لم تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببسط سيطرتها على الأراضي الفلسطينية ونهبها؛ بل تسعى جاهدة إلى تغيير ملامحها الجغرافية؛ في محاولة منها لتزوير وتزييف الحقائق التاريخية لهوية الأرض وفلسطينيتها؛ فبعد احتلالها لما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967م، استمرت في سياسة التهويد للأراضي الفلسطينية. وفي هذا الإطار، جاءت حملتها المحمومة لتهويد أسماء المعالم الجغرافية الفلسطينية، بطريقة لم يسجل لها التاريخ مثيلاً؛ فعمدت إلى محاولات طمس كل أثر يدل على الهوية العربية الفلسطينية للبلاد، وعلى ارتباط الشعب الفلسطيني بها؛ بأن سارعت إلى تغيير أسماء المئات من المواقع الدينية والأثرية والشوارع والأحياء والبنايات التاريخية، إضافة إلى أسماء الأراضي والتلال والجبال لا سيما في مدينة القدس؛ وأعطتها أسماء عبرية وتوراتية، أو أسماء لزعماء إسرائيليين لا علاقة لهم بهذه الأماكن؛ وأغرقت الأراضي الفلسطينية بالمستوطنات والطرق الالتفافية، التي أصبحت، بمسمياتها العبرية، تحاصر التجمعات السكانية الفلسطينية وأسمائها العربية؛ ليشكل هذا الأمر تحدياً بالغ الخطورة، ليس فقط للوجود العربي الفلسطيني في البلاد، وإنما أيضاً لطبيعتها الحضارية وذاكرتها التاريخية.
ولا يخفى على أحد أهمية أسماء الأماكن والمعالم الجغرافية؛ فهي بمثابة الهوية التاريخية للمكان، والدلالة الواضحة على هويته الثقافية التي يجب المحافظة عليها وترسيخها؛ فهي تحمل في طياتها ومضامينها انعكاسًا واضحًا للإرث الثقافي والحضاري للفلسطينيين، والارتباط الموغل في القدم بأرض وطنهم عبر التاريخ.
ولمواجهة سياسة التهويد الإسرائيلية، وفضح روايتها المزيفة؛ سارعت الحكومة الفلسطينية في عام 2010 إلى تشكيل "اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية في فلسطين"؛ بهدف الحفاظ على الهوية الوطنية وحماية التراث الحضاري والتاريخي، وتحديد مرجعية كل ما يتعلق بالأسماء الجغرافية الفلسطينية، وإعداد قاعدة بيانات لهذا الغرض، لإنجاز المعجم الفلسطيني للأسماء الجغرافية.
وقد قرر مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته المنعقدة بتاريخ 3/2/2015م المصادقة على توصيات اللجنة الوطنية للأسماء الجغرافية في فلسطين، والمتمثلة بالأتي:
1- المصادقة على التقرير الخاص بالمحميات الطبيعية في فلسطين، والتزام جميع المؤسسات والدوائر الحكومية بالتسمية المستخدمة والمعتمدة من قبل مجلس الوزراء.
2- المصادقة على التقرير الخاص لرصد تهويد الأسماء الجغرافية التي تقع عليها المستوطنات الإسرائيلية.
3- اعتماد ما تم توثيقه من الأسماء الجغرافية لفلسطين في حدود عام 1967م؛ وعددها (15230) اسمًا؛ كمسودة أولية لـ"معجم فلسطين".
- تقرير رصد تهويد الأسماء الجغرافية الفلسطينية
- الأسماء الجغرافية للمحميات الطبيعية في الضفة الغربية