فلسطينيو 48 هم جزء أصيل من الشعب العربي الفلسطيني، وهم جزء من سكان فلسطين التاريخية، الذين تسنّى لهم البقاء ضمن حدود الهدنة عام 1949م في البلاد، وحافظوا على كيانهم وهويتهم الوطنية. كان عددهم حوالي 156 ألف نسمة في حينه؛ بينما هجّر نحو 957 من إخوتهم من أهل فلسطين إبان النكبة عام 1948؛ إذ اقتلعوا من قراهم ومدنهم، وشُرّدوا في بقاع الأرض، واحتلّوا هامش المجتمعات التي أقاموا بين ظهرانيها، لاجئين أو مقيمين أو مواطنين. إذ حملت النكبة معنى وقف التطور الطبيعي للشعب الفلسطيني وتشريده، ليعاني أعباء تطوير مجتمع آخر في الهواء، وتحت خيام اللجوء.
فقد حملت أحداث النكبة تداعيات عميقة على المتبقين في فلسطين، فعُزلوا عن محيطهم العربي، وسُلبت مواردهم، وتحكمت إسرائيل في جميع مجالات حياتهم اليومية الخاصة والسياسية والاقتصادية – الاجتماعية العامة. إلى جانب هذا كله، هدمت النكبة الكيان السياسي للشعب الفلسطيني، وشتتت نخبه الثقافية والاجتماعية والسياسية، ودمرت مرافقه وعلاقاته وأسسه الاقتصادية. كذلك هدمت النكبة المستمرة، معظم مدنه الفلسطينية، وهودت جميعها، وساهمت بصورة كبيرة في تشويه مسار تمدنه.
ففلسطينيو 1948 هم الجزء الأكثر حيوية من مكونات الشعب الفلسطيني، الذين ما زالوا شوكة في حلق الاحتلال صامدين في قراهم ومدنهم وأحيائهم، رغم كل محاولات الاقتلاع والإقصاء والتهميش والإنكار التي مارستها السلطات الإسرائيلية بحقهم منذ عام 1948 حتى اللحظة؛ فلم يرضخوا، ولم يستسلموا. تمسكوا بأرضهم فقدموا الشهداء "يوم الارض" عام 1976؛ تمسكوا بمقدساتهم، فكانوا في طليعة المدافعين عن المسجد الأقصى والمواجهين للمخططات التهويدية في القدس المحتلة؛ خرج من بين ظهرانيهم شعراء المقاومة (محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد).
بلغ عـدد الفلسطينيين المقدر في نهاية عام 2022 في أراضي 1948 حسب "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" نحو 1.7 مليون نسمة.
يواجه فلسطينيو 1948 تمييزاً عنصرياً شاملاً مخططاً له في غالبية المجالات الحياتية في إسرائيل؛ إذ تفتقر الكثير من تجمعاتهم السكانية إلى الخدمات الصحية، والتربوية، والبنى التحتية الأساسية؛ وترتفع نسبة الفقر وتتفشى البطالة بينهم. وينظر صنّاع القرار في إسرائيل إلى السكان العرب بصفتهم أقلية؛ ومواطنون من الدرجة الثانية، وتتم مأسسة هذا التصور عنهم في شتى المجالات بإسرائيل؛ وهذا ما أدى الى وجود مؤشرات كارثية خاصة بفلسطينيي 48؛ فتشير إحصاءات مؤسسة التأمين الوطني لسنة 2018 إلى أن ما يقارب 60% من العائلات العربية تعيش إمّا دون خط الفقر وإمّا قريباً منه؛ بينما سجلت نسبة 20% من العائلات اليهودية التي تعيش إمّا تحت خط الفقر وإمّا قريبة منه، وهذا يدل على حجم التمييز العنصري القائم بإسرائيل تجاه فلسطينيي 48،؛ فهم طوال الوقت في مواجهة بشكل أو بآخر مع أجهزة الدولة، ومع سيكولوجية النظام الإسرائيلي، وهذا ما يؤدي الى زعزعة الشبكة المجتمعية الإسرائيلية القائمة على التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم. وتبقى الحقيقة الثابتة مُتمثلة في ديمومة مواجهة فلسطينيي 48 السياسات الإسرائيلية العنصرية بكل صلابة وشموخ؛ فهم الصابرون الصامدون في وجه محاولات التضييق عليهم واجتثاث معالمهم وأسرلتهم، يصدحون دومًا بكينونتهم وهويتهم الوطنية وعُمقهم العربي الفلسطيني.