زراعة النخيل في فلسطين

 

عرفت زراعة النخيل في فلسطين منذ آلاف السنين، وحظيت باهتمام المزارع الفلسطيني؛ كونها شجرة ذات قيمة اقتصادية كبيرة، ومنزلة دينية عظيمة، تعيش مئات السنين، ولقدرتها على تحمل العديد من الظروف المناخية، بالإضافة لقدرتها على النمو في التربة المالحة.

تنتشر زراعة النخيل في فلسطين في منطقة أريحا والأغوار وقطاع غزة، لا سيما في مدينتي: دير البلح، وخان يونس.  ومن المعروف أن مدينة أريحا تاريخياً أطلق عليها اسم "مدينة النخيل"؛ لكثرة مزارع النخيل فيها. تعد زراعة  النخيل أقل الزراعات حاجة إلى الأيدي العاملة، وأقل الزراعات حاجة للكلفة المادية والتشغيلية. وتحتاج الشجرة حتى تثمر ثلاث سنوات، وتصل بعد ست سنوات إلى الذروة.

يعتبر قطاع التمور في فلسطين أحد ركائز الاقتصاد الزراعي،  فحسب إحصاءات وزارة الزراعة في أيلول 2021 بلغ عدد مزارع النخيل في فلسطين 571 مزرعة، تحتوي على 311 ألف شجرة نخيل، ويعمل فيها أكثر من 5000 عامل، ويبلغ قيمة صادراتها بنحو  35 إلى 40 مليون دولار سنوياً، ويقدر إنتاج التمور للموسم 2021 بحوالي 13 ألف ونصف طن،  يستهلك السوق المحلية الفلسطينية ما كميته 6000 طن من التمور في الضفة الغربية وقطاع غزة سنوياً؛ أي أن ما نسبته 60% من الإنتاج الفلسطيني من التمور يذهب إلى السوق المحلي، وفقط 40% من الإنتاج يتم تصديره من صنف المجول (المجهول) الفلسطيني، حيث يقدر استهلاك الفرد سنوياً حوالي 900 غرام من التمور.

تحتوي ثمرة البلح على معظم المركبات الأساسية اللازمة لبناء جسم الإنسان؛ فالتمر يعد منجمًا مليئًا بالفيتامينات. ويسمى التمر بالمنجم لكثرة ما يحتويه من العناصر المعدنية: مثل الفسفور والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والصوديوم والكبريت والكلور؛ كما يحتوي التمر أيضاً على فيتامينات : أـ ب1 ـ ب2 ـ د، فضلاً عن السكريات السهلة البسيطة في تركيبها.

هذا القطاع الذي تربع على عرش الزراعات الفلسطينية في الأغوار من حيث المساحات واستهلاك كميات المياه واستيعاب العمالة الزراعية، حيث تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالنخيل في فلسطين حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (النتائج الأولية للتعداد الزراعي 2021) نحو 28943 دونمًا، تمثل ما نسبته 4.3% من أشجار البستنة، منها 27482 دونمًا في الضفة الغربية و1461 دونمًا في قطاع غزة؛ تحتل محافظة أريحا المرتبة الأولى (بواقع 27206 دونمات) ثم محافظة خانيونس في المرتبة الثانية (بواقع 624 دونمات).

المساحة المزروعة بالنخيل في فلسطين حسب المحافظة

المحافظة

المساحة بالدنم

فلسطين

28943

الضفة الغربية

27482

جنين

6

طوباس والأغوار الشمالية

180

طولكرم

11

نابلس

43

قلقيلية

20

سلفيت

3

رام الله والبيرة

6

أريحا والأغوار

27206

القدس

3

بيت لحم

2

الخليل

2

قطاع غزة

1461

شمال غزة

54

غزة

54

دير البلح

570

خانيونس

624

رفح

159

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني/ النتائج الأولية للتعداد الزراعي 2021/ تموز 2022

 

أهم أصناف النخيل المزروعة في فلسطين:

1-  المجهول: يعتبر تمر المجهول أحد أجود أنواع التمور المنتجة فلسطينياً وإقليمياً وعالمياً؛ لأنه يزرع في مناطق دون مستوى سطح البحر؛ تزيد فيها نسبة الأكسجين، ما يعطيه نكهة ولوناً مميزين.

مواصفات شجرة المجهول: الجذع متوسط الضخامة، السعف قصير متوسط الانحناء، قواعد السعف متوسطة العرض، تبدأ خضراء داكنة ثم تصفر، ويظهر بها خطوط أو تبقع بني في الوسط، يتراوح عدد الأشواك على السعف الواحد من 30 – 38، وعلى الرغم من أن ثمار هذا الصنف تقع تحت مجموعة الأصناف الطرية، إلا أن اللحم يعد أجمد (أصلب) من ثمار بعض الأصناف الأخرى، تتعرض ثمار هذا الصنف للضرر الناتج عن هطول الأمطار وارتفاع الرطوبة الجوية ولكن بدرجة بسطة.

يختلف حجم الثمار من صغير إلى متوسط إلى كبير، الشكل بيضاوي مستطيل، لون الثمار أصفر برتقالي، تعلوه خطوط رفيعة ذوات لون بني محمر في طور البسر، يتحول للون العنبري عند تمام النضج (الرطب)، التمر بني محمر مغطى بطبقة شمعية خفيفة، القشرة متوسطة السمك ملتصقة باللحم، تنكمش مكونة تجاعيد كثيرة خشنة، سمك اللحم 0.5 – 0.7 سم، لين القوام قليل الألياف، لذيذ الطعم، وهو صنف مبكر، يتراوح محصول النخلة منه بين 70 – 90 كيلو جرام.

2-  البرحي: تمور البرحي تعد من أشهر أصناف التمور التي تتميز بحلاوة الطعم وغزارة الإنتاج. وهي من الأنواع ذوات الجدوى الاقتصادية العالية.

مواصفات شجرة البرحي:  الشجرة كبيرة الحجم، جسمها عريض، والسعف يفرش بدون أن ينشف، فهي من ناحية جمالية من أحلي أجسام وأشكال النخيل.

تمتاز ثمار البرحي باحتوائها على سعرات حرارية أقل من غيرها؛ فهي مثالية لمرضى السكري، ويتراوح محصول النخلة 120 كيلو جرام سنويا.

3- الحياني: الثمرة متوسطة الحجم، يبلغ طولها 4 – 5 سم، وقطرها 2.5 – 3 سم، لونها أحمر داكن عند اكتمال النمو، شكلها أسطواني وقمتها مخروطية، قوام اللحم لين قليل الألياف، وهي سوداء عند النضج (رطب) وفي هذا الطور تنفصل القشرة بسهولة عن اللحم،

مواصفات شجرة الحياني: النخلة ضخمة، السعف متوسط الانحناء، الجريد رفيع، الأشواك طويلة ورفيعة منفردة، الخوص متدل ومغطى بغبرة شمعية، يبلغ متوسط إنتاج النخلة حوالي 90 كيلو في العام وقد يصل إلي حوالي 200 كيلو غرام.

 

أبرز المشاكل التي تواجهها زراعة النخيل:

1- قلة المياه: عدم وجود مصادر مياه كافية بسبب الإجراءات الإسرائيلية والتي تمنع حفر آبار ارتوازية، يعد أكبر عائق أمام التوسع في زراعة النخيل؛ في الوقت الذي يستطيع المستوطن المحتل التوسع في هذا النوع من الزراعة كيفما شاء؛ لوجود مصادر متعددة من المياه؛ حيث يستطيع المزارع المستوطن الحصول على أية كميات مياه يرديها ومنها أيضا المياه العادمة لإغراض الزراعة وبأسعار رخيصة جدا في الوقت الذي يحرم من ذلك المزارع الفلسطيني.

2- الاجتياحات الإسرائيلية وعمليات القصف التجريف: الاجتياحات الإسرائيلية والتجريف المستمر للأراضي الزراعية وعمليات إطلاق القذائف في قطاع غزة، ألحق دماراً واضحا بمزارع النخيل في محافظات الشمال، بين لاهيا وبيت حانون، وكذلك الأمر في محافظات دير البلح ورفح.

3- تحكم إسرائيل بلقاح الأشجار والمبيدات والأسمدة: عدم توفر حبوب اللقاح لأشجار النخيل بشكل دائم، وصعوبة الحصول على بعض الأسمدة والمبيدات الحشرية لمواجهة الأمراض والآفات التي تصيب أشجار النخيل؛ لأن معظمها يمر من خلال الجانب الإسرائيلي الذي يتحكم بها كيفما شاء.

4- ارتفاع تكاليف الإنتاج: يحتاج إنتاج التمور إلى عمال ذوي خبرات كافية في هذا المجال، وتتركز هذه الخبرات لدى العمال الذين يعملون أو عملوا سابقا في المستوطنات، وعليه فإن تشغيل هؤلاء يحتاج لتكلفة عالية نسبياً؛ نظراً للأجور المرتفعة نسبيا التي يتقاضاها العاملين في إسرائيل. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الرافعات المستخدمة في العمليات الإنتاجية للنخيل، والتي تتراوح أسعارها ما بين 15-20 ألف دولار. وكذلك صعوبة الحصول على الفسائل ذوات النوعية الجيدة واستيرادها؛ بسبب الإجراءات والعراقيل الإسرائيلية، وارتفاع تكلفة الفسائل المحلية؛ إذ يبلغ ثمن الفسيلة 50-60$، والوقت الطويل الذي يحتاجه إنتاج هذه الفسيلة، كل ذلك يعزز من ارتفاع كلفة الإنتاج؛ الأمر الذي يشكل كابحا يحد من التوسع في زراعة النخيل.

5- ارتفاع تكاليف الشحن والنقل: تشكل تكاليف الشحن والنقل بشكل عام للصادرات والواردات السلعية الفلسطينية، أكثر من 30% من تكلفة السلع المصدرة والمستوردة، وتعادل أربعة أضعاف التكاليف المماثلة في الأردن؛ وضعف تكاليف النقل في إسرائيل، ويعود سبب ذلك الى القيود والإجراءات والشروط الإسرائيلية على المعابر الحدودية، والرسوم الإضافية على البضائع الفلسطينية فقط، والتكاليف المترتبة على بعض الإجراءات الخاصة بالبضائع الفلسطينية، كإجراءات الفحص. وإجمالا فإن الزيادة في كلفة النقل والشحن للحاوية، التي تنقل البضائع الفلسطينية، تصل الى أكثر من 50% من تكاليف النقل، مقارنة بتكلفة نقل البضائع الإسرائيلية.

ضعف الخدمات التسويقية: تعاني المنتجات الزراعية الفلسطينية بشكل عام، ومنتجات النخيل خصوصا، من ضعف وفقر الخدمات التسويقية، كالتدريج والتعبئة والنقل والتخزين؛ ويعود ذلك الى خلل ذاتي في بنية القطاع التصديري، والذي يتمثل في صغر حجم الشركات ومشروعات التصدير وضعف بنائها المالي والإداري والفني؛ حيث لا يمكن استخدام التكنولوجيا والتعرف على الأسواق وتطوير البنية التسويقية ومتطلبات التسويق بشكل منفرد؛ وإنما من خلال إعادة تنظيم الجهود وتعميق الصلة بين الإنتاج والتسويق؛ حتى يصبح بالإمكان خلق قدرة تنافسية عالية لمنتجات التمور.  ومن هنا فإن الاستجابة لمتطلبات الجودة في السوق المحلية والخارجية يعتبر محفزا ضروريا للاستثمار في الخدمات التسويقية وتحسينها.

وبالرغم مما تمثله زراعة نخيل المجهول في منطقة الأغوار من حل للمشكلات التي تواجه الإنتاج الزراعي، إلا أن عمليات التسويق المحلي والخارجي تواجه العديد من المشاكل التي تتمثل في:

أ- المنافسة غير النزيهة في السوق المحلية، وتتمثل في استمرار اعتماد تلبية حاجة السوق المحلية من التمور على الاستيراد من إسرائيل، ومن خلال إغراق الأسواق الفلسطينية بمنتجات التمور الإسرائيلية غير الصالحة للتصدير الخارجي، حيث يتم إعادة عرضها بشكل يؤمن بيعها بأسعار عالية في السوق الفلسطينية، وتتم عملية إغراق الأسواق الفلسطينية غالبًا من خلال عمليات التهريب. وفي ظل غياب أية ضوابط على تدفق التمور الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية؛ الأمر الذي يعني مزيدا من التحكم الإسرائيلي بالسوق الفلسطينية وتدمير المنتجات الزراعية الفلسطينية، وحرمان المنتجين الفلسطينيين من الاستفادة من إمكانيات السوق المحلية في استيعاب الإنتاج الفلسطيني من التمور، بالرغم من محدودية هذا الإنتاج، الذي يشكل 5% فقط من الاستهلاك المحلي؛ ما يترتب عليه آثار سلبية على زراعة النخيل وإنتاجه في المستقبل.

ب- المنافسة في أسواق التصدير الأوروبية، بالرغم من أن جودة تمور المجهول الفلسطينية لا تقل عن تمور المجهول الإسرائيلية، إلا أن عملية تسويق تمور المجهول الفلسطينية في الأسواق الأوروبية، ما زالت تواجه العديد من العقبات والقيود، وفي مقدمتها ضعف معرفة المزارعين والمصدرين بالأسواق العالمية ومتطلباتها وأنماطها الاستهلاكية.