خلفية تاريخية

اقترنت المحطات التي مر بها تمويل السكن بمجموعة من الأحداث والمعطيات التي ساهمت في رسم ملامح التمويل الإسكاني، وحددت أداء المؤسسات التمويلية وقدرتها على تقديم خدماتها.

اعتمد تمويل الإسكان في الأراضي الفلسطينية، في الفترة التي تلت احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، على مبادرات الأفراد واستثمارات القطاع الخاص في بناء الوحدات السكنية التجارية. وساهمت تحويلات الفلسطينيين العاملين في الخارج، في تمويل الجزء الأساسي من البناء في الأراضي الفلسطينية. وقدرت دراسة للدكتور"نضال صبري ( 1995 )/ جامعة بير زيت، مساهمة التحويلات الخارجية بنحو 80% من إجمالي استثمارات الإسكان التجاري في الفترة (1989- 1993).

 وأشارت ذات الدراسة إلى أن نحو 96% من الاستثمارات في قطاع الإسكان جرى تنفيذها وتمويلها من خلال الموارد الذاتية الخاصة، سواء تحويلات العاملين في الخارج، أو المدخرات المحلية، في حين تم تمويل الجزء المتبقي من الاستثمارات 4% عبر برامج الدعم العربية المقدمة من خلال اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة، أو برامج التوأمة مع المدن العربية.

تمثلت المبادرة الحقيقية الأولى في مجال التمويل الإسكاني بإنشاء اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في العام 1979. ووضعت هذه اللجنة برنامجاً لدعم المشاريع الإسكانية التعاونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إلا أن برنامجها هذا اصطدم بالمعيقات والعراقيل التي وضعتها السلطات الإسرائيلية أمام عمل اللجنة.

ورغم المعيقات، قامت اللجنة من خلال جمعيات الإسكان المتعددة بتنفيذ مشاريع إسكان بقيمة 24.5 مليون دينار. وقد استفاد من هذه المشاريع 4437 أسرة، شملت حوالي 31500 شخص "وفقًا لدراسة حول تمويل الإسكان في فلسطين لصالح عبد الرحمن 1998".

أما بالنسبة لجمعيات الإسكان التعاونية، فقد كان دورها ضعيفاً كمصدر تمويل لقطاع الإسكان، خلافاً لدورها في غالبية الاقتصاديات المشابهة للاقتصاد الفلسطيني. وساهمت المضايقات الإسرائيلية في الحد من أعداد هذه الجمعيات؛ إذ لم يتجاوز عددها ثلاث جمعيات حتى العام 1978. وشهدت أعداد الجمعيات وأنشطتها نمواً ملحوظاً بعد العام 1979؛ إثر إنشاء اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة، وتنفيذ اللجنة لأنشطتها عبر جمعيات الإسكان.

وقد بلغ عدد المنازل التي بنيت عن طريق هذه الجمعيات 1415 منزلاً حتى العام 1986، وفقا "لدراسة إستراتيجية للأراضي الفلسطينية" إسكان (محمد شديد، 1997).

وشهد قطاع التمويل الإسكاني مبادرات أخرى، إلا أنها كانت أقل تأثيراً، ومنها مساهمة المؤسسات الأجنبية العاملة في الأراضي الفلسطينية ( مثل مؤسسة التنمية الاجتماعية الأمريكية – C.D.F). وقدمت هذه المؤسسات تمويلاً جزئياً لعدد من جمعيات الإسكان التعاونية لإقامة المرافق العامة.

أما التطور الأبرز في مجال التمويل الإسكاني، قبل قيام السلطة؛ فتمثل بإنشاء المجلس الفلسطيني للإسكان في العام 1991 كمؤسسة وطنية غير ربحية تساهم في حل المشكلة الإسكانية في الأراضي الفلسطينية. وتم دعم هذا المجلس من المجموعة الأوروبية بمنحة مالية أولية تقدر بنحو 36 مليون دولار.

طرأت تطورات مهمة في قطاع الإسكان بعد إنشاء السلطة في العام 1994، حيث توفر مصدرًا مهمًا من مصادر تمويل الإسكان، تمثل بالمصارف التي أعادت افتتاح فروعها في الأراضي الفلسطينية.

وشكلت عودة الجهاز المصرفي، والمساعدات الدولية الموجهة لقطاع الإسكان، وإنفاق السلطة على المشاريع التطويرية، وتزايد أعداد جمعيات الإسكان، والتي بلغت 177 جمعية حتى العام 1997- عوامل مهمة في تطور قطاع الإسكان الفلسطيني، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية.