تحديات ومعوقات التخطيط العمراني في فلسطين

تواجه مؤسسات التخطيط العمراني الفلسطينية عددًا من التحديات والمعوقات والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين هما:

أولاً: تحديات ومعوقات موروثة:

وهي تلك التي ورثتها السلطات والهيئات الفلسطينية عن الإدارات وسلطات الحكم السابقة التي توالت على فلسطين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأهمها التحديات الموروثة عن الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967، وهي ما تزال قائمة لغاية الآن، وتتلخص هذه التحديات فيما يلي:

1. الأنظمة والقوانين

والتي فرضت واقعًا لا بد من التعامل معه، حيث نجد أن قانون الأراضي العثماني قد فرض واقعًا خاصًا بملكية الأراضي وتقسيمها إلى: ملك، وقف، ميري، متروكة، موات إضافة إلى قوانين البناء السارية المفعول والمستمدة من قوانين الانتداب البريطاني، وكذلك الأوامر والقوانين العسكرية الإسرائيلية وما نشأ عنها من واقع الأرض.

2. الوضع السياسي

من خلال السيادة على الأراضي والتقسيمات الإدارية والأمنية.

3. تسوية الأراضي

يكتسب موضوع  تسوية الأراضي أهمية خاصة في أعمال التخطيط والتنظيم، فغياب التسوية يضعف من القدرة في السيطرة على الأرض، وذلك لعدم توفر المعلومات اللازمة عن ملكية الأرض؛ وبالتالي عدم القدرة على إنتاج الخرائط اللازمة لعمل المخططات الهيكلية والعمرانية. ولعل عدم إجراء أعمال التسوية على 70 % من أراضي الضفة الغربية، كان وما يزال أحد العوامل التي تساعد في مصادرة الأراضي وبناء المستعمرات الإسرائيلية وشق الطرق الالتفافية الهادفة إلى ربط هذه المستعمرات من جهة، وإحداث النزاعات على الملكيات وإعاقة عملية التخطيط والتنمية من جهة أخرى.

4. المخططات الهيكلية والإقليمية

لقد تم في عام 1979  إعداد عدد من المخططات الهيكلية المحلية من قبل مخططين إسرائيليين، ومن ثم تم في عام 1981 تصديق 183 مخططًا لا تلبي أي احتياج للفلسطينيين، وتم رفضها.

 وفي سنوات لاحقة قامت دائرة التخطيط المركزية التابعة للإدارة العسكرية الإسرائيلية بإعداد مخططات هيكلية جزئية، تم من خلالها وضع حدود ضيقة للمناطق المسموح البناء فيها لجميع القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث تم إقرارها حتى بداية عام 1994، وما يزال عدد كبير من هذه المخططات ساري المفعول حتى الآن في ظل غياب أي مخطط هيكلي بديل أو جديد. وهذه المخططات أيضا لم تلب احتياجات الفلسطينيين، إذ أعدها مخططون إسرائيليين بناء على صور جوية، واقتصرت على استعمالات سكنية ووضع عروض غير منطقية للطرق تصل إلى  16 مترًا داخل القرى، وضمن مساحات ضيقة تشمل آخر ما وصلت إليه الأبنية القائمة دون مراعاة الزيادة السكانية والتوسع العمراني المستقبلي.

ثانيا: تحديات في فترة السلطة الفلسطينية:

ويمكن تلخصيها بما يلي:

تحديات ومعوقات سياسية:

تتعلق بالتقسيمات الإدارية والأمنية وإعادة الانتشار على مراحل، وما نتج عنها من عدم تواصل جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة وبين محافظات الضفة الغربية من جهة أخرى.

تحديات ومعوقات جغرافية:

ترتبط هذه التحديات والمعوقات بما فرضه الاحتلال الإسرائيلي وما زال يفرضه على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة من بناء وتوسعة للمستعمرات وشبكة الطرق الالتفافية التي تربطها، وأيضا بناء الجدار الفاصل أو العازل على حدود الضفة الغربية.

تحديات ومعوقات تنظيمية ومؤسساتية:

على الرغم من الجهود والمحاولات المختلفة التي قامت بها مؤسسات وهيئات التخطيط الفلسطينية لإعداد مخططات هيكلية وإقليمية تنظم التطور العمراني واستخدامات الأراضي المختلفة للتجمعات السكانية، إلا أن عملية التخطيط والتنظيم ومؤسسة التخطيط في فلسطين لا زالت تعاني من مشاكل كثيرة، وتواجه معوقات عديدة يمكن تلخيصها على النحو التالي:

1. غياب أو عدم اعتماد سياسات التخطيط على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية.

2. عدم وضوح المسؤوليات، وتداخل الصلاحيات بين الجهات المعنية بالتخطيط.

3. ضعف وربما غياب التنسيق والتعاون بين المؤسسات المعنية.

4. غياب أو عدم ملائمة الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تحكم عملية إعداد المخططات وتنفيذها ومتابعتها.

5. ضعف وقلة الكوادر الفنية والعلمية المؤهلة في مجال التخطيط العمراني.

6. عدم تلبية المخططات للاحتياجات وتعارضها في معظم الأحيان مع المصالح الخاصة.

7. غياب تسوية الأراضي ومسحها وملكيتها.

8. ضعف وربما غياب المشاركة الشعبية والجماهيرية في إعداد وتنفيذ المخططات.

9. ضعف وقلة التمويل اللازم لإعداد وتنفيذ المخططات.

10. ضعف وقلة المعلومات والبيانات اللازمة وعدم توفر الخرائط والصور الجوية الحديثة.
11. غياب دور القطاع الخاص.

تحديات ومعوقات خاصة بالمخيمات الفلسطينية

وتتمثل في العلاقة المتبادلة والتأثيرات الناجمة عن وجود عدد من مخيمات اللاجئين التي نشأت بفعل الهجرات السكانية بعد حرب عام 1948 وحرب عام 1967 داخل أو على أطراف المدن والتجمعات السكانية؛ حيث أن هذه المخيمات تعاني من الاكتظاظ السكاني ومحدودية الأرض والمساحة، وغياب الخدمات والمرافق الحياتية والضرورية، وعشوائية التطور في ظل غياب التخطيط العمراني.

وعلى الرغم من أن هذه المخيمات تقع تحت مسؤولية وإشراف منظمة (UNRWA) ، إلا أنها تحصل على الخدمات الأساسية (مثل الكهرباء والمياه وجمع النفايات) من البلديات والهيئات الفلسطينية.

أما من ناحية تراخيص الأبنية فلا تخضع هذه المخيمات إلى قوانين وأنظمة التخطيط والتنظيم المعمول بها في المدن والقرى الفلسطينية، مما يشكل عائقًا وتحديًا كبيرًا أمام التطور العمراني في هذه المدن، ويؤدي إلى نشوء ما يعرف بظاهرة السكن العشوائي.

إضافة إلى ما سبق ذكره من تحديات ومعوقات، هناك تحديات ومشاكل جديدة ظهرت منذ بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000 وما رافقها من ممارسات إسرائيلية وإعادة احتلال للمدن الرئيسية والقرى الفلسطينية؛ مما كان له أثر مدمر على مؤسسات وهيئات التخطيط العمراني في الأراضي الفلسطينية وبالتحديد المؤسسات المحلية.

وهذه التحديات والمشاكل تتلخص فيما يلي:

 1. ندرة الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشاريع تطوير البنية التحتية الضرورية والأساسية، حيث أعاد الاحتلال تدمير ما تم إنجازه بين عامي 1994-2000، وقد شمل ذلك تدمير جزء كبير من شبكات الطرق والصرف الصحي والمياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية التي سعت الهيئات المحلية للحصول عليها في الفترة التي سبقت عام 2000.

2. الاحتلال الإسرائيلي المتكرر لمناطق السلطة الفلسطينية، وما يرافقه من تدمير للبنية التحتية.

3. ضعف الإمكانيات الفنية اللازمة لتنفيذ المشاريع؛ مما يتطلب رفع كفاءة بعض الهيئات المحلية
لتمكينها من تنفيذ المشاريع الحيوية.