المراعي في فلسطين

تبلغ مساحة الأراضي التي يمكن اعتبارها مراع في فلسطين 2.02 مليون دونم (28% من مساحة الضفة الغربية) توجد 69% منها في المنحدارت الشرقية؛ أما المتاح للرعي من هذه المراعي فهو 700 ألف دونم فقط.

وقد التهم جدار الفصل العنصري 318804 دونمات من مساحة المراعي؛ أي ما نسبته 19% من مجموع مساحة المراعي في الضفة الغربية.  كما يبلغ إجمالي المادة الجافة من المراعي سنويا 52400 طن؛ وتعادل هذه الكمية 36680 طنًا من الشعير؛ وتغطي هذه الكمية حاجة 105 ألاف رأس من الخراف والماعز؛ وتحتوي على 268  نوعًا من أنواع البقول، و198 نوعًا من أنواع الحشائش.

المعوقات والصعوبات التي تواجة قطاع المراعي في فلسطين:

أولاً: ممارسات الاحتلال الإسرائيلي: ويمكن استعراض أبرز هذه الممارسات على النحو التالي:

1- سيطرة إسرائيل على أغلب المساحات من المراعي: فقبل عام 1967؛ كانت المراعي مفتوحة أمام الفلسطينيين.  ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي؛ تقلصت مساحة المراعي بشكل كبير، بحيث أصبحت لا تتجاوز 20% من إجمالي مساحة المراعي المتاحة عام 1967م؛ حيث صادرت إسرائيل مساحات واسعة لأغرض التدريب العسكري والاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري والطرق الالتفافية.

2- تحويل مساحات واسعة من المراعي إلى محميات طبيعة، وإغلاقها أمام الرعاة الفلسطينيين:  أعلنت سلطات الاحتلال عن مساحات واسعة من الأراضي الرعوية كمحميات طبيعية يمنع الرعي فيها؛ علماً بأن جميع مواقع المحميات الطبيعية لم تعتمد من قبل السلطة الفلسطينية، وهي معلنة من قبل السلطات الاسرائلية فقط.

3-  فرض قيود مشددة من قبل الاحتلال على حرية الحركة والوصول إلى أماكن المراعي:  لم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة  معظم الأراضي المتاحة للرعي؛ بل فرضت قيودا مشددة على المساحات المتبقية والمتاحة للرعي فقيدت حرية الوصول إليها تحت حجج وذرائع واهية، ولجأت إلى طرد الرعاة، وتدمير خيامهم، ومصادرة مواشيهم وأدواتهم، مثل: الجرارات، وصهاريج المياه، والخيام والمعالف؛ كما قدمت العديد منهم  للمحاكمات العسكرية، وفرضت غرامات مالية باهظة عليهم.

4- فقر المراعي: نتيجة لتقليص مساحة الأراضي المتاحة للرعي أمام  مربي المواشي الفلسطينيين بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلي؛ ارتفعت وتيرة الرعي في المساحات المتاحة؛ الأمر الذي أدى إلى تدهور حالة المراعي وانقراض العديد من الأعشاب فيها؛ ما أدى إلى انخفاض طاقتها الإنتاجية، وبالتالي انخفاض نسبة أرباح مربي المواشي الفلسطينيين؛ نتيجة فقدانهم مصدرًا حيويًا ورخيصًا لتغذية حيواناتهم، ما دفعهم إلى الاعتماد على الأعلاف باهظة الثمن.

ثانياً:  المعوقات الفنية

1-  الرعي العشوائي والمبكر والجائر:  ويعود السبب  في ذلك إلى زيادة في عدد الحيوانات التي تعتمد في غذائها على المراعي؛ ما أدى  إلى زيادة الحمولة الرعوية لوحدة المساحة من أراضي المراعي، وأدى ارتفاع سعر الأعلاف إلى الرعي المبكر (قبل أن يقوى عود الغطاء الرعوي)، أو المكوث لمدة طويلة في المرعى.

2- تحويل المراعي إلى أراض زراعية: من أجل تلبية الطلب المتزايد على الغذاء؛ يلجأ أصحاب الأراضي المستغلة في عمليات الرعي إلى تحويل مساحات شاسعة من المراعي إلى أراض لزراعة المحاصيل البعلية في بعض السنوات الممطرة؛ ما أدى إلى تدهور الغطاء العشبي الطبيعي، وترك التربة عرضة لخطر الانجراف؛ علماً أن العائد الاقتصادي لمثل هذه الزراعة أقل، مقارنة بترك الأرض لرعي الماشية.

3- التوسع العمراني:  نتيجة لزيادة عدد السكان وحاجتهم إلى المزيد من المساحات العمرانية كانت الأراضى القريبة من التجمعات السكانية، وخاصة المستغلة لأغراض الرعي، هي الهدف الأول للتوسع العمراني.

4- القلع الجائر للأشجار والشجيرات وزيادة انجراف التربة:  تنتشر الغابات عادة في المناطق الجبلية الأكثر هطولاً، ومن ثمّ تعد أكثر المناطق عرضة للانجراف المائي عند تجريدها من غطائها الغابي لشدة العواصف المطرية من جهة، ولشدة الانحدارات من جهة أخرى؛ الأمر الذي يلحق الضرر بقطاع المراعي.

5- الحرائق التي تؤدي إلى القضاء على الغطاء النباتي:  تكثر حرائق المراعي عادة في الفترات التي تبدأ فيها الأعشاب بالجفاف والتحول إلى حشائش.

تعود حرائق المراعي إلى: عوامل طبيعية لا دور للإنسان فيها، كالارتفاع في درجات الحرارة، والحرائق المفتعلة الناجمة عن "فعل الإنسان" نفسه، وتعامله غير المسؤول مع البيئة.

والحرائق الناجمة عن فعل الإنسان أكثر حدوثًا، حيث  يلجأ بعض الرعاة إلى إحراق المراعي، بهدف تجديدها والحصول على عشب طري للمواشي في فصل الصيف المقبل؛ ومن جانب آخر يقوم بعض المزارعين بجمع الأعشاب الضارة والشجيرات الصغيرة الجافة في أكوام، ثم يتخلصون منها بالحرق، فيتطاير الشرر ويعجزون عن السيطرة عليه، فتكون النتيجة التهام النيران أجزاء واسعة من الغابات والمراعي؛ هذا بالإضافة إلى الحرائق الناتجة عن إهمال المتنزهين.

 وهناك الحرائق الناتجة عن مناورات الجيش الإسرائيلي لاسيما في مناطق المرتفعات الشرقية؛ والحرائق التي يشعلها المستوطنون بهدف إلحاق الضرر بالمواطن الفلسطيني.  وهذان السببان هما الأكثر ضررا بقطاع المراعي الفلسطيني.

6- الجفاف والتقلبات المناخية: الجفاف والتقلبات المناخية تحول دون انتظام أو اكتمال دورة الحياة للنباتات الرعوية؛ ما يسبب القضاء على المراعي الطبيعية، وانقراض العديد من الأنواع العشبية، ويحول دون تطور الغطاء النباتي.

7- التنقل العشوائي واستخدام وسائل النقل وخاصة الثقيلة داخل المراعي: أدى تنقل الآلات الزراعية الثقيلة  بطريقة عشوائية إلى القضاء على مساحات كبيرة من المراعي الفلسطينية، وقضى على عدد من الأعشاب، وأدى إلى انقراض بعضها.

وإذا أخذنا في الحسبان التحركات المستمرة لآليات جيش الاحتلال، فإننا ندرك مدى ما يحيق بالحياة النباتية عامة والرعوية خاصة من أخطار؛ فجيش الاحتلال الإسرائيلي يجرى مناوراته العسكرية بشكل مستمر وعلى رقع واسعة من أراضي المراعي والأراضي الزراعية، وخاصة السفوح الشرقية، ويستخدم أثناء ذلك المجنزرات التي تجوب المراعي فتقضي على غطائها النباتي.  ومما زاد الأمر تعقيدا وضاعف التدمير، استخدامه القذائف الثقيلة.

8- التلوث البيئي بسبب مكبات النفايات العشوائية والمياه العادمة: على الرغم من الجهود المذولة من قبل المؤسسات الرسمية الفلسطينية في تحسين الإدارة السليمة للنفايات من حيث تدوير النفايات الصلبة وتحويل النفايات العضوية وتحسين إدارة المياه العادمة ومعالجتها والتخلص من الفائض منها بالطرق البيئية السليمة؛ إلا أن انتشار مكبات النفايات العشوائية وانسياب المياه العادمة، وخاصة من المستوطنات الإسرائيلية، ألحق الأذى بأحواض تجمع مياه الأمطار والمراعي الطبيعية، والثروة الحيوانية.

ثالثاً: المعوقات المؤسساتية والقانونية

1- عدم تكامل التنسيق ما بين المؤسسات المختصة.

2- قلة البرامج والمشاريع المهتمة بالمراعي والغابات والمحميات.

3- عدم وضوح حدود المراعي؛ ما يشجع التعديات عليها.

4- محدودية الأصناف الرعوية المزروعة في مشاتل وزارة الزراعة.

السياسة الفلسطينية تجاه المراعي

 تسعى المؤسسات الفلسطينية المختصة، وعلى رأسها وزارة الزراعة الفلسطينية، إلى اتخاذ عدة تدابير بهدف المحافظة على قطاع المراعي كأحد المقومات الرئيسية للاقتصاد الفلسطيني؛  فوضعت لنفسها أهدافا فرعية، وأخرى إستراتيجية، لصيانة قطاع المراعي والمحافظة عليه، وهذه الأهداف هي:

الأهداف الفرعية:

1-  زيادة وتنمية رقعة مساحة الغطاء النباتي الخضري.

2- الحد من التصحر والجفاف.

3- زيادة انتاجية المراعي؛ من أجل تحسين عائد المزارع الفلسطيني.

استيراتيجيات تحقيق أهداف سياسة الحفاظ على تنمية الغطاء الأخضر الطبيعي، وتحسين الإدارة المستدامة للمراعي:

1- إعادة تأهيل المراعي وحمايتها.
2-  زراعة المراعي بالأشجار الرعوية الملائمة والمستساغة.
3-  إيجاد البدائل العلفية.
4-  تقييم القدرات الرعوية وتطويرها باستمرار.
5- التوسع في إقامة المشاتل الرعوية لإنتاج الأشتال الرعوية.
6-  إنشاء قاعدة بيانات للمراعي.
7-  تصميم برامج الإرشاد التي توجه مربي الأغنام نحو الاستخدام السليم للمراعي.
8- تنفيذ وسائل وتقنيات الحصاد المائي، ونشر المياه في أراضي المراعي.
9- التنسيق ما بين وزارتي الزراعة والمؤسسات غير الحكومية والمجتمع المحلي لتشكيل إدارة مشتركة للمراعي.
10- وضع القوانين والأنظمة حول إدارة المراعي وتنظيم استخداماتها.
11- إنشاء وتفعيل الجمعيات التعاونية وتدريب كوادرها البشرية، بحيث يتم الاعتماد عليها في إدارة المراعي، ومراعاة التفاعلات الاجتماعية حول ضمان حقوق العشائرية.
12- مشاركة المجتمعات المحلية، وخاصة الرعوية والبدوية ومربي الماشية، في جميع الانشطة التنموية في مجال المراعي.
13- زيادة الأبحاث والدراسات حول المراعي.
14- تمويل وتنفيذ البرامج والمشاريع الرعوية.
15- دعم برامج الثروة الحيوانية، من أجل تخفيف الضغط على المراعي.
16- زيادة التوعية الجماهرية حول أهمية المراعي.

التدخلات والأنشطة المقترحة:

1-  وضع خطة وطنية لحماية وتطوير المناطق الرعوية.
2- استكمال إصدار الشتريعات المناسبة لحماية المناطق الرعوية.
3- زيادة القدرة على فرض القوانين والعقوبات.
4- إنشاء حدائق نباتية للمحافظة على الأصول الوراثية.
5- تأهيل المراعي القائمة وحمايتها.
6- زراعية المحاصيل الحقلية، وإعادة استخدام المخلفات النباتية كمادة علفية.
7- برامج تدريب وإعداد الكوادر البشرية المتخصصة.
8- زيادة التعبئة الجماهرية تجاه الاهتمام بالمراعي.
9- التدخل لدى المؤسسات الرسمية لفرض العقوبات على ملحقي الضرر.
10- إقامة المحميات الرعوية.
11- تنفيذ وسائل وتقنيات الحصاد المائي وتوفير المياه في أراضي المراعي.
12- مشاريع تشجير المناطق الجافة من خلال دعم وتشجيع أصحاب هذه الأراضي.
13- نشر الوعي الجماهيري وتشجيع روح العمل التطوعي في المجتمع الفلسطيني.
14- إدخال المواضيع  الزراعية الخاصة بأهيمة المراعي، في المناهج التعليمية.
15- تكثيف البحوث الخاصة بتنمية واستدامة المراعي.
16- توفير البنية التحتية من خلال شق الطرق الزراعية لتسهيل الحركة والوصول إلى المراعي.