الأسيرات اللواتي أنجبن أطفالهن داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي

منذ اللحظة الأولى لاعتقال الأسيرة الفلسطينية الحامل، يبدأ مسلسل معاناتها على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث تقيد رجليها ويديها بالسلاسل وتعصب عينيها، وتلقى في الزنازين لتخضع لأساليب تحقيق قاسية، تشمل الشبح والضرب والتخويف والمنع من النوم والحرمان من الطعام لفترات طويلة ...الخ،  دون مراعاة وضعها الصحي كونها حامل؛ لدرجة أن بعض الأسيرات جرى محاولة إجهاضهن، كالأسيرة عبلة شفيق طه، التي كانت حاملًا في شهرها الثاني، وتعرضت  لركلات المحققين على بطنها، بعد أن اعتدت عليها مجموعة من المومسات الإسرائيليات المحتجزات في ذات السجن، وذلك  بتعليمات من  المحققين؛ للضغط عليها والحصول منها على اعترافات يريدونها؛ وذلك في مطلع شهر آب 1968م في سجن المسكوبية.

بعد انتهاء فترة التحقيق، ونقل الأسيرة إلى غرف السجن، تنتقل إلى فصل آخر من المعاناة؛ فغرف الاعتقال تفتقر إلى الحد الأدنى من البيئة الصحية؛ فلا  شمس، ولا تهوية، لا تغذية مناسبة، ولا عناية طبية للوالدة أو الجنين.

عندما يأتي موعد الولادة، تقيد سلطات السجن رجلي الأسيرة ويديها بالسلاسل، وهي في حالة مخاض، لتنقل إلى المستشفى؛ وهناك تتفاقم معاناتها عندما يشد وثاقها إلى سرير ولادتها، دون السماح  لزوجها وأفراد عائلتها بالحضور والوقوف إلى جانبها؛ ولا يفك وثاقها إلا لحظة ولادتها.

ولا تقتصر معاناة الأسيرة الحامل على مرحلة التحقيق، ولا تنتهي بانتهاء عملية الولادة؛ بل تمتد إلى ما بعد ذلك؛ حيث يعاد تقييدها بالسلاسل لتنقل وطفلها إلى سجنها، ليعامل طفلها كأسير يشارك والدته الجدران والقضبان والمعاناة، وليس كطفل مولود رضيع بحاجة إلى توفير مستلزمات خاصة من راحة وعناية صحية فائقة وغذاء وحليب وتطعيمات ضرورية وغيرها؛ وليحرم من أبسط حقوق الطفولة، ويتعرض لأقسى أنواع القهر والحرمان كأمه الأسيرة، لدرجة مصادرة حاجاته الخاصة وألعابه التي يأتي بها الصليب الأحمر.

قسوة السجان لا تنتهي عند هذا الحد؛ بل تصل إلى التفريق بين الأم وطفلها عندما يبلغ سن السنتين؛ ليحرم الطفل من حضن والدته وحنانها، ويشعل نار الفراق في قلبها.

وفيما يلي استعراض للأسيرات اللواتي أنجبن أطفالهن خلف قضبان السجان:

زكية شموط: ولدت في مدينة حيفا عام 1945م. وهي أول أسيرة فلسطينية تنجب مولودتها داخل السجون الإسرائيلية. اعتقلها جنود الاحتلال عام 1971 وهي حامل في شهرها الخامس، وحكم عليها بالسجن 12 مؤبداً. لم يُراعِ السجانون أنها حامل؛ فمارسوا عليها أعنف أساليب التعذيب. وفي 18 شباط 1972 شهدت زكية آلام المخاض وهي في زنزانتها الانفرادية داخل سجن "نيفي ترتسيا" الإسرائيلي في منطقة الرملة، حيث أنجبت أبنتها (نادية) بمساعدة الأسيرات. واستمرت الطفلة مع والدتها إلى أن بلغت من العمر عامًا واحدًا؛ فأجبرتها إدارة السجون على مغادرة المكان والرحيل بعيدًا عن حضن أمها.

أُطلق سراح زكية شموط في عملية تبادل للأسرى عام 1983، وتم إبعادها إلى الجزائر، وتوفيت هناك بتاريخ 16 أيلول 2014م الجزائر.

ماجدة جاسر السلايمة: ولدت ماجدة السلايمة في منطقة باب السلسلة في البلدة القديمة في مدينة القدس. اعتقلها جيش الاحتلال بتاريخ 24 شباط 1978م على الجسر، بينما كانت عائدة من الأردن، وكانت حاملًا في الشهر السادس. أنجبت طفلتها (فلسطين) وهي رهن الاعتقال، وحررت في تبادل الأسرى عام 1985م.

أميمة موسى محمد الجبور الأغا: ولدت أميمة الأغا في 26 تموز 1956م. اعتقلها جيش الاحتلال على معبر بيت حانون " إيرز" بتاريخ 9 حزيران 1993م، وأنجبت طفلتها (حنين) وهي مقيدة الأيدي والأرجل في سجن "تلموند"، بتاريخ 4 تشرين الأول عام 1993م؛ وبقيت الطفلة رهن الاعتقال بصحبة والدتها، لمدة سنتين، لتفصل دولة الاحتلال الطفلة عن أمها وفقاً للقانون الإسرائيلي؛ حيث أخذ الصليب الأحمر الطفلة في أواخر 1995 إلى أهل أميمة؛ فيما بقيت أميمة رهن الاعتقال إلى أن أفرج عنها بتاريخ 11 شباط 1997م. وكانت المحكمة العسكرية الإسرائيلية قد حكمت على الأغا بالسجن مدة 6 سنوات و11 شهرًا و29 يومًا.

ميرفت محمود يوسف طه: ميرفت طه (21 عاماً) من البلدة القديمة في مدينة القدس. اعتقلت بتاريخ 29 أيار 2002م، ووضعت مولودها البكر (وائل) بتاريخ 8 شباط 2003 وهي مقيدة بالسلاسل لحظة ولادته في مستشفى "آساف هاروفيه"، الذي يبعد عن سجن الرملة مسافة خمس كيلومترات؛ وأطلق سراحها مع مولودها بعد قضاء فترة محكوميتها البالغة نحو ثلاث سنوات.

منال إبراهيم عبد الرحمن غانم: منال غانم من مواليد 2 تشرين الثاني 1975م. اعتقلت في 17 نيسان 2003 من منزلها في مخيم طولكرم، وهي أم لأربعة أولاد. وضعت مولودها (نور) بتاريخ 10 تشرين الأول 2003؛ وقد فصلته دولة الاحتلال عن أمه بتاريخ 11 أيار 2006م، وأصبحت تراه من وراء زجاج عازل وشبك سميك خلال زيارة الأهل. حكم عليها بالسجن مدة 50 شهرًا. أطلق سراحها في الثامن من نيسان 2007م، بعد انتهاء فترة محكوميتها، التي قضت معظمها في سجن الشارون. وقد ولد مع نور شقيق توأم ولكنه توفي بعد ولادته مباشرة.

عائشة الكرد أنجبت ابنها (ياسر) عند أذان المغرب في مستشفى صرفند العسكري الإسرائيلي وهي مقيدة، في يوم الجمعة الموافق 17 حزيران 1988. أفرج عنها في 19 حزيران 1988 بشرط الإقامة الجبرية لمدة 5 سنوات. في 1 آب 2014 استشهد ولدها ياسر عندما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل العائلة في قطاع غزة بالصواريخ.

سمر إبراهيم صبيح: سمر صبيح من مواليد 8 تشرين الثاني 1983م في مخيم جباليا بقطاع غزة. اعتقلت من بيتها في طولكرم وهي حامل في الشهر الثالث، بتاريخ 29 أيلول 2005. وضعت مولودها البكر (براء) في 30 من نيسان عام 2006، بعملية قيصرية في مستشفى "مئير" في "كفار سابا"، وبقيت مقيدة لحين دخولها إلى غرفة العمليات؛ ثم أعيد تقييدها بالسلاسل بعد العملية. أطلق سراحها مع طفلها بتاريخ 18 كانون الأول 2007، بعد قضاء مدة محكوميتها البالغة سبعة وعشرين شهراً.

فاطمة يونس حسان الزق: فاطمة الزق من مواليد عام 1969م في الشجاعية. اعتقلت عند معبر بيت حانون "إيرز" في 20 أيار2007 وكانت حاملًا في شهرها الثاني. أنجبت طفلها (يوسف) بتاريخ 17 كانون الثاني 2008 في مستشفى "مائير" في "كفار سابا". أفرج عنها وعن ابنها (يوسف) بتاريخ 2 تشرين الأول 2009م.

سميحة حمدان: اعتقلت في 23 حزيران 1981من منزلها في مدينة بيت لحم، وكانت  حامل في شهرها السابع، بتاريخ 5 آب 1981 أنجبت طفلة أسمتها (ثائرة) في مستشفى الرملة، بقيت هذه الطفلة في السجن مع والدتها لمدة سنتين، وافرج عن سميحة وأبعدت إلى الأردن عام 1985.