الصناعات التقليدية في فلسطين

تحتل الصناعات التقليدية مكانة خاصة بين فروع الصناعة في فلسطين، نظراً للبعدين التراثي والاقتصادي التي تحملهما هذه الصناعة، فهي من جهة، تعبر عن تاريخ وثقافة الشعب الفلسطيني حيث أنها تجسد وجوده على أرضه عبر حضارات متواصلة، كما تشكل هذه الصناعات مصدراً حقيقياً لتنمية الدخل الوطني إذا ما تم استغلالها وتطويرها بالشكل المطلوب. ففلسطين لم تحظ بوافر من الثروات الطبيعية الثمينة كالذهب والبترول، إلا أن الله قد منّ عليها بكونها مهداً للديانات السماوية، وعلى أرضها نمت وترعرعت العديد من الحضارات التي تركت آثارها حتى يومنا هذا، مما جعلها قبلة للسياح والحجاج على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم.

وقد ارتبطت الصناعات التقليدية منذ زمن طويل بقطاع السياحة وكان للركود الذي عانى منه هذا القطاع منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 انعكاساً سلبياً واضح المعالم على الصناعات التقليدية وتسببت الإغلاقات المتكررة من قبل سلطات الاحتلال والمعوقات الضريبية والإدارية في القضاء على فرص وإمكانيات تسويق منتجات هذه الصناعة عبر قطاع السياحة، مما أدى إلى إغلاق العديد من المشاغل والمنشآت العاملة في هذا المجال، حيث تشير معلومات وزارة السياحة التي تراجع عدد المنشآت العاملة في صناعة الصدف من 311 منشأة إلى 25 منشأة خلال الأعوام 1970-1998 على التوالي.

ومنذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، استهدفت التوجهات التنموية حل مجموعة من المشكلات الأساسية في الاقتصاد الفلسطيني وتبرز في المقدمة مشكلة البطالة وضرورة توفير فرص عمل تضمن ارتفاعاً في المستوى المعيشي للشعب الفلسطيني في ظل إمكانيات مادية محدودة، وقد شددت هذه التوجهات على تنمية وتطوير المشاريع الصغيرة التي من شأنها تحقيق فرصاً تشغيلية أكبر برأسمال أقل. من جانب آخر، وعلى الصعيد التراثي والثقافي نجد أن زيادة الاهتمام بالصناعات التقليدية له مبرره في تدارك ظاهرة باتت تؤثر بشكل سلبي واضح على هوية هذه الصناعات، حيث أصبحت تسوق عبر الموردين الإسرائيليين إلى الخارج على أنها صناعات تراثية إسرائيلية.

وأدى اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/2/2000، إلى تراجع قطاع الصناعات التقليدية بشكل ملحوظ، حيث تبين من خلال المقابلات الشخصية توقف 30% من المشاغل عن العمل وذلك حتى مطلع عام 2002، وأنه ومع ازدياد الأوضاع السياسية والأمنية تردياً في الأراضي المحتلة وتكرار الاجتياحات والحصار الإسرائيلي تعرضت منشآت قطاع الصناعات التقليدية إلى شلل بل توقف بعضا منها عن العمل بشكل تام، مثله مثل باقي جوانب الحياة الاقتصادية في فلسطين، ولاشك بأن ارتباط هذا القطاع بقطاع السياحة ضاعف من مدى تأثره بالأوضاع السياسية والأمنية منذ بداية الانتفاضة،وخاصة في مدينة بيت لحم التي تعرضت لأعمال إجرامية إسرائيلية وهي المدينة الرئيسية التي يتركز فيها نشاط قطاع الصناعات التقليدية من ناحية الإنتاج والتسويق.

وتشير استطلاعات آراء المنتجين العاملين في قطاع الصناعات التقليدية، إلى أن استمرار تردي الأوضاع السياسية والأمنية بسبب الاحتلال الذي جاوز مدة الثلاثون عاما سوف يؤدي تدريجياً إلى هجرة كاملة للعاملين في قطاع الصناعات التقليدية بسبب عدم قدرتهم على تحمل الأوضاع الاقتصادية الصعبة بحكم تميز المنشآت بأنها مشاريع عائلية صغيرة لا تملك القدرة على الصمود أمام التحديات الكبيرة التي تشهدها البلاد.

نستعرض في هذه الورقة بشكل رئيس أهم خصائص قطاع الصناعات التقليدية في فلسطين والمشاكل التي تواجهه، كما سيتم تناول بعض المقترحات التي نرى أنها تساهم في النهوض بهذا القطاع. ولا بد من أن نشير هنا إلى أن الإحصائيات والمعلومات الواردة في ورقة العمل تم الحصول عليها عبر استقصاء ميداني أجري عام 2000، ولم يتم تحديثها بالشكل المطلوب نتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية التي تسود الأراضي الفلسطينية.

 

واقع الصناعات التقليدية في فلسطين:

تعرّف الصناعات التقليدية بأنها تلك الصناعات ذات الامتداد التاريخي التي تقوم على تحويل المادة الخام إلى منتج مصنع يعكس طابعا تراثياً فلسطينياً بحيث تحمل هذه المنتجات تعابير وملامح تاريخية أو دينية (*).

وتصنف الصناعات التقليدية في فلسطين إلى فروع رئيسية اتفق عليها هي:
الخزف – الزجاج اليدوي التقليدي – الفخار – التطريز اليدوي – البسط والسجاد اليدوي – منتجات خشب الزيتون – منتجات الصدف – الخيزران – القشيات – الشمع.

صناعة الخـزف:

يعود تاريخ صناعة الخزف في فلسطين إلى فترة لا تقل عن 400 عام حيث كان الأتراك هم أول من أدخل هذه الصناعة إلى فلسطين من خلال عمليات ترميم المسجد الأقصى في القدس الشريف، وأقيم أول مصنع للخزف في القدس عام 1922 لمتابعة أعمال الترميم من قبل شخص أرمني لا يزال مشغله يعمل في مدينة القدس حتى يومنا هذا.

صناعة الخزف


وتعتبر مدينة الخليل حالياً المدينة الفلسطينية الأولى في إنتاج الخزف حيث أنشأ أول مصنع في عام 1962، وازدهرت هذه الصناعة على مدى العقود الماضية حيث ارتبطت هذه الصناعة بهذه المدينة، وازداد عدد المصانع ليصل إلى خمس وعشرين مصنعاً، فيما أنشء مصنع واحد في مدينة بيت لحم وآخر في مدينة البيرة،إلا أن هذين المصنعين قد أغلقا بعد قيام انتفاضة عام 2000،كما أغلقت عشرة مصانع في مدينة الخليل..

يبلغ عدد العمال العاملين في هذه الصناعة حوالي 100 عامل، بمعدل 4-6 عمال في المنشأة الواحدة يتم تسويق 30% من الإنتاج محلياً، و 30% منه يصدر إلى إسرائيل، و 20% يسوق في الدول العربية خاصة الأردن، أما الباقي وهو ما يشكل 20% فيصدر إلى أوروبا وأمريكا.

تستورد المادة الخام وهي الطينة والأصباغ من هولندا وإسبانيا وقد قامت محاولات من قبل مصنعين محليين لإنتاج المادة الخام محلياً، إلا أن تكاليف الإنتاج كانت أعلى من تكلفة الاستيراد بسبب عدم توفر جميع المواد الطبيعية اللازمة في التربة الفلسطينية.

صناعة خشب الزيتون:

تعتبر صناعة خشب الزيتون من أقدم الصناعات التقليدية في فلسطين حيث تعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، وظهرت مع قدوم البعثات التبشيرية إلى الأراضي المقدسة، وبدأت بصناعة المسابح عندما حاول الرهبان الفرانسيسكان تشكيلها من بذور الزيتون، وتطورت هذه الصناعة إلى إنتاج أشكال دينية تسوق إلى السياح المسيحيين في منطقة بيت لحم.

 

 

تستخدم في هذه الصناعة أخشاب شجر الزيتون الضعيفة التي لا تحمل ثمارا فهي بذلك لا تتسبب في أضرار على القطاع الزراعي، وقبل عام 1967 كانت أغلب الأخشاب تحضر من سوريا والأردن، أما بعد الاحتلال فأصبحت مناطق رام الله ونابلس هي المورد الأساسي لهذه المادة.

 

يبلغ عدد مشاغل الزيتون في الضفة الغربية 120 مشغلاً يعمل بها حوالي 600 عاملاً، ويتخذ العمل الطابع العائلي في 95% من منشآت هذه الصناعة، كما تقع هذه المشاغل ضمن نطاق المنازل حيث تتبع عادة لسكن مالك المنشأة، التي ورثها غالباً عن أبيه وأجداده وعلى ذلك فإن مهارات هذه الصناعة تكتسب من خلال العمل منذ الطفولة في المنشأة.
تتوزع المبيعات السنوية لهذه الصناعة وفق التوزيع التالي: 60% تباع محلياً للسياح، 40% تصدر إلى الخارج خاصة إلى إيطاليا وألمانيا وأمريكا(*).

صناعة الزجاج اليدوي التقليدي:

عرفت صناعة الزجاج اليدوي في فلسطين منذ القدم، وذلك عبر الحضارات القديمة التي قامت على أراضيها وتطورت بشكل واضح بعد دخول الإسلام حيث ابتكرت أساليب متنوعة في الألوان والزخارف.
وتتركز هذه الصناعة بشكل خاص في مدينة الخليل، حيث يوجد ثلاثة مصانع، تستخدم تقنيات يدوية بالكامل. إضافة إلى مصنع في مدينة نابلس أغلق في مطلع الانتفاضة.

صناعة الزجاج

يعمل في صناعة الزجاج حوالي 30 عاملاً، تلقوا تدريبهم من خلال العمل في مصانع آبائهم حيث، يغلب على هذه الصناعة كغيرها من الصناعات التقليدية النمط العائلي.
ولعل أهم متطلبات العمل في مهنة الزجاج هو تحمل مشقة العمل أمام أفران الشي، وتوفر الروح الإبداعية والفنية التي تؤهل العامل لاكتساب مهارات التشكيل، لذا فإننا لا نجد الإقبال الكافي لتعليم هذه المهنة وانتشار هذه الصناعة بالشكل الكافي حيث يفضل الكثيرون الانصراف نحو مهن أخرى أقل مشقة وأكثر دخلاً.

تعتمد صناعة الزجاج على المواد الخام المحلية التي غالباً ما تكون من مخلفات الزجاج، لذا فهي صناعة صديقة للبيئة على الرغم من ذلك فإن أفران الشي ما زالت تستخدم زيوت الديزل والوقود الضار بالبيئة يعتبر من أهم المشاكل التي لا بد من معالجتها لتطوير هذه الصناعة بالأساليب العلمية التي تواكب المتطلبات البيئية.

تتوزع أسواق منتجات الزجاج اليدوي على الشكل التالي:
70% تسوق إلى إسرائيل، 20% تسوق في أوروبا عبر المعارض بشكل خاص، 10% تسوق في الدول العربية وبشكل أساسي في الأردن.


صناعة الصدف:

تعود صناعة الصدف في فلسطين إلى القرن السادس عشر، شأنها في ذلك شأن صناعة خشب الزيتون، حيث أدخلتها إلى فلسطين البعثات التبشيرية الدينيـة وتطورت هذه الصناعة في مطلع القرن من استمرار تطور هذه الصناعة في زمن الاحتلال البريطاني إلا أن الانتعاش الحقيقي تحقق في العهد الذي تولت فيه الحكومة الأردنية الإشراف على الضفة الغربية، حيث أعفت القوانين الأردنية جميع الصناعات الدينية من الضرائب، لذا يمكن اعتبار تلك الفترة عهداً ذهبياً لتطوير هذه الصناعة.

صناعة الصدف

وقد تسبب الاحتلال الإسرائيلي في تراجع هذه الصناعة بشكل واضح، كغيرها من الصناعات الفلسطينية، وتم فرض ضرائب ورسوم مختلفة أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج إضافية إلى تراجع الطلب المحلي على هذه المنتجات بسبب انحسار قطاع السياحة مما انعكس على قدرة استمرار العديد من المنشآت على العمل فأغلقت الكثير من المشاغل وانتقل عدد كبير منها للعمل في الأردن نظراً لتوفير شروط وحوافز تشجيعية لمثل هذه الصناعات.

يبلغ عدد مشاغل الصدف 25 مشغلاً تتوزع في منطقة بيت لحم وبيت ساحور، بينما كان يصل عددها قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 إلى 311 منشأة، ويعمل حالياً في هذه الصناعة ما يقارب 100 عامل في حين بلغ العدد الإجمالي للعاملين عام 1987 حوالي 400 عامل(**). ومن الجدير بالذكر أن عملية تصنيع منتجات الصدف تحتاج إلى الكثير من الجهد والمهارات التي يتم اكتسابها عبر فترات زمنية طويلة.

يتم استيراد المادة الخام من الصدف من استراليا، والمكسيك وإندونيسيا، وتباع المنتجات بشكل رئيسي في الأسواق السياحية المحلية إضافة إلى تصدير قسم لا بأس به إلى الأسواق العربية الخليجية وكذلك دول أوروبا.

الفخـار:

تعتبر صناعة الفخار من الصناعات البدائية والأكثر قدماً بين الصناعات التقليدية في فلسطين، حيث واكبت الحضارات الإنسانية منذ الأزل حتى يومنا هذا، وما زالت هذه الحرفة تمارس في مختلف المناطق والقرى الفلسطينية، بل أنه حتى وقت قريب كانت كل منطقة متخصصة في إنتاج أشكال معينة من القدور، إلا أن الأمر لم يأخذ في أي حال طابع الصناعة المتطورة، بل بقي يتسم بالطابع العائلي والمنزلي، باستثناء مشاغل محددة أنشئت في الخليل وغزة، كما بقيت منشأة واحدة في مدينة جنين شمالاً وأخرى في منطقة طوباس في وسط فلسطين. وبشكل أدق تتوزع المنشآت العاملة في صناعة الفخار وفق ما يلي: 16 مشغلا في الخليل تشغل 96 عاملاً،89 منشآت في غزة تشغل 50 عاملاً وفي جنين هناك مشغلاً واحداً يعمل فيه 6 عمال وفي مدينة طوباس هناك منشأة واحد ة تشغل 4 عمال وكذلك منشأتين تاريخيتين في مدينة ارتاح تشغلان ثمانية عمال. يغلب على هذه الصناعة التقليدية الطابع العائلي من حيث ملكية المنشأة والعمالة المشتغلة، حيث يعتبر جميع العمال من الأقارب الذين يتوارثون هذه المشاغل عن الآباء.


أظهرت الزيارات الميدانية لهذه المصانع أنها ما زالت تستعمل معدات بسيطة تتألف من الدولاب وفرن الشي الذي يعمل على حرق الحطب وزيت الديزل، مما يسبب أضراراً بيئية، وتعتبر إسرائيل السوق الرئيسي لمنتجات الفخار حيث يصدر إليها 90% من الإنتاج، بينما يسوق 10% في الأسواق المحلية الفلسطينية.


التطريـز:

يعتبر فن التطريز من الفنون الشعبية الفلسطينية التي تحولت عبر التاريخ لتأخذ أبعاداً إنتاجية تجارية، بحيث أصبحت مورد رزق لفئة كبيرة من النساء اللاتي وجدت في هذه الحرفة خصائص تتلاءم مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الفلسطيني، وقد رافق هذا التطور ابتكار نماذج جديدة ذات قيم جمالية عالية مستوحاة من أصالة هذه الحرفة الفنية نتيجة التغيير في أنماط السلوك العصرية للتنمية، وتشير الدراسات التراثية المرتبطة بهذه الحرفة إلى أهمية تطوير هذه الحرفة نظراً لما لها من أبعاد تاريخية عميقة، كما أن هذه الحرفة يفترض أن تلعب دوراً هاماً في تشغيل اليد العاملة من النساء وذلك للأسباب التالية:

• إن التوجهات التنموية الحالية تسعى إلى دمج أكبر عدد من النساء في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

• لا تتطلب هذه الحرفة معدات وأدوات معقدة لذا فهي لا تتقيد بمكان أو زمان محدد.

• تعدد استخدامات هذه الحرفة مع التطور العصري لأشكالها.

• ضرورة الحفاظ على التراث الفلسطيني من الاندثار، حيث كانت الفلاحة الفلسطينية تبدأ بتطريز ثوبها منذ طفولتها لتتباهى بإنجازه وهي على أبواب زفافها، وتورثه لحفيدتها من بعدها، إرثا جمالياً وتراثياً يحمل معان وجدانية.


يتركز نشاط هذه الحرفة في فلسطين في مناطق رام الله والقدس وبيت لحم وكذلك في غزة، وتقوم جمعيات خيرية تختص بأعمال التطريز بتشغيل النساء في البيوت في القرى المحيطة، حيث بلغ عدد النساء المشتغلات ما يقدر بـ 10000 امرأة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعتبر مشكلة التسويق من أهم المشكلات التي تعاني منها هذه الحرفة نظرا لتراجع الطلب على هذه المنتجات في السوق المحلي بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة لاعتمادها على العمل اليدوي البحت، إضافة إلى محدودية نشاط الجمعيات العاملة في إطار هذه المهنة والتي يعتمد عليها في عمليات التسويق، وعدم قدرتها على الوصول إلى الأسواق الخارجية لعدم توفر الخبرة الكافية أو ارتفاع تكاليف التصدير والمشاركة في المعارض، كما أنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك منافسة شديدة للمنتجات المماثلة الأردنية التي تباع بأسعار أقل نظراً لانخفاض أجور اليد العاملة في الأردن.


الخيزران:

تتركز صناعة الخيزران في مدينة غزة ويبلغ عددها 12 مصنعاً إضافة إلى مصنع واحد يقع في بيت جالا في الضفة الغربية، وتستورد المادة الخام لهذه الصناعة عبر موردين إسرائيليين من الشرق الأقصى، مما يرفع من تكاليف الإنتاج. دولار، أما عدد العاملين في هذا القطاع فيصل إلى 120 عاملاً منهم 15 عاملاً من المعاقين.

 


القشيات والبوص:

يتركز هذا النوع من النشاط التقليدي في المدن والقرى وسط فلسطين، ويتم الحصول على المادة الخام محلياً في المنطقة التي يتم فيها هذا النشاط، حيث تكثر أشجار النخيل. ويعمل في الإنتاج النساء في المنازل لحساب جمعيات ولجان نسوية.

سلة مصنوعة من القش


الشمـع:

يعتبر هذا النشاط من الصناعات التقليدية المرتبطة بالديانة المسيحية، حيث يوجد ثلاثة مصانع في بيت لحم، تقوم بصناعة الشموع الدينية بطرق تقليدية، كما أن هناك منشأة تعمل في أحد الأديرة في منطقة أريحا.


أهم المعوقات التي تواجه قطاع الصناعات التقليدية في فلسطين:

• تعتبر مشكلة التسويق من أهم المشاكل التي يواجهها قطاع الصناعات التقليدية في فلسطين، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الاعتماد في التسويق على نشاط قطاع السياحة المتراجع باطراد، إضافة إلى ضيق السوق الداخلية وضعف الطلب المحلي، وعدم توفر مراكز تسويقية محلية موزعة على المناطق الجغرافية المختلفة.

• ويعتبر ضيق المنافذ التسويقية الخارجية وعدم وجود خبرة كافية لدى أغلب المنشآت العاملة في مجال الصناعات التقليدية في معرفة إجراءات وأساليب الترويج الخارجي إضافة إلى تعقد عملية التصدير و تعطلها في كثير من الأحيان بسبب إغلاق المعابر والحواجز التي تضعها سلطات الاحتلال، تضعف تسويق هذه المنتجات في الخارج بالشكل المطلوب.

• تعاني معظم منتجات الصناعات التقليدية من عدم توفر عوامل الجودة في الإنتاج والتغليف، والعرض، مما يضعف قدرتها التنافسية أمام المنتجات المستوردة، وعلى سبيل المثال تتعرض صناعة الصدف إلى منافسة شديدة من منتجات جنوب شرق آسيا بسبب جودتها العالية وانخفاض أسعارها نظراً لانخفاض تكاليف الإنتاج في تلك البلدان.

• المنافسة الحادة بين المنتجين من نفس الصنف، حيث يتنافس المنتجون على تقليد منتجات وتصاميم بعضهم البعض وبيعها بسعر أقل بسبب عدم القدرة على الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للتصاميم، مما له تأثيراً في تعثر البيع لدى الكثير من المنشآت، كما انعكس هذا سلبياً على المبادرات الإبداعية للمنتجين.

• هجرة العاملين في الصناعات التقليدية إلى مجالات عمل أخرى بسبب عدم ملائمة المردود المتأتي من هذه الصناعة مع الجهد المبذول.

• تفتقر الكثير من المنشآت إلى إتباع أساليب الحفاظ على الصحة والسلامة المهنية للعاملين فيها

• عانى أصحاب الصناعات التقليدية خلال فترة الاحتلال من ارتفاع نسبة الضرائب المفروضة على هذه المنتجات، خاصة ضريبة الدخل التي وصلت إلى 38% إلا أن التعديلات التي أجريت على القانون منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية حيث خفضت ضريبة الدخل إلى 25% إلا أنه ما زالت الكثير من المنشآت تتهرب من التسجيل بشكل نظامي في سجلات السلطة رغبة في التهرب من الضرائب وهذا يجعلها خارج إطار العمل المنتظم وبالتالي إقصاءها عن المشاركة في البرنامج التي تقدم لتطوير هذا القطاع من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية.

• تعتمد الصناعات التقليدية في أغلبها على المواد الخام المحلية إلا أن بعض الصناعات كالخزف والصدف والخيزران لا زالت تعتمد على المواد الخام المستوردة والتي تتعرض عند استيرادها إلى إجراءات معقدة من السلطة الإسرائيلية مما يقلل من كفاءة العملية الإنتاجية ويرفع من تكاليف الإنتاج.

• حتى وقت قريب لم يكن هناك جسم تنظيمي تتبع له المنشآت الصناعية التقليدية إلى أن تم تشكيل اتحاد الصناعات التقليدية في مطلع عام 1999، ومن المفترض أن يشكل الاتحاد حلقة وصل بين المنتجين والجهات المعنية بتطوير الصناعات التقليدية في فلسطين والخارج، إلا أن الإقبال على الانتساب إلى هذا الاتحاد ما زال ضعيفاً بسبب سيادة النظرة الفردية لدى أصحاب المنشآت وضعف الوعي بأهمية العمل الجماعي المنتظم ومردوه على الأفراد.

 

دور السلطة الوطنية الفلسطينية في تطوير قطاع الصناعات التقليدية:

تولي السلطة الوطنية الفلسطينية اهتماماً متزايداً بتطوير قطاع الصناعات التقليدية، وذلك انطلاقاً من أهمية هذا القطاع في تلبية الاتجاهات التنموية الرامية إلى تقليص البطالة وتخصيص أكبر قدر من رؤوس الأموال المتوفرة المحدودة في العملية الإنتاجية التنموية، إضافة إلى هذا فإن ما يعكسه قطاع الصناعات التقليدية من جوانب سياسية تلعب دوراً هاماً في إبراز التراث الفلسطيني كوسيلة لدحض الادعاءات الإسرائيلية بحقهم في الأرض الفلسطينية.

في هذا الإطار يمكن أن نلخص أهم السياسات والإجراءات التي اتبعتها السلطة في دعمها لهذا القطاع:

• إنشاء دوائر مختصة للصناعات التقليدية في كل من السياحة والثقافة، تقوم الدوائر بمتابعة المشاكل التي يتعرض لها هذا القطاع، كل وزارة باختصاصها.

• قامت وزارة التجارة والصناعة بجهود أدت إلى تشكيل اتحاد للصناعات التقليدية عام 1999، بهدف تنظيم هذه الصناعة وهيكلتها، حيث يعتبر الاتحاد الجهة الرسمية التي تمثل القطاع الخاص العامل في هذا المجال.

• تقوم وزارة الاقتصاد الوطني بالتعاون مع الجهات الأخرى الرسمية وغير الرسمية بالتنسيق لإشراك أكبر قدر من منتجات الصناعة التقليدية في المعارض الخارجية والمحلية بهدف الترويج والتعرف بهذه المنتجات بالشكل المطلوب.

• تشارك فلسطين في عضوية اللجنة القومية للنهوض بالصناعات التقليدية في الوطن العربي، التي تم تشكيلها من خلال المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، حيث تم وضع برنامج لتطوير هذا القطاع في الوطن العربي من خلال ندوات وورشات عمل ومعارض تدريبية بهذا الخصوص.

• وتجدر الإشارة إلى أهمية الاستفادة من هذه الاتفاقيات في دعم وحماية المنتج المحلي عن طريق وضع آليات تنفيذية ملائمة حيث أنها تشكل منفذا إيجابيا للتغلب على المحددات والإجراءات التي يتضمنها بروتوكول باريس الاقتصادي، والذي يمثل الحد الأدنى من طموحات السلطة الوطنية لتطوير ودعم هياكل الاقتصاد الوطني.

• تم توقيع اتفاقيتين بين السلطة الوطنية الفلسطينية وزارة السياحة والمملكة المغربية وأخرى مع تونس لدعم الصناعات التقليدية، وتضمنت كلتا الاتفاقيتين مجالات التعاون في التدريب وإقامة المعارض وتبادل الخبرات.

• على الرغم من تشدد وزارة الاقتصاد الوطني بضرورة تقيد المصانع الحصول على تراخيص تتطابق مع شروط ومواصفات محددة إلا أن قطاع الصناعات التقليدية قد منح الكثير من التسهيلات الخاصة لضمان حصول جميع المنشآت العاملة فيه على ترخيص بالسهولة والسرعة الممكنة، حرصاً من الوزارة على متابعة هذا القطاع وإدراكاً منها لخصوصيته وأهميته على صعيد الاقتصاد الوطني.

• تم برعاية وزارة الاقتصاد الوطني توقيع اتفاقية تعاون بين اتحاد الصناعات التقليدية الفلسطينية والجامعة التونسية للصناعات التقليدية وذلك عام 2001، حيث تضمنت الاتفاقية مجالات تعاون مختلفة تتعلق بالتدريب والمعارض وغيرها.إلا أن هذه الاتفاقية بحاجة إلى التفعيل حيث لم يتم تطبيق بنودها عمليا إلا بشكل محدود.

• بتنسيق بين وزارة الاقتصاد الوطني ومجلس إعمار البلدة القديمة لمدينة الخليل تم الحصول على عقد لاستخدام دار تراثية لإقامة معرض دائم للصناعات التقليدية بهدف إحياء هذه الصناعة في تلك المدينة المنكوبة.

أهمية التعاون الإسلامي للنهوض بالصناعات التقليدية

انطلاقاً من الإيمان بأهمية دور الصناعات التقليدية في الدول الإسلامية في المساهمة بفاعلية في عملية التنمية الاقتصادية في ظل الإمكانيات التاريخية والحضارية والتي تعتبر من المميزات والعوامل المساعدة للنهوض بهذه الصناعات، ونتيجة لتشابه الظروف الاقتصادية، والاجتماعية، والتراثية التي أدت إلى نشوء وتطور الصناعات التقليدية في هذه الدول، وكذلك السياسات المتبعة باتجاه الصناعات ذات القدرة على تشغيل أكبر قدر من اليد العاملة لمواجهة البطالة في أغلب تلك الدول، فإن عملية وضع إطار مشترك لتوحيد الجهود المبذولة في هذا الصدد يصبح ضرورة حتمية.

وفيما يلي بعض المقترحات لأنماط العمل النموذجية التي من شأنها تحقيق سياسات متكاملة للنهوض بالصناعات التقليدية في الدول الإسلامية:

• وضع خطة أو برنامج عمل للنهوض بالصناعات التقليدية على صعيد الدول الإسلامية ومتابعة تنفيذه عبر مجموعة آليات.

• إقامة مركزيين تدريبين إقليميين متخصصين لتطوير الصناعات التقليدية في دولتين إسلاميتين مختارتين، بهدف الحفاظ على تراث الصناعات التقليدية والتراث الإسلامي وبما يضمن تبادل الخبرات في تلك الدول.

• إصدار دليل حول الصناعات التقليدية ذات الطابع التاريخي الإسلامي،لتوثيق الصناعات التقليدية في المنطقة والتعريف بأهميتها التاريخية والاقتصادية.

• إقامة المعارض بشكل دوري بهدف التعريف بالصناعات التقليدية ما بين الدول الإسلامية.

• عقد حلقات وندوات ولقاءات ما بين الخبراء والمعنيون في هذا القطاع في الدول الإسلامية لتبادل المعرفة واكتساب الخبرات في هذا المجال.

* أصبحت نجمة داوود الإسرائيلية الزرقاء توضع وتدخل على كثير من منتجات الصناعات التقليدية بهدف تكريس الادعاءات الإسرائيلية بوجود تراث لهم على أرض فلسطين. 

*  اتفق على هذا التعريف من قبل اللجنة التنسيقية الوزارية للنهوض بالصناعات التقليدية.

*  تتخصص مناطق محافظة بيت لحم في إنتاج الأشكال المختلفة من منتجات خشب الزيتون، فمنطقة "بيت جالا" تتخصص في صناعة الجمال والأحصنة، فيما تتخصص منطقة "بيت ساحور" في صناعة التماثيل المسيحية، أما مدينة "بيت لحم" متخصص في صناعة الأواني والأكواب الخشبية.

**  نضرب مثالاً على تراجع هذه الصناعة إن عملية "التخريم اليدوي" الذي امتاز بها الصانع الفلسطيني قد اندثرت في فلسطين ولم يتبق ممن يتقن هذه المهارة سوى ثمانية عمال، في حين أصبح عددهم في الأردن 200 عامل بينما لم يكن هناك أي عامل يتقن هذه المهنة في الأردن قبل عام 1967.