إذا كانت خسارة الحرب ضد القوى الصهيونية عام 1948 نكبة بالنسبة إلى العرب فإن خسارتهم الحرب في العام 1967 أقرب إلى الفاجعة؛ ففي العام 1948 كان يمكن على الأقل أن يقال: إنهم لم يكونوا مستعدين تمام الاستعداد، وإنهم كانوا حديثي عهد بالاستقلال، أو أن أنظمة حكمهم كانت من بقايا عهود الاستعمار والحكم الأجنبي. ولكن أيا من هذه الأعذار لم يكن ممكناً في العام 1967؛ بل على العكس من ذلك، أصبحت تلك الأعذار تشكل بمجملها ملف اتهام لفترة من الحكم امتدت ما يقارب عشرين عاماً لم تفلح في إزالة آثار النكبة بل أدت إلى ما هو أعظم منها.
ثم إنه في العام 1948، أو ما قبل العام 1948، لم تكن (إسرائيل) موجودة، وكان الصراع معها صراعاً مع حركة عنصرية دينية متعصبة، ولكنها بعد العام 1948 أصبحت موجودة كدولة، وأصبح الصراع معها مختلفاً يستتبع إجراءات لم تكن في الحسبان من قبل. وهكذا فهي عندما ربحت الحرب في العام 1967، أصبحت دولة محتلة، وأصبح ما تبقى من أرض فلسطين تحت سيطرتها.
وأهداف الصهيونية لم تتغير بالطبع، فهي نفسها بعد الاحتلال كما كانت قبله، ولكن الوسائل التي أصبحت في متناولها بعد قيام (إسرائيل)، غدت أكبر بكثير مما كانت عليه قبل قيامها. وهكذا فهي حين ربحت حرب 1967، تمكنت من أن تضع "المناطق المحتلة" تحت " الحكم العسكري"، واتخذت لنفسها صفة المسئول عنها، وراحت تتفاوض مع الدول الأخرى ومع المنظمات الدولية حول مصيرها، وأخذت تصدر الأوامر والقوانين لإدارة هذه المناطق - فعلت كل ذلك وأرضها هي محمية بغطاء قانوني ليس مجهولاً في تاريخ الحروب بين الدول. وقد وفرّ لها هذا الغطاء أن تمارس سياستها في التهجير والتدجين بشكل علنّي، بدون أن يحول بينها وبين أهدافها موانع أو عقبات تمت إلى مسائل الحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين، كما حدث لها مع عرب فلسطين المحتلة العام 1948 الذين يحملون جنسية الدولة الإسرائيلية.
ثم إن تجربة عمرها تسعة عشر عاماً من التحكم بالعرب داخل فلسطين المحتلة عام 1948 أكسبت قادة الاحتلال خبرات ثمينة في التعامل مع العرب المغلوبين على أمرهم، وفي كيفية تطويعهم وإخضاعهم لمشيئتهم. ولم يتوانوا عن الاستفادة من هذه الخبرات وتطويرها في ضوء الأوضاع التي واجهتهم في المناطق الجديدة المحتلة.
1.الملامح العامة لسياسة الاحتلال في الضفة والقطاع:
في مقابل السياسة ذات الاتجاهات الثلاثة التي اتبعها قادة الصهيونية مع عرب فلسطين المحتلة العام 1948، استقرت سياستهم في المناطق التي احتلوها عام 1967 على اتجاهين أو بعدين رئيسين هما: "الامتناع عن العمل"، و" العمل الرادع". أي أنهم أسقطوا منها الاتجاه الثالث وهو "العمل الدافع". والسبب في ذلك إحساسهم بضخامة المشكلة واستحالة هضمهم العدد الكبير من السكان الذين بقوا في الأراضي المحتلة، مهما بالغوا في "الدفع" أو في "الترغيب". ولهذا كانت السياسة الثنائية بالنسبة إليهم هي الأسلم والأقل كلفة، على الأقل في المدى القريب.
ومما يجدر ذكره أن حوالي ستمئة ألف من السكان بقوا في الضفة الغربية بعد أن رحل عنها حوالي مئتين وخمسين ألفاً في الأشهر الأولى بعد الحرب، كما أن عدد الذين بقوا في غزة كان في حدود ثلاثمائة وخمسين ألفاً، أي ما يقارب المليون في الضفة والقطاع.
وإزاء ضخامة هذا العدد قطع الاحتلال الاتصال بينهم وبين المناطق العربية في الداخل، ووضع حواجز بينهم وبين السلطات التي كانت تتولى أمورهم هناك فجعل حياتهم أصعب، ولكنه أثار فيهم وطنيتهم الفلسطينية في الوقت نفسه؛ وهو ما جعل "العمل الدافع" هدراً للوقت بالنسبة إلى سلطات الاحتلال؛ فأسقطوه وأهملوه، وبقيت لهم سياسة ذات بعدين مترابطين؛ يكمل أحدهما الآخر.
وهكذا فإن من ضمن "امتناعهم عن العمل"، أو تركهم الأمور تجري على غواربها، إنهم أبقوا على كثير من الأنظمة والقوانين التي كانت مرعية الإجراء في الضفة الغربية في الإدارة والتعليم (القوانين والمناهج الأردنية) وفي غزة (القوانين والمناهج المصرية)، ولكنهم أقدموا في الوقت نفسه على "الردع" بحزم وتشّدد. ومن هذا القبيل ما يذكر أن عدد الأوامر الصادرة عن الحكم العسكري بلغ حوالي 1100 أمر عسكري جاءت تضيف أو تدخل بعض التعديلات على القوانين السابقة السارية المفعول في مختلف الميادين ومنها ميادين التربية والتعليم.(1)
ولقد غطت الإجراءات الرادعة جميع مجالات التربية والتعليم. ولم تكن سلطات الاحتلال تقدم على عمل تطويري، وكانت دائماً مسبوقة بالفعل النابت من واقع شعبي متحرك، وكان عليها أن تستجيب برد الفعل الرادع، من محاولتها تنقية الكتب المدرسية والمناهج من كل ما اعتبرته ضاراً بمصلحتها، إلى إغلاق المدارس والجامعات واعتقال الطلاب والمعلمين، وحجب الترفيع والترقية عن المعلمين، والحوؤل دون مساعي التحسين في نوعية التعليم وانتشاره، وحصر الدخول إلى الجامعات، وغيرها من الإجراءات التي ستكون موضع اهتمامنا بعد قليل. ولكن لابد لنا قبل ذلك من رسم الإطار العام التاريخي والبشري لهذه الإجراءات، فمن هم سكان الضفة والقطاع؟ و ما هي الجهات التي تولت تعليمهم؟ وما الذي جعل وضعهم متحركاً، وأعطاه قوة الاندفاع، ووضع سلطات الاحتلال فيما بعد في موقف اللجوء إلى الإجراءات الرادعة؟
2- الفلسطينيون في الضفة الغربية والقطاع:
لعل الجواب على هذه الأسئلة يبدأ بالأرقام، فمن المعروف أن الضفة الغربية ضمت إلى الضفة الشرقية بعد نكبة عام 1948، وأصبحت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية، كما أن قطاع غزة وضع في عهدة الحكم المصري.
نقدم في الجدول رقم (1) إحصاءات تعود إلى ما قبل حرب 1967 مأخوذة من مصدرين، الأول وزارة التربية الأردنية، والثاني وكالة غوث اللاجئين. ونشير إلى أن المصدرين لا يعطيان إحصاءاتهما مصنفة إلى ضفة شرقية وأخرى غربية. فإحصاءات الوزارة تعطي أرقامها للمملكة بكاملها ثم تقدم تفصيلات بحسب اللواء. وعلى هذا جمعنا الأرقام العائدة للألوية الثلاثة، القدس ونابلس والخليل، واعتبرنا أن هذه تشمل المناطق التي وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وأصبحت تعرف بالضفة الغربية؛ وأما إحصاءات الوكالة فلا تصنف أرقامها بحسب المنطقة، وإنما تعطيها "للأردن" ككلّ. وعلى افتراض أن معظم أنشطة الوكالة هي في الضفة الغربية فقد اعتبرنا أن الأرقام التي تعود إلى الأردن هي في معظمها للضفة الغربية. وعلى هذا رتبنا المعلومات بالشكل المقدم في الجدول رقم (1)، وهو يوفر لنا فرصة طيبة للمقابلة والمقارنة.
ونلاحظ من الجدول رقم (1) أن نصيب الضفة الغربية من التعليم بين العام 1956/ 1957 وعام 1963/ 1964 كان يفوق نصف مجموع الطلاب في المملكة، وهو مقارب لما يشكله سكان الضفة من مجموع سكان المملكة، وذلك بدون أن نغفل عدم الثبات في هذه النسب وانخفاضها في العام الأخير 1963/1964. وبلمحة سريعة إلى القسم الأيسر من الجدول.
الجدول رقم (1) أعداد الطلاب المعطاة للأردن في إحصاءات وكالة الغوث بالمقارنة مع أعداد الطلاب في إحصاءات وزارة التربية الأردنية (وأعداد السكان) لكامل المملكة الأردنية، ولألوية الضفة الغربية الثلاثة (القدس ونابلس والخليل) من 1956/ 1957 إلى 1963/1964. (الأعداد بالمئات)
1956 / 1957 إحصاءات وزارة التربية الأردنية |
||||||||||||||
|
المملكة بكاملها |
|
الألوية الثلاثة في الضفة |
|
|
إحصاءات وكالة الغوث (الأردن) |
|
|||||||
|
رياض أطفال وابتدائي |
متوسط وثانوي |
المجموع |
% |
رياض أطفال وابتدائي |
متوسط وثانوي |
المجموع |
% |
الضفة من المملكة% |
ابتدائي |
متوسط وثانوي |
المجموع |
% |
|
حكومي |
1.327 |
344 |
1.671 |
66.1 |
743 |
210 |
953 |
66.4 |
57.0 |
212 |
80 |
292 |
33.8 |
|
وكالة |
453 |
48 |
501 |
19.8 |
273 |
36 |
309 |
21.5 |
61.7 |
438 |
48 |
486 |
56.3 |
|
خاص |
306 |
49 |
355 |
14.1 |
144 |
29 |
173 |
12,1 |
48.7 |
73 |
13 |
86 |
9.9 |
|
مجموع الطلاب |
2.086 |
441 |
2.527 |
100 |
1.160 |
275 |
1435 |
100 |
56.8 |
723 |
141 |
864 |
100 |
|
مجموع السكان |
- |
- |
14.905 |
- |
- |
- |
- |
- |
55.5 |
- |
- |
- |
- |
|
1960/ 1961 |
||||||||||||||
حكومي |
1.522 |
410 |
1.932 |
68.6 |
776 |
224 |
1000 |
67.8 |
51.8 |
169 |
87 |
256 |
31.0 |
|
وكالة |
402 |
83 |
485 |
17.2 |
226 |
56 |
282 |
19.1 |
58.1 |
397 |
82 |
479 |
58.1 |
|
خاص |
321 |
77 |
398 |
14.2 |
146 |
47 |
193 |
13.1 |
48.5 |
73 |
17 |
90 |
10.9 |
|
مجموع الطلاب |
2.245 |
570 |
2.815 |
100 |
1.148 |
327 |
1.475 |
100 |
52.4 |
639 |
186 |
825 |
100 |
|
مجموع السكان |
- |
- |
17.249 |
- |
- |
- |
- |
- |
54.7 |
- |
- |
- |
- |
|
1963/ 1964 |
||||||||||||||
حكومي |
1.833 |
618 |
2.451 |
66.6 |
889 |
313 |
1.202 |
66.8 |
49.1 |
156 |
117 |
273 |
29.0 |
|
وكالة |
603 |
91 |
694 |
18.9 |
333 |
53 |
386 |
21.4 |
55.6 |
519 |
92 |
611 |
64.8 |
|
خاص |
433 |
113 |
536 |
14.5 |
139 |
73 |
212 |
11.8 |
39.6 |
35 |
24 |
59 |
6.2 |
|
مجموع الطلاب |
2.859 |
822 |
3.681 |
100 |
1.361 |
439 |
1.800 |
100 |
48.9 |
710 |
233 |
943 |
100 |
|
مجموع السكان |
- |
- |
18.605 |
- |
- |
- |
8.751 |
- |
47.0 |
- |
- |
- |
- |
* المصدر: إحصاءات الوزارة مجمعة من التقارير السنوية العائدة إلى السنوات المذكورة في هذا الجدول والصادرة عن وزارة التربية والتعليم في المملكة الأردنية الهاشمية، إحصاءات الوكالة مجمعة من الكتب الإحصائية السنوية الصادرة عن الأونروا/اليونسكو للسنوات المذكورة في الجدول.
وهو يلخص الإحصاءات المقدمة من وكالة الغوث للطلاب المسجلين في سجلاتها أو الذين يتلقون عوناً منها، نلاحظ أن عدد هؤلاء كان أقل بكثير من عدد الطلاب المغطى في إحصاءات وزارة التربية، ويشكل حوالي النصف تقريباً من مجموع طلاب الضفة، أو الثلث إذا أخذنا طلاب المملكة كلهم.
ولا ننسى بالطبع أن الطلاب الفلسطينيين ليسوا في الضفة الغربية فقط، وإنما بعضهم يدرس في الضفة الشرقية كذلك، وبالرغم من أن إحصاءات الوزارة الملخصة في الجدول رقم (1) لا تعطي رقماً بعدد هؤلاء فالأرجح أن عددهم في الضفة الشرقية لم يكن يقل عن ربع المجموع هناك، باعتبار أن عدد السكان الفلسطينيين من مجموع سكان الضفة الشرقية كان في حدود الربع، وذلك قبل حرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية، ونزوح المزيد من الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية؛ الأمر الذي يعني أن حوالي ثلثي مجموع الطلاب على الأقل في المملكة بضفتيها كانوا من الفلسطينيين، وأن معظم هؤلاء (حوالي الثلثين كما يظهر من الجدول) كانوا يدرسون في مدارس الحكومة؛ لا في مدارس وكالة الغوث أو سواها، كما قد يكون تبادر إلى الذهن من مراجعاتنا في القسم الأول من هذه الدراسة.
وهذه الخلاصة الأخيرة التي نستمدها من الجدول رقم (1) على جانب كبير من الأهمية. فهي تعني أن تعليم الفلسطينيين كان جزءاً من التعليم العام في المملكة خاضعاً لسياسة الحكومة وسلطتها كتعليم بقية المواطنين. وعندما نتذكر أن مدارس الوكالة التزمت بسياسة الحكومة ومناهجها في التعليم؛ نستخلص بسرعة أن تعليم الفلسطينيين في المملكة بضفتيها كان تعليماً أردنياً.
ولعله ليس في هذه الخلاصة من جديد. فمن الطبيعي أن يكون تعليم أبناء الضفة الغربية تابعاً لسياسة الحكومة بعد أن ضمت هذه الضفة إلى الأردن. ولعل كل الجديد في الجدول رقم (1) أنه يعرض صورة إحصائية مفصلة نستخلص منها ما كان عليه حجم الجسم الفلسطيني بالنسبة إلى مجموع الطلاب في المملكة، كما أنه يوفر الفرصة للنظر في أنواع المدارس التي يتلقون العلم فيها.
ولقد تغيرت الأوضاع كلية في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب 1967، إلا أن الصورة الأنفة الذكر عن أنواع المدارس التي كان الفلسطينيون يقصدونها للتعلم لم تتغير كثيراً، فبقي معظمهم يدرس في مدارس الحكومة. والجدول رقم (2) يبين توزيع الطلاب في الضفة الغربية، كما يصور الجدول رقم (2) توزيعهم في قطاع غزة في سنوات حديثة العهد توفرت عنها إحصاءات.
والملاحظة الأولى التي نستمدها من الجدولين أن أعداد الطلاب المشمولين بإحصاءات الوكالة شكلت في مطلع الثمانينات حوالي ربع مجموع الطلاب في الضفة الغربية، أي أن نسبة الذين يدرسون في الضفة الغربية في مدارس الوكالة انخفضت كثيراً في الثمانينات عما كانت عليه قبل العام 1967، كما انخفضت بمعدلات أكبر نسبة الذين كانوا يدرسون في المدارس الخاصة. وفي مقابل هذا ارتفعت نسبة الذين يدرسون في مدارس الحكومة وأصبحت ثمانين بالمائة من المجموع في العام 1983/ 1984.
والملاحظة الثانية أن الوضع في قطاع غزة مختلف كثيراً؛ فالطلاب المشمولون بإحصاءات الوكالة، مازالوا يمثلون ثلثي المجموع، ولكن اللافت أن إحصاءات الوكالة تظهر أن نسبة المسجلين من طلابها في مدارس الحكومة قد ارتفعت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ. ولا تتوفر لنا من أجل المقارنة إحصاءات عن قطاع غزة من مصادر غير مصادر الوكالة للسنوات السابقة للعام 1967.
إن الصورتين اللتين يقدمهما الجدولان (2) و(3) متشابكتان وتستدعيان القراءة المتأنية؛ لأن إحصاءات الوكالة تشمل طلاباً في مدارس الحكومة، كما أن إحصاءات المنظمة تشمل طلاب الوكالة. ولكن بالرغم من هذا التشابك؛ فإن الخلاصة التي لابد أن نستقر عليها هي أن تعليم الفلسطينيين هو في معظمه تعليم "حكومي"، وأن هذا كان صحيحاً قبل العام 1967 ومازال صحيحاً بعده، وأن أعداد الفلسطينيين الذين يقعون ضمن نطاق هذا التعليم، قد ازدادت بشكل لافت بعد حرب 1967 واحتلال الضفة والقطاع، الأمر الذي يعني أن الاتجاه لصبغه بالصبغة الحكومية سار قدماً تبعاً لذلك.
وفي ضوء هذه الخلاصة؛ لابدّ أن يتركز الاهتمام على ما أصاب تعليم الفلسطينيين من تأثيرات ضخمة بسبب انتقال تعليمهم من يد حكومة ما قبل العام 1967 إلى يد حكومة أخرى بعدها. والحكومة في كلتا الحالتين لم تكن فلسطينية، مع الاختلاف الشاسع والجذري بين المرحلتين، فالأولى عربية شقيقة والأخرى سلطات عدو مغتصب.
الجدول رقم (2) أعداد الطلاب في الضفة الغربية في إحصاءات وكالة الغوث وفي إحصاءات منظمة التحرير الفلسطينية، موزعة حسب المرحلة والجهة المشرفة من 1977/ 1978 إلى 1983/1984 (الأعداد بالمئات)
1977/1978 |
||||||||||||
|
إحصاءات منظمة التحرير |
|
إحصاءات وكالة الغوث |
|
نسبة الوكالة (%) |
|
||||||
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
|
ابتدائي |
1.186 |
248 |
152 |
1.586 |
116 |
270 |
12 |
398 |
9.8 |
108.9 |
14.5 |
25.1 |
متوسط |
392 |
90 |
25 |
507 |
49 |
100 |
- |
149 |
12.5 |
111.1 |
0 |
29.4 |
ثانوي |
243 |
7 |
40 |
290 |
57 |
- |
- |
57 |
23.5 |
0 |
0 |
19.7 |
مجموع |
1.821 |
345 |
217 |
2.383 |
222 |
370 |
12 |
604 |
12.2 |
107.2 |
5.5 |
25.3 |
% |
76.4 |
14.5 |
9.1 |
100 |
36.8 |
61.3 |
1.9 |
100 |
- |
- |
- |
- |
1980/ 1981 |
||||||||||||
ابتدائي |
1.298 |
282 |
72 |
1.652 |
123 |
284 |
12 |
419 |
9.5 |
100.7 |
16.7 |
25.4 |
متوسط |
423 |
103 |
21 |
547 |
51 |
106 |
- |
157 |
12.1 |
102.1 |
0 |
28.7 |
ثانوي |
321 |
- |
31 |
352 |
76 |
- |
- |
76 |
23.7 |
0 |
0 |
21.6 |
مجموع |
2.042 |
385 |
124 |
2.551 |
250 |
390 |
12 |
652 |
12.2 |
101.3 |
9.7 |
25.6 |
% |
80.00 |
15.1 |
4.9 |
100 |
38.3 |
59.8 |
1.8 |
100 |
- |
- |
- |
- |
1983/ 1984 |
||||||||||||
ابتدائي |
1.369 |
281 |
77 |
1.727 |
120 |
283 |
13 |
416 |
8.7 |
100.7 |
16.9 |
24.1 |
متوسط |
460 |
108 |
27 |
595 |
52 |
113 |
- |
165 |
11.3 |
104.6 |
0 |
27.8 |
ثانوي |
294 |
- |
36 |
330 |
67 |
- |
- |
67 |
22.8 |
0 |
0 |
20.2 |
مجموع |
2.123 |
389 |
140 |
2.652 |
239 |
396 |
13 |
648 |
11.3 |
101.8 |
9.3 |
24.4 |
% |
80.0 |
14.7 |
5.3 |
100 |
36.9 |
61.1 |
2.0 |
100 |
- |
- |
- |
- |
* المصدر: إحصاءات منظمة التحرير الفلسطينية مجمعة من النشرات الإحصائية التعليمية للضفة الغربية وقطاع غزة، وهي صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء في دمشق للسنوات المذكورة في الجدول، نقلاً عن النشرة الإحصائية السنوية للمناطق المحتلة الصادرة عن مركز الدراسات الريفية، جامعة النجاح، نابلس. وإحصاءات الوكالة مجمعة من الكتب الإحصائية السنوية الصادرة عن الأونروا/ اليونسكو للسنوات المذكورة في الجدول.
2. ملامح التطور قبل احتلال عام 1967:
كانت السياسة المتبعة قبل العام 1967 هي سياسة الدمج والتوحيد بين سكان الضفتين في إطار المملكة الأردنية الهاشمية، مع الحرص الشديد على معاملة المواطنين في الضفتين بالتساوي في الحقوق والواجبات في كل الأمور، ومنها أمور التربية. وقد بلغ هذا الحرص أحياناً حداً بدت الأمور معه أن سكان الضفتين في الواقع شعب واحد في مملكة واحدة منذ زمان طويل. وكانت كل المحاولات والجهود تجري على هذا المنوال، ولكن واقع الأمور كان يتطور باتجاه أصبحت معه مدينة عمان عاصمة الاستقطاب من النواحي السياسية والإدارية والاقتصادية والثقافية، وهو ما قلص من أهمية مدن الضفة الغربية وجعلها تتطلع باتجاه الداخل(عمان) بعد أن كانت من قبل تتجه باتجاه الساحل (المدن الفلسطينية على ساحل البحر المتوسط).
وقد كان لكل ذلك انعكاس على أوضاع التربية؛ فحظيت الضفة الغربية بنصيبها أو أكثر من التطور الذي أحرزته المملكة كلها في السنوات الأولى بعد النكبة، ولكن هذا النصيب أخذ يقل في السنوات التالية. والجدول رقم (4) يوضّح هذا التطور في نطاق التعليم الحكومي، فنجد من جهة تحسناً ملموساً في السنوات الواقعة بين 1954/ 1955 و 1964/ 1965 في معدلات التعليم في الضفة بكاملها كما في مجمل المملكة، وعلى صعيد تعليم البنات في مقابل تعليم البنين بشكل خاص، وفي المراحل الدراسية العليا، أي المتوسط والثانوي في مقابل الابتدائي، كما نجد من جهة ثانية تباطؤاً في وتيرة التحسّن في الضفة الغربية في العام 1964/1965 عّما كانت عليه الحال في العام 1954/ 1955. والدلائل على ذلك كثيرة في الجدول رقم (4). ويمكن أن تلاحظ في الجهة اليسرى منه حيث يعطى النصيب المئوي الخاص بالضفة من مجموع ما أصاب المملكة، كما تلاحظ في الجزء الأسفل من الجدول؛ حيث تعطي النسب المئوية لحركة التزايد في الضفة في مقابل ماكان يحصل في المملكة بكاملها.
