تيسير خالد

 ولد تيسير خالد (محمد سعادة) في قريوت بمحافظة نابلس عام 1941م، انضم إلى صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها عام 1969م. حصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة هايدلبرغ في ألمانيا الاتحادية.
انتخب عضواً في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية عام 1971م، وعمل مسؤولاً لتنظيمها في لبنان 1972 – 1982م، وتولّى مسؤولية العلاقات الدولية في الجبهة بعد عام 1982م. شارك في المسؤولية عن قيادة منظمات الجبهة في الأرض المحتلة أثناء إقامته في عمان منذ عام 1982م حتى 1991م.
 انتخب عام 1991م عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ترأس المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.
 أصيب بجروح أثناء قيادته لمسيرة جماهيرية احتجاجاً على الاستيطان في عصيرة القبلية عام 1998م، واعتقل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في مطلع 2003م، وأفرج عنه في حزيران من نفس العام.
صدر له العديد من المؤلفات في الاقتصاد والسياسة.
 
البرنامج الانتخابي
أيتها المواطنات، أيها المواطنون:

الرئاسة هي وسيلة لإحداث التغيير. فأنا مثلكم يتملكني طموحكم الجارف نحو التغيير، ويحفزني على خوض غمار هذه المعركة بعد أن ناضلنا معاً على مدى السنوات الماضية لفرض خيار الانتخابات مدخلاً حقيقياً للإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد. وإذا كنا اليوم نواجه هذا الاستحقاق أثر الغياب الأليم للشهيد الكبير الرئيس الراحل ياسر عرفات، فإن وفاءنا للحلم الذي من أجله استشهد يدفعنا إلى مواصلة هذه المعركة دفاعاً عن فلسطين وحقها في الحرية والحياة، ودفاعاً عن حقوق شعبها وأغلبية بناته وأبنائه الذين يتوقون إلى الخبز والأمان والعيش الكريم. هذه الأغلبية ليست صامتة، بل هي تصرخ بالشكوى من الجوع والفساد. وسوف أكون يدها وصوتها المرفوع ضد القهر والفقر.

استئصال الفساد ومحاسبة المفسدين
سوف أعمل معكم على تطهير مؤسسات السلطة من الفساد والمفسدين. إن هذا هو محور عملية التغيير. سوف يتم فتح ملفات الفساد التي طويت، ونشر وقائعها على الملأ ومحاسبة المسؤولين عنها أمام القضاء واستعادة ما نهبوه من أموال الشعب. وسوف تجري تصفية الاحتكارات التي تملكها السلطة أو أقطابها من القطط السمان، ووضع حد للأتاوات والخاوات وخلق مناخ مؤات لتشجيع الاستثمار للنهوض بالانتاج الوطني وخلق فرص العمل. ولن يكون ثمة مكان لمظاهر التفرد واستغلال النفوذ والمحاباة والمحسوبية، بل سوف يضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنات والمواطنين المؤهلين لتولي الوظائف العامة.
 
