أنماط العمران في فلسطين

تعددت أشكال العمران في فلسطين على حسب المنطقة الجغرافية، فالصحراء والريف والمدن كل أخذ طابعه الخاص ووفقا للظروف البيئية والمعيشية والاجتماعية التي تميزه، وعليه يمكن تقسيم أشكال العمران في فلسطين على النحو التالي:-

العمران البدوي:

تشكل الصحراء مساحة كبيرة من أرض فلسطين تقارب 65%، وتبرز مدينة بئر السبع عاصمة الصحراء والتي كان يقطنها هي والقرى المجاورة في عام 1948م حوالي 90,507 نسمة، ويقدر عدد اللاجئين الذين نزحوا من صحراء النقب حوالي 590,231 نسمة، وتبقى في صحراء النقب حوالي 18,400 نسمة حسب تقديرات عام 2000، و يتوزع سكان النقب في مدن تل السبع والشقيب وراهط و غيرها.

أما في قطاع غزة؛ فقد توزع البدو الذين هاجروا من النقب إلى مخيمات قطاع غزة ، كما يوجد البدو في الأطراف الشرقية للقطاع في المنطقة الممتدة من وادي غزة حتى رفح، وتنتشر هناك عدة  قبائل، وأنشأت قرى تضم هذه التجمعات البدوية كجحر الديك والمصادرة، والنصر، والقرارة  ووادي السلقا وغيرها.

في الضفة الغربية -حيث السفوح الشرقية لمرتفعات فلسطين- تنتشر بعض القبائل البدوية التي تحولت من الترحال إلى شبه الاستقرار، وأنشأت مجموعة من القرى كقرى السواحرة شرق مدينة القدس، وعرب بن عبيد إلى الجنوب من السواحرة، وعرب التعامرة شرقي بيت لحم، وعرب الكعابنة شرقي الخليل، وعرب الجهالين في برية الخليل، كما يوجد البدو في قرى: يطا، والسموع، وبني نعيم. ومخيمات: الخليل، وبيت لحم.

وقد كان نمط العمران البدوي في ظل الاحتلال البريطاني وبداية الستينات على شكل مضارب من بيوت الشعر في مناطق السفوح الشرقية وصحراء النقب وشرقي قطاع غزة.

 ويتم اختيار مواقع المضارب حسب اختيار شيخ العشيرة وكبار السن فيها، بحيث تكون في منطقة آمنة من الأخطار الطبيعة خاصة السيول، وقد كانت مناطق الصحراء مقسمة بين القبائل البدوية بعد سلسة من المعارك الضارية التي شهدتها أرض النقب في الصراع على الكلأ والماء.

يعيش البدو بوحدة سكنية تسمى بيت الشعر، ويقسم بيت الشعر إلى أجنحة تفصل بينها ستائر حيث يخصص قسم للنساء والأطفال، و قسم للرجال، وتبنى البيوت عادة متجهة للشرق في مواجهة الشمس، وهذه البيوت سهلة الحمل والبناء، فينقلها البدو بسهولة إذا ما أرادوا الرحيل إلى منطقة أخرى.

والقرى التي أنشأها البدو هي تكرار لروح مضارب البدو، حيث تتجمع عشرات المنازل للعشيرة الواحدة، ويعيشون في شبه عزلة عن جيرانهم، ويتم اختيار موقع القرية ليتناسب مع مواضع الكلأ والماء والزراعة وطرق المواصلات.

العمران الريفي:

تنحدر معظم مراكز العمران الريفي من أصول تاريخية عريقة، وهذا يدل على أن التجمعات العمرانية الراهنة ليست سوى نسبة ضئيلة من حصيلة تاريخية ضخمة؛ فبعض القرى انبثقت عن تطور التجمعات الزراعية حول الينابيع والعيون، والبعض الآخر تطورت عن استقرار البدو في مناطق الجفتلك وطوباس وغور فصايل والعوجا والنبي موسى والخان الأحمر بالقرب من أريحا، ويطا وبني نعيم والسموع وبرية القدس والخليل، والظاهرية المشرفة على صحراء النقب. وقرى عبسان وخزاعة وبني سهيلا والبيوك والزوايدة والقرارة وغيرها.

نشأت القرى الفلسطينية على قمم المرتفعات والتلال بهدف الحماية والدفاع ضد الأخطار الخارجية، وبعضها نشأ على أطراف المنحدرات حيث ينابيع المياه، والبعض نشأ في مناطق السهول سواء السهول الساحلية أو بين المرتفعات الجبلية.

بلغ عدد القرى عام 1989م في الضفة الغربية حوالي 439 قرية، تضم حوالي 40% من سكان الضفة الغربية، بينما يوجد في قطاع غزة حوالي عشرة قرى تضم حوالي 17% من إجمال السكان.

في عهد السلطة الفلسطينية تم تحويل كثير من القرى إلى مدن، وكثير من التجمعات السكانية إلى قرى؛ ففي غزة تحولت قرى بني سهيلا وعبسان و خزاعة والقرارة إلى مدن، وأنشئت قرى جديدة مثل النصر و قاع القرين وخربة العدس في رفح، ووادي السلقا والمصادرة في محافظة دير البلح و غير ذلك.

مميزات العمران الريفي:

1- أقيمت على أقل مساحة ممكنة من الأرض فوق أحدى التلال أو القمم.

2- أقيمت القرى على مواقع قرى قديمة تعرف باسم الخرب التي تظهر بها الآثار القديمة.

3- تتميز قرى المرتفعات الجبلية بقلة سكانها الذين يغادرونها للمدن المجاورة بحثاً عن فرص العمل. وبالتالي ينقص هذه القرى الخدمات التعليمية والصحية.

4- تتميز بيوت الريفيين بتلاصقها لغرض الدفاع، وتفصل بينها أزقة ضيقة، وتقوم المباني بمحاذاة الشارع الرئيس، حيث يوجد سوق القرية والجامع وديوان العشيرة، و تضم كل حارة "حي" مجوعة من المباني المتلاصقة التي يسكنها أفراد الحمولة " العشيرة الواحدة "

5- تشيد غالبية المباني من الحجر الجيري والطباشيري المنتشر بكثرة في مرتفعات فلسطين، بينما القرى الساحلية تبني من الطوب الذي يصنع محلياً، و تأخذ البيوت الشكل المستطيل و تأخذ الشكل القبابي.

6- تطورت القرية الفلسطينية في أواخر القرن العشرين تطوراً كبيراً حيث أوجدت مجالس قروية عملت على تنظيم حركة البناء، و خرج البناء عن حدود القرية القديمة بمساحات كبيرة .
 
 العمران الحضري:

ترجع نشأة المدن الفلسطينية إلى أصول تاريخية عريقة؛ فقد أنشأها الكنعانيون والفلسطينيون القدماء، وبعضها أنشأه الإغريق والرومان، والبعض الآخر أقيم في العهد الإسلامي كمدينة الرملة وخانيونس.  وتعد أريحا أقدم مدن العالم، ومن المدن القديمة في فلسطين: القدس، ويافا، وحيفا، وعكا، والخليل، ونابلس، وبيسان، وعسقلان، وغزة.

تنتشر المدن الفلسطينية في ثلاث خطوط متوازية:

أ‌- الخط الساحلي: بموازاة الساحل، مثل: رفح، وخانيونس، ودير البلح، وغزة، وعسقلان، وأسدود، ويافا، وقيساريا، ونتانيا، وحيفا، وعكا، بالإضافة إلى مدن: طولكرم، وقلقيلية، واللد، والرملة، التي تقع في إقليم السهل الساحلي.

ب‌- خط تقسيم المياه: ويسير هذا الخط في وسط البلاد مع قمم المرتفعات الجبلية، حيث مدن بئر السبع، والخليل، وبيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، والقدس، والبيرة ورام الله، وسلفيت، ونابلس، وطوباس، وجنين.

ت‌- مدن حفرة الانهدام: تقع على الحدود الشرقية لفلسطين، وهي مدن: طبريا، وبيسان، وأريحا، وأم الرشراش.