يعتبر قطاع النحل في فلسطين من القطاعات الإنتاجية المهمة والواعدة في المنظومة الإنتاجية الزراعية، وذات أولوية ضمن مكونات الاستراتيجية الوطنية للقطاع الزراعي للأعوام 2017-2022؛ لذا ينبغي على جميع الجهات ذات العلاقة أن تدعم مربي النحل، لدعم صمودهم على أرضهم. ويشكل نحل العسل أحد الكنوز الطبيعية في فلسطين، وقد اعتنى المزارع الفلسطيني بالنحل منذ القدم، ورباه في مساكن تسمى "قواديس"، وهي عبارة عن خلايا فخارية تشبه الأنابيب، وتوضع فوق بعضها، وقد تصنع من الطين والقش، ووضع هذه القواديس في بساتين الأشجار القريبة من سكنه، بعيدًا عن الأوساخ والقاذورات، واختار لها مواقع تحميها من البرد والمطر؛ وكان يحرص على وضعها بين الأشجار لاستقبال الطرود الجديدة في أماكن قريبة يسهل اكتشافها والتعامل معها؛ وكان يضع حوض ماء نظيف من الصخر تطفو على وجهه عيدان نباتية، يسهل وقوف النحل عليها للشرب في أيام الصيف والحر. وكان النحل يربى بغرض الاكتفاء الذاتي، وتوفير ما يحتاج إليه الناس من غذاء ودواء، وكانت تربية النحل هواية أكثر منها مهنة يعتمد عليها.
وفي عهد الانتداب تطورت الخلايا في فلسطين كباقي دول العالم؛ إذ أصبحت من الخشب كخلية لانجستروث، التي تتسع لعشرة براويز؛ إذ تم إدخالها أولاً للمدارس الزراعية، ثم انتشرت تدريجيًا بعد عام 1967.
في عام 2008 أصدر مجلس الوزراء قراراً لتنظيم أعمال تربية نحل العسل في فلسطين، بالاستناد الى قانون الزراعة لعام 2003؛ ونصت المادة الثالثة منه على: "يتم تنقل المناحل بناء على الوضع الوبائي للمكان الموجودة فيها والمنوي نقلها إليها، ويتم النقل بموجب شهادة بيطرية رسمية صادرة عن الطبيب المختص؛ وضرورة إصدار تعليمات موسمية لمزارعي الفواكه والخضراوات بعدم تعفير ورش المبيدات خلال موسم الإزهار بمواد سامة للنحل. وتحديد ظرف ومواعيد الوقاية والمعالجة للأمراض والآفات وتحديد أنواع العلاجات المستخدمة لعلاج طوائف النحل لحمايتها من الأمراض. إلى جانب توعية مربى النحل بتطوير وتوسيع معلوماتهم في مجال الوقاية والمعالجة بأية وسيل سمعية أو بصرية".
أما حاليا فيربي الفلسطينيون النحل بالطرق العلمية، ويستخدمون أحدث الأجهزة والتقنيات في تربية النحل ومنتجاته؛ فقد إدراك المواطن الفلسطيني أهمية هذا القطاع والميزات التي تختص بها أرض فلسطين، والظروف التي تعيشها، والتي تحتم التركيز على هذا القطاع أكثر من غيره؛ فتنوع المناخ يمكن المزارع من نقل النحل للتصييف والتشتية، وملاحقة النباتات وهي في طور الإزهار؛ والنحل في فلسطين يعمل ثمانية أشهر في السنة، بعكس العديد من الدول التي لا يعمل فيها النحل سوى شهرين في السنة.
سلالات النحل في فلسطين: تميزت سلالات النحل في فلسطين والشام عن باقي سلالات العالم بوجود صنفين هما:
الحارثي (أصفر ليموني): ويسمى في الشام "السيافي"، وهو صنف ضعيف الإنتاج، وشرس الطباع، وميال للتطريد.
والقمري (يميل إلى السمرة): ويسمى في الشام "بالغنامي"، وهو هادئ الطباع أكبر حجمًا وإنتاجا من الصنف الحارثي.
ومع الزمن وتطور تربية النحل في فلسطين، أدخلت أنواع وسلالات أخرى، كالإيطالي، وأنواع أخرى مهجنة.
ومن المعلوم، أن ألوان سلالات النحل العالمية محصورة بين النحل الأصفر الفاتح والأسمر الغامق، (مع العلم بأن اللون وحده لا يحدد الصفات؛ ولكنه يعدّ عاملاً أساسيًا في تحديد سلالات النحل).
ويمتاز النحل في بلادنا بخاصيتي التأقلم، ومقاومة الأمراض؛ ما جعل منه سلالة صالحة للانتخاب والتحسين.
أنواع العسل المنتج في فلسطين: تختلف أنواع العسل تبعاً لعوامل كثيرة ومتداخلة، منها: اختلاف أنواع النحل، واختلاف المرعى، من أشجار وأزهار وتربة وعوامل بيئية، تشمل العوامل المناخية، والجغرافية، ومن أشهر أنواع العسل المنتج في فلسطين:
العسل الجبلي: "يتميز العسل الجبلي بلزوجته العالية"، عسل جبلي حنون مر، عسل الزيتون، عسل الزهور البرية، عسل حبة البركة، عسل الزعتر، عسل السدر، عسل القرنفل، عسل الأعشاب الطبية"مثل الكسبرة والنعناع والبابونج والينسون والكمون والكراويا" وهو غني بالزيوت الطيارة ذات القيمة العالية؛ عسل الفراولة، عسل السمسم، عسل الكركدية، عسل الريحان، عسل التفاح، عسل الخوخ، عسل الموز، عسل الكافور، عسل الورد البلدي، عسل الحمضيات وهو من أحسن الأنواع، وله رائحة ممتازة، وهو أكثر الأنواع شيوعًا.
عدد الخلايا: بلغ عدد خلايا النحل كما هو في 01/10/2021 في فلسطين 64,360 خلية حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني ووزارة الزراعة " النتائج الاولية للتعداد الزراعي 2021 في دولة فلسطين"، (منها 74.0% في الضفة الغربية، و26.0% في قطاع غزة)، مقارنة بحوالي 38,216 خلية في 01/10/2010 أي بإرتفاع قدره 26,144 خلية. وكانت محافظة جنين الأعلى من حيث تربية النحل حيث بلغ عدد خلايا النحل 12,305 خلايا بنسبة 19.1% وجاءت محافظة القدس بأقل عدد 378 خلية بنسبة 0.6% فقط من إجمالي عدد خلايا النحل في فلسطين.
أعداد خلايا النحل في فلسطين حسب المحافظة 2010 و2021
المحافظة |
عدد خلايا النحل 2010 |
عدد خلايا النحل 2021 |
فلسطين |
38216 |
64360 |
الضفة الغربية |
29040 |
47595 |
جنين |
3540 |
12305 |
طوباس والأغوار الشمالية |
2941 |
1904 |
طولكرم |
3383 |
7889 |
نابلس |
3778 |
3162 |
قلقيلية |
3403 |
3383 |
سلفيت |
1818 |
3106 |
رام الله والبيرة |
2699 |
5754 |
أريحا والأغوار |
2975 |
2602 |
القدس |
418 |
378 |
بيت لحم |
1011 |
1480 |
الخليل |
3074 |
5632 |
قطاع غزة |
9176 |
16765 |
شمال غزة |
2937 |
7043 |
غزة |
556 |
1773 |
دير البلح |
1211 |
1588 |
خانيونس |
3840 |
5700 |
رفح |
632 |
661 |
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني/ النتائج الأولية للتعداد الزراعي 2021/ تموز 2022
استهلاك الفرد الفلسطيني من العسل: يبلغ استهلاك الفرد من العسل حوالي 175 غم سنوياً، ويعتبر هذا دون الحد الأدنى عالمياً، والذي يبلغ 500غم؛ علماً أن كميات إنتاج العسل في فلسطين لا تغطي الاستهلاك المحلي، إذ يستهلك الفلسطينيون أكثر من 1000 طن من العسل سنويًا؛ لذلك يتم استيراد نحو 400-500 طن من دول أخرى؛ فيما تصدر فلسطين للعالم كميات قليلة جدًا.
الجدوى الاقتصادية لتربية النحل في فلسطين: تعد مشاريع تربية النحل أحد أهم فروع الإنتاج الزراعي الحديث الأقل كلفة؛ إذ تعتمد على رحيق الأزهار، الذي يعد ثروة مفقودة إذا لم تستغل. ويشكل هذا القطاع مصدرًا داعمًا للدخل القومي؛ حيث رفد الدخل القومي الفلسطيني بمقدار 13 مليون دولار خلال العام 2019؛ فيما يعمل في هذا القطاع 3000 شخص.
أهم المشاكل التي تواجه النحالين في فلسطين:
1- نقص الخبرات: نقص الخبرات أدى إلى الحد من تطور معظم النحالين في فلسطين؛ وهنا تأتي أهمية الإرشاد الزراعي للمربيين، وتأهيل نحالين جدد وتشجيعهم للعمل في الميدان ومساعدتهم؛ كما يمكن إنشاء تعاونيات فاعلة.
2- الأمراض: النحل كائن شديد الحساسية لديه قابلية عالية للإصابة بالعديد من الأمراض. ومن العوامل التي تساعد على انتشار أمراض النحل عدم تقيد النحالين ببرامج وقائية، وتوزيع خلايا النحل بشكل متقارب.
3- التسويق: عدم وجود هيئات تسويقية متخصصة لحماية الإنتاج المحلي، ومنافسة العسل الإسرائيلي المستورد؛ ولا بد من حل مشاكل التسويق، ومراقبة جودة المنتج، وضبط الأسعار، وحماية الإنتاج المحلي بعدم استيراد العسل أو السماح للعسل الإسرائيلي بمنافسة الإنتاج المحلي.
4- استيراد معظم الصناعات النحلية من إسرائيل والخارج بأسعار عالية؛ ما يشكل عقبة أمام تطور تربية النحل في فلسطين.
5- استعمال المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب.
6- قلة المراعي وعدم وجود توجه عام لزراعة نباتات مراعي النحل.
7- عدم توفر مختبرات للكشف عن الأمراض، وفحص جودة العسل.
8- عدم وجود جهات داعمة لتبادل الخبرات مع دول العالم في هذا المجال.
9- انتهاكات الاحتلال: عمد الاحتلال الإسرائيلي من خلال اتباع منهج التدمير بمختلف أشكاله في التأثير على قطاع النحل من خلال تدمير البيئة الفلسطينية، وتدمير الغطاء النباتي في الأراضي الفلسطينية، وتلويث الجو بغازات المصانع، وإلقاء النفايات ومياه مجاري المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، واعتداء المستوطنين على خلايا النحل، وحرق مراعي النحل وتلويثها بمخلفات المصانع؛ ما أدى إلى تلوث النباتات والمراعي بشكل عام؛ وبالتالي قلة الإنتاج بالرغم من تزايد عدد الخلايا.
كما ساهم التحكم بالأسواق الفلسطينية من خلال طرح منتجات المستوطنات، على حساب سوق العسل الفلسطيني؛ ما أدى إلى كساده.
10- قصور الإنتاج عن تلبية حاجات الاستهلاك المحلي.