يعد بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي وكافة المواثيق والمعاهدات وقرارات المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات لاهاي واتفاقيات جنيف وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويعد كل ما ترتب على بناء المستوطنات الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة باطلا وبالتالي؛ فإن خلق الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقاً.
وفيما يلي أهم النصوص الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية، التي تحظر الاستيطان، وتمنع المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة في البلاد المحتلة، وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة:
ميثاق الأمم المتحدة: يفصِّل الميثاق سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال، وجوهر الميثاق (في هذه الحالة) يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة.
معاهدة جنيف الرابعة: تنتهك السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية معاهدة جنيف الرابعة في المواد الآتية:
المادة 49: جاء في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة: "لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها". علمًا بأن عدد المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، بلغ نحو 600 ألف مستوطن.
المــادة 53: جاء في المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة: "يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير". علما بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على مصادرة وتجريف أراضي الفلسطينين لصالح بناء المستوطنات والمعسكرات والطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري. وتعمل على فرض سيادتها على المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت، استنادنا إلى ما يسمى بـ"صفقة القرن" المخالفة للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار عملية السلام.
اتفاقية لاهاي/ 1907م: تنتهك سلطات الاحتلال الإسرائيلي اتفاقية لاهاي/ 1907م بشكل عام، وعلى وجه الخصوص، فيما يتعلق بالاستيطان في المواد الآتية:
المــادة 46: جاء في المادة 46 من اتفاقية اتفاقية لاهاي/ 1907م: "ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة." خلافا لهذه المادة تعمل سلطات الاحتلال على مصادرة الملكيات الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين من أرض وعقارات لصالح الاستيطان؛ بل تعمل على تدميرها وهدمها في أحيان أخرى، وبحجج واهية؛ وأيضا تعمل سلطات الاحتلال على حرمان الفلسطينيين من ممارسة معتقداتهم وشعائرهم الدينية في أماكنهم المقدسة، وعلى وجه الخصوص، تمنع معظم أبناء الشعب الفلسطيني من وصول المسجد الأقصى المبارك لأداء الصلاة فيه، وتغلقه بشكل كلي بين فترة وأخرى، وتفتح المجال للمستوطنين يوميًا لاقتحام الأقصى وأداء طقوس تلمودية، ولسماع شروحات عنصرية ضد الشعب الفلسطيني؛ كما وبسطت سلطات الاحتلال سيطرتها على نصف الحرم الإبراهيمي، ومنعت الفلسطينيين من دخوله لاداء شعائرهم الدينية، وخصصت هذة الجزء لصالح المستوطنين؛ فيما حاصرت الجزء المتبقي للفلسطينيين بسلسلة من الحواجز والبوابات الحديدية والإلكترونية؛ لتعيق وتتحكم بوصول الفلسطينيين للحرم؛ بل تعمل على منع رفع الأذان بحجة انزعاج المستوطنين من الصوت، وتهيمن على الحرم كاملًا في الأعياد والمناسبات الدينية اليهودية لتشرع الأبواب للمستوطنين فقط.
المــادة 55: جاء في المادة 55 من اتفاقية اتفاقية لاهاي/ 1907م: "لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسؤول إداري ومنتفع من المؤسسات والمباني العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية والتي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال. وينبغي عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقاً لقواعد الانتفاع". خلافًا لهذه المادة، عملت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على بسط سيطرتها المؤسسات والمباني العمومية ومصادرة الغابات والأراضي الزراعية لمصلحة مشاريعها الاستيطانية والتهويدية، ونهبت موارد وثروات الفلسطينيين الطبيعية، وحرمتهم من الانتفاع منها؛ وجعلتها متاحة للمستوطنين.
قرارات مجلس الأمن الدولي: أتخذ مجلس الأمن الدولي، باعتباره المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، مجموعة من القرارات التي تنكر وجود أي صفة قانونية للاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان بالقدس. ومنذ عام 1967 وحتى اليوم صدرت قرارات بهذا الخصوص أهمها:
رقم القرار |
تاريخ القرار |
المضمون |
2334 |
23/12/2016 |
|
476 |
30/6/1980 |
|
452 |
20/7/1979 |
|
446 |
20/3/1979 |
|
252 |
21/5/1968 |
رفضت إسرائيل تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بما فيها القرارات المتعلقة بالاستيطان المذكور بعضها أعلاه؛ وأدارت ظهرها للشرعية الدولية ضاربة بقراراتها عرض الحائط دون حسيب أو رقيب؛ بل استمرت في بناء المزيد من المستوطنات وصعدت من إجراءاتها التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين.
قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة: اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة مئات القرارات المتعلقة بالشأن الفلسطيني. عدد كبير من هذه القرارات تناول موضوع الاستيطان؛ وهذه القرارات وتنكر أي صفة قانونية للاستيطان، أو الضم؛ وتدعو إلى إلغائه، وتفكيكه، بما في ذلك الاستيطان بالقدس؛ وتعتبر المستوطنات انتهاكًا لحقوق الشعوب المحتلة، ويمكن استعراض عدد من هذه القرارات على النحو الآتي:
نلاحظ من خلال الجدول أعلاه بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تتخذ قرارًا خاصة بموضوع "المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والجولان السوري المحتل". في كل عام تأكد جميعها على عدم شرعية المستوطنات وتدعو إلى تفكيكها لمعرفة المزيد من القرارات.
أكدت الجمعية العامة في جميع هذه القرارات إدانتها سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة، بل ذهبت في بعض قراراتها الصادرة خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي إلى حد اعتبار الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة أنها تشكل جرائم حرب وإهانة للإنسانية، وتدين استمرار إسرائيل وتماديها في انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وأن ما ارتكبته إسرائيل من حالات خرق خطيرة لأحكام تلك الاتفاقية يعد جرائم حرب وإهانة للإنسانية، وتدين بقوة السياسات والممارسات الإسرائيلية، وخاصة ضم أجزاء من الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس، وإقامة مستوطنات إسرائيلية جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة في الأراضي العربية الخاصة والعامة.
وهناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات وقرارات المؤسسات الدولية التي تدين وتجرم بناء المستوطنات، وتنادي بضرورة تفكيكها، وتعتبرها جريمة بحق الإنسانية وجريمة حرب.