رغم أساليب القهر التي يمارسها السجان الإسرائيلي على الأسير الفلسطيني، إلا أن الإرادة الصلبة والعزيمة القوية والمعنويات التي تعانق عنان السماء التي يتمتع بها الأسير الفلسطيني، قهرت غطرسة المحتل وجبروته، وحولت أحلام الأسرى إلى واقع تمثل بحصولهم على الشهادات العلمية التي طالما حلموا بها منذ نعومة أظفارهم؛ فقد تحدوا السجان وأساليبه الفاشية، وأصروا على استلهام العلوم بأنواعها؛ ونجحوا في تحويل السجون إلى مدارس وجامعات ومنارات علم تضمن لهم مستقبلًا أفضل.

لقد أصر الأسرى، وخاصة القدامى، على استراتيجية وطنية مستمرة وممنهجة بإرشاد كل أسير جديد إلى ضرورة اغتنام الوقت والسيطرة عليه بالتعلم والتثقيف، وثابروا على تحقيق هذا الهدف؛ حتى غدا الأسير الأمي متعلمًا ومثقفًا، يجيد القراءة والكتابة، ويحب المطالعة، ويتوسع في دراسته، ويطور ذاته في حقل اللغات وشتى العلوم والمجالات، حسب ما يميل إليه.

وهذا التوجه نحو التعلم والالتحاق بالجامعات يأتي فى سياق رفض الأسير لنظرة المجتمع الاستعطافية الصرفة باتجاهه، بل يحول الأسرى إلى جواهر تستحق التبجيل والاحترام عبر انجازاتهم العلمية والأكاديمية؛ ما يؤهلهم للحصول على مكانة وظيفية لائقة بعيداً عن نظرة الشفقة.

 لقد شارك الأسرى الفلسطينيون المنتفعون من خدمة التعليم الجامعي مشاركة بناءة فاعلة في كافة حقول التنمية على الصعيد الوطني.  وهناك من النماذج والأمثلة الناجحة والمبدعة على الصعيد الوطني الكثير الكثير، ممن تلقوا خدمة التعليم الجامعي من هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بعد تحررهم من سجون الاحتلال، وحصولهم على الشهادة الجامعية الأولى من مختلف الجامعات الفلسطينية، في كافة التخصصات؛ فمنهم الأطباء والمهندسون والمحامون والمدرسون والمدراء العامون والمدراء والموظفون الفاعلون في العديد منمؤسسات دولتنا الفلسطينية.

وأصبحت هذه الشريحة التي كانت رائدة في النضال والتضحية، رائدة في البناء والإعمار في كل المجالات، وهذا ما يميز ويتميز به شعبنا عن بقية شعوب الأرض.


مراحل تطور تعليم الأسرى في سجون الاحتلال:

كانت البداية من ثمانينيات القرن الماضي، عندما خاض الأسرى الفلسطينيون معارك الأمعاء الخاوية لحصولهم على عدة مطالب، وكان منها عقد امتحان التوجيهي داخل السجون المركزية، والالتحاق بالجامعة العبرية المفتوحة؛ وكان لهم ما أرادوا؛ ولكن العملية كانت بطيئة تصطدم بابتزاز إسرائيلي واضح؛ الأمر الذي كان في غالب الأحيان يجعل من إتمام العملية التعليمية، سواء الحصول على شهادة التوجيهي أو الدراسة الجامعية، أمرًا شبه مستحيل؛ إلى أن جاءت السلطة الوطنية الفلسطينية، فتولت وزارة التربية والتعليم عقد امتحان التوجيهي داخل السجون تحت إشرافها ورعايتها، مع احتفاظ إدارة السجون الإسرائيلية بالدراسة الجامعية الحصرية للجامعة العبرية المفتوحة، إلى أن حصلت عملية أسر الجندي الإسرائيلي "شاليط"؛ حيث منعت مصلحة السجون الإسرائيلية العملية التعليمية في كافة السجون، وبالتالي حرمت كل الأسرى من إكمال تحصيلهم الثانوي أو الجامعي.

كانت هناك بعض المحاولات الفردية والحزبية لعقد امتحان التوجيهي أو الدراسة عن بعد في جامعة الأقصى؛ إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل؛ لأنها جاءت بعيداً عن إشراف ورعاية وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، إلى أن قام  مروان البرغوثي بعقد اتفاقية مع جامعة القدس"أبو ديس" وسجن هداريم فقط، لتدريس مساقات درجة البكالوريوس في بعض التخصصات؛ لما يمثله هذا السجن من وجود أسرى من حملة شهادة الماجستير والدكتوراه، مؤهلين لتدريس هذه المساقات.

 وبتاريخ 23/2/2014، قام وزير الأسرى عيسى قراقع، بتوقيع اتفاقية تفاهم مع رئيس جامعة القدس المفتوحة (الدكتور يونس عمرو)، لتدريس بعض التخصصات (تربية إسلامية، خدمة اجتماعية، لغة عربية، الاجتماعيات) داخل السجون التي تتوفر فيها لجنة علمية من حملة شهادات الماجستير فأعلى.  وبتاريخ 25/3/2014، قام أيضًا الوزير عيسى قراقع بتوقيع اتفاقية تفاهم مع وزارة التربية والتعليم لعقد امتحان التوجيهي داخل السجون.

في سجن النقب تم اعتماد اللجنة العلمية المشكلة من (6) أسرى يحملون شهادات الماجستير والدكتوراه؛ وتمت الموافقة على اعتماد أوراق (162) أسيرًا تنطبق عليهم شروط الالتحاق ببرنامج البكالوريوس؛ كما تم اعتماد اللجنة  العلمية في سجن ريمون والمكونة من (7) أسرى من حملة شهادة الماجستير والدكتواره؛ وتمت الموافقة على اعتماد  أوراق (120) أسيرًا تنطبق عليهم شروط الالتحاق ببرنامج البكالوريوس.

تقدم في العام 2014م، ما يقارب الألف أسير في كافة السجون، نجح منهم (411) أسيرًا في امتحان الثانوية العامة؛ وفي العام 2015م  تقدم (1083) أسيرًا لامتحان التوجيهي في كافة السجون، وتقرر إعلان النتائج في شهر (9/2015).

المعوقات التي تمارسها مصلحة السجون الإسرائيلية للحد من العملية التعليمية داخل السجون:

1- إجراء التنقلات بين الأسرى من قسم إلى أخر داخل السجن الواحد، وإجراء بعض التنقلات بين الأسرى في مختلف السجون.

2- منع ادخال الكتب الدراسية، والقرطاسية للأسرى.

3- حرمان الأسرى من مقابلة محاميهم.

4- التأكد من عدم وجود أوراق مع الأسرى عند مقابلة عائلاتهم أو محامهيم.

5- نقل أعضاء اللجان العلمية داخل أقسام السجن الواحد، أو نقلهم إلى سجون أخرى، وباستمرار.

أما عن عملية عقد الامتحانات داخل السجون، فهي تتم بالشكل التالي:

امتحان التوجيهي: اللجنة العلمية المشكلة داخل السجن من حملة شهادة البكالوريوس هي التي تقوم بالإشراف على العملية التعليمية من حيث: التدريس، ووضع الأسئلة، وتصحيح الإجابات، ووضع العلامات وإخراجها مع المحامين وايصالها إلى مقر دائرة التعليم الجامعي ومن ثم إلى وزارة التربية والتعليم.

امتحانات جامعة القدس المفتوحة:

تتولى اللجنة العلمية المشكلة فقط العملية التعليمية، أما الأسئلة فيتم وضعها من قبل الجامعة، ويتم إدخالها للسجون من خلال المحامين، اللجنة العلمية تشرف على عقد الامتحان من حيث الرقابة عليه، ومن ثم تقوم هذه اللجنة بإخراج أوراق الإجابات مع المحامين، ليتم تصليحها من قبل الجامعة.

- تدخل الكتب لداخل السجون بعد خلع جلدها الأصلي وتجليدها من جديد ووضع عنوان مختلف تمامًا على الجلد الجديد.

- مصادر تمويل العملية التعليمة لنظام البكالوريس في جامعة القدس المفتوحة يتم من خلال هيئة شؤون الأسرى؛ أما العلمية التعليمية للتوجيهي، فهي بشكل تطوعي كامل من قبل الأسرى أنفسهم؛ ودائرة التعليم الجامعي في هيئة شؤون الأسرى ومكاتبها المنتشرة في كل محافظات الوطن هي التي تتولى عملية التسجيل والتدقيق والتأكد من الشروط الواردة في الاتفاقيات الموقعة؛ والاتصال والتواصل مع الأسرى، واللجان العلمية داخل السجون والمحامين والمؤسسات التعليمية (جامعة القدس وجامعة القدس المفتوحة) ووزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية؛ وكذلك التواصل مع أهالي الأسرى لإحضار بعض الأوراق أو تصديقها، وكذلك تسليم أهالي الأسرى شهادات التوجيهي الخاصة بأبنائهم.

- وزارة التربية والتعليم العالي ممثلة بوكيلها، واللجنة الفنية المشكلة من لجنة الامتحانات العامة المعنية بأمر التوجيهي داخل السجون، هم أكثر الجهات تعاونًا وتجاوبًا مع قضية الأسرى وخدمتهم بكل الطرق الممكنة والمتاحة حسب انظمة وقوانين وزارة التربية والتعليم، وكذلك جامعة القدس المفتوحة.

- لا يوجد هناك أي جهة خارجية أو مؤسسات دولية داعمة أو مهتمة بموضوع تعليم الأسرى المحررين أو الأسرى داخل السجون.

آليات وأنظمة وشروط وإجراءات أنظمة التعليم المعمول بها في دائرة التعليم الجامعي: 

أولا: خدمة التعليم الجامعي للأسرى المحررين:

شروط الانتفاع من هذه الخدمة:

- أن يكون المتقدم للخدمة أسيرًا محررًا قضى في سجون الاحتلال مدة لا تقل عن عام واحد.

- على الأسير المحرر الذي يرغب بالانتفاع من خدمة التعليم الجامعي أن يتقدم للحصول عليها خلال ثلاث سنوات من تحرره.

- أن يكون المتقدم ملتحقًا بجامعة أو كلية محلية.

- أن يكون المتقدم قد أنهى (9) ساعات معتمدة  بنجاح على الأقل على حسابه الخاص، وبمعدل تراكمي لا يقل عن الحد الأدنى للتخرج المسموح به في الجامعة الملتحق بها.

- لا يشترط دراسة (9) ساعات للملتحق في برنامج الدبلوم؛ وإنما يتم قبول طلبه من أول فصل دراسي.

- تغطي الدائرة رسوم الساعات الدراسية فقط (حسب نسبة التخصص في الجدول الملحق)، ويتحمل الطالب الرسوم الأخرى (رسوم التسجيل، المكتبة، الإنترنت، مجلس الطلبة، ... الخ).

- لا تغطي الدائرة أية رسوم عن مواد معادة نتيجة الرسوب أو تغيير مسار الدراسة؛ سواء أكان من جامعة إلى جامعة أخرى، أم من تخصص إلى تخصص آخر.

- لا تغطي الدائرة فرق التعليم الموازي، وإنما يعامل المنتفع من الخدمة حسب قيمة الساعة المعتمدة للطالب العادي.

- تغطي الدائرة نسبة محددة (حسب التخصص)، ويتحمل الطالب النسبة المستحقة عليه.

- وجوب بقاء المعدل التراكمي فوق الحد الأدنى للتخرج خلال كل فترة الدراسة.  وفي أي فصل دراسي يقل فيه المعدل التراكمي عن الحد الأدنى للتخرج، تجمد المنحة ولا تعود، إلا إذا أحضر كشف علامات من الجامعة يثبت ذلك.

 

إجراءات الانتفاع من هذه الخدمة:

- على الأسير المحرر، عند تحرره من سجون الاحتلال، التوجه لمديرية الوزارة في محافظته وفتح ملف تأهيل.

- على المتقدم وعند الانتهاء من دراسة (9) ساعات على حسابه الخاص، إحضار كشف علامات من الجامعة الملتحق بها، والحضور إلى مديرية الوزارة في محافظته، وفتح ملف تعليم.

- على الملتحق التواصل مع رئيس قسم التعليم في مديريته؛ للتأكد من وجود اسمه في الكشوفات المرسلة للجامعات في كل فصل دراسي.

- على المنتفع من الخدمة التواصل مع رئيس قسم التعليم في مديريته عند تغيير جامعته أو تغيير تخصصه؛ وعليه أن يقوم بتعبئة نموذج (تغيير جامعة أو تخصص).

- على المنتفع من خدمة التعليم إبلاغ مديريته عند تأجيله لفصل دراسي أو أكثر، وإلا اعتبر مستنكفًا.

- على أهل المنتفع من خدمة التعليم إبلاغ المديرية إذا تم اعتقال المنتفع من قبل الاحتلال.

الوثائق المطلوبة لفتح ملف التأهيل:

- ورقة الصليب الأحمر، مصدقة ومختومة حسب الأصول.

- صورة عن الهوية الشخصية.

الوثائق المطلوبة لفتح ملف التعليم:

- كشف علامات من الجامعة المعنية للمنتفعين من درجة البكالوريوس؛ وشهادة قبول من الكلية للمنتفعين من درجة الدبلوم.

- ورقة الصليب الأحمر مصدقة ومختومة حسب الأصول.

نظام (نسب التخصص) المعمول به في دائرة التعليم الجامعي: