تعدّ التجارة إحدى المقومات الاقتصادية التي لا تقل أهمية عن باقي الفعاليات الاقتصادية؛ إذ تساعد في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتساعد في تزويد السوق المحلي بمختلف السلع اللازمة؛ إضافة إلى أنها تعمل في علاقة اقتصادية تكاملية مع باقي الأنشطة الاقتصادية لأي دولة في سبيل تحقيق النهوض الاقتصادي والتنمية الاقتصادية؛ إلا أن واقع التجارة الفلسطيني يختلف عن باقي الدول الأخرى؛ فمنذ عام 1967 سعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جاهدة لفرض القيود ووضع العراقيل أمام نمو وتطور الاقتصاد الفلسطيني؛ بهدف السيطرة عليه وإلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي؛ ففرضت سيطرتها على الموارد الاقتصادية الطبيعية والبشرية، بما في ذلك الأرض والمياه، إلى جانب سيطرتها على المعابر وحركة التجارة الخارجية والداخلية؛ وتحكمت، إلى حد بعيد، بالعمالة الفلسطينية؛ لضمان بقاء الضفة الغربية وقطاع غزة سوقًا يمدها بالعمالة الرخيصة؛ ويستهلك منتجاتها.
وقد تحقق لها ذلك؛ فأصبحت 90% من واردات الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1968 وحتى 1992 تأتي من إسرائيل. وخلال هذه الفترة، توقفت الحركة التجارية بين غزة ومصر، تصديرًا واستيرادًا؛ وسمحت بتصدير بعض المنتجات الزراعية من الضفة الغربية إلى الأردن وفق ما تراه مناسبًا مع رفضها السماح بتصدير المنتجات الصناعية، تحت حجج وذرائع لا تخدم سوى مصالحها؛ فانعكس ذلك على مؤشرات التجارة الخارجية، وبلغت قيمة متوسط حجم العجز في الميزان التجاري السلعي في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الفترة 1978 حتى 1993 حوالي 359.21 مليون دولار.
أما في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية، فإن حكومات إسرائيل المتعاقبة انتهجت سياسات تهدف إلى فرض سيطرتها على الاقتصاد الفلسطيني لإبقائه تابعًا لاقتصادها ورهينًا لمصالحها؛ ما أدى إلى ضعف القدرة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، وشل الحركة التجارية الفلسطينية الخارجية، لا سيما بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م؛ حيث عملت الحكومات الإسرائيلية على طرد العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الخط الأخضر، تدمير البنية التحتية والمرافق العامة والمنشآت الاقتصادية، وحجز الإيرادات الخاصة بالسلطة عدة مرات ولفترات متفاوتة، إغلاق الطرق الداخلية ونصب الحواجز، الحصار الكامل لجميع المحافظات الفلسطينية وتقطيع أوصالها.
المعيقات التي تواجه التجارة الفلسطينية:
اولاً: في مجال النقل:
- فرض تصاريح على الشاحنات الفلسطينية التي ترغب في دخول إسرائيل من الضفة أو غزة؛ مع ندرة منحها.
- فرض نظام القوافل على شاحنات قطاع غزة إلى أن تصل إلى ميناء الشحن؛ الأمر الذي يحد من العملية التجارية بسبب قلة التصاريح الممنوحة اولا واضافة عبء مادي ومعنوي على التاجر ثانياُ وفقدان القدرة التنافسية للسلع الفلسطينية نتبجة ارتفاع اسعارها خارجباُ.
- احتجاز إسرائيل للشاحنات التجارية الفلسطينية لعدة ساعات على المعبر، تحت الشمس؛ نتيجة فرض نظام تحميل وتنزيل؛ بذرائع أمنية؛ ما يؤدي إلى تلف البضائع الفلسطينية وخاصة المنتجات الزراعية، وفقدانها القدرة على المنافسة؛ وتكبد التاجر الفلسطيني مبالغ باهظة إضافية.
- منع التجار الفلسطينيين من استخدام طائرات المسافرين للشحن؛ بعكس التاجر الإسرائيلي؛ إذ إن تكلفة طائرات المسافرين أرخص، إضافة إلى أنها تسافر إلى كل الاتجاهات، على عكس طائرات الشحن؛ الأمر الذي يضيف أعباء مالية جديدة؛ ويؤدي إلى تأخير التاجر الفلسطيني؛ ما يشكل خرقًا لما جاء في اتفاق باريس، بالمعاملة بالمثل.
ثانياً: الفحص الأمني:
تتبع إسرائيل سياسة تشديد الإجراءات المتبعة على المعابر متذرعة بذرائع أمنية؛ الأمر الذي يؤدي إلى اتلاف البضائع، وفقدانها القدرة على المنافسة، ورفع التكلفة. ومن الإجراءات التي تتبعها إسرائيل استخدام آلات حادة في الفحص؛ ما يؤدي إلى إتلاف البضائع، وخاصة الزراعية منها؛ فإتلاف الأغلفة يؤدي إلى إتلاف البضاعة، علاوة على أن البضائع المصدرة من قطاع غزة تخضع للفحص مرتين: الأولى عند معبر كارني؛ والثانية عند معبر الشحن.
ثالثا: التخليص:
1- الجمارك الإسرائيلية لا تعترف بالاتفاقية الأوروبية الفلسطينية، التي تعفى بموجبها الواردات الفلسطينية من الجمارك؛ لذلك، على التاجر الفلسطيني أن يحضر بضاعته بموجب الاتفاق الإسرائيلي-الأوروبي؛ ما يؤخر الاستيراد؛ أو أن يدفع كل ما يستحق عليه للجمارك الإسرائيلية.
2- على التاجر الفلسطيني أن يوقع، على جميع المعابر، على تعهد بأن بضائعه ستباع فقط في مناطق السلطة الفلسطينية؛ ومثل هذا التعهد لا يوقعه التاجر الإسرائيلي؛ ما يشكل خرقًا واضحًا لما جاء في بروتوكول باريس بخصوص حرية تنقل البضائع بين الضفة وإسرائيل وبالعكس.
3- لا يسمح للمخلِّصين الفلسطينيين متابعة الشحنات داخل الموانىء والمطارات الإسرائيلية مباشرة؛ وإنما عبر وكيل إسرائيلي معتمد للقيام بإجراءات التخليص.
4- التقييم الجمركي: يتم في أغلب الأحيان إعادة تقييم ورفع للسعر المنصوص عليه في البيان، وبشكل عشوائي، ودون الاستناد إلى معايير حقيقية. ويؤدي رفع نسبة التقييم إلى ارتفاع سعر البضاعة المستوردة.
رابعاً: المواصفات الإسرائيلية:
يجب حصول البضائع الفلسطينية المستوردة على شهادة "تكن"؛ أي على موافقة المواصفات الإسرائيلية لدخول البضاعة؛ ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام النشاط التجاري الفلسطيني؛ إذ:
1- يصعب الحصول في أغلب الأحيان على المواصفات الإسرائيلية الأعلى من المواصفات الدولية.
2- المواصفات الإسرائيلية لا تأخذ بعين الاعتبار متطلبات السوق الفلسطيني.
3- المواصفات الإسرائيلية لا تعترف بشهادة الفحص الأوروبية أو الأمريكية؛ والفحص يجب أن يتم في معهد المواصفات الفلسطيني عند الاستيراد؛ ما يضيف تكاليف إضافية على كاهل التاجر الفلسطيني؛ علما بأن رسوم الفحص عالية نسبياً؛ كما إنه يؤخر عملية التخليص.
4- نتائج فحص الجانب الفلسطيني تأخذ وقتًا طويلًا قد يصل إلى أشهر؛ بينما التاجر الإسرائيلي يحصل على نتائجه خلال أيام قلائل.
5- في كثير من الحالات يدفع التاجر الفلسطيني للاستيراد عبر تاجر إسرائيلي؛ لتفادي جميع المعيقات السابقة.
لا يسمح للتاجر الفلسطيني الاستيراد من الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وخاصة بعض الدول العربية، التي قد يكون الاستيراد منها أرخص تكلفة من غيرها من الدول. ومن الدول التي يمنع الاستيراد منها: إيران، والجزائر، وافغانستان-بنغلادش-الكويت، والسودان، ولبنان، وليبيا، وسوريا، والعراق، والسعودية، وباكستان، وكوريا الشمالية، واليمن.
إجمالي قيمة الواردات والصادرات السلعية المرصودة وصافي الميزان وحجم التبادل التجاري في فلسطين
حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني 1995 - 2022
القيمة بالألف دولار أمريكي
السنة |
إجمالي قيمة الواردات |
إجمالي قيمة الصادرات |
صافي الميزان التجاري |
حجم التبادل التجاري |
1995 |
1,658,191 |
394,177 |
-1,264,014 |
2,052,368 |
1996 |
2,016,056 |
339,467 |
-1,676,589 |
2,355,523 |
1997 |
2,238,561 |
382,423 |
-1,856,138 |
2,620,984 |
1998 |
2,375,102 |
394,846 |
-1,980,256 |
2,769,948 |
1999 |
3,007,227 |
372,148 |
-2,635,079 |
3,379,375 |
2000 |
2,382,807 |
400,857 |
-1,981,950 |
2,783,664 |
2001 |
2,033,647 |
290,349 |
-1,743,298 |
2,323,996 |
2002 |
1,515,608 |
240,867 |
-1,274,741 |
1,756,475 |
2003 |
1,800,268 |
279,680 |
-1,520,588 |
2,079,948 |
2004 |
2,373,248 |
312,688 |
-2,060,560 |
2,685,936 |
2005 |
2,667,592 |
335,443 |
-2,332,149 |
3,003,035 |
2006 |
2,758,726 |
366,709 |
-2,392,017 |
3,125,435 |
2007 |
3,284,035 |
512,979 |
-2,771,056 |
3,797,014 |
2008 |
3,466,168 |
558,446 |
-2,907,722 |
4,024,614 |
2009 |
3,600,785 |
518,355 |
-3,082,430 |
4,119,140 |
2010 |
3,958,512 |
575,513 |
-3,382,999 |
4,534,025 |
2011 |
4,373,647 |
745,661 |
-3,627,986 |
5,119,308 |
2012 |
4,697,356 |
782,369 |
-3,914,987 |
5,479,725 |
2013 |
5,163,897 |
900,618 |
4,263,280- |
6,064,515 |
2014 |
5,683,199 |
943,717 |
4,739,482- |
6,626,917 |
2015 |
5,225,467 |
957,811 |
4,267,656- |
6,183,278 |
2016 |
5,363,768 |
926,499 |
4,437,269- |
6,290,267 |
2017 |
5.853.850 |
1.064.884 |
4.788.966- |
6.918.734 |
2018 |
6.539.590 |
1.155.634 |
5.383.955- |
7.695.224 |
2019 |
6,613,454 |
1,103,808 |
5.509.646- |
7,717,263 |
2020 |
6,063,435 |
1,054,621 |
-5,008,814 |
7,118,056 |
2021 |
7.829705 |
1.357.640 |
-6.472.065 |
9187345 |
2022 | 9088633.861 | 1525159.714 | -7563474.147 | 10613793.57 |
المصدر:الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني 2023، احصاءات التجارة الخارجية المرصودة
البيانات لا تشمل ذلك الجزء من محاافظة القدس والذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي اليه عنوة بعد احتلاله للضفة الغربية عام 1967