الخبز والعمل والعلاج للكادحين
الأولوية سوف تعطى للتخفيف من وطأة الفقر والبطالة التي تئن منها الأغلبية الساحقة، ولضمان توزيع العبء بعدالة بين مختلف طبقات الشعب بحيث لا تتضور الأغلبية جوعاً بينما تنعم قلة مترفة بالامتيازات وتزداد جشعاً لنهب المزيد. سوف يعاد النظر في الموازنة العامة لوقف الهدر والتبذير وتقليص امتيازات كبار المسؤولين، وإعادة ترتيب الأولويات بما يضمن:
• إنشاء صندوق وطني للطوارىء والغوث والتكافل الاجتماعي تتجمع فيه كافة الموارد المتاحة من الادخار الداخلي والعون الخارجي، ويخضع لإدارة نزيهة وكفوءة يشارك فيها ممثلو النقابات العمالية والمهنية ومؤسسات المجتمع المدني، لضمان التوزيع العادل للموارد بعيداً عن المحاباة والفوضى والمحسوبية واللامساواة، بهدف تأمين الغوث العاجل الذي يكفل الحد الأدنى من العيش الكريم للأشد فقراً من جهة، وتوجيه برامج التشغيل للعاطلين عن العمل من جهة أخرى باتجاهات مدروسة تؤسس لإعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس إنتاجية.
• إنشاء المحاكم الخاصة والأجهزة الضرورية لتطبيق قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية بما يشمل التأمين ضد البطالة والشيخوخة، وسن وتطبيق القوانين التي تحمي حرية العمل النقابي دفاعاً عن مصالح العمال.
• تطبيق قانون الخدمة المدنية وتوحيد أنظمة التقاعد بما يحفظ مصالح صغار الموظفين وبخاصة المعلمون.
•تأمين الدعم للمناطق المنكوبة بالاستيطان والجدار والعدوان العسكري الإسرائيلي، وللفئات الأكثر تضرراً وبخاصة ذوي الشهداء والأسرى والمعاقين وأصحاب المنازل المدمرة والأراضي المصادرة.
• توفير الخدمات الصحية لجميع المواطنين من خلال نظام كفؤ للتأمين الصحي الشامل.
• تأمين الدعم للمزارعين لتشجيع النهوض بالقطاع الزراعي وبخاصة في المناطق التي تتعرض للنهب الاستيطاني ولمخاطر جدار الفصل العنصري.
• تمكين سلطات الحكم المحلي المنتخبة من توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والتعاون مع وكالة الغوث لتحسين مستوى الخدمات في المخيمات بما في ذلك الاستجابة للمطالب المشروعة للعاملين.
 
المساواة للمرأة وغد مشرق للشباب
المرأة حارسة نارنا الدائمة سوف تلقى كل الدعم في كفاحها ضد القهر والظلم والتهميش، ومن أجل الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والشباب هم المستقبل وقوة التغيير. ولا بد من رعاية حقوقهم من خلال تحسين مستوى التعليم، وتطوير المناهج على أسس علمية وبتوجه وطني ديمقراطي ملتزم، ورفض أية إملاءات خارجية تهدف لتشويه مناهج التعليم، وخفض أكلاف التعليم العالي، وتأمين الوظائف وفرص العمل للخريجين الجدد وسائر الشباب، وقبل ذلك كله: تجديد ودمقرطة النظام السياسي الفلسطيني كي يجد الشباب فيه مكانتهم ودورهم المؤثر في صنع القرار.
 
سيادة القانون وحماية أمن المواطنين

معكم وبقوتكم سوف نعمل على فرض سيادة القانون، وتعزيز سلطة القضاء وضمان استقلالها وتطوير قدراتها لفرض احترام القانون على الجميع، وتعجيل إصدار قانون لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية كي تؤدي وظيفتها في حماية أمن المواطنين بعيداً عن التجاوزات والصراعات المدمرة بين مراكز النفوذ وما تشيعه من فوضى وفلتان وعدم استقرار.

التجديد الديمقراطي عبر انتخابات عامة حرة ونزيهة
معركة انتخابات الرئاسة هي محطة على طريق التغيير. ولا بد من استكمالها بعملية شاملة للتجديد الديمقراطي لمؤسسات السلطة والمجتمع عبر انتخابات حرة ونزيهة. إن الخروج من أزمة النظام السياسي الفلسطيني والتأسيس لنظام برلماني ديمقراطي تعددي حقاً يتطلب:
• إنجاز تعديل قانون الانتخابات العامة لاعتماد نظام انتخابي ديمقراطي وعصري يعالج الخلل الذي أدّى إلى شلل المجلس التشريعي الحالي، نظام انتخابي يستند إلى مرجعية إعلان الاستقلال والقانون الأساسي، ويضمن تمثيلاً عادلاً لجميع قوى المجتمع الحية عبر النظام المختلط الذي يجمع على أساس المناصفة بين الدوائر وبين التمثيل النسبي، والتدخل الايجابي لصالح المرأة لضمان حقها في التمثيل بما لا يقل عن 20% من مقاعد المجلس، وخفض سن الترشيح لتعزيز تمثيل الشباب.
• إصدار مرسوم رئاسي بالدعوة إلى انتخابات تشريعية على أساس القانون المعدل في موعد لا يتجاوز نهاية آذار القادم.
• استكمال انتخابات مجالس الحكم المحلي وإنجازها خلال مدى زمني لا يتجاوز ستة شهور.
• إن الانتخاب الديمقراطي لمؤسسات السلطة الفلسطينية هو خطوة أولى نحو إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية باستكمال تشكيل المجلس الوطني على قاعدة الانتخاب لممثلي شعبنا الصامد في الشتات، بما يوطد الوحدة الوطنية، ويعزز المكانة التمثيلية لمنظمة التحرير بمشاركة كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني. هذا ينبع من قناعة راسخة بأن وظيفة السلطة الفلسطينية هي تعزيز صمود المجتمع لتحمل أعباء المعركة ضد العدوان والاحتلال، بينما تتولى منظمة التحرير– بتكوينها الائتلافي الشامل– مهمة قيادة الكفاح الوطني والمعركة السياسية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني الموحد داخل الوطن وخارجه.

أخواتي المواطنات، إخوتي المواطنين الكرام
هذه استحقاقات طال انتظارها وكان لا بد منها لترتيب بيتنا الفلسطيني، وتعزيز صمود مجتمعنا وشعبنا، وتخفيف عبء المعاناة والتضحيات الأسطورية التي بذلها في المعركة المحتدمة ضد العدوان والاحتلال. ولكي لا تذهب هذه التضحيات الهائلة عبثاً، ولكي تثمر إنجازات ملموسة لصالح الشعب والقضية الوطنية، فلقد آن الأوان لإنهاء الازدواجية في الخطاب السياسي الفلسطيني والتزام خط سياسي واضح: حازم في تشبثه بالثوابت الوطنية، وواقعي في تعامله مع الحقائق الإقليمية والدولية بعيداً عن التطرف وعن التفريط في آن.
لقد كانت الانتفاضة، وما تزال، الخيار الذي أجمع عليه شعبنا طريقاً نحو الحرية والاستقلال، بعد أن استعصت مسيرة مفاوضات أوسلو وانتهت إلى الطريق المسدود. والمقاومة هي رافد رئيسي من روافد الانتفاضة الشعبية وليست بديلاً عنها. وهي حق مشروع لشعبنا طالما توجهت ضد استيطان لا شرعي واحتلال بغيض. ولكن شعبنا لا يقاتل حباً بالقتال، بل هو ينشد سلاماً حقيقياً يضمن له حقه في الاستقلال والعودة. ولذلك نحن نتمسك بالنهج الواقعي الذي يجمع بين خيار الانتفاضة والمقاومة، وبين الاستعداد لمفاوضات متكافئة تقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية، وتجري تحت إشراف دولي جماعي بهدف الوصول إلى حل يضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى حدود الرابع من حزيران 67، وإخلاء المستوطنات، وقيام دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين على أساس القرار 194 الذي يضمن حقهم في العودة إلى الديار التي شردوا منها منذ عام 1948م. فلن يكون ثمة حل بدون صون حقوق اللاجئين، ولن يكون ثمة سلام بدون القدس التي هي درة الوطن وجذوة الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي والمسيحي والتي ينبغي التصدي لكل مخططات تهويدها ودعم صمود مواطنيها في مواجهة سياسات التطهير العرقي دفاعاً عن المقدسات المسيحية والإسلامية وبخاصة المسجد الأقصى المبارك.
نحن اليوم نواجه مخاطر خطة فك الارتباط أحادي الجانب التي تتبناها حكومة شارون والتي تهدف إلى تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير، وتعجيل بناء جدار الفصل العنصري، وتعزيز الوجود الاستيطاني في الضفة الفلسطينية بهدف فرض مشروع شارون المسمى بالتسويات الانتقالية طويلة الأمد التي تعني حشر الشعب الفلسطيني في معازل – محميات مطوقة بالجدار والمستوطنات من كل جانب تعلق عليها يافطة "الدولة ذات الحدود المؤقتة".
في مواجهة مخاطر هذه الخطة المشؤومة نحن في أمس الحاجة إلى مغادرة الارتباك والميوعة والأوهام، والتأكيد للعالم أن هذه الخطة لا يمكن أن تكون مدخلاً لعملية سلام جادة تتمشى مع متطلبات الشرعية الدولية، واعتماد استراتيجية هجومية تنطلق من الدعم الدولي الشامل للقرار التاريخي الصادر عن محكمة لاهاي لتصعيد الضغط على إسرائيل، والبدء بفرض عقوبات دولية عليها لحملها على الانصياع لمتطلبات السلام. فالمدخل الوحيد للسلام هو إزالة جدار الفصل العنصري، وتطبيق إسرائيل ما يترتب عليها من استحقاقات بوقف الاستيطان، وإزالة البؤر الاستيطانية وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين وإزالة الحواجز وإنهاء الحصار والإغلاق، ووقف كل أشكال العنف ضد الشعب الفلسطيني كالاجتياحات والتوغلات والاغتيالات والمداهمات والاعتقالات وهدم المنازل وتجريف المزروعات، ورفع الحظر على نشاط المؤسسات الفلسطينية في القدس، وخروج قوات الاحتلال من المدن والقرى والمخيمات على طريق انسحابها الكامل من جميع الأراضي المحتلة بعدوان حزيران 67.
 
أخواتي المواطنات، أخوتي المواطنين
هذا هو برنامجي أتوجه به إليكم، لا رزمة وعود أكسب بها ودكم، بل خطة كفاح أخوض بها معكم يداً بيد غمار هذه المعركة الفاصلة في مسيرة نضال متواصل من أجل التغيير، ومن أجل صون الثوابت الوطنية وانتزاع الحرية والاستقلال والعودة. إنني أتوجه بالتحية، بكل الفخر والاعتزاز، إلى أخوتي الأسرى خلف قضبان سجون الاحتلال وفي مقدمتهم القادة المناضلون عبد الرحيم ملوح، ومروان البرغوثي، وراكاد سالم، وجمال الطويل، وإبراهيم أبو حجلة، وأقول لهم أن الدفاع عن حقوقهم والعمل من أجل الإفراج عنهم سيبقى دوماً على رأس أولويات جدول أعمالنا الوطني. وأتوجه بالتحية إلى الأخوة المناضلين المحتجزين في سجن أريحا وفي مقدمتهم القائد المناضل أحمد سعدات والأخ القائد فؤاد الشوبكي ورفاقهم المناضلين، وتأكيداً على ضرورة إزالة كافة العقبات التي تعيق إطلاق سراحهم فوراً عملاً بقرار محكمة العدل العليا الفلسطينية واحتراماً لكلمة القضاء وسلطته. وأتوجه أيضاً بالتحية إلى كل بنات وأبناء هذا الشعب الصابر الصامد الذي سطر أروع البطولات وصنع أعظم ملاحم التاريخ بصموده وتضحياته وصبره على المعاناة، في جميع أرجاء الوطن، وفي القلب دوماً القدس المباركة، وصولاً إلى مخيمات اللجوء وتجمعات الشتات التي قامت على أكتافها وببطولاتها ثورة شعبنا المعاصرة وتأسست يقظته الوطنية المتجددة وكيانه الوطني المنبعث كالعنقاء من رماد البؤس والتشريد والتبديد.
واقف أخيراً بخشوع أمام أرواح الشهداء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا، في مقدمتهم الشهيد الكبير الرئيس أبو عمار واخوته في جنان الخلد: أبو جهاد وأبو إياد وأبو السعيد، وماجد أبو شرار وسعد صايل والشيخ الجليل أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي وبشير البرغوثي وعمر القاسم وعبد الكريم حمد وخالد نزال وعبد الرحيم أحمد.
لهم جميعاً الخلود. والشفاء العاجل للجرحى، ولشعبنا النصر الأكيد.
 
                                                                                                       تيسير خالد
                                                                                    المرشح لرئاسة السلطة الفلسطينية
                                                                                    عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير
                                                                                 عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية