وأيضاً بهذه المناسبة نزف بشرى بأنه في القريب العاجل سيطلق سراح عدد قليل من الأسرى، ولكن نعرف والكل يعرف أن هناك أكثر من 11 ألف أسير يعانون خلف قضبان السجون الإسرائيلية نرجو الله سبحانه وتعالى أن يفك أسرهم وأن يخرجوا جميعاً من السجون.

وأحب أن أقول: إننا وعندما نتفاوض مع إسرائيل ونتحدث عن القضايا الأساسية التي منها القدس، واللاجئين، والحدود، والمستوطنات وغيرها، نقول أيضاً أن هناك قضية الأسرى، وبالتالي لن يكون هناك حل إلا إذا خرج ألـ 11 ألف أسير من وراء القضبان الإسرائيلية.

في هذه الأيام أيضاً حصلت أحداث كثير ومؤلمة أولها الاعتداءات الإسرائيلية وبالذات اعتداءات المستوطنين على موسم الزيتون في مختلف المدن الفلسطينية، ولكن آخرها كان الاعتداء في الخليل على أهلنا هناك، هذه الاعتداءات المسيئة والغاشمة التي يقوم بها قطعان المستوطنين، رفعنا صوتنا عالياً في كل مكان في العالم، ونطالب العالم أن ينتبه إلى هذه الأحداث، وأن يدينها، وسنرفع هذه القضية إلى كل منابر العالم من أجل أن يعرفوا ماذا يتصرف هؤلاء المستوطنون، ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، وضد أرواح الفلسطينيين في كل مكان، ولكن نطالب حكومة إسرائيل أن توقف هذه الاعتداءات لأنها أولاً وأخيراً مسؤولة عن تصرفاتهم، لا يستطيع أحد أن يقول إن المستوطنين وحدهم يقومون بهذا العمل وحدهم، ولنفترض ذلك، فالمسؤولية تبقى أولاً وأخيراً على الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية التي من واجبها أن تردعهم وأن ترفع الحيف والظلم عن أبناء الشعب الفلسطيني.

نحن أيضاً لا بد أن نتوجه بالشكر والتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد وسمو وزير الداخلية على ما بذلوه من أجل حجاج فلسطين ومن أجل القضية الفلسطينية بشكل عام، المآثر السعودية ليست فقط بالحج وغيره، وإنما هناك مآثر كثيرة مع الشعب الفلسطيني سواء على المسار السياسي ومبادرة السلام العربية، وغيرها وقبلها وبعدها، وكذلك الدعم الاقتصادي والمالي الذي تقدمه المملكة العربية السعودية.

نحن الآن في الحج، وأحب أن أقول للملكة: zzz*z أهنكم كل التهنئة على هذه الجهود الخارقة، التي تبذلونها من أجل راحة الحجاج، وأمن الحجيج، واستمرار هذا الركن الأساسي من أركان الإسلام بكل سكينة واطمئنان، نهنئكم ونشد على أيديكم، بارك الله بجهودكم التي تقومون بها، وما نراه في المملكة من تسهيلات وخدمات لجميع الناس، أمر يرفع الرأس ويجعلنا فعلاً نقدم الشكر والتقدير للمكلة العربية السعوديةzzz*z. 

 

 

كلمة السيد الرئيس محمود عباس أمام فعاليات الخليل في مقر البلدية

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى صحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)

ها نحن في فلسطين، وها نحن في خليل الرحمن، ننصر الله فسينصرنا ويثبت أقدامنا في أرضنا المقدسة، هذا ما وعد الله رسله وهذا ما وعد الله المؤمنين، كافة، ولذلك استبشروا أيها الإخوة أن وطننا وطنكم سيبقى لكم، وأن دولتكم المستقلة ستقوم بإذن الله في القريب العاجل وعاصمتها القدس الشريف.

أيها الإخوة في خليل الرحمن الذين تشرفتم بأن تنتسبوا إلى خليل الرحمن، وتشرفتم بأن يكون مأوى وقبر خليل الرحمن في هذا البلد، وكنتم على قدر هذا الشرف وحافظتم عليه وحميتم حرمه الشريف، ومع أن الاعتداءات الكثيرة التي حصلت على هذا الحرم والتي ارتكبها قطعان المستوطنين من فترات طويلة من الزمن لكنكم سطرتم وصمدتم وحميتم بدمائكم وسواعدكم الحرم وما وراء الحرم، وهنا لا بد لي أن أستذكر عندما جاء المراقبون الدوليون الذين جاؤوا إلى هنا بعد مجزرة الحرم الشريف التي ارتكبت عام 1994، ولكنها لم تكن مجزرة واحدة وحيدة ولكنها تكررت وتكررت مؤخرا من قبل المستوطنين، ولكنكم ثبتم وضحيتم وصمدتم وحميتم البلد، هذا البلد الذي تقوده كوكبة من الرجال الأبطال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، لا زلنا نذكر القائد فهد القواسمة (أبو خالد) أخانا الذي استشهد دفاعا عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وما زلت أذكر أنني كنت على موعد معه في اليوم الثاني لنقوم بزيارة لأوروبا الشرقية عندما فوجئت بأنه استشهد، ولكن الله المنتقم الجبار لا ينسى من قتله، فوقع في أيدي العدالة وسينال جزاءه على فعلته، إن الله يمهل ولا يهمل، فبعد 25 سنة يقع هذا الرجل القاتل في قبضة قوى الأمن وفي الخليل، وإن شاء الله سيقدم للمحاكمة ليأخذ جزاءه بعد هذا الوقت الطويل، إن الله لا ينسى حقه على العباد ومن العباد، ولذلك إن شاء الله سينال هذا الرجل جزاءه، ونذكر بهذه المناسبة من مر على البلدية وما زال حيا ونتمنى له الشفاء العاجل وهو الأخ مصطفى النتشة، هؤلاء قاموا بواجبات وقاموا بتضحيات وعلينا أن نتذكر ونحن في أرض البلدية وفي رحاب الأخ خالد العسيلي، ولكن علينا أن نتذكر السلف الصالح الذي قام بجهود كثيرة خلاقة ضحى بحياته أو ضحى بصحته من أجل هذا البلد من أجل العمل في هذا البلد، وهنا لابد لي أن أذكر ونحن نتحدث عن الصمود لجنة إعمار الخليل برئاسة الأخ علي القواسمي الذي حصل على جائزة نتيجة لعمله الذي يحفر في الصخر ليحمي البلدة القديمة من أيدي أولئك المستعمرين المستوطنين، في النهاية لن يبقوا عندنا، لن نسمح لهم أن يبقوا عندنا.

الخليل لنا، وعليهم أن يخرجوا منها، إن أرادوا السلام نحن طلاب سلام، نحن طلاب سلام بلا أدنى شك، وقد أثبتنا للقاصي والداني أننا نريد السلام، إننا نحب السلام ولكن في نفس الوقت إن عظمنا قوي ولحمنا مر ولا نقبل الإهانة ولا نقبل المضايقة.

ونذكر أن كل القرن الماضي كل القرن العشرين ونحن ندافع عن أنفسنا ندافع عن حقنا ندافع عن وطننا، ولن نقبل إلا أن نحصل على وطننا كما أقره العالم، نحن نريده ولكن ولا سنتمتر ناقص، ما أقر لنا في الشرعية الدولية وفي المبادرة العربية التي أصبحت قرار مجلس أمن بقرارات مجالس الأمن في قرارات الأمم المتحدة، هذا ما نريده، نحن لا نفتئت على أحد ولا نحب أحد أن يفتئت علينا، هذا هو خطنا وهذا هو شعارنا والذي رفعناه في كل وقت نريد السلام وفي نفس الوقت كلنا نريد الأمن والأمان، وأعتقد أن الأمن والأمان تحقق الآن في مدينة خليل الرحمن، وعندما جاءت أجهزة الأمن إلى الخليل قلنا لهم إياكم أن تخطئوا، وعليكم أن تحموا الناس، وتحموا أموال الناس، تحموا عائلات الناس تحموا أملاك الناس، ولكن لا تعتدوا على الناس، لا نريد اعتداء على أحد، ومن يخترق النظام يعاقب ومن لا يخرق النظام لا يقترب منه أحد، ومع ذلك قلنا لهم أن يقولوا رأيهم في أي مكان، نحترم أي رأي لأن هذه الحرية حرية الرأي أن يقول الإنسان ما يريد وما يعتقد به، إن كان كلامه مع السلطة أو ضد السلطة لا فرق، ولكن في حدود القانون يقول ما يريد، ولكن لن نسمح بخرق القانون والاعتداء على القانون والاعتداء على السلطة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، ولذلك هذه الحملة الأمنية التي بدأت في الخليل ستستمر بهذا المنهج وإياكم الاعتداء على أحد، وإياكم أن تصيبوا أحدا بظلم مهما كان، إن الله لا يقبل الظلم ونحن لا نقبل الظلم.

الحمد لله أن هذا العمل نجح وأن الأمور تسير سيرا حسنا واعتقد أن النتائج بدأتم تلمسونها وتشعرون بها، وإن شاء الله ستستمر وتستمر تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي نرجو أن تكون بل نصر أن تكون عاصمتها القدس الشريف.

يحزننا أن الوضع الفلسطيني الداخلي ما زال ممزقا، يحزننا أن أولئك الذين ارتكبوا الانقلاب في غزة ما زالوا سادرين في غيهم، نريدهم أن يعودوا إلى رشدهم نحن لا نريد إقصاءهم، فهم جزء من الشعب الفلسطيني أيا كانت أفكارهم وآراؤهم مختلفة عنا أو متفقة معنا، ولكن نريدهم أن يعودوا إلى الطريق الصواب، الطريق الصحيح، لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يبقى هذا الوطن ممزقا، من هنا دعونا وندعو وسندعو من أجل الحوار الوطني، صحيح أنهم رفضوه في الثامن من الشهر الماضي دون أي سبب، ولكن مع ذلك نقول تعالوا مرة أخرى إلى كلمة سواء، تعالوا إلى ساحة الوطن  لنتفق معكم، وسنصر على الحوار وسنصر على اللقاء حتى تعود اللحمة إلى أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد، وما نريده أمرا واحدا  فقط أن نحتكم إلى الشعب ما يريده الشعب، نحن دخلنا انتخابات حرة وكلكم تعرفون أنها كانت حرة نزيهة في كل المجالات البلدية والتشريعية والرئاسية وحتى في الجامعات وغير ذلك، ونحن مصممون على هذا النهج الديمقراطي، تعالوا إلى الانتخابات من ينجح سيبارك الشعب له ونحن سنبارك، ولكن لا يجوز أن نجد عندما نقع في مشكلة أو مصيبة من نحتكم إليه، هل نذهب إلى الأمم المتحدة لنقول لها ما رأيك في الخلاف الفلسطيني؟، نذهب إلى الشعب الذي جاء بنا إلى هنا، الذي انتخبنا، أنا من انتخبني الشعب فأعود إلى الشعب إذا أرادني أهلا وسهلا وإذا لم يردني مع السلامة يأتي غيري، إذن نحتكم إلى الشعب وإن أرادوا استفتاء عاما ممكن أن نقول للشعب ما هو رأيك في كذا وكذا، هذا هو الشيء الوحيد الذي نريده ولا نريد أكثر من ذلك.

النقطة الثانية طبعا والوضع متأزم جدا في قطاع غزة نحاول بكل الوسائل ونناشد كل الدنيا ألا يعود الاحتلال إلى غزة، ألا يعود القتال إلى غزة، ألا تعود الطائرات والدبابات لتقصف وتذبح أهل غزة، يكفيهم ما أصابهم، تكفيهم آلامهم، تكفيهم مصائبهم، نريدهم أن يعيشوا حياة كريمة ولكن مع الأسف هذه الأيام تزداد شدة التوتر ونسبة التوتر ساعة بعد ساعة ولحظة بعد لحظة. نريد فعلا أن نرفع صوتنا عاليا لنقول نريد التهدئة حتى يعيش شعبنا بحرية وأمان وحتى لا يستمر الحصار عليه كما هو الحال وأن تزداد مآسيه كما هو واقع عليه.

أمران نطالب بالإسراع بهما، الأمر الأول هو استمرار الحوار، نحن لا نريد الاقتتال.. الحرب الأهلية حرب مدمرة لا تأتي بنتائج ولا أحد في العالم دخل حربا أهلية وخرج إلا وهو تحت الأرض، ولا شعب ولا شعب في الدنيا، ولذلك نحن نرفض الحرب، نرفض الاحتكام للسلاح، نحتكم للشرعية، نحتكم للديمقراطية، نحتكم للعقل والفكر، نحتكم للضمير، ونحتكم إلى لله، zzz*zوأمرهم شورى بينهمzzz*z، ما معنى أمرهم شورى بينهم؟

أن نتشاور، إذن تعالوا لنتشاور لنتفق أو نختلف، ولكن على الأقل نجلس مع بعض وبالكلمة وليس بالرصاصة، هذا أمر يجب أن نستبعده تماما وألا نفكر به تماما، وأنا أعدكم ألا أقبل بأي حال من الأحوال الدخول في حرب أهلية لأنني أعرف نتائجها علينا.

نحن كما قلت طلاب سلام مبني على العدل المبني على الشرعية الدولية وتذكرون أن العرب جميعا في قمة بيروت عام 2002 تبنوا مبادرة عربية وسموها مبادرة السلام العربية، ثم جاءت في نفس السنة اجتماعات المؤتمر الإسلامي وأقرت هذه المبادرة وأصبحت مبادرة عربية إسلامية، أي أن 57 دولة أي كل العالم الإسلامي يتبنى هذه المبادرة التي تقول الأرض مقابل السلام.

لتنسحب إسرائيل من الأراضي العربية وتطبق الشرعية الدولية وتأخذ اعترافا من جميع هذه الدول ولا أعتقد أنها منحت مكافأة كما منحت في هذه الأيام، وأخشى ما أخشاه أنها ستضيعها وتضيع الفرصة مرة أخرى. نحن نقول لهم بدلا من أن يعيشوا في جزيرة سلام تعالوا نعيش في محيط من السلام من موريتانيا إلى إندونيسيا، ولكن هل يرغبون بالسلام في الحقيقة؟

سؤال دائما أسأله في نفسي وأتمنى أن يكون الجواب إيجابيا لأنه إذا فكروا في غير السلام فلن ينفعهم لأنه يضرهم ويضر مستقبلهم ويضر مستقبلنا.

نحن نبحث عن سلام لأبنائنا وأحفادنا وأطفالهم وأحفادهم، اعتداءات المستوطنين لم تبدأ في الخليل بل بدأت في الشمال على الزيتون، بدأت ثم انتقلت إلى الخليل وانتهت في الخليل، ومع الأسف أن الجيش الإسرائيلي كان يتفرج على هؤلاء، على كل حال عندنا شهود يجب أن نوجه لهم الشكر والتحية لأنهم صمدوا معنا ولأنهم وقفوا معنا منذ أكثر من 15 سنة تاركين أبناءهم وأولادهم وعائلاتهم في بلادهم الصديقة، وجاءوا يعيشون معنا ويروا بأم أعينهم من الذي يعتدي، نرجو الله سبحانه وتعالى ألا نكون نحن المعتدين، وأن نصل إلى حقنا وأن يعود هؤلاء إلى رشدهم ويقبلوا بالسلام، لأنه لا أمل بدون السلام.