تحتل الصناعات الغذائية أهمية بالغة في الاقتصاد الفلسطيني؛ نظرًا لقدرتها على دعم التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، عبر تصدير العديد من المنتجات الغذائية المصنعة في المنشآت الصناعية الفلسطينية، فضلًا عن أنها تعمل على سد جزء كبير من احتياجات المستهلك الفلسطيني؛ ولكون هذا القطاع داعمًا قويًا يمكن الاعتماد عليه في رفد القطاعات الاقتصادية الفلسطينية برأس المال اللازم للنمو والتطور؛ فضلًا عن أنه يرفد السوق الفلسطيني بالعديد من فرص العمل اللازمة لتشغيل اليد العاملة الفلسطينية، ومحاربة البطالة. وقد بلغ عدد المنشآت الغذائية الفلسطينية 14% من إجمالي المنشآت الفلسطينية في العام 2014، ووفر 15 ألف فرصة عمل؛ كما إن حصته من الصادرات الفلسطينية بلغت 22%؛ أي أنه ثاني قطاع تصديري بعد الحجر والرخام.
تعدُّ الصناعات الغذائية من أقدم الصناعات المتميزة في فلسطين؛ فقد درج أجدادنا على تصنيع العديد من المواد الغذائية بشكل متقن يتميز عن العديد من الشعوب المجاورة، واستخدم ما جادت به البيئة الفلسطينية لابتكار أطعمة لم يسبقه إلى صناعتها أحد؛ فكانت إحدى مكونات التراث والهوية الفلسطينية التي تميزه عن غيره من الشعوب، فنقل العديد منها إلى الشعوب التي آوته في شتاته بعد نكبة 1948م، وما زال بعضها يستخدم حتى الآن؛ كما شمل السبق الفلسطيني في هذا المضمار استخدام العديد من طرق حفظ الأغذية.
وتعود نشأة قطاع الصناعات الغذائية الفلسطيني الحديثة إلى مطلع القرن العشرين، عندما تأسست بعض المصانع الغذائية ومعامل الحلويات والسكاكر، والتي اتسع نطاقها حتى غدت توفر معظم السلع الغذائية الأساسية للمجتمع الفلسطيني؛ حيث تنتج اليوم ما يزيد عن 120 سلعة ومنتجًا غذائيًا وطنيًا.
ويمتاز قطاع الصناعات الغذائية الفلسطينية بالحيوية والقابلية للتطور، نظرًا للأسباب التالية:
1- توفر جزء كبير من المواد الخام اللازمة؛ حيث يوفر القطاع الزراعي المحلي جزءًا كبيرًا منها.
2- توفر الأيدي العاملة الفلسطينية.
3- السوق الفلسطيني.
ويوفر قطاع الصناعات الغذائية الفلسطيني فرص عمل تستوعب الأيدي العاملة الفلسطينية أكثر من أي من القطاعات الصناعية الأخرى؛ حيث يشغِّل حالياً أكثر 15000 عامل وعاملة في مخالف التخصصات؛ ويشكل ناتج القطاع ما نسبته 24% من الناتج المحلي.
هذا وتحتل الصناعات الغذائية الفلسطينية موقعاً حيوياً ضمن القطاع الصناعي الفلسطيني بشكل عام وضمن قطاع الصناعات التحويلية بشكل خاص؛ فقد بلغ عدد المؤسسات في صناعات المنتجات الغذائية والمشروبات في الضفة الغربية وقطاع غزة (2343) منشأة وتمثل 14% من إجمالي المنشآت الفلسطينية.
وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أن العائلة الفلسطينية تنفق نحو (36 %) من ميزانيتها على الغذاء؛ ما يتيح لهذه الصناعات فرصة النمو والتطور في ظل هذا الحجم الكبير للطلب المحلي. كذلك فإن أهمية هذه الصناعات تزداد، نتيجة ارتباطها الشديد بكثير من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وخصوصًا قطاع الزراعة؛ حيث يمكن للصناعات الغذائية أن تسهم في تحفيز هذا القطاع؛ ما يزيد من القيمة المضافة للزراعة وتنويع المحاصيل الزراعية؛ كما إن نمو الصناعات الغذائية من خلال تصنيع الغذاء، يلعب دوراً مهماً في زيادة دخل المزارعين، والتخفيف من وطأة الهجرة إلى المدينة؛ وهي تحديات لا يمكن الاستخفاف بها في الوقت الراهن.
تقع الصناعات الغذائية الفلسطينية حسب" التصنيف الصناعي الدولي الموحد (ISIC) " تحت اسم:(صنع المنتجات الغذائية والمشروبات رقم 10) وتشمل عدداً من الصناعات الفرعية منها:
1010 إنتاج وحفظ اللحوم ومنتجاتها.
1030 تجهيز وحفظ الفواكه والخضروات.
1040 صنع الزيوت والدهون النباتية والحيوانية.
1050 صنع منتجات الحليب والألبان.
1060 صنع منتجات طواحين الحبوب وصنع النشاء.
1070 صنع منتجات المخابز.
1073 صنع الكاكاو، والشوكولاتة والحلويات السكرية.
1074 صنع المعكرونة والشعيرية.
1079 صنع منتجات الأغذية الأخرى غير المصنفة في موضع آخر.
1080 صنع أعلاف حيوانيه محضرة.
1100 صنع المشروبات الخفيفة والمياه المعدنية.
أهم القطاعات العاملة في الصناعات الغذائية الفلسطينية:
1- صناعة منتجات اللحوم: يبلغ عدد المصانع العاملة 17 مصنعًا، تشغل اكثر من 559 عاملًا؛ ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 25 مليون دولار؛ وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات اللحوم الفلسطينية 90% من حجم السوق. ويعدُّ هذا القطاع من أكثر القطاعات تأهيلًا من حيث شهادات الجودة العالمية؛ إذ يوجد 4 مصانع حاصلة على شهادة الجودة العالمية الأيزو 22000؛ كما يعتبر من القطاعات التصديرية المهمة؛ إذ يبلغ حجم الصادرات أكثر من 6 مليون دولار. من جانب آخر، تحتاج هذه الصناعة إلى أكثر من 100 طن يوميًا من لحوم الحبش بمختلف أنواعها؛ ما يخلق فرصًا إضافية للاستثمار في مزارع الحبش والمسالخ الخاصة بها.
2- تصنيع وتعليب الخضروات والفواكه: يبلغ عدد المصانع العاملة 18 مصنعًا تشغل أكثر من 545 عاملًا؛ ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 30 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات الخضار والفواكه الفلسطينية 20% من حجم السوق؛ كما يعتبر هذا القطاع من القطاعات التصديرية الفاعلة؛ إذ يبلغ حجم الصادرات أكثر من 21 مليون دولار. من جانب آخر، تحتاج هذه الصناعة الى بيوت تعبئة ومخازن تبريد؛ ما يعني وجود فرص كبيرة للاستثمار في هذا المجال.
3- صناعة الزيوت والدهون النباتية: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع 13 مصنعًا (بالإضافة الى معاصر الزيتون)، وتشغل أكثر من 295 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 70 مليون دولار. تبلغ الحصة السوقية لمنتجات الزيوت الفلسطينية 20% من حجم السوق.
ويعدُّ هذا القطاع من القطاعات المؤهلة من حيث شهادات الجودة العالمية؛ إذ يوجد 3 مصانع حاصلة على شهادة الجودة العالمية "الأيزو 22000"؛ ويوجد عشرة معاصر زيتون حاصلة على شهادة نظام تحليل المخاطر وضبط النقاط الحرجة (HACCP). كما يعدُّ هذا من القطاعات التصديرية؛ حيث يبلغ حجم الصادرات أكثر من 31 مليون دولار. من جانب آخر تحتاج صناعة زيت الزيتون الفلسطينية إلى الولوج في الأسواق الفاخرة والمنتجات العضوية، لعدم قدرتها على المنافسة من حيث السعر في الأسواق التجارية.
4- صناعة منتجات الحليب والألبان: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع 41 مصنعًا، بما فيها مزارع الابقار والدواجن الكبرى. ويعمل في هذا القطاع أكثر من 1754 عاملًا؛ ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 67 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات الألبان الفلسطينية 45% من حجم السوق، بما فيها المنتجات التقليدية. ويعدُّ هذا القطاع أقل القطاعات تأهيلا من حيث شهادات الجودة العالمية، ومن حيث القدرة على التصدير؛ حيث لا تتجاوز الصادرات 5 ملايين دولار؛ وهي عبارة عن جبنة بيضاء مغلية. من جانب آخر تحتاج هذه الصناعة الى تنويع المنتجات وإدخال أصناف جديدة؛ ما يعني وجود فرص كبيرة للاستثمار في هذا المجال.
5- صناعة دقيق القمح ومنتجات الحبوب: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذا المضمار 9 مصانع؛ وتشغل أكثر من 236 عاملًا؛ ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 45 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات المطاحن الفلسطينية 30% من حجم السوق.
6- صناعة الأعلاف: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذا الميدان 22 مصنعًا؛ وتشغل أكثر من 329 عاملًا؛ ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 35 مليون دولار؛ وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات المطاحن الفلسطينية 15% من حجم السوق.
7- صناعة منتجات المخابز: يبلغ عدد المخابز العاملة 1498 مخبزًا؛ وتشغل 5848 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 100 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات المطاحن الفلسطينية 90% من حجم السوق.
8- صناعة السكاكر والحلويات: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع 27 مصنعًا؛ وتشغل أكثر من 1213 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 22 مليون دولار؛ وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات السكاكر والحلويات الفلسطينية 25% من حجم السوق، بما فيها المنتجات التقليدية. ويعدُّ هذا القطاع أقل القطاعات تأهيلا من حيث شهادات الجودة العالمية، ومن حيث القدرة على التصدير؛ حيث لا تتجاوز الصادرات 8 مليون دولار. من جانب آخر تحتاج هذه الصناعة إلى تحسين عمليات التعبئة والتغليف؛ حتى تكون قادرة على المنافسة.
9- صناعة المعكرونة والشعيرية: يبلغ عدد المصانع العاملة في هذه المجال 5 مصانع، تشغل أكثر من 89 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 34 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات المطاحن الفلسطينية 30% من حجم السوق.
10- صناعة المشروبات الغازية وغير الغازية والمركزات: يبلغ عدد المصانع العاملة 20 مصنعًا، وتشغل أكثر من 978 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 34 مليون دولار. وتبلغ الحصة السوقية لمنتجات المطاحن الفلسطينية 20% من حجم السوق.
11- صناعة منتجات الأغذية الأخرى: يبلغ عدد المصانع العاملة 31 مصنعًا، وتشغل أكثر من 860 عاملًا. ويبلغ حجم الاستثمار في هذه الصناعة أكثر من 12 مليون دولار.
المصدر: اتحاد الصناعات الغذائية الفلسطينية