كلمة الرئيس محمود عباس بعد أداء اليمين الدستورية

بسم الله الرحمن الرحيم

"وقل رب أدخلني مُدخل صدق، وأخرجني مُخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطاناً
نصيراً. صدق الله العظيم.

الأخ رئيس المجلس الوطني الفلسطيني،

الإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،

الأخ رئيس وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني،

الإخوة رئيس الوزراء والوزراء،

الأخ رئيس المحكمة العليا،

الأخ الضيف وزير المواصلات التركي،

ورئيس الوفد الصيني الضيف،

السادة ممثلي الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة،

السادة ممثلي الهيئات والمؤسسات الدولية،

السيدات والسادة الضيوف،

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

أخاطبكم اليوم وكلي فخر بهذا الأداء الديمقراطي المميز لشعبنا الفلسطيني العظيم، هذا الشعب الذي وقف في وجه الاحتلال، ليقول لنفسه أولاً وللعالم ثانياً إننا ومهما عظمت التحديات فلن نتراجع عن مشروعنا الوطني، ومهما تراكمت العقبات فلن تثنينا عن مواصلة مسيرتنا الديمقراطية التي نعتز بها جميعاً.

إن الذي فاز اليوم في هذه الانتخابات هو الشعب الفلسطيني البطل، صانع هذه المأثرة الديمقراطية وحاميها. لذا؛ فإنني أهدي هذا الفوز باسم كل الشعب إلى روح وذكرى القائد الخالد رمز مسيرتنا وبطلها، الأخ ياسر عرفات، الذي زرع البذرة الأولى لهذه التجربة الديمقراطية، ورفع رايتها وكرس تقاليدها. فتحية الإجلال والإكبار إلى روحك الطاهرة يا أبا عمار في يوم الديمقراطية الفلسطينية. وفي هذا اليوم التاريخي في مسيرتنا الوطنية؛ أقول لجميع أبناء شعبنا الذين شاركوا في التصويت، وفي إحياء شعلة الديمقراطية: لكم جزيل الشكر والعرفان، ولكم العهد مني ببذل كل الجهد لتنفيذ البرنامج الذي انتخبتموني على أساسه، ولمواصلة السير على الدرب لتحقيق أهدافنا الوطنية.

والشكر والتقدير لجميع الذين عملوا من أجل نجاح هذه الحملة الانتخابية، إخوتي في حركة فتح في مختلف المناطق، ولجميع القوى والهيئات والمؤسسات الوطنية، والفعاليات والشخصيات، التي بذلت أقصى الجهد دفاعاً عن برنامجنا الوطني الواضح الذي يحظى الآن بأوسع دعم شعبي.

وإلى جميع الإخوة المرشحين أقول: إننا نقدر عالياً جهودكم لإنجاح العملية الديمقراطية، ولكم العهد مني بتشجيع وضمان الدور الفاعل لجميع القوى والاتجاهات، وحماية حرية التعبير وفق القانون. فنحن وإن اختلفت آراؤنا نبقى أصحاب قضية واحدة، وإن تعددت اجتهاداتنا ندافع عن هدف واحد، وسنحرص على أن نعمل سوياً لتحقيق تطلعاتنا الوطنية التي نصبو إليها جميعاً.

اليوم و بعد ظهور نتائج الانتخابات واجتياز شعبنا العظيم لهذا الامتحان، أقف أمامكم بصفتي رئيساً وممثلاً للشعب الفلسطيني بأسره لأقول: أننا سنواصل المسيرة من أجل تعزيز الوحدة الوطنية وتعميق الحوار مع جميع القوى وكل التيارات الفاعلة في وطننا، والحرص على صلابة بنيان مجتمعنا ومؤسساتنا.

كما سنواصل مسيرة ياسر عرفات من أجل تحقيق السلام العادل، سلام الشجعان الذي كان يعمل دوماً في سبيله، والذي أعطى كل حياته وجهده وعرقه من أجل تحقيقه.

وأود أن أشكر إدارة وطاقم حملتي الانتخابية على جهدهم الكبير، كما أتقدم بالتحية والتقدير إلى لجنة الانتخابات المركزية برئيسها وأعضائها وآلاف المعلمين والعاملين؛ لدورهم المميز في ضمان نجاح العملية الانتخابية ونزاهتها.

وأعبر عن التقدير لدور السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن التي عملت بكفاءة، وفي أوضاع بالغة الصعوبة؛ من أجل ضمان نزاهة الانتخابات وحريتها.

وأشكر الحكومات والمنظمات الدولية والشخصيات البارزة، وجميع المراقبين الذين أسهموا في الرقابة على الانتخابات، وضمان تحقيق أهدافها في تعزيز المسار الديمقراطي في فلسطين.

وأود أن أشكر أخي الكريم روحي فتوح الذي قام بدوره بكفاءة واقتدار كرئيس للسلطة الوطنية خلال المرحلة الانتقالية، ووفر أفضل مناخ لإجراء الانتخابات ولممارسة مؤسساتنا المختلفة دورها وواجباتها.

وأشكر الحكومة وعلى رأسها الأخ أبو علاء والمجلس التشريعي؛ على جميع الجهود التي بذلوها خلال تلك الفترة الانتقالية، وعلى روح التعاون والعمل الموحد التي أظهروها في أصعب الظروف التي مررنا بها.

وأتوجه بالتحية إلى كل أبناء شعبنا، والى أبناء القدس الشريف عاصمة دولتنا المستقلة، فقد أثبتم للعالم انتماءكم الوطني وتصميمكم على السير إلى الأمام، وتمسككم بأهدافنا الوطنية وبالخيار الديمقراطي، من خلال هذه المشاركة الواسعة التي نعتز بها، والتي تجاوزت كل التقديرات، بالرغم من المصاعب والعقبات والظروف المعيقة التي اعترضتنا.

لقد اقترع الشعب من أجل إنهاء الاحتلال و الخيار الديمقراطي والتنمية والإصلاح بكل أشكاله واستمراره وتعميقه.
لقد صوت الشعب من أجل سيادة حكم القانون والنظام والتعددية، وتداول السلطة والمساواة بين الجميع. لقد وقف الشعب مع خيار السلام العادل، وإنهاء الاحتلال والتعايش على قدم المساواة وفق الشرعية الدولية.

الأخوات والإخوة،

إن هذا العام هو عام الانتخابات الفلسطينية، الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، فلنحشد كل طاقاتنا الوطنية لتشمل عملية الانتخابات، كذلك كل المؤسسات والنقابات والقوى السياسية والفصائل، حتى نبث روحاً جديدة في حياتنا السياسية الداخلية.

إن التحدي الأكبر، والمهمة الأساسية أمامنا هي مهمة التحرر الوطني، مهمة إنهاء الاحتلال عن أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على أساس الشرعية الدولية، وأولها القرار 194 ومبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت. ولتحقيق هذه الأهداف، فإن نهجنا سيبقى النهج الذي اتخذته منظمة التحرير الفلسطينية خياراً استراتيجياً، خيار السلام العادل الذي يمكن التوصل إليه بالتفاوض من أجل انتزاع حقوقنا الوطنية.

أما الطريق نحو هذا الهدف، فهو ما اتفقنا والعالم حوله في خطة خارطة الطريق. لقد قلنا مراراً وتكراراً: إننا ملتزمون بالشق المتعلق بنا في خارطة الطريق، وإننا سننفذ التزاماتنا حرصاً على المصلحة الوطنية الفلسطينية. وبالمقابل؛ على إسرائيل أن تنفذ ما عليها. ففي الأيام الماضية وقعت جملة من الأحداث وهي مدانة من طرفنا، سواء ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي وردود الفعل من بعض الأطراف الفلسطينية؛ مما لا يساعد على تهدئة الأوضاع التي تتيح الفرصة لعملية سلمية جدية وذات مصداقية.

إننا نسعى للوصول إلى وقف إطلاق نار متبادل لتنتهي هذه الدوامة. إن يدنا ممدودة للشريك الإسرائيلي للمساهمة في صنع السلام. ولكن الشراكة ليست بالأقوال و إنما بالأفعال، إنها بإنهاء الاغتيالات والحصار والاعتقالات ومصادرة الأراضي والاستيطان والجدار الفاصل وتدمير المنازل. إن الشراكة لا يمكن أن تتم في ظل الاملاءات، وإن السلام لن يتحقق أبداً عن طريق حلول جزئية أو مؤقتة، بل من خلال العمل سوياً نحو التوصل إلى حل نهائي ودائم يعالج كافة القضايا العالقة، ويفتح صفحة جديدة على أساس دولتين جارتين.

وأريد التأكيد هنا على استعدادنا التام لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي، وتوفر الجاهزية السياسية عندنا للوصول إلى اتفاق شامل حول مختلف القضايا.

ومن على هذا المنبر، وفي هذا اليوم، أقول للقيادة الإسرائيلية وللشعب الإسرائيلي: نحن شعبان كتب علينا أن نعيش جنباً إلى جنب، وأن نتقاسم الحياة على هذه الأرض، والبديل الوحيد عن السلام هو استمرار الاحتلال والصراع. فلنبدأ في تطبيق خارطة الطريق، وبالتوازي لنبدأ في بحث قضايا الوضع الدائم كي ننهي إلى الأبد الصراع بيننا وبينكم.

كما أنني أتوجه من هذا المنبر إلى جميع الأطراف المعنية وخاصة اللجنة الرباعية الدولية داعياً إلى قيامها بدورها المباشر في رعاية تنفيذ خارطة الطريق؛ وللحيلولة دون دخولنا مرة أخرى في دهاليز الشروط المسبقة التي ترمي إلى تعطيل تطبيقها، أو إغراقنا في متاهات الحلول الانتقالية والجزئية طويلة الأمد التي تستهدف تأجيل دخولنا إلى الحل العادل والشامل.

إن السلطة الفلسطينية إذ تبدي استعدادها لتطبيق كل التزاماتها بموجب خارطة الطريق فهي تتوقع أن تقوم جميع الأطراف بواجباتها كذلك. ولا يعقل أن نبقى وحدنا مطالبين بتنفيذ ما علينا، بينما الاستيطان مستمر، والجدار يمتد داخل الأرض الفلسطينية، ويفصل بين الفلسطيني والفلسطيني، وبين الفلسطيني وأرضه، ويدمر مقومات الحياة لمئات الألوف من أبناء شعبنا. كما يستمر الإغلاق والحصار والاعتقالات وكل أنواع الانتهاكات، ضد أبناء شعبنا؛ مما ينشر أجواء اليأس والإحباط وعدم الثقة في المستقبل.

إن العالم بأسره مطالب اليوم بأن يمنح شعبنا الأمل، وأن لا يكرر الأخطاء السابقة التي عطلت العديد من المبادرات والجهود الايجابية في الماضي.

وأنا أتوجه بندائي هذا إلى جميع القادة في دول اللجنة الرباعية والى جميع المسئولين الحريصين على بدء انطلاقة جدية لمسيرة السلام، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية بخاصة لأنها صاحبة الدور الأساسي في هذا السياق.

إن الترحيب بالديمقراطية الفلسطينية ودعمها هو أمر هام، ولكن هذا الدعم يبقى ناقصاً إذا لم يعززه العمل على إنهاء الاحتلال بجميع مظاهره وإجراءاته حتى يمكن لهذه الديمقراطية أن تستمر وتزدهر. كما أطالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي اعتبرت بناء جدار الفصل العنصري أمراً غير شرعي ودعت إلى إزالته.

إخوتي وأخواتي أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات،

إن إنهاء الاحتلال كان وسيبقى أول أولويات العمل الوطني الفلسطيني، ولكنه ليس الأولوية الوحيدة. ولا أجد مبرراً لإهمال بقية قضايانا الوطنية بذريعة أننا شعب تحت الاحتلال. فالروح الفلسطينية الأبية التي ناضلت لتأمين الاعتراف بقضيتنا العادلة يجب أن تكون محركنا في معالجة قضايانا الداخلية. لقد كان الشعب الفلسطيني على مر العقود منارة من منارات الإبداع والبناء، منارة صدّرت القدرات والكفاءات للعالم أجمع، ومن واجبنا أن نواصل (وبإخلاص) العمل بذات الروح، وبنفس التصميم حتى نبني مجتمعاً متنوراً وحضارياً يكون بشقيه الرسمي والأهلي مثالاً يحتذى في الديمقراطية، ويؤسس لمستقبل مشرق لأجيالنا القادمة. واعتقد أنكم تتفقون معي على إن الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعنا تكمن في إرساء سيادة القانون، فعندها فقط سيتمتع المواطن بالأمن والأمان والعيش الكريم، عندها فقط سيتم التطوير الحقيقي لمؤسساتنا الحكومية ولنظامنا السياسي، وعندها فقط ستتحقق التنمية ويعم الرخاء الاقتصادي ونتقدم على جميع الصعد الاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها.

إن سيادة القانون تتمثل بوجود سلطة واحدة، وسلاح شرعي واحد، في إطار من التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. فمن حقنا جميعاً أن نختلف، ومن واجبنا جميعاً أن نحتكم إلى الشعب من خلال صناديق الاقتراع، ولكن أحداً لا يملك الحق في تجاوز إرادة الشعب و أخذ القانون بيده وتطبيق أجندته الخاصة. فلتبقى الديمقراطية والقانون هما الطريق الوحيد لمعالجة شؤون حياتنا الداخلية بمختلف جوانبها.لقد بدأنا مسيرة الإصلاح، وهي مسيرة مستمرة وستستمر بإذنه تعالى.

إن إصلاح وتطوير القضاء، والمؤسسات الأمنية والحكومية، و استمرار تطوير نظامنا المالي والاقتصادي، وإرساء آلية جدية للتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص، هي أولويات لتمكين السلطة الوطنية من أداء دورها في خدمة مصالح شعبنا الفلسطيني، وهي واجب لإرساء أسس الدولة الفلسطينية التي نصبو إليها. ومن واجبنا جميعاً سلطة ومعارضة ومجتمعاً مدنياً أن لا نسمح للاحتلال بثنينا عن هذا الطريق، وأن لا نتيح للفوضى الداخلية بأن تعطل هذه المسيرة.

وسوف نعمل على إرساء تعاون وثيق بين مختلف مؤسسات السلطة، التشريعية، القضائية، والتنفيذية مع تحديد الفواصل بينها ودور كل منها بشكل مستقل، استناداً إلى القانون الأساسي، الذي يجب أن يتحول إلى قاعدة ثابتة، وتقليد راسخ في حياتنا السياسية؛ من أجل تطوير نظامنا السياسي والحفاظ على حيويته.

وسوف نسعى بكل جهدنا من أجل إحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها الوطني؛ باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، ولزيادة الاهتمام بمصالح شعبنا خارج الوطن، وحتى تتبوأ المنظمة دورها القيادي الذي يعزز دور السلطة الوطنية، ويؤكد على وحدة القرار الوطني الفلسطيني، ويحمي البرنامج الوطني الذي صدر عام 1988، وإعلان الاستقلال الفلسطيني.

أيتها الأخوات،

أيها الإخوة،

إن الطريق لن يكون سهلاً، فأهدافنا لن تتحقق لا بالأحلام ولا بالمعجزات، ولكن، بالعمل الدائم والدؤوب؛ فالتحديات جسام، والاحتلال لا يزال جاثماً على صدورنا، وهنالك من يتربص لإفشال تجربتنا، ولكن الذين يطمحون إلى رؤية هذه التجربة تنجح وتزدهر هم الغالبية الساحقة في وطننا وشعبنا وعلى نطاق العالم.

إن الطريق طويل، ولكنه طريق سنسلكه، وتحدٍ سنقبل به، فالبديل أمامنا هو الجمود والتراجع، وهذا بديل لن نرضى عنه أبداً.
 لقد كانت فرصة رائعة أن تستعمل المرأة الفلسطينية حقها بالمشاركة في الانتخابات المحلية والرئاسية، وهذه خطوة هامة على طريق تأمين المساواة للمرأة، بما في ذلك ضمان حقها في أن تتبوأ المناصب العليا في مؤسسات السلطة والمجتمع. لقد ترك لنا رفيق الدرب الراحل أبو عمار إرثاً ينير دربنا ومسيرتنا، إرثاً يذكرنا دائماً بأنه مهما عظمت التحديات ومهما حيكت المؤامرات، فإن إرادة الشعب وثبات العزيمة والعمل الدؤوب كفيل بتحقيق الأهداف.

وفي خضم عملية التحرر والبناء، لا مكان لليأس أو التخاذل. إنني أتوجه في هذا اليوم إلى عائلات الشهداء الأبرار، مؤكداً أننا سنستمر في الوفاء لذكراهم وحماية مستقبل أبنائهم. وسنواصل رعاية الجرحى والمصابين الذين لحقت بهم إعاقات، وكل الذين تضرروا بسبب انتهاكات الاحتلال من هدم منازل وتدمير مزروعات ومختلف أشكال العقوبات الجماعية. وأتوجه إلى إخوتي الأسرى والمعتقلين خلف القضبان، مؤكداً لهم أن قضيتهم سوف تبقى في مقدمة جهودنا واتصالاتنا على جميع الصعد، وأن فتح أبواب الحرية أمامهم هو هدف سام لن نتردد في بذل أقصى الجهود من أجل تحقيقه.

كما سوف نعمل على حماية إخوتنا من المناضلين المطاردين والمبعدين واستيعابهم وتأمين مستقبلهم. ولقد التقيت خلال جولاتي الميدانية في مخيمات اللجوء في الوطن و في سوريا ولبنان والعالم العربي، التقيت مع أبناء شعبنا الذين حملونا أمانة همومهم الوطنية والحياتية، والتي ستبقى جزءاً أساسياً من همومنا.

وإذا كنا نرفض التوطين خارج الوطن، فإننا نحرص أيضاً على أن نضمن لشعبنا أينما كان أفضل ظروف الحياة والعمل بالتعاون مع الأشقاء في الدول المضيفة.

وفي هذه المسيرة، وأمام كل عقبة تعترينا وفي وجه كل المصاعب، سأبقى متسلحاً بالثقة الغالية التي منحتموني إياهاً، متحصناً بإيماني الراسخ بنضوج وتماسك شعبنا الفلسطيني، بكل فئاته وأطيافه، وعلى اختلاف آرائه ومشاربه، أستلهم القوة والعزيمة من الله عز وجل أولاً، ثم من عدالة قضيتنا ومن ثبات قائدها التاريخي الرمز ياسر عرفات ثانياً، ومن ثقتكم الغالية دائماً. وأتعهد بتكريس كل ما أوتيت من طاقة وجهد وإيمان من أجل وضع حد لمعاناة شعبنا العظيم.

وأود أن أعبر في هذا اليوم عن تقديرنا الكبير لموقف جميع الدول العربية الشقيقة وقادتها؛ الذين اتصلوا بنا مؤكدين استمرار دعمهم لشعبنا وسلطتنا الوطنية في هذه الظروف التي نحتاج فيها إلى مثل هذا الإسناد الأخوي العزيز.

كما أعبر عن التقدير الكبير لموقف وتأييد العديد من قادة العالم، بمن فيهم قادة الدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية و روسيا والصين واليابان وقادة الدول الإسلامية والآسيوية والإفريقية ودول عدم الانحياز، ودول أميركا اللاتينية، والأمين العام للأمم المتحدة والمؤسسات الإسلامية والعربية والدولية المختلفة.

إنها ساعة العمل، فلنبدأها متكاتفين من أجل الشعب كل الشعب ومن أجل شبابنا وأجيالنا القادمة، الذين هم مستقبل الأمة و عليهم يتوقف مصيرها. من أجل الحرية والاستقلال والإصلاح والتطور الديمقراطي.

أيتها الأخوات،

أيها الإخوة،

وبهذه المناسبة، أؤكد اليوم ثقتي التامة بالأخ أحمد قريع أبو علاء رئيس الوزراء، وأطلب إليه أن يولي موضوع الأمن والانتخابات التشريعية والبلدية وموضوع الإصلاح كل اهتمام الحكومة، هذا وسنتشاور حول إعادة تشكيل الحكومة حسب القانون الأساسي.

بسم الله الرحمن الرحيم

"ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة. إنك أنت الوهاب".

صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.