كلمة الرئيس محمود عباس خلال اجتماعه مع الحكومة الثامنة عشرة عقب أدائها اليمين القانونية 13 نيسان 2019

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نحن نمر في ظروف صعبة وعسيرة، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية، وأنا متأكد أنكم على قدر المسؤولية، بحيث تتحملونها في هذا الظرف الصعب.

 

في البداية، لا بد أن أهنأكم على هذه المهمة الصعبة، وأقول أهنأكم وفي نفس الوقت أرثي لحالكم؛ لأن هذه مهمة صعبة وكل إنسان لا بد أن يبذل كل جهد ممكن حتى يثبت مقدرته، وحتى يثبت أنه بإمكانه أن يخدم هذا الوطن، لكن إن شاء الله- كما قلت- انتم ستفعلون هذا وأكثر.

 

إخواننا الأعزاء،

 

نحن أمامنا مهمات كثيرة وعسيرة وصعبة، أولها قبل أن اتحدث عن الوحدة الوطنية، أتحدث عن صفقة العصر التي قدمت لنا والتي لا نعتقد انه بقي شيء منها لم يعلن، وإذا كان هناك ما لم يعلن فهو أسوأ مما أعلن؛ وبالتالي من البداية نحن أخذنا الإشارة بأن مثل هذه الخطة لا يمكن أن نقبلها؛ يكفي أنها استثنت القدس من فلسطين؛ لا نريد الباقي. ماذا يريد أن يتحدث الرئيس ترامب! حول أي حل، او اية قضية؟! لا اعتقد انه مفيد أن نتحاور معه أو نناقشه بعد أن قال "سأنقل سفارتي إلى القدس، وإن القدس هي عاصمة لدولة إسرائيل". إذن نحن بالنسبة لصفقة العصر هذا هو موقفنا، وهذا ما قلناه لهم؛ وهذا ما اكدناه عليهم وعلى الجميع. وأعتقد أن اشقاءنا العرب كلهم يقفون معنا لأنهم بالبداية كانوا يسألون ويتساءلون عندما شرحت لهم كل التفاصيل. قالوا: نحن نرفض صفقة العصر، ونحن -وهذا مهم جدا- مع الموقف الفلسطيني؛ ما يرفضه الفلسطينيون نرفضه؛ وما يقبله الفلسطينيون نقبله. إذن هذه النقطة واضحة ومحددة ولا حاجة للنقاش فيها، سيحصل في الأيام القليلة القادمة تطورات أخرى أكثر؛ لكن نحن سنواجهها إن شاء الله، وسنتعاون مع بعضنا البعض في طريقة مواجهتها؛ لأن الأمور ستكون صعبة.

 

الشيء الآخر نحن مصرون على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بين غزة والضفة؛ وكما تعلمون منذ عام 2007 إلى يومنا هذا ونحن نحاول، ونبذل كل جهد مع كثير من أشقائنا العرب للوصول إلى مصالحة، للوصول إلى حل لهذه القضية، وعلمًا لا توجد قضية لنختلف عليها. كل ما في الأمر أنهم هم استولوا على قطاع غزة وتحكموا به. والآن نحن نقول: نحن وإياكم شركاء في غزة وفي الضفة الغربية وفي القدس؛ تعالوا إلى كلمة سواء. كان هذا آخر ما قلناه لهم في عام 2017 وما اتفقنا عليه معهم في 2017.

 

عندما جاء المصريون بفكرة أو بأفكار للمصالحة نحن قبلناها وهم قبلوها، وبدأنا نتشاور؛ ولكن- مع الأسف- كانت النتيجة أنهم هم الذين خرقوا هذا الاتفاق. ومع ذلك نحن نقول للجميع: مصممون على أن نذهب للمصالحة؛ لأنه لا يمكن أن تكون هناك دولة بغزة، أو دولة بدون غزة. هذا شعار رفعناه؛ فأرجو أن نتمسك به؛ لا دولة بغزة، ولا دولة بدون غزة. إذن من واجبنا أن نسعى دائما إلى الوحدة الوطنية، مهما كلفنا ذلك من ثمن. وبالمصادفة أنه خلال يومين هناك وفد من عندنا ذاهب إلى القاهرة لمتابعة هذه القضايا؛ وإن شاء الله يعني يمكن أن يحصل شيء، لعل وعسى.

 

القضية الثانية التي أريد أن اتحدث عنها هي قضية الأسرى: إسرائيل طبعًا، كما تعلمون، أوقفت الأموال، ما يسمى أموال المقاصة التي تجمعها لنا، وتأخذ أجرتها عليها؛ تجمعها، وتأخذ أجرتها عليها 3% ؛ وتخصم كما تريد. ولا نعرف كيف خصمت؛ وهل هي صحيح أو غير صحيح ثمن مياه، أجرة مجاري، أي شيء تخصم، وتقول: هذا ما تبقى لكم.

 

مؤخراً قبل شهرين تقريبًا، بدأت تخصم ما دفعناه للشهداء والأسرى والجرحى. طبعًا هذا الكلام خط أحمر، وعند ذلك قلنا لهم: لن نستلم، باقي المقاصة أبقوها عندكم، ولن نستلمها إلا إذا اتفقنا نحن وإياكم على كل قرش تخصمونه من أموالنا؛ بدون هذا لا نقبل سواء أموال الشهداء أو غير أموال الشهداء؛ فوعدونا أنهم بعد الانتخابات الإسرائيلية ممكن أن نتكلم. نحن ننتظر، لا مانع لدينا. انتهت الانتخابات الاسرائيلية ونحن مستعدون للحديث. الآن مضى شهران على خصم هذه الأموال، ورفضنا أن نأخذ ما تبقى منها؛ لذلك نحن في ضيق مالي؛ ولذلك طلبنا من أشقائنا العرب بالذات أن يوفروا لنا ما كنا نتوقعه من زمن ما يسمى بـ"شبكة الأمان"، وقلنا لهم: نرجو أن توفروا لنا شبكة أمان التي وعدتم توفيرها لنا. قلنا هذا في قمة تونس؛ والآن سنقولها أيضًا في الأسبوع القادم مع وزراء خارجية الدول العربية. مع ذلك نحن صرفنا أولا أموال مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى كاملة؛ ثم منا على أنفسنا وعلى أخواننا وقلنا 50% هذه المرة، و50% المرة الماضية من الرواتب سنصرفها. وان شاء الله إذا لم نتمكن أيضًا الشهر القادم نصرف 50% أو أقل أو أكثر قليلًا؛ ولكن هذا هو ما عندنا إلى أن تنتهي هذه الأزمة الخطيرة بيننا وبينهم؛ لأنه بصراحة إذا أخذنا هذه الأموال، وهذا قرار فردي إسرائيل عملته من دون ما تشاورنا بدون ما تسألنا، قال أخذنا قرار الخصم في الكنيست، تخصم مين! وأين ستذهب بهذه الفلوس التي خصمتها!، لخزينتها!

 

الآن الأمور تحت البحث بيننا وبينهم، ابتداء من هذه الأيام. قالوا عندما تنتهي الانتخابات نبدأ نقول لكم شيء؛ انما نحن- وهذا قلته في القمة العربية-: مالم تلتزم اسرائيل وأمريكا بالإلتزامات التي بيننا وبينهم وبالشرعية الدولية أيضًا نحن لن نلتزم. هذا الكلام سيظهر في الأيام القليلة القادمة؛ مالم تلتزم إسرائيل وأمريكا بالشرعية الدولية أو الاتفاقات التي بيننا وبينهم فنحن لن نلتزم.

 

نقطة أخرى بحيي أهل القدس جميعًا على نضالهم للدفاع عن مقدساتنا المسيحية والإسلامية؛ وهذا شيء مشرف، ووقفوا موقفًا مشرفًا، ووقف معهم كل اشقائنا في الداخل، وفي الخارج أيضًا معهم، خاصة نذكر أيام البوابات، ثم بوابة باب الرحمة وكانت مواقف مشرفة. سنستمر في هذا، وسنستمر في الدفاع عن مقدساتنا نحن والأردن الشقيق؛ باعتبار أن الاردن الشقيق هو الوصي. وهذا نحن متفقون عليه لا جدال ولا نقاش (يعني في ناس كتير بِقولوا مين إلي وصى الأردن)؟ سواء نحن اتفقنا أو لم نتفق، هي قضية قديمة لكن نحن متفقون تماماً نحن والأردن على أن الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية للأردن إلى أن يتم التحرير أين الخطأ في هذا؟ هذا متفقون عليه؛ فنحن نتعاون مع الأردن فيما يتعلق بالدفاع عن المقدسات, وهناك الأوقاف الأردنية ايضًا موجوده لهذا الغرض تساعدنا في هذا العمل؛ لكن يجب أن لا نتوانى لحظة واحدة عن الدفاع عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية. هذا آخر ما عندنا. بصراحة فلسطين بدون القدس ما بدنا اياها. القدس الشرقية التي احتلت عام 67 والأرض التي احتلت عام 67 هي أرضنا وهي ملكنا وهي مقدساتنا، ولا أحد يستطيع أن يتكلم شيء.

 

"كما تعلمون، أننا بنينا مؤسسات في البلد، مؤسسات شبه كاملة في كل شيء؛ يعني موجودة؛ يعني لو قيل: لنفترض انه بكره نأخذ الاستقلال؛ إحنا ماشيين دولة محترمة في إلها كل شيء، وكل مقومات الدولة، وهذا كله من الحكومات السابقة التي قامت قبلكم. الآن انتم تعززون ما بني قبلكم؛ وتكملون ما لا لم يكتمل، او ما لم يكتمل من هذه المؤسسات؛ حتى يكون كل شيء عندنا جاهزًا لإقامة الدولة. وانتم تعرفون انه إحنا مش بس هنا لنبني دولة؛ نحن رؤساء 77+ الصين. وهلأ بتقولوا: 77+ الصين يعني 134+ الصين. يمكن يصيروا أكثر. ما بعرفش؛ بس المهم نحن هكذا؛ ونحن "دولة مراقب" في الأمم المتحدة، هذا النمط من العمل نحن نريد أن نبنيه ونعززه في كل المجالات. وهذا واجب الحكومة".

 

شيء آخر: القطاع الخاص مهم جدًا القطاع الخاص أن يعمل القطاع الخاص في أرضنا، وأن نأتي بالقطاع الخاص من الخارج ليستثمر عندنا؛ ولذلك يجب على الحكومة أن تقدم لهم كل التسهيلات اللازمة؛ ما نعقد الأمور في وجههم. تعالوا واستثمروا. استثمر ايها القطاع الخاص، وساعدنا وابنِ بلدك، وابنِ بلدنا، واربح مش غلط؛ ولذلك نحن علينا أن نعمل له كل التسهيلات اللازمة. مهم جدًا هذه الفئة من الناس؛ نريد أن نتجه نحو القطاع الخاص؛ لا نريد كل شيء يتحمله القطاع العام؛ لكن لا بد أن يكون هناك نوع من التفاهم والتعاون؛ وبنفس الوقت، يجب أن تكون هناك تسهيلات كاملة للقطاع الخاص؛ من أجل أن يتشجع، ومن أجل أن يأتي إلينا؛ يخدم ويربح، مثله مثل غيره.

الشباب والمرأة، الشباب يعني المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات؛ والمرأة، حيث ما وجدت، تأخذ حقها؛ المرأة عندنا في كل المجالات ناجحة، وفي كل المجالات قوية؛ ولذلك لا بد أن ندعمها ونساعدها ونطور وجودها. والمرأة ليست أقل من الرجل إطلاقًا، وأنا رأيي المنحاز: أن المرأة أشطر من الرجل، إن لم تكن تزيد عنه؛ لا ينقص المرأة أن تكون وزيرة، وتكون رئيسة، وتكون في أي مكان في هذا البلد؛ لأنه فعلاً المرأة لا تقل أبدًا عن الرجل، إن لم تكن تزيد عنه.

الشيء الآخر هو ضمان حريات الناس، يجب أن نحمي حريات الناس، الحريات العامة، كما يقول المثل: "تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين"، نحن نريد الحريات المضمونة للجميع.

نحن سياستنا في بلدنا أن لا نقبل الاحتلال، وأن نحارب الاحتلال بكل الأساليب المتاحة الشرعية؛ يعني في الأمم المتحدة، في المؤسسات الدولية، في المقاومة الشعبية السلمية؛ نحن سنحارب الاحتلال بهذه الوسائل وبالقانون. هذا ما عندنا وهذا ما يمكن أن نفعله بالنسبة لمقاومة الاحتلال، الذي لم نرضَ به، ولن نرضى به إطلاقًا أن يبقى جاثمًا على صدورنا؛ وهذا يعني أنه نحن كل نتائج الاحتلال -يعني الاستيطان- غير مقبول غير شرعي من بدايته لنهايته. ومن يقول: البعض من هنا وهناك يقولون: إن الاستيطان أمر واقع، أو إنه أصبح يقال: إن الأرض الفلسطينية غير محتلة. اذن شو ما كان يعني لإسرائيل، هذا ما قاله الأمريكان الذين يقررون ما يريدون، ويتكلموا ما يريدون ويبحثوا ما يريدون. نحن لا نقبل كلامهم؛ وكلامهم مش قرآن، ولن يفرض علينا؛ قلنا: لا؛ وسنقول: لا. ونحن غير عبثيين ولا دوغما. نحن عند حقنا سنصمد ونصبر ونقاوم بكل الأساليب المشروعة للمقاومة. إذن ما يقولونه: إن الاستيطان أمر واقع. شو أمر واقع! أنت معتدي وقعدت بأرضي وبنيت بأرضي؛ لا، ليس أمر واقع؛ حدود 67 كما هي، وأنا منيح من الله مني إني قبلت، ووقت اللزوم برفض؛ والي يصير يصير؛ ولكن نحن لأنه نؤمن بالقانون الدولي؛ قلنا حدود 67.

في المجلس الوطني الفلسطيني عام 88- أنصحكم جميعًا أن تقرؤوا قراراته- هذا المجلس الذي أعلن الدولة الفلسطينية في المنفى، وأعلن قرارات لأول مرة تعلن، وهي: الالتزام بالشرعية الدولية وغيرها. نحن لن نتنازل عن كلمة واحدة فيما ورد في قرارات المجالس الوطنية منذ 88 إلى يومنا هذا؛ هذه القرارات بالنسبة لنا قرارات مقدسة؛ هي التي أعلنا فيها المجلس الوطني في 88 في الجزائر؛ أعلنا فيه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.