مدونة السلوك للقضاء الشرعي

الفصل الأول

الاستقلال القضائي

يعتبر استقلال القضاء الشرعي واستقلال القاضي الشرعي مبدأ لازمًا لتجسيد سيادة القانون على أرض الواقع، ولنشر العدل في المجتمع، وإشاعة الطمأنينة في نفوس المواطنين، وتعزيز ثقتهم بالقضاء، وبقدرة القُضاة على تحقيق العدالة وإحقاق الحق فيما بين المتقاضين. لا مجال لتحقيق هذا الاستقلال إلا في ظل أحكام القانون الأساسي ونصوص القوانين التي تعزز السلطة القضائية ممثلة بالمجلس الأعلى للقضاء الشرعي، وتضمن استقلالها وتمايزها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل مبدأ "الفصل بين السلطات"، وفي إطار التوازن والتعاون بين هذه السلطات الثلاث في فلسطين.  ولتطبيق هذه القـاعـدة على القـاضـي الالتـزام بالنصـوص الآتيـة:

المادة رقم (1)

على القاضي الشرعي أن يعزز استقلال السلطة القضائية، وأن يصون استقلاله بذاته، وأن ينأى بنفسه عن الخضوع لأي تأثير، أو قبول أي تدخل أو مراجعة من أية سلطة أو أية جهة أو أي شخص في أية قضية من القضايا التي ينظرها؛ وأن يلتزم بأن لا سلطان عليه لغير القانون.

المادة رقم (2)

على القاضي الشرعي أن لا يتوسط أو يتدخل لدى أحدٍ من زملائه القضاة بشأن أي قضية منظورة أمامهم، وأن لا يقبل أي تدخل أو توسط من أي من زملائه القضاة بشأن أي قضية ينظرها، وأن يتذكر أنه وإياهم منذورون لتحقيق العدالة.

المادة رقم (3)

يُحظر على القاضي الشرعي الانتماء إلى أي حزب من الأحزاب أو أي تنظيم من التنظيمات أو أي جمعية من الجمعيات السياسية.

المادة رقم (4)

يُحظر على القاضي الشرعي ممارسة الأعمال التجارية، أو أن يكون عضواً في أي مجلس من مجالس إدارة الشركات أو المؤسسات التجارية، أو أية سلطة أخرى فيها؛ كما يُحظر عليه أن يكون مستشاراً أو وكيلاً أو ممثلاً لها.

المادة رقم (5)

 يُحظر على القاضي الشرعي تولي الوظائف أو المهن الأخرى؛ فيما عدا النشاطات العلمية أو التدريس في الجامعات أو المعاهد أو المدارس أو النشاطات الثقافية في أية جهة أو مرفق من المرافق العامة؛ وبما لا يخل بعمله القضائي.

المادة رقم (6)

على القاضي الشرعي أن يجسّد إحساسه بالاستقلال إزاء زملائه القضاة، من خلال ممارسته لمهامه القضائية، معتمداً على قناعاته الذاتية وتقديره المهني للوقائع وللأسباب القانونية الملائمة، سواءٌ من خلال المداولة في الأحكام التي تمنحه الحرية الكاملة في التعبير عن رأيه، وفي اعتماد الموقف المنسجم مع قناعاته وفقاً للقانون، أو لدى ممارسته لمهامه القضائية الأخرى.

المادة رقم (7)

يحظر على القاضي الشرعي القيام بأعمال التحكيم في غير الأحوال التي يجيزها القانون.

المادة رقم (8)

يتوجب على القاضي الشرعي، في حال حصول أي تأثير أو محاولة التدخل في قضائه من قبل أحد زملائه, أو في حال وقوعه تحت تأثير أحدهم، إبلاغ رئيس "المجلس الأعلى للقضاء الشرعي" خطيًا بذلك.

الفصل الثاني

ضمانات التقاضي

المادة رقم (9)

على القاضي الشرعي أن يبذل جهده في إصلاح ذات البين في النزاعات الأسرية المنظورة أمامه.

المادة رقم (10)

 يجب على القاضي الشرعي كفالة حُسن سير العدالة أثناء التقاضي؛ وله في سبيل ذلك مراقبة الخصوم في ممارسة الإجراءات القانونية طبقاً للقانون. 

المادة رقم (11)

أن يلتزم القاضي الشرعي بمبدأ المساواة أمام القانون لجميع اطراف الدعوى، دون تمييز بينهم لأي اعتبار كان؛ بما في ذلك التمييز بناء على الجنس، والطبقة، والانتماء السياسي واللون،....

