خطابات الرئيس محمود عباس "أبو مازن" 2006

الرئيس عباس في كلمة متلفزة بمناسبة الانتخابات رام الله

 14/1/2006

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخوات، أيها الأخوة،

يا أبناء شعبنا في جميع أنحاء الوطن، نتوجه جميعا يوم غد في القدس الشريف وقطاع غزة والضفة الغربية لانتخاب ممثلي شعبنا للمجلس التشريعي الفلسطيني، على طريق تعزيز الديمقراطية الفلسطينية، وتكريس سلطة القانون والنظام، وحماية أمن الوطن والمواطن وصيانة كرامته.

في هذا اليوم التاريخي سيجتاز شعبنا امتحاناً آخر. وسينجح بجدارة واقتدار كما نجح من قبل، وفي كل المنعطفات التي مرت بها قضيتنا الوطنية.

إن هذا اليوم العظيم يكتسب معناه التاريخي بما يمثله كمحطة حاسمة على طريق حريتنا واستقلالنا. وسيدوَن في سجل تاريخ شعبنا الواقع تحت الاحتلال، المسلوب الحرية، بأحرف من نور، بأنه مصمم وقادر على القيام بمهمة بناء نظام سياسي ديمقراطي يقوم على أساس التعددية السياسية، واحترام حقوق الإنسان، فالديمقراطية ليست عرساً ليوم واحد، ولا هي مجرد صناديق اقتراع تفتح كل أربعة أعوام.

إن هذه المسيرة الديمقراطية التي بدأها شعبنا في انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي في عام 1996، وانتخابات يوم 9 كانون الثاني - يناير من عام 2005، مرورا بانتخابات المجالس البلدية والمحلية، وصولا إلى انتخابات المجلس التشريعي، إنما يؤكد للعالم بأسره أن شعبنا الفلسطيني يفتخر ويعتز بقيمه الإنسانية والديمقراطية، ساعيا إلى السلام وتأكيد حقه في الحرية في دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتعزيز نظامنا السياسي لكسب المزيد من الدعم والمساندة الدولية، السياسية والاقتصادية، وتقريب ساعة الحرية وإنهاء الاحتلال والاستيطان، وإطلاق سراح أسرانا البواسل، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة، وحل قضية اللاجئين على أساس القرار 194، ووفقا لقرارات الشرعية الدولية.

يا جماهير شعبنا الوفي،

لم يكن فجر هذا اليوم ليبزغ بكل ما يحمله من آيات فخر واعتزاز بدون توفر إرادةٍ حرة، وعزمٍ لا يلين، وإصرارٍ على تخطي كل العقبات وتجاوزٍ لكل الصعوبات الداخلية والخارجية لتأكيد حق أبناء شعبنا وجميع قواه السياسية في صنع مستقبلهم، دون استبعاد أو إقصاء. وممارسة كل مواطن حقه المقدس في المشاركة واختيار ممثليه.

يا أبناء شعبنا العظيم

لقد عملنا بحزم من اجل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وبمشاركة جميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وسنظهر ذات الحزم في توفير جميع عناصر نجاح الانتخابات وسيرها في أجواء هادئة، حرة ونزيهة. لذلك أصدرت تعليمات مشددة لأبنائنا في قوات الأمن الفلسطينية لتوفير الحماية الكاملة لصناديق الاقتراع من أجل تثبيت الأمن وضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها.ويهمني أيضاً أن أؤكد أن مهمة إنجاح هذه الانتخابات هي مهمة كل مواطن.

إنني في هذه المناسبة العظيمة، أدعو جماهير شعبنا للمشاركة الكاملة في الانتخابات التشريعية يوم غد، وممارسة كل مواطن حقه الانتخابي. فهذه الانتخابات محطة على طريق نيل حريتنا وتحقيق استقلالنا وبناء دولتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كلمة السيد الرئيس إلى شعبنا عقب ظهور نتائج الانتخابات رام الله

26/1/2006

أيتها الأخوات، أيها الإخوة

يا أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات أتوجه إليكم اليوم، وبعد أن تسلمت النتائج الرسمية لانتخابات مجلسنا التشريعي، والتي جرت بكل نزاهة وشفافية.

وإنني إذ أهنئ شعبنا على هذا الإنجاز الديمقراطي الكبير، الذي يعد نموذجاً بارزاً يحترمه العالم بأسره، فإنني سأقوم فوراً بالمشاورات الضرورية للبدء في تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، وذلك بعد أن يتم ترسيم المجلس التشريعي الجديد.

ولا بد أن أصارحكم بأن للحكومة المقبلة مهمات وأعباء جسيمة وهناك اتفاقيات فلسطينية إسرائيلية بدءاً من اتفاق أوسلو مروراً بقرارات القمم العربية وانتهاءً بقرارات أجمع عليها المجتمع الدولي وأخص بالذكر منها خارطة الطريق كإطار وحيد مطروح الآن للتنفيذ، وهي خطة تتضمن رؤية الرئيس بوش في إقامة دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، وبأنه يجب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي وقع عام 1967، وحل قضية اللاجئين وفقا للقرار 194، والمبادرة العربية في قمة بيروت.

كل هذا يشكل أسساً سياسية تم انتخابي كرئيس للسلطة وفقها وتمثل عناصر جوهرية في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الذي ائتمنت عليه بموجب رئاستي للمنظمة.

إن الهدف الرئيسي لشعبنا ولسلطتنا وللحكومة، هو إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولابد للحكومة القادمة من العمل الدؤوب على كسب ثقة الأسرة الدولية، وكذلك الرأي العام العالمي للتصدي للنشاط الاستيطاني بكافة أشكاله وجدار العزل العنصري، وإطلاق سراح أسرانا البواسل وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 أيتها الأخوات، أيها الإخوة

بنفس إصراري على إجراء الانتخابات في كافة أرجاء الوطن بما في ذلك القدس الشريف، فإنني ملتزم بتطبيق البرنامج الذي انتخبتموني على أساسه وهو برنامج يفهم العالم، ويفهم كل ما يدور حولنا، برنامج يقوم على نهج المفاوضات والحل السلمي للصراع مع إسرائيل، برنامج يتمسك بالثوابت الوطنية بشأن الدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، ويضمن حقوق اللاجئين من شعبنا، برنامج الحرص على وحدة شعبنا في إطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد وسنعمل بإذنه تعالى على تفعيل دور المنظمة وتطويره في الداخل والخارج باعتبارها المرجعية السياسية العليا الحريصة على البرنامج الوطني وإعلان الاستقلال الفلسطيني ومقررات المجالس الوطنية وجميع الاتفاقيات والوثائق التي وقعناها والتزمنا بها.

ومعاً إن شاء الله لتحقيق الحلم الذي ضحى من اجله عشرات آلاف الشهداء، دولة فلسطينية حرة ومستقلة، ديمقراطية ومزدهرة على قاعدة التمسك بوحدتنا الوطنية وبالديمقراطية والتعددية السياسية وبالمساواة بين مواطنيها وضمان حرياتهم الشخصية والمساواة بين المرأة والرجل كما أكد عليه إعلان الاستقلال.

 والسلام عليكم ورحمة الله.

 

كلمة الرئيس محمود عباس في افتتاح أعمال المجلس التشريعي الثاني رام الله

 18/2/2006

بسم الله الرحمن الرحيم " وأمرهم شورى بينهم " صدق الله العظيم

الأخوات والإخوة أعضاء مجلسنا التشريعي الثاني
السادة أعضاء السلك الدبلوماسي
السيدات والسادة الحضور الضيوف الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

انه ليوم عظيم في حياة شعبنا الفلسطيني ومسيرته الوطنية، أن نُنصب فيه دستوريا مجلسنا التشريعي الثاني، هذا المجلس الذي اختاره شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع والقدس، عبر انتخابات حرة ونزيهة شهد العالم كله، من خلال مئات المراقبين، وجرت بكل هدوء منذ البداية وحتى إعلان النتائج.

لم يكن لهذه الانتخابات أن تجري، لو تم استبعاد أي فصيل أو تنظيم سياسي، أو منع أهلنا في القدس الشرقية من المشاركة فيها، هذا ما أكدت عليه بإصرار رغم كل الضغوط، وهذا ما حدث فعلا،وها أنا أرى بينكم من يُمثلون القدس، ومن يُمثلون كل الأطياف السياسية الفلسطينية، فهنيئاً للأخوات والأخوة أعضاء المجلس على هذه الثقة، التي منحها الناخبون لهم، مع تمنياتي بنجاحهم في تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

وبهذه المناسبة أود توجيه التحية والتقدير إلى لجنة الانتخابات المركزية التي قامت بواجبها بكل اقتدار ومسؤولية، وكذلك أوجه التحية والتقدير للمراقبين العرب والأجانب على دورهم في مراقبة الانتخابات واخص بالذكر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.

لقد برهن شعبنا بانجازه هذه الانتخابات النزيهة،عن نضج في الوعي والأداء الديمقراطي، وهذا ما ينبغي ان ينظر إليه العالم اجمع، على أنه شهادة جدارة وأهلية، لبناء حاضر ومستقبل هذا الشعب، في إطار دولة حديثة يستحقها. وفي ظل نظام ديمقراطي تعددي، تحكمه سلطة القانون، وروح وأخلاقيات العصر الذي نعيش فيه، حيث يتمتع كل مواطن رجلا كان أو امرأة بالحقوق والحريات التي يكفلها القانون.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة،

أتوجه من على منبر مجلسكم هذا، بالتحية إلى شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، لأؤكد لكل فلسطيني وفلسطينية، بأن فرحتنا الحقيقية ستكتمل فقط، يوم ننال حريتنا، يوم تقوم دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، يوم تحرير أسرانا، ويوم تحل قضية اللاجئين حلاً عادلاً ومتفقا عليه، استنادا للقرار 194، ويوم نحقق حلم قائد ثورتنا، وباني أول سلطة وطنية فلسطينية، القائد الرمز ياسر عرفات.

أتوجه بالتحية اليوم إلى أعضاء مجلسكم، الذين يقبعون خلف الأسوار في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، مع الآلاف من خيرة أبناء شعبنا الأبطال، وأؤكد لهم جميعا، بأننا لن نألوا جهدا حتى يتم إطلاق سراحهم، وحتى أرى كل نائب منهم يأخذ مكانه في هذا المجلس. وكل أسير يأخذ مكانه اللائق في مجتمعنا الفلسطيني.

السيدات والسادة الحضور،

لقد أدت نتائج انتخاباتنا إلى نشوء واقع سياسي جديد، أصبحت بمقتضاه حركة "حماس" صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي، وبالتالي، فإنها بعد المشاورات، من سيناط به مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وأتوقع أن تتم تسمية من سيشكل الحكومة، وأن تبدأ المشاورات المعتادة بهذا الشأن. كل ذلك سيترافق مع قيام مجلسكم الموقر بانتخاب هيئة رئاسته، وتشكيل لجانه المتعددة ليكون جاهزا لاستقبال التشكيل الحكومي الجديد، وبرنامج الحكومة وتوجهاتها وصولاً إلى منح الثقة.

ونتطلع إلى أن تتم جميع هذه الإجراءات حسب النظام، وفي أقرب وقت ممكن، لأن المهمات الملقاة على عاتقكم في هذه المرحلة، كبيرة وكبيرة جداً، وستجدون من جانبي كل تعاون وتشجيع، ذلك لأن المصلحة الوطنية هي هدفنا الأول والأخير، وهي فوق كل فرد و فصيل.

وهنا أنتهز هذه المناسبة، لأتوجه بالتحية لمجلسنا التشريعي الأول،الذي عمل تحت أقسى الظروف. وأنجز عدداً كبيراً من القوانين، وتابع وراقب قدر الإمكان أعمال الحكومات المتعاقبة، والتي هي الأخرى تستحق منا التنويه بأعمالها والثناء على جميع مبادراتها وإنجازاتها.

آملين أن تقوم الحكومة القادمة بإكمال مسيرتها، وتطوير أدائها على نحو تتحقق فيه مصالح وأماني الجماهير التي انتخبت والتي ستراقب أداء من انتخبت سواء على الصعيد البرلماني أو الحكومي.

اليوم وأمام مجلسنا التشريعي الثاني، وكما جرت العادة، أود الحديث معكم، ومع شعبنا ومع العالم بأسره، بكل مسؤولية ووضوح وصراحة، مستعرضاً بداية فصول تجربتنا الوطنية الصعبة والمعقدة، والمليئة بالانجازات الكبرى أيضا، التي حققتها منظمة التحرير الفلسطينية قائدةُ هذا الشعب، والمرجع السياسي الأعلى لهيئاته ومؤسساته وإطاراته كافة، وما كان لإنجازاتنا عبر هذه المسيرة الطويلة أن تتحقق، لولا اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية على الوحدة الوطنية، وعلى اعتماد أنجع سبل الكفاح، وتبني سياسات محسوبة ومدروسة ومستنيرة، تحكمها المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني،وتستند إلى قرارات الشرعية الدولية.

بفضل ذلك، أفشلنا أخطر المشاريع التي كانت تستهدف طمس الهوية السياسية للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية. واستطاعت المنظمة أن توصل قضيتنا إلى كل ركن من أركان العالم، وإلى كل شعب من شعوبه، حتى فُتحت لنا أبواب الأمم المتحدة، التي وقف ياسر عرفات باسمنا جميعا على منبرها، رافعاً غصن الزيتون مطالبا العالم أن لا تسقطوا من يدي غصن الزيتون.

ولقد تواترت الاعترافات الدولية والإقليمية، بشعبنا وبمنظمتنا وحقوقنا، لتشكل مخزون دعم سياسي ما زلنا نستمد منه القوة والحضور الدولي الفعال. وكذلك حين بلورنا مع أشقائنا العرب والمسلمين، مبادرات سياسيةً واقعية، تم التعبير عنها بقرارات متوازنة صدرت عن القمم العربية والإسلامية، تضع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني كقضية مركزية للعالمين العربي والإسلامي، وتخاطب العالم بلغة العصر، مما وفر لنا سياجاً معنوياً وسياسياً لا غنى عنه، في جميع مراحل كفاحنا الوطني وتحركنا السياسي.

لقد قادت منظمة التحرير هذه الحقبة التاريخية الهامة، على الرغم من وجود قائدها وقياداتها وإطاراتها ومؤسساتها خارج الوطن. وواجهت معارك شديدة القسوة للحفاظ على وجودها ورسالتها وحقوق شعبها. وما كان لمنظمة التحرير وللثورة الفلسطينية أن تبقى على قيد الحياة، وأن تتجاوز جميع محاولات التصفية والإبادة، لولا إقدامُها إلى جانب كفاحها المسلح العنيد والصلب، على مبادرات سياسية شجاعة، أضافت زخماً نوعياً للقضية الفلسطينية، واستقطبت دعما هائلاً، إقليمياً ودولياً أدى إلى الاعتراف بها كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وناطق مقتدر ومؤهل باسمه وباسم حقوقه الوطنية.

ومن هذا المنبر، الذي يشكل جزءاً أساسياً من مجلسنا الوطني، أؤكد وجوب استكمال الحوار بين كافة القوى والفصائل، لتفعيل منظمتنا، وتجديد إطاراتها وهياكلها، وتطوير أدائها في كل المجالات. لقد بدأنا بهذا الحوار منذ زمن طويل. وآن الأوان للتوصل إلى النتائج المرجوة.

وفي هذا السياق. إخواني أخواتي. فإنني استذكر معكم محطة أخرى هامة من محطات مسيرتنا الوطنية المظفرة ألا وهي. مبادرتنا التاريخية الشجاعة، في دورة المجلس الوطني عام 1988  في الجزائر، بإعلان قيام دولة فلسطين في المنفى، وإعلان الاستقلال، الذي اقترن باعترافنا بالقرارين 242 و338 مما أسس لدولتنا المنشودة وحدد معالمها ومحتواها، بحيث رفعت هذه المبادرة المدروسة والمحسوبة من مستوى الاعتراف الدولي بنا. وقد ترافق هذا مع تفجر الانتفاضة الشعبية الأولى 1987، التي ساهمت بشكل حاسم في تبني مبادرتنا، فأضحى العالم يتعامل مع شعبنا وقضيتنا وقيادتنا، تعامل دولة لدولة، مما أعطى لهجوم السلام الفلسطيني في حينه، بعدا سياسيا يتجاوز كونه إعلاناً من طرف واحد، ليصبح التزاماً دولياً لكل من اعترف به، وأقام علاقات كاملة مع دولة فلسطين على أساسه.

كما أثمرت تراكمات هذا العمل النضالي السياسي، حين وقع اختلال كبير، في التوازن الدولي بسقوط الاتحاد السوفييتي ونشوب حرب الخليج الثانية، فظهرت الحاجة إلى البحث والتفكير في معادلات استقرار جديدة للمنطقة. ولو لم تكن فلسطين حاضرة كدولة معترف بها، وكمنظمة تجسد كياناً سياسياً وتمثيلياً قوياً، لقفز العالم بقواه الجديدة عنا، ولما فكر أحد بنا، في سياق أية ترتيبات إقليمية ودولية.

وبالتقاط الفرصة لتثبيت هذا الحضور، بدأت عجلة عمل سياسي جديد بالدوران، وبدأ الحوار الأميركي الفلسطيني الذي كان محرماً لعقود خلت، ثم بدأت عملية السلام في مدريد، وكلنا يعرف فصولها وتفاعلاتها وتطوراتها، وفي ذات الوقت كانت قنوات سرية تعمل بموازاة القنوات العلنية. أسفرت عن اتفاق أوسلو، والاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقد شاعت مقولات عديدة حول هذا الاتفاق، هدفت إلى التشكيك به وإثارة الغبار حول حقيقته، وكان أبرزها أن اتفاق أوسلو تم من وراء ظهر الشعب الفلسطيني كون المفاوضات -وهذا صحيح أديرت في نطاق من السرية التامة- وأود هنا تكرار ما أكدت عليه، في الكثير من المناسبات، بأن العمل السياسي في نطاق سري، هو أمر مألوف في جميع أو معظم المفاوضات التي تجري بين طرفين متصارعين. أما نتائج المفاوضات أو الاتفاقات، فهي بالقطع علنية وتكسب شرعيتها من حتمية عرضها على الإطار السياسي والتمثيلي، والحصول على موافقة الإطار عليها، ولقد حدث ذلك حين قدمنا الاتفاق بحرفيته إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وناقشته وصوتت عليه وأقرته، منذ ذلك الحين قبلنا واحترمنا حق أي فرد أو مجموعة أو قوة سياسية في الاعتراض على اتفاق أوسلو، ولكننا لم ولن نقبل التشكيك في شرعيته، لأنه ومنذ ساعة المصادقة عليه، أضحى حقيقة سياسية نلتزم بها وسنواصل هذا الالتزام وبمقياس موضوعي، لما حدث جراء اتفاقات أوسلو، فإننا وإن كنا نعتبرها لا تتضمن كل ما نريد، إلا أنها أدت إلى قيام أول سلطة وطنية فلسطينية على أجزاء من أرض الوطن، وأتاحت عودة الآلاف من أبناء شعبنا من المنافي والشتات. وأسست هذا المجلس- الذي أرادته إسرائيل، في بداية الأمر مجلسا إدارياً لا يحمل أي محتوى سياسي تمثيلي تشريعي، إلا أننا فرضناه كإطار اقرب منه الى برلمان الدولة. وفرضنا الانتخابات كوسيلة لاختيار أعضائه، وطورنا صلاحياته ومسؤولياته، لتصل إلى ما وصلت إليه في قانوننا الأساسي، الذي هو الدستور المؤقت، إلى أن نقر دستورنا الدائم لدولتنا العتيدة بأذن الله.

وعلى الرغم من أن الإنجازات التي تحققت في بداية تطبيق اتفاق أوسلو يراها البعض بأنها كانت متواضعة إذ لم يتجاوز الانسحاب الإسرائيلي في المراحل الأولى الواحد بالمائة، إلا أن إسرائيل انسحبت في المراحل اللاحقة من كل مدننا، وكثير من قرانا، وكان متوقعا لعملية السلام أن تقود إلى إنهاء الاحتلال لجميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وحلِ جميع قضايا الوضع الدائم، وفق اتفاقات أوسلو ذاتها ومن خلال المفاوضات.

وأود التذكير أيتها الأخوات والإخوة كيف ثارت ثائرة القوى المتطرفة في إسرائيل، التي قامت باغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين ونحن في أول الطريق، وفي الحقيقة لم يكن الأمر مجرد اغتيال سياسي، وإنما محاولة مقصودة لوضع حد لمسيرة سلمية، كانت تمضي قدما نحو أهدافها. واستبدالها بنهج مختلف، ألا وهو نفي الشريك الفلسطيني، وفرض حلول أحادية الجانب، تستند إلى منطق القوة الغاشمة، وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح مع الاستمرار في التوسع الاستيطاني. وقد جاءت السياسات الإسرائيلية اللاحقة وفق برنامج وإجراءات تعمل على إلغاء اتفاق أوسلو، الأمر الذي جمد عملية السلام وأطلق العنان للتطرف ودمر كل الجهود التي بذلت لخلق مناخ جديد بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وكان ذلك كله بمثابة التمهيد، لعهد رئيس الوزراء أرييل شارون الذي أعلنها معركة مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني، تمثلت في تدمير منهجي لأطر السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.

لقد أقام جدار الفصل العنصري، وضاعف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وشدد القبضة الحديدية والحصار على الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده وحاصر رئيسها الى ان وافته المنية.

وأود في هذا المجال أن أؤكد بأننا نتابع مع أصدقائنا في العالم وأشقائنا، أسباب استشهاد الرئيس الراحل القائد الرمز ياسر عرفات، ولن نطوي هذا الملف، فقضية استشهاد أبو عمار ستبقى مفتوحة حتى يتم جلاء كل الحقيقة.

الأخوات والإخوة الحضور،

لقد اعتمدت الحكومة الإسرائيلية نهج الإجراءات أحادية الجانب بديلاً عن المفاوضات. وأود تذكيركم بأن إقدام رئيس الوزراء شارون على خطة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة قُرئت من جانبنا على أنها إجراء جراحي، لإلغاء خطة خارطة الطريق، التي قبلناها كمبادرة دولية تتضمن التزامات فلسطينية إسرائيلية متبادلة على الصعيد الأمني، والتزامات إسرائيلية على صعيد وقف الاستيطان والانسحاب العسكري، وعقد المؤتمر الدولي والعودة إلى طاولة المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم وهي "اللاجئون والقدس والمستوطنات والحدود والمياه" وغيرها، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، وتحقيق السلام العادل والدائم.

وهنا أود تسجيل حقيقة موضوعية، لتطورات ما بعد اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين. وحتى يومنا هذا. وهي ان التطرف الإسرائيلي نجح في إدخالنا إلى دائرة الفعل ورد الفعل، وأغرقنا في نزيف دموي، مما خلق مناخا يصعب معه تغليب الجانب السياسي والتفاوضي في إدارة الصراع.

ولا نستطيع أن نتجاهل بالمقابل أنها جرت محاولات جدية وعلى مستويات رفيعة، لوقف التدهور في عملية السلام برمتها، ومنها قمم شرم الشيخ، وقمة كامب دافيد، وآخرها خطة خارطة الطريق و رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش القائمة على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية ومزدهرة تعيش بأمن وأمان وسلام جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل. وهذا بدون أدنى شك تطور تاريخي في موقف الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي هذا الإطار وإدراكاً منا للمصلحة العليا لشعبنا الفلسطيني، فقد كان التوصل إلى هدنة وفرت في المرة الأولى هدوء غير مسبوق لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وما تبعها خلال العام الماضي من تهدئة نسعى معا وبجدية لتثبيتها كي نوفر المناخ المواتي لاستئناف المسيرة السياسية، والعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة.

أخواتي وإخواني أعضاء المجلس،

يجري كثير من الحديث وبنوع من التشهير عن تضخم الجهاز الإداري للسلطة وكلفته المالية المرتفعة، فهل نستطيع أن نتجاهل أن العدوان الإسرائيلي خلال سنوات الانتفاضة قد ترك آثارا مدمرة على وضعنا الداخلي اقتصاديا وإداريا، حيث التحق بطوابير العاطلين عن العمل عشرات الآلاف من العمال الذين منعوا من دخول إسرائيل، وتقلصت رؤوس الأموال الخاصة العاملة في الأراضي الفلسطينية، ولحق الخراب والخسائر بالمؤسسات التي كانت قائمة بسبب سياسة العقوبات الجماعية، والإغلاقات والحواجز وتدمير البنى التحتية واقتلاع الأشجار، وغيرها مما لا حصر له من إجراءات أحالت حياة الشعب الفلسطيني إلى جحيم.

ولقد أفضى الوضع المشار إليه، إلى تحمل السلطة الوطنية الفلسطينية وحدها جميع هذه الأعباء، وصارت بحكم هذه الظروف هي المسؤولة عن حل مشاكلَ لها أول ولا يعرف لها آخر، يقف في طليعتها مهمة امتصاص جيوش العاطلين عن العمل، وبخاصة من خريجي الجامعات، الذين ينهون دراستهم سنويا بالآلاف، ولا يجدون فرص عمل في ظل ضعف القطاع الخاص، وضعف قدرته على استيعابهم، الأمر الذي أفضى إلى تحول السلطة سواء أرادت أو لم ترد، إلى اكبر رب للعمل، وهو ما أسفر حكما عن تضخم في الجهاز الوظيفي الحكومي، وأُتخمت الوزارات والمؤسسات بالموظفين.

وكما تعلمون جميعا، فقد أدى هذا الوضع إلى تحميل الموازنة العامة حملا ثقيلا وزاد من اعتمادنا الكبير على الدعم الدولي، وجعل تأمين مستلزمات القطاع الحكومي من رواتب ومصروفات جارية عمليةً تتطلب من كل حكومة فلسطينية، التحرك بشكل دائم ومستمر لحشد علاقاتنا الدولية وتأمين الدعم من قبل الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم، وإذا كانت قد حصلت أخطاء أو تجاوزات أو مخالفات فعلينا أن لا ننسى الانجازات التي تمثلت في بناء المؤسسات وإعادة الإعمار في مختلف المجلات، وخاصةً قطاعي التعليم والصحة فقد بدأت الحكومات السابقة، وبتوجيه وإشراف المجلس التشريعي، بعملية إصلاح شاملة تهدف إلى تصويب هذا الوضع الاستثنائي، من خلال ترشيد القطاع العام وتخفيف العبء عن الموازنة.

وعلى الرغم من التحديات، التي تواجه هذه العملية، وأولها استمرار الإجراءات الإسرائيلية التعسفية، وما يترتب عليها من وضع اقتصادي متدن، فقد تم إحراز تقدم لا بأس به، وعلى الحكومة القادمة ومن موقع المسئولية الوطنية، الاستمرار في هذا الجهد.

أخواتي وإخواني ومن موقعي، كرئيس منتخب للسلطة الوطنية وكرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانطلاقا من برنامجي الذي انتخبت على أساسه أؤكد على ما يلي:

أولاً: سنواصل التزامنا رئاسة وحكومة بالنهج التفاوضي كخيار استراتيجي سياسي واقعي، نجني من خلاله ثمار كفاحنا وتضحيات شعبنا المتواصلة ونضاله الحثيث على مدى عقود طويلة من الزمن. وسنجد عبر إدارة المفاوضات بجدية وحكمة، فرصة عملية لتحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة ويدعمنا في ذلك قرارات دولية شديدة الوضوح بشأن قضيتنا وحقوقنا.

وفي الوقت الذي نعتمد فيه النهج التفاوضي كخيار سياسي، يتوجب علينا مواصلة وتطوير أشكال المقاومة الشعبية ذات الطابع السلمي. مطلوب منا جميعا الاستمرار في تفعيل وتقوية دور منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا والتي تقود وتشرف على كل ما يتعلق بمصيره بما في ذلك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

 ثانياً: إن تعطيل المسار التفاوضي من قبل إسرائيل واستبداله بسياسة القبضة الحديدية والمغامرات أحادية الجانب ومواصلة بناء الجدار، وتعزيز وتطوير الاستيطان ومواصلة سياسة الاغتيالات لن تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والابتعاد عن السلام والاستقرار، وإذا كان هنالك من يظن إن هذا النوع من السياسات سيرغم شعبنا على رفع الراية البيضاء والاستسلام فهو واهم تماماً إذ أنه لا يعرف حقيقة هذا الشعب وإيمانه وقوة تصميمه على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة، ومن هنا أؤكد رفضنا المطلق لنهج الأحادية، وأتوجه بنداء إلى العالم المتعطش لرؤية سلام واستقرار في الشرق الأوسط واخص بالنداء اللجنة الرباعية وبوجه خاص الإدارة الأميركية كي تبدأ على الفور جهودا جدية لإعادة المسار التفاوضي إلى العمل على أساس الشرعية الدولية ورؤية الرئيس بوش والمبادرة العربية للسلام والاتفاقات والتفاهمات الموقعة من أوسلو حتى خطة خارطة الطريق.

ثالثاً: إن التغيير الداخلي- الذي حدث جراء الانتخابات التشريعية - والذي أدى إلى حصول حركة حماس على أغلبية أعضاء المجلس التشريعي، ونهنئهم، ينبغي أن لا يكون مبرراً لمزيد من العدوان ضد شعبنا ولا مبرراً لابتزاز هذا الشعب، فالشعب الفلسطيني لا يعاقب على خياره الانتخابي، وقيادة هذا الشعب وأنا شخصيا أرفض هذا الابتزاز وأدعو الجميع إلى التراجع عنه.

رابعاً: إن عملية إصلاح السلطة الوطنية، يجب أن لا تتوقف، وسأواصل رعاية جميع المبادرات الإصلاحية، سواء تلك التي يقوم بها القضاء تنفيذا لقرار من جانبنا، أو أي مبادرات جديدة تصب في هذا الاتجاه لأنني مصمم على تنفيذ برنامجي الذي فوضني وانتخبني شعبنا على أساسه وعلى تطبيق الشعارات الأساسية التي رفعتها للوصول إلى سلطة واحدة ثابتة قوية وفعالة توفر الأمن والأمان لكل مواطنيها وتمتلك القدرة على الوفاء بالتزاماتها وحماية مصالح شعبها سلطة تحترم القوانين وتلتزم بتنفيذها، وتحترم مؤسساتُها مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز سلطة القضاء على وجه الخصوص، وفرض سلطة القانون الواحد على الجميع، وسلاح شرعي واحد، وتعددية سياسية، سلطة تكون مقدمة سليمة لولادة دولتنا العتيدة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، التي نحلم بأن نراها إضافة نوعية للدول القائمة في المنطقة، تؤدي التزاماتها بكفاءة ومصداقية وتتمتع بحقوقها على قاعدة العدالة، ولا نريد أكثر مما كفلته لنا الشرعية الدولية ككل لا يتجزأ.

وكما أجرينا انتخابات حرة ونزيهة، نتطلع لرؤية حكومة تواجه التحديات وتؤدي مهامها بكل كفاءة واقتدار وبمناسبة الحديث عن حكومتنا العتيدة فإنني أذكّر أعضاء المجلس وأعضاء الحكومة القادمة بحتمية احترام كافة الالتزامات الموقعة، والعمل بمقتضى المصلحة الوطنية على إنهاء ظاهرة الفوضى، فوضى السلاح وبما ان الجميع يشارك الآن في بنية وهيكليات سلطة وطنية بكل مؤسساتها فعلى الجميع، دون استثناء أن يلتزم بحتمية وجود سلاح واحد هو سلاح الشرعية.

خامساً: إني وبعد كل ما تقدم، أؤكد على حقيقة كانت بمثابة الدرع الواقي لثورتنا ومنظمتنا وسلطتنا الا وهي عدم الانجرار في مواقفنا وسياساتنا إلى أي تمحور من أي نوع، ذلك لأننا نعتز بعمق انتمائنا العربي والإسلامي ونعتز بدورنا الوحدوي والتوحيدي فيهما، مثلما نعتز بوقوف الجميع معنا ومع حقوقنا وعدالة قضيتنا واحترام قرارنا الوطني المستقل.

أيتها الأخوات أيها الأخوة،

اسمحوا لي أن أتطرق إلى أحد أهم وأخطر جوانب تجربتنا في السلطة الوطنية، وأعني به الأمن إن البعد الأمني في مشروعنا الوطني، ظهر ومن خلال تجربة السنوات العشر الماضية، على أنه بُعد مفصلي رئيسي، يتحدد على ضوء أدائنا له، مستقبل تجربتنا، ومشروعنا والأمن هو توفير الأمان للمواطن وللمجتمع بأسره، أمان للحياة من كل جوانبها، أمان لكل من يعيش على أرضنا وبين ظهرانينا، والأمن هو تنفيذ التزاماتنا وهنا تقع على كاهلنا جميعا مسئولية كبيرة لمواجهة الفوضى التي تجتاح بعض مدننا، عبر عمليات السطو والاقتحام المسلح، واختطاف الأجانب، والأشقاء، الذين هم جميعا يعيشون على أرضنا، وعلى الحكومة ألا تسمح باستخدام هذه الظاهرة المشينة، وينبغي اتخاذ الإجراءات الصارمة والناجعة لوضع حد نهائي لها، ينبغي ألا يُسمح لأي عابث باستغلال أرقي الشعارات وأعدلها، كي يمارس أبشع أشكال وصنوف التعدي على حرمة حياة المواطن وممتلكاته وعلى الضيوف والبعثات الدبلوماسية.

إن تحقيق الأمن يتطلب إيلاء المؤسسة الأمنية كل الاهتمام لتمكينها من أداء دورها بما في ذلك التجهيز والتدريب، وعلى الجانب الإسرائيلي، ودول المجموعة الرباعية أن تسهل وصول السلاح والتجهيزات لقوى الأمن، نحن لا نريد أن نتعاون مع المافيات والمهربين ولن نقبل أن نتعامل مع المافيات والمهربين، نحن دولة وسلطة تحترم نفسها، ونريد أن نأتي بمعداتنا عبر الأصول والطرق القانونية، ويجب الاستمرار في عملية إعادة الهيكلة وفق القانون الأساسي، وفي هذا الإطار سنعمل بشكل جدي وحاسم على تنشيط عمل مجلس الأمن القومي ليقوم بدوره في رسم السياسات الأمنية وتوجيه عمل الأجهزة الأمنية.

السيدات والسادة الأخوات والأخوة أعضاء المجلس

 كثيرة هي المهام والأعباء، فهناك قطاع التعليم الذي يتطلب الإسراع في تطويره من خلال بناء المدارس والمعاهد والجامعات القادرة على مواكبة التقدم العلمي والاجتماعي، إن التعليم العصري الذي يستند إلى متطلبات التطور والانفتاح على العالم، وبذل روح التفكير الحر والاجتهاد ومقاومة الانغلاق والتعصب، هو صمام الأمان لتنشئة أجيال جديدة في جو صحي يساهم في التنمية والتحديث والتقدم بمجتمعنا وشعبنا، وكل ذلك إضافة للقطاع الصحي والاقتصادي والصناعي والزراعي والتجاري والثقافي والرياضي والسياحي وفي مجالات البيئة وكلها تحتاج إلى إكمال ما بدأناه والبناء عليه نحو مجتمع حر متقدم، نحو إنسان فلسطيني جديد مفعم بالأمل وبالنظرة نحو المستقبل، والاهتمام بوضع إخوتنا وأخواتنا المعاقين والجرحى، وأسر الشهداء والأسرى من أهلنا وجيوش الشباب العاطلين عن العمل والأسر الفقيرة فلا ننسى أن النسبة الكبيرة من شعبنا تعيش تحت خط الفقر.

إن بناء دولة ومجتمع جديرين بصفة الحداثة والتقدم، يتطلب منا جميعا الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة في المجتمع الفلسطيني والحيلولة دون أي انتقاص من دورها، فالمرأة الفلسطينية ناضلت وقاومت جنباً إلى جنب مع الرجل وصمدت بجواره على أرض وطنها وتساوت معه في الاستشهاد والسجن، ويحق لها أن تتساوى معه في جميع الحقوق بعد أن تساوت معه في جميع الواجبات، فكل التحية إلى المرأة الفلسطينية.

موضوع آخر أود التذكير به والتركيز عليه، وهو يتعلق بالنسيج الاجتماعي والوطني لشعبنا الفلسطيني، إن مسلمي ومسيحيي فلسطين، مواطنون متساوون أمام القانون، وأود التأكيد على أهمية حماية الحريات العامة والحريات الشخصية وفق القانون، وعدم المساس بها تحت أية ذريعة كانت، بما يشمل حرية التعبير والانتماء وسائر أشكال الحريات، بما فيها حرية مؤسسات المجتمع المدني، ونحن ملتزمون بتأمين وحماية ورعاية جميع الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، ولن نسمح لأية مجموعة مارقة أو جاهلة أن تثير نعرات طائفية، ففلسطين مهد الديانات السماوية أرض الإسراء والمعراج، أرض الأقصى، كما هي أرض المهد وكنيسة القيامة، ويقودني الحديث أيها الأخوة إلى موضوع القدس، قلب فلسطين النابض، لأؤكد أمامكم وأمام العالم أجمع وأخص بالذكر الجانب الإسرائيلي، أن الإجراءات التي تتم من عزل للمدينة وطرد لمواطنيها على شكل تطهير عرقي للمسيحيين والمسلمين الفلسطينيين، والإصرار على تهويد المدينة، كل ذلك وغيره من الإجراءات الإسرائيلية التي تتناقض مع القانون الدولي، لن يكون لها أي نوع من الشرعية، ولن تشكل امرأ واقعا يقبل به أي مواطن فلسطيني، وإن العناد الإسرائيلي بشأن القدس ومستقبلها سيحول دون تحقيق الهدف الذي نصبو إليه، وهو تحقيق سلام عادل بين دولتي فلسطين وإسرائيل، أدرك وتدركون حجم الأخطار التي تتهدد مدينة القدس وسكانها، وأتوجه بنداء إلى العالمين العربي والإسلامي، وكذلك إلى العالم المسيحي من أجل مد يد العون والمساعدة لأهلنا في القدس وتوفير سبل صمودهم وبقائهم، ومن جانبنا فسنعمل بكل الجهد والتصميم لتوفير الإمكانيات الكفيلة بتثبيت بقاء أهلنا في القدس.

أيتها الأخوات أيها الأخوة،

باسمكم جميعا أتوجه بالتحية والشكر والتقدير إلى أشقائنا في الدول العربية، وإلى الأشقاء في العالم الإسلامي، وإلى الأصدقاء في العالم أجمع شعوبا وحكومات، على دعمهم ومساعداتهم وتأييدهم لشعبنا الفلسطيني. وأتوجه إلى جيراننا الإسرائيليين، خاصة وأنهم على أبواب انتخابات برلمانية لأؤكد لهم بأن الطريق إلى الأمن يمر عبر السلام العادل، وبأننا واثقون أنه لا حل عسكري لهذا الصراع، وأن المفاوضات بيننا كشركاء متساوين من شأنها وضع حد لدوامة العنف التي آن الأوان لنوقفها، وأقول لهم بكل صراحة ووضوح أن استمرار الاحتلال والاستيطان وآخر فصوله الهجمة الاستيطانية التي تستهدف منطقة الأغوار لعزلها عن باقي الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والحواجز والقتل العشوائي وبناء الجدار والاعتقالات تقود إلى الكراهية واليأس وإلى استمرار الصراع.

فلنصنع معاً السلام اليوم قبل الغد، ولنعش في دولتين متجاورتين، ولنثقف أبناءنا ثقافة الحياة لا ثقافة الموت، ولنعلمهم إن الإنسان الحر هو من يدافع عن حرية الآخر، وأن من يحب الله هو من يحب أخاه الإنسان، وأود أن أؤكد بشكل خاص على أن عهد الحل أحادي الجانب قد انتهى، وأن محاولة رسم مستقبل شعبنا في إطار حل الكانتونات والمعازل وتمزيق الضفة الغربية والاستيلاء على الأغوار، وعزل القدس وتكريس الكتل الاستيطانية، سيؤدي إلى إغلاق أبواب الحل بيننا، إن هناك شريكاً فلسطينياً على استعداد للجلوس على طاولة التفاوض مع شريك إسرائيلي، للوصول إلى حل يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية، وخطة خارطة الطريق، وينطلق من أننا نريد حلاً عادلاً يضمن إنجاز السلام، وليس حلاً جزئياً منفردا أو مؤقتاً يقضي على تحقيق فرص السلام.

إن الدولة ذات الحدود المؤقتة خيار مرفوض من قبلنا، وقد جاءت على إنها خيار في خطة خارطة الطريق، ونحن اخترنا ورفضنا، ونحن في انتظار أن تحزم الحكومة الإسرائيلية أمرها، وتتخذ قرارها في هذا الشأن، لأن قرارنا في هذا الصدد هو الاستعداد التام لبدء مفاوضات الوضع النهائي فوراً، وأؤكد للعالم أجمع أننا نؤمن بان الحق فوق القوة، وأننا سنظل متمسكين بنفس العزيمة بحقوقنا وبرغبتنا في السلام، وعلى العالم بأسره أن يتحمل مسؤولياته لجعل الحلم حقيقة.  السلام في الأرض المقدسة.  السلام في أرض السلام.

وفقكم الله،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


خطاب السيد الرئيس أمام أعضاء برلمان جمهورية جنوب إفريقيا - كيب تاون (جنوب أفريقيا)

31-3-2006

معالي السيدة رئيسة الجمعية الوطنية
السيد رئيس مجلس المحافظات
السيد الرئيس
سيداتي سادتي

أشكركم على دعوتكم الكريمة للتحدث اليوم أمام ممثلي شعب جنوب إفريقيا الصديق، هذا البلد العظيم الذي يمثل نموذجاً لكل شعوب العالم في الكفاح من أجل المساواة بين جميع مواطنيه، البلد الذي قضى على نظام التفرقة العنصرية، والذي يواصل دعمه لقضايا الحرية في كل مكان، البلد الذي تربطه بنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني أقوى وأوثق العلاقات، ونتطلع إليه كنموذج نستمد منه العزم رغم كل الصعوبات، لنواصل مسيرتنا حتى يتحقق السلام العادل في منطقتنا، ونحصل على حقنا في تقرير مصيرنا بحرية، وتقوم دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

أنقل إليكم اليوم، أيها الأصدقاء والصديقات أعضاء البرلمـان، تحيات شعبنا الفلسطيني، تحيات أعضاء مجلسنا الوطني، ومجلسنا التشريعي المنتخب حديثاً، وأؤكد لكم مجدداً اعتزازنا بعمق ومتانة العلاقات النضالية والتاريخية بيـن شعبينـا، والتي أرسى دعائمها الرئيس والصديق العزيز، المناضل الإفريقي والعالمي نيلسون مانديلا، والرئيس الشهيد ياسر عرفـات، والتي تتواصل بكل حميمية مع الأخ والصديق الرئيس ثابومبيكي وحكومته، حيث نحـرص علـى الاستمـاع لنصائحـه، ونواصل تنسيق مواقفنا بشأن مختلف القضايا الثنائية والعالمية.

إن مواقف وسياسات جنوب إفريقيا بشأن قضايا حقوق الإنسان، ومناهضتها لكل الأساليب التي تخالف الحقوق الأساسية للشعوب، ودور جنوب إفريقيا في دعم وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، وحلِّ النزاعات في القارة الإفريقية، كل هـذا وغيـره، يمثل دوراً ريادياً لجنوب إفريقيا وقيادتها. كما أن إنجازاتكم العظيمة والواضحة برفع الظلم عن الملايين من أبناء شعبكم منذ التغيير التاريخي، الذي حصل بالقضاء على الأبارتهايد هو مثـال يحتذى، حيث أدى إلى تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي في ظل نظـام ديمقراطـي، يتمتع فيه كل مواطن بحريته، دون أي تمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق.

السيدات والسادة

تعلمون، أيها الأصدقاء، أن شعبنا الفلسطيني قدم ولا يزال يقدم تضحيات جسيمة من أجل حريته، وهو يعيش الآن مرحلة صعبة وخطيرة جداً، حيث يتعرض لكل أشكال التعذيب والتنكيل والخنق والحصار والاستيطان من قبل إسرائيل، قوة الاحتلال، التي تسعى من وراء كل ممارساتها العدوانية اللاشرعية ضد شعبنا إلى تكريس احتلالها واستيطانها لأرضنا ومقدساتنا وتدمير عملية السلام، وتقويض كل الفرص والجهود والمبادرات الدولية والإقليمية الرامية لإحيائها، وإنهاء سلطتنا الوطنية، وإن ما جرى في مدينة أريحا والجريمة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية هناك من اختطاف لكل من كانوا في سجن أريحا لهو خير دليل على نوايا إسرائيل وضربها عرض الحائط بكل الاتفاقات الدولية الموقعة، ونستنكر العملية التي وقعت في الضفة الغربية مساء أمس، وأدت إلى مقتل مستوطنين.

إن مشاركتكم الرأي والمشورة، أيها الأصدقاء الأعزاء، في هذه الظروف المعقدة في منطقتنا، هو شيء أساسـي وهـام جـداً، ونحن على يقين تام، بأننا سنصل خلال لقائنا مع فخامة الرئيس والصديق العزيز ثابو مبيكي، وأعضاء حكومته الموقرة، إلى نقاط وقواسم مشتركة، نستطيع معها الدفع في اتجاه إحياء عملية السلام في منطقتنا، ومن جانبنا، فنحن معنيون بالتعرف على تجربتكم الرائدة بشكل يساعدنا في دفع العملية السياسية في الشرق الأوسط إلى الأمام، ونرحب بأي جهد يمكن أن تقوم به حكومتكـم الموقـرة، ونؤكد لكم بأننا ورغم كل ما نعانيه، سنظل كما كنا دعاة سلام حقيقي، نتعامل بمسؤولية كاملة مع كل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية لإحياء مسيرة السلام وحمايتها، رغم تعطيل المسار التفاوضي من قبل إسرائيل، واستبداله بسياسـة القبضـة الحديديـة، والسياسـات أحاديـة الجانـب التـي نرفضهـا بقـوة، ونطالب بوقفها فوراً كونها تسعى لرسم وتحديد خريطة الحل النهائي من جانب واحد.

لقد وافقنا على خارطة الطريق التي أقرتها اللجنة الرباعية المشكلة من الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت قراراً من مجلس الأمن الدولي رقم 1515، ولكن حكومة إسرائيل وضعت أربعة عشر تحفظاً على هذه الخطة، واعتمدت على قوتها ونفوذها لتواصل سياساتها التوسعية واضطهادها لشعبنا، وحاولت أن تروج في العالم مفهوم أنه لا وجود لشريك فلسطيني للتفاوض معه، وأقول وأكرر أمامكم، نحن على استعداد لبدء المفاوضات فوراً، ولتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات التي وقعناها، وأن العقبة الحقيقة هي التعنت الإسرائيلي من جهة، وإحجام المجتمع الدولي عن التدخل بفاعلية حتى الآن من جهة أخرى.

لا يمكن القبول باستخدام التغيير الذي حدث عندنا نتيجة الانتخابات التشريعية الثانية، وفوز حركة حمـاس بأغلبيـة فيهــا كذريعة، لمزيد من العدوان ضد شعبنا، ومعاقبته على خياره الديمقراطي، ومن هنا فإننا ندعوكم، وندعو كل محبي الحرية والسـلام فـي العالـم، لبذل كل جهد ممكن مع القوى الدولية المؤثرة، لحمل إسرائيل على وقف عدوانها، وتنفيذ الاتفاقات المبرمة، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، على نحو يؤدي إلى إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة في كامل الأراضي التي جرى احتلالها من قبل إسرائيل في حزيران عام 1967، وهي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، ليتسنى لنا الوصول إلى السلام المنشود، الذي وحده يضمن الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة بما فيها إسرائيل، ويكفل لشعبنا التمتع بالعيش بحرية وكرامة وسيادة واستقلال على ترابه الوطني الفلسطيني.

معالي السيدة رئيسة الجمعية الوطنية
أصحاب السعادة

تعلمنا تجربتكم بأن السلام ممكن عندما تتحقق العدالة والمساواة، وبأن القوة مهما عظمت واستبدت لا تستطيع أن تقضي على إرادة شعب، وعلى حقه في الحياة الحرة الكريمة في أرضه، ولذلك فبمقدار رغبتنا في السلام مـع جيراننا الإسرائيليين، ومد اليد لهم، فإننا متمسكون بحقوقنا في وطننا، حتى نصل إلى اليوم الذي تكون لنا فيه دولتنا الحرة والمستقلة والديمقراطية، التي تعيش بسلام مع كل جيرانها بما فيها إسرائيل، وتسهم في استقرار وازدهار منطقة الشرق الأوسط، تحقيقاً لرؤية الرئيس جورج بوش.

إننا بحاجة في ظل أوضاعنا الصعبة إلى دعمكم، وإلى دعم المجتمع الدولي، فحجم المعاناة لا يوصف سواء على المستوى الاقتصادي أم على مستوى حركة الأفراد، حيث يُفرض ما يشبه المعازل على الفلسطينيين الذين يعيشون الآن في جزر تحاصرها المستوطنات أو قوات الجيش الإسرائيلي، وتُخصص شوارع للمستوطنين يمنع من استعمالها الفلسطيني، وأعتقد أن من زار فلسطين منكم، وشاهد حجم المعاناة، والتمييز والظلـم والاضطهـاد، قد تذكر أسوأ أيام التمييز العنصري التي كانت هنا في الماضي.

هنيئاً لكم بكل ما حققتموه، أيها الأشقاء، في جنـوب إفريقيـا، وعلى طريقكم نحن سائرون من أجل الحرية والسيادة والاستقـلال، وسنبقى معاً حتى يبزغ فجر الحرية والسيادة على كل ركن من أركان عالمنا، وسندافع عن حرية غيرنا كما ندافع عن حريتنا.
عاشت جمهورية جنوب إفريقيا، وعاشت الصداقة بين شعبي جنوب إفريقيا وفلسطين.

 


خطاب السيد الرئيس محمود عباس بمناسبة يوم الطفل رام الله

 10-4-2006

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، بمولده صلى الله عليه وسلم أنبزغ فجر جديد في العالم اهتزت له أركان القصور في مختلف بلدان العالم، حيث جاء إلى الحياة رسول الإنسانية رسول الإيمان رسول المحبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فنهنئكم ونهنئ الأمة العربية والإسلامية بعيد مولد رسولنا عليه الصلاة والسلام الذي خاطبه الله سبحانه وتعالى بقوله "وإنك لعلى خلق عظيم".

يصادف هذا اليوم ميلاد هذا الرسول الذي جاء للإنسانية كما قلت بالإيمان والأمن والأمان والمحبة جاء إلى الناس كافة، ولعل هذه هي سبب ونحن نتحدث إلى الطفل الفلسطيني، وإلى أطفال العالم الذين يربون نحو حياة أفضل نحو مستقبل أفضل لنعطيهم مثلا رائعا في الإسلام أيضا عندما أسلم أول طفل في الإسلام سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، هذا الطفل الذي رأى واستشف الإيمان والحياة مستقبلا قبل أن يستشفها شيوخ ورجال قريش فقال "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله". فقد يكون لدى الطفل رؤية لا تتوفر للكبار، وأنا أرى في عيونكم رؤية قبل أن تتوفر للكبار عندما تتحدثون عن حياتكم عندما تمارسون حياتكم عندما تمارسون تعليمكم ونشاطكم عندما تمارسون نضالكم عندما تمارسون كفاحكم من أجل حياة أفضل من أجل مستقبل أفضل قد ترونها أكثر مما يراها الكبار لذلك هنيئا لنا بكم يا أطفالنا الأعزاء.

وبهذه المناسبة، ونحن نتحدث عن الطفل وهو غير مقطوع عن الأم، الأم التي حملت وأنجبت وأرضعت والتي ربت وهي صاحبة الفضل كل الفضل بأنها أنشأت مثل هذا الجيل الشاب والطفل والرضيع والرجل الذي يقف شامخا اليوم في وجه الاحتلال في وجهة الجدار وفي وجه الاستيطان في وجه القمع اليومي في وجه الاجتياحات اليومية هذا الجيل امتداد لأجيال منذ مئة عام عندما قرروا حكم الإعدام على الشعب الفلسطيني ليأتوا اليوم يروه أكثر قوة وأكثر تصميما وأكثر عزيمة على التمسك بأرضه وطنه ومستقبله.

ونحن نحتفل بيوم الطفل نرى هذا الإنسان الذي يدرس هو نفسه الذي يصارع هو الذي ينزل إلى الشارع هو الذي يحمل الحجر لأنه يشعر أنه مسؤول وهو الذي يستشهد مثل محمد الدرة وهو الذي يجرح وهو الذي يعاق وهو الذي يسجن، العار كل العار على قوات الاحتلال التي في سجونها مئات من الأطفال إما موقوفون وإما محكومون بذنب لم يرتكبوه إلا أنهم يتطلعون إلى حياة أفضل يتطلعون إلى أن يروا مستقبلهم كما أي طفل في العام، في إسرائيل وفي غير إسرائيل من حق هذا الشعب ومن حق أطفال هذا الشعب أن يعيشوا حياة كريمة آمنة كغيرهم من بقية شعوب العالم.

نحن بالتأكيد إن لم نهتم بأطفالنا ليس لنا مستقبل لأنكم أنتم مستقبلنا وأنتم حياتنا القادمة أنتم امتداد لكفاحنا ونضالنا أنتم ستكملون حمل الشعلة إلى النهاية السعيدة التي نصل فيها إلى الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

نحن نريد وطنا خاليا من العنف خاليا من الإرهاب، وخاليا من الاستيطان وخاليا من الجدران، وخاليا من كل ألون العنف والعدوان، وطن نعيش فيه بمدارسنا بجامعاتنا ببيوتنا بمتاجرنا حياة آمنة، هل هذا طلب كبير؟ لا أعتقد ذلك وبالتالي نحن نتطلع إلى العالم الذي ظلمنا كثيرا والذي أهاننا كثيرا والذي تجاوزنا كثيرا وغض النظر عن حقوقنا كثيرا نحن نريد أن نقول لهذا العالم نحن شعب يريد الحياة ولابد أن يحصل على الحياة، كما قال الشاعر: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر، إن الله سيسمع من أصحاب العزائم والمصرين على الحياة يسمع منهم ويستجيب لهم.

بلا أدنى شك يجب أن نهتم اهتماما كبيرا بالطفل وبالمعسكرات، معسكرات الشباب معسكرات الصيف لأنها هي المدارس التي تربي الأجيال، جيل بعد جيل من أجل المستقبل لذلك يسعدنا جدا أن قانون الطفل قد اعتمد، ولكننا لا نسعد إلا إذا رأيناه يطبق تطبيقا على الأرض وسنعمل أيضا وبإذن الله من أجل قانون الأحداث ليكون لنا هذا القانون حكما لكل القضايا التي نعرض لها وتعرفون إننا مررنا عشرات القوانين التي تحكم حياتنا التي تحكم مؤسساتنا، واعتقد أننا بحاجة لعشرات القوانين من أجل أن تكون حياتنا كدولة حياة مؤسسات نحن نؤمن بالمؤسسة التي تحكم والتي من خلالها يتم التعامل مع الجمهور التعامل الفردي بطبيعة الحال من غير المعقول أن يكون سائدا في بلادنا لذلك هذه القوانين التي تتعلق بالأطفال وتتعلق بغير الأطفال من القضاء إلى الأمن إلى المؤسسات الأخرى تمر يوما بعد يوم، ونرجو الله أن يتاح لها التطبيق، لأننا عند التطبيق نطمئن وعندما يكون لدينا القانون لا احد يمكن أن يحتج فالقانون كان ظالما أو عادلا، وبالتالي الكل سيكون مرتاحا الكل سيكون مطمئن إلى أن دولة القانون دولة المؤسسات التي تحكم.

نقول لكم قد ينقصنا الكثير لكن علينا أن نعمل من أجل تحقيق هذا الكثير من خلال مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية والقضائية. إن القرارات التي تأخذها الحكومة الإسرائيلية من عزل ومن إجحاف، وإلحاق الأضرار وباعتبار السلطة سلطة إرهابية يتناقض تماما مع الاتفاقات التي عقدناها معهم يتناقض مع الشرعية والقوانين الدولية، ولذلك نرفع صوتنا عاليا نطالب هذه الحكومة بأن تكف عن كل هذه الإجراءات التي راحت تتلاحق يوميا والتي من شانها وضع السلطة الفلسطينية في عزلة، نحن لن نسمح لن نقبل بأن يكون هذا الهدف محققا من قبل الإسرائيليين، وسنخرج من هذه العزلة مهما كلفنا ذلك من ثمن. ونحن نقول للحكومة الإسرائيلية نحن شعب مسالم ولكنه يريد حقه يريد حقوقه التي أقرتها الشرعية الدولية نحن لا نطالب بشيء خارج إطار الشرعية الدولية، عندما قالوا المبادرة العربية قلنا نعم، نحن نوافق على المبادرة العربية وعندما قالوا خطة خارطة الطريق قلنا نريد خطة الطريق التي تعني دولة فلسطينية مستقلة التي تعني دولة خالية من الحيطان والاستيطان وحلا عادلا ومتفقا عليه لقضية اللاجئين حسب القرار 194 التي تعني أن نعيش في هذا المحيط بأمن وأمان، هل هذا كثير علينا؟ هل هذا فوق ما يحترمه العالم؟ لا اعتقد. نحن مصرون وأرى الإصرار في عيونكم وفي تصميمكم أن نصل إلى هذا الهدف بإذن الله. وواثقون تماما انه سيأتي اليوم الذي نحقق فيه هذا الحلم الذي انتظرناه قرنا كاملا من الزمن ولن ننتظر أكثر من ذلك، وسيأتي بإذن الله.

 


كلمة السيد في معهد نوبل في العاصمة النرويجية أوسلو

 26-4-2006


السيدات والسادة رئيس وأعضاء معهد نوبل
السادة الحضور
الأصدقاء الأعزَّاء

أتوجه بالتحية إليكم جميعاً، وأشكركم على دعوتكم، كما يُشرفني الحديث في هذا المعهد الهام وأمام شخصيات لها خبرتها واهتمامها بقضايا الشرق الأوسط، وفي بلد كان له الإسهام التاريخي بتوقيع أول اتفاق فلسطيني إسرائيلي حمل اسم اتفاق أوسلو، أو اتفاق إعلان المبادئ في أوسلو، وهو اتفاق ما كان له أن يتم لولا الجهود الهائلة والمثابرة والساعات الطويلة التي قضاها عدد من المسؤولين النرويجيين، تحت قيادة المرحوم وزير خارجيتكم آنذاك رجل السلام والمبادئ الإنسانية يوهان هولست، ومعه جان أيجلاند، ومونا يوني، والرجل الديناميكي الذي لا يكلّ ولا يمل من أجل تحقيق هدف يؤمن به وهو تيري رود لارسن.

لقد قُدت فريقنا المفاوض تحت إشراف رئيسنا الراحل ياسر عرفات في تلك المفاوضات التي جرت بكل سرية وتوجت بتوقيعي على الاتفاق مع شيمون بيرس وزير خارجية إسرائيل آنذاك، في الاحتفال التاريخي الذي جرى في البيت الأبيض يوم 13 سبتمبر 1993.

تذكرون بلا شك حجم التغطية الإعلامية التي جرت لذلك التوقيع على الاتفاق، والآمال الكبيرة التي علقها العالم بأجمعه بأن يؤدي ذلك إلى إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وهو أساس الصراع العربي- الإسرائيلي، فيحل السلام في منطقة الشرق الأوسط، بقيام دولتين على أرض فلسطين التاريخية هما إسرائيل وفلسطين، تتعايشان بأمن وسلام.

يُدرك كل مُطلِّع على تاريخ هذا الصراع بأن الجانب الفلسطيني قدم تنازلات كبيرة، لم تكن ممكنة لولا وجود قيادة فلسطينية شجاعة لها مصداقيتها، إذ إننا وافقنا بموجب اتفاقيات أوسلو التي لازلنا ملتزمين بها، على إقامة دولتنا الفلسطينية على 22 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية، وهي مساحة الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، والتي جرى احتلالهما من قبل إسرائيل عام 1967.

منذ توقيع ذلك الاتفاق ظهرت قوى معارضة له بين صفوف الشعبين، وفي حين بقيت قيادة منظمة التحرير التي وقعت الاتفاق تقود السلطة الفلسطينية، فقد حدث نقيض ذلك على الجانب الإسرائيلي إذ أدى اغتيال موقَع الاتفاق رئيس الوزراء السابق اسحق رابين، إلى وصول بنيامين نتنياهو لرئاسة وزراء إسرائيل والذي كان معارضاً ومعادياً للاتفاق، فاتبع سياسة التهرب من تنفيذ الاستحقاقات المترتبة على تطبيقه، بدءاً من الإسراع في التوسع الاستيطاني على أرضنا الفلسطينية، وإحكام الحصار على القدس الشرقية وتغيير معالمها لفصلها عن باقي الضفة الغربية، وسن مختلف القوانين العنصرية لإجبار المواطنين الفلسطينيين في هذه المدينة من مسيحيين ومسلمين على مغادرتها.

يُضاف إلى ذلك أن الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية زادت سوءاً فمن جهة وُضعت العراقيل أمام حركة العمالة الفلسطينية في إسرائيل، ومن جهة أخرى لم تكن متوفرة لنا ظروفاً مناسبة لبناء اقتصاد فلسطيني يمكن أن يستوعب أعداد العمال الذين فقدوا عملهم، خاصة و أنه لا سيطرة لنا على حدودنا مع العالم الخارجي ولعدم وجود مطار أو ميناء، فإسرائيل بقيت تسيطر على حدودنا مع الدول العربية المجاورة، وهو ما تغير نسبياً في السنة الأخيرة بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وإشرافنا بالتعاون مع المراقبين الأوروبيين على معبر رفح، ولكن الضفة الغربية تكاد تكون سجناً كبيراً، تتخلله عشرات الحواجز الإسرائيلية، وتنتشر في أرجاء الضفة عشرات المستوطنات.

كان لعدم الالتزام بتطبيق ما اتفق عليه بشأن تجميد الاستيطان أو إطلاق سراح الأسرى أو الانسحاب حسب الجداول الزمنية، نتائج مأساوية أسهمت في إدخالنا إلى دائرة الفعل ورد الفعل العنيف، فكان الاستخدام المفرط للقوة من جانب إسرائيل حيث استخدمت أحدث أنواع أسلحتها، واستحدثت أسلوباً جديداً وهو الاغتيال بواسطة صواريخ الطائرات التي أودت بحياة العديد من المواطنين الأبرياء وهم داخل بيوتهم أو يسيرون في الشوارع، وهو ما أسميه بحق شكلاً من أشكال الإرهاب، الذي يؤدي إلى إزهاق أرواح الأبرياء، وتعميق الكراهية.

لقد أدنّا الإرهاب والعنف من جانب المجموعات الفلسطينية منذ البداية، وكان بالإمكان تجنب الوصول إلى حمام الدم الذي دخلنا فيه خلال السنوات الماضية، لولا إصرار الحكومة الإسرائيلية على رفض التعاون الأمني معنا، بل تدمير مؤسساتنا وأجهزتنا الأمنية، والتصرف من طرف واحد، وبمنطق القوة فقط لا الحوار، وهو ما يمكن إدراجه ضمن السياسة الإسرائيلية المرفوضة من جانبنا بشأن الحلول أحادية الجانب، والتي تشمل إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.

السيدات والسادة،

كثيراً ما يتردد على لسان قادة العالم، بأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو المدخل لحل الكثير من الصراعات، إذ من شأنه أن يفقد الحركات الدينية المتعصبة مبرراتها وحججها، وسيؤسس لقيام شرق أوسط يكون منطقة أمان وازدهار، تتوفر لشعوبه إمكانيات النمو والتطور الاقتصادي، بدل الاستنزاف الهائل لموارد هذه المنطقة على التسلح، والسؤال ما الذي يعيق ذلك؟ وأين هي مسؤولية المجتمع الدولي وهيئاته والدول المؤثرة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن؟

لا شك أنه كان بالإمكان إنهاء هذا الصراع منذ زمن بعيد لو تم تطبيق قرارات الأمم المتحدة بالإجماع على قاعدة الأرض مقابل السلام وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار الأمم المتحدة 194، ولكن إسرائيل وكما يعلم الجميع تصرفت دائماً على أساس أنها فوق القانون الدولي، بل إنها كانت ولا زالت تشترط من هو الطرف الدولي الذي تقبل به ليكون شبه وسيط وليس وسيطاً كاملاً، حتى لو كان ذلك الطرف الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم لإسرائيل كل أشكال الدعم، والتي استعملت حقها في الفيتو عشرات المرات دفاعاً عن إسرائيل، ومنعاً لقرارات تُدينها.

لا أريد أن استعرض أمامكم عشرات المحاولات والمبادرات فأمامنا الآن خطة خارطة الطريق الدولية التي أصبحت قراراً لمجلس الأمن تحت رقم 1515، وهذه الخطة تتضمن كل الشروط التي توفر إمكانيات حل الصراع، والتي أسهم وزير خارجيتكم إسهاماً كبيراً في صياغتها، وقد أعلنا موافقتنا الفورية منذ أن تم عرضها على الرئيس الراحل عرفات، في حين أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون أربعة عشر تحفظاً عليها.

أعتقد أنه إن أُريد حل الصراع فيجب ألا يترك الطرفان لوحدهما مع وجود هذا الخلل بين محتل وواقع تحت الاحتلال، بل يجب الدعوة فوراً إلى مؤتمر دولي، تتم من خلاله المفاوضات المباشرة، على أساس قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة، وتمارس المجموعة الدولية سواء كانت اللجنة الرباعية، أو أي إطار دولي آخر، دور الوسيط والحكم في نفس الوقت.

لابد من تحرك المجتمع الدولي وبسرعة، إذ إن إجراءات إسرائيل الأحادية الجانب التي تحاول من خلالها فرض تصورها وخريطتها التوسعية، بإقامة جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس، ومصادرة الأراضي الفلسطينية ومنها منطقة غور نهر الأردن، سيؤدي عملياً إلى ضم أكثر من 58 بالمائة من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل، والاستيلاء على المياه الجوفية الفلسطينية، وتحويل أراضينا إلى كانتونات معزولة لا تواصل جغرافياً بينها، مما يعني القضاء على أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.

من هنا، ومن موقعي كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وكرئيس منتخب للسلطة الوطنية الفلسطينية، فإنني على أتم الاستعداد للبدء فوراً في مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية، ويهمني أن أوضح بأن الانتخابات التشريعية التي جاءت بحماس إلى الحكومة لا تشكل عائقاً أمام المفاوضات، فالمفاوضات من صلاحيات منظمة التحرير التي وقعت كل الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل.

السيدات والسادة
أيها الأصدقاء الأعزاء

إننا نتطلع إلى إقامة دولة فلسطينية تجسد حق شعبنا في تقرير المصير، وتكون واحة للأمن والأمان والاستقرار، والممارسة الحقيقية للديمقراطية؛ تعيش بسلام ووئام وجوار حسن، وفي إطار من الثقة والاحترام المتبادل، مع كافة دول المنطقة وشعوبها، بما في ذلك إسرائيل، نريدها دولة مسالمة تكرس جهودها لبناء الإنسان، وضمان التنمية البشرية المستدامة واضعة في سلم أولويتها تجسيد القيم الإنسانية كما أقرتها الأمم المتحدة.

ولا نريد وليست لدينا الإمكانيات، لإقامة دولة ذات قوة عسكرية، بل نطمح لإقامة مؤسسات أمنية وفقاً لأعلى المعايير الإنسانية الدولية، تحمي المواطن، وتحرص على حماية القانون وسيادته، إننا نرغب في تكريس كل ما يتوفر لنا من مال من أجل بناء مؤسسات تعليمية تربوية وثقافية، وبنية تحتية تسهم في تحقيق الرخاء والرفاه والتقدم لشعبنا، وترفع من مستوى معيشته؛ نريد قوة أمن تستطيع أن تكون حامية لتعهداتنا والتزاماتنا الدولية. وللوصول إلى هذه الغاية لابد أن ينتهي الاحتلال، ويرحل المستوطنون إلى ما وراء خطوط الرابع من حزيران لسنة 1967.

وبناءً على ما تقدم فإننا نُناشد المجتمع الدولي بشكل عام، وأوروبا على المستويين الفردي لكل دولة على حدة، والجماعي في إطار الاتحاد الأوروبي، بالاستمرار في تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي، لتمكيننا من تحقيق غاياتنا في إرساء السلام في المنطقة وجعله حقيقة ناجزة.

نُريد في فلسطين والعالم العربي عموماً، تفاهماً أفضل مع أوروبا، تفاهماً بين جيران يعيشون في عالم يتغير حيث أزالت العولمة كل الحدود.
إنني أرفض مفهوم صدام الحضارات، كما أرفض مفهوم صراع الأديان، وأنا من الداعمين للمبادرة الأسبانية بشأن تحالف الحضارات، ومن المُؤيدين لما رعاه الفاتيكان والمؤتمر الإسلامي بشأن الحوار بين الأديان. لا بد من توسيع دوائر الحوار والتواصل وتعميق المعرفة بالآخر، من أجل هزيمة التطرف سواء كان سياسياً أو دينياً أو عِرقياً.

إنني رغم كل الصعوبات أتطلع بتفاؤلٍ نحو المستقبل، ولدي إيمان عميق بأن أغلبية الفلسطينيين والإسرائيليين يريدون السلام فلا حل عسكرياً لهذا الصراع، وليس أمامنا من خيار آخر سوى العيش معا وجنباً إلى جنب في دولتين مستقلتين على هذه الأرض المقدسة للديانات السماوية الثلاث، لنجعل من القدس كما نحلم بها عاصمة لدولتي فلسطين وإسرائيل مفتوحة أمام كل المؤمنين ليمارسوا شعائرهم بحرية.
أشكركم على إصغائكم وآمل أن يصبح الحلم حقيقة.


كلمة السيد الرئيس الموجهة للمشاركين في مؤتمر فلسطينيي أوروبا في مالمو

7-5-2006

أيتها الأخوات أيها الأخوة أعضاء المؤتمر

يطيب لي أن أتوجه إليكم، باسم شعبنا الفلسطيني، وباسمي شخصياً بأصدق تحياتي وتقديري، مغتنماً فرصة انعقاد مؤتمركم الرابع لفلسطيني أوروبا في مدينة مالمو على أرض السويد البلد الصديق، لأعبر لكم جميعاً عن تمنياتي لمؤتمركم بالنجاح وتعميق الحوار بين أبناء جالياتنا الفلسطينية، وتعزيز أواصر انتمائهم لوطنهم الأم فلسطين، وقضيتنا العادلة على طريق إحقاق حقوق شعبنا الفلسطيني غير القابلة للتصرف في الحرية والعودة وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

يأتي انعقاد مؤتمركم الرابع في ظروف بالغة الدقة والخطورة، يعيشها شعبنا الفلسطيني، ولا سيما عقب الانتخابات التشريعية وما ترتب عليها من نتائج وردود أفعال، ونحن إذ نصر على احترام الخيار الديمقراطي لشعبنا الفلسطيني، فإنه لا يجوز معاقبته على ذلك، وكما يعرف الجميع فإن تلك الانتخابات تمت في ظل إشراف ومراقبة دولية وإقليمية، وشهد لها الجميع بالنزاهة والشفافية.

إن شعبنا الفلسطيني رغم ما يتعرض له من حصار وإغلاق واجتياحات عسكرية لمدننا وقرانا ومخيماتنا، ومن قتل وتدمير لمؤسساتنا واعتقال لأبناء شعبنا، فضلاً عن احتجاز الأموال العائدة لشعبنا من الضرائب، إلا أنه يصر على التمسك بثوابته وحقوقه الوطنية التي كفلتها له قرارات الشرعية الدولية.

ونود التأكيد هنا، بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الوحيد والشرعي الذي يمثل شعبنا الفلسطيني، وأن التشكيك في هذا الأمر لا ينقص من وحدانية هذا التمثيل وهذه الشرعية، وما نبذله من جهود حثيثة ومخلصة لإصلاح المنظمة وتفعيل مؤسساتها ودورها، يحتم علينا جميعاً مهما اختلفت توجهاتنا ومشاربنا الفكرية والسياسية، أن نلتزم بحماية هذا الإطار الذي دفع شعبنا ثمناً باهظاً من الدماء والجهود من أجل تكريسه ممثلاً لشعبنا الفلسطيني، فالمنظمة هي مظلتنا جميعاً وعبر أطرها وهيئاتها تم تحقيق الإنجازات الكبيرة وتثبيت الهوية الوطنية الفلسطينية في وجه كل محاولات الطمس والتذويب.

ولقد كنا وما زلنا نتخذ من المفاوضات نهجاً لحل النزاع وإقامة السلام المنشود، الذي يلبي تطلعات وأماني شعبنا في السيادة والاستقلال وفقاً لروح الحق والعدل، والذي تم التركيز أيضاً عليه في مبادرة السلام العربية في قمة بيروت وخطة خارطة الطريق، هذه الخطة التي تم اعتمادها في قرار مجلس الأمن رقم 1515، وإنني في برنامجي الانتخابي والذي انتخبت على أساسه قد أشرت إلى موضوع حق العودة ضمن موضوعات أخرى، وأعلنت التزامي كما أعلنه اليوم أمامكم في هذا المؤتمر عن تمسكنا بخيار إقامة السلام العادل والشامل وحل كافة قضايا الوضع النهائي وصولاً إلى تجسيد حق تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني في دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كافة الأراضي الفلسطينية، التي احتلت في 5 يونيو- حزيران 1967.

مرة أخرى أحييكم أيتها الأخوات أيها الأخوة وأرجو لمؤتمركم تحقيق كل ما تتطلعون إليه من خير لفلسطين أرضاً وشعباً وقضية، مهيباً بكم وبكل أبناء شعبنا وحيثما تواجدوا في الوطن أو الشتات، الحرص والحفاظ على وحدة الكلمة والصف، فبوحدتنا الوطنية وتوافقنا وتعزيز آفاق الحوار وتوسيعها فيما بيننا، نحقق الإنجازات المطلوبة ونجعل أماني شعبنا وتطلعاته في الحرية والسيادة والاستقلال حقائق ناجزة على ترابنا الوطني الفلسطيني.

 

كلمة السيد الرئيس الموجهة للشعب بمناسبة الذكرى الــ "58" للنكبة رام الله

15-5-2006

بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات أيها الإخوة
يا أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في الوطن والشتات

ثمانية وخمسون عاماً مرت على النكبة التي حلت بشعبنا، يوم اقتلع مئات الآلاف من بيوتهم وممتلكاتهم، ثمانية وخمسون عاماً من الآلام والدموع، ومن الصبر والصمود والتضحيات، جعلت من قضيتنا نموذجاً لانعدام العدالة، وعدم احترام قرارات الشرعية الدولية.

أجيال خلف أجيال ولدت في مخيمات اللجوء، أو تحت الاحتلال، ظلم وقمع لا مثيل لهما، ومحاولات لطرد من تبقى من أهلنا في وطنهم، ومحاولات لا عدّ ولا حصر لها لإجبار الفلسطينيين على التوطين، أو الهجرة إلى المنافي البعيدة.

ولكننا لم نستسلم، ولم نرضخ، فكانت ثورتنا التي انطلقت في الفاتح من عام 1965 لتقول للعالم أجمع، شعب فلسطين لم يمت، شعب فلسطين لم يُنس، أين نحن اليوم رغم كل الصعوبات مما كان يخطط لنا، بأن الكبار سيموتون وأن الصغار سينسون؟

أعلم علم اليقين أيتها الأخوات والإخوة، صعوبة الظروف التي يعيشها شعبنا في الشتات، وخاصة المخيمات في لبنان والعراق، كما أُدرك حجم الحنين للوطن من قبل مئات الآلاف الذين قادهم القدر إلى منافٍ بعيدة. وأعيش يومياً معاناة شعبنا في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. وأتذكّر، وأترحّم على من هم أقدس منا جميعاً. . . الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطن حر ومستقل وسيد لنا ولأولادنا وأحفادنا، فرحمة الله على القائد الرمز ياسر عرفات، وعلى كل إخوانه الشهداء، ووعدنا وعهدنا لهم جميعاً سنواصل المسيرة حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وباسمكم جميعاً أتوجه بالتحية والإكبار العاليين لجرحانا، ولأسر شهدائنا، وإلى أبطالنا وبطلاتنا الأسرى في السجون الإسرائيلية وأقول لهم، إن قضيتهم هي مركز اهتمامنا الأول، وإننا نتطلع إلى رؤيتهم جميعاً أحراراً طلقاء من غياهب سجون الاحتلال البغيض، وأحيي مبادرتهم البناءة بشأن وثيقة الوفاق الوطني، التي تطرح أسس برنامج مشترك للخروج من الأزمة الراهنة.

أخواتي وإخواني،

 أيها المحرومون في وطنهم، والمحرومون من وطنهم، أتحدث إليكم اليوم، في ذكرى النكبة، وسأكون صريحاً وواضحاً معكم كما كنت دائماً فالمسؤولية تقتضي مصارحة الشعب بالحقيقة، دون أوهام أو وعود زائفة، فمنظمة التحرير الفلسطينية التي قادت نضال الشعب الفلسطيني في ظل أصعب الظروف وأعقدها، ما كان لها أن تبقى على قيد الحياة، وأن تحصل على الاعتراف العربي والدولي، لولا إقدامها إلى جانب كفاحها المسلح العنيد، على مبادرات سياسية شجاعة، بحيث تم الاعتراف بالهوية الوطنية الفلسطينية، بعد سنوات طويلة من اختصار قضية فلسطين، على بعدها الإنساني، كقضية لاجئين.

وفي هذا المقام، لن أنسى التضحيات التي قدمها الأشقاء العرب من أجل قضيتنا، فامتزج الدم الفلسطيني بالدم العربي، واحتلت قضية فلسطين مركز الاهتمام الأول لأمتنا العربية بالصبر والصمود، والحكمة والواقعية، أوصلنا قضيتنا إلى مختلف أرجاء العالم، وتمكنا بمساعدة الأشقاء العرب والمسلمين والدول الصديقة من الحصول على قرارات دولية ثبتت حقنا في تقرير المصير في وطننا. عبر نضالنا السياسي، وانطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا، تقدمنا عبر سنوات النكبة والنضال، بمبادرات كان منها اقتراح إقامة دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين، ثم برنامج النقاط العشر، وإعلان الاستقلال، والمشاركة في مؤتمر مدريد، واتفاق إعلان المبادئ في أوسلو. وعلى الصعيد العربي، كانت هناك عدة مبادرات، آخرها وأهمها المبادرة العربية التي أقرت في مؤتمر القمة في بيروت.

إن هذه الإنجازات والمكاسب التي استطعنا أن نراكمها عبر السنين يجب الحفاظ عليها لأنها أسست لاعتراف العالم بحقوقنا في تقرير المصير وإقامة دولتنا المستقلة، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً ومتفقاً عليه على أساس قرار الأمم المتحدة 194.

يا أبناء شعبنا الصامد البطل

من حق كل فلسطيني أن يفخر بتجربتنا الديمقراطية، فقد أجرينا انتخابات حرة ونزيهة شهد العالم بشفافيتها في ظل ظروف بالغة التعقيد وتحت حراب الاحتلال، حيث أجرينا الانتخابات الرئاسية والبلدية والتشريعية، وقد أدت انتخابات المجلس التشريعي إلى حصول حركة حماس على أغلبية مقاعد المجلس، وقمت وبموجب صلاحياتي الدستورية بتكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة، حيث تضمن خطاب التكليف نصاً واضحاً وهو ضرورة التزام الحكومة بالقرارات والاتفاقيات الموقعة سابقاً من قبل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، واحترام القرارات العربية والدولية، التي تشكل مصدر قوة لنا، والالتزام بالنهج التفاوضي ونبذ العنف بأشكاله كافة.

كنت أُدرك، أيها الإخوة، وكما تعلمون جميعاً، أن الجانب الإسرائيلي يبحث عن أية ذريعة للادعاء بعدم وجود شريك فلسطيني، لكي يواصل خطته الأحادية الجانب التي تستهدف الاستيلاء على قسم كبير من مساحة الضفة الغربية، تشمل القدس ومنطقة الأغوار، وضم ما يسمى بالكتل الاستيطانية الكبرى، وهو ما يعني عملياً القضاء على الحل القائم على أساس الدولتين، حسب رؤية الرئيس بوش، وحسب ما ورد في خطة خارطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 1515.

الوضع كما أراه الآن، يتطلب من المجتمع الدولي عدم معاقبة الشعب الفلسطيني على خياره الديمقراطي.

وبهذه المناسبة أعبر عن شكرنا لقرار اللجنة الرباعية أخيراً، وأرجو سرعة إيصال الرواتب لعشرات آلاف من الموظفين. أما الحكومة الإسرائيلية فعليها بالإضافة إلى الإفراج عن أموالنا المحتجزة لديها، التراجع عن الحل أحادي الجانب، لأنه سيقضي على عملية السلام إلى الأبد، وسيشعل المنطقة ويزيدها تطرفاً.

إن المرحلة خطيرة، وخطيرة جداً، فإسرائيل تواصل حصار وعزل القدس، والإسراع في استكمال بناء جدار الفصل العنصري، والاجتياحات يومية لمدننا وقرانا ومخيماتنا، وكذلك عمليات القتل، والاغتيال، والاعتقال، لأبناء شعبنا والتدمير والتجريف لأراضينا، فضلاً عن مئات الحواجز العسكرية التي تمزق أوصال أرضنا، وتحيلها إلى بانتوستانات متفرقة ومعزولة عن بعضها، يضاف إلى كل هذا الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تأخذ طابع العقاب الجماعي لشعبنا.

إن هذه الأمور الخطيرة تقتضي تحمل الجميع لمسؤولياتهم، فعلى إسرائيل التوقف عن كل ما تقوم به من أعمال عسكرية تؤدي إلى مقتل مواطنين أبرياء، كما يجب التوقف عن إطلاق الصواريخ العبثية التي غالباً ما تعطي مبرراً لإسرائيل لتصعيد عدوانها ضد أهلنا في قطاع غزة. ولا يجوز الاكتفاء بالخطب النارية والشعارات، وما يمكن أن تجره من عزلة دولية، والأخطر من كل ذلك أن توقعنا في المطب الذي تريده إسرائيل، وهو رفض التفاوض بحجة عدم وجود الشريك.

لقد دعوت إلى حوار وطني بين مختلف الفصائل والقوى، فالمرحلة تقتضي رص الصفوف، وتعزيز اللحمة والحفاظ على تماسك مجتمعنا ووحدتنا الوطنية، وتغليب لغة الحوار والتفاهم والاتفاق والتوافق على أي لغة أخرى، وعلى كافة الفصائل أن تلتزم بشعار حرمة الدم الفلسطيني تحت كل الظروف.

أيتها الأخوات أيها الإخوة

هناك الكثير مما يمكن أن يقال في هذا اليوم، يوم النكبة، فهناك موضوع منظمة التحرير الفلسطينية التي هي بيتنا جميعاً فصحيح أنها تحتاج إلى تطوير وتجديد، ولكنها اليوم كما كانت بالأمس الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني فهي الإطار الذي يجمع شعبنا، وهي المرجعية السياسية العليا، وقد بذلت تضحيات جسام وجهود كبيرة ودماء غزيرة في سبيل الاعتراف بوجودها وكينونتها وصفتها التمثيلية لشعبنا.

إن أولى أولوياتنا هي رفع الحصار الاقتصادي والسياسي عن شعبنا وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولتنا. أخيراً أقول لجيراننا الإسرائيليين، إننا نريد صنع سلام عادل ودائم معكم. نريد مستقبلاً أفضل لأبنائنا وأبنائكم، فتعالوا لنجعل من هذا العام عام السلام، ولنجلس إلى طاولة المفاوضات، بعيداً عن سياسة الإملاءات والحلول الأحادية الجانب، وليتوقف التذرع بعدم وجود شريك فلسطيني، فالشريك موجود، ونحن نمد يدنا إليكم لنصنع السلام؛ سلامٌ نسعى لتحقيقه عبر التفاوض، سلامٌ على العالم وبخاصة المجموعة الرباعية، أن توليه جل اهتمامها، فتبادر إلى الدعوة لعقد مؤتمر دولي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وخطة خارطة الطريق، بحيث يصبح الحلم حقيقة. . .

سلام تقوم بموجبه دولة فلسطينية حرة ديمقراطية عاصمتها القدس الشريف. وفي الختام أيها الأخوات الإخوة، أجدد تحياتي لكل فرد منكم، معاهداً الجميع على التمسك بثوابتنا الوطنية، وبذل أقصى الجهد لوضع حد لمأساة شعبنا التي بدأت في مثل هذا اليوم من عام 1948.

تحية إلى شعبنا الصامد الصابر.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والحرية لأسرانا البواسل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 


خطاب السيد الرئيس أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ

16-5-2006

السيـد الرئـيس جوزيف بـوريل فـونتين
السيدات والسادة المحترمون أعضاء البرلمان

أود في البداية أن أشكركم على الدعوة التي أتاحت لي اليوم شرف مخاطبة هذا المحفل الذي يجسد قصة نجاح متميزة لشعوب القارة الأوروبية، قصة تحفل بالعديد من الدروس الملهمة لكثير من شعوب العالم وأقاليمه.

السيد الرئيس
السيدات والسادة

أتحدث إليكم اليوم، ناقلاً رسالة شعبنا الفلسطيني، إلى ممثلي شعوب قارة، تجمعنا وإياها جيرة دائمة، وعلاقات تاريخية متصلة ومتنوعة ومتشابكة، وتطلعات لمستقبل مزدهر، لنبني فوق مياه المتوسط، جسوراً تؤسس لتعاون وشراكة في مجالات مختلفة، وعبر حوار خصب، بين حضارات من شأنها إغناء القيم الإنسانية، ونبذ الأفكار المتطرفة والعنصرية، وتصحيح الانطباعات والصور التقليدية المغلوطة، فتتعزز بذلك جيرتنا التاريخية، ونرسي دعائم السلام والازدهار والتقدم في المنطقة.

أدرك وأنا أتحدث إليكم اليوم، أنني أخاطب مشرعين يطلون عن قرب على مشاكلنا،وان عشرات منهم كانوا شهود عيان خلال زياراتهم لبلادنا، على ما يعانيه الشعب الفلسطيني،هذا الشعب الذي أحيا يوم أمس الذكرى الثامنة والخمسين " للنكبة الفلسطينية" التي حدثت في العام 1948، حيث أُلحق بشعبنا ظلم تاريخي يوم جرى اقتلاعه من أرضه، وتدمير بنية مجتمعه، وتشريد غالبية أبنائه وتحويلهم إلى لاجئين، وحرمانه من حقوقه الوطنية الثابتة.

وطوال المسيرة السياسية والنضال الوطني للشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومنذ إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994، بعد توقيع إعلان المبادئ فقد كان الحرص على دور أوروبي رئيسي وفاعل ونشط، ركناً أساسياً من أركان السياسة والدبلوماسية الفلسطينية، ولا ينسى شعبنا المواقف المتقدمة للعديد من الدول الأوروبية، تجاه دعم حقوق الشعب الفلسطيني وحركة تحرره الوطني بقيادة منظمة التحرير، ودعمها السياسي والمادي والتقني السخي من أجل بناء مؤسساته وكيانه الوطني، في مواجهة آثار سياسات الاحتلال والحصار والتدمير. وهو دعم كان يعزز باستمرار ثقة شعبنا بعدالة قضيته وبالشرعية الدولية. وطبيعي في هذه اللحظة، وهي لحظة صعبة أخرى، أن نتطلع إلى أوروبا، فالمرحلة مفتوحة على احتمالات خطرة، وطبيعي أن ننتظر دورا أوروبيا ريادياً.

إن سعينا لتحقيق السلام لم يتوقف منذ عقود، ورغم هول الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا فقد كنا قادرين على صياغة سياسة واقعية لاسترداد حقوق شعبنا في تقرير مصيره.

فمنذ مراحل مبكرة، شهدت عديد العواصم الأوروبية، لقاءات سرية وعلنية بين ممثلين لمنظمة التحرير ونشطاء إسرائيليين من معسكر السلام، كما أن عاصمة أوروبية هي أوسلو، استضافت أول اتصالات رسمية بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية، وتوقيعا بالأحرف الأولى على أول اتفاق في التاريخ بين الطرفين في العام 1993، قبل أن يوقع رسمياً في واشنطن في العام نفسه.

سبق ذلك في العام 1988 موافقة مجلسنا الوطني على قراري مجلس الأمن 242  و338 لإفساح الفرصة أمام مصالحة تاريخية. وأصدقكم القول، أن الأمر لم يكن سهلا على أعداد كبيرة من أبناء شعبنا، ولكننا كقيادة، وأذكر هنا دور قائدنا التاريخي ياسر عرفات، امتلكنا الشجاعة لاتخاذ تلك القرارات، والتي تقوم على أساس قيام دولة فلسطينية على 22 % من أراضي فلسطين التاريخية، تمثل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1967.

وبعد إقامة السلطة الوطنية واصلنا سعينا الحثيث من أجل السلام، وكررنا على الدوام تأكيدنا أن جوهر العملية يقوم على مبدأ "الشراكة"، شراكة تلتزم الاتفاقات، وتسعى لحل مشكلات فرضها إرث الصراع الدموي الطويل المرير، شراكة تتفهم الهموم المشروعة للآخر، وتؤسس لمستقبل جديد ومختلف بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

غير أن ما وجه أقسى الضربات لعملية السلام، التي كان يفترض أن تصل إلى مراحلها النهائية خلال سنوات قليلة، كان الرفض الإسرائيلي لمنطق الشراكة، والإصرار على ممارسة سياسات مدمرة، وعلى رأسها الاستيطان، وبناء الجدران، ومصادرة الأراضي، لخلق أمر واقع يستبق نتائج المفاوضات. وأصبح التحلل من الالتزامات، والتنكر للاتفاقات، ورفض الرعاية الدولية، سمة أساسية للسياسة الإسرائيلية، مما أفقد عملية السلام زخمها وهز قناعة الشعوب بجدواها، وتطورت هذه السياسة في السنوات الأخيرة، إلى مرحلة محاولة التدمير الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، وتنفيذ حملات التدمير المنهجي للبنية التحتية التي ساهمت دولكم في تشييدها.

السيد الرئيس
حضرات النواب

رغم حالات الإحباط الشديد، ورغم المعاناة الشديدة، التي أثق أنكم تدركون حجمها وقساوتها، ومنكم من عايشها عن قرب، فقد حرصنا على ألا ننجر إلى ما يحرف نضالنا الوطني، عن مساره، أو لا يتوافق مع القانون والشرعية الدولية، فرفضنا وأدنا أية عمليات تستهدف المدنيين، ورفضنا الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وأكدنا حرصنا على تعزيز ثقافة السلام، وعلى الطابع السلمي والجماهيري لمقاومة الاحتلال.

السيد الرئيس
السيدات والسادة

قبل 16 شهراً شهدت الأراضي الفلسطينية انتخابات رئاسية بعد رحيل الرئيس عرفات، تقدمت إليها ببرنامج واضح محدد، عناوينه الأساسية، إعلان هدنة، وتأكيد التمسك بالمفاوضات طريقا لحل الصراع، بجانب تبني سياسة إصلاحية في مختلف المجالات، وتعزيز الممارسة الديمقراطية، وتحقيق التهدئة والأمن وسيادة القانون.

وقد منحني الشعب الفلسطيني ثقة غالية اعتز بها، وبدأنا العمل على الفور، فاتفقت كافة القوى والفصائل على تهدئة، وفرت للمرة الأولى منذ سنوات، انخفاضاً شبه كامل في العمليات المسلحة، غير أن هذا قوبل من الجانب الإسرائيلي، بإصرار على مواصلة بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، لتمزيق أراضيها إلى كانتونات متناثرة، ومواصلة الاغتيالات، والاعتقالات، والتوغلات العسكرية. في مدننا، وقرانا، ومخيماتنا، وتشديد الحصار الخانق، بالإضافة إلى احتجاز آلاف الأسرى في السجون، ورفض تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات، بما فيها ما توصلنا إليه في شرم الشيخ بعد انتخاباتنا الرئاسية، ورغم ذلك كله، تجاوبنا مع خطة إسرائيل للانسحاب من قطاع غزة، وأمنا تنفيذا سلسا وهادئا له، وأثبتنا قدرتنا على تولي مهامنا الأمنية، خاصة، في المناطق الحدودية، حيث تسهم بعثة مراقبين من الاتحاد الأوروبي، بمساعدتنا بشكل فعال في تامين انتظام عمل أول نقطة حدودية في التاريخ، تكون تحت إشراف فلسطيني كامل.

إن السياسة الإسرائيلية التي لم تتجاوب مع يدنا الممدودة للتفاوض، ولإعطاء السلام فرصة، زادت من الإحباط لدى شعبنا، وفاقمت الوضع الاقتصادي المتردي، وجعلت التنقل بين مدينة وأخرى رحلة طويلة شاقة، محفوفة بالمخاطر، بسبب الحواجز المنتشرة في مختلف أرجاء الضفة الغربية، حيث يمارس القهر والإذلال، بحق مواطنين يريدون ممارسة حياة عادية لا أكثر أو أقل، يريدون الوصول إلى أعمالهم، أو اصطحاب أطفالهم إلى المدارس أو الذهاب إلى حقولهم، أو إلى المستشفيات والجامعات والمساجد والكنائس.

شكل هذا الإحباط الناتج عن ممارسات الاحتلال، وانسداد أي أفق في عملية السلام، خلفية للانتخابات التشريعية، التي جرت في كانون الثاني الماضي، وشهد العالم كيف نفذنا بسلاسة عملية نقل السلطة، مرسخين أسس وتقاليد عملية ديمقراطية، رغم أننا أكدنا ونؤكد أن الديمقراطية تبقى فاقدة لجوهرها في غياب حرية الشعب، واستمرار الاحتلال.

منذ أربعة أشهر نعيش تجربة غير مسبوقة لدينا، فقد فازت في الانتخابات قائمة شكلت حكومة لا يتوافق برنامجها المعلن مع برنامجي ولا مع التزامات واتفاقات السلطة.

إن مقاربتنا الداخلية لمعالجة هذا الوضع، تنطلق من نفس المفاهيم التي كانت وراء تمسكنا بإجراء الانتخابات في موعدها، فنحن نعالج هذه الإشكالية داخل مؤسساتنا، ووفق قوانيننا وأنظمتنا، وما تشهده أراضينا من حراك سياسي خصب، خلال الشهور القليلة الماضية، يبلور بالتدريج رأياً عاماً يؤكد الحرص على احترام اتفاقات والتزامات السلطة، وتأكيد الالتزام بالشرعية الدولية، وقد طلبت من الحكومة الجديدة أن تصوب برنامجها ليتوافق مع هذه الالتزامات، ونحن في حوار متصل، سيتخذ شكل حوار وطني موسع بعد أيام، وآمل أن نتوصل من خلاله إلى عملية التصويب المطلوبة.

إن مقاربتنا هذه تحتاج دعم المجتمع الدولي، فالحكومة الجديدة يجب أن تعطى الفرصة للتكيف مع المتطلبات الأساسية للمجتمع الدولي، إلا إن وقف المساعدات عن السلطة الوطنية يعني مفاقمة وضع اقتصادي واجتماعي متدهور، ويعني إضعافا لشبكة الوزارات، والإدارات، والمؤسسات الحكومية الكفؤة والعاملة، التي كان لدول الاتحاد الأوروبي الدور الأبرز في بنائها وتطويرها. وهنا أود أن أتقدم بشكري الجزيل لقرار اللجنة الرباعية الأخير باستئناف تقديم الدعم للشعب الفلسطيني ضمن آلية سيحددها الاتحاد الأوروبي.

السيد الرئيس
أيتها السيدات والسادة

إن الحكومة الإسرائيلية ترفع الآن مجددا شعار "لا يوجد شريك فلسطيني"، وتذكرون أنهم استخدموا هذا الشعار في السابق، كذريعة للتحلل من الاتفاقات، ومن العودة إلى طاولة المفاوضات، ونشعر بقلق شديد على مستقبل السلام في منطقتنا، ونحن نستمع لمشاريع إسرائيلية تستهدف رسم الحدود النهائية لإسرائيل، على حساب الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إن هذه المشاريع ستقوض فرص التنفيذ العملي لحل الدولتين، عبر ضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، وتحويل ما تبقى إلى جزر متناثرة تفتقر لترابط جغرافي طبيعي، ولمصادر المياه التي سيتم استيلاء إسرائيل عليها، إن الإقدام على تنفيذ هذه المشاريع الأحادية، يعني الإجهاز على ما تبقى من آمال بإحياء عملية السلام، وسيكون حاضنة،ولحقبة مريرة جديدة من التوتر والصراع، ستدفع شعوب المنطقة ثمنا باهظا له.

إن ادعاء غياب الشريك الفلسطيني لا معنى له، عندما نؤكد استعدادنا الفوري للعودة إلى طاولة المفاوضات، سعيا للتوصل إلى اتفاق ينهي هذا الصراع الطويل، من منطلق الصلاحيات الدستورية، التي نصت عليها قوانيننا الأساسية، والتي تعطي مسؤولية المفاوضات للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيسها، ومن خلال دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، وقد أكدت للسيد إيهود أولمرت عندما اتصلت به مهنئنا بتقلده منصبه قبل أيام على رغبتنا الجادة في العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات.

إن العالم مطالب بالتحرك الفوري لمنع انزلاق المنطقة إلى هاوية جولة جديدة من الصراع، في لحظة تشهد فيها منطقتنا نقاط توتر ساخنة أخرى. إن هذا التحرك يجد سنداً قانونياً له في قرارات الشرعية الدولية، وخطة "خارطة الطريق"، وفي اعتماد المفاوضات بين شركاء المستقبل، بديلاً لسياسة الخطوات الأحادية، والإملاءات، ونفي الآخر. وهذا التحرك يجد مسوغاته، وضروراته، في ما يوحد شعوب المنطقة من توق للحرية والسلام والتنمية والتحديث، وهو ما تلتقي به مع شعوب الدول الأوروبية.

السيد الرئيس السيدات والسادة

مرة أخرى أشكركم على هذه الدعوة وعلى حسن الاستقبال.

إنني أؤمن، أنني تحدثت إلى أصدقاء نشاركهم الحرص على تعزيز قيم الحرية والديمقراطية والتسامح والحوار، واثق بقوة أنكم ستواصلون دعم القضية العادلة لشعبنا الفلسطيني حتى ينال حريته ويبني دولته المستقلة في الأرض المقدسة.
أشكركم على إصغائكم وأتوجه بالتحية لكل عضو منكم

 

 

كلمة السيد الرئيس محمود عباس في الجلسة الافتتاحية لجلسات الحوار الوطني رام الله

25-5-2006

أيتها الأخوات أيها الإخوة في شطري الوطن العزيز في الضفة الغربية وقطاع غزة.
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالأمس سقط أربعة شهداء نتيجة اقتحام القوات الإسرائيلية لمدينة رام الله، وكذلك سقط معهم عشرات الجرحى، وأول أمس دخلت القوات الإسرائيلية إلى رام الله لتعتقل عدداً من الإخوة المناضلين، وأول أول أمس اقتحموا جنين وقتلوا ودمروا واعتقلوا، وقبل ذلك في نابلس وقبل ذلك في طوباس وطولكرم، إذاً المسلسل قائم دائم مستمر، الاجتياحات يومياً لكل مدننا، لا حرمة لأحد، كذلك الصواريخ تنهال يومياً بل كل دقيقة بل كل ساعة على قطاع غزة، وزاد الطين بلة الاقتتال الداخلي الفلسطيني الفلسطيني، رحم الله الشهداء، ورحم الله أبو عمار، الذي جاء يودعه الشهداء من عند قبره، وأتمنى للجرحى الشفاء العاجل، وأتمنى لمن اعتقلوا أن يعودوا إلى أهلهم، ولكن أريد أن أسأل بعد كل هذه المصائب التي نواجهها هذه الأيام من الاعتقالات إلى القتل إلى الاقتحامات إلى الصواريخ إلى الاقتتال الداخلي إلى الجوع إلى الفقر إلى الضنك.

نحن نعرف ماذا يواجهنا ونحن نعرف ماذا نريد ليس ما لا نريد، نحن علينا أن نعرف ما نريد وليس ما لا نريد، يعني لا يجب أن نقول نرفض نرفض نرفض سهلة نقبل نقبل نقبل، ماذا إذا وصلنا إلى هذا، أعتقد أنه بإمكاننا أن نضع قطارنا على سكة المستقبل المزهر لشعبنا على السكة التي تخرج شعبنا بها بواسطتها من هذه الغمة من هذه المأساة من هذه المصيبة والمصائب التي يعيشها هذا الشعب.

إذاً لسنا بحاجة إلى براهين لسنا بحاجة إلى أسانيد لسنا بحاجة إلى من يقنعنا أننا اليوم علينا أن نتفق اليوم قبل غدٍ وأمس قبل اليوم، وما هذا الحشد وما هذا الاهتمام وما هذا الشعور بالمسؤولية من الجميع من جميع فئات الشعب منظمات وتنظيمات، ومجتمع مدني وغير ذلك الكل يستشعر الخطر، الخطر وصل لكل بيت، وأصبح مشروعنا الوطني في خطر شديد، هل نحتاج إلى وقت طويل لنتحاور؟

 لا أعرف لا شك أن الحوار بيننا مهم، والسبب أننا مختلفون، والدليل على ذلك أننا منذ قبل انطلاقة ثورة فتح كنا نتحاور، هل ننطلق أو لا ننطلق؟ هل الوضع السياسي صحيح أو غير صحيح، وعندما توافق الجميع انطلقت الثورة وأصبحت هذه الفصائل الموجودة إلى الآن على الساحة الفلسطينية إذاً الحوار مهم لكن شريطة أن يخلص إلى نتيجة، أن يؤدي إلى غرض أن نشعر أننا مع بعضنا البعض لا يمكن لعقولنا أن تتوحد ولأفكارنا أن تتوحد نحن من مختلف المشارف بيننا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وما بينهما يجمعنا شيء واحد هدف واحد هو الوطن، هذا الوطن كيف نحميه، كيف نحمي هذا المركب حتى لا يغرق، لأنه عندما يغرق الكل يغرق ومن هنا كنا دائماً وأبداً نبحث عن القواسم المشتركة، سواء في القضايا السياسية أو القضايا العسكرية، وكثيراً ما كنا ما نقدم مبادرات مهمة للعالم لنتواءم مع العالم، أول ما طرحنا في عام 1968 الدولة الديمقراطية الفلسطينية، التي نسمع أنها تطرح هذه الأيام وكانت قنبلة وهزت العنصريين في كل مكان، ولكنهم رفضوها ثم جاء بعد ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية بالنقاط العشرة وأيضاً وضعت أساساً سياسياً عقلانياً لما نريد لا يجوز أن نقول دائماً ما لا نريد فليسقط فليسقط فليسقط لا نقبل لا نقبل لانقبل، أنت مقاتل ولك هدف وبندقيتنا بهدف، لأنه عندما نكون بلا هدف نكون قطاع طرق بهدف سياسي، إذاً علينا أن نصل إلى هذا الهدف السياسي برؤى وبالحوار، لأننا كلنا معروف لسنا متفقين لا بالأفكار ولا بالأيدلوجية ولا بالعقائد ولا بالمواقف ولا بالمرجعيات، ولكن هناك حد أدنى يجب علينا أن نتفق عليه لنسير بما يسمى ببرنامج الإجماع الوطني برنامج الحد الأدنى، سمه ما شئت، لكن التزم به، وهو لن يعطيك ولا مرة كل قناعاتك ولا يعطي غيرك كل قناعاته، ولكن يعطيكم جميعاً بعضاً من قناعاتكم، التي من خلالها يمكن أن تتعايشوا بعضكم مع بعض، إذاً موضوع الحوار كان للقضايا السياسية، في عام 1974 طرحنا في المجلس الوطني فكرة السلطة الوطنية الفلسطينية، وفي عام 1988 طرحنا برنامج الإجماع الوطني الذي قلنا فيه إعلان الاستقلال، وقلنا فيه التواؤم مع الشرعية الدولية ليس سراً، وقوبل هذا الكلام بهجمة دولية إيجابية، وجرى اعتراف بالدولة الفلسطينية في ذلك الوقت من أكثر من مئة دولة مباشرة، ومعظم الدول العربية الدول العربية، بمعنى أن الدول العربية كانت تنتظر هكذا موقف عقلاني حتى تستطيع أن تنسجم معه، حتى تستطيع أن تدفع بالقضية إلى الأمام لأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً من أجل القضية وأصحابها غير موافقين.

في عام 1981 طرح الأمير فهد برنامجاً، رفض فسحبه، في 1982 قبل على استحياء وقتل بعد يومين وانتهى، المهم ماذا يريد الفلسطينيون، في عام 1988 وصلنا إلى هذا الإجماع الوطني، وسرنا وراء ذلك بالمفاوضات وما بعد المفاوضات، وقد تعجب البعض ولا تعجب البعض، وصلنا إلى هذا المكامن بفضل هذه الجهود التي بذلت وهذه الاتفاقات التي وقعت منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا، ولا ما الذي كان يمكن أن يجمع هنا المجلس التشريعي الفلسطيني، والمجلس الوطني الفلسطيني، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقادة الفصائل الذين كانوا فيما مضى، كنا جميعاً فيما مضى محرومين من هذا الوطن، إذاً هذه الأشياء أدت إلى هذه النتيجة ومن خلال الحوار لا يستأثر أحد برأي أو بموقف دون الآخر، وكذلك كان يحصل هذا في القضايا والخلافات العسكرية، وكانت هناك حروب في لبنان، لكن كان أبو عمار -رحمه الله- يرفع شعار غابة البنادق أو ديمقراطية غابة البنادق، بمعنى عندما يصل الاحتكام للسلاح نتوقف، علينا أن نفعل هذا في وطننا، لا يجوز أن يتم الاحتكام للسلاح، لأن الدم الفلسطيني كما قال رئيس الوزراء محرم، دم المؤمن محرم على أخيه، كما ماله، كما عرضه، فهذا محرم، فكيف لنا أن نقتتل وأن نوجه المعارك للداخل ونحن نواجه معركة حقيقية، معركة حصار، معركة جدار، معركة استيطان، معركة تجويع، معركة تهويد، وغير ذلك، لماذا نلتفت إلى الداخل أو ننكفئ على الداخل على أنفسنا، ونقول هذا فعل وهذا لم يفعل، وطخو يا أخي هل من السهل أن يقتله.

وأنا مع أخي عزيز، عندما تحدث عن الفضائيات عندما ندخل في معركة ضد بعضنا معركة لا أريد أن استعمل كلمة قذرة وإنما أقول معركة شرسة، وهذا لا يجوز المعركة ليست هنا الحصار ليس هنا التجويع ليس من هنا، فلنبحث عن الأسباب والمسببات ونتعامل جميعاً معها بقلب رجل واحد، نقول حكومة ورئاسة وصلاحيات أنا بقلكم بصراحة أي صلاحيات للحكومة تتطابق مع القانون الأساسي والنظام أقدم عليها ولا أقبل تجاوزها، وأنا رجل عندي فهم بالقانون لا أدعي أنني قانوني، لكن أفهم بالقانون وأفهم الحق من الباطل والحلال من الحرام، ولا أقبل على نفسي باطلاً أو حراماً، لكن بالحوار نتحدث مع بعض، لأنه عندما يصبح حوارنا بالعلن لا يعود حواراً، يصبح أي كلام أي كلام، وبالتالي نحن علينا أن نختلف، نحن سنختلف نحن مختلفون في كثير من القضايا، وجهة نظرنا، رؤيتنا، الزاوية التي نرى بها الأشياء، قد تكون مختلفة، كيف نوحد الزوايا هو يا بنطخوا يا بنكسر مخه، في حل وسط، نقعد نحكي نتفاهم، إذاً هذا هو الأساس في كل العلاقة، وبالتالي عندما ننظر لهذا الموضوع من هذه الزاوية تصبح الأمور سهلة وفي غاية الهدوء، لأنه كلنا ما هي مصلحتنا ما هي مصلحة أي واحد فينا، وأنا سأعود بعد لحظة على الأسرى وأقول: ما هي مصلحتهم الحقيقية الآنية والدنيوية من هذا الكلام، ولا شيء، لكنهم ينظرون إليكم وإلى المستقبل وإلى أبنائنا، ونكمل هذا فيما بعد، فإذاً هذه القضية مسألة الحوار مسألة مهمة جداً، ولكن الحوار من أجل الحوار مضيعة للوقت والمصلحة العليا.

كما قلتم وقال الإخوة: بدأنا نحن الانتخابات الديمقراطية، التي أيدنا العالم جميعاً عليها، بؤرة ضوء مهمة، الكل يقول أنتم أحسنتم صنعاً فعلتم شيئاً، وأنتم تحت الاحتلال لم يصنعه كثير من دول العالم وهي حرة، لا بد من التزوير لابد من أن هذا ينجح وهذا يفشل، إحنا ولا غلطة، لم تحصل في السويد، وكنا سعداء بهذا على الرغم من العراقيل والضغوط لتعطيل لتأجيل لتخريب، لن نؤخر لم نعطل، وقلت ممكن أن تتأخر الانتخابات لسبب واحد إذا مت قبلها لغاية ما تلاقوا مرجعية تكون تأجلت، وغير هذا لا يمكن. وكان موضوع القدس على مفارق بالنسبة لي، هذا الموضوع كنت لا أتسامح به إطلاقاً لا أقبل به إطلاقاً، وقلت للحظة الأخيرة لهذا السبب بالذات أنا بأجل الانتخابات، سمحوا فما أجلنا، فهي لم تكن عذراً ولم تكن ذريعة، وأنا لا أريد اتخاذ القدس ذريعة، لا القدس صار بها انتخابات، القدس عاصمة دولة فلسطين لن نتنازل عنها. وإذا أردنا أن نتكلم عن الثوابت، أقول بصراحة: نحن نريد دولة مستقلة متصلة قابلة للحياة في حدود 67. ونريد كما ورد في خطة خارطة الطريق وفي مبادرة الرئيس بوش، إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 67، ونريد حلاً عادلاً متفقاً عليه لقضية اللاجئين حسب القرار 194، وهذه واردة، وبالتالي عندما نتحدث عن الشرعية الدولية، نقول هذه ثوابتنا، لا نخفي شيئاً، لأنه نحن لا نتكلم سراً، لسنا حركة سرية، إحنا عم نتكلم مع العالم مع المجتمع ومع المجتمع الدولي مع من هو صديق ومن هو غير صديق. أنا ما بغلط، جرت الانتخابات، جرى نقل السلطة بسلاسة، أفرحت الكثيرين وأغضبت البعض، ومررنا، ولكننا واجهنا حصارين، حصاراً سياسياً نحن كنا نواجهه في عهد المرحوم أبو عمار، أبو عمار ممنوع يغادر هذه الغرفة اللي بجانبنا، واستمر الوضع كما هو، وأبو عمار ليس شريكاً فإذاً افعلوا ما شئتم، غائباً عن ساحة القرار، هناك دون أن نذكر اسم ومن يريد أن يلعب في هذا الملعب لعب، ووصلوا إلى قناعة أن لا شريك فلسطيني، تعالوا نشتغل لحالنا وأن ما يقوم أن نقوم به نقوم به، وهذا الاستيطان قائم لا مجال للحديث عنه، ومشكلة اللاجئين أصبحت مسألة غير واضحة، قرر مصيرنا عنا، كل شعوب العالم بتقرر مصيرها بنفسها، إحنا حد يقرر لنا مصيرنا.

فالحصار السياسي موجود كيف نفكه، لا نحن شريك، وشريك حقيقي، ونحن ملتزمون أكثر من غيرنا بالشرعية الدولية، بدليل أنه ليس لدينا أي تحفظ على خطة خارطة الطريق، طبعاً هذا ليس عفة، ولكنه واقع، طبعاً ممكن نلاقي مليون ثغرة هذه الفاصلة مش نافعة وهذه الكلمة مش مناسبة وهذا إذاً وإذ، لا أعرف ماذا أقول لهم رفضنا، تستطيع ان تخترع مليون مشكلة، خلاصة الموقف نحن نطلب 22% من فلسطين يقول لا 11% انظروا، ولك يا أخي "رضينا في البين والبين ما رضي فينا".

الحصار السياسي موجود، لكن جاء حصار اقتصادي لن ندفع لحكومة حماس، هذه مش عارف ماذا، طيب مالها، لهذه الحكومة ما بندفع، الرواتب والوزارات والعالم كله من خلال الحكومة، قال بعضهم تتولى الرئاسة المسؤولية، قلت لهم عال بختصر الحكومة كلها في مكتب، ولا كان لشو الحكومة قاعدة بنقلعهم وخلص، ما هذا الكلام لن نقبل ولن نوافق على مثل هذا الإجراء، ولكن في سؤال في أموال عربية وصلت عند الإخوان، يشهد الله عمرو موسى قلقان منها، بده يخلصها، يريد أن يرسلها، مرة يتصل ليسأل ماذا نعمل، لكن وصل، ولكنه غير قادر أن يوصل، لكن لماذا الأموال العربية لا تصل إلينا، نحن ممكن نقول ونريح رأسنا وما في أسهل من هيك شغلة، هناك مؤامرة قذرة ضدنا وخلينا ننام لتفك المؤامرة، أو في وضع بدنا نتعامل معه لماذا أموال العرب لا تأتي إلينا وهي موجودة في الجامعة العربية.

إذاً من هنا يجب أن نفكر كيف نتعامل مع الواقع، كيف نتعامل مع أشقائنا، أشقاؤنا الذين نقول إنهم مظلة وإنهم سند وإنهم الحضن الدافئ وإنهم. .

طيب اسمع مني شو المطلوب، فإذن أنا لست مع كل شيء اسمه مؤامرة، لأن قضية المؤامرة لا تصلح، لأن كل إنسان يريد يخلص من هم أو قضية يقول مؤامرة عالمية صهيونية بكبر الحجر المعادية للشعوب، وينسى حاضر وينسى أساس المشكلة، في عندنا مشكلة، لماذا في حصار، البنوك متآمرة أي هي البنوك يتآمر، هذا لا يليق، في شغل في قضية نفكر فيها بجد ونتعامل مع العالم بجد، بما لا يجعلنا نتنازل كما قال الأخ إسماعيل هنية عن الثوابت، لكن لحسن تكون الثوابت التي يتحدث عنها غير التي أنا بحكي عنها، إنما على الأقل في إجماع وطني من حماس إلى الحزب الشيوعي أن بدنا دولة فلسطينية في حدود 67 وبدنا نقول مثل الذي قال بدنا مصر والسودان ولندن إن أمكن هذا الذي نستطيع فعله الآن، هذا الذي أعطي لنا الآن وما نتكلمش بالأحلام وبالضباب، ونحن نعرف هذا الموضوع العرب والعجم والشرق والغرب لقد كان اندريه غروميكو، وزير خارجية الاتحاد السوفياتي السابق، وهو كما يقول إخوانا اليساريون حليفنا الإستراتيجي طبعاً لا حليف ولا شيء لأنه مستحيل يكون غروميكو حليف ما هذا طيب هذا كان يقلنا يا إخوانا احضروا لي الاعتراف، هذا ليس قرآن، القرآن بس صالح لكل زمان ومكان، هذا مش صالح وبالتالي أحضروا لي اليوم هذا مين حليفنا الإستراتيجي الذي يملك 33 ألف رأس نووي والذي يعني بده يوقف معنا.

إذاً العالم هكذا في 67 مشكلة اللاجئين مشكلة حقيقية، ووضعناها على جدول أعمال في منتهى الذكاء ووضعنا لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي القرار 194 الذي لم يقرأه الكثيرون ويرفضونه أو يقبلونه دون قراءة كالعادة، ومن رأيي أنه قرار ثمين وهو أثمن من قرار 242، وهو يوضح مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ويقول التعويض على من لا يرغب في العودة، إذاً في الأساس العودة وبالتالي الأساس القانوني وضع وعندما نقول حدود 67  لا يوجد مستوطنات وأنا ضد كل حجر يبنى على أرضنا بعد 67 منذ ذلك التاريخ. نحن نعيش الآن ظروفاً صعبة وشعبنا خاوي البطون لقد شبعنا شعارات فالبطون لا تملأ بالشعارات البطون جائعة والجيوش لا تزحف على بطونها، الآن نحن ليس جيوشاً، نحن شعب يوجد فيه نساء وأطفال يريدون أن يشربوا الحليب، في احدى المرات رأيت مواطناً يقول: أنا ممكن أخون، وأبيع معلومات وممكن أبيع بندقيتي، لأن ابني ليس لديه دواءً. لكن أنا لا بعمل هذه ولا تلك، أنا أبيع كليتي، من اجل ابني. علينا أن نعرف حاجات هذا الشعب، وأن نستشف حاجات هذا الشعب نحن مش طبقات فوق وفي أناس تحت، لا نحن الذين طلعونا هؤلاء الذين تحت، إذا ما اعتنيا بهم.

الآن الذي حاصل أنه لا زال الحديث عن الدولة ذات الحدود المؤقتة، وأنا أحب أن أقول كلمة عنها، ونحن قبلنا خطة خارطة الطريق الموجود بها، دولة ذات حدود مؤقتة مش دولة مؤقتة، النص هكذا وأنا في حديثي مع السيدة وزيرة الخارجية الإسرائيلي فتحت هذا الموضوع، وقالت لي أنا أعرف أنك لا تحب البند الثاني من خطة خارطة الطريق، قلت لها أنا بحب كل الخطة. أنا أحب الله والرسول والملائكة وبني البشر، ما عندي كراهية، لكن هذا البند أنا ليس قصة أحبه أو أكرهه، هذا البند جاء خياراً، بمعنى انتم وضعتم خطة خارطة الطريق وأنتم عليكم أن تعملوا كذا وكذا. لكن بهذا الموضوع نقول ويمكنكم أن تقبلوا أو ترفضوا هذا، أنا رفضت هذا باختصار شديد، في علينا حق، لكن إلى الآن يا إخواني القضية ينظر لها على أنها قضية إنسانية، وبالتالي لازالت الدول المانحة تتحدث عن بعض الأدوية.

ما أريد أن أقوله: اتفاق القاهرة النص الخاص بمنظمة التحرير، وأرجو أن تعودوا إليه يقول: لا بد من تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية لتستوعب باقي الفصائل بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، يعني هي ممثل الآن وممثل أمس وغداً، استوعبت أو لم تستوعب، لكن الاستيعاب ضروري لأنه نحن كنا دائماً في كل مجلس وطني نؤرخ تنظيمات، يطلع التنظيم نقول له تفضل اعترفنا بكم، نقول والله ليس لدينا مانع.

يجب على كل الاتحادات الشعبية وأماكن تواجد الشعب الفلسطيني بالأرجنتين والبرازيل وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وأستراليا موجود بالمجلس الوطني الاتحادات بكل أنواعها الفصائل بكل أنواعها، فكيف عندما يأتي فصيل مثل حماس والجهاد يقول والله أنتم يا أخوان لم تستكملوا الأوراق الثبوتية أذهبوا واحضروا لنا بعض طوابع.

هذا الحوار يجب أن يستمر سواء هذا الحوار دون أن يؤثر عليه هذا الحوار، يجب أن يسيرا بالتوازي جنباً إلى جنب، لأن كلا الحوارين مهمان، هذا الحوار مهم والآخر مهم للتعاطي مع همومنا الداخلية التي يجب أن نخرج منها، وفي نفس الوقت واللحظة يجب ألا يتأخر الحوار بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية، حتى نستكمل بناءها، وإن كانت موجودة تتمتع بالشرعية الكاملة، ولها الوصاية الكاملة علينا، سواء كنت رئيساً للمجلس التنفيذي أو لم أكن، عندما كان أبو عمار كانت نفس الشيء، عندما كان الشقيري -الله يرحمه- نفس الشيء، عندما كان حمودة.

المنظمة بيتنا الذي يجب علينا أن نحافظ عليه ونحميه بعيوننا وبعقولنا وكل ما نملك من إمكانات.

أولاً إنني أوجه التحية والتقدير لرئيس المجلس التشريعي والمجلس الوطني، لكن الذي بادر هو المجلس التشريعي- على مبادرته الثمينة القيمة التي استشعر الخطر. وقال: تعالوا نتنادى لنواجه ما يواجهنا من مشاكل ومن عقبات، وأحيي كل من تقدم بمبادرات، وهم كثر من القطاع الخاص والتنظيمات بشكل عام، وكلهم عندما يبادرون إلى وضع مبادرة هذا يعني الإحساس بالمسؤولية ولكن كل الاحترام وكل التقدير لمن لا يعيشون معنا لمن ليست لديهم همومنا اليومية وقد لا تكون لهم هموم بكرة وبعد بكرة، لأنهم محكومون بمئات السنين، وأرجو الله أن يكون أملهم قوي بالعودة والخروج، ويجب علينا أن نعمل بكل الوسائل حتى نخرج هؤلاء الأبطال، هؤلاء تنادوا في كل السجون وتنادوا من كل الفصائل، وكتبوا هذه الوثيقة، أنا أعتقد أن لديهم من الشفافية وبعد الرؤية والانطلاق الروحي صراحة أكثر منا جميعاً.

لأنهم ترفعوا عن الفصائلية والحزبية وقضايانا اليومية، ويشعرون بنفس الشعور وبنفس الألم، وليست لديهم أمور راهنة، ليس لهم مصالح، يعني بصراحة هم أناس الله متى يخرجون من السجون، نحن بمنتهى الصعوبة وحوار طويل عريض مع السيد شارون أفرجنا عن أبو السكر، وبعده لم يفرج عن أحد بعده. علماً بأنه يوجد مئات أبو السكر داخل السجون، هناك بداخلها عشرة آلاف، منهم مروان البرغوثي والنتشة. وأنا أقول أن تلك المبادرة قمة القمم وقمة المسؤولية الوطنية لأناس يقبعون خلف القضبان، لا مصالح راهنة ولا مصالح آنية ولا مصالح حزبية لأحد، بدليل جلسوا كلهم مع بعض وخرجوا بهذا الإنجاز الذي برأيي عظيم، ومن هنا أقول يا إخوان الحوار من أجل الحوار مضيعة للوقت، وأظن أن وقتنا ليس مريحاً جداً وليس لدينا وقت. وليس لدينا إمكانية، والعربة تتدهور، وكرة الثلج تكبر وتنزل في الواد، ومستقبل قضيتنا كله على كف عفريت.

سألجأ إلى استفتاء شعبي خلال 40 يوماً على وثيقة الوفاق الوطني، التي أطلقها المعتقلون من داخل السجون الإسرائيلية ليقول الشعب كلمته، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال عشرة أيام. الوضع الراهن لا يحتمل، وأنا سأطرح هذه الوثيقة على استفتاء شعبي، وإن هذا ليس تهديداً، ولكن ليقول الشعب كلمته، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال عشرة أيام.

 

 

 

خطاب السيد الرئيس حول الاستفتاء على وثيقة الأسرى رام الله

10-6-2006

أكد السيد الرئيس محمود عباس، اليوم، أنه لا يوجد في القانون نص يقول إن الاستفتاء ممنوع، مشيراً إلى أن القانون يقول إن الشعب هو مصدر السلطات، ويطالبني بقسمي أن أكون في خدمة الشعب، وأن أعمل من أجل الشعب، ثم العودة للشعب في الانتخابات ضرورية وفي الاستفتاء ضرورية.

وقال السيد الرئيس في خطاب ألقاه حول الاستفتاء على وثيقة الأسرى، لا يوجد ما يمنع من هذا الاستفتاء، خصوصاً أن الله سبحانه وتعالى ذكره في القرآن الكريم أكثر من مرة، مؤكداً أن الشعب هو مصدر السلطات، لذلك لا يوجد ما يمنع الاستفتاء. وأضاف السيد الرئيس، أن شعبنا لن يستفتي على ثوابته، لأن شعبنا يرى في هذه الثوابت أموراً مقدسة، مؤكداً أن الثوابت لا حوار ولا نقاش حولها، مشيراً إلى أن الاستفتاء، ورد ذكره في القرآن الكريم أكثر من مرة. وقال السيد الرئيس "لا نستطيع أن نجد وصفاً للأعمال الإسرائيلية البشعة بحق شعبنا"، مشيراً في هذا السياق إلى الجريمة الإسرائيلية البشعة، التي ارتكبت بحق المصطافين على شاطئ شمال قطاع غزة، أمس، مؤكداً أن هذه الجريمة، استهتار بإنسانية الشعب الفلسطيني، الذي يتوق ويدعو إلى السلام ويدعو إلى التعايش، ومع ذلك هناك إصرار وتصميم وإمعان في تعذيبه، وهذه إحدى عذاباته التي نراها يومياً، والتي نعيشها يومياً. وأضاف: خلال شهر واحد ودعنا 40 شهيداً، لماذا ولمن ومن أجل من؟ أربعون شهيداً و"الحبل على الجرار"، إذاً هذه إحدى عذابات شعبنا إحدى مآسي شعبنا وللأسف مع قوة غاشمة لا أقول إلا أنها قوة غاشمة، لماذا نحن نمد أيدينا للسلام، نحن نطالب بالسلام العادل المبني على الشرعية الدولية، ومع ذلك لا نرى إلا جواباً واحداً، وهو إطلاق النار وقتل الأبرياء بدون أن ترجف لهم عين.

وذكر: كثيرون مضوا ومع الأسف اليوم أيضاً سبعة جرحى بصورايخ لا ندري كيف تطلق وأين تطلق وأين تنزل؟ ولكن هذا الذي يحصل إذاً هذه مأساة من مآسينا وأقول أيضاً أول أمس، ودعنا السيد جمال أبو سمهدانة، رجل جاءني يريد أن يعمل بالإطار الأمن ليحمي الأمن، وتكون النتيجة صاروخ يودي بحياته وحياة عدد من إخوانه. وأوضح: إذاً هذه إحدى مآسينا ولكننا منذ أشهر طويلة نعاني مآس أخرى، نعاني حصاراً سياسياً قاتلاً حتى أن قضيتنا في المرتبة العاشرة فما فوق في القضايا الدولية، كانت الأولى كان الكل يهتم بها، أصبحت في مرتبة متأخرة لا أحد يلتفت إليها، هذه أيضاً مأساة، هذه أيضاً مشكلة صعبة لا بد أن نراها بل كلنا يعيشها ويلمسها.

وقال سيادته: وهناك أيضاً الحصار الاقتصادي، الأموال لا تصل وممنوع علينا أن تصل ومالنا لا يصل وما يأتينا من أشقاء لا يصل وما يأتينا من أصدقاء لا يصل وتدبروا أمركم أيها الفلسطينيون، إذاً أوضاعنا ليست بهذه البساطة ولا بهذه السهولة، بل إنها أصبحت متراكمة فوق بعضها بعضاً، نحن مسؤولون عن هذا الشعب مسؤولون عن كل أفراد هذا الشعب في الداخل والخارج نحن مسؤولون عن أكله وتعليمه وحياته ومدرسته ودكانه ومزرعته وكل شيء، علينا أن نفكر ماذا يمكن أن نعمل لهذا الشعب لا نجلس نقول هكذا يريد الأعداء، وعلينا أن ننتظر الرحمة. 

وتلا السيد الرئيس قول الله تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، ويقول "يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون"، وقال: يجب أن نعمل شيئاً من أجل هذا الشعب من أجل حماية هذا الشعب، نحن مسؤولون أمام الله وأمام التاريخ وأمام الشعب عن مآسي هذا الشعب، وحاولنا بكل الوسائل أن نأتي بالأموال وأن نفك هذا الحصار الاقتصادي والسياسي، ولكن عبثاً "العالم أُذن من طين وأخرى من عجين، لن نسمح بوصول الأموال إليكم ولتفعلوا ما شئتم"، ماذا كان أمامنا أن نعمل؟، كانت أمامنا هناك دعوة لنتحاور وإن كنا كفلسطينيين قد تعودنا على الحوارات الكثيرة، بالمئات ربما بالألوف، وبعضها كان ينجح وكان يوصلنا إلى قرار وبعضها كان هباءً منثوراً كان عبثاً ومع ذلك التقطنا فكرة الحوار.

وتابع: ودعونا إلى مؤتمر في الخامس والعشرين من الشهر الماضي لنرى ماذا يمكن أن نفعل ولكن كان بذهني قضية الحوار من أجل الحوار مضيعة للوقت ولكن المشكلة أن الوقت سيف مسلط على رقابنا لأننا في كل يوم بل في كل ساعة بل في كل لحظة أوضاعنا تتدهور، وتعود للوراء، ولم يبق لدينا إنجاز فرحنا به إلا وذهب من بين أيدينا والأحوال منذ 25 من الشهر الماضي، إلى هذا اليوم إلى ما قبل ذلك، لم تتغير وتزداد سوءاً وقلنا لا بأس حوار وطني وجاد ويأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية العليا وليتجرد الجميع عن انتماءاتهم وفصائلياتهم وأحزابهم لينظروا إلى اتجاه واحد محدد وهو الوطن والشعب ولتكن عشرة أيام كافية.

وأضاف: باعتقادي عشر ساعات كافية، ولكن ليأخذ الناس وقتهم وليتحاوروا ولينهوا هذا الحوار، ولم نأت بالمشروع الذي نريد أن نتحاور حوله عن فراغ إنما جاء من إخوتكم من أحبائكم وأعزائكم من الشهداء الأحياء الذي يقبعون خلف السجون الإسرائيلية، ويفكرون لنا وعنا أحسن منا وعنا، وجاءوا بهذه الوثيقة موقعة من كل الفصائل، موقعة من كل السجون، موقعة من القيادات العليا المسؤولة في كل السجون، فقلنا هي إجماع وطني.

 وذكر: ولتكن هذه هي الأرضية، ولو قرأناها لم نختلف عليها وربما يكون لكل منا وجهة نظر في قضية أو نقطة أو محور ولكن بالمجمل إذا أردنا أن نصل فعلاً إلى النهاية السعيدة، التي تسعد شعبنا فكان لا بد أن نقبل بها ولكن أيضاً وحتى لا يكون الحوار حواراً، ومن أجل الحوار قلنا لابد أن نذهب إذا لم نتفق إلى استفتاء إلى استفتاء الشعب، نسال الشعب، شعبنا، وأي شعب في الدنيا في بلد ديمقراطي لنقول إننا شعب ديمقراطي، مارسنا الديمقراطية بأسمى معانيها لا يستطيع أحد في الدنيا أن يزاود علينا ليقول إن ديمقراطيتكم مثلومة هنا أو مشروخة هناك، لم تحصل غلطة واحدة.

 وأوضح: إذن ديمقراطيتنا التي نريد أن نحتكم إليها هي أن نعود للشعب وليقل الشعب رأيه، ويقل الشعب كلمته في هذا الكلام الذي ليس هو مشروع هذا الفصيل أو ذاك الفصيل وحتى لا ندخل في حوار في مشروعك ومشروعي وفصيلك وفصيلي، جاءت من كلنا والأهم من هذا أن من ليس لديهم ممثلين في السجون قدموا مذكرات وقدموا مشاريع، ثم رأوا مثل هذا المشروع، فسحبوا مشاريعهم فوراً وقالوا لصالح هذا المشروع إذن أمامنا هذه الورقة، وبالتالي لابد أن نتحاور فيها، ويؤسفني أن أقول إن التحاور كان حولها بعيداً عنها، ومضت الأيام العشرة دون أن نصل إلى نتيجة، الأمر الذي جعلنا نفكر في البديل الآخر وهو الاستفتاء.

وقال السيد الرئيس: نذكر أنه في اليوم السادس والعشرين أي في اليوم الثاني للحوار، صدر بيان من لجنة الحوار في اجتماعها في المجلس التشريعي، حيث قالوا أمرين اثنين من ضمن أمور أخرى، الأمر الأول أن الحوار يبدأ هنا وبرئاسة الرئيس والأمر الثاني أن على الرئيس أن يبدأ الحوار حول منظمة التحرير الفلسطينية قبل نهاية شهر حزيران الحالي، وبدأنا الحوار هنا ثم ذهبت لأكمل الحوار هناك فيبدأ خلال الأسبوع من أجل استكمال التحضيرات اللازمة لتطوير وتفعيل منظمة التحرير، لكن بعد اليوم الثاني والثالث بدأت أصوات ترتفع لماذا يكون الحوار هنا ولا يكون هناك، او يكون في مكان آخر والبعض يقول تعالوا نذهب لغزة، وبعد غزة نذهب إلى بلد آخر، وبعدها نذهب إلى بلد ثالث، والبلد الثالث نذهب إلى بلد رابع لنتحاور.

وأضاف: عندنا وطن نتحاور فيه، كنا في الماضي نحتاج إلى أشقائنا وأصدقائنا لنتحاور عندهم إنما اليوم لسنا بحاجة لأحد لكي نتحاور عنده مع جزيل الشكر لكل من يعرض علينا، وكلهم أشقاء أعزاء لنتحاور عندهم، لكن بصراحة هذا نوع من مضيعة الوقت.

وبين: جرى حديث طويل حول مسألة الاستفتاء هل هي قانونية هل هي شرعية، سمعت أصواتاً تقول إن القانون لا يجيز ذلك، وعلى الأقل إن قانوننا الأساسي قرأته أكثر من مرة منذ أن كان مشروعاً وحتى يومنا هذا لا يوجد به نص يقول إن الاستفتاء ممنوع، وإنما يقول إن الشعب هو مصدر السلطات، ويطالبني بقسمي أن أكون في خدمة الشعب وأن أعمل من أجل الشعب وتقول القاعدة القانونية الأصل في الأشياء الإباحة والمطلق على إطلاقه أي أنه إذا لم يكن نص في القانون أو الدستور أو في دستور لتحريم أمر ما أو كان قرينة للتحريم فهو مباح ثم العودة للشعب في الانتخابات ضرورية وفي الاستفتاء ضرورية. أنت إذا أردت أن تتمكن من أمر، وأن تكون مطمئناً لقرارك أن تعود للشعب، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من هذا الاستفتاء، خصوصاً أن الله سبحانه وتعالى ذكره في القرآن الكريم أكثر من مرة، وذكر الاستفتاء والفتوى والمشاورة "وشاورهم في الأمر"، "وأمرهم شورى بينهم"، "وقالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون" قالت بلقيس هذا عندما شعرت بخطر آت من سيدنا سليمان عندما قال لها سآتي لك بجيش لا قبل لك به وقالت أفتوني في أمري الخطر قادم ماذا أقول ماذا تريدون أن أفعل نحن نعيش الخطر يومياً نعيش المأساة يومياً نعيش الحزن.

وقال السيد الرئيس: ونقول لا حاجة لأن نسأل لماذا ولماذا لا نسأل؟ وليقل القوم ما يقولون، أما أن نقول هذا حرام وهذا حلال فأرجو أن نخرج هذا الأمر من دائرة الحرام والحلال ومن دائرة القانون واللاقانون لأن القضية قضية محسومة ولا أحد يستطيع أن يجادل بها، وعندما نتكلم عن الاستفتاء قال البعض إنه سيف مسلط على رقابنا لما الدعوة له والطلب من الجمهور سيف مسلط على رقاب أحد، اتفق ولا حاجة إن كنت تعتقد أن مثل هذا الإجراء سيف على رقبتك اتفق ولا حاجة.

وذكر: أنا أقول الآن وبمنتهى الصراحة نحن نعتبر الاستفتاء ليس غاية ليس هدفاً ليس مطمحاً إنما الاتفاق هو الهدف، وبالتالي في أي وقت تتفقون لا حاجة للاستفتاء في أي وقت لا حاجة له ما لم نرى جميعاً عند ذلك وهذا ربما يكون زيادة في الخير، أن نأتي للشعب ونقول اتفقنا على هذا ما رأيك فيكون أقوى لكن لنفترض أننا اتفقنا على هذه الوثيقة نبدأ بتنفيذها وبالمناسبة أيضاً الاستفتاء ليس على الثوابت من يظن أننا ذاهبون لنسأل أيها القوم تريدون العودة أو لا تريدون. هذا هراء من يقولون إننا نريد أقل أو أكثر من حدود 67 فهذا هراء من يريد أن نقول تريدون القدس عاصمة لكم أو لا تريدون فهذا هراء.

وقال: نحن لا نستفتي شعبنا على ثوابتنا لأن شعبنا هو الذي يرى في هذه الثوابت أموراً مقدسة، ونذكر وتذكرون تجربتنا في كامب ديفيد تحملنا كل أنواع الضغط في العالم من أجل كلمة هنا وكلمة هناك ورفضنا ذلك رفضاً قاطعاً، الثوابت لا حوار حولها لا نقاش حولها ربما عندما نصل إلى اتفاق نهائي نعرض هذا على الشعب لأنه هو الذي سيقول كلمته النهائية في أمر نهائي ولا يحق عند ذلك لا لقيادة كبيرة أو صغيرة أن تبت دون أن تعود إلى الشعب ليقول كلمته إنما في هذه المناسبة نحن لا نقدم هذا الاستفتاء لنقول للشعب ما رأيك في هذا الثابت أو ذاك الثابت.

وأضاف: أريد أن أقول كلمة عندي قناعة وقناعة كبيرة جداً أننا في الوقت الذي نتفق فيه على الوثيقة لا بد أن ينتهي الحصار لأنه لا يوجد أحد يمكن أن يوافق على أن يستمر هذا الحصار علينا، ولذلك نقول كلما استعجلنا وكلما عجلنا الخطى كلما وصلنا إلى إنقاذ شعبنا من هذه المأساة التي نعيشها لا أعتقد أن من يقول إن شعبنا يصبر وتحمل قرناً من الزمن لكن إلى متى الآن أصبح محروماً من كل الأساسيات الأكل والشرب والتعليم والمدرسة إلى متى سيستطيع أن يتحمل.

وذكر: أنا مسؤول عن هذا الشعب ومسؤول عن كل إنسان في هذا الشعب، ولذلك أنطلق من حرصي ومسؤوليتي أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ لأقول علينا أن نمضي إلى الأمام وبقوة حتى نتمكن من إزالة عثراته ومن تخلصه من الأوجاع والآلام التي يعيشها والتي نعيشها جميعاً.

وبين: هناك من يقول أيضاً الاستفتاء ضد الانتخابات التي جرت هذا أيضاً أقول ببساطة كلام غير صحيح إطلاقاً، كيف يكون الاستفتاء ضد الانتخابات لأن كل الدول تجري انتخابات وتعمل مئات الاستفتاءات بين موعدي الانتخابات ولا يغير من الأمر شيئاً، هذه انتخابات تأتي للمجلس التشريعي ويختار الشعب ممثليه وهذا استفتاء على قضية معينة مصيرية مفصلية نريد أن يقول رأيه فيها، وفي هذا الاستفتاء ليس هناك افتراء على أحد، ومن يقول إن هذه الوثيقة خرجت ضدي لم تخرج ضد أحد ليست ضد مشروع أحد وأنا قرأت كل المشاريع المنتخبين والمرشحين من أولهم إلى آخرهم لم أقرأ شيئاً لأي حزب أو فصيل أو مجموعة تتناقض جذرياً مع هذا الكلام ربما هناك خلافات في التفاصيل إنما لا يوجد أحد قدم وثيقة سياسية تتناقض مع ذلك.

وقال: كثيراً من الأخوة طلبوا مني تأجيل الاستفتاء، وإذا حصل حوار اليوم أوغداً أو الأسبوع القادم أو شهر فالأمر محلول، وإذا جرى في اليوم الأخير للاستفتاء من يريد الاتفاق ومن لديه الجدية ومن لديه إحساس بالمصلحة الوطنية بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل فهذا الأمر موجود، وما عدا ذلك نكون نضيع وقتنا ولكننا نلعب في مصير شعبنا، ولن نسمح لأحد أن يلعب بمصير هذا الشعب كائناً من كان لست مسؤولاً عن "فتح" أصلاً لست أكثر من عضو لجنة مركزية بها أنا مسؤول عن الشعب الفلسطيني من أوله إلى آخره فصائل ومنظمات وأشخاص وأحزاب ومجتمع مدني ومجتمع حضري ومجتمع بدوي، أنا مسؤول عن كل الناس، وبالتالي أنا مسؤول أولاً وأخيراً وأرجو الله أن يعينني.

وكما قال الله تعالى "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين".

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


كلمة السيد الرئيس أثناء تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة النجاح نابلس

6-13- 2006

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام. على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى صحبه والتابعين.
السيد رئيس مجلس الأمناء.
السيد رئيس الجامعة.
 السيد ناصر الدين الشاعر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم العالي.
 السادة المحترمين رجال الدين ورمز وحدتنا الوطنية.
السادة ممثلي الدول الأجنبية والعربية والقناصل في فلسطين الذين يتحملون الصعوبات من أجل من فلسطين
 أيها الطلاب خريجينا وعلى طريق التخرج بإذن الله
 أيها الحضور الكريم.

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحتفل البلاد الفلسطينية وتحتفل مدينة نابلس وتحتفل جامعة النجاح اليوم بحدثين هامين تخريج عدد من أبنائها وبناتها في مختلف العلوم العلمية والإنسانية وتحتفل أيضاً ببناء حرم جديد يضاف إلى أبنيتها يضاف إلى معالمها يضاف إلى مفاخرها يضاف إلى هذا الصرح التعليمي الرائع الذي بدأ مع بداية القرن الماضي.

وبالتالي نحن نهنئكم ونهنئ قبل ذلك أنفسنا بهذا الانجاز العظيم ونتمنى على الله سبحانه وتعالى أن تستمر عملية العلم والتعليم والتنوير لأنه لا طريق أمامنا بعد نكباتنا الكبيرة إلا طريق العلم والتعليم ونفتخر أيضاً لأن نقول بأن جامعة النجاح أسست في عام 1918 قبل الجامعة العبرية وهذا إن دل على شيء "أظن التنافس العلمي مسموح به نحن لا نريد أن نتنافس لمسابقات السلاح مثلاً نريد أن ننافس العالم وكل العالم وجيراننا بالعلم والتعليم".

هكذا بدأت جامعة النجاح أو مدرسة النجاح في عام 1918 واستمرت مدرسةً ثم كلية ثم معهداً ثم جامعةً شامخةً تجلس بين جامعات العالم كلها باحترام وتقدير لها لعلميتها لأكاديميتها لنجاحها المستمر على الرغم من كل ما نعانيه على الرغم من كل ما نواجهه وما وجهناه من صعوبات وعراقيل واحتلال حتى نأتي من رام الله إلى هنا مررنا على أربع أو خمس محاسيم "يسمونها محاسيم" مع الأسف الشديد على الرغم من كل ذلك فالجامعة صامدة والجامعة قوية والجامعة تخرج أبنائها في المواعيد المحددة والجامعة لديها هذه الصروح التي تفاخر بها العالم اجمع وأريد أن أتذكر شيئاً قد لا يتذكره الجيل الجديد وهو أن عشرات بل مئات من أبناء المغرب العربي تخرجوا من مدرسة النجاح وكثيرون منهم وصلوا إلى الوزارات والبرلمانات والجامعات قد لا تعرفونهم ولكننا كنا نصادفهم في رحلاتنا من ليبيا إلى المغرب ليقول لنا الكثيرون منهم نحن يشرفنا أننا تخرجنا في مدرسة النجاح.

 إذن كانت النجاح منذ العشرينات والثلاثينات والأربعينات والخمسينات والستينات حتى الاحتلال البغيض عام 67 قبلة طالبي العلم من كل أنحاء العالم العربي شرقاً وغرباً وهذا يسجل مفخرة لجامعة النجاح التي هي رحلة كفاح ولكنها رحلات كفاح سيتمر هذا الكفاح بإذن الله حتى نحقق النصر بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، بحل عادل، يتضمن حل قضية اللاجئين حسب القرار 194 الذي يقول بالمناسبة التعويض على من لا يرغب، هذا هو القرار ونحن نطالب بهذا القرار ونطالب بهذا الحل نطالب أيضاً، ونؤكد أيضاً ونصر أيضاً على أن الاستيطان منذ بدأ عام 67 إلى يومنا هذا غير شرعي ويجب أن يزال من أرضنا.

وهنا لا أقول الاستيطان منذ عام 1948  وإنما نقول منذ عام 1967.

إخواني منذ عام 48 عندما جرد شعبنا من أرضه وماله ووطنه، دفع نحو العلم والتعليم لأنه السلاح الوحيد الذي يواجه به كل ظروف الحياة القاسية الصعبة ولذلك فإن أعلى نسبة من التعليم ومن المتعلمين ومن العلماء هي في هذا الشعب الذي يكافح بأظافره ويكافح بدمه وعرقه من أجل أن يرفع مستواه العلمي ومستواه الاجتماعي ومستواه الاقتصادي هذا هو مغزى هذا الحضور فهو إن دل على شيء فإنما يدل على إصرار شعبنا لكي يستمر في مسيرة العلم والتعليم والحضارة ليواكب شعوب العالم.

لا أضيف شيئاً إذا قلت إننا نعاني حصاراً اقتصادياً سياسياً اجتماعياً مالياً منذ سنوات لكن برزت معالمه أكثر فأكثر في الأشهر الأخير، وهذا يعني عندما نتحدث عن حصار هذه الأيام لا ننسى أن الشهيد ياسر عرفات تعرض إلى حصار أربع سنوات ومواقعه التي نسميها المقاطعات في كل بلد ومنها نابلس شاهدة على هذا الحصار كانوا يلاحقونه من غرفة إلى غرفة كان ممنوع عليه أن يتنفس ممنوع عليه أن يرى الشمس ممنوع عليه أن يخرج من مكان إلى أخر سنوات أربع ومع ذلك صمد وصبر واستشهد في مكانه ولم يقبل أن يتراجع عن مواقفه. إن الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات "أبو عمار" هو رجل السلام الأول في الشعب الفلسطيني وهو أعظم رجل رغم أنهم يسمونه بالأجنبية براجماتي في كل العالم وفي أوساط الشعب الفلسطيني بالذات، لقد كان لديه رؤية واضحة وبعيدة وكان رجلاً صلباً إذا أخذ قراراً نفذه ومع ذلك حاصروه، يا ترى هل يريدون السلام سؤال أسأله دائماً لنفسي وللناس لكن أياً كان ردهم نحن نريد السلام أياً كان موقفهم نحن نريد السلام وأياً كانت طائراتهم نحن نريد السلام، وأياً ذهبت صواريخهم نحن نريد السلام لنغيظ أعداء السلام ولنغيظ دعاة الحرب الذين يطغون في مجتمعات كثيرة.

إذن نحن نعيش حواراً اقتصادياً سياسياً مالياً اجتماعياً، لا أموال تأتي ولا حركة إلى الخارج، كل هذه اللاءات فرضت علينا وبالتالي ماذا علينا أن نفعل هل نركن إلى الأمر الواقع هل نستكين كلا. تداعى أبناء شعبكم وأهلكم ونوابكم وممثلوكم إلى حوار وقلنا هذه بداية طيبة لا بد ان نتفاهم أن نتحاور أن نحاول أن نخرج من هذه الحفرة من هذه "الجورة" من هذا المأزق لأن شعبنا كله يعيش المأساة، فالحصار ليس على حكومة وليس على مسؤولين وليس على نواب وليس على رئيس فحسب، إن الحصار على الشعب وعلى أبناء الشعب والمعاناة تصل لكل فرد من أفراد هذا الشعب وبالتالي علينا أن نفكر بمصير هذا الشعب بجدية ولم نتمكن في الأيام الأولى أن نصل إلى نتيجة معتمدين في ذلك على وثيقة قدمها لنا أشرف من عندنا وهم الأسرى.

وقد قلت أكثر من مرة إن هؤلاء الناس لا مصلحة آنية لهم لا مطلباً ذاتياً لهم معظمهم محكوم بعدد كبير من المؤبدات والله يعلم متى يخرجون وعندما يفكرون بصفاء بنقاء بحرقة على أهلهم وذويهم فعندما فكروا في هذا قلنا لنتحاور في هذا المطلب أو في هذه الوثيقة والوثيقة شاملة لأفكار مختلفة قد لا ترضي طرفاً بحد ذاته بعينه وإنما محصلتها تكون محصلة لكل الناس وهي ليست حواراً بيننا كفلسطينيين، وإنما هي حوار بين الفلسطينيين والعالم المحيط بنا وغير المحيط بنا هي ليست من أجل أن يتغلب رأي من هنا على رأي من هناك وإنما من أجل أن نتغلب نحن جميعاً على الصعاب التي نعيشها على الصعاب التي تواجهنا حتى نتمكن من فك العزلة عن شعبنا من إيصال لقمة العيش له هذا هو صلب الموضوع.

طبعاً لم نتمكن من الاتفاق فقلت لإخوتنا إذا لم تتمكنوا خلال فترة من الزمن فلا بد أن نعود للشعب ليقول كلمته لأننا في هذه الحالة لأننا في هذه الحالة كقادة فشلنا في رفع الحصار عن شعبنا فلنذهب للشعب ولكن ليفهم أن هذا الاستفتاء ليس سيفاً مسلطاً على أحد وليس استفتاءً على ثوابتنا إطلاقاً.

لا أحد يستطيع أن يذهب ليقول للشعب هل تريد دولة أم لا تريد هل تريد اللاجئين أن يعودوا أم لا تريد، هل تريد للاستيطان أن يخرج هذه أسئلة لا تسأل، هذه بديهيات وطنية لا أحد يسأل عنها لأن الكل مجمع عليها. الواقع أنه في بداية الحوار لم نتمكن من النجاح وانتقلنا إلى مكان أخر من جزء من الوطن، الجزء الجنوبي واجتمع الجميع وقرر الجميع أنهم سينهون حوارهم خلال أسبوع وهذا يجعلنا نستبشر خيراً بأن الكل يشعر بالمسؤولية وأنا والله لم أقل أسبوعاً أو أسبوعين أنا قلت أمامكم فرص ولكن كلما مر يوم زادت الضائقة اشتد الخناق على رقابنا والسكاكين ليست على رقابنا فحسب بل إنها تحز شراييننا لذلك كلما أسرعنا في إنقاذ شعبنا كلما أسرعنا في الوصول إلى أهدافه ومراميه ولذلك اتفق الجميع اتفاقاً طيباً وأقول اتفاقاً طيباً أنهم خلال أسبوع من أمس سينهون ويجمعون على رأي واحد موحد نقدمه للعالم المحيط وغير المحيط بنا ونقول لهم كفى فكوا حصارنا وابعدوا عن طريقنا حتى نتنفس حتى نشرب الماء حتى نعيش وأرجو الله سبحانه وتعالى ألا تطول الأيام وألا يطول الانتظار وان يرتفع الجميع إلى مستوى مسؤولياته التي أوكلها إليه الشعب.

لقد انتخبتموني ووضعتم ثقتكم بي وانتخبتم المجلس التشريعي الحالي ووضعتم ثقتكم به ولنكن جميعاً على قدر الثقة والمسؤولية.

أريد أن أتوجه إلى أروح شهدائنا الأبرار ألاف الشهداء والجرحى الذين ببطولاتهم أوصلونا إلى بلدنا الذين باستشهادهم وضعونا بهذا المكان وجاءوا بنا إلى هذا المكان لنحتفل في نابلس في جامعة النجاح بنجاحات هذه الجامعة التحية لهم والتحية والتقدير لأسرانا الأبطال لعشرة ألاف أسير يقبعون خلف الجدران يعانون يومياً من إذلال السجان يعانون يومياً من قهر الجنود ومع ذلك قلوبهم معكم وعقولهم معكم ويفكرون معكم وتقدموا عنا بأفكارهم وتقدموا عنا بمواقفهم لأنهم تمتعوا بشفافية أكثر منا برؤية أبعد منا وتحية إلى جميع الأخوة ومرة أخرى أهنئ الطلاب وأهنئ الجامعة بهذا الانجاز.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

خطاب السيد الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك

22-9-2006

بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيسة الجمعية العامة الشيخة هيا راشد الخليفة
معالي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو. . . . أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة الحضور

بداية أتقدم بالتهنئة إليكم لانتخابكم رئيساً لهذه الدورة متمنياً لكم التوفيق والنجاح في تحقيق أهدافها التي تُجمع عليها جميع شعوب العالم، والتي تؤمن بأن هذه المنظمة ولدت من أجل حماية السلام العالمي وحقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعوب، وأستذكر هنا كلمات الرئيس الأمريكي الراحل وودرو ويلسون: "ما من مكان آخر على وجه الكرة الأرضية، يتَجمع فيه نبلاء من الرجال والنساء، يعكسون أبهى صور الجمال والطاقة، الكامِنَيْن في التعاطف والتعاون والتشاور، من خلال جهودهم نحو إحقاق الحق، ورفع المعاناة ووضع الضعفاء على طريق القوة والأمل".

لذلك أتمنى أن تؤدي نتائج أعمال هذه الدورة إلى تشجيع التعاون بين كل الشعوب والأمم من أجل مصالحها المشتركة، وهي المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، والتي يُعتبر الالتزام بها من أساسيات الانضمام إلى المنظمة.

ولابد لنا من الإشارة للدور الفعال والجهود الحميدة التي قام بها معالي الأمين العام خلال السنوات الماضية لتعزيز مكانة منظمتنا الدولية وتفعيل دورها بما في ذلك جهوده الخاصة إزاء الصراع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية.

السيدة الرئيسة

قبل أسابيع قليلة توقفت نيران الحرب في لبنان. . . ورغم فداحة الخسائر والدمار والمآسي، فقد سارع المجتمع الدولي وبنجاح إلى التدخل الفعال لوضع حد لها، ولتوفير الدعم للبنان وشعبه وحكومته الشرعية، من أجل حماية أمنه واستقلاله، وإنهاء عهد الحروب على أرضه.

إننا إذ نشيد بهذا الدور الدولي، نأمل أن يتسع هذا التدخل الإيجابي والمؤثر، على المستوى السياسي والعملي، لكي يعالج جذر الصراعات والحروب التي شهدتها المنطقة على امتداد عقود طويلة.وأنا لست بحاجة إلى الإثبات من جديد بعد كل التجارب والحروب والمعاناة التي مررنا بها، أن بقاء قضية فلسطين بدون حل، واستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية منذ العام 1967، سوف يشكل عوامل انفجار وتوتر، ويبقي على جذوة الصراع مشتعلة، ويفسح المجال أمام كل أشكال العنف والإرهاب والمواجهات الإقليمية والأزمات الدولية.

ومن المؤسف أن نرى اليوم أن خططاً ومشاريع دولية، وفي مقدمتها خطة خارطة الطريق، التي حظيت بمصادقة مجلس الأمن الدولي، وصلت إلى حالة من الجمود والتراجع، حتى الدعوة الى استئناف المفاوضات تعترضها اشتراطات مسبقة، ويزداد اليأس والإحباط، في ظل استمرار عمل الجرافات التي تبني المستوطنات غير الشرعية، وتُغير الطابع الديمغرافي للقدس، وتقيم جدار الفصل العنصري، داخل أرضنا المحتلة وبين أجزائها المختلفة، بينما يستمر الحصار المريع، من خلال حواجز عسكرية حوّلت مدننا ومحافظاتنا إلى معازل، ويتواصل مسلسل القتل والاغتيالات التي يذهب ضحيتها مئات المدنيين، وهدم المنازل، وتستمر الاعتقالات التي طالت أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني من بينهم أعضاء في البرلمان والحكومة، ومن بين هؤلاء المعتقلين من تستمر معاناتهم لثلاثة عقود خلت، وتنتظر عائلاتهم وشعبهم إطلاق سراحهم وتمتعهم بالحرية.

ويحق لي أن أتساءل في مثل هذه الظروف، كيف يتوقع المجتمع الدولي أن يتراجع التطرف، أو أن تنحسر موجات العنف، وكيف سيكون بمقدورنا نحن وجميع قوى الاعتدال والسلام في المنطقة أن نتدخل بقوة، وأن نقنع الرأي العام في بلادنا، أن هنالك ثمة أمل في الأفق، وأن اختيار الحوار والمفاوضات والتمسك بالشرعية الدولية هو الخيار الاستراتيجي والطريق الذي ندعو إليه بقوة ولن نتخلى عنه أبداًً، وسوف يكون مجزياً ويحظى بفرص نجاح حقيقي؟.

لست وحدي الذي يعيش وسط هذه المأساة، من يجب عليه تقديم الجواب على هذا السؤال الكبير، بل المجتمع الدولي، والقوى الدولية المؤثرة هي المدعوة إلى تقديم أدلة ملموسة على أنها سوف تدعم استئناف مفاوضات غير مشروطة، وأن توفر غطاء دولياً حقيقياً لهذه المفاوضات، يعززها ويحقق نجاحها، وأن تعمل على وقف الاستيطان والعقوبات الجماعية وجدران العزل، حتى يتوفر المناخ الإيجابي لانطلاق المفاوضات ووصولها إلى هدفها المنشود، في إحقاق سلام عادل يستند إلى حل الدولتين الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش.

إن هذا الحل لا بد أن يستند إلى الشرعية الدولية التي تمسكت بها مبادرة السلام العربية من خلال قيام دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من حزيران-يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والوصول إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الذين يشكلون أكثر من نصف شعبنا الفلسطيني وفق القرار 194.

وإذا كنا قد سمعنا من حكومة إسرائيل مؤخراً، أنها سوف تقلع عن سياسة الخطوات الأحادية والانفرادية، فهذا أمر مشجع، شريطة أن لا يكون البديل عن هذا الإقلاع هو الجمود واستمرار سياسة فرض الأمر الواقع، بل العودة إلى مائدة المفاوضات والتوصل إلى حل شامل لجميع قضايا الوضع النهائي، بما يضمن مستقبلا آمناً لأطفالنا وأطفالهم.

السيدة الرئيسة

لقد سعيت مؤخراً مع كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني لإقامة حكومة وحدة وطنية، تستجيب للشرعية العربية والدولية، وتنسجم مع المبادئ التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية، ولذلك والتزاماً منا بهذه المعايير أود أن أؤكد، أن كل حكومة فلسطينية قادمة، سوف تلتزم بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية في الماضي من اتفاقيات، وخاصة رسالَتَي الاعتراف المتبادل المؤرخة في 9 أيلول-سبتمبر 1993 بين الراحلين الكبيرين ياسر عرفات واسحق رابين. وهاتان الرسالتان تحتويان على اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى نبذ العنف، واعتماد المفاوضات طريقاً للوصول الى حل دائم، يقود إلى قيام دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل.

وسوف تلتزم كل حكومة قادمة بضرورة فرض الأمن والنظام وإنهاء ظاهرة تعدد الميليشيات والفلتان والفوضى والالتزام بسيادة القانون، لأن هذه حاجة وطنية فلسطينية بالدرجة الأساسية.

إن جهودنا التي بذلناها، لم تكن إلا من أجل قيام وحدة وطنية ذات مضمون فعلي، بحيث يتحقق إجماع فلسطيني وطني حول أهدافنا الوطنية، التي تتطابق مع الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وحول الوسائل السلمية لتحقيق تلك الأهداف، ومثل هذا الإجماع عندما يتوفر وتنهض حكومة وحدة وطنية جديدة بناء عليه، ينبغي النظر إليه باعتباره إنجازاً نوعياً، وليس خطوة إلى الخلف أو تراجعاً ولو محدوداً، عن النهج الذي تمسكنا به دائماً، وصممنا عليه باستمرار وفي مواجهة أقسى الظروف.

وأود أن أؤكد أن المفاوضات مع إسرائيل كانت وستبقى شأناً يخص منظمة التحرير الفلسطينية التي أرأسها، وكل النتائج التي سوف تسفر عنها سأقوم بعرضها على المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل أعلى هيئة وطنية فلسطينية أو على الاستفتاء الشعبي العام.

إن ما حققناه على هذا الصعيد، ينبغي أن يكون كافياً لرفع الحصار الظالم المفروض على شعبنا، والذي ألحق ضرراً فادحاً بمجتمعنا ومعيشته، ووسائل نموه وتقدمه.

السيدة الرئيسة

جئت أحمل جراح شعب ينزف كل يوم، شعب يبحث عن حياة طبيعية، يذهب فيها أطفاله إلى المدارس آمنين، أطفال خُلقوا للحياة لا للموت، وشباب يجدون عملاً شريفاً، يوفر لهم طريقة كريمة في الذهاب الآمن إلى المستقبل، ويكونون شركاء في صوغ تاريخهم لا ضحايا لوحشية التاريخ. . . ونساء يلدن أطفالهن في المستشفيات لا على حواجز الاحتلال، وعائلات يلتئم شملها في الأمسيات، لتحلم بيوم جديد لا قتل فيه ولا سجن ولا اعتقال، وبكل بساطة أريد للغد أن يكون أفضل من اليوم، أريد لوطني فلسطين أن يصبح وطناً لا سجناً مستقلاً سيداً أسوة بكل شعوب العالم، وأريد للقدس أن تكون ملتقى حوار الأنبياء جميعاً، وعاصمة لدولتين جارتين تعيشان بسلام ومساواة.

لقد أطلق الرئيس الراحل ياسر عرفات من على هذه المنصة الموقرة نداءه الشهير قبل اثنين وثلاثين عاماً: لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، وها أنا أكرر هذا النداء. . . لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الرئيس يوجه رسالة متلفزة إلى الشعب الفلسطيني

بسم الله الرحمن الرحيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر

أتوجه إليكم في هذا الشهر الفضيل شهر المحبة والتواصل والتراحم بتمنياتي لكم بأيام أفضل التي نعيشها. لقد وقعت أمس واليوم مواجهات مؤلمة ودامية بين أفراد من منتسبي الأجهزة الأمنية وأفراد القوة التنفيذية تسببت في وقوع عدد من الشهداء والجرحى من الضحايا الأبرياء في شوارع مدن قطاع غزة وأنذرت بان وحدتنا الوطنية في خطر ومهددة بأوخم العواقب.

إن هذه المواجهات وما صاحبها من نزف للدماء قد تجاوز إحدى المحرمات وأفظع الكبائر التي نجح شعبنا ونجحت ثورته وقواه على امتداد أربعة عقود رغم كل الخلافات والاختلافات والتدخلات لتجنبه وتحريمه وجعله خطاً احمر لا يقوى أي كان ومهما كانت الأسباب على تجاوزه او حتى الاقتراب منه.

إن ما جرى في قطاع غزة من مواجهات وصدامات ينذر بان شروخا وصدوعا اجتاحت ثقافة الحوار وحق الاختلاف والاحتجاج التي رسخها شعبنا عبر مسيرته الكفاحية الطويلة وهو ما يهدد حياتنا الديمقراطية، ويضع شعبنا قبالة خطر الاستبداد والمصادرة والإقصاء.

إنني في الوقت الذي أدين فيه بأقوى العبارات المواجهات الدامية وأتقدم بأحر التعازي من ذو ي ضحايا الأبرياء الذين سقطوا نتيجتها بغير ذنب اقترفوه، أؤكد وبحكم سلطاتي الدستورية التي يمنحني إياها القانون الأساسي على حماية حقوق كل مواطن في التعبير عن رأيه وحقه في الاختلاف والاحتجاج بما لا يتعارض مع القانون ودون المساس بمؤسسات شعبنا التي دفع ثمنها عقوداً طويلة من النضال والكفاح ومن دماء الشهداء في الوطن والشتات، كما أنني لن أتهاون ولن أغض الطرف عن أية جهة كانت شخصاً كان أو مؤسسات ومهما علا شانها بان تهدد مسيرتنا الديمقراطية التي يفاخر بها شعبنا، فالاحتجاج لا يقابل بالرصاص والاحتجاج لا يعني التخريب والتدمير وحرق المؤسسات.

وإنني من موقعي كرئيس للشعب الفلسطيني اعد بان أعمال العنف وسفك الدماء لن تمر عليها مرور الكرام، وسيحاسب كل من تسبب أو شارك بها بالقول أو بالفعل وقد أصدرت تعليماتي إلى الأخ النائب العام لإجراء تحقيق شامل حول هذه الأحداث المؤلمة وإحالة كل من تثبت علاقته بها إلى القضاء لينال عقابه الذي يستحق.

إن الفتنة التي استيقظت من رقادها، وتجولت في شوارع مدن قطاع غزة والضفة الغربية، و سقطت وسفكت الدماء، وأوقعت الضحايا بمن فيهم أطفال أبرياء لم تكن صاعقة في سماء صافية، فقد سبقتها ومهدت لها حملات التحريض والشحن وسوق الاتهامات على عواهنها بلا سند، وهو ما يستدعي من جميع أبناء شعبنا وقواه الوطنية والإسلامية ومؤسساته الأهلية والشعبية وشخصياته وفعالياته التصدي بكل حزم لكل من تسول له نفسه استمرار الصدام الأهلي، واستطابة ثماره المحرمة مهما كانت الأسباب، وتعددت المسوغات والذرائع.

وفي هذا السياق، فإنني أجدد تأكيد التعليمات التي كنت أصدرتها يوم أمس إلى منتسبي الأجهزة الأمنية بالعودة إلى مواقع عملهم فوراً والقيام بواجباتهم فوراً والتوقف عن أعمال الاحتجاج والتظاهر، أؤكد اليوم تعليمات مماثلة لسحب القوة التنفيذية من الشوارع إلى مواقعها السابقة، وان تقوم الحكومة ورئيسها بواجباتهم في احتواء الأزمة بالطرق والأدوات السلمية والديمقراطية التي تليق بشعبنا وبتراثه النضالي العظيم.

إنني في هذه اللحظات التي يتهددنا فيها اشد المخاطر بما فيها التهديدات بشن عدوان إسرائيلي لإعادة احتلال قطاع غزة، أدعو إلى تضافر جهود مختلف فصائل العمل الوطني الفلسطيني إلى تعزيز لغة الحوار ورص صفوفنا، وترسيخ وحدتنا الوطنية في مواجهة الاحتلال والحصار الذي يطبق على شعبنا وقضيتنا للخروج من هذه الأزمة، التي تهدد مصيرنا الوطني، كما تهدد بتبديد انجازاتنا الوطنية، وتلقي بشعبنا في هاوية الاقتتال الأهلي. الأمر الذي يفرض علينا جميعاً الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التي تمليها علينا المصالح الوطنية العليا لشعبنا، ومغادرة العقلية الفئوية الضيقة إلى رحابة فضاء وحدتنا التي تحثنا على الإسراع في تشكيل حكومة جديدة منسجمة مع الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية من اجل كسر الحصار المالي والسياسي والاجتماعي والأمني الذي يرزح تحته شعبنا الصامد. وستبقى مسيرتنا الوطنية مستمرة من اجل الحرية والاستقلال بالرغم من ما يعتريها هذه الأيام من شوائب وما يعترضها من صعوبات ولن تنكس الراية التي رفعها قوافل الشهداء والأسرى والجرحى وسوف يثبت شعبنا العظيم انه أقوى من كل المحن والمصائب والمعوقات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورحمة الله.

 

خلال إفطار أقامه لرجال الدين وأعضاء السلك الدبلوماسي في رام الله:

كلمة السيد الرئيس في المهرجان المركزي الذي أقيم في مقر المقاطعة في رام الله
 في الذكرى الثانية لرحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات

11-11-2006

بسم الله الرحمن الرحيم
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" صدق الله العظيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في الوطن والمخيمات والشتات
يا أبطال فلسطين في سجون الاحتلال ومعتقلاته
يا جماهير أمتنا العربية
يا أصدقاء شعبنا في العالم
أيها الأخوات، أيها الأخوة

نلتقي اليوم في المقاطعة، في عرين وقلعة وعنوان الصمود العظيم لقائد ثورتنا وشعبنا، القائد التاريخي الرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي كرَّس حياته من أجل عزة وكرامة شعبه، ودفع حياته من أجل حرية فلسطين واستقلالها.

نلتقي اليوم في الذكرى الثانية لاستشهاد ياسر عرفات، لنُجدِّد العهد والقسم لشعبنا الفلسطيني، بأن طريق الحرية والاستقلال الذي شقه الرئيس الراحل، هو طريقنا، وبأن عهد ياسر عرفات هو عهدنا، وأن قَسَمه هو قسمنا. لأن قدرنا أن نحمل الرسالة، وأن نُؤدي الأمانة التي من أجلها ضحى شعبنا جيلاً بعد جيل، وقدَّم قوافل الشهداء على مذبح حرية الشعب واستقلال الوطن.

إن شعلة الحرية التي أضاءَها ياسر عرفات، في الأول من يناير 1965 بانطلاقة حركتكم الرائدة حركة "فتح"، ستبقى مرفوعة وستبقى مُشتعلة، لأن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء مهما تمادى الاحتلال في عدوانه وحصاره واستيطانه وجداره العنصري.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

اليوم، ودماء شهدائنا في بيت حانون لم تجف بعد، دماءُ لأطفالٍ ولنساءٍ أبرياء، الذين سقطوا في مذبحة همجية إسرائيلية جديدة ومتجددة، حيث لا يمر يوم دون أن تَرتكب قوات الاحتلال الإسرائيلية جريمةَ قتل وجريمةَ تدمير لبيوتنا وأرضنا وحقولنا واقتصادنا الوطني، وتفرض حصاراً وعقاباً جماعياً بمئات الحواجز والجدران التي حولت مدننا وقرانا ومخيماتنا إلى سجونٍ ومعسكراتِ اعتقال، مما يشل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية في عموم الأراضي الفلسطينية.

لقد رأى العالم ما اقترفته قوات الاحتلال ودباباته وجرافاته وصواريخه وقنابله المُحرمةُ دولياً من قتل جماعي لأهلنا في بيت حانون على مدى أسبوع كامل، ونسأل العالم هنا أيُ قانون وأيُ عدالة وأيُ حق يُبيح لإسرائيل أن تقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وحتى رجال الإسعاف؟ وأن تقطع الماء والكهرباء، وتمنع وصول المواد الغذائية لثلاثين ألف فلسطيني محاصرين بالدبابات والرصاص في بيت حانون؟ وأيُ قانون دولي وشرعية دولية تُعطيهم حق قصفِ البيوت الآمنة واغتيال الأطفال في أحضان أمهاتهم وترويعِ شعبِ بأسره؟.

إنني من هذا المكان الطاهر الذي ترفرف فوقه روح ياسر عرفات أقول باسم شعبنا الفلسطيني: إن الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا الفلسطينية يجب أن ينتهي. والاستيطان باطل من أساسه وغيرُ شرعي من بدايته ويجب أن يزول عن أرضنا، وأن القدس الشريف هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، وإن ضمها وتطويقها بالجدار العنصري والمستوطنات والقلاع الإسمنتية كلُها وقائعٌ مصطنعة فرضها الاحتلال بالقوة الغاشمة، وهي حتما بإذن اللهً إلى زوال.

لن يتحقق الأمن والسلام في ظل الاحتلال والاستيطان وضم القدس الشريف لإسرائيل، وهنا اسمحوا لي أن أضع النقاط على الحروف وأقولَ بكل وضوح، إن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن شبر واحد من أرضه وفي المقدمة القدس الشريف، وعلى إسرائيل إن كانت تريد السلام أن تُطبق قرارات الشرعية الدولية وتنسحب من الأراضي الفلسطينية والعربية إلى خط الرابع من حزيران- يونيو عام 1967، وأن تعترف بحقوقنا الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف.

لقد حان الوقت لحكومة إسرائيل أن تُدرك بأن استمرار احتلالها واستيطانها لأرضنا هو أمر مستحيل وأن القوة العسكرية - مهما طغت - لن تكسر إرادة الصمود في شعبنا ولن تجبره على الركوع والرضوخ والاستسلام، فالزمن ليس في صالح الاحتلال ومحاولاتِه لفرض الأمر الواقع، فقد انتهى عهد الاحتلال واضطهادُ شعب لشعب آخر، والاستيلاء على أرضه ووطنه بالقوة في كل أنحاء العالم، لكنه لازال رابضاً على أرضنا، وسنبقى صامدين صابرين في وطننا متمسكين بحقنا، حتى ننال حريتنا واستقلالنا وتقريرَ مصيرنا، مهما طال الزمن.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

لقد اخترنا طريق السلام والمفاوضات وقبِلْنَا قرارات الشرعية الدولية، ورؤية الرئيس بوش لحل الدولتين، وفي إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وخطة خارطة الطريق، بما فيها المبادرة العربية، وبادرنا إلى التهدئة من جانب واحد، ورحبنا بدور فاعل للجنة الرباعية الدولية، إلا أن حكومة إسرائيل تُضيِّع الفرص، وتتهرب من الجلوس على طاولة المفاوضات، وتُمعن في احتلالها واستيطانها وحصارها وتوغلاتها في أرضنا، وما حدث في بيت حانون مثال حي على الموقف والسياسة الإسرائيلية تجاه شعبنا، وتجاه الأمن والسلام في الشرق الأوسط، وما جرى في بيت حانون يجري مثله يومياً في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية دون تمييز، يجب أن نتذكر أن إسرائيل ترتكب جرائمها وحماقاتها في كل مكان في فلسطين.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

 نُعبِّر جميعنُا اليوم عن الوفاء للرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي كرَّس حياته كلها من أجل وطنه فلسطين، فقد عاش النكبة وذاق مرارة اللجوء والتشرد وتمرد على الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا في عام النكبة عام 1948، واستطاع في سنوات البناء الثوري أن يكون القدوة والطليعة والقائد الرائد، الذي يبني الخلايا الثورية ويبني البؤر والقواعد الارتكازية، ويصنع أسطورة معركة الكرامة الخالدة في عام 68، ويقود قوات الثورة في حرب أكتوبر- تشرين الأول1973، وانتزع عام 1974 بصلابته وإخلاصه لشعبه من مؤتمر القمة العربية في الرباط، قرار القمة التاريخي بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فلا أحد ينطق باسم الشعب الفلسطيني غير منظمة التحرير.

فانتهى بذلك وإلى الأبد زمن الضياع، وبدأ زمن الرقم الفلسطيني الصعب يفرضُ حضورَه على المستويين العربي والدولي، وسجل أبو عمار في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية عام 1974 حدثاً لا زالت تتردد أصداؤه، منتزعاً من الجمعية العامة الاعتراف بمنظمة التحرير وبحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف. وفي عام 1982 قاد أبو عمار معركة مواجهة الغزو الإسرائيلي للبنان، فكان الصمود البطولي في بيروت لمدة 88 يوماً، أعقبها استقبال الرؤساء والملوك العرب له في مطار الرباط في أكتوبر عام 82، تعبيراً عن تقديرهم لياسر عرفات الذي صمد هذا الصمود المشرف في بيروت أمام الآلة الحربية الإسرائيلية.

وقد أصدرت هذه القمة القرار العربي التاريخي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 67، وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية.

لقد توهم قادة إسرائيل بأن إخراج منظمة التحرير وقواتها من لبنان سيقضي على النضال الفلسطيني، ولم يدر في خَلَدهم أن هذا الشعب خلاق في مقاومته، فكانت الانتفاضة البطلة، انتفاضة أطفال الحجارة التي أبرزت قيادات جديدة شابة داخل الوطن، أدارت النضال ضمن إطار القيادة المُوحدة للانتفاضة التي أشرف عليها ووجهها الرئيس الشهيد، فكانت الانتفاضة بما قدمته من نموذج في النضال الجماهيري، رافعةً لقضيتنا على المستوى الدولي والعربي والإقليمي.

وكان انعقاد مجلسنا الوطني عام 1988 في الجزائر، ليزفَّ فيه ياسر عرفات إعلان الاستقلال الوطني وقيام دولة فلسطين المستقلة على أرض فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف.

ونذكر أنه فور هذا الإعلان أكثر من 80 دولة بادرت إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفتحت لها ممثليات حتى زاد العدد على 120 دولة.

وفي عام 1993 فُتحت لشهيدنا وقائدنا أبواب البيت الأبيض، حيث رعى الرئيس الأمريكي كلينتون حفل التوقيع على اتفاق أوسلو، وتبادل أبو عمار مع اسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل وثائق الاعتراف المتبادل، بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل.

وفي تموز- يوليو 1994 يدخل ياسر عرفات ظافراً ومرفوع الرأس إلى قطاع غزة ليقيم فيها أول سلطة وطنية فلسطينية لتشكل النواة الصلبة لدولة فلسطين المستقلة القادمة بإذن الله.

لقد تمسك ياسر عرفات بالحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتةٍ وغيرِ منقوصة: بالقدس الشريف والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وبحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على أساس القرار 194.

لقد ظل ثابتاً راسخاً على مبادئه ومبادئ شعبه في الحرية والاستقلال.

ونقول اليوم إننا لن نحيد قيد أنملة عن مبادئ ياسر عرفات وأهدافه. وإن السلام المنشود هو السلام الذي وقع عليه ياسر عرفات، إنه سلام الشجعان، السلام الذي يُعيد لنا حقوقنا.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

أتوجه باسم شعبنا الصامد في وجه الاحتلال والعدوان والاستيطان والجدار في أرض الوطن، إلى أهلنا اللاجئين في المخيمات، وفي الشتات وفي أنحاء العالم كافة لأقول لهم: إن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، هو حق كفلته الشرعية الدولية، وإن قضية اللاجئين هي قضية وطن وهوية، ولهذا فإننا رفضنا و نرفض اليوم كل مشاريع التوطين. ونحيي نضال شعبنا وصموده أينما وجد وتضحياتِه التي أسقطت كل الرهانات على ضياعه وضياع قضيته.

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

من هنا من هذا المكان أيضاً الذي حوصر فيه ياسر عرفات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أتوجه إلى المناضلين الأبطال في سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه، وأقول باسم شعبنا وباسمكم، أيها الأحرار، إن السلام مستحيل وعشرة آلاف فلسطيني رهائن، ومن ضمنهم الوزراء والنواب ورؤساء البلديات، وقادة محتجزون وأعضاء في القيادات الفلسطينية، ويجب أن يستمر النضال من أجل إطلاق سبيلهم من لدى المحتلين الإسرائيليين، وأقول لأحبتنا الأبطال وسواعدنا القوية وروادنا في سبيل الحرية والاستقلال، إنكم شغلنا الشاغل وإنكم همنا الرئيس، وقضيتكم في طليعة ما نثيره يومياً لتحريك الضمير العالمي، ولن يهدأ لنا بال حتى تنعموا بالحرية في وطنكم الحر المستقل وبين أهلكم وذويكم. إن حريتكم هي من حرية الشعب والوطن، فتحية لكم أيها الصامدون الأحرار وراء قضبان السجون والمعتقلات الإسرائيلية.

أيتها الأخوات والإخوة

إن الحصار الظالم الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على المقاطعة وعلى الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ترافق مع المرض الغامض، حيث عجز الأطباء الفلسطينيون والأردنيون والمصريون والتونسيون عن تشخيصه ومعرفة أسبابه، مما أدى إلى نقل الرئيس الشهيد على وجه السرعة إلى فرنسا لتلقي العلاج بمبادرة كريمة من الرئيس شيراك، وهنا نحيي الرئيس شيراك على هذه المبادرة التي لن ينساها شعبنا أبداً، ولكن جهود الأطباء الفرنسيين لم تفلح في إنقاذ حياته ومعرفة سر هذا المرض الغامض.

وكنا قد قررنا في حينه أمام هذه الملابسات الخطيرة وعلامات الاستفهام والتساؤلات، تشكيل لجنة عليا من الأطباء وذوي الاختصاص ومن شخصيات سياسية لا زالت تواصل البحث والمتابعة على كل المستويات لكشف الملابسات التي أحاطت بمرض الرئيس واستشهاده، وأكرر من هنا دعوتي لكافة الجهات الطبية ذات العلاقة إلى التعاون الكامل مع اللجنة العليا، حتى يعرف شعبنا والعالم كله حقيقة ما تعرض له الرئيس أبو عمار في حصاره الطويل، وما سر هذا المرض الغامض الذي أودى بحياته!

أيتها الأخوات، أيها الأخوة

إن إعلان الاستقلال، وقيام دولة فلسطين المستقلة، الذي أعلنه الرئيس الشهيد ياسر عرفات في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، وكذلك برنامج الإجماع الوطني، قد حظي بالاعتراف والترحيب الفلسطيني والعربي والدولي وهو البرنامج الوطني نفسه الذي انتخبني شعبنا الفلسطيني على أساسه، لتحقيق أهداف شعبنا في استعادة الأرض، واقتلاع الاستيطان، وقيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس إلى جانب دولة إسرائيل.

إن هذا البرنامج الوطني قد أسقط كل الحجج والذرائع الإسرائيلية لمنع قيام دولتنا المستقلة، وبفضل هذا البرنامج أقمنا السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تعرضت لمحاولات إضعافها وتهميش دور مؤسساتها منذ اغتيال اسحق رابين وحتى اليوم.

وأقول هنا إن الطرف الآخر هو الذي وضع العراقيل في وجه السلطة الوطنية لتنمو وتحقق برنامجها وذاتها، وأود هنا أن أكون واضحاً وصريحاً وأقول: إن أي برنامج آخر، لا يعتمد البرنامج الوطني الذي حظي بالإجماع الشعبي والتأييد العربي والدولي، لن يكون من شأنه سوى تقديم الذرائع لإسرائيل، لمنع قيام الدولة الفلسطينية ولرفض الانسحاب من أرضنا، وكذلك تمكين إسرائيل من مواصلة عدوانها للقضاء على السلطة الوطنية، التي تشكل إنجازاً تاريخياً لشعبنا على طريق إقامة دولتنا المستقلة.

إنني أيها الأخوات والأخوة ومنذ انتخابي رئيساً للسلطة، وكذلك منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، أعمل ليل نهار، لوضع حدٍ للتعارضات الموجودة وهي شرعية وذلك من أجل إيجاد الحلول والقواسم المشتركة للحفاظ على الوحدة الوطنية.

ومع كل حرصنا على تجربتنا الديمقراطية الفريدة، التي أردناها نقيضاً لواقع الاحتلال والاستيطان، فإننا نضع أمام الجميع، وأمام كل الغيورين على شعبنا ووطننا، حقيقةَ أن وضعنا كسلطة وحكومة ومجلس تشريعي وواقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني، كل ذلك يفرض علينا أن نتحلى بالمسؤولية الوطنية العالية، ونلتقي في إطار وحدتنا الوطنية على قواسم برنامجنا الوطني، فليس بيننا خلاف أو تناقض على ثوابتنا الوطنية.

وإنني أدعو كافة الأشقاء والأصدقاء إلى دعم شعبنا وسلطتنا الوطنية، ورفع الحصار والمقاطعة الظالمة التي فرضت منذ ثمانية شهور وتحرم شعبنا من قوت يومه وتحرمنا من التقدم الاقتصادي، وإرغام حكومة إسرائيل للجلوس على طاولة المفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام دولتنا الفلسطينية، وإن الرهان على خلافات وصراعات فلسطينية داخلية هو رهان خاسر، فوحدة شعبنا وفصائلنا ستظل الصخرة التي تتحطم عليها كل الرهانات وكل الأطماع وكل المؤامرات.

ليس أمام فصائلنا وقوانا غير الوحدة، والمزيد من الوحدة على أساس برنامجنا الوطني، برنامج الاستقلال والحرية، برنامج الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وأود في هذا اليوم، أن أؤكد لكم أن قيام حكومة وحدة وطنية تحظى بإجماع وتأييد وطني شامل أصبحت قريبة التحقيق، رغم المخاض العسير، وما تحملناه من اتهامات ظالمة، حاولت تصوير صبرنا على أنه ضعف، ومرونتنا الإيجابية وكأنها تخاذل، وحِرْصنا على وحدة الصف والشعب بكل قواه وكأنه تعلق بالأوهام.

إن المصلحة الوطنية تفرض على الجميع التحلي بالمسؤولية والارتفاع فوق المصالح الفئوية الضيقة من أجل تعزيز وحدتنا الوطنية وقرارنا الوطني المستقل، بعيداً عن المحاور والتجاذبات الإقليمية والدولية، مؤكدين في الوقت ذاته حرصنا على إقامة أوثق العلاقات مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة، ومع مختلف دول العالم على قاعدة مصلحتنا الوطنية.

وللتوضيح أكثر، أُبشر شعبنا، بأننا حققنا تقدماً كبيراً على طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية، تستطيع فك الحصار، وتفتح الآفاق نحو حل سياسي يُنهي الاحتلال إلى الأبد، وأتوقع، بمشيئة الله وبإذن الله، أن ترى هذه الحكومة النور قبل نهاية هذا الشهر.

أخواتي إخواني،

لقد حافظ ياسر عرفات على شرف السلاح الفلسطيني كسلاح نظيف وطاهر لا يعمل إلا في سبيل حماية الوطن والدفاع عن حقوق شعبه، ولا يكون أداةً للفوضى والفلتان والتعدي على مصالح المواطنين. وسأحرص على وصية ياسر عرفات، وسأواصل العمل بأقصى جهد ممكن للقضاء على الفوضى، فوضى السلاح والفلتان، ومن أجل سيادة القانون والنظام العام، وأقول لكم أن الدم الفلسطيني خط أحمر ومحرم على الفلسطينيين، ولن أسمح لأحد أن يُراهن على ذلك.

اسمحوا لي أيها الأخوة أن أتوجه بهذه الكلمات إلى أخي رفيق الدرب وقائد المسيرة، لأُعاهده عهد الرجال للرجال، وبقسم الوفاء لذكراه، وللرسالة التي حملها حيث واصل الليل بالنهار من أجل أدائها. ستظل يا ياسر عرفات يا أخي أبو عمار حياً فينا.

نستمد من مسيرتك الكبرى وقيادتك الملهمة ودأْبك وصدق التزامك ما يملؤنا عزماً وتصميماً على المُضي قُدماً نحو تحقيق أهدافنا الوطنية وإكمال مشروعنا الوطني. . الذي طالما حلمت به وعملت من أجله.

وإنني بهذه المناسبة وفي يوم الوحدة الوطنية والنهوض الوطني، أعلن عن تأسيس وقيام (مؤسسة الشهيد ياسر عرفات الخيرية) التي ستعنى بإدارة مجمّعِ الشهيد ومتحفهِ، وتُعنى بجمع تراثه، والقيام بأعمال خيرية في مجالات الأعمار والتربية والثقافة.

وأخيراً، أتوجه بتحية وفاء لقوافل شهدائنا الأبرار وجرحانا البواسل، الذين رووا بدمائهم الزكية على مدى تاريخ نضالنا الطويل، تراب الوطن، وأناروا لنا الدرب على طريق تحقيق أهدافنا وآمالنا في الاستقلال والحرية، -رحمهم الله عز وجل- جميعاً، وأنعم على جرحانا بالشفاء العاجل، وعلى معاقينا بالصبر والقوة، لمواصلة نشاطهم الفاعل في بناء مؤسسات الوطن، ومسيرتهم العملية في الحياة.
كان ياسر عرفات الفصل الأطول في حياتنا، وكان اسمه اسم من أسماء فلسطين الناهض من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة إلى فكرة الدولة، ولكل واحد منا شيء منه. رحمك الله يا أبا عمار وأسكنك فسيح جناته.

 
بسم الله الرحمن الرحيم
"إنَّ الذيَن آمنوا وعَمِلُوا الصالحاتِ يهَدِيهِمْ رَبُّهُم بإيَمانِهِمْ تجري من تَحْتِهِمُ الأنهارُ في جناتِ النعيمِ، دَعْوَاهُم فيها: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ، وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ، وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين" صدق الله العظيم

رحمك الله يا أبو عمار وأسكنك فسيح جناته
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

خطاب السيد الرئيس بمناسبة إعلان الاستقلال رام الله

15-11-2006

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أبناء شعبنا في الوطن والمخيمات والشتات، قبل ثمانية عشرة عاما وقف الشهيد ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني ليعلن باسم الشعب الفلسطيني قيام دولة فلسطين على أرض الوطن فلسطين، ومنذ ذلك اليوم الخالد في تاريخنا الوطني يواصل شعبنا الفلسطيني كفاحه ونضاله في مختلف الساحات في الوطن وخارجه من أجل تجسيد قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة على أرض وطننا فلسطين، ففي ارض الوطن اندلعت الانتفاضة الجماهيرية الأولى التي سجل شعبنا فيها بسواعد ودماء وأرواح أبنائه، أن الاحتلال الإسرائيلي زائل لا محالة، وأن حق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره يحظى بالتأييد والتضامن والدعم على المستويين العربي والدولي ومختلف الساحات.

لم يكن أمام حكومة إسرائيل بفضل صمود شعبنا في انتفاضته التاريخية ووحدة فصائلنا الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية إلا التراجع عن سياسة إنكار وتغييب حق شعبنا في وطنه، وصدرت القرارات العربية والدولية التي تدين الاحتلال الإسرائيلي وتعلن اعتراف الأسرة الدولية بحقوقنا الوطنية.

وفي مؤتمر مدريد للسلام فرض شعبنا بقيادة الرئيس الشهيد ياسر عرفات قضيتنا العادلة على الأجندة الدولية ومن مؤتمر مدريد إلى مفاوضات واشنطن وأوسلو حقق شعبنا انجازه التاريخي الأول بقيام السلطة الوطنية الفلسطينية نواة وقاعدة الانطلاق لدولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة

وفي هذا اليوم الوطني، يوم إعلان الاستقلال، أؤكد باسم شعبنا الصابر الصامد، وباسم لاجئينا، أسرانا ومعتقلينا، أطفالنا وزهراتنا، بأن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء، وان الدولة الفلسطينية ستقوم وترى النور، فالأرض أرضنا، ومن حق شعبنا أن يعيش حرا وسيدا في أرضه بدون احتلال و استيطان، مسلحا ببرنامج الإجماع الوطني، برنامج الاستقلال وإعلان الدولة المستقلة.

وبإصرار هذا الشعب على نيل حريته واستقلاله وبوحدة فصائله وقواه الوطنية لا بد له من أن يتغلب على كافة الصعوبات التي تضعها إسرائيل لمنعه من إنجاز وتحقيق الحرية والاستقلال، فالقوة العسكرية لم ولن تفرض علينا التنازل عن أي من حقوقنا، فشعبنا كباقي شعوب الأرض جدير بتقرير مصيره، وأن يحكم نفسه بنفسه و هو يواصل رغم الاحتلال وقسوته تعزيز ديمقراطيته ووحدته الوطنية.

لقد أعلنت لشعبنا قبل عدت أيام و بمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد القائد الرمز أبو عمار بأننا حققنا تقدماً كبيراً على طريق إقامة حكومة الوحدة الوطنية،وإنني من هنا وفي يوم إعلان الاستقلال أتوجه للإسرائيليين لا تضيعوا فرصة السلام، ويكفي إراقة دماء أبنائنا و أبنائكم فإن الطريق للأمن والسلام طريق واحد لا بديل عنه، هو اعترافكم بحقوقنا الوطنية وانسحابكم من أرضنا ومن قدسنا الشريف وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194.

وبهذه المناسبة التاريخية أتوجه بالتحية والتقدير لشهدائنا الأبرار ولأسرانا البواسل متطلعاً إلى يوم قريب لنعانقهم أحراراً بيننا.

إخواني، إخوتي

إننا ندعو الأسرة الدولية واللجنة الرباعية لتحمل مسؤولياتها ورعاية المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين مشاركة تتضمن الوساطة والتحكيم  تقديم الضمانات، فالأمن والسلام في الشرق الأوسط يبدأ من فلسطين.

وهذه ساعة الحقيقة بأن السلام في هذه المنطقة لن يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية و الفلسطينية التي احتلت عام 1967.

إنني أعلن باسم شعبنا الفلسطيني استعدادنا الكامل لمفاوضات جادة ونهائية تضع حدا لعقود من الصراع والدماء.

في هذا اليوم أجدد تحياتي إلى أبناء شعبي في الوطن والشتات وأرجو الله عز وجل أن نحتفل بهذه المناسبة في العام القادم في قدسنا الشريف عاصمة دولتنا المستقلة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


خطاب السيد الرئيس للدعوة لانتخاب رئاسية وتشريعية مبكرة رام الله

16-12-2006

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصحابه وسلم،
أما بعد،

قد قال الله- سبحانه وتعالى- في محكم كتابه العزيز: "وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا".

أيها الأخوة الكرام

كان لابد لنا في هذه الأيام من أن نتوجه إلى شعبنا بعد طول المعاناة التي عشناها في الأشهر الماضية، والتي عاشها شعبنا وصبر عليها وتحمل ما لم يمكن أن يحتمل، كان لا بد لنا أن نتوجه أن نتحدث عما جرى ونقول كل ما جرى، إن الشعب هو أصل السلطة وأصل السيادة، وهو مرجعنا ومرجع الجميع.

لا بد لي بداية أن أشير إلى الجريمة النكراء إلى الجريمة البشعة إلى الجريمة التي لا تحتملها الإنسانية جميعاً إلى قتل أطفال أخوة ثلاثة بدون ذنب ارتكبوه بدون جريمة ارتكبوها بدون عمل إلا أنهم ذاهبون إلى أمل إلى مدرستهم، فإذا من طغمة قاتلة من طغمة فاسقة لا تمت إلى الشعب بصلة لا تمت إلى الأمة بصلة لا تمت إلى الإسلام بصلة لا تمت إلى الأديان السماوية بصلة، تحاصرهم بسيارات ثلاث، وتطلق عليهم النار وتقتلهم جميعاً.

ما هذه الجريمة؟ كيف يمكن لبشر أن يرتكب مثل هذه الجريمة، وقد نهت كل الأجيال السماوية وغير السماوية عن مثل هذه الجرائم، ولذلك قال سبحانه وتعالى: "وكتبنا على بني إسرائيل"- وليس على بني إسرائيل فحسب وإنما- "كتبنا على بني إسرائيل أن من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، هذا موجود في كل نواميس الدنيا، هؤلاء قتلوا ليس إنسانا واحداً بل ثلاثة أطفال أبرياء ينظرون إلى الأمل وينظرون إلى المستقبل، وتكون هذه النتيجة لماذا ارتكبوا هذه الجريمة لماذا ارتكبوها.

وليس هذا فحسب، هناك قتل قبل ذلك لضابط ومسؤولين وقادة وقضاة حتى قضاة قتلوا، من المسؤول عن هذا ولماذا يقتلون هؤلاء الناس بدم بارد بلا ذنب ارتكبوه؟ أسال الجميع أسال كل من يحمل هذا السلاح القاتل السلاح غير الشرعي ليطلق النار على هؤلاء الناس الأبرياء، إنما تبقى صورة الأطفال نافذة في كل الأذهان نافدة تتطلع إلى الله - سبحانه وتعالى- وتشكوا ظلم الناس سيذهبون إلى الجنة ويشكون إلى ربهم هناك ويقولون ربنا أنصفنا أنصفنا من هؤلاء القتلة.

هذا الحادث والأحداث التي سبقته والأحداث التي تبعته، تدعونا إلى أن نتحدث عما جرى أولاً في معبر رفح، في معبر رفح قرر رئيس الوزراء أن يخرج في جولة عربية إسلامية، وهذا من حقه، ولا بد أن يحصل، فكنا قبل ذلك بأيام بدنا نرتب لهذه الزيارة حتى يكون الخروج كريماً والدخول كريماً، وبالتالي أجرينا اتصالات مع كل الجهات المعنية، الإسرائيليين حتى لا نخفي أو نغطي السماء بأيدينا، الإسرائيليون أولاً ثم الأوروبيون ثم المصريون، وكنا نريد لرئيس الوزراء أن يخرج خروجاً سريعاً، وكلفت ثلاثة من القادة كي يتولوا هذه المهمة، الأخ الطيب عبد الرحيم والأخ صائب عريقات و"المتآمر" محمد دحلان، الذي تريدونه، متآمر، واشتغل الثلاثة في اتصالات حثيثة حتى تمكن رئيس الوزراء أن يخرج من معبر رفح إلى العريش، ويقوم بزيارته الناجحة في كل من مصر وقطر والبحرين وسوريا وإيران والسودان، ويعود.

وقبل أن يعود بدأنا اتصالات حثيثة حتى يكون دخوله كريماً، وحصلت هناك تعقيدات، وأقول بصراحة، حيث قيل إن لديه أموالاً يريد أن يهربها، وهنا أقول كلمة: نحن بحاجة إلى أموال السلطة، بحاجة إلى أموال، الحكومة بحاجة إلى أموال من أجل أن يصرف على الشعب، ولكن ليس أموالاً مهربة كان بالإمكان أن ترسل عبر الجامعة العربية. ومع ذلك جاءت هذه الأموال، وجرى هناك تعطيل، وعندما جرى هناك تعطيل، جاءت جموع تستقبل رئيس الوزراء من زيارته الناجحة، ولكنها تحمل الأربيجيهات وتحمل السلاح، المفروض أنه عندما يستقبل قائد أو زعيم أو مسؤول من قبل جماعته، يستقبل بورود، يستقبل بزهور، يستقبل بتحيات، لكن يستقبل بأربيجيهات، أن يستقبل بالأسلحة، أن يستقبل بالرشاشات، آلاف مؤلفة جاءت، وعندما تأخر وصوله في الأراضي المصرية، اجتاحت هذه الجموع المعبر الفلسطيني وحطمته وكسرته وسرقته، لماذا؟ لماذا يحصل هذا ونحن نبذل أقصى جهد، كل الجهد من أجل أن يدخل دخولاً كريماً، هذه الأحداث أدت إلى خروج المراقبين الدوليين، ورفضوا أن يبقوا في المعبر، وعندما خرجوا لا يستطيع أن يدخل، فتمنينا عليهم، قالوا أطلقت علينا النيران، أطلقت علينا النيران من من؟ كما يقولون من حرس الرئاسة المكلف بحراسة الرئيس، المكلف بحماية رئيس الوزراء، المكلف بنقل رئيس الوزراء.

 عندما يقال إن إطلاق النار حصل من هؤلاء فهذا عيب، إلى أن تؤمن دخوله إلى المعبر ثم ركب سيارة الرئاسة، وخرج إلى أن وصل إلى غزة، أين هي المؤامرة؟ أين هي المؤامرة؟ الكل كان في خدمته، وهؤلاء كبار المسؤولين كانوا يلحون على الجهات الثلاث من أجل يؤمنوا له دخولاً كريماً، ومع ذلك يتهمون بما اتهموا به، ثم يقال نحن دخلنا إلى المعبر لنؤكد السيادة الفلسطينية عليه، هل تؤكد السيادة بهذه الفوضى بهذه الهمجية؟ ثم هل لدينا سيادة في الوطن حتى نقول أن المعبر يحتاج إلى سيادة، ما دمنا نؤكد السيادة لماذا كل هذه الترتيبات؟

كل هذه الجهود من أجل أن يخرج كريماً ويدخل كريماً، إذاً لماذا نتحدث بالفم المليان نحن نريد أن نثبت سياستنا أو سيادتنا في المعبر؟ نحن نغش أنفسنا نحن نخدع أنفسنا، نحن تحت الحكم الذاتي إلى الآن، نحن ليس لدينا سيادة، ومعروف أننا عندما اتفقنا على المعبر، اتفقنا بهذه المواصفات، ولكن لنرى الفرق بين أيام الإسرائيليين التي كان يجلس الفلسطينيون على قارعة الطريق أياماً وعلى الحواجز أياماً لينتقلوا إلى المعبر الآخر، بينما اتفاقنا كان أن يخرج الناس بدقائق، لكن هذه الفوضى وهذه العبثية وهذه الأعمال التخريبية تؤدي إلى تعطيل المعبر، وعندما يخرج منه الأوربيون لن يكون هناك معبر، فيقفل المعبر، قفل المعبر أمس بعد أن دخل رئيس الوزراء، وتمنينا على الأوربيين وتمنينا على الإسرائيليين، وتمنينا على الأشقاء المصريين أن يفتح للحجاج، هناك آلاف الحجاج، قالوا لا يوجد أدوات لا يوجد كمبيوترات لا يوجد، المعبر كله دمر، قلنا معلش على الناس أن يخرجوا للحج، وعلينا أن نسهل طريقهم للدخول.

الحديث عن المؤامرات، الحديث عن التخوين، أي قلب الحقائق أيضاً لا يجوز لا يجوز بأي حال من الأحوال، وأنا كنت على اتصال، أنا شخصياً كنت على اتصال مع رئيس الوزراء، عندما خرج، وكنت معه خطوة بخطوة حتى يغادر، أين هي العقبات؟ وكان معه ومع زملائه محمد عوض وأحمد يوسف وغيرهما الأخوان دقيقة بدقيقة حتى يخرجوا، ولنرى أحمد يوسف على التلفزيون وهو يدفع الناس القادمين لتحية رئيس الوزراء ويقول لهم عيب عيب عيب، لا يجوز أن تعملوا هذا، لا تدخلوا بالأربيجيهات، لماذا تدخلوا بالأربيجي إلى المعبر، ما هي الفائدة؟

هل تريدون أن تستقبلوا رئيس الوزراء، استقبلوه بباقات الورد، استقبلوه بزهور استقبلوه بهتاف استقبلوه بالتحية، لماذا هذا؟ ثم تقلب الحقائق، ويقال يتحدثون عن نشر القوات، هناك فوضى مش لازم ننشر قوات، متى تنشر القوات متى ترون القوات في الشوارع، عندما يكون هناك طوارئ، وتكون هناك فوضى لماذا ترسل هذه القوات هذه ضدنا هذه ليست ضد أحد هذه ضد المفسدين وضد المخربين وضد العابثين بالأمن.

ولمعلوماتكم أقول لأول مرة إني جمعت وزير الداخلية ورئيس الوزراء مع كل الأجهزة الأمنية، بما فيها حرس الرئيس مرتين، وأبلغت كل هذه الأجهزة أمامهم، الأجهزة سيادة الوزير بإمرتك جميعها بإمرتك كي تعطيها التعليمات وهي تنفذ وهي كلها بإمرتك وكتبت هذا بخط يدي لكل الأجهزة وهي معروفة تماماً لدى وزير الداخلية.

انه مصمم على أن يكون قائداً لفصيل وليس قائداً لكل الفصائل ليس قائدا لكل القوات، ثم يحمل الناس المسؤولية هذا أيضاً عجز لو سألنا أنفسنا لماذا هذه الفوضى؟ نحن نعرف لماذا هذه الفوضى، نعرف تماماً هناك فلتان، نعرف هناك أن حبل الأمن مضطرب للغاية، ولذلك بحثنا عن حل سياسي نريد حلاً سياسياً نستطيع من خلاله أن نعمل توافقاً فلسطينياً، وهذا سآتي عليه فيما بعد لأقول كيف بدأت هذه المسيرة.

لماذا هذا الحوار الذي مضى عليه ستة أشهر، إنما أقول عندما نرى الوضع بهذا الشكل نتنادى نتداعى لنقول ماذا علينا أن نفعل، والعقلاء هم الذين يضعون أصبعهم على الحقيقة، ولو كانت الحقيقة مرة، ويقولون نعم نحن علينا أن نعمل هذا ونعمل ذاك وأقول بدون وفاق سياسي سيبقى حبل الأمن مضطرباً، ولذلك بذلنا كل الجهد وتحملنا كل الاتهامات وكل الشتائم وكل التهديدات وكل الوعود والعهود من أجل أن نثبت هذا الموضوع، وسنستمر لأن لا طريق أمامنا غير ذلك.

كنت أتمنى أن يكون هذا الاجتماع لنفي بوعد وعدناكم عليه خارج هذه القاعة عندما قلنا نعم الحكومة أو حكومة الوحدة الوطنية قادمة مع بداية أو نهاية شهر 11 لماذا لم يحصل هذا، لماذا لم نزل نراوح مكاننا ولماذا قلت أنا شخصياً إن الطريق أقفل نعود إلى الوراء، تذكرون أننا أجرينا انتخابات رئاسية في 9-1-2005 وكنا واضحين كل الوضوح في كل شيء في المبادئ السياسية في الشعارات في الأقوال أمام الجماهير في الغرف المغلقة، قلنا هذا هو موقفنا وهذا هو رأينا وهذه هي الحقيقة قد تؤذي البعض قد تغضب البعض قد لا يوافق عليها البعض ولكن قلنا الحقيقة كل الحقيقة لأني لا أريد أن أغش أحداً ولا أريد أن أخدع أحداً إما أن أنتخب على هذه المبادئ أو لا تنتخبوني، وليس لدي ما يمنع،

وبالتالي منذ ذلك الوقت أتحدث بمنتهى الصراحة وبمنتهى الوضوح ولا شيء غير الصراحة وغير الوضوح لأن الكذب حبله قصير وهذا ليس من شيمي. حصلت أحداث كثيرة في عام 2005 أهمها وأبرزها الانسحاب أحادي الطرف من قطاع غزة، قررت إسرائيل وحدها أن تنسحب من قطاع غزة، خرجت من عندنا أصوات مختلفة لا نريد ذلك لا نقبل ذلك لماذا؟ لأنهم سيخرجون وحدهم يخرجون وحدهم لا هذه مؤامرة يجب أن يكون هناك اتفاق، أفضل لنا ألا يكون هناك اتفاق لأن الاتفاق عليه التزامات أما وأن إسرائيل تريد أن تخرج من قطاع غزة جنوداً ومستوطنين ومستوطنات فلتخرج، وبعد صراع وحوار طويل بين الفلسطينيين لم نلتفت إليه وإنما قلنا على الإسرائيليين أن يخرجوا وسنسهل خروجهم، وسهلنا خروج الجيش وسهلنا خروج المستوطنين وذهبوا وقلنا الحمد لله أول جزء من الوطن يصبح خالياً من الاحتلال، طبعاً هناك أجزاء ضيعناها في الضفة الغربية هذه لا أحدثكم عنها لأسباب كلكم تعرفونها، قلنا نعم مادام قطاع غزة خرجت منه إسرائيل هناك ثلث الأراضي تقريباً كانت مستوطنات أو محيط مستوطنات. كنا نحلم بأن تصبح هذه الأراضي مزدهرة بالمشاريع والاستثمارات وفعلاً جاءتنا عشرات المشاريع والاستثمارات من السعودية ومن دولة الإمارات ومن أوروبا ومن اليابان، جاءت اليابان وقالت أنها مستعدة أن تبني طريق الساحل.

وكذلك جاءنا من يريد بناء طريق صلاح الدين وآلاف المساكن ومشاريع اقتصادية ومشاريع زراعية ومشاريع سياحية، ولكن مع الأسف هذا كله لم يحدث، لماذا لأننا مصممون على إطلاق الصواريخ، إسرائيل خرجت إسرائيل انتهت إسرائيل ودعت قطاع غزة لا أقول الضفة الغربية فلنترك هذا القطاع هادئا للاستثمارات فلنتركه هادئاً لكي يعيش هادئاً.

ومع ذلك هناك أناس مصممون إلى الآن إلى هذه اللحظة رغم الهدنة الأولى والثانية والثالثة وفي كل مرة مصممون على خططهم.

من الذي يملي عليهم ذلك أنا متأكد انه ليس من المصلحة الوطنية هذا التخريب الذي يحصل في القطاع وهذه الأراضي أصبحت نهباً ليسرقها فلان وفلان ليبني عليها في الوقت الذي كانت مصدر ازدهار لا نحلم به إطلاقاً، وكان ممكن أن يكون قطاع غزة يستورد عمالا من الخارج بينما قطاع غزة الآن يعيش الفقر ويعيش الجوع ويعيش البطالة. قبل أن نجري الانتخابات التشريعية يوم 25-1 كانت هناك اعتراضات شرسة أن لا تشارك حماس في الانتخابات، وكنا نرد بشراسة أن حماس يجب أن تشارك في الانتخابات لأنها جزء من الشعب الفلسطيني ومن حقها أن تشارك في هذه الانتخابات، وإن كانت حماس تتنكر للأصل القانوني لهذا الوضع الدستوري الموجود لدينا، والذي نشأ من اتفاق أوسلو.

بصريح العبارة وأنا لا أخجل بالعكس أن أفتخر أني أنا الذي وقعت على هذا الاتفاق، ومع ذلك قلنا لا يجوز أن نحرمهم لهذا السبب وبالفعل بدأت الاعتراضات تخف وبدأت الاعتراضات تتلاشى، وكانت هناك عقبات أخرى أبرزها أن إسرائيل ستحاول منع الفلسطينيين في القدس من الانتخاب، فقلت أنا مستعد أن أناقش في كل العقبات إلا هذه، هذه سابقة خطيرة لا يمكن ان أقبل بها إما أن تقبل إسرائيل بهذا الموضوع أو لا يوجد انتخابات، ووضعت رجلي في الحائط حتى أعلنت إسرائيل قبولها قبل أيام أو أسابيع قليلة من الانتخابات وافقت على أن يشارك أهل القدس كما شاركوا في انتخابات كثيرة سابقة، كما شاركوا في الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية الأولى وغيرها وغيرها ووافقوا ودخلنا الانتخابات ونجحت حماس وأخذت الأغلبية وقلنا أهلاً وسهلاً إذا كنا نؤمن بالديمقراطية.

أرجو أن يكون الجميع مؤمناً بالديمقراطية، وأرجو من الجميع أن يفهموا أن الديمقراطية لك وعليك وأن الديمقراطية مشاركة وأن الديمقراطية ليست إلغاء أو إقصاء للآخر، وأن الديمقراطية ليست إرادة إلهية وأن الديمقراطية رغبة من الشعب وهذه الرغبة نقدرها ونحترمها ونقدسها.

وجاءت الديمقراطية وقلنا نكلفكم نكلف الأغلبية بتشكيل حكومتها التي تراها، وأجريت اتصالات مع الجميع فعلاً ولكن أحداً لم يقبل أن يشارك معها لماذا لأن حماس رفضت أن تعترف بالأصل الغطاء السياسي بمصدر سلطة السلطة بمنظمة التحرير الفلسطينية، قالوا نرفضها كيف ترفض أن تعترف بأصل سلطتك الجهة التي تمنحك السلطة وهي منظمة التحرير الفلسطينية، فلم يقبل أحد أن يشارك في هذه الحكومة، ومع ذلك قلنا لهم قدموا حكومتكم وإنما أنصحكم بأن تتواءموا مع الشرعيات الشرعية الفلسطينية والشرعية العربية والشرعية الدولية لأننا لسنا جزيرة معزولة في العالم نحن جزء من العالم العربي، جزء من العالم الدولي، نحن نحترم التزاماتنا السابقة، فقالوا نحن لا نقبل ذلك قلنا هذا خطأ، وهناك مسؤوليات جسام قالوا نحن هذا هو موقفنا، كنت أمام أمرين إما أن أمنع تشكيل الحكومة، وهذا من حقي وإما أن أسمح لهم ليجربوا حظهم ليجربوا، وفعلاً تركنا المجال ليجربوا حظهم وفي نفس الوقت ورغم الاتهامات والتخوينات والمؤامرات كنت في كل مكان في العالم أقول لهم امنحوهم أعطوهم فرصة أعطوهم حظهم أعطوهم وقتهم الناس بلا تجربة الناس بلا خبرة علينا أن نتركهم حتى يحتكوا بالعالم حتى يتعرفوا على هذا العالم حتى يتواءموا مع هذا العالم، ولكن مع الأسف الشديد فرض علينا حصار ظالم.

وحاولنا بكل الوسائل أن نفك هذا الحصار أن نخرج من هذا الحصار فخرجنا في حالتين الأولى أننا أقنعنا الأوربيين بميكانيكية مؤقتة حتى تأكل الناس حتى تعيش الناس حتى تشرب يعني تبل ريقها تبل فمها، وفي نفس الوقت كانت الأموال تأتي للجامعة العربية من بلاد عربية ولكن الجامعة العربية لا تستطيع وأقول لا تستطيع أن ترسل هذه الأموال إلى الحكومة، فجمدت الجامعة فوجدت الحل المناسب حولوا هذه الأموال لي وأنا أسلمها بطريقتي وكان حلاً معقولاً.

فحولت هذه الأموال ومع ذلك أخواننا حملونا جميلا أننا سمحنا لك أن تأتي الأموال عندك ثم سرقت هذه الأموال علماً بأن هذه الأموال تأتي من حساب يأتي سمير أبو عيشة وزير المالية ليجلس مع رفيق الحسيني كل هذه الأموال وصلت تفضلوا كيف ستصرفونها في هذين الجانبين تمكنا من فك أجزاء من الحصار وليس كل الحصار لأن الحصار لازال مفروضاً علينا. إنما هذه الأمور أحب أن أذكرها حتى نقول كيف يمكن أن نعمل وكيف يقدر الآخرون.

أعود قليلاًَ لمنظمة التحرير وأسمع الآن كلاماً كثيراً تفعيل المنظمة. وكانت ترفض العمل من أجل المنظمة. تجتمع مجموعات من المنظمة هناك وهنا ويقدمون لنا الوصفات الجاهزة والنصائح المؤدلجة وهم يجلسون في الغرف المريحة ويتحدثون ما يشاءون ثم قل كلمتك وامش. ثم يتحدثون أكثر فأكثر ويقولون هذه اللجنة التنفيذية غير شرعية، والذين يتحدثون عن عدم شرعية اللجنة التنفيذية، هم الذين يستظلون بظلها في الأماكن والبلاد التي تقبل أن تستقبلهم.

وهناك اتفاق القاهرة يتحدث عن تفعيل المنظمة وبالمناسبة. في اتفاق القاهرة كانوا يرفضون أن يقولوا أن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بينما وضعوها بصيغة نفعل المنظمة لتكون الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. قلنا لهم بلاش لعب، ما فيه تلعبوا علينا، المنظمة ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني منذ خلقت. الآن صار التباكي على المنظمة التباكي على اللجنة التنفيذية. الشعب هنا هو الذي يقرر.

الحصار فرض والإسرائيليون مستمرون في عدوانهم في قتلهم في اجتياحاتهم في طائراتهم في سياراتهم التي تدخل إلى هنا لتأخذ من تريد وطائراتهم تصطاد من تريد في قطاع غزة وتفعل ما تريد.

ويتحدثون عن سيادة المعبر في خلل عندنا الوطن كله خربان وكله محتل المعبر بيدكم. تستطيع أن تدخل وتخرج ليس لديك مشكلة إطلاقاً ادخل بنظام واخرج بنظام واخرج محترم وادخل محترم وستبقى محترما.

الحصار فرض وحاولنا كما قلت محاولات مستميتة مع الجميع ولكننا فشلنا ولم نتمكن من فك هذا الحصار هذا الحصار الإيرادات نقصت بنسبة 61%  نوقف كامل المصاريف التشغيلية غير الرواتب المتأخرة من الرواتب التي لم تدفع لأصحابها (الموظف الذي لم يحصل على راتبه في بداية الشهر يموت من الجوع) هو موظف يأخذ راتب يصل لآخر الشهر بالزحف وبالديون من الجزار والحلاق والدكان لأنه لا يأخذ راتبه والآن 9 أشهر بدون رواتب كيف يعيش هؤلاء الناس؟

لنسأل أنفسنا كيف يعيش هؤلاء الناس؟ أليس من حق الناس علينا أن يسألون أنتم إلى أين ذاهبون، الأزمة تتفاقم والناس لا يملكون ثمن الطعام لا يدفعون الكهرباء والماء ولا لتعليم أبنائهم لا يدفع شيء إذا لا يملك طعام لا يستطيع أن يدفع ثمن هذه المصاريف (إن شاء الله ما ندفعش) والديون للبنوك 642 مليون دولار، بالإضافة إلى أموالنا المحجوزة لدى الإسرائيليين.

يقولون إننا متآمرون مع الإسرائيليين وأننا نلفلف الموضوع نحن من أيام المرحوم أبو عمار نطالب بهذه الأموال، وظل الإسرائيليون يؤخرون أموالنا ويعطلونها إلى أن جاءت هذه الحكومة. وجدوها فرصة قالوا لا نريد أن ندفع فلوسا لا لهذه الحكومة ولا لغيرها لا أعرف كامل المبلغ، أعتقد أنها أكثر من 600 مليون دولار وهذا يزيد الطين بله، هنا لا أحد يدفع وهنا لا أحد يدفع.

الوضع يزداد سوءاً بالإضافة إلى الفلتان الأمني، حيث أن 320 شخصاً قتلوا جراء الفلتان الأمني هذا غير الذي قتل من آثار الجندي الأسير، والمؤسسات، وغير ذلك حتى الحكومة لا تستطيع أن تجتمع والمجلس التشريعي لا يستطيع أن يجتمع، إن مجلس الوزراء في أحسن الأحوال يجتمع بواسطة الـ "فيدو كونفرس"، لكن الذي يحصل الآن أن جزءاً من الوزراء في السجن وجزء من الوزراء هناك مطارد وكذلك المجلس التشريعي لا أعرف إذا اجتمع أو لم يجتمع منذ فترة طويلة، ولكن لا يجتمع إذاً كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية معطلة. طبعاً أجهزة الأمن معطلة لأنها لا تأكل ولا تشرب وهم بشر مثلنا عندهم أولاد وعندهم أطفال وعندهم التزامات، والي يأخذون نقلهم احمل بارودتك واطلع احمي الأمن.

هذا الوضع كله دعا إلى بدء الحوار لماذا الحوار، المجلس التشريعي عمل مبادرة، وهذه تسجل له بعد ثلاثة أشهر أو أقل قليلاً شعروا بالمأزق شعروا بأنه هناك حصار شعروا أنه في مشكلة وهذه المشكلة يجب أن تحل هذا الحصار جاء نتيجة هذه التركيبة نتيجة لهذه الحكومة نتيجة لوضع هذه الحكومة الذي ترفض أن تتواءم مع الشرعية الدولية، فقالت قيادة المجلس التشريعي، وأظن اللجنة السياسية أو غيرها نعم نريد حواراً رحبنا بالحوار بس لماذا الحوار في مشكلة نريد حل لهذه المشكلة كيف؟ بدأ المتحاورون هنا في هذه القاعة وبدءوا أياماً وأياماً فقلت لهم الحوار من أجل الحوار هذا أمر لا يمكن أن تأتي منه فائدة.

الحوار من أجل النتيجة وجاءتنا مشاريع وثائق كثيرة من القطاع الخاص من الجبهة الديمقراطية من الجبهة الشعبية من من من. . . من الأسرى (بالمناسبة الأسرى لديهم حس وطني أكثر منا) قدمت هذه الوثائق فقلت وثيقة الأسرى التي تعبر عن ضمير أناس لا أجندات شخصية هي التي أتبناها وقامت الدنيا ولم تقعد وثيقة أميركية، وثيقة إسرائيلية، هذه وثيقة هدريم إيش هدريم؟ قال هذا سجن الذي به! هؤلاء الناس محكومين كذا مؤبد بسبب القضية الوطنية بسبب القضية الفلسطينية صاروا هدريم؟؟ أنا لا أفهم صيف وشتاء على سقف واحد، مرة خائن ومرة عميل، مرة وطني، مرة جاسوس لما صارت الانتخابات قالوا إن أبو مازن أحسن واحد في الدنيا، الآن (نتحدث على الحكومة)، يقولون أسوأ واحد في الدنيا يا أخي افهمونا ماذا نحن؟ هذا عيب لن أقول أكثر من كلمة عيب. استقروا على رأي؟

فجاءت هذه وثيقة "الهدريم" ووضعناها أمامهم وقلنا إما أن تنهوا الحوار وتوفقوا عن عد كم ملاك على رأس الدبوس، إذا أردنا ان نذهب إلى استفتاء، يقولون الله أكبر الاستفتاء غير شرعي غير قانوني لماذا؟ القانون الأساسي يقول إن الشعب مصدر السلطات.

إذنً فلنرجع إلى الشعب، ونسأل الشعب هل أنت موافق على هدريم؟ على الوثيقة التي خرجت من هدريم نعم كلهم يوافقون عليها لأنها خرجت من نفوس طاهرة من نفوس محترمة من نفوس وطنية ولا يضيرهم أن يكونوا في سجن أسمه هدريم أو في سجن أسمه عسقلان أو أي سجن لا يضيرهم لأنهم تحت الاحتلال.

أنا لا يضيرني أن أمر على معبر أو على حاجز إسرائيلي لأنني تحت الاحتلال، لكن أنا لا أغمض عيني عن الحقيقة، وأقول ليس هناك احتلال، لا في هدريم وفيه مروان وسعدات وملوح وركان وفيه كل هؤلاء الأبطال.

المهم قلنا لهم إما أن تتفقو وإما أن تذهبوا إلى الاستفتاء طبعاً بعد أن قيل في الاستفتاء ومن كتبه ما قيل حصيلة حادثة الجندي، وفي اليوم التالي على ما أذكر وقعت وثيقة هدريم بالكامل والآن الكل يتحدث ميثاقنا الأساسي وثيقة الوفاق الوطني.

أنا أضع بين قوسين هدريم صارت المقدسة التي لا يجوز مسها وهي يجب أن تكون مرجعية لنا لا احد يزاود على احد. اليوم يقولون خونة وغدا هم على صواب وبعد غد يقولون سيئين. وهذا وطني وهذا شرعي وهذا غير شرعي. الفتاوى تطلق بهذه السرعة كل واحد يبيح لنفسه أن يفتي إلا المفتي! لأن المفتي لا يقول شيئا إلا عن علم وإيمان وعقيدة ومرجعية ودراسة مستفيضة.

المهم وقعت الوثيقة، ثم حصلت الحرب على غزة بسبب الأسير الذي كلفنا للآن 500 شهيد، عداً ونقداً وأكثر من 4000 جريح عداً ونقداً آلاف البيوت عداً ونقداً وآلاف دونمات الأشجار عداً ونقداً بس هذا كلف ولا يزال يكلفنا للآن ولا يزال كأنه استمرئت قضيته والحديث عنه.

ما الذي يمنع أن العالم كله يتوجه إلينا ليتحدث عن الأسير ونحن في كل يوم ندفع الضحايا الشهداء والجرحى والأموال من هذه الشعب المسكين الذي أصبح، لا نستطيع أن نقول دون مستوى الفقر كلمة دون مستوى الفقر ما عادت تنفع. انتهت الحرب على لبنان وجلسنا لنتحاور، نريد أن نرجع للوثيقة كيف نتكلم كيف، نشكل حكومة، لأن الوثيقة ملخصها تشكيل حكومة وحدة وطنية، باختصار وفيها مبادئ سامية فيها مبادئ محترمة والكل وقع عليها، وكيف نشكل هذه الحكومة كان هناك الحوار. قبل ذلك التقيت بأولمرت وقال لي عندما نلتقي سنخرج أسرى لا يخطر على بالك عددهم وكيفيتهم، لأن قضية الأسرى باختصار هي قضيتنا الأساسية تاريخياً أبو عمار كان يتكلم عن الأسرى في كل الاجتماعات من واي ريفر لما قبلها لما بعدها كنا دائماً قصة الأسرى بذهننا! قصة الأسرى هي ديننا! قصة الأسرى هي هدفنا لأننا نعرف تماماً ماذا تعاني عائلات الأسرى أكثر مما يعاني الأسرى أنفسهم، لذلك كنا نبحث دائماً عن حل من أجل أن نخفف معاناة أهلنا وشعبنا. قضية الأسرى لا أحد يزاود فيها. انها قضية مقدسة لها الأولوية الأولى في أي حوار فيه مفاوضات مع أي جهة.

إذا جاءنا رئيس وزراء أي دولة في العالم يسألنا ماذا تريدون نقول له الأسرى وبعدها نتحدث عن باقي القضايا سواء أكانت الدولة مؤثرة أم غير مؤثرة صغيرة أم كبيرة نحن نتحدث دائماً عن هذا الموضوع لأنه هو الموضوع لأن هؤلاء الناس الذين يقضون بقية أعمارهم في السجون نريدهم أن يقضوا بقية أعمارهم بين عائلاتهم، وقال لي سأطلق سراح أعداد كبيرة لا تخطر على بالك عندما نلتقي، حصلت هذه الأحداث وتعطل الحوار حول موضوع الأسرى، واتجهنا لكي نشكل الحكومة، وجلست طويلاً مع الأخ رئيس الوزراء وفريق معه، وكان معي من الأخوان روحي فتوح وغيره من الإخوان، كيف يمكن أن نخرج من هذا المأزق، فوضعنا ما سميت فيما بعد بالمحددات ما هي المحددات؟ فيها أننا نحن نعترف بالمرجعيات التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها المرجعية السياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية. والوزارة، تساعد الرئيس في مهماته ولا تناكف الرئيس في مهماته ولا يوجد رأسان في البلد، الحكومة وقعت على مرسومها، ويمكن أن أوقع على مرسوم لإقالتها هذا من حقي، وأفعله متى أريد، وليست إقالة الحكومة كما قال الزهار وصفة سياسية لحرب أهلية، لا يخوفوننا، لا يصدرون الخوف لنا، هذا حق دستوري أفعله متى أريد، القانون الأساسي يقول، وهذا مكتوب في المحددات فلنرجع للمحددات التي وقع عليها من طرفين ومن ممثل الرئاسة السيد روحي فتوح، الحكومة تساعد الرئيس في وضع السياسية المنبثقة من الشرعية الدولية والشرعية العربية والمبادرة العربية، ثم هناك نقاط أخرى مثل لجنة مفاوضات أو غيرها، اتفقنا وخرجنا على الجمهور وزففنا له بشرى: إننا وقعنا على هذه المحددات وأبشروا بالانفراج والانتهاء من الحصار، هذا الكلام كان في 11-9، نحن أيضاً لدينا 11-9 وليس أميركا.

بعد ثلاثة أيام وأنا أغادر، أريد أن أذهب إلى الأمم المتحدة لأسوق حكومة برئاسة إسماعيل هنية، يعني نفس الحكومة، أنا شخصياً أحترم هذا الرجل وأراه شخصاً محترماً الآن ماذا يخطب ماذا يقول موضوع أنتم تحكمون عليه، إنما كنت مقتنعاً بأنه من واجبي أن أقول للأمريكان نعم أريد حكومة وحدة وطنية برئاسة إسماعيل هنية. كيف إسماعيل هنية؟ نعم إنه رجل معتدل ورجل صالح ورجل صادق، وسأقول كل هذا الخطاب لأقنع الآخرين وأقنع الأميركان والأوربيين والعرب، وأنا خارج من البيت جاءني الأخ إسماعيل هنية قائلاً: يوجد لدي مستدركات، ما هي هذه المستدركات؟!

أولاً: نحن نرفض المبادرة العربية، ونحن لا نريد أن نكون جزءاً من تشكيل لجنة المفاوضات، قلت له لماذا أنتم ضد المبادرة العربية، لسببين: الأول أنها تتجاهل قضية اللاجئين، والثاني أنها تدعو للاعتراف بإسرائيل. قلت له هل قرأت المبادرة؟ قال نعم، قلت دعني أصحح لك ما قرأته وبالمناسبة كثير منا يحكي على خطة خارطة الطريق، إنني أتحدى 90% من الذين يتكلمون عنها أنهم قرؤوها. قلت إن المبادرة العربية فيها نص واضح وصريح حول قضية اللاجئين، يقول حل عادل متفق عليه حسب القرار 194 وهذا القرار لأول مرة يذكر في وثائق دولية منذ صدر منذ عام 1949، كانت إسرائيل تضع "فيتو" على قرارين هما: 194 و181 وضع الـ 194 في قرار مجلس الأمن 1515 الذي وضعت فيه خطة خارطة الطريق التي تتضمن المبادرة العربية، وتتضمن رؤية الرئيس بوش.

لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تأتي المبادرة العربية من دولة عربية تقول بأنها مستعدة هي والعرب والمسلمين جميعاً لتطبيع علاقات مع إسرائيل في أربع أو ثلاثة "إذا" إذا انسحبت إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، وإذا انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية، وإذا قامت دولة فلسطينية، وإذا حلت القضية الفلسطينية من جميع وجوهها، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمان، والأربعة شروط تحتاج لأربعة حروب دولية، ومع ذلك يقول العرب إذا حصل، أين الاعتراف بإسرائيل؟! فقال هنية هذه لا نستطيعها.

ذهبنا إلى الأمم المتحدة ونيويورك خالي الوفاض عريانين خصوصاً التصريحات التي سبقتنا، والتي قالوا لنا جميعاً (العب غيرها) ماذا تسوق لنا؟ دعك من هذا الموضوع، والعرب قالوا نفس الكلام لأنهم دول تحترم نفسها، ماذا يعني تحترم نفسها تسوي مبادرة وتقلهم ما بديش إياها أعطوني بس الفلوس والسلاح، وفي واحد من الإخوان قال لهم أعطوني الفلوس والسلاح واتركونا.

كيف يكون هذا الكلام، هذه دول وأنت موافق على هذا هذه أريدها وهذه لا، فالعرب أيضاً في كل مناسبة يتحدثون عن ضرورة الالتزام بالشرعية الدولية فرجعنا كما عدنا، واعتبرنا أن الموضوع انتهى وللأسف الشديد لم تضبط معنا الأمور.

هنا بادرت قطر، دعوني إلى هناك ما هي المشكلة شرحنا لهم المشكلة، صحيح تعال لنكتب مبادرة، كتبتها أنا وإياهم، قلت لهم إذا كانت هذه المبادرة بتمشي وأظن ليس هناك ضرورة لأشرحها لكم لأنه نشرت بالصحف 6 بنود هي: على الحكومة أن تعترف بالشرعية الدولية والشرعيات العربية والاتفاقات الموقعة، وأن تعترف بدولتين وتنبذ الإرهاب بشكل متبادل، وبالمناسبة كلمة متبادل هي أول مرة منذ عام 1981 تحصل بيننا وبين الإسرائيليين.

كل المبادرات وكل الهدنات إن صح التعبير كانت بمبادرة ذاتية فلسطينية، هذه المرة مستعدون للتبادلية بيننا وبينكم أنتم تتوقفون ونحن نتوقف، فقلنا نبذ العنف بشكل تبادلي. المبادرة جاءت وجاء بها وزير خارجية قطر، زار دمشق أكثر من مرة، وزارنا في غزة ثم عاد ثم عاد ثم ذهب ثم راح وبذل جهوداً خارقة. ما هي النتيجة؟ قالو له نحن موافقون على المبادرة لكن نريد قلبها، على الحكومة أن تقوم بكذا وتقوم بكذا، نحن نقول على الرئيس أن يعترف بهذه الأمور. هل الرئيس غير معترف؟ هل الرئيس ممتنع؟

قال لهم يعني معقول هذا الكلام، مع الأسف لم ينجح وزير الخارجية القطري، وذهبت تلك المبادرة في حال سبيلها وكانت يوم 27-9-2006

جاءني الأخ ناصر الشاعر، وقال لي لا بد أن نحرك الموضوع وجاء معه 3 وزراء قلت له ليس لدي مانع، أريد أن نبحث عن حل، فقال دعونا نكتب قلنا نكتب وطلبت من نبيل عمرو أن يكتب ذلك.

والحل يتمثل في حكومة وحدة وطنية بوفاق وطني من شرائح خبراء المجتمع الفلسطيني، هدفها فك الحصار، أنا لا أريد حكومة رفاهية أريد حكومة فك الحصار، لأن الحكومة الحالية تستطيع عمل كل شي لكن ما دامت غير قادرة على فك الحصار، أصبحنا بحاجة لحكومة تفك الحصار، والبند الثاني: الأساس السياسي لهذه الحكومة رسالة التكليف التي أرسلتها للأخ إسماعيل هنية في 26-2 أظن هذه الرسالة فقط كما هي، قالوا نضيف عليها وثيقة الوفاق الوطني التي خرجت من الأسرى من "هدريم"، ثم ترسل لرئيس الوزراء الذي سيختارونه، وهو يجيب بكلمتين قبلت التكليف. كان هناك من يقوم بمهمة الوساطة، أحدهم يجلس عندكم الآن وهو الأخ مصطفى البرغوثي، والأخ الثاني هو زياد أبو عمرو، واشتغلنا وبدأنا حوار بلجان، فاختلفت اللجان ولم تصل إلى نتيجة وجلست أنا وهنية لمدة أسبوعين كاملين نحاول أن نصل إلى نتيجة، رفض الذي كنت أطلبه، حكومة وحدة وطنية تفك الحصار، لا يهمني من، المهم تفك الحصار، لست أنا الذي أفرض الحصار، أظن أنكم تعرفون من الذي يفرضه.

هذه من جملة الذي نسمعه أن أبو مازن الذي يفرض الحصار، قبل ذلك كان أبو مازن هو أشرف إنسان، الواحد يكون شريف بعد ساعة يكون جاسوس، أولاً قلنا حكومة تفك الحصار، قالوا كم لهذه الجهة وكم لهذه الجهة، قلت لهم بالحرف الواحد والشاهد قاعد هنا، أنا من جهتي أتكلم باسم فتح وأقدر أمون على فتح وأقدر أقول فتح لا تريد وزيراً واحداً وتؤيد الحكومة القادمة، لأن الغرض مش أحزاب ولا فئوية لا تنظيمات نريد حكومة، الآن أقول أي حكومة ستشكل "فتح" لن تكون فيها وحتى لا يقال مقاطعة، "فتح" ستؤيد في التشريعي، وحتى يتأكد أنها ليست مقاطعة يسمى لها وكيل وزارة أو وزير دولة بشكل رمزي لا أكثر ولا أقل بس خلصونا من الموضوع، العالم يحترق، الشعب يحترق ونحن نتحاور، الباخرة تحترق وتغرق ونحن ما زلنا نتحاور وللأسف لم نصل إلى نتيجة.

المفروض عندما نقول نريد عمل حكومة من الشخص الذي سيرأسها، قلنا جيبوه قالوا شخص غير رسمي، ليش لأننا لسا ما قدمنا رسمي، ليش لنفحص كل التفاصيل، أي تفاصيل، طيب تعال نبحث، غير الحكومة كم سفير لنا وكم سفير لهم كم محافظ لنا وكم محافظ لهم كم وكيل لنا وكم وكيل لهم، قلت لهم هذا يستمر إلى يوم القيامة نتحدث فيه، الآن بدنا نشكل حكومة الناس تحترق الناس تستنا وخلاصة القول جاءني الأخ رئيس الوزراء قال أنا مسافر، قلت أين، قال في جولة عربية وإسلامية طيب والحوار، قال اللجان تشتغل مع بعض ولكن اللجان فشلت ونحن ي ادوب أنا وإياك قربنا نعلن فشلنا بدنا نكمل ولكن سلمته ورقة وقلت أخشى ما أخشاه هو أن الحكومة الوطنية قد انهارت.

هناك طروحات نحن أكلنا منها المر، طروحات خجولة وطروحات تحكي نصف الحقيقة والتي أكلنا منها المر، التحالفات الإقليمية نحن الآن نعاني بصراحة من نتائج موقفنا من أيام حرب لبنان، منها نعاني لأننا أخذنا موقف، نحن قضية مقدسة عند الجميع ولا يجب أن نأخذ موقف هنا ولا هناك، وبالتالي للآن نحن نعاني منها، نحن نرفض التحالفات الإقليمية أو العربية أو الدولية، نحن قضية مقدسة يجب علينا أن نكسب الجميع، وأن نحظى بتأييد الجميع نحن قضية مقدسة، يجب علينا أن نكسب الجميع، وأن تأتي بتأييد الجميع الذي يؤيدنا وبارك الله فيه، لا نكون في حروب مع أحد، فقضيتنا طويلة ومعقدة وصعبة، ولا يجوز أن نقول إننا مع هذا أو ذاك. أنت تعاني، أنت بحاجة إلى الجميع، لا أحد يلومك، كون علاقات متوازية ومتوازنة، بمسافة واحدة بينك وبين الجميع، الكل يحترمك، أنا في الحملة الانتخابية ذهبت إلى الكويت، وسألت الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت، هل تريد من "أبو مازن" أن يعتذر عما بدر منهم، قال لهم: لا، وعندما وصلت إلى المطار طلب الصحفيون أن أعتذر للكويت، فقلت: نعم أعتذر للشعب الكويتي، نعم أنا لا أريد مشكلة مع أحد، نحن اعتذرنا وخلصنا، نريد أن نطور علاقاتنا نحن كسلطة ورئاسة مع الجميع، عرب وغير عرب وأوروبيون وروسيا والصين واليابان، وأمريكا وكندا والكل يحترمك، والكل إذا طلب لا يطلب منك، تعال معي، لكن نسأله كيف نكون معك؟، قل أنا مع الجميع، وعندما تختلفون الله يصلح بينكم، أما أنا لا أذهب مع أحد.

أحد الطروحات السياسية في الماضي، هي لن نقبل بأي حال من الأحوال بدولة إلا على كل فلسطين، باعتبار أن فلسطين أرض وقف، هذا الكلام لا يمكن تحقيقه في الواقع، ونحن نراهم يتحدثون الآن عن شيء آخر، دولة في حدود 1967، قيل هذا الكلام أم لا؟، ويتحدثون أيضاً عن إعطاء هدنة لمدة 15 سنة، هل يعقل أن تبقى القضية خمس عشرة سنة في هدنة؟. هذه الطروحات لم تطرح من قبل، إما أن تبقى على موقفك، وإما تغيره كلياً، نحن في 1988 أخذنا مواقف واضحة ومحددة وجريئة، لأننا كنا نبحث عن مصالح شعبنا، ونستنبط ضمير أهلنا في الأرض هنا، طبعاً عندما أخذنا هذا الموقف، كان بناءً على موقف موحد من قيادات الداخل التي تعاني.

أنا أريد أن أسال الذين يعانون، وليس أولئك الذين لم يغبروا أحذيتهم بتراب الوطن، سألت شخص ذات مرة، ما هي الثوابت التي تتحدثون عنها، قال ثوابتنا بصراحة، دولة في حدود 1967، وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194، ولا اعترف بقرارات الشرعية الدولية، والاستيطان، وغير ذلك، قلت له: إن بوش يقول: دولة فلسطينية في حدود 1967، متصلة مستقلة قابلة للحياة، وإنهاء الاحتلال الذي وقع عام1967. الوضع الآن في حالة صعبة، تحولنا من مناضلين إلى متسولين، كما كان الأمر عام 1949، فالمكاسب التي حققناها على مدى أكثر من أربعين عاماً تراجعت كثيراً، فالوضع الاقتصادي والبطالة كلها تحدثنا عنها، الناس بدؤوا يشعرون بفقدان الأمل، وانهيار القيم الاجتماعية، إضافة إلى كل المؤسسات.

نحن لدينا ثوابت نناضل دائماً من أجلها، وهي دولة فلسطينية مستقلة في حدود 1967، تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل، أما الدولة فعاصمتها القدس، القدس لنا، والمستوطنات غير شرعية، كل الاستيطان غير شرعي، وكما جاء في المبادرة العربية، حل عادل لمشكلة اللاجئين، طبقاً للقرار 194، الذي ينص على التعويض على من لا يرغب في العودة، وأنا موافق على ذلك، من لا يريد العودة له حق التعويض، أما من يريد العودة فهذا حق له.

ومن ثوابتنا عدم بقاء أي أسير وراء القضبان، وأن يتمتع شعبنا ببحبوحة من العيش، فثوابتنا ليست في داخل الوطن، وإنما خارجه، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد لكل الشعب الفلسطيني، للملايين الثمانية التي تعيش في الداخل والخارج، ومن هنا إصرارنا أيام أوسلو، التي قال فيها رابين: "وبذلك اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وأنا أتفاوض معها على هذا الأساس"، لذلك كل الاتفاقات وقعت باسم منظمة التحرير الفلسطينية.

نقطة أخرى، من ثوابتنا، رغم كل ما يجري من آلام وعذابات واصطدامات، أي كان المسؤول عنها، لن نسمح بالانزلاق إلى حرب أهلية، فالدم الفلسطيني سيبقى محرماً، رغم التنكر للمسيرة الديمقراطية، نحن سنبقى ملتزمين إلى النهاية بالمسيرة الديمقراطية، ولكم علينا دائماً أن نقول الصحيح، وأن نقول الصراحة، قبلتم مرحباً، ما قبلتم لن تجدوا أحداً متمسكاً، على الأقل أنا أتحدث عن نفسي. الآن هناك حديث وأوهام، نحن أنهينا الحصار، ونحن اقتربنا من فك الحصار، وهناك من يقول شهرين، أو ثلاثة شهور فقط وينفك الحصار، يتحدثون عن شخص، هو أفاق بالمناسبة، اسمه الستر كروك، كان يعمل في الاتحاد الأوروبي، يقول انتظروا قليلاً و(ينفك الحصار)، وبالمناسبة الستر كروك متقاعد منذ سنتين أو ثلاث، لا علاقة له بالمؤسسة البريطانية لا أمني ولا غير أمني، أو يأتينا عضو في مجلس بلدي في أمريكا مستقيل، جاءنا عضو كونغرس وقال لنا: هذه أوهام، أنا أتمنى أن تكون هناك حقائق، ولكن لا نعيش في الأوهام، ونقتنع بها، نصدق الكذبة ثم نركض وراءها. هذه الإشارات الوهمية، لا تحل مشاكل، ونحن نتمنى أن يفك الحصار، لكن ليس عن طريق كروك أو غيره، أنا من رأيي أن هذه رؤية قاصرة، نحاول أن نجعلها حقيقة، أو يكون لها ظل من الحقيقة، ولكن ليس لها أي ظل من الحقيقة.

نقطة مهمة أيضاً، عندما نشكل الحكومة، الحكومة كما قلت تقول هذه الكلمات، التنظيمات ليس عليها أن تقول شيء، يعني الجبهة الديمقراطية تشارك في الحكومة، والوزير في الحكومة يلتزم، والجبهة الديمقراطية حرة في آرائها، حرة في مواقفها، حرة في تصرفاتها، وليس تصرفاتها أن تقذف الصواريخ لأن هذا الأمر خروج على القانون، كذلك "فتح" وغيرها. أنا أطلب شيئاً واحداً، هذه الحكومة حتى تقلع وحتى تفك الحصار عليها أن تقول هذا الكلام، أنتم بعيدون عن ذلك، لذلك لا أحد يفرض عليكم أية تنازلات، ولا أحد يفرض عليكم ما تسمونه تفريط أو غير ذلك.

اليوم أنتم تعرفون أن هناك مبادرة أوروبية ثلاثية، يمكن أن تصبح أوروبية، وكذلك هناك تقرير هاملتون - بيكر، يتحدث عن القضية الفلسطينية بجرأة، ويتحدث عن حق العودة وعن قضايا مهمة، لأول مرة العالم يعترف وهذه نقطة مهمة، أن قضية الشرق الأوسط هي القضية الفلسطينية، إذا حلت القضية الفلسطينية، فإن بؤر التوتر في العالم أو في الشرق الأوسط بالذات ستحل، فهذه فرصة لماذا نضيعها؟، فرصة لماذا نقتلها؟، لابد أن نلتقطها، ونسير إلى الأمام بها، واعتقد أنه لا داعي أن نضيع كل هذه الفرص، فهنالك كلام بأن الحكومة هي بأمر الله، شهادة إلهية، يعني ممنوع أن يعترض أحد على إرادة الله، اللهم لا اعتراض. قلنا ديمقراطية، ما هي الديمقراطية، فيها أقلية وأغلبية، ما بين موافق ومعارض، أما أن ترهبني وتقول "هذه إرادة الله"، و"المضربون خونة" و"من يحكي عن الحكومة خائن"، هذا إرهاب غير مقبول وغير مسموح به، لا استخدام للدين، فالدين لله في المسجد والكنيسة والكنيس، كلنا متدينون بالمناسبة، ولا أحد يستطيع أن يزاود علينا، نحن نصلي ونصوم قبل أن يولد الكثيرون، وعيب التكفير. طلعت نماذج التكفير والهجرة، ولا أدري ماذا؟ هذه النماذج كل واحد منها يفتي، يا سيادة المفتي ويا سيادة المطران، أنتم الذين لكم حق الإفتاء وهم ليس لهم الحق بذلك. نحن في أوضاع مزرية، في أوضاع صعبة، هل نستمر فيها؟، يجب أن نخرج منها، لذلك وبعدما تقدم، وبعد قراءتي لتوجهات الشارع الذي ينتظر الخلاص، وينظر إلى رئيسه المنتخب، الذي حمله الأمانة، ولكي لا نبقى جميعاً ندور في حلقة مفرغة بينما حياتنا تتراجع كل يوم، وقضيتنا تتناسى، إنني قررت الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية. أليس في القانون الأساسي أن الشعب مصدر السلطات، فلنعد إلى الشعب لكي يقول كلمته، ويكون هو الحكم، وسأبحث وقد بحثت مع لجنة الانتخابات المركزية في أسرع وقت ممكن، لبدء الاستعداد لهذا الأمر، وليعلم الجميع، وعندما أقول الجميع، لا أخاطب التنظيمات فحسب، إنما أخاطب أغلبية الشعب، البعيد عن التنظيمات، لأن "فتح" ليست أغلبية الشعب، ولا "حماس" ولا الجهاد، فليعلم الجميع أنني لا أذهب إلى هذا الخيار من باب الترف، أو النزق السياسي، وفي كل وقت سيظل هدفي الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، من الكفاءات الوطنية لفك الحصار عن شعبنا، وتخرجنا من هذا المأزق، لأنها خيارنا الأول، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته لتحقيق هذا الهدف.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.