يمكن القول إن قطاع الإسكان في فلسطين مر بتطورات مهمة خلال الخمسين سنة الماضية، ويعد أحد أكثر القطاعات تأثراً بالأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية التي سادت الأراضي الفلسطينية طيلة السنوات التي تلت العام 1967؛ فقد عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى اتباع سياسة تضييق مقصودة على الأفراد والمؤسسات الفلسطينية، وحدت من تطلعات الفلسطينيين ورغبتهم وإمكانياتهم لتأمين مساكن ملائمة لهم كحق أصيل من حقوقهم الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية؛ فهناك القيود على استخدامات الأراضي، وتعقيدات الحصول على التراخيص اللازمة للبناء، والحد من إنشاء وتطور المؤسسات وجمعيات الإسكان.
بالرغم من المضايقات الإسرائيلية، أشارت البيانات الواردة في العديد من الدراسات والتقارير إلى تزايد معدلات البناء من الوحدات السكنية الجديدة في الضفة والقطاع بشكل ملحوظ خلال سبعينيات وثمانينات القرن الماضي؛ إذ ارتفع المعدل السنوي من 700 وحدة سكنية في العام 1968، إلى 9900 وحدة في العام 1987، واستمر الارتفاع في المعدل السنوي لبناء الوحدات الجديدة ليصل إلى نحو 12 ألف وحدة في العام 1993.
ومن المؤشرات على تطور قطاع الإسكان في فلسطين في تلك الفترة أن القيمة المضافة المتحققة من الإنشاءات والإسكان زادت من 74.5 مليون دولار في العام 1972، إلى حوالي 230 مليون دولار في العام 1979، وارتبط النمو الكبير في مؤشرات قطاع الإسكان خلال العام 1979، مع بداية عمل اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة التي ركزت عملها في أنشطة البناء والمساكن. واستمر الانتعاش في حركة البناء في السنوات اللاحقة، حيث بلغت القيمة المضافة المتحققة في العام 1987 قبيل اندلاع الانتفاضة الأولى نحو 300 مليون دولار.
ومع انطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991، وظهور بوادر لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي سادت أجواء من التفاؤل النسبي في الأراضي الفلسطينية، وحدث تحسن ملحوظ على مختلف الأنشطة الاقتصادية، وطال التحسن قطاع الإسكان والذي بلغت القيمة المضافة المتحققة فيه سنة 1993 حوالي 444 مليون دولار.
بعد عام 1993 يعدُّ قطاع الإسكان من القطاعات التي شهدت اهتماماً كبيراً من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية بمجرد توليها زمام الأمور في المناطق الفلسطينية سعياً منها لإصلاح البنية التحتية التي دمرها الاحتلال، وتوفير السكن والمباني للوزارات والوافدين من الخارج، وتعزيز صمود المواطنين الفلسطينيين في وطنهم في مواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى لاقتلاعهم.
عملت السلطة الوطنية الفلسطينية على إنشاء وزارة للإسكان للاهتمام بهذا القطاع وشجعت القطاع الخاص والبنكي على إنشاء وتمويل بناء المساكن، بتقديم تسهيلات وقروض إسكان للموظفين. وشهدت هذه المرحلة ظهور "مجلس الإسكان الفلسطيني" والعديد من مؤسسات الإقراض والجمعيات السكنية.
اهتمت السلطة الوطنية الفلسطينية بتوفير المساكن لفلسطينيي القدس من خلال تقديم القروض والمساعدات لهم لأعمال البناء؛ سعياً منها لتثبيتهم داخل المدينة المقدسة، التي تسعى إسرائيل إلى تفريغهم منها؛
ومن جهة أخرى، وسعياً منها للمحافظة على عروبة المدينة القديمة في القدس عمدت السلطة الوطنية الفلسطينية إلى ترميم مباني المدينة وتشجيع أصحابها على السكن فيها أو تأجيرها.
وخلال الفترة من 1994-1997 حدث استقرار على مستوى الأنشطة الإسكانية، وشهدت الأعوام اللاحقة تحسنًا كبيرًا في مؤشرات قطاع الإسكان؛ حيث بلغت القيمة المضافة المتحققة في العام 1998 نحو 370 مليون دولار. وتضاعفت القيمة المضافة المتحققة في العام 1999 لتبلغ 618 مليون دولار.
توالت الانخفاضات في مختلف المؤشرات الاقتصادية بين العامي 2000-2002 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وما رافقها من إجراءات إسرائيلية ألحقت الأذى بجميع القطاعات الاقتصادية الفلسطينية، ومن ضمنها قطاع الإسكان، لتعاود الارتفاع في الأعوام اللاحقة، ولتبلغ 7.2% في العام 2006.
ووضعت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في سلم أولويتها إعادة بناء المنازل التي هدمها الاحتلال، لا سيما في قطاع غزة في أعقاب العدوان الإسرائيلي عليه في الأعوام 2008 و2012 و 2014 و2019 و 2021 و2022، و2023 والمساهمة في بناء وترميم منازل الأسر المعدومة وتحفيز القطاع الخاص لتوفير المساكن الميسرة.
وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى زيادة في عدد المساكن المأهولة في فلسطين على النحو الآتي:
مؤشرات المسكن في فلسطين
السنة |
2017 |
2007 |
1997 |
عدد المساكن المأهولة بالآلاف |
866 |
585 |
390 |
نسبة الأسر التي تسكن في دار |
35 |
41 |
52 |
نسبة الأسر التي تسكن في شقة |
62 |
56 |
45 |
نسبة الأسر التي تسكن في فيلا |
1.1 |
1.6 |
0.8 |
نسبة الأسر التي تسكن في مساكن ملك |
85 |
81 |
78 |
نسبة الأسر التي تسكن في مساكن مستأجرة |
8 |
9 |
10 |
متوسط كثافة السكن (عدد الأفراد في الغرفة) |
1.4 |
1.6 |
2.0 |