المادة رقم (12)

علـى القاضي الشرعي، عند ممارسته عمله القضائي، أن يساوي في كلامه وسلوكه بين الأشخاص كافة، سواء أكانوا أطرافاً في المنازعة أم غير ذلك (شهوداً أو محامينَ أو موظفي محكمةٍ أو زمـلاءَ فـي المهنـة) وألا َّيُميــز بينهـم لأسباب تعود إلى الجنس أو الدين أو العرق أو اللون أو أي سببٍ آخر، وعليه أن يطلب من الموظفين التابعين له التقيد بذلك.

المادة رقم (13)

يجب على القاضي الشرعي أن يحرص، أثناء جلسات التقاضي، على أن تُحترم كرامة المواطنين وهيبة المحكمة من قبل جميع الأطراف المشتركين في القضية.

المادة رقم (14)

على القاضي الشرعي، أثناء جلسات التقاضي، أن يجتنب القلق والضجر والتأذي من الخصومة.

المادة رقم (15)

يجب على القاضي الشرعي إدارة جلسات المحاكمة بطريقة تبعث على ثقة المواطنين في عدالة القضاء، وتحفيز دورهم ومساهمتهم في الوصول إلى أفضل الحلول الممكنة المتوافرة وفق الأحكام القانونية والفقهية التي تلبي احتياجات الأسرة الفلسطينية.

المادة رقم (16)

على القاضي الشرعي أن يلتزم، لدى نظره في القضايا المتعلقة بحقوق الأطفال من الجنسين، النظر إلى مصلحة الطفل الفضلى، وتغليبها على مصالح باقي الأطراف.

المادة رقم (17)

على القاضي أن يتخذ التدابير والإجراءات، بما يضمن التحقق من رضا المرأة في حالة الزواج والتخارج.

المادة رقم (18)

على القاضي أن يبحث في المصادر والمراجع الفقهية المختلفة، بما يحقق أفضل تطبيق لمبادئ العدالة للأطراف المتنازعة. 

الفصل الثالث

الشرف والنزاهة تأتي هذه المدونة لإصلاح وتطوير القضاء الشرعي

ويعتبر الشرف والنزاهة صفتان أساسيتان يجب توافرهما في القاضي الشرعي، ويجب أن يتحلى بهما؛ ولا عدالة حيث يغيب الشرف وتتقلص النزاهة وينتشر الفساد؛ وتطبيقـاً لهـذه القـاعـدة، على القـاضي الشرعي الالتـزام بالنصـوص الآتيـة:

المادة رقم (19)

يجب على القاضي الشرعي قبل مباشرته لعمله أن يحلف اليمين القانونية وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القانون.

المادة رقم (20)

يجب على القاضي الشرعي أن يتقيد في سلوكه بالآداب الرفيعة والأخلاق العالية والتقاليد القضائية السامية التي يتحلى بها أطراف العدالة، وأن لا يخالف أصول مهنته وآدابها وأن لا يخل بشرفها، وأن يلتزم بمضمون اليمين التي حلفها.

المادة رقم (21)

يجب على القاضي الشرعي الحرص على عدم إقامة علاقات شخصية مع أصحاب الدعاوى ووكلائهم ومحاميهم، وأن يتجنّب التردد على الشخصيات السياسية ورجال الأعمال، وتلك التي تتعاطى الشأن العام، وأن يحرص على عدم المشاركة في المناسبات أو قبول الدعوات التي من شأنها جلب الشبهة عليه، وألاّ يرتاد الأماكن التي لا تليق بمقامه ولا تتناسب مع صفته القضائية؛ وأن يعزز سلوكه في حياته الخاصة ثقة الناس بنزاهته وأمانته، وبشكل ينعكس إيجابياً على احترام السلطة القضائية.

المادة رقم (22)

يجب على القاضي الشرعي ألا يسعى إلى المجاهرة بصفته القضائية ليظفر بالتقدير، وألا يتباهى تباهياً يُسيء إلى مركزه، وألا يستغل موقعه لإنجاز معاملة خاصة به أو بأحد أفراد أسرته أو بأحد أقربائه؛ وعليه ألا يسمح لهؤلاء باستغلال موقعه لجني المكاسب الخاصة.

المادة رقم (23)

لا يجوز للقاضي الشرعي، أو أحد أفراد أسرته، ممن يعيلهم أن يطلب أو يقبل من أحد الخصوم هدية أو مكافأة أو قرضاً أو عملاً ما، كان سيحصل عليه لولا تعلقه بعمله القضائي أو من المتوقع أن يتعلق به أو للإحجام عنه.

المادة رقم (24)

لا يجوز للقاضي الشرعي، أثناء نظر الدعوى، أن يستضيف أحد الخصمين أو أن يُستضاف عند أحدهما.

المادة رقم (25)

لا ينبغي للقاضي الشرعي أن يسمح لموظفي المحكمة الخاضعين لإدارته بخرق مظاهر العدالة بين المتقاضين في دعوى قضائية منظورة، أو بقبول هدية أو مكافأة أو قرض أو أية منفعة من أحدهم؛ وعليه ملاحقة أي واحدٍ منهم إذا ما ارتكب هذا الفعل وإحالته إلى الجهة القضائية أو الإدارية المختصة بمحاسبته.

المادة رقم (26)

على القاضي الشرعي أن يقيّد علاقته مع المحامين أو غيرهم، ممن يمارسون أعمالاً بصورة دائمة في المحكمة التي يعمل فيها، بالقدر الذي يجنبه شبهة التحيز أو عدم الحياد.   

الفصل الرابع
سلوك القاضي

المادة رقم (27)

يمتنع على القاضي الشرعي إبداءُ أي تعليقات أو آراء حول الدعاوى التي نظرها هو أو زملاؤه، سواءُ في المجالس العامة والخاصة؛ ما لم يكن الأمر لغايات التدريب القضائي أو البحث العلمي.

المادة رقم (28)

على القاضي الشرعي، أثناء جلسات التقاضي، أن يجتنب القلق والضجر والتأذي بالخصوم، وأن يكون صبورًا حليمًا.

  المادة رقم (29)

على القاضي الشرعي أن يقوم بأداء واجباته القضائية من غير مفاضلة، ولا تحيز، ولا تحامل ولا تعصب؛ بل ينبغي أن يؤديها بما يعزز الثقة باستقلال القضاء ونزاهته.

المادة رقم (30)

ينبغي للقاضي الشرعي أن يبدي النصح لزميله بالعدول عن أي مسلك خاطئ؛ فإذا كان ذلك المسلك يشكل جرماً فعليه أن يبلغ الجهة المختصة بذلك.

المادة رقم (31)

على القاضي الشرعي أن يتعامل مع رؤسائه وزملائه القضاة باحترامٍ بالغ مجتنباً كل مباهاة بقدراته وأعماله حتى ولو تفاوتت مناصبهم أو درجاتهم القضائية. 

المادة رقم (32)

على القاضي الشرعي ألا يُوحي للناس بأن انتماءه إلى السلطة القضائية لم يتم عن قناعة تامة وبأنه يتحيّن الفرصة المواتية لتركها، وألا يتذمر أمامهم من كثافة العمل التي تقابلها أوضاع مادية قد لا تكون مُرضِية؛ فمعالجة مثل هذه المشاكل وأي مشكلة مماثلة في حالِ وجودها تتم عبر الهيئات المختصة في المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، وفي إطار القانون.

المادة رقم (33)

على القاضي الشرعي أن يكون مطلعاً على جميع القوانين والأنظمة النافذة في فلسطين، وعلى التعديلات الجارية عليها؛ وعليه أيضا ًالإلمام بالشروح الفقهية المتعلقة بها.

المادة رقم (34)

على القاضي الشرعي مواكبة كل اجتهاد قضائي يصدر عن المحاكم العليا؛ وملاحظة الاجتهاد المستقر لديها بشأن القضايا الخلافية؛ وعليه إتباع اجتهاد الهيئات العامة لتلك المحاكم إلى أن يجري الرجوع عنها بقرارات صريحة.

المادة رقم (35)

على القاضي الشرعي أن يشارك في الدورات التدريبية والندوات وورشات العمل التي يقرر المجلس القضائي اشتراكه فيها، وعليه أن يقدم تقويما خطياً في نهاية كل دورة وفقًا لنموذج معد سلفاً لهذه الغاية.

المادة رقم (36)

على القاضي الشرعي أن يحرص على تطوير مهاراته الشخصية؛ وذلك من خلال حضوره الدورات المتخصصة التي تؤدي الى تطوير عمله، وعلى وجه الخصوص: الدورات المتعلقة بأخلاقيات المهنة والتشريعات المرتبطة بعمله، والنوع الاجتماعي، ومهارات الاتصال والتواصل، وباستخدامات الحاسوب المختلفة، ووسائل الاتصال؛ وتعلم اللغات.

المادة رقم (37)

على القاضي الشرعي أن يكون مُطَّلعاً على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات العربية والإسلامية والدولية التي تتبناها فلسطين.