المسن شحادة يستذكر مرارة "النكسة"

بعد "النكسة" بسنوات قليلة، دمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي منزل عبد الرحمن شحادة في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، وأبعدته قسراً خارج وطنه بعد أقل من 20 عاما على تشريده طفلا صغيرا برفقة أسرته من بلدة "حمامه" الساحلية جنوب فلسطين التاريخية.

ما زال شحادة الذي اصبح اليوم شيخا كبيرا يبلغ من العمر (80 عاماً)، يتذكر تفاصيل "نكسة حزيران" وكيف شردت قوات الاحتلال مئات الأسر الفلسطينية في العراء وخارج الوطن.

كان منزل شحادة يتكون من ثلاث غرف وحمام ومطبخ ومسقوفا بـ "القرميد" قبل أن تدمره الجرافات الاسرائيلية وتبعده قسراً خارج القطاع بحجة مقاومته للاحتلال.

وأقيم مخيم الشاطئ للاجئين عام 1952 على مساحة لا تزيد عن الكيلو متر مربع، بعد تشريد سكانه عن مدنهم وقراهم وبلداتهم في 1948.

كما لم يتوقف الأمر بعد النكسة على هدم وتدمير منازل "الفدائيين"، بل تعداه الى عقاب سكان المخيم بتدمير مئات المنازل بحجة توسيع الشوارع.

وفي هذا الصدد، يقول شحادة وهو أديب وشاعر:" لم يكن الهدف عسكريا وأمنيا فقط من تدمير المنازل بل كان أيضا سياسيا وهو افراغ المخيمات وتصفية قضية اللاجئين."

في بداية العام 1970 يتذكر شحادة بالضبط ما حدث، مشيرا الى تدمير جرافات الاحتلال لمئات المنازل في منطقة سكناه "مربع السوق حالياً" وتشريد أكثر من 150 عائلة بعدما شردت أيام "النكبة".

ويتابع المسن شحادة: "شرد جزء كبير من أصحاب المنازل المدمرة الى العريش وسيناء ودول عربية أخرى" وتحولوا الى ما كان يعرف حينها باسم "النازحين".

ويضيف، "هناك عائلات لم تترك غزة بل بقيت فيه عند أقاربها أو حصلت على قطعة أرض صغيرة من أصحاب الأراضي وبنت عليها غرفة ومنافعها."

وظهر مصطلح "النكسة" بعد الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين الخامس من حزيران 1967، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء والجولان وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي.

ومن الأهداف الأخرى لتدمير منازل اللاجئين حسب شحادة، هو توسيع شوارع وأزقة المخيم للسماح بمرور آليات الاحتلال بحرية ومطاردتها للفدائيين.

اضافة الى التأثير المادي المباشر على السكان بعد هدم منازل، كانت هناك تأثيرات نفسية واجتماعية كما يقول شحادة، لافتا الى أن عمليات الهدم نكأت جراح اللاجئين وذكرتهم بـ "النكبة، وكذلك تمزيق الروابط والأواصر الاجتماعية للأسر الفلسطينية بعد تشرد أفرادها داخل القطاع وخارجه.

وعن مرارة "الغربة" يقول شحادة: "بعد ابعادي عن غزة توجهت الى جمهورية مصر العربية، وتنقلت بين العديد من العواصم العربية والأجنبية"، مشيرا الى أنه لم يذق طعم الراحة والحرية الا في وطنه بعد عودته الى أرض غزة في 1995.

وبعد النكسة واحتلال قطاع غزة استولت قوات الاحتلال على مساحات شاسعة من أراضي القطاع وأقامت عليها العديد من المستوطنات."

وبقول شحادة: سعى الاحتلال منذ سيطرته على القطاع الى تصفية قضية اللاجئين وافراغ المخيمات من سكانها ومن ضمن ذلك اقامة حي الشيخ رضوان ومنح سكان المخيم أراض بالمجان للبناء عليها مقابل هدم منازلهم في المخيم لكن هذا المشروع باء بالفشل."

وعن أوضاع قطاع غزة بعد النكسة والاحتلال، يؤكد شحادة ان قوات الاحتلال مارست أبشع أنواع الظلم والاضطهاد، مشيرا الى حملات الاعتقال والاعتداء على الشباب والرجال والتضييق على السكان لإجبارهم على الرحيل والنزوح خارج القطاع.