حصلت دولة فلسطين يوم الاثنين 31 تشرين الأول 2011م على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، خلال التصويت الذي جرى في مقر المنظمة في العاصمة الفرنسية باريس، في دورتها السادسة والثلاثون، التي شاركت بها 173 دولة من أصل 194 دولة تتمتع بعضوية هذه المنظمة، وحضرها مراقبون من الدول غير الأعضاء والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.
وصوت لصالح انضمام فلسطين 107 أعضاء، فيما عارض 14 عضواً، وامتنع عن التصويت 52 عضواً، بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل.
واللافت هو تصويت دول من أوروبا الغربية لصالح عضوية فلسطين، وهي: فرنسا، وإسبانيا، وبلجيكا، والنرويج، والنمسا، ولوكسمبرغ، وإيرلندا، وأيسلندا، حيث ضجت القاعة بالتصفيق بعد كل كلمة "نعم" لفظها مندوبو هذه الدول.
واليونسكو هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة يسعى الفلسطينيون للحصول على عضوية كاملة بها منذ أن تقدم الرئيس محمود عباس بطلب الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة في 23 أيلول/ سبتمبر 2011م.
تاريخ المنظمة
منذ عام 1942م، وفي خضم الحرب العالمية الثانية، عقدت حكومات البلدان الأوروبية التي كانت تواجه ألمانيا النازية وحلفاءها اجتماعاً في انجلترا، في إطار مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية " CAME". ومع أن الحرب لم تكن قد اقتربت من نهايتها، فإن البلدان كانت قد أخذت تتساءل عن الطريقة التي يمكن أن تعيد بها بناء النظم التعليمية بعد أن يستتب الأمن من جديد. وسرعان ما تضخم هذا المشروع واتخذ بعداً عالمياً، دفع حكومات جديدة، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى المشاركة فيه.
وبناء على اقتراح من مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية "CAME"، عقد في لندن، من 1 إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1945م، أي فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، مؤتمر للأمم المتحدة من أجل إنشاء منظمة تعنى بالتربية والثقافة. وضم هذا المؤتمر ممثلين عن نحو أربعين بلداً. وبتشجيع من فرنسا والمملكة المتحدة - وهما بلدان عانا معاناة بالغة من النزاع - قرر المندوبون إنشاء منظمة ترمي إلى إقامة ثقافة سلام حقيقية.
وفي نظر هؤلاء المندوبين، كان يتعين على المنظمة الجديدة أن تحقق "الضامن الفكري المعنوي بين بني البشر"، وأن تمنع بالتالي نشوب حرب عالمية جديدة.
وفي نهاية المؤتمر، وقعت 37 دولة على الميثاق التأسيسي الذي أفضى إلى نشوء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو". ودخل الميثاق التأسيسي حيز النفاذ منذ عام 1946م، بعد أن صدقت عليه 20 دولة، هي التالية: استراليا، والبرازيل، وتركيا، وتشيكوسلوفاكيا، والجمهورية الدومينيكية، وجنوب افريقيا، والدنمارك، والسعودية، والصين، وفرنسا، وكندا، ولبنان، ومصر، والمكسيك، والمملكة المتحدة، والنرويج، ونيوزيلندا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، واليونان. وعقدت أول دورة للمؤتمر العام "بالانجليزية" في باريس، في الفترة من 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 10 ديسمبر/كانون الأول 1946م. وشارك في الدورة ممثلون عن 30 حكومة، يتمتعون بحق التصويت. لقد نشأت اليونسكو على غرار الأمم المتحدة، على أنقاض الحرب العالمية الثانية، تتجلى آثار هذا الوضع من خلال قائمة الدول المؤسسة. وقد انضمت اليابان وجمهورية ألمانيا الاتحادية إلى قائمة الدول الأعضاء في عام 1951م، بينما انضمت اسبانيا في عام 1953م.وكان لبعض الأحداث التاريخية الهامة، كالحرب الباردة، وحركات التحرر من الاستعمار، وانهيار الاتحاد السوفييتي، آثار على اليونسكو. وأصبح الاتحاد السوفييتي عضواً في المنظمة في عام 1954م قبل أن يُستعاض عنه في عام 1992م بالاتحاد الروسي. والتحقت بالمنظمة تسع عشرة دولة افريقية في عام 1960م. كما انضمت إلى قائمة الدول الأعضاء في اليونسكو في الفترة بين عامي 1991م و1993م اثنتا عشرة جمهورية سوفييتية سابقة، وذلك إثر تفكك الاتحاد السوفييتي.
وتعد جمهورية الصين الشعبية، منذ عام 1971، الممثل الشرعي الوحيد للصين لدى اليونسكو. أما جمهورية ألمانيا الديمقراطية، التي كانت عضواً في المنظمة منذ عام 1972م، فقد اتحدت مع جمهورية ألمانيا الاتحادية في عام 1990م.
أصول اليونسكو:
تعد الهيئات التالية من الجهات التي مهدت السبيل لنشوء اليونسكو:
1- اللجنة الدولية للتعاون الفكري (CICI)، جنيف، 1922-1946م.
2- اللجنة التنفيذية المتمثلة في المعهد الدولي للتعاون الفكري (IICI)، باريس، 1925-1946
3- مكتب التربية الدولي (متد)، جنيف، 1925-1968؛ وقد أصبح متد، منذ عام 1969، جزءاً لا يتجزأ من أمانة اليونسكو، مع الاحتفاظ بوضع قانوني خاص به.
تأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، عام 1945 و هي تتألف اليوم من 193 دولة عضواً.
تجتمع الهيئتان الإداريتان للمنظمة والمكونتان من المؤتمر العام والمجلس التنفيذي، بشكل منتظم للسهر على حسن سير عمل المنظمة، ولوضع أولوياتها، وتحديد أهداف الأمانة التي يرأسها المدير العام.
آليات عمل المنظمة:
يجتمع المؤتمر العام مرة كل عامين لتحديد السياسات العامة والخطوط الرئيسية لعمل المنظمة، ويقر برنامج اليونسكو وميزانيتها لكل فترة عامين. آما المجلس التنفيذي فيجتمع مرتين في العام للتأكد من أن القرارات المتخذة من قبل المؤتمر العام أصبحت قيد التنفيذ.
ويقع مقر اليونسكو في باريس، في مبنى حديث واستثنائي، افتتح في عام 1958م، وتم ترميمه مؤخراً، للمنظمة أيضاً أكثر من 50 مكتباً ميدانياً في جميع أنحاء العالم.
هذا وتعمل اليونسكو على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة. فمن خلال هذا الحوار، يمكن للعالم أن يتوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الإنسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها.
إن الأهداف الشاملة والغايات الملموسة للمجتمع الدولي - كما وردت في الأهداف الإنمائية المتفق عليها دولياً، بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية - تشكل منطلقات لاستراتيجيات اليونسكو وأنشطتها. ومن ثم فإن كفاءات اليونسكو الفريدة في مجالات اختصاصها، وهي التربية، والعلوم، والثقافة، والاتصال والمعلومات، إنما تساهم في بلوغ هذه الأهداف. وتتمثل رسالة اليونسكو في الإسهام في بناء السلام، والقضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، وإقامة حوار بين الثقافات، من خلال التربية والعلوم والثقافة والاتصال والمعلومات. وتركز اليونيسكو، بصفة خاصة، على أولويتين عامتين، هما:
1- أفريقيا
2- المساواة بين الجنسين
كما أنها تعمل على تحقيق عدد من الأهداف الشاملة، هي:
1- تأمين التعليم الجيد للجميع والتعلم مدى الحياة
2- تسخير المعارف والسياسات العلمية لأغراض التنمية المستدامة
3- مواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية المستجدة
4- تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات وثقافة السلام
5- بناء مجتمعات معرفة استيعابية من خلال المعلومات والاتصال
الهيئات الحكومية الدولية التي تنظم اليونسكو:
المؤتمر العام
يتألف المؤتمر العام من ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة الذين يمَثلون عادة على المستوى الوزاري. ولدى انعقاد كل دورة من دورات المؤتمر العام يقوم عدد من رؤساء الدول أو الحكومات بإجراء زيارات رسمية لليونسكو.
تُعقد دورات المؤتمر العام مرة كل عامين، ويحضرها أيضا ممثلون من الأعضاء المنتسبين ومراقبون من الدول غير الأعضاء، كما تحضرها منظمات دولية حكومية وغير حكومية.
يحدد المؤتمر العام خطوط سياسة المنظمة، والنهج العام الذي تسلكه خاصة من خلال دراسة واعتماد البرنامج والميزانية لفترة العامين، ووضع وثائق تقنينية دولية، واعتماد عدد من القرارات بشأن موضوعات هامة ترتبط بمجالات اختصاص المنظمة.
ينتخب المؤتمر العام أعضاء المجلس التنفيذي وينظم انتخاب أعضاء مختلف الهيئات الفرعية، ويقوم أيضا بانتخاب المدير العام لليونسكو كل أربع سنوات.
المجلس التنفيذي
يعتبر المجلس التنفيذي بمثابة مجلس إدارة لليونسكو، فهو يحضّر أعمال المؤتمر العام، ويسهر على حسن تنفيذ قراراته. وتُستمد مهام المجلس التنفيذي ومسؤولياته بصورة رئيسية من الميثاق التأسيسي، ومن النظم والتوجيهات التي يصدرها المؤتمر العام، كما أن بعض قرارات المؤتمر العام تكمّل هذه القواعد. وفي كل فترة عامين، يكلف المؤتمر العام المجلس التنفيذي ببعض المهام المحددة. وتُستمد بعض صلاحياته الأخرى من اتفاقات مبرمة بين اليونسكو ومنظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة وغيرها من المنظمات الدولية الحكومية.
والمؤتمر العام هو الذي ينتخب أعضاء المجلس التنفيذي البالغ عددهم 58 عضواً، ويعتمد اختيار ممثلي الدول الأعضاء بصورة رئيسية على تنوع الثقافات التي يمثلونها، وعلى أصولهم الجغرافية؛ وتجري عمليات تحكيم معقدة للتوصل إلى توازن فيما بين مختلف مناطق العالم، ويبيّن هذا التوازن الطابع العالمي للمنظمة، ويجتمع المجلس التنفيذي مرتين في السنة.
أصبحت اليونسكو، بعد انضمام جنوب السودان إليها كدولة عضو وانضمام سانت مارتن وكوراتيا كعضوين تشرين الأول/ أكتوبر 2011، تضم 194 دولة عضوا و8 أعضاء منتسبين.
ويؤمن كل من قطاع العلاقات الخارجية والتعاون وإدارة أفريقيا الصلة بـالدول الأعضاء، في حين تتعامل إدارة إفريقيا مع الدول الأعضاء في منطقة أفريقيا، يتولى قطاع العلاقات الخارجية والتعاون مسؤولية العلاقات مع الدول الأعضاء في المناطق الأربع الأخرى ومع الأعضاء المنتسبين.
كما يتولّى مدراء مكاتب اليونسكو الإقليمية ومتعددة البلدان والوطنية ورؤساؤها مسؤولية الصلات المباشرة بالدول الأعضاء. وقد أسست حكومات دول الأعضاء وفوداً دائمة لدى اليونسكو يرأسها سفراء، تتولى الصلة بين المنظمة وحكوماتهم.
وقد أنشأت معظم الدول الأعضاء لجنة وطنية لليونسكو لدى كل منها، وتُعد اللجان الوطنية لليونسكو هيئات تعاون وطنية للدول الأعضاء لإشراك هيئاتها الحكومية وغير الحكومية في عمل المنظّمة. وتعيّن الدول الأعضاء والأعضاء المنتسبون وزارة أو أكثر لتكون مسؤولةً عن العلاقات مع اليونسكو و/أو الوزارات المختصة في مجالات اختصاص المنظمة.
وتكثّف اليونسكو جهودها لكي تٌشرك في عملها ممثلين منتخبين على الصّعيد الوطني "البرلمانيين" والمحلي "المدن والسلطات المحلية"، وفقا للمادة الثانية الفقرتان 7 و 8، حيث تنص المواد على ما يلي:
1- يحق لكل دولة عضو أن تعين مندوباً دائماً لها في المنظمة.
2- يقدم المندوب الدائم للدولة العضو أوراق اعتماده إلى مدير عام المنظمة، ويتولى مهامه رسمياً اعتباراً من تاريخ تقديم أوراق الاعتماد، وقد اعتمدت هذه الفقرة في الدورة الـ 31 لعام 2001م.
الوفود الدائمة
تؤمن الوفود الدائمة لدى اليونسكو الصلة بين حكومات الدول الأعضاء وأمانة المنظمة. عيّنت حتى الآن 182 دولة عضواً وفوداً دائمة لدى اليونسكو، بالإضافة إلى ذلك هناك 4 مراقبين دائمين و9 منظمات دولية حكومية لها بعثات مراقِبة دائمة لدى اليونسكو. ويرأس الوفود الدائمة شخص يتمتّع بصفة دبلوماسية "غالباً ما يكون بدرجة سفير". وحين يجري تعيين مندوب دائم لدى المنظمة يتم التعيين من خلال خطاب رسمي يُوجه إلى المدير العام لمنظمة اليونسكو.
وتُعقد بشكل منتظم مشاورات موسَّعة مع الوفود الدائمة حول المسائل المهمة المتعلقة بسير عمل المنظمة وأنشطتها.
كما توجد في اليونسكو مجموعات مختلفة قائمة على أسس جغرافية ولغوية وغير ذلك، تتناول مسائل مشتركة بين الدول الأعضاء، ويدير كل مجموعة رئيس يُنتخب من بين المندوبين الدائمين للدول التي تؤلف كلاً من هذه المجموعات، وتنشط في اليونسكو حالياً المجموعات التالية:
أولاً: المجموعات الانتخابية "مجموعات تضمّ الدول الأعضاء بغرض انتخابات المجلس التنفيذي".
ثانياً: مجموعات أخرى:
1- مجموعة بلدان عدم الانحياز
2- مجموعة الـ77
3- مجموعة الـ15 "الاتحاد الأوروبي".
4- مجموعة الإعلام "منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي".
5- مجموعة جنيف "أهم المساهمين في ميزانية منظومة الأمم المتحدة".
6- مجموعة الدول الناطقة باللغة الفرنسية.
7- مجموعة دول الكومنولث الأعضاء في اليونسكو.
8- مجموعة الدول الناطقة باللغة الإسبانية.
9- مجموعة الدول الناطقة باللغة البرتغالية.
10- المجموعة الناطقة باللغة الروسية في المؤتمر العام.
11- المجموعة الإقليمية الأوروبية.
12- مجموعة رابطة التنمية في دول جنوب القارة الإفريقية
13- مجموعة المندوبين الدائمين.
14- جمعية الشعراء السفراء في اليونسكو.
15- جمعية السفيرات لدى اليونسكو
من هي ايرنا بوكوفا؟
شخصية سياسية بلغارية، عضو برلمان لفترتين، وزيرة للشئون الخارجية، والسفيرة الحالية لجمهورية بلغاريا لدى فرنسا والمغرب. انتخبت إيرينا بوكوفا لمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة. هي أ ول امرأة تشغل منصب رئيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو"، وأول شخص من المنظومة الاشتراكية السابقة.
كانت بوكوفا من الطلبة المحظوظين أثناء الحقبة الاشتراكية، حيث كان والدها رئيس تحرير صحيفة الحزب الشيوعي، وبعد إنهائها الدراسة الثانوية التحقت بمعهد موسكو للعلاقات الدولية، ثم حصلت على منحة للدراسة في جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة، كما التحقت بكلية جون ف. كينيدي في جامعة هارفارد.
كانت بوكوفا أول نائبة لوزير الخارجية، والمنسقة الرئيسية لعلاقات بلغاريا مع الاتحاد الأوروبي بين 1995م و1997م، قبل أن تصبح لفترة وجيزة وزيرة للخارجية البلغارية من تشرين الثاني/نوفمبر 1996 إلى شباط/فبراير 1997.
وهي عضو في المجلس التنفيذي لليونيسكو منذ 2007م، كما تشغل منصب نائب رئيسة المجموعة الفرنكفونية للسفراء لدى هذه المؤسسة التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالعناية بشؤون التربية والعلوم والثقافة والتراث.
انتخبت عام 2009م رئيسة لليونيسكو. وبوكوفا تتحدث بطلاقة الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية.