عند نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية، وقعت فلسطين تحت حكم انتداب بريطاني وتم تشكيل إدارة عسكرية في البلاد، وقسمت فلسطين في الفترة ما بين 1917 - 1920 إلى عدة ألوية، وعلى رأس كل لواء حاكم عسكري بريطاني يرتبط بالحاكم العسكري في القدس، والذي كان بدوره مرتبطا بالقيادة العامة للجيش البريطاني في القاهرة.
وفي العام 1922 قسمت فلسطين إلى ثلاث مناطق وهي اللواء الشمالي ، اللواء الجنوبي ، ومقاطعة القدس.
وقامت الإدارة العسكرية منذ قيامها في فلسطين باتخاذ عدة قرارات بخصوص ملكية الأراضي؛ فأصدر الجنرال موني في 8 أيار 1918، قرارًا بوقف جميع معاملات ملكية الأراضي الأميرية الخاصة، وأغلقت دوائر تسجيل الأراضي (الطابو)؛ لأن السلطات التركية أخذت معها خلال انسحابها إلى دمشق جميع دفاتر الطابو، ثم تمكنت الحكومة البريطانية من إعادة جزء منها 1919م، بمساعدة الفرنسيين في سوريا، وخاصة المتعلقة بمناطق نابلس وغزة، بينما فقدت سجلات القدس، أما سجلات الأراضي لحيفا وعكا والخليل وجنين والناصرة وصفد وطبرية وطولكرم؛ فقد وجدت سليمة لكنها غير كاملة.
وفي فترة ولاية المندوب البريطاني هربرت صموئيل صدرت قوانين جديدة، وعمل على تغيير القوانين العثمانية لتسهيل انتقال الأراضي لليهود، وقد حذا المندوبون الساميُون الذين تلوه حذوه في هذا الشأن.
القوانين الصادرة عن حكومة الانتداب بشأن الأراضي في فلسطين:
1.قانون تصحيح سجلات الطابو 1920: وجاء بعد تأسيس الإدارة المدنية مباشرة، لإلغاء الأوامر في المنشورين رقم 75 - 76 اللذين صدرا عام 1918م.
2.قانون انتقال الأراضي: وبموجبه كان انتقال الأراضي مرهونا بموافقة حكومة الانتداب وأكد أنه لا يسمح للشخص الواحد بامتلاك أكثر من 300 دونم من الأراضي الزراعية لا تتجاوز قيمتها 3000 جنيه مصري، ولا يسمح له بامتلاك أكثر من 30 دونم داخل مناطق المدن، وكان على المالك أن يكون مقيمًا في فلسطين، وأن يقوم بزراعة الأراضي وتحسينها بنفسه.
3.قانون الأراضي المحلولة عام 1921: وقد حاولت حكومة الانتداب بهذا القانون السيطرة على الأراضي التي يزرعها الفلاحون العرب، وخاصة أن أغلب الأراضي لم تتم زراعتها في سنوات الحرب. وقد أدركت الحكومة هذه الثغرة، وقامت بمصادرة الأراضي بحجة أنها تركت ثلاث سنوات دون زراعة؛ ولهذا فإن هذا القانون طبق بأثر رجعي؛ ما حرم الفلاحين من الاستفادة من الأراضي المحلولة التي كانوا يتصرفون بها؛ لوضع التسهيلات أمام اليهود، ولوضع حجر الأساس لبناء الوطن القومي اليهودي.
4.قانون الأراضي الموات 1921: وينص على أن كل من نقب أرضاً مواتا أو زرعها دون أن يحصل على موافقة مدير الأراضي لا يحق له أن يحصل على سند ملكية بشأن تلك الأراضي، ويعرض نفسه فضلاً عن ذلك للمحاكمة لتجاوزه القانون الخاص بالأراضي.
5.قانون محاكم الأراضي 1921: أصدره المندوب السامي للبت في ملكية الأراضي والحكم في منازعات الملكية، وأعطى السكرتير القضائي نورمان بنتوش حق إدارة ومراقبة هذه المحاكم.
6.قانون الغابات: استخدم كستار لمصادرة الأراضي؛ لتصبح أراضي حكومية ثم تتمكن الحكومة من تسهيل نقل ملكيتها لليهود.
7. قانون حق نزع الملكية: أعطى الحق لكل مستثمر يريد إنشاء مشروع ما على قطعة أرض أن يتفاوض أو يتفق مع صاحبها لينشئ عليها مشروعه، وفي حال لم يتوصل لاتفاق يقدم منشئ المشروع عريضة للمندوب السامي؛ والذي يمكنه أن يصدر أمرًا بنزع ملكية الأرض من صاحبها، أو يعطى الحق للمستثمر بوضع يده على الأرض.
وقد فرضت حكومة الانتداب البريطاني عدة ضرائب على الأملاك، وبعد إصدارها لقانون ضريبة الأملاك في المدن عام 1928م أخذت الحكومة تفكر ببحث الضرائب المفروضة في مناطق الأرياف وتوحيدها في ضريبة واحدة، ولتنفيذ ذلك شكل المندوب السامي عام 1931 لجنة عرفت باسم (لجنة الضرائب الريفية)؛ وذلك للبحث في نظام الضرائب المفروض على الأراضي الزراعية وتقديم تقرير بذلك إلى الحكومة لدراسة.
وبذلك كانت الضرائب التي فرضتها حكومة الانتداب على عرب فلسطين وسيلة رئيسية لانتقال الأراضي من العرب إلى اليهود؛ فقد شكلت عبئاً اقتصاديا ثقيلاً على كاهل الفلاح الفلسطيني؛ بحيث أصبحت تساوي 30 - 40% من دخله المتدني أصلاً؛ ما اضطره للجوء إلى المرابين للاستدانة بفوائد مرتفعة عجز في الغالب عن تسديدها؛ الأمر الذي دفعه لبيع جزء من أرضه لسداد هذه الديون.