منذ العام 1948م اعتبر أصحاب القرار في إسرائيل مجرد وجود ما إطلقوا عليه "الأقلية العربية" أي فلسطينيو الـ48 يعد خطراً على دولتهم، فانتهجت إستراتيجية إرتكزت على الاستمرار في إرهابهم وفصلهم عن محيطهم العربي، وطمس هويتهم ومصادرة إراضيهم وهدم منازلهم لإجبارهم على الرحيل وإفراغ الأرض من أهلها الشرعيين، وعملت على شرعنة وقوننة هذه الاستراتيجية العنصرية بسلسلة من القرارات من قبل برلمانها (الكنيست) قديما وحديثا ومن أبرزها:
1- قانون القومية: سنّ الكنيست الإسرائيلي، في 18 حزيران 2018، قانون أساس: "إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي"، بأغلبية 62 نائباً من جميع كتل الائتلاف، ومعارضة 55 نائباً، منهم 13 نائباً عربياً، وينص القانون على أن إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي وكذلك اسمها، رمزها ونشيدها. وحسب القانون، فإن القدس كاملة وموحدة هي عاصمة دولة إسرائيل وأن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية للدولة. ولا يمكن تعديل القانون إلا من خلال أغلبية أعضاء الكنيست.
القانون يلغي حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجّروا منها العام 1948، معارضاً قرار 194 الذي أصدرته الأمم المتحدة، ويخالف "قانون القومية" كافة القرارات الأممية بشأن وضع مدينة القدس، يلغي اللغة العربية كلغة رسمية.
2- قانون كمينتس: صادق الكنيست في 2/4/2017 بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون كمينتس، في جلسة استثنائية، والذي ويسهل إجراءات هدم البيوت العربية بذريعة عدم الترخيص، وصوت الى جانب القانون 43 عضو كنيست، فيما عارضه 33 نائبا.
وينص القانون على إتاحة الإمكانية لتسريع إجراءات هدم البيوت في البلدات العربية، عبر الانتقال من الإجراءات القضائية إلى الإجراءات الإدارية، كما يقضي القانون، بموجب التعديل في البند 109 من القانون، على إتاحة الإمكانية لإصدار أمر إداري لوقف 'مخالفة البناء'، واعتبارها إدارية، ما يتيح فرض غرامات مالية مجحفة تصل إلى 700 شيكل يوميا، بدلا من الإجراءات القضائية في المحاكم.
3- قانون مكافحة الإرهاب: صادقت الكنيست في 15 حزيران 2016 بأغلبية 57 صوتا ومعارضة 16 نائبا، على تعديل قانون مكافحة الارهاب، التعديل يُطلق العنان لأذرع الأمن الإسرائيلية لقمع أي نشاطات احتجاجيّة شرعيّة ضد السياسات الإسرائيليّة، ويتيح استخدام الأدلّة السريّة لأجل منع هذه النشاطات، ومنها الرقابة المحوسبة لأشخاص يشتبه بأن لهم علاقة بنشاطات يصفها بالإرهابية، ويتيح أيضا اعتقال شخص لمدة 48 ساعة دون الحصول على استشارة قانونية أو عرضه أمام المحكمة لتمديد اعتقاله، ما يعرقل إمكانيّة الاعتراض على هذه القرارات القمعيّة أمام جهاز القضاء.
4- قانون الإقصاء: صادق الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 62 عضوًا ومعارضة 47 على ما يمسى بقانون الإقصاء في 20 تموز 2016م، الذي الذي يستهدف النواب العرب دون سواهم، حيث يجيز إقصاء أي نائب توجه له تهمة التحريض على العنصرية أو دعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل، وذلك في حال صادق 90 عضو كنيست على الإقصاء، ويمكن اللجوء إلى عملية الإقصاء بعد توقيع (70) عضو كنيست على الطلب، بينهم 10 أعضاء كنيست ليسوا ضمن الائتلاف الحكومي، رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا، التمايا قدم ضد القانون، ووقفت إلى جانبه.
5- قانون النكبة: صادقت الكنيست الإسرائيلية في 22 آذار2011م، على التعديل رقم (40) لقانون أساسي الميزانية "قانون النكبة"، الذي يسمح لوزير المالية الإسرائيلي بفرض الغرامات على مؤسسات تُموّلها الدولة، كالمدارس والجامعات والسلطات المحلية، إذا ما نظمت برامج يشار فيها إلى ما يسمى "يوم الاستقلال"، أو يوم "قيام إسرائيل"، كيوم حداد أو تنظم مناسبات تنفي تعريف دولة إسرائيل كدولة "يهودية وديمقراطية"، وذلك للحيلولة دون احياء الفلسطينيين ذكرى نكبتهم في عام 1948، وغيرها من المناسبات كيوم الأرض.
6- قانون لجان القبول: صادقت الكنيست على قانون تعديل نظام الجمعيات التعاونية ( المعروف باسم "قانون القبول") في 22 آذار 2011، الذي يسمح للبلدات التي تضم أقل من 400 عائلة بتشكيل لجان لانتقاء المرشحين للسكن فيها، ورفضهم في حال كانوا "لا يتناسبون مع أسلوب الحياة الاجتماعي أو الثقافي للبلدة"، ويهدف القانون، على وجه الخصوص، إلى منع الفلسطينيين في إسرائيل من الانتقال إلى البلدات اليهودية في منطقتي النقب والجليل.
7- قانون دائرة أراضي إسرائيل: شرعت الكنيست هذا القانون في 3 آب 2009 ، وهو يؤسس لخصخصة واسعة للأراضي، معظم هذه الأراضي بملكية اللاجئين، الفلسطينيين ومهجري الداخل (التي تديرها الدولة تحت تعريف "أملاك الغائبين")، فيما تتبع ملكية بعضها إلى قرى عربية هُدمت وهُجرت، وأراض صودرت من المواطنين الفلسطينيين، ويمكن بيع هذه الأراضي وفق للقانون لمستثمرين من القطاع الخاص كما يُمكن استثناؤها من أية مطالب مستقبلية باستردادها.
8- قانون منع لم شمل العائلات: الذي صدر في المرة الأولى عام 2003، والذي يمنع بموجبه منح أي جنسية أو مواطنة لفلسطينيين ممن يقطنون في المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967 والمتزوجين من فلسطينيين يعيشون داخل الأراضي عام 1948، حيث يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من حق لمّ شمل عائلاتهم.
ومن القوانين العنصرية القديمة نستعرض بعضها على النحو الأتي:
1- تم إقرار قانون الجنسية الإسرائيلي في 1 نيسان (أبريل) 1952 من قبل الكنيست، ودخل حيّز التنفيذ في 14 أيلول (سبتمبر) 1953. ويُعد هذا القانون الأداة القانونية الأساسية التي تحدد شروط الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وفقدانها، وسحبها. ومنذ صدوره، خضع القانون لعدة تعديلات، كان أبرزها أربعة تعديلات جوهرية تعكس تحولًا في التعامل الإسرائيلي مع مفهوم "الولاء للدولة"، وخاصة في السياق المتعلق بالفلسطينيين داخل الخط الأخضر وسكان القدس الشرقية.
أولاً: تعديل عام 2008 – نزع المواطنة بسبب خرق الولاء:
جاء هذا التعديل ليمنح الدولة صلاحية سحب الجنسية من أي مواطن تُثبت بحقه تهمة "خرق الولاء" لدولة إسرائيل. ويُعد هذا المفهوم فضفاضًا ويشمل مجموعة من الأفعال التي تُعتبر تهديدًا لأمن الدولة أو تتعارض مع سياستها، مثل التعاون مع جهات معادية أو الانخراط في نشاطات سياسية معارضة لطبيعة الدولة كـ"دولة يهودية". وقد أثار هذا التعديل انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان، نظرًا لاحتمالية استخدامه لاستهداف المواطنين العرب في إسرائيل على خلفية آرائهم السياسية أو أنشطتهم المدنية.
ثانيًا: تعديل 28 آذار 2011 – سحب الجنسية بسبب أنشطة إرهابية أو تجسسية:
وسع هذا التعديل من نطاق الحالات التي يمكن فيها سحب الجنسية، حيث أتاح للمحاكم الإسرائيلية إلغاء المواطنة عن أي شخص تثبت مشاركته في أعمال تصنفها الدولة كـ"إرهاب" أو "تجسس". وقد تم توظيف هذا التعديل ضمن ما تسميه إسرائيل "الحرب على الإرهاب"، إلا أن تطبيقه أثار جدلًا بشأن مدى تسييسه، خاصة في ظل محدودية الأدلة القضائية أحيانًا، والإجراءات القانونية التي قد تفتقر إلى المعايير العادلة.
ثالثًا: تعديل 6 آذار 2017 – سحب الجنسية بقرار قضائي لأسباب أمنية:
أُقر هذا التعديل في الكنيست بأغلبية 53 صوتًا مقابل معارضة 13 عضوًا، ويُعد من أخطر التعديلات التي طالت قانون الجنسية، لما يحمله من تبعات قانونية وسياسية وإنسانية. ينص التعديل على أنه يحق للمحكمة، بناءً على طلب من وزير الداخلية، سحب الجنسية من أي شخص تثبت مشاركته في "أعمال إرهابية" أو انتهاكه لمبدأ "الولاء للدولة". ويمنح هذا التعديل السلطات القضائية والتنفيذية قدرة واسعة على إسقاط الجنسية، حتى في حال عدم وجود إدانة جنائية صريحة، مما يجعله أداة قابلة للتوظيف السياسي.
وقد اعتُبر هذا التعديل تهديدًا مباشرًا لحقوق المواطنين الفلسطينيين في الداخل وسكان القدس الشرقية، الذين يُصنف العديد منهم كمقيمين دائمين، وليسوا مواطنين كاملي الحقوق. كما يُثير التعديل مخاوف حقيقية من تحوّل الجنسية من حق قانوني إلى امتياز مشروط بالولاء السياسي، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تنص على أن الجنسية لا يجوز سحبها بشكل تعسفي.
رابعاً: في 15 شباط/فبراير 2023، صادقت الكنيست الإسرائيلية بأغلبية كبيرة بلغت 95 عضوًا على تعديل جديد لقانون "المواطنة"، يُعد من أكثر التعديلات إثارة للجدل. وبموجب هذا التعديل، مُنح وزير الداخلية صلاحية التوجه إلى المحكمة العليا بطلب سحب الجنسية من مواطنين عرب في إسرائيل، أو إلغاء الإقامة الدائمة لفلسطينيين من سكان القدس الشرقية المحتلة، في حال ثبت أنهم يتلقون مخصصات مالية من السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويستند هذا التعديل إلى ادعاء أن تلقي هذه المخصصات – التي تُصرف لعائلات الأسرى أو الشهداء – يشكل "مكافأة على ارتكاب أعمال إرهابية"، بحسب التوصيف الإسرائيلي. إلا أن هذا الإجراء يُنظر إليه كتصعيد خطير في استخدام سحب الجنسية والإقامة كأدوات عقابية، تُوظف ضد الفلسطينيين على أساس الهوية والانتماء السياسي، ويثير قلقًا بالغًا في الأوساط الحقوقية، كونه يهدد المبدأ القانوني بعدم جواز إسقاط الجنسية تعسفيًا، ويُفاقم من سياسات التمييز ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي القدس الشرقية.
وتنص المادة (11) من قانون الجنسية على إلغاء المواطنة "بسبب خيانة الأمانة، أو عدم الولاء للدولة". وفي سياق أوسع، تشمل "خيانة الأمانة" كل من يحصل على الإقامة الدائمة في واحدة من تسع دول عربية وإسلامية (المُدرجة في القانون، إضافة إلى قطاع غزة)، دون الحاجة لتوافر مسوغات جنائية. ويمنح هذا القانون للمحاكم حقًا بإسقاط الجنسية الإسرائيلية عن المدانين بالتجسس والخيانة ومساعدة العدو في وقت الحرب، وأعمال الإرهاب (على النحو المحدد بموجب "قانون حظر تمويل الإرهاب" (2005)، إذا ما طلبت وزارة الداخلية منها القيام بذلك كجزء من عقوبة جنائية. يمكن الغاء جنسية إنسان فقط في حال كونه صاحب جنسية مزدوجة أو إذا كان يسكن خارج إسرائيل.
2- قانون العودة لسنة 1950: أقرته الكنيست في 5 تموز 1950م، وأصبح ساري المفعول في اليوم التالي. وقد خضع هذا القانون لتعديلين لاحقين: أحدهما تم في آب 1954، وثانيهما في آذار 1970؛ وهو قانون يفتح الباب على مصراعيه لهجرة اليهود، ومنحهم المواطنة بشكل فوري؛ وفي عام 1970 عُدل القانون ليشمل أصحاب الأصول اليهودية وأزواجهم؛ وفي المقابل يحرم الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم وحقهم في المواطنة في أماكن ولدوا فيها، وعاشوا بها أبًا عن جد ويقيمون عليها.
3- قانون املاك الغائبين: صادقت عليه الكنيست في 20 آذار 1950، هو قانون يمنح الاحتلال "حق" مصادرة أملاك منقولة أو غير منقولة مملوكة لفلسطيني هجر من فلسطين عام 1948 أو قبل ذلك، ولم يستطع العودة إليها وتوجه إلى أحدى الدول التي صنفت بـ"دول العدو"، وهي: الأردن، ولبنان، ومصر ، وسوريا، والعراق، والسعودية، واليمن...
4- قانون العودة: يمنح "قانون العودة" من العام 1950، امتيازا لكل يهودي في العالم أن يأتي إلى إسرائيل، ويكمله قانون المواطنة من العام 1952، ليمنح كل يهودي أتى إلى إسرائيل، وفقا لقانون العودة، المواطنة مباشرة. وتعرف المادة 4 ب من قانون العودة، اليهودي، على أنه من ولد لأم يهودية أو غير دينه ليصبح يهوديًا، دون أن تطالب به ديانة أخرى، وتمنح المادة 4أ من هذا القانون نفس الحق لأقرباء اليهودي المباشرين (ابن، حفيد، زوجة/ زوج، زوجة الابن او زوج الابنة، او زوجة الحفيد، او زوج الحفيدة).
واعتبر بن غوريون عام 1950 أن هذا القانون أهم القوانين "إذ بموجبه يتم تأسيس إسرائيل بواسطة استجلاب عامة اليهود إلى البلاد".
5- قانون استملاك الأراضي الذي صدر العام 1952، وهو يخول سلطة الاحتلال الاستيلاء على الأراضي العربية.
وهناك مئات القوانين العنصرية الأخرى التي تستهدف الفلسطينيين، وتحاول النيل من حقوقهم، وتحولهم إلى مواطنين الدرجة الثانية.