1. التعليم والمهارات المهنية:
كان التعليم أولوية بالنسبة للفلسطينيين، كما يظهر من ارتفاع نسب التعليم ومن ارتفاع نسبة الإنفاق العام على التعليم، ومن وجود أعلى نسب للالتحاق في المدارس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن الفرق بين نسب مشاركة البنات والأولاد في جميع المستويات التعليمية، بما في ذلك مستوى البكالوريوس يكاد لا يذكر. طبقا لأرقام وزارة التربية والتعليم العالي للعام 2001-2002، فإن 47% من الطلاب الذين يتابعون دراسة البكالوريوس و37% ممن يتابعون دراسة الماجستير كانوا من النساء. كما أن معدلات التسرب من المدارس بين الإناث تعود أسبابها غالبا لبعض مظاهر التخلف الاجتماعي، أو للزواج المبكر.
لقد تضرر نظام التعليم الفلسطيني من الصراع الدائر خلال السنوات الأربع الماضية. ونحو 295 مدرسة تضررت بسبب أعمال القوات العسكرية الإسرائيلية، منها 9 مدارس دمرت بشكل كامل، كما أجبرت 15 مدرسة أخرى على إغلاق أبوابها[1].
نحو 465 من الطلاب قتلوا، وأصيب 4.600 وهم غالبا في طريقهم من وإلى المدرسة. وتأثرت قدرة الطلاب على التعلم بشكل سلبي نتيجة التعرض إلى العنف والإذلال على نقاط التفتيش الإسرائيلية، وتعطيل روتينهم اليومي بسبب القيود الإسرائيلية.
يهدد الفقر بتقويض المنجزات التعليمية، مع تزايد عدد الفلسطينيين الذين يتخلون عن فرص متابعة التعليم العالي من أجل توفير تكلفة التعليم وزيادة مداخيل أسرهم.كذلك، فإن تفاقم الفقر قد جعل من الصعب على الطلاب دفع الرسوم التعليمية (11 دولار لطالب المرحلة الأساسية، و16 دولاراً لطالب المرحلة الثانوية) الأمر الذي تسبب بأزمة مالية للمرافق التعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة[2].
ساهمت المصاعب المتعلقة بالحركة بسبب الإغلاق في تآكل معايير التعليم. فمن أجل مواصلة خدمات التعليم في ظل نظام الإغلاق، أعادت وزارة التربية والتعليم العالي تعيين آلاف المعلمين للعمل في مدارس قرب أماكن سكناهم، الأمر الذي أدى إلى تناقض القدرة على ملائمة التخصصات مع الاحتياجات، فانتهى المطاف بالكثير من المعلمين إلى تعليم مواضيع خارج اختصاصاتهم. أما الطلاب الفلسطينيون الذين يقطنون وراء جدار الضم أو في المناطق التي تأثرت بالصراع، فقد خسروا أياما دراسية بسبب القيود المفروضة على الوصول، ما أثر على أدائهم في الامتحانات. كذلك فإن القيود المفروضة على الوصول إلى محيط القدس، بما في ذلك الطرق الالتفافية الجديدة للمستوطنات، وتكاليف المواصلات العامة الباهظة، تعيق حصول سكان الضفة الغربية على التعليم.
تأثرت مستويات التعليم بالضرر النفسي – الاجتماعي الذي لحق بالأطفال نتيجة العنف الدائر.
فالأطفال الذين يعيشون في المناطق الخاضعة للتوغلات العسكرية المتكررة يصعب عليهم التركيز واتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبلهم. إن تجربة النضوج والنمو في ظل الاحتلال، وفي كنف عائلة رب الأسرة فيها عاطل عن العمل، ولديه أمل محدود في العثور على عمل، ستخل باستقرار جيل بأكمله من اليافعين الفلسطينيين.
المهارات والتدريب المهنيان هما أمران حاسمان لتمكين الفلسطينيين من ترجمة التعليم الرسمي إلى عمالة منتجة. هناك حاجة إلى تحسينات ملحوظة في هذا المجال من أجل مساعدة الفلسطينيين على انتهاز الفرص الاقتصادية الموجودة والممكنة. إن البطالة طويلة الأمد والعزلة عن الاقتصاد الدولي أدت إلى تآكل تلك المهارات خلال السنوات الأربع الماضية. ولا تزال منهجيات التعليم التقليدية تستخدم في المدارس الفلسطينية على الرغم من أنها لا توفر المهارات المعرفية اللازمة للانخراط في الاقتصاد العالمي الحديث، كما أن العلاقة بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص محدودة حاليا.