الجدول رقم (3) أعداد الطلاب في قطاع غزة في إحصاءات وكالة الغوث وفي إحصاءات منظمة التحرير الفلسطينية، موزعة حسب المرحلة والجهة المشرفة من 1977/ 1978 إلى 1983/1984 (الأعداد بالمئات)
1977/1978 |
||||||||||||
|
إحصاءات منظمة التحرير |
|
إحصاءات وكالة الغوث |
|
نسبة الوكالة (%) |
|
||||||
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
حكومي |
وكالة |
خاص |
المجموع |
|
ابتدائي |
1.186 |
248 |
152 |
1.586 |
116 |
270 |
12 |
398 |
9.8 |
108.9 |
14.5 |
25.1 |
متوسط |
392 |
90 |
25 |
507 |
49 |
100 |
- |
149 |
12.5 |
111.1 |
0 |
29.4 |
ثانوي |
243 |
7 |
40 |
290 |
57 |
- |
- |
57 |
23.5 |
0 |
0 |
19.7 |
مجموع |
1.821 |
345 |
217 |
2.383 |
222 |
370 |
12 |
604 |
12.2 |
107.2 |
5.5 |
25.3 |
% |
76.4 |
14.5 |
9.1 |
100 |
36.8 |
61.3 |
1.9 |
100 |
- |
- |
- |
- |
1980/ 1981 |
||||||||||||
ابتدائي |
1.298 |
282 |
72 |
1.652 |
123 |
284 |
12 |
419 |
9.5 |
100.7 |
16.7 |
25.4 |
متوسط |
423 |
103 |
21 |
547 |
51 |
106 |
- |
157 |
12.1 |
102.1 |
0 |
28.7 |
ثانوي |
321 |
- |
31 |
352 |
76 |
- |
- |
76 |
23.7 |
0 |
0 |
21.6 |
مجموع |
2.042 |
385 |
124 |
2.551 |
250 |
390 |
12 |
652 |
12.2 |
101.3 |
9.7 |
25.6 |
% |
80.00 |
15.1 |
4.9 |
100 |
38.3 |
59.8 |
1.8 |
100 |
- |
- |
- |
- |
1983/ 1984 |
||||||||||||
ابتدائي |
1.369 |
281 |
77 |
1.727 |
120 |
283 |
13 |
416 |
8.7 |
100.7 |
16.9 |
24.1 |
متوسط |
460 |
108 |
27 |
595 |
52 |
113 |
- |
165 |
11.3 |
104.6 |
0 |
27.8 |
ثانوي |
294 |
- |
36 |
330 |
67 |
- |
- |
67 |
22.8 |
0 |
0 |
20.2 |
مجموع |
2.123 |
389 |
140 |
2.652 |
239 |
396 |
13 |
648 |
11.3 |
101.8 |
9.3 |
24.4 |
% |
80.0 |
14.7 |
5.3 |
100 |
36.9 |
61.1 |
2.0 |
100 |
- |
- |
- |
- |
* المصدر: إحصاءات منظمة التحرير الفلسطينية مجمعة من النشرات الإحصائية التعليمية للضفة الغربية وقطاع غزة، وهي صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء في دمشق للسنوات المذكورة في الجدول، نقلاً عن النشرة الإحصائية السنوية للمناطق المحتلة الصادرة عن مركز الدراسات الريفية، جامعة النجاح، نابلس. وإحصاءات الوكالة مجمعة من الكتب الإحصائية السنوية الصادرة عن الأونروا/ اليونسكو للسنوات المذكورة في الجدول.
الجدول رقم (4) أعداد الطلاب في التعليم الرسمي في كامل المملكة وفي ألوية الضفة الغربية للعامين 1954/ 1955 إلى 1964/1965 حسب المراحل وبالمقارنة مع عدد السكان، مع النسب المئوية ونسب الزيادة 1954/1955 (الأعداد بالمئات)
|
المملكة بكاملها |
ألوية الضفة الغربية |
الألوية في المملكة كلها (%) |
|||||||
بنين |
بنات |
مجموع |
بنين |
بنات |
مجموع |
بنين |
بنات |
مجموع |
||
ابتدائي |
869 |
296 |
1.165 |
517 |
184 |
107 |
59.5 |
62.2 |
60.2 |
|
متوسط |
146 |
30 |
176 |
98 |
18 |
115 |
67.1 |
58.3 |
65.6 |
|
ثانوي |
24 |
6 |
30 |
16 |
4 |
20 |
67.4 |
65.5 |
67.0 |
|
مجموع الطلاب |
1039 |
332 |
1371 |
631 |
206 |
836 |
60.7 |
61.9 |
61.0 |
|
مجموع السكان |
7.136 |
6.890 |
14.026 |
3.941 |
3.882 |
7.823 |
55.2 |
56.3 |
55.8 |
|
% الطلاب للسكان |
14.6 |
4.8 |
9.8 |
16.0 |
5.3 |
10.7 |
- |
- |
- |
|
1964/ 1965 |
||||||||||
ابتدائي |
1.192 |
760 |
1.952 |
566 |
386 |
952 |
47.5 |
50.1 |
48.8 |
|
متوسط |
340 |
128 |
468 |
172 |
60 |
232 |
50.6 |
46.9 |
49.6 |
|
ثانوي |
174 |
53 |
227 |
98 |
27 |
125 |
56.3 |
50.9 |
54.4 |
|
مجموع الطلاب |
1.706 |
941 |
2.647 |
836 |
473 |
1.309 |
49.0 |
50.3 |
49.4 |
|
مجموع السكان |
9.881 |
9.474 |
19.354 |
4.525 |
4.567 |
9.092 |
45.8 |
48.2 |
47.0 |
|
% الطلاب للسكان |
17.3 |
9.9 |
13.7 |
18.5 |
10.4 |
14.4 |
- |
- |
- |
|
معدل الزيادة السنوية في السنوات العشر |
||||||||||
الابتدائي |
3.9 |
15.7 |
6.8 |
1.0 |
11.0 |
3.6 |
||||
متوسط |
13.3 |
32.7 |
16.6 |
7.6 |
23.3 |
10.2 |
||||
ثانوي |
62.5 |
78.3 |
66.0 |
51.3 |
57.3 |
52.0 |
||||
مجموع الطلاب |
6.4 |
18.3 |
9.3 |
3.3 |
13.0 |
5.6 |
||||
% |
3.9 |
3.8 |
3.8 |
1.5 |
1.8 |
1.6 |
المصدر: الأرقام مستخلصة من كتابي الإحصاءات التربوية الصادرين عن وزارة التربية والتعليم الأردنية 1954/1955 و1964/1965.
وبالرغم من كل هذا فإن ما أصاب الضفة الغربية وفلسطينييها من التعليم في مدارس الحكومة لم يكن مختلفاً كثيراً عمّا أصاب جميع مواطني المملكة. فالقوانين والتشريعات كانت تشمل الجميع بدون استثناء، وكانت أبواب المدارس والمعاهد المنشأة تباعاً في هذه الفترة تفتح أو تغلق في وجه المواطنين بدون تمييز كبير بين من كان منهم من سكان الضفة الغربية أو من الضفة الشرقية. وكانت الجامعة الأردنية من أهم المؤسسات التي جرى افتتاحها في هذه الفترة في عمان (عام 1962). وفي الضفة الغربية كان التطور البارز هو تحول مدرسة بير زيت بالتدرج إلى معهد فوق ثانوي (1953 - 1971) ثم إلى جامعة 1972. كما تم في العام 1965 افتتاح معهد لإعداد المعلمين في مدرسة النجاح الوطنية في نابلس، وهو ماوفّر لها أساساً لتتحول هي أيضاً إلى جامعة فيما بعد 1976.
وأما من ناحية القوانين فإن أهم ما صدر منها في هذه الفترة كان القانون رقم 16 (1964) المعروف بقانون التربية و التعليم.
وقد أقر في أحد بنوده إلزامية التعليم للسنوات التسع الأولى، أي على امتداد المرحلتين الابتدائية والمتوسطة لجميع الأولاد. وكانت تهدف إلى تطوير البلاد والدفع بعجلة التقدم لصالح الجميع على هدي سياسة الجمع والتوحيد بين الضفتين. إلا أن كل ذلك تغيّر مع نشوب حرب 1967 وانتقال السلطة من يد الحكومة الأردنية إلى يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي. فما الذي فعلته يد الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 1967؟
4- إجراءات الاحتلال وتطبيقاتها التربوية:
بعد حرب 1967 مباشرة أصدر الحاكم العسكري في الضفة الغربية الأمر العسكري رقم (2) المتعلق بتولي الجيش الإسرائيلي السلطة والقضاء. وتنصّ الفقرة الثانية من الأمر المذكور على أن "القوانين التي كانت قائمة في المنطقة بتاريخ 28 أيار 5727 (7حزيران /يونيو 1967) تظل نافذة المفعول بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع هذا المنشور أو أي منشور أو أمر يصدر عنه أو تتعارض مع التغييرات الناجمة عن احتلال جيش الدفاع الإسرائيلي للمنطقة.(2)
ولقد أمن هذا الإجراء لسلطات الاحتلال ما أرادت وأعطاها الغطاء القانوني لتمارس سياستها بدون أن تتحمل العواقب. فالمحتلون لم يقدموا على بسط القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية وبقية المناطق المحتلة؛ الأمر الذي يعادل الضمّ. ولكنهم "عندما يشترعون لهذه المناطق يلجئون إلى تغطية مخادعة، إذ يخرجون القوانين التي يرغبون فيها باعتبارها تعديلات في إطار القانون الأردني نفسه (3)، وهكذا يتجنبون المواقف المحرجة ويصلون في الوقت نفسه إلى ما يبغون. وعلى هذا الأساس قام الحاكم العسكري عندما تولّى سلطة وزير التربية الأردنية بموجب الأمر العسكري رقم (91) بتفويض هذه السلطة إلى ضابط الجيش الإسرائيلي، مع كامل الصلاحيات بأن يمارس مهمات وزير التربية المنصوص عليها في القوانين الأردنية، وإدخال ما يراه مناسباً من التعديلات عليها.
وقد أدى هذا الإجراء ( العمل تحت ستار القوانين الأردنية السابقة في الضفة|، والمصرية السابقة في القطاع)، إلى خلق ثنائية في التعليم أفقدته توازنه واندفاعه، إذ أنه أبقي على البنية أو الهيكلية القديمة، بينما وضعت المدارس والميزانيات ومجريات الأمور تحت سلطة الاحتلال. ومن هذا القبيل أن الطلاب في الضفة الغربية استمروا في الجلوس لامتحانات الشهادة التوجيهية الأردنية، وحدد لإدارة هذه الامتحانات مركز في نابلس، كما فعل ذلك طلاب القطاع بالنسبة إلى امتحانات التوجيهية الأردنية، وحدد لإدارة هذه الامتحانات مركز في نابلس، كما فعل ذلك طلاب القطاع بالنسبة إلى امتحانات التوجيهية المصرية التي تجري في غزة، وقد استمر المعلمون الذين عينوا في الضفة الغربية قبل الاحتلال يتقاضون معظم الذين عينوا بعد الاحتلال رواتبهم من مخصصات (وزارة الدفاع) للمناطق المحتلة، وهؤلاء هم عادة من صغار المعلمين وعليهم مسؤوليات إعالة عائلات، ويقعون تحت ضغط مالي كبير بسبب انخفاض القيمة الشرائية للعملة الإسرائيلية، ولاسيما أن رواتبهم ليست مرتبطة بسلم ارتفاع الأسعار كما هي الحال بالنسبة إلى المعلمين الاسرئيليين.
وبعد إصدار الأوامر كانت الخطوات الإجرائية الأولى التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال من النوع الإداري لإحكام السيطرة؛ فتم تقسيم مناطق الضفة والقطاع إلى إدارات تربوية يرأس كلاً منها موظف عربي يكون مسئولا أمام الضابط في الجيش الإسرائيلي الذي تعود إليه صلاحيات وزير التربية بالتفويض. ويعرف هذا الضابط في الأوامر والتوجيهات العسكرية بـ "الضابط المشرف"، وهو في الحقيقة الحاكم العسكري المختص بالشؤون التربوية، ولا يُحل أمر في التربية بدون موافقته.
ولعله بالإمكان شرح مجمل السياسة التي رعتها وأشرفت على تطبيقها سلطات الاحتلال بقيادة "الضابط المشرف" بأمثلة مأخوذة من ميدانيين رئيسين، الأول متعلق بالتعديلات الجارية على الكتب المدرسية، وعلى كل ما يتعلق بمضمون التعليم، والثاني متعلق بقمع كل الأنشطة أو التحركات التي اعتبرتها السلطات منافية لمصالحها.
أ- التعديلات على المضمون: أشرنا من قبل عند حديثنا عن وكالة الغوث إلى الصعوبات التي واجهتها الوكالة بصدد استعمالها الكتب المدرسية المقررة في الضفة والقطاع ولجوئها إلى المجلس التنفيذي لليونسكو لتذليل هذه الصعوبات. وبإمكاننا أن نتوسّع هنا فنضيف أن سلطات الاحتلال أصدرت في التاسع من آب / أغسطس 1967، أي بعد شهرين من الحرب، أمراً يقضي بمنع استعمال 78 كتاباً من أصل 121 كتاباً مقرراً استعمالها من قبل وزارة التربية الأردنية. وقد أثار هذا الإجراء في حينه ردود فعل عنيفة من قبل المعلمين وإضرابات وإغلاق مدارس؛ الأمر الذي حدا بسلطات الاحتلال في نهاية الأمر أن تعيد النظر بقرارها وتسمح بإعادة طبع 59 كتاباً من الـ 78 التي منعتها، ولكن بعد إدخال تعديلات عليها تناولت حذف بعض العبارات والفصول منها(4)؛ بحجة أنها "تحرض على كراهية "إسرائيل". ولكن نظرة فاحصة إلى تلك التعديلات تظهر أن سلطات الاحتلال قد أخذت في اعتبارها كل ما يساعد الطالب العربي على الاعتزاز بتاريخه وبانتمائه إلى حضارة أو وطن، أو يدخل إلى قلبه الرغبة في الدفاع عن هذا الوطن على أنة يدخل ضمن ما أسمته التحريض على كراهية إسرائيل. وستكون الأمثلة على ذلك طويلة جداً إذا أردنا أن نقدّم نماذج عمّا أقدمت عليه هذه السلطات في مجال الحذف. ولعل الأيسر من ذلك، والأكثر دلالة تقديم بعض الأمثلة على الاستبدالات التي أجرتها في الكلمات والفقرات التي اعتبرتها تحرض على الكراهية. ومن ذلك:
أن كلمة الوطن العربي حذفت من جميع الكتب واستبدلت بـ " البلاد العربية"، وحذفت جميع الجمل المتعلقة بالاحتلال الاستعماري ومقاومة العرب للصليبين، ودفاع صلاح الدين عن فلسطين، واستبدل السؤال "أين يقع قبر صلاح الدين؟" بـ "أين يقع البحر الأبيض المتوسط""، كما استبدلت العبارة " دافع أجدادنا عن البلاد دفاعا مجيداً" بـ "حافظ أجدادنا على القيم الخلقية و سنحافظ عليها كذلك " و" الوطنية أن تعمل لا أن تقول" بـ " العزم أن تعمل لا أن تقول" و " حافظ على وطنك فإن من لا وطن له لا كرامة له" بـ " حافظ على صحتك فإن من لا صحة له لا عقل له"، و" كم رجل قدم نفسه فداء لوطنه" بـ " كم رجل تسرع في كلامه فندم" و"المجاهدون في سبيل الوطن مخلدون" بـ "المتمسكون بحبل الله فائزون"، و" هؤلاء الجنود هم الذين أنقذوا الوطن" بـ " هؤلاء الأصنام هم الذين عبدهم العرب في جاهليتهم" (5).
وتظهر هذه الاستبدالات بوضوح أن ما سعت سلطات الاحتلال إليه لم يكن مجرد "إزالة الكراهية لإسرائيل"، وإنما إزالة كل شعور عند الطالب العربي بالانتماء والاعتزاز الوطني.
ومن الطريف أن بعض المعلومات التي كانت بحاجة إلى حذف أو تعديل في الكتب لم تحذف أو تعدل عند إعادة الطباعة بالرغم من وضوح الخطأ فيها، وذلك لأنها تدخل إلى ذهن الطالب شعوراً منافياً للاعتزاز بالوطن أو احترامه. ومن هذا ما أشار إليه عميد الطلبة السابق في جامعة بير زيت من أنه حتى في العام 1977 كانت هناك في الضفة كتب مدرسية قيد التداول تصف ليبيا بأنها "مملكة تعتمد على رعاية الجمال كمورد للرزق".(6)
ب- القمع والردع : إن الحذف والاستبدال في نصوص الكتب المدرسية هو بالطبع نوع من القمع أو الردع الذي يهدف إلى ما وصفناه من قبل بالتدجين، ولكنه قمع علاقته المباشرة بالأمور المادية، وتبقى القدرة على التفلت من شباكه أكبر من القدرة على التفلت من الردع الذي علاقته بالبشر. وقمع البشر من طبيعة الاحتلال العسكري، ولعله يبلغ بالنسبة إلى من يمارس منهم حياته في قطاع التعليم أشرس درجاته. وهذا بالطبع باستثناء من يعمل منهم في نطاق المقاومة العسكرية. والقمع هنا موجه إلى كلتا الفئتين: الطلاب، والمعلمين ومن يقوم منهم بمسؤوليات إدارية. ويصيبهم في أحيان كثيرة في جسدهم، كالسجن والتوقيف ومنع التنقل والضرب والنفي خارج البلاد، وحتى القتل، كما يصيبهم في دائرة العمل التي يتحركون داخلها، كإغلاق المدارس وإتلاف الوسائل والأجهزة وفرض الضرائب وخفض الرواتب وغير ذلك من الأمور المشابهة.
وسجل الاحتلال الإسرائيلي مليء بمثل هذه الأعمال التي تكاد لاتخلو الصحافة اليومية من أخبارها. ويقول عميد الطلبة السابق في جامعة بيرزيت:" إنه لأمر شبه مستحيل لمن لايغادر الضفة الغربية أن يتصور أن الحياة الأكاديمية يمكن أن تكون خالية من السجون أو المظاهرات والضرب والإغلاق والمضايقات"(7)
و يتحدث عن ذكرياته في تلك الجامعة ويذكر كيف تم في العام 1974 طرد رئيسها الدكتور حنا ناصر معصوب العينين إلى لبنان مع أربعة أشخاص آخرين. وأما الجامعة نفسها فقد تعرضت للإغلاق عدة مرات منذ إنشائها، حتى أن فترات الإغلاق بلغت في عام دراسي واحد (1981/ 1982) ستة أشهر كاملة.(8)
وكانت فترة مطلع الثمانينات من أصعب ما مرّ بجامعات الضفة؛ فقد تزامنت مع تعيين البروفسير "مناحم ميلسون" أستاذ التاريخ العربي في الجامعة العبرية في القدس حاكماً مدنياً للضفة. وللبروفسر "ميلسون" كتابات عن التاريخ والشخصية العربية يستخلص منها نصائح عن السياسة الملائمة لإسرائيل في تعاملها مع العرب منها:
" إن السياسة العربية المعاصرة تتجاذبها قوتان مستمدتان من التقاليد الإسلامية: قوة رسولية ذات إطار نظري لآلاف السنين تشدّد على الوحدة والمجد العربيين، وقوة الخضوع لأحكام الضرورة، وبما أن السياسة العربية تراوح بين هذين القطبين، يكون الأحرى بإسرائيل أن تستعمل قوة إكراهية تضطر المسلمين إلى اللجوء إلى الخضوع لأحكام الضرورة.(9)
ولم تسلم من سياسة القمع، أو "الخضوع لأحكام الضرورة" سائر الجامعات أو المعاهد والمدارس؛ فجامعة النجاح، كبرى جامعات الضفة من ناحية عدد الطلاب، وأغلقت لمدة ثلاثة أشهر، من 4/6/1983 إلى 1/9/1983، وبعد ذلك مرات أخرى في أوقات مختلفة، منها يوم 30/7/1984 حين أصدر قائد المنطقة الوسطى أمره بإغلاقها لمدة أربعة أشهر اعتباراً من ذلك اليوم حتى 30/11/1984، ومنع أي عمل بداخلها، فضلاً عن منع وصول الطلبة والأساتذة والعاملين فيها خلال هذه المدة مبرراً هذا الإجراء بما أسماه المحافظة على الأمن والاستقرار.(10) كما أن جامعة بيت لحم أغلقت لأكثر من شهر عام 1983.
وفضلاً عن الإغلاق غالباً ما يوجّه القمع للطلاب مباشرة؛ فيحال دون وصولهم إلى المدارس والجامعات، إذ توضع الحواجز ونقاط التفتيش على الطرق، وتسحب منهم بطاقاتهم المدرسية أو أذونات الإقامة، ويهاجمون بالعصي والهراوات وبالقنابل المسيلة للدموع ويعتقلون، وأحيانا يعذبون ثم يطلق سراحهم بدون توجيه تهمه إليهم، ولاسيما عند قيامهم بالتظاهر وأعداد هؤلاء كبيرة جداً حتى يقدر أن عشرة أو خمسة عشر بالمائة على الأقل من طلاب الضفة الغربية قد تم توقيفهم أو اعتقالهم في وقت من الأوقات.(11) وكثيراً ما تحدث الاعتقالات خلال فترات الامتحانات العامة، كما حدث في العام 1983 عندما تم اعتقال 34 طالباً لفترة أسبوع امتدت من 16 إلى 22 حزيران/يونيو في الوقت الذي كانت امتحانات شهادة التوجيهية تعقد، ثم أطلق سراحهم بدون توجيه تهمة إليهم وبدون تفسير.(12)
ولعل الحدث الذي اهتمت له الصحافة العالمية أكثر من سواه هو الأمر العسكري رقم (854) الصادر في السادس من تموز/يوليو 1980؛ بهدف تقييد الحرية الأكاديمية ووضع الجامعات تحت السلطة العسكرية. وحتى ذلك التاريخ لم تكن سلطات الاحتلال تملك مستنداً قانونياً يمكنها من الرجوع إليه لتتدخل في الشؤون الجامعية - كان بإمكانها أن تتدخل عند قيام مظاهرات أو اضطراب الأمن بحجة إعادة الأمور إلى نصابها، وكانت تفعل ذلك استناداً إلى أوامر عسكرية - ولكن تدخلها في الأمور الأكاديمية يحتاج إلى مستندات لم يمكنها اشتراعها، باعتبار أن القوانين الدولية تحظر على سلطات الاحتلال إصدار التشريعات الجديدة.
ولم تكن القوانين الأردنية الموجودة في هذا النطاق كافية؛ فأقدمت على أخذ القانون الأساسي للتربية والتعليم رقم (16) الصادر عام 1964 وأدخلت عليه تعديلات تجيز لها التدخل. وكان القانون الأردني لعام 1964 مختصاً بالتعليم الابتدائي والثانوي، ومعاهد التعليم ما فوق الثانوي "، شريطة أن تكون فترة الدراسة فيها أقل من أربعة أعوام"؛ فوضع كل هذا التعليم تحت إشراف وزارة التربية، بمعنى أنه ترك لمعاهد التعليم التي تقدم برامج لأربع سنوات وما فوق حرية الإدارة الذاتية التي اعتبرها المشرع الأردني شرطاً للحرية الأكاديمية؛ فجاء التعديل في الأمر العسكري رقم (854) يلغي العبارة التي تشترط أن تكون فترة الدراسة أقل من أربعة أعوام مساوياً بذلك بين الجامعات وأية مدرسة أخرى، كما أنه أعطى الضابط المشرف صلاحية الامتناع عن منح الإذن بالتدريس في جميع المدارس والمعاهد (ومنها الجامعات بعد التعديل)، وذلك استناداً إلى اعتبارات النظام العام، وبعد التشاور مع قائد الشرطة في المنطقة ومع الحاكم العسكري المحلي، كما أعطاه صلاحية "إلغاء إذن التدريس الممنوح لكل من أدين بارتكاب جريمة بموجب قانون الأمن، أو لكل من تم وضعه قيد الحجز الإداري". وأدخل الضابط في بند آخر تعديلاً جديدا ينص على أنه لا يسمح للسكان الإسرائيليين أو الأجانب ممن يدخلون المنطقة العمل كمدرسين أو مدراء في أية مؤسسة تعليمية مالم يحصلوا على تصريح شخصي خطي من جانب الآمر العسكري.(13)
ومن الواضح جدا أن هذا الأمر العسكري قصد إلى إخضاع كل شاردة أو واردة متعلقة بالجامعات إلى مشيئة الحاكم العسكري، وذلك بدون تحميله عناء الدفاع عن هذه المشيئة.فحتى الإسرائيليون الذين يدخلون المنطقة، يقعون تحت رحمة التصريح الشخصي الخطي للعمل كمدرسين"، وهو أمر يقطع الطريق على الاستعانة بعرب من فلسطين المحتلة قبل العام 1948 يحملون الجنسية الإسرائيلية، كما أنه جعل الإذن بالتدريس معرضا للإلغاء بمجرد أن يكون حاملة قد وضع " قيد الحجز الإداري" وعندما نتذكر أن الجنود الإسرائيليين مخولون بإيقاف أي شخص إداريا، حتى وبدون الحاجة إلى توجيه أية تهمة إليه أو اتهامه بأية إساءة... فيصبحون بذلك في عداد الموقوفين إداريا تنطبق عليهم أحكام الأمر العسكري"، عندما نتذكر ذلك نتيقن أن الغاية من الأمر العسكري رقم (854) لم تكن أقل من فرض السلطة المطلقة على كل ما يمت إلى الجامعات بصلة، وذلك لأتفه الأسباب.
ولعله بسبب هذا الجموح في الرغبة في التسلط لم يتمكن هذا الأمر العسكري أن يجد طريقة إلى التنفيذ. وقد شاركت في الاعتراض عليه مجموعات من أساتذة الجامعة العبرية أقدمت على مناقشة علنية للأمر ثم أعلنت رأيها بشكل شهادة توصي بسحب الأمر (854) وإبطاله، لأنه يفتح الباب أمام انتهاك الحرية الأكاديمية.(14)
ولكن بالرغم من تجميد هذا الأمر؛ سعت سلطات الاحتلال إلى بلوغ أهدافها عن طريق آخر، ( مع العلم بأن الأمر جمد ولم يبطل، ويبقى حتى الآن معلقا يمكن إحياؤه)؛ ذلك أنه بعد وقت قصير عادت هذه السلطات ففرضت على كل " أجنبي يتقدم بطلب إذن عمل للتعليم أن يوقع تعهدا ينفي دعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية ويتعهد بعدم تقديم اية مساندة لها، أو لمنظمات " عدائية" مثلها. و" الأجنبي" هنا يعني أي شخص لا يحمل بطاقة الضفة الغربية، بمن فيهم أبناء الضفة الذين كانون في الخارج عندما أعطيت هذه البطاقات في حزيران/ يونيو 1967.
ووفقا لهذا التعريف فإن ربع الأساتذة في جامعة بيرزيت كانوا " أجانب" وفي جامعة النجاح كان 21 أستاذًا من أصل 28 أستاذا ممن يحملون هويات أجنبية في العام 1982، من مواليد الضفة.(15)
وأعلنت سلطات الاحتلال عن عزمها على فرض التوقيع على وثيقة التعهد ابتداء من مطلع العام الدراسي 1982/1983، الأمر الذي أثار موجة احتجاج واسعة في صفوف الأساتذة كان من نتيجتها طرد ثمانية عشر أستاذا من جامعة النجاح إلى الخارج ( إلى الضفة الشرقيةو/ أو لبنان) كان بينهم رئيس الجامعة، الدكتور منذر صلاح ونائبه، وعميدان، وأربعة رؤساء دوائر علمية، كما أمر عشرة من الأساتذة غير الرهبان في جامعة بيت لحم ( التي يديرها جماعة الفرير من الرهبان المسيحيين) بالتوقف عن التدريس، وطرد واحد من الفنيين العاملين في المختبر. وفي جامعة بير زيت طرد ثلاثة أساتذة، ثم عدل الأمر إلى منعهم من التدريس، لكن بالرغم من هذا، لم تتوقف حملات الاحتجاج، وانضم إليها بعض أساتذة الجامعات في ( إسرائيل)، وانتهى الأمر في نهاية المطاف إلى إدخال بعض التعديلات على وثيقة التعهد وجعلها جزءًا من الطلب الذي يتقدم به المستدعي للحصول على إذن عمل.(16)
ج- نتائج عامة: معظم الأمثلة عن أعمال القمع والردع التي قدمناها كانت تدور في نطاق الجامعات؛ لأن الجامعات احتضنت أكثر من أية مؤسسات شرعية أخرى، ربما باستثناء المجالس البلدية، الحلم والأمل السائدين في المناطق المحتلة بقيام إرادة وطنية مستقلة على أرض فلسطين في يوم من الأيام؛ فهذه نشأت في الأساس كمؤسسات خاصة ومستقلة، وبقيت تكافح بعناد دفاعا عن الخصوصية والاستقلال،؛ولهذا السبب عينه تظهر عليها آثار القمع والردع أكثر مما تظهر على التعليم ما قبل الجامعي.
ولا يعني هذا أن التعليم ما قبل الجامعي لم يقع تحت المطرقة، أو أن مقص الرقيب لم يدخله، فلقد حدث هذا كثيرا كما أسلفنا، وبشكل واسع، إلا أن ما أصاب الجامعات كان أكثر إثارة للانتباه لما تشغل هذه من موقع متميز في حياة الناس.
وكانت السياسة المتبعة على صعيد التعليم ما قبل الجامعي هي نفسها: الإهمال والامتناع عن العمل في الحالات التي تدعو إلى التحسين- جنبا إلى جنب مع الردع عندما تتطور الأمور في اتجاه لا ترغب فيه سلطات الاحتلال. وبإمكاننا أن نشرح هذه السياسة في ضوء الأرقام.
الجدول رقم (5) مقارنة تزايد أعداد الطلاب قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعده في المملكة بكاملها وفي الضفة وحدها ( الأعداد بالمئات)
قبل الاحتلال : المملكة بكاملها ( بضفتيها) |
|||||||
|
رياض الأطفال وابتدائي |
الزيادة السنوية(%) |
متوسط وثانوي |
الزيادة السنوية(%) |
المجموع |
الزيادة السنوية(%) |
|
1956/1957 |
2.086 |
- |
441 |
- |
2.527 |
- |
|
1960/1961 |
2.245 |
1.9 |
570 |
7.3 |
2.815 |
2.8 |
|
1963/1964 |
2.859 |
9.1 |
822 |
14.7 |
3.681 |
10.3 |
|
قبل الاحتلال : الضفة الغربية فقط |
|||||||
1956/1957 |
1.160 |
- |
275 |
- |
1.435 |
- |
|
1960/1961 |
1.148 |
-0.3 |
327 |
4.7 |
1.475 |
0.7 |
|
1963/1964 |
1.361 |
6.2 |
439 |
11.4 |
1.800 |
7.4 |
|
بعد الاحتلال المملكة بكاملها (الضفة الشرقية فقط) |
|||||||
1977/1978 |
4.285 |
- |
759 |
- |
5.044 |
- |
|
1980/1981 |
4.740 |
3.5 |
2.524 |
77.5 |
4.264 |
14.7 |
|
1982/1983 |
4.960 |
2.1 |
2.754 |
4.6 |
7.714 |
3.1 |
|
بعد الاحتلال: الضفة الغربية فقط |
|||||||
1977/1978 |
1.586 |
- |
797 |
- |
2.383 |
- |
|
1980/1981 |
1.735 |
3.1 |
899 |
4.3 |
2.634 |
3.5 |
|
1983/1984 |
1.884 |
2.1 |
925 |
1.0 |
2.769 |
1.7 |
*إحصاءات ما قبل الاحتلال مجمعة من التقارير السنوية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في المملكة الأردنية الهاشمية للسنوات المذكورة في الجدول، وكذلك إحصاءات المملكة (الضفة الشرقية) بعد الاحتلال. وأما إحصاءات الضفة بعد الاحتلال فمأخوذة من النشرات الإحصائية التعليمية للضفة الغربية وقطاع غزة الصادرة عن منظمة التحرير الفلسطينية، المكتب المركزي للإحصاء، دمشق للسنوات المذكورة في الجدول.
ونقدم الدليل في الجدول رقم (5) وهو دامغ ومثير، إذ يعطي الجدول معدلات الزيادة في أعداد الطلاب في فترتين زمنيتين، واحدة قبل الاحتلال الإسرائيلي والثانية بعده. وفي القسم المتعلق بما قبل الاحتلال، عندما كانت الضفة الغربية جزءًا من المملكة الأردنية، وضعنا الأعداد جنبا إلى جنب مع الأعداد عن المملكة بكاملها، ثم انتقلنا في القسم الثاني إلى ما بعد الاحتلال ووضعنا الأعداد عن الضفة المحتلة جنبا إلى جنب مع الأعداد عما تبقى من المملكة الأردنية، أي الضفة الشرقية فقط. وقد اخترنا للجدول السنوات البعيدة نوعا ما عن سنوات الحرب؛ لكي لا تتأثر الزيادة بنزوح الطلاب سلبا أو إيجابا.
أننا نجد في الجدول رقم (5) أن نصيب الضفة الغربية قبل الاحتلال كان أقل من نصيب المملكة بكاملها، ولا سيما على مستوى التعليم المتوسط والثانوي. وقد أشرنا إلى هذا من قبل عند حديثنا عن فترة ما بين نكبة اغتصاب فلسطين وكارثة حرب 1967.
ولكن بالرغم من هذا؛ نلاحظ أن نصيب الضفة لم يكن قليلا مطلقا، وأن الزيادة بلغت معدل 11.4% في السنة على مستوى التعليم المتوسط والثانوي في السنوات الثلاث 196/1961-1963 -1964.
وعندما ننتقل إلى فترة ما بعد الاحتلال، نجد أن نصيب الضفة الغربية كان أفضل في السنوات الثلاث الأولى ( بين 1977/1978-1980/1981) مما كان عليه قبل الاحتلال، ولكن على مستوى التعليم الابتدائي فقط، وفي فترة السنتين التاليتين ( 1980/1981-1982/1983 ) انخفض كثيرا عما كانت عليه الحال قبل الاحتلال. والأهم من هذا هو الانخفاض الكبير جدا الحاصل في التعليم المتوسط والثانوي في مقابل ما كانت عليه الحال قبل الاحتلال، وكذلك في مقابل الزيادة الهائلة في التعليم المتوسط والثانوي في الضفة الشرقية، ولاسيما في السنوات الثلاث الأولى بين 1977/1978 و1982/1983.
وليست المقابلات والمقارنات المدرجة هنا بين الضفة المحتلة عام 1967 وفلسطين المحتلة قبل 1967، وهي لا تقارن بين نصيب العرب ونصيب اليهود، كما فعلنا من قبل، بحيث تثير اعتراض المتعصبين من الكتاب اليهود الذين يقولون بأنه لا تجوز مقابلة العرب بالعرب. وهذا بالتمام ما تنطوي عليه المعلومات في الجدول إذ أنها تأخذ العرب وتقارن بين وضعهم الراهن وبين ما كان عليه وضعهم قبل الاحتلال، ثم حالة من هم واقعون تحت الاحتلال وحالة من هم خارجه، والنتائج دامغة ومثيرة.(17)
ثم إن الأعداد القليلة جدا من الطلاب التي يتسنى لها الوصول إلى التعليم الثانوي تجد أن أنواع الاختصاصات المفتوحة أمامها نادرا مات شمل التعليم المهني أو الفني، وأنها في معظمها من النوع الأكاديمي العام.
ومرة ثانية نقدم الدلائل على ما نقول بإجراء المقارنة مع الوضع في الضفة الشرقية، فنستعرض في الدول رقم (6) أعداد الطلاب الذين تقدموا إلى امتحانات الشهادة التوجيهية والناجحين منهم، موزعين حسب الاختصاص في المناطق الثلاث: الضفة الغربية، وقطاع غزة، والمملكة الأردنية ( الضفة الشرقية).
وبالرغم من أن نسبة الطلاب في التعليم المهني قليلة في المملكة، أي في الضفة الشرقية( إذا ما قيست بنسبة الطلاب في(إسرائيل) مثلا، إذ تبلغ حوالي نصف المجموع) فإنها في المملكة أكثر بما يراوح بين مرتين وثلاث مرات مما هي عليه في الضفة الغربية أو في قطاع غزة المحتلين.ولن نخوض طويلا في مسألة الحاجة إلى التعليم المهني والنقص الكبير في هذا الميدان في المناطق المحتلة بشكل خاص.
ويكفينا ما يشهد به أحد المربين الفلسطينيين الذين عانوا الكثير من مصاعب الاحتلال حين يقول، بأن:" المدرسة الرسمية المهنية الوحيدة في الضفة الغربية والمزودة بتجهيزات معقولة هي تلك التي أسستها الحكومة الأردنية قبل الاحتلال في مدينة نابلس".
ثم يضيف أنه:
" في العام 1977 تبرع أحد وجهاء الضفة الغربية من رام اله السيد خليل أبو ريا، ببناء كبير للبلدية؛ فقررت هذه أن تستعمله لإنشاء معهد بوليتكنيك، وكانت الأموال متوفرة وكذلك المهارات العلمية. ولكن الحاكم العسكري اعترض على المشروع،واقترح أن يستعمل البناء كمدرسة ثانوية أكاديمية،ورفض مجلس البلدية باعتبار أن هناك نحو ثماني مدارس من هذا النوع في منطقة رام الله.
ويعقب المربي الفلسطيني على ذلك بالقول:
" ويقف الآن المبني الذي وهب ليستعمل كمدرسة مهنية بدون استعمال، وليس في رام الله أية مدرسة مهنية، والأنكى من ذلك أنه لم يعد هناك اليوم في رام الله مجلس بلدية".(18)
ويبقي أن نؤكد هذا الكلام فنقول: إن التعليم الزراعي هو الاختصاص الأكثر تأثرا بالإهمال حتى أن عدد الطلاب الذين يدخلون هذا الميدان على المستوى الثاني يكاد لا يتجاوز عدد الأيام في الشهر الواحد.(19) وكأن هناك إمعانا في سلخ الناشئة الفلسطينية على أرضهم جسدا وروحا.
الجدول رقم (6) أعداد الطلاب المتقدمين إلى امتحانات التوجيهية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والمملكة الأردنية الهاشمية (الضفة الشرقية) مع أعداد الناجحين منهم وتوزيعهم حسب الاختصاص من 1977/1978 إلى 1983/1984
1977/1978 |
|||||||||
|
الضفة الغربية |
غزة |
المملكة العربية الهاشمية |
||||||
|
المتقدمون |
الناجحون |
(%) |
المتقدمون |
الناجحون |
(%) |
المتقدمون |
الناجحون |
(%) |
أدبي |
5.249 |
3.164 |
60.5 |
3.882 |
22.495 |
53.4 |
10.853 |
7.614 |
49.2 |
علمي |
2.564 |
1.926 |
36.8 |
2.635 |
2.177 |
46.6 |
8.758 |
6.397 |
41.3 |
مهني |
227 |
139 |
2.7 |
- |
- |
- |
2.101 |
1.475 |
9.5 |
المجموع |
8.040 |
5.229 |
100 |
6.517 |
4.672 |
100 |
21.712 |
15.486 |
100 |
1980/1981 |
|||||||||
أدبي |
7.480 |
4.957 |
60.3 |
3.154 |
2.089 |
52.6 |
20.903 |
11.889 |
50.9 |
علمي |
3.851 |
3.030 |
36.9 |
2.337 |
1.698 |
42.8 |
13.171 |
9.961 |
42.6 |
مهني |
406 |
230 |
2.8 |
205 |
182 |
4.6 |
2.310 |
1.516 |
6.5 |
المجموع |
11.737 |
8.217 |
100 |
5.696 |
3.969 |
100 |
36.384 |
23.366 |
100 |
1983/1984 |
|||||||||
أدبي |
9.250 |
5.191 |
61.4 |
2.256 |
1.672 |
39.0 |
27.598 |
11.011 |
47.3 |
علمي |
3.968 |
2.938 |
34.7 |
3.993 |
2.384 |
55.6 |
14.766 |
9.762 |
41.9 |
مهني |
482 |
331 |
3.9 |
246 |
230 |
5.4 |
4.584 |
2.497 |
10.8 |
المجموع |
13.700 |
8.460 |
100 |
6.495 |
4.286 |
100 |
46.948 |
23.270 |
100 |
المصدر: إحصاءات الضفة الغربية وقطاع غزة مجمعة من النشرات الإحصائية التعليمية للضفة الغربية وقطاع غزة الصادرة عن منظمة التحرير الفلسطينية، المكتب المركزي للإحصاء، دمشق، وأما إحصاءات المملكة الأردنية الهاشمية فمأخوذة من التقرير الإحصائي السنوي التربوي لعام 1983/194 الصادر عن وزارة التربية الأردنية.
-----------------------------------------------------------------
المصادر و المراجع
1-Sarah Graham –brown Education Repression and Liberation p.62
2- رجا شحادة وجوناثان كتاب، الضفة الغربية و حكم القانون، ص18.
3-جوناثا فلسطينية، تحليل للأمر العسكري الإسرائيلي رقم 854..."، شئون فلسطينية، ص154.
4-نجلاء نصير بشور، "تغيير المناهج المدرسية في الضفة الغربية....."، ص229.
5- المصدر نفسه، ص233-236.
6-unir Fasheh "Impact On Education".p.301
7- المصدر نفسه، ص310.
8- OlgKapeliouk "The Palestinian Universities under Occupation" P.88.
9- M.Milson "How to Make Peace with the Palestine".
10- مجلة رسالة المعلم الأردنية، ص39، نقلا عن جريدة الفجر 30/7/1984.
11- Kapeliouk "The Palestinian Universities…"
12- Graham-brown Education….p.74.
13- نصوص هذه التعديلات مأخوذة من شؤون فلسطينية، العدد 127، حزيران /يونيو 1982.
14- ترجمة هذه الشهادة – التقرير، منشورة في شؤون فلسطينية، العدد127، حزيران /يونيو 1982.
15- Graham-Brown Education……..P.93.
16- المصدر نفسه، ص 95.
17- تحمل الصحف ووكالات الأنباء أحيانا أخبارا هي أيضا دامغة ومثيرة، ولكنها تثير في الوقت نفسه الشكوك في صدق النوايا. من هذا القبيل ما نشر في صحيفة النهار البيروتية بتاريخ 14 أيار/ مايو 1986 نقلا عن وكالة رويتر في القدس بأن مراقب حسابات الدولة الإسرائيلي وجه " انتقادا حادا إلى السلطات بسبب الأسلوب الذي تحكم به 1.3 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي تقرير سنوي أعلن أول من أمس قال المراقب إن مدارس الضفة الغربية تعاني ازدحاما شديدا مع وجود ما يراوح بين 50 و60 تلميذا فلسطينيا في حجرة دراسية واحدة".
Fasheh Impact on.."P.304 -18
19- بلغ عدد الطلاب المتقدمين إلى امتحان الشهادة الثانوية الزراعية في الضفة الغربية عام 1977/1978، 23 طالبا من مجموع بلغ 9.661 في مقابل 201 طالبا في الضفة الشرقية من مجموع 21.712، وأما في العام 1982/1983 فقد ارتفع هذا العدد في الضفة الغربية إلى 25 طالبا من مجموع 13.873 مقابل انخفاض في الضفة الشرقية على 105 من أصل 45.808 طلاب.