السياحة الدينية في فلسطين

 

السياحة الدينية تعني انتقال الفرد من مكان إقامته إلى أماكن أخرى؛ بهدف زيارة الأماكن الدينية المقدسة فيها، كزيارة المساجد والكنائس والأضرحة وأماكن العبادة، لتقوية الوازع الديني وإنعاش الجانب الروحي.

وتتميز فلسطين عن باقي دول العالم باحتضانها أهم وأبرز المعالم الدينية، كالمسجد الأقصى في القدس (أولى القبلتين وأحد ثلاث مساجد تشد الرحال إليها، ومسرى ومعراج النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء)؛ وكنيسة المهد في بيت لحم (مسقط رأس سيدنا المسيح)؛ وكنيسة القيامة التي تعد أقدس المقدسات المسيحية على وجه الأرض؛ بالإضافة إلى العديد من المساجد والمقامات والكنائس والأديرة المنتشرة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية، كالحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ومسجد بلال في بيت لحم، وكنيسة مار جرجيس في بلدة برقين؛ ما جعلها تستقطب السياح من كافة أنحاء العالم.

وتعد فترة المناسبات والأعياد الدينية، الأكثر جذبًا للسياحة الوافدة والمحلية في فلسطين؛ حيث تسجل أعداد السياح ارتفاعًا ملحوظًا خلال هذه المناسبات، لا سيما في أعياد الميلاد، وخلال شهر رمضان المبارك.

 مؤشرات مختارة لقطاع السياحة في فلسطين، 2021- 2022 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني

المؤشر                                                                                      السنة

2021

2022

عدد الزوار الوافدين مع مبيت*

865,190

944,773

عدد الزوار الوافدين دون مبيت (زوار اليوم الواحد)

1,249,400

2,314,476

عدد الزوار المحليين مع مبيت

57,835

97,160

عدد الزوار المحليين دون مبيت (زوار اليوم الواحد)

2,501,688

3,364,098

عدد ليالي المبيت للزوار الوافدين*

4,357,560.0

4,065,003.0

عدد ليالي المبيت للزوار المحليين في الفنادق

136,104

227,731

الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (مليون دولار الامريكي)

18,109.0

19,165.5

نسبة مساهمة استهلاك السياحة الوافدة في فلسطين من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (%)

3.2

4.2

نسبة مساهمة انفاق السياحة المحلية في فلسطين من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (%)

0.9

0.9

نسبة مساهمة استهلاك السياحة الداخلية في فلسطين من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (%)

4.0

5.1

نسبة مساهمة انفاق السياحة الوطنية في فلسطين من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (%)

0.9

1.4

 وتشير مؤشرات مختارة لقطاع السياحة في فلسطين، 2009- 2020 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 4 نيسان 2022 إلى أن عدد الزوار الوافدين مع مبيت أو الزوار الوافدين دون مبيت (زوار اليوم الواحد) في ارتفاع متواصل منذ عام 2009 وحتى عام 2020م، وهذا ما يظهر في الجدول الآتي:

المؤشر

السنة

2009

2012

2014

2016

2017

2018

2019

2020

عدد الزوار الوافدين مع مبيت*

843622.8

911120.9

967232.2

770297

928903.9

985047

1110091

170417.0

عدد الزوار الوافدين دون مبيت (زوار اليوم الواحد)

978124

2070535

1971263

1830752

2263180

2443616

3122377

829731.0

عدد الزوار المحليين مع مبيت

57003

85385

54437

48115

42964

47607

58897

16729.0

عدد الزوار المحليين دون مبيت (زوار اليوم الواحد)

1162857

2144206

2497789

2484467

3175985

2877106

3668165

1341296.0

متوسط مدة الإقامة للزوار الوافدين في الفنادق المحلية (ليلة)

4.9

4.9

5.2

5.9

5.9

5.8

5.6

 

متوسط مدة الإقامة للزوار الوافدين باستضافة أسر (ليلة)

-

-

14.4

12.5

13

14.6

14

 

متوسط مدة الإقامة للزوار الوافدين في منازل ملكية ثانوية (ليلة)

14

14.9

15.9

18.6

18.3

18.4

17.6

 

عدد ليالي المبيت للزوار الوافدين*

7937875

4896919

7516797

6662125

7761274

7794681

8347055

1415956.4

عدد ليالي المبيت للزوار المحليين في الفنادق

115978

174330

147859

167117

146369

145949

146290

47694.0

الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (مليون دولار الامريكي)

8085.7

12208.4

13989.7

15405.4

16128

16276.6

17133.5

15531.7

نسبة مساهمة استهلاك السياحة الوافدة في فلسطين من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (%)

7.2

5.9

6.6

5.9

6.6

6.9

7.6

1.7

نسبة مساهمة استهلاك السياحة المحلية في فلسطين من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (%)

0.9

0.9

0.8

0.8

1

1

0.9

0.3

نسبة مساهمة استهلاك السياحة الداخلية في فلسطين من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (%)

8.1

6.8

7.4

6.7

7.6

7.9

8.6

2.0

نسبة مساهمة استهلاك السياحة الوطنية في فلسطين من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (%)

4.2

3.1

3.2

3.2

2.9

3.1

3.2

0.7

 

هذه الزيادة في عدد الزوار بين عامي 2009 و2019 يعود إلى الشراكة الحقيقية بين قطاعي السياحة الفلسطينية العام والخاص، وما تقوم به وزارة السياحة والأثار الفلسطينية للترويج لفلسطين في أسواق السياحة العالمية، والنهوض بالسياحة الفلسطينية من خلال فتح أسواق جديدة، والترويج لأنماط سياحة جديدة، وتطوير المواقع الأثرية والسياحية، ومساهمة القطاع الخاص عبر مزيد من الاستثمارات السياحية وخاصة في قطاع الفنادق؛ ما ساهم في استقطاب مزيد من السياح.

إن هذه الأرقام، وأن دلت على حركة سياحية نشطة، إلا أنها لا تعني أن حال السياحة في فلسطين بخير؛ فهي ليست في منأى عن الاستهداف الإسرائيلي، الذي يسعى دومًا لسرقة عوائدها؛ لحرمان الفلسطينيين من مصدر دخل مهم يرفد الاقتصاد الوطني؛ فهذه الأعداد التي زارت فلسطين لم تساهم في إدارة عجلة الاقتصاد الفلسطيني كما يجب؛ فالشركات السياحية الإسرائيلية تعمل جاهدة على أن تجعل من الفنادق والمطاعم ووسائل النقل الإسرائيلية مقصدًا لهم، بما يضمن ضخ أموالهم في قطاع خدمات السياحية الإسرائيلية، مع تجاهل قطاع الخدمات الفلسطيني؛ لتستأثر إسرائيل بحصة الأسد من عائدات السياحة وحدها؛ ويظهر ذلك من خلال النظر إلى ارتفاع عدد الزوار الوافدين دون مبيت (زوار اليوم الواحد) مقارنة بعدد الزوار الوافدين مع مبيت؛ فزوار اليوم الواحد يبيتون في الفنادق الإسرائيلية، وهذا ما يفسر تدني نسبة مساهمة استهلاك السياحة الوافدة في فلسطين من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية حسب الجدول أعلاه.

وهنا لا بد من الإشارة تراجع أداء القطاع السياحي منذ ظهور جائحة كورونا حسب بيان صحفي للجهاز المركزي للحصاء الفلسطيني بمناسبة يوم السياحة العالمي في 27 أيلول2021، وبخاصة في محافظة بيت لحم التي تستقبل سنويًا ما يزيد عن 60% من إجمالي عدد نزلاء الفنادق والزوار الوافدين إلى الضفة الغربية. وقد بلغ عدد نزلاء الفنادق خلال النصف الأول من العام 2021 في الضفة الغربية 765,58 نزيلاً. ولم تسجل في محافظة بيت لحم أي إقامة لنزيل فندقي هذه الفترة؛ ما يجعلها الأكثر تضرراً على مستوى الوطن. يذكر أن 77.2% من نزلاء الفنادق في الضفة الغربية هم من الفلسطينيين المقيمين في أراضي 1948 و22.5% نزلاء محليون، وفقط 0.3% نزلاء وافدين من خارج فلسطين. بلغ عدد الزيارات الوافدة (زوار اليوم الواحد) للمواقع السياحية في الضفة الغربية 314.8 ألف زيارة خلال النصف الأول من العام 2021، (99.3% منهم من الفلسطينيين المقيمين في أراضي 1948). وبالمقارنة مع الأعوام السابقة، فقد شهد العدد مزيداً من الانخفاض بلغت نسبته 52% مقارنة مع ذات الفترة من العام 2020، وبنسبة انخفاض 82% بالمقارنة مع ذات الفترة من العام 2019. يذكر أن تقديرات خسائر قطاع السياحة الوافدة خلال العام 2020 بلغت 1.021 مليار دولار أمريكي، بعد تراجع إنفاق السياحة الوافدة إلى فلسطين بنسبة 68% بالمقارنة مع عام 2019.

بناء على ما تقدم فإن قطاع السياحة الفلسطيني تلقى ضربة موجعة نتيجة جائحة كورونا خلال عامي 2020 و2021، وبالرغم من تعافيه في عامي 2022 و 2023 حسب إحصاءات الجهاز المركزي الفلسطيني ووزارة السياحة إلا أنه ما زال يتلقى الضربات المستمرة من سلطات الاحتلال التي لم تكتف بالهيمنة على عوائد السياحة الوافدة، بل وقفت سدًا منيعًا أمام السياحة الدينية الداخلية، من خلال جملة من الإجراءات التعسفية، حرمت من خلالها المواطن الفلسطيني من زيارة الأماكن المقدسة لأداء الطقوس الدينية الإسلامية أو المسيحية؛ فعزلت مدينة القدس، وحالت دون وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وغيرهما من الأماكن الدينية؛ وسمحت بذلك في حالات استثنائية كالأعياد، وفق شروط مشددة ولأعداد وأعمار محدودة.

وفي مدينة الخليل حولت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي إلى ثكنة عسكرية تحول دون وصول الفلسطيني إليه في معظم الأوقات للزيارة ولأداء الصلاة فيه، بعد أن سيطرت على نصفه لمصلحة المستوطنين؛ ليبقى الاحتلال الإسرائيلي المعيق الأقوى الذي يقف في طريق السياحة الفلسطينية للوصول إلى مستوى التطور المنشود.

ولتضييق الخناق أكثر على السياحة الفلسطينية، فرضت سلطات الاحتلال سيطرتها على العديد من الأماكن الأثرية الدينية والتاريخية في المناطق المسماة "ج" أو "c" والتي تمثل ما يقارب 61 % من مساحة الضفة الغربية، وتحوي (بحسب إحصاءات استندت لمسوحات بريطانية وإسرائيلية وفلسطينية منفصلة) أكثر من 7000 موقع ومعلم أثري، منها نحو 1185 أصبحت تقع خلف جدار الفصل العنصري، نسبة كبيرة منها ذات طابع ديني عمدت سلطات الاحتلال إلى تزوير وتحريف أسمائها، ووضعت بوسترات إرشادية إسرائيلية وخرائط توضيحية للسياح، للتدليل على تاريخ هذه المناطق بشكل مضلل لا يمت للواقع والتاريخ بصلة، مثل: قبر يوسف، ومسجد بلال، ومقامات كفل حارس، ومقامات عورتا، وغيرها الكثير من المواقع، ضاربة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط؛ لتحرم الفلسطينيين من استثمار ثرواتهم، ومنها مناطق الجذب السياحي؛ الأمر الذي الحق الضرر بالاقتصاد الفلسطيني، حسب تقرير للبنك الدولي بعنوان "المنطقة ج ومستقبل الاقتصاد الفلسطيني".

منذ بداية العام 2023 وحتى السابع من تشرين الثاني من ذات العام سادت حالة من التفاؤل بإنتعاش قطاع السياحة وهذا ما أشارت له إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة السياحة في البيان الصادر عنهما بمناسبة اليوم العالمي للسياحة والذي صادف يوم 27 أيلول 2023،  والتي تعكس نمو واضح في القطاع السياحي في منتصف العام  2023 مقارنة مع العامين السابقين، حيث شهد عدد نزلاء الفنادق خلال النصف الأول من العام 2023 ارتفاعا يزيد عن الضعفين مقارنة بذات الفترة من العام 2022، وحيث بلغ عدد نزلاء الفنادق في الضفة الغربية 380 ألف نزيلاً أقاموا حوالي مليون ليلة مبيت، لكن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول 2023 قلب الأمر رأسا على عقب فبعد التفاؤل بموسم سياحي مميز بكل المقاييس وفقاً لتقارير وبيانات وزارة السياحة والاثار الفلسطينية تكبد قطاع السياحة جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023 خسائر كبيرة، من المتوقع أن تصل حتى نهاية ذات العام إلى نحو 200 مليون دولار أميركي، بمعدل 2.5 مليون دولار يوميا، منها 60% لمحافظة بيت لحم أي نحو (1.5 مليون دولار).

وللوقوف في وجه سياسة الاحتلال الإسرائيلي لا بد من الاستمرار في تعزيز قدرة القطاع السياحي الفلسطيني على الصمود من خلال:

- تأهيل المزيد من المواقع السياحية الدينية بشكل يستقطب السياح ويشجعهم على زيارتها.

- تأهيل الكوادر العاملة في نطاق السياحة لرفع المستوى الإداري والخدماتي بشكل منافس للقطاع السياحي الإسرائيلي.

- الارتقاء بمستوى قطاع الخدمات السياحية، من فنادق ومطاعم، ووسائل النقل المناسبة لهذا الغرض.

- عمل على تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي من خلال تقديم المزيد من التسهيلات الكفيلة باستقطاب المستثمرين في هذا القطاع.

- توسيع دائرة تطوير الحرف والصناعات التقليدية كمبادرة مهمة للصناعات السياحة الدينية.

- المزيد من الحملات الدعائية المكثفة في الداخل والخارج لتشجيع زيارة الحجاج إلى فلسطين، كالبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والنشرات، والبروشورات، وغيرها.

 

إن تحقيق تنمية سياحية فلسطينية حقيقية لا يمكن أن يتم إلا بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، عندها سيتمكن الفلسطينيون من النهوض بقطاع السياحة وبكافة أشكالها، الدينية وغيرها؛ لتصبح إحدى الركائز الأساسية في تنمية الاقتصاد الفلسطيني.