لقد صمد قطاع التعليم أمام الكثير من التعطيل الذي سببه الصراع. فلا تزال نسبة الالتحاق الصافية في التعليم الأساسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة إحدى أعلى النسب في المنطقة، على الرغم من انخفاضها في السنوات الأربع الأخيرة، من ذروتها التي بلغت 92.2% عشية الانتفاضة الثانية إلى 88.4% في العام الدراسي 2003-2004. أما نسبة الالتحاق الصافية في التعليم الثانوي فقد ارتفعت من 44.5% في العام 1999/2000 إلى 49.5% في العام 2003-2004. غير أن هذه الإحصائيات لا تشير إلى معدلات الانسحاب، وبخاصة بين الفتيات، في مستوي التعليم الابتدائي والعالي، هناك ارتفاع مطرد في نسبة الطالب إلى المعلم، الأمر الذي يشير إلى ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية في هذا القطاع.
هناك نقص في البنية التحتية التعليمية وارتفاع في نسبة التلاميذ إلى الغرف الصفية. في التعليم العالي بشكل خاص، هناك اعتماد متزايد على المعلمين الذين يعملون بدوام جزئي[3].
2- التنمية متوسطة المدى للقدس الشرقية:
لم يوفر نظام التعليم العام في القدس الشرقية يوما التعليم المبكر.فجميع المبادرات انبثقت عمليا عن منظمات مجتمعية ومنظمات غير حكومية. من هنا، فإن غالبية الحضانات تأسست بمبادرة أفراد، أو منظمات خيرية، أو جماعات نسائية، أو منظمات أهلية أخرى. والخدمات في هذا المجال محدودة، وهي وإن توفرت غير موثوقة من ناحية النوعية، حيث لا توجد إرشادات أو أنظمة واضحة لهذه المنظمات.
يتميز التعليم المدرسي بتعدد المزودين بدون وجود هيئة رسمية للتنسيق والإشراف برؤية فلسطينية. لقد أدى ضعف دور السلطة الوطنية إلى تطور غير منسق وغير متوازن. ويتفاقم هذا الوضع بفعل الوضع غير المستقر للفلسطينيين الذين يسكنون المدينة ولمستقبل المدينة نفسها. فالسياسات والممارسات الإسرائيلية تحد من قدرة الأطفال الفلسطينيين على الوصول إلى التعليم المجاني والإلزامي. كما يوجد نقص ملحوظ واكتظاظ في الغرف الصفية، الأمر الذي يحد من القدرة على الحصول على التعليم. ويترافق هذا مع انخفاض شديد في موازنات المدارس وأجور المعلمين، ونقص في التدريب المتخصص للمديرين والمعلمين على السواء، ما كان له أثر حاد على نوعية التعليم الأساسي. إن هذه النواقص لا تساعد على معالجة معدلات تسرب الطلاب في الصفوف الأعلى.
التعليم المهني مشرذم، حيث توجد العديد من مراكز التدريب المهني والمدارس الثانوية والمراكز المجتمعية والمنظمات غير الحكومية وكليات المجتمع التي يقدم معظمها تدريبا متدني المستوى. وهي تتسم بالازداوجية وبانعدام التنسيق في الأنشطة. وتعاني هذه المؤسسات من نقص في التمويل، ومن ضغط المنافسة مع الجامعات التي تمنح شهادات جامعية.
يعاني التعليم الجامعي والعالي في القدس الشرقية من نقص في التمويل المخصص للنفقات الجارية وللبناء والتوسع. وبالتالي تتسع الفروق بين التعليم المتوفر وبين احتياجات السوق. علاوة على ذلك، فإن مشاكل اعتراف ومصادقة النظام الإسرائيلي على الشهادات والمسائل المتعلقة بالقدرة على الوصول نتيجة لجدار الضم الإغلاقات الأخرى. قد أدت إلى تضيق فرص التعليم أمام الأجيال الشابة في المدينة.
3-التعليم والتدريب المهني:
التعليم والتدريب هما عاملان مهمان في تيسير قدرة الناس على استغلال طاقاتهم وتسهيل عملهم كأعضاء كاملين في المجتمع. كما أن هناك أهمية كبرى للتعليم والتدريب في تهيئة الناس ليكونوا عاملين أكفاء ومنتجين في القطاعين الخاص والعام. ويتطلب التعليم والتدريب وجود بنية تحتية حضرية، كما أنه يخلق الوعي إزاء أهمية الثقافة والتراث. تهدف الاستراتيجية إلى إتاحة الحصول على التعليم وتحسين نوعيته في القدس الشرقية، وذلك من خلال تحسين عدد ونوعية المدارس واجتذاب المعلمين الأكفاء.
-
يعاني التعليم الابتدائي والثانوي، وكلاهما يشكلان قاعدة التعليم الرسمي في المجتمع، من اكتظاظ في الغرف الصفية ومن تدهور النوعية، وبخاصة في المدارس الوقفية الحكومية. إذن يجب أن تستند استراتيجية تنمية التعليم على التطورات التي حدثت في الطلب على التعليم.
-
إن تحسين المستويات التعليمية للسكان، باعتباره شرطا لتحسين إنتاجية القوى العاملة، يتطلب زيادة في معدلات الالتحاق بالمستويات التعليمية الأعلى، الأمر الذي يتطلب بالتالي ارتفاعا أكبر في القدرة الاستيعابية للمدارس الثانوية، إن كان من ناحية المساحات أو من ناحية المعلمين.
-
يجب أن تعني استراتيجية المدارس الوقفية/ الحكومية بتحسين النوعية. ولا يمكن تأمين ذلك إلا من خلال طاقم عمل كفء ومستقر، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق تحسن شروط العمل, من هنا يجب معالجة مشكلة أجور المعلمين قد يكون من الصعب زيادة في الأجور عن طريق وزارة المالية الفلسطينية. يجب إجراء دراسة لتعريف السبل الممكنة لتحسين مكافآت المعلمين، وكذلك لتعريف المصادر الممكنة لتمويل مثل هذه الزيادة.
-
إن تحسين النوعية يتطلب كذلك رفع سوية المدارس الوقفية/ الحكومية، بحيث تلبي المقاييس الفنية والتعليمية. ويجب إعطاء الأولوية للإصلاحات الملحة، وتجديد المباني القائمة ورفع مستواها، وذلك من أجل تحسين الظروف المادية للتعليم. يجب أن يبني برنامج إعادة تأهيل المدارس ورفع سويتها على جرد مفصل يقدر احتياجات كل مدرسة، من ترميم للمباني القديمة ومن المباني الجديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات المتعلقة بمعدلات الالتحاق المتوقعة.
-
يجب الاعتناء بشكل خاص بالطفولة المبكرة مع التركيز على التعليم المبكر.
4- التعليم المهني:
هناك حاجة لتدريب العمال المهرة القادرين على إيجاد عمل في سوق العمل أوحتى تأسيس أعمالهم الخاصة. ويتطلب هذا تطوير التعليم المهني. يمكن تحسين الخدمات في هذا المجال من خلال البناء على البنية التحتية القائمة يجب أن تهدف استراتيجية التنمية في القدس الشرقية إلى:
أ- زيادة فعالية النظام من خلال:
زيادة استخدام مؤسسات التدريب القائمة، واجتذاب أعداد أكبر من الطلاب، وتخفيض عدد المتسربين، وتأسيس منبر لمؤسسات التعليم والتدريب الفني والمهني.
ب- زيادة نجاعة النظام من خلال:
وضع وتنفيذ برامج تدريب للمدربين الفنيين، وبرامج تدريب للمدربين التعليميين، وتوفير الدعم قصير المدى لدفع أجور المدربين، وتطوير وإثراء المناهج، وتوفير الدعم لتحديث المعدات وتطوير الأساليب البديلة للوصول إلى الطلاب.
ج- تعزيز صلة النظام بالاحتياجات وذلك من خلال:
دعم مؤسسات التدريب الفردي في جهودها الهادفة نحو تعريف مدى صلة البرامج التي تقدمها بالاحتياجات وذلك من خلال إجراء دراسات لتقييم الأثر والأثر الراجع وغيرها من الطرق، وتوفير خدمات الإرشاد والتوجيه المهني.
د- دعم استدامة النظام
دعم تكلفة التدريب للطلاب ودعم تطوير استراتيجيات وخطط تشغيلية.
5. جدار الضم والتوسع الإسرائيلي وأثاره على التعليم[4]
في محافظة طولكرم، هنالك قرية واحدة تقع داخل المنطقة المغلقة، وهي خربة جبارة التي يبلغ عدد سكانها 309 نسمة، وفيها 93 تلميذاً هم الآن مجبرون على التنقل عبر البوابات للوصول إلى مدارسهم في كفر صور والرأس. إلا أن الحركة عموماً صعبة نظراً لطول ساعات السفر وساعات فتح البوابات غير المنتظمة. وفي الحقيقة، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار هذه البوابات حلاً للقيود التي يخلقها جدار التوسع والضم على حركة المواطنين، لأن المدارس تعتمد على ساعات عمل محددة. ونتيجة لذلك، فقد وقعت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في مأزق، وذلك لأن معظم القرية مصنف كمنطقة "C"،[5] ولأن إنشاء مدرسة جديدة قد يشكل خياراً حساسا لتخفيف المصاعب التي يعاني منها تلاميذ خربة جبارة، ولأن إنشاء أي مدرسة في مثل هذه المناطق يتطلب الحصول على ترخيص من السلطات الإسرائيلية.
إن تركيز القرى الفلسطينية الواقعة داخل المنطقة "المغلقة" في محافظة جنين يكشف عن مخاوف إضافية، سواء بالنسبة للتلاميذ أم السكان بشكل عام. ففي قرية أم الرمان، وقبل الشروع في تنفيذ جدار التوسع والضم، تم البدء في ترميم مدرسة قائمة في المنطقة "C" نتيجة للنمو الطبيعي وتزايد الطلب على البنية التحتية القائمة. لكن إنشاء الطابق الثاني من المدرسة توقف بناء على أمر من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تم هدم السقف الذي تم إنشاؤه حديثاً. وفي الوقت الذي يهدد فيه المسؤولون الإسرائيليون بهدم بقية المبنى كما هو عليه الآن، تبقي مشكلة النمو الطبيعي خلف جدار التوسع والضم قائمة. فهل سوف يسمح للبنية التحتية بالنمو مع النمو الطبيعي للسكان؟
وفي محافظتي قلقيلية وبيت لحم، لا يسمح للمدرسين بالدخول إلى المناطق المشمولة بالجدار سوى بشكل متفرق كما هو الحال بالنسبة للمناطق الأخرى المتأثرة بجدار التوسع والضم[6] لكن المشكلة مزمنة على وجه التحديد في هاتين المحافظتين، لأن المدارس تعتمد عموماً على مدرسين لا يسكنون في القرى الموجودة فيها. وبينما يقيم تقريباً نصف المدرسين في تجمع القرى المنتشرة حول رأس الطيرة، جنوب مدينة قلقيلية، فإن النصف الآخر مضطر على العبور من خلال البوابات. ويفيد هؤلاء المدرسون بأن قدرتهم على الوصول إلى مدارسهم تتراوح من يوم إلى آخر، وتعتمد عموماً على الوضع الأمني المتغير. وفي محافظة بيت لحم، سوف يواجه حوالي 450 مدرساً تقريباً مشاكل الوصول إلى سبع قرى معزولة فيها مجتمعة حوالي 5.675 طالباً.
تعاني محافظة القدس من أقوى أثر دراماتيكي لجدار التوسع والضم على قطاع التعليم، ويتمثل ذلك في مشاكل الحركة والوصول إلى المدارس. قطاع التعليم في القدس مقسم إدارياً على منطقتين- القدس وضاحية البريد- من قبل وزارة التربية والتعليم، كما أن قطاع التعليم في القدس مقسم إلى خمسة مناطق نتيجة للقيود المفروضة على الحركة والناجمة عن إنشاء غلاف القدس.
بالنسبة لمحافظة القدس، تتركز مسألة الدخول بالنسبة للمدرسين على حملة هوية القدس، لأن أولئك الذين لا يحملون البطاقة "الزرقاء" لم يعد مسموحاً لهم الدخول إلى المناطق الواقعة ضمن حدود بلدية القدس التي حددتها إسرائيل. وبناء عليه، فإن المدارس الواقعة ضمن حدود البلدية مجبرة في الوقت الحاضر على إيجاد 152 مدرساً يحملون هوية القدس، وفي الوقت ذاته مستعدين يومياً لتحمل مشاق السفر عبر الجدار. وقد أصبحت المشكلة أكثر صعوبة بعدما أصبح المدرسون مجبرين على الانتقال من أماكن سكناهم عبر الجدار من مناطق محددة، وهذا ما سيكون عليه الحال عندما يتم الانتهاء من إنشاء غلاف القدس. على سبيل المثال، سوف يكون المدرس المقيم في الرام والمدرسة التي يعمل فيها في الجيب، حسب الخارطة التي أصدرتها حكومة إسرائيل في شهر في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2003، مضطراً لعبور جدار التوسع والضم مرتين في رحلة الذهاب والإياب.
6 تقوية نظام التعليم:
1.6التعليم الابتدائي والثانوي
يعتبر نظام التعليم الفلسطيني فعالاً جداً بقدرته على إيصال الأطفال إلى التعليم وأيضاً المحافظة على انتظام الطلبة. وتبلغ نسبة التسجيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة 100 في المائة تقريباً للصف الأول و 92 في المائة للمرحلة الأساسية (الصفوف 1-10)، و57 في المائة للمرحلة الثانوية.
وارتفعت نسبة التسجيل الكلي في المدارس الحكومية من 650 ألفا في عام 1994 إلى مليون تقريباً في عام 2003، أي بزيادة نسبتها أكثر من 5 في المائة. وبالنظر إلى معدل النمو السكاني الفلسطيني الحالي الذي بلغ أكثر من 5 في المائة، فإن نسبة التسجيل التعليمي ستتواصل في الارتفاع بسرعة في المستقبل المنظور. لذا، ينبغي بناء عدد كبير من الغرف الدراسية ومرافق أخرى للمدارس التي سنحتاج لها في السنوات المقبلة القادمة لتجنب المشاكل الناتجة عن النمو السكاني المتزايد والازدحام الشديد الذي يشكل حالياً مشكلة خطيرة في العديد من المدارس الحكومية. إضافة إلى ذلك، تحتاج العديد من المدارس الحالية إلى أعمال التصليح والصيانة ويعتبر بناء وصيانة المدارس من مشاريع تشغيل الأيدي العاملة واستخدام المهارات المتوفرة للعديد من العاطلين عن العمل، الذين كان يعمل الكثير منهم في صناعة البناء الإسرائيلية. لذلك، تكمن الأولوية في بناء المدارس أو إصلاحها في ظل الوضع الحالي.
وتعتبر مكتبات المدارس والخدمات الإلكترونية، من مجالات التعليم الأخرى التي يمكن الاستثمار فيها وتساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية. فالمكتبات المدرسية ضرورية لتعليم مهارات البحث، الذي تعتبر مفتاحاً لتحسين إنتاجية اليد العاملة الفلسطينية، وتعزيز الحياة الثقافية والنشاطات العلمية في الأرض الفلسطينية المحتلة. لذلك يجب أن تبذل الجهود الجدية لتحسين المكتبات المدرسية التي أهملت لفترات طويلة من قبل نظام التعليم الفلسطيني، وبالتالي دمجها في المناهج المدرسية. لقد تم تقديم الحاسوب في بعض المدارس ولكن حتى الآن بقي دوره محصوراً فقط في نشر المعرفة بالحاسوب بين الطلاب، يلعب الحاسوب دوراً كبيراً في الصفوف المدرسية الحديثة. ويتم استعماله بكثرة كأداة تعليمية في المدارس الابتدائية والثانوية، وبشكل خاص في الصوف العلمية.
2.6 التعليم العالي:
يتضمن نظام التعليم العالي الفلسطيني حالياً 11 جامعة وكلية تقنية مع مجموعة 75 ألف طالب منتسب. ومن أهم القضايا التي تواجه مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني هو تحقيق الاستقرار المالي، بالإضافة إلى تحسين نوعية التعليم واكتشاف طرق لمجابهة التحديات التي يواجها الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني.
ويتطلب تحسين نوعية التعليم العالي تجميد إضافة برامج جامعية عالية وبرامج جامعية جديدة بهدف التركيز على البرامج الموجودة. ولا بد من الإبقاء على هذا التجميد في البرامج حتى القيام بتطوير المكتبات ومرافق جامعية أخرى. بالإضافة إلى وضع هيكلية رواتب مناسبة ونظام التوظيف والترقية من أجل النهوض بإجراءات تساعد على جذب الأكاديميين المؤهلين.
وسيتطلب الإبقاء على الاستقرار المالي مجموعة من الهبات والدعم السنوي من ميزانية الحكومة، بعضها يمكن أن يكون على شكل منح دراسية في حقول أكاديمية موجهة. وفي هذه الأثناء، يجب توجيه الجهود للحصول على الالتزامات من المانحين لتقديم المساعدة المالية إلى الجامعات والكليات الفلسطينية بشكل منتظم لتجنب العراقيل المتكررة لدفع الرواتب، كما هو الحال في السنوات الأخيرة. على أية حال، إن مثل هذه المساعدة يجب أن تكون شرطاً لتحسين نوعية التعليم التي تقدمها هذه المؤسسات.
وثمة طريق واحد للمؤسسات الأكاديمية المنخرطة في الشؤون الاقتصادية، وهو إنشاء مراكز بحوث بالتعاون مع الجامعات المحلية لتأمين الخدمات التقنية والأبحاث للصناعات المهمة والكبيرة، مثل صناعة زيت الزيتون، والصناعة الدوائية. وتكون مثل هذه المراكز في البداية ممولة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، أو بمساعدة الجهات المانحة، ولكن في النهاية يجب أن تصبح مستقلة مادياً.
التوصيات
-
توفير المباني المدرسية والمرافق الأخرى اللازمة من أجل تلبية معدل نمو التلاميذ الطبيعي، وبخاصة في المحافظات ذات معدلات النمو السكاني المرتفعة.
-
تخفيض الكثافة في المدارس القائمة في المستويين الأساسي والثانوي، وبخاصة في المدارس الحكومية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال عدد الغرف الصفية الجديدة، و/ أو بناء مدارس جديدة تتوفر فيها الخدمات والمرافق اللازمة (كالمكتبات والمختبرات والملاعب...الخ).
-
تخفيف استخدام نظام الفترتين التدريبيتين من خلال بناء المدارس الجديدة، وتحسين الطاقة الاستيعابية للمدارس القائمة، ومن خلال استئجار المباني الجديدة، وبخاصة لمدارس الإناث.
-
تحسين النوعية في نظام التعليم (أي زيادة عدد المعلمين وتوفير الخدمات والبنية التحتية الأساسية داخل المدارس، وتخفيض معدل تسرب التلاميذ من خلال المتابعة لأسباب التسرب وإيجاد الحلول المناسبة).
يدل تحليل النظام التعليمي في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك باستخدام نظام ترتيب المؤشرات المتعددة (multiple indicators ranking system) على أن سلفيت وخانيونس تتمتعان بأفضل الأوضاع التعليمية، بينما تعاني الخليل وغزة من أسوأ الأوضاع. ويعود هذا التردي في مستوى التعليم إلى الأسباب التالية:
أ. تعاني الخليل وغزة من أعلى معدل للكثافة الصفية (35 طالباً في الصف في الخليل، بالمقارنة مع معدل يبلغ 27 طالباً في الضفة الغربية، 38.3 طالب بالمقارنة مع معدل يبلغ 36.6 طالب في غزة). وفي محافظة الخليل، توجد هذه الكثافة المرتفعة في كلتا مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، بينما توجد هذه الكثافة المرتفعة في غزة في التعليم الأساسي فقط. وبشكل عام، تعاني مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيني (الأونروا) من الكثافة الأعلى، تليها المدارس الحكومية.
ب. توجد في الخليل أعلى نسبة من المدارس الأساسية للإناث التي تستخدم نظام الفترتين (16% من مدارس الإناث تستخدم نظام الفترتين، بالمقارنة مع معدل محافظات الضفة الغربية البالغ 3.7%). أما محافظة غزة، فلديها ثاني أعلى نسبة مقارنة بالمحافظات الأخرى من حيث استخدام نظام الفترتين، حيث أن(38.9% من المدارس الأساسية للإناث تستخدم الفترتين بالمقارنة مع المعدل في محافظات غزة 37.4%).
ت. يوجد في غزة أعلى نسبة طلاب إلى المعلمين مقارنة بالمحافظات الأخرى.
ث. إن محافظة الخليل تحتل المرتبة الثانية بعد أريحا من حيث معدل النمو الطلابي، وذلك بالمقارنة مع المحافظات الأخرى في الضفة الغربية (7.8% بالمقارنة مع معدل محافظات الضفة الغربية البالغ 6.2%).
ج. توجد في غزة أعلى نسبة من الغرف الصفية المستأجرة من بين سائر محافظات غزة (0.7%)، بينما تحل الخليل في المرتبة الثانية (6%) بعد القدس مقارنة بمحافظات الضفة الغربية. وتعود ملكية معظم المدارس المستأجرة للقطاع العام في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
الهوامش:
[1] وزارة التخطيط، ملف قطاع التعليم, 2004.
[2] على سبيل المثال، تغطي الرسوم 50% من جميع نفقات مدارس وزارة التربية والتعليم العالي بخلاف الأجور. "الضفة الغربية وقطاع غزة: إطار عمل من أجل خطة تنمية اجتماعية متوسطة المدى"، البنك الدولي, 2004. أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة دراسة التوجهات الدولية في الرياضيات والعلوم (TIMSS) أن متوسط علامات الطلاب الفلسطينيين في اختبارات العلوم والرياضيات للصف الثامن (435 في العلوم و 390 في الرياضيات)، هو أدنى بكثير من متوسط علامات طلاب الأردن (475 في العلوم و 424 في الرياضيات).
[3] إذا استثنينا مدرسي الدوام الجزئي في التعليم العالي، فإن نسبة الطالب إلى المعلم في جامعات الأراضي الفلسطينية المحتلة ترتفع من 26% في 1996-1997 إلى 41% في 2001/2002. كافة البيانات الواردة في هذه الفقرة تستثني كليات المجتمع.
[4] المعلومات التالية مستندة إلى مقابلة مع السيد علي مناصرة، المدير العام للعمليات الميدانية والإدارة، وعطاف حمد، نائب وكيل وزارة التربية والتعليم، رام الله، 4 نيسان/ إبريل 2004.
[5] تصنيف المناطق حسبما قررتها اتفاقية الحكم الذاتي غزة أريحا في شهر أيار/ مايو 1994، والمعروفة أيضاً باتفاق القاهرة أو أوسلو1. المنطقة C تعني سيطرة إسرائيلية مدنية وعسكرية على قضايا الأرض، وبخاصة تلك المتعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية وسكانها، إلا أن السلطة الفلسطينية تحتفظ بسيادة قانونية مدنية على النواحي المدنية الفلسطينية.
[6] تشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أنه نتيجة لجدار التوسع الضم، فإن 56.2 بالمائة من أعضاء الأسر المشمولة بالمسح التي يوجد فيها طلبة، في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم، يستعملون في الوقت الحاضر طرقاً بديلة من أجل الوصول إلى أماكن التعليم العالي التي يدرسون فيها (الجامعات، والكليات التقنية). بالإضافة إلى ذلك، 41.7 بالمائة من أفراد الأسر التي يوجد فيها معلمون والمشمولة بالمسح، في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم، يستعملون أيضاً طرقاً بديلة من أجل الوصول إلى أماكن التعليم العالي (الجامعات، والكليات التقنية). أثر جدار التوسع والضم على الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر الفلسطينية في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم (أكتوبر 2003)، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كانون أول/ ديسمبر 2003، ص 17.
تُصوِّر إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أنه نتيجة لجدار التوسع والضم، فإن 45.9 بالمائة من أعضاء الأسر المشمولة بالمسح التي يوجد فيها تلاميذ، في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم، يستعملون في الوقت الحاضر طرقاً بديلة من أجل الوصول إلى مدارسهم (مدارس ابتدائية، وإعدادية وثانوية). بالإضافة إلى ذلك، 32.8 بالمائة من أفراد الأسر التي يوجد فيها معلمون والمشمولة بالمسح، في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم، يستعملون أيضاً طرقا بديلة من أجل الوصول إلى مدارسهم (مدارس ابتدائية، وإعدادية وثانوية). أثر جدار التوسع والضم على الظروف الاجتماعية الاقتصادية للأسر الفلسطينية في التجمعات التي يخترقها جدار التوسع والضم (تشرين أول/ أكتوبر 2003)، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كانون أول/ ديسمبر 2003.
-----------------------------------------------------------------------------------------
السلطة الوطنية الفلسطينية، وزارة التخطيط، خطة التنمية متوسطة المدى 2005-